• ثلاث ضربات في ثلاثة أيام : القيادة السورية تتفوق على خصومها

    ثلاث ضربات في ثلاثة أيام : القيادة السورية تتفوق على خصومها

    دمشق ..
    لا تبدو الأروقة السياسية الدولية والاقليمية التي تدير "العصيان المسلح" و"العناصر المدمرة" في المعارضة السورية و"العناصر المتطرفة والجنائية التي تقوض الإستقرار وتنفذ اعمالا اجرامية" (التعابير الثلاثة مستقاة من تصريحات روسية رسمية) مرتاحة لثلاثة أيام سورية متتالية بدأت يوم الاثنين الماضي في العشرين من حزيران/ يونيو الجاري (2011)، والتي شكلت منعطفا هاما في الأزمة الراهنة.
    فالرئيس بشار الأسد أكمل في خطابه بجامعة دمشق يوم الإثنين خطة الاصلاح التنفيذية باعلان جديد عن تعديل الدستور ( بما فيه المادة الثامنة التي تفوض حزب البعث حصراً قيادة الدولة)، وفتح الباب أمام حوار شامل لا يستثني أحداً سوى العناصر الاجرامية التي تعيث فساداً في البلاد والفئة التكفيرية التي تريد العودة الى الوراء، ودون ذلك فتح كل الأمور على نقاش حقيقي وبما يطلبه الشعب السوري بالأصالة وليس بالوكالة (عبر ممثلين وهميين)، وفي مدى زمني قريب جداً هو شهر آب/ اغسطس المقبل، بما يعني أن العناصر الاصلاحية التي تكفل تحول سوريا الى دولة ديمقراطية ـ غير مسبوقة في عالمنا العربي ولا تشبه تلك الديمقراطيات الغربية المزيفة التي تكيل بمكيالين كما قال الرئيس الأسد ـ باتت متوافرة من خلال سلة قوانين تشريعية ومراسيم رئاسية وقرارات عفو وغيرها مما شرع الرئيس السوري باعلانه وإقراره.
    كما أصبح هناك إطار زمني بات مؤشراًٍ لقياس صحة ما يعلن من عدمه، بما ينزع من المشككين أي ذريعة للاستمرار في سلوكهم العدواني، بحيث بات الأمر يحتاج فقط الى فرصة فعلية لاختبار النوايا ومشاهدة الاصلاحات بأم العين والحكم على النتائج بالوقائع وليس بالتخيلات والمواقف الاستباقية.
    وعليه كان خطاب الأسد ضربة معلم موفقة أصابت مقتلا من أولئك الذين لديهم أجندات خاصة بالوضع السوري لا تمت بأي صلة الى فكرة الاصلاح أو الى دمقرطة الحكم أو تداول السلطة، لذا بدت تعليقاتهم السريعة الرافضة للخطاب ومضمونه بمثابة فضح جديد لحقيقة ما يريدون وما يضمرون، سيما وأن الرئيس الأسد بنى خطابه على فرز دقيق بين مكونات حركة الإعتراض وأسبغ الشرعية على الشق الصادق والبناء والحريص منها، وقطع الطريق على أولئك الذين لا تعنيهم فكرة الاصلاح ولا تمت إلى سلوكهم وقيمهم وافكارهم بصلة.
    أما الضربة الثانية التي أصابت هؤلاء بالذهول فهي المظاهرات المليونية التي خرجت في مختلف المحافظات والمدن السورية وشاهدها الجمهور بأم العين ومباشرة عبر أكثر من فضائية محلية وخارجية، ورفعت صور الرئيس الأسد وهتفت مؤيدة لخطابه وداعمة لخطواته وموفرة له حاضنة شعبية كبيرة تظهر حجم الشرعية التي يتمتع بها وتدحض مقولة العزلة التي يسوقها عبر التلفزيونات من لا يعرف السوريون ـ حتى المعارضون منهم ـ أي صفة تمثيلية له. وبالتالي كان يوم الثلاثاء مفصلا في تاريخ الأزمة الراهنة على الأقل في إسقاط تلك اللازمة التي تزعم أن نظام الأسد لا يتكأ على قاعدة شعبية وتصور الشعب السوري كله ضد هذا النظام، في حين أن أقل ما يمكن أن يقال بعد تظاهرات الثلاثاء الماضي المليونية، أن جزءاً كبيراً من الشعب السوري يقف وراء قيادة بشار الأسد واستمراريتها، ولم يعد بالتالي ممكن لأحد أن يحتكر عبارة "الشعب السوري" ومصادرتها بعنوان المعارضة وما شابه.
    الضربة الثالثة سددها وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحفي وكان حصرا موجهاً الى الخارج، إلى أولئك الذين إما لم يسمعوا خطاب الأسد أو لم يقرأوه أو لا يريدون ان يسمعوه ويقرأوه، والذين مهما فعل الرئيس الأسد سيواجهونه بعبارة واحدة فقط: "هذا غير كاف" او "جاء متأخرا"، وما شابه من تلك العبارات التي باتت مستهلكة في ردود أفعال خارجية لدول أعطت لنفسها "حق التدخل" في الشأن السوري الداخلي دون أي وجه حق. وقد كان لافتاً في كلام المعلم، تسديده بالدرجة الأولى على أوروبا تلك القارة "العجوز" و"الشمطاء" التي تعيش منذ رحيل الاتحاد السوفياتي السابق على فتات الموائد الأميركية المتنقلة في غير منطقة في العالم، وتمارس دور الملتحق بالذنب، ولا يحسب الأميركيون لها حساب، وتحاول أن تمد عنقها اليوم إلى الشرق الأوسط من البوابة السورية بعدما طردها الأميركيون منه منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي.
    ولأن أوروبا هذه تعيش حالة "تضخيم" لدورها لا يناسب امكانياتها ولا أفعالها، فقد جاء خطاب المعلم استهزائيا بها وفيه قدر من الاستخفاف والسخرية يليق بحقيقتها الى درجة أنه قال أنه من اليوم فصاعداً " سننسى أن أوروبا موجودة على الخارطة"، وأنه سيطلب تجميد عضوية سوريا في مجموعة "دول الاتحاد من أجل المتوسط"، وأن دمشق ستتجه شرقا وجنوباً لأن العالم ليس أوروبا. وبالتالي أظهر المعلم اطمئنان القيادة السورية الى إنعدام فعالية كل الصراخ الأوروبي بعدما دحض أيضا فكرة التدخل العسكري في سوريا "غير النفطية" على غرار ما حصل في ليبيا النفطية"، أما العزلة التي يحاولون فرضها والمس بلقمة الشعب السوري بما يشبه إعلان الحرب، فالتجربة تقول بسهولة تجاوزها كما تم تجاوز العزلة التي بدأت عام 2003 بادارة أميركية لم تقد واشنطن سوى الى العودة بسفيرها الى دمشق، دون أي ثمن قدمته الأخيرة.
    اما تركيا فقد خصها المعلم باشارات لافتة بدأت من حديثه عن تهيئة الخيم لمن خرج من سوريا قبل اسبوع من دخول الجيش السوري الى منطقة جسر الشغور، ولم تنته بحديثه عن حدود مشتركة بطول 870 كلم بين سوريا وتركيا "هم يؤثرون عليها ونحن السوريون نؤثر عليها"، وهذه عبارة مختصرة وواضحة في مضمونها الحاسم بأن الاستمرار في اللعب بالأمن السوري لا يتوقع منه أن يمر مرور الكرام وأن تبقى دمشق تتفرج مكتوفة الأيدي، وهي تمارس سياسة عدم الرد الآن لأنها "حريصة على أفضل العلاقات مع الجارة تركيا" و"لا نريد أن نهدم سنوات من الجهد الذي قاده الرئيس الأسد لإقامة علاقة مميزة إستراتيجية معها" والمطلوب منها اليوم إعادة النظر في مواقفها كما قال المعلم.
    باختصار، فإن الضربات السورية المتتالية في ملعب الخصوم المحليين والخارجيين أحدثت إرباكا كبيراً ووفرت مزيداً من الحاضنات الشعبية الداخلية والدولية الخارجية لصالح قيادة بشار الأسد خصوصا لدى الحليف الاستراتيجي روسيا التي باتت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بحقيقة ما يدبر لسوريا وخلفياته القذرة وبالتالي مقتنعة أكثر فأكثر بصدق نوايا الأسد بالاصلاحات وبصوابية موقفها المواجه والرافض لأي قرار في مجلس الأمن الدولي، وهذا من شأنه أن يعقد أكثر فأكثر مهمة المريدين شراً بسوريا.

    الانتقاد
    تعليقات 1 تعليق
    1. الصورة الرمزية ماجدة2
      ماجدة2 -
      السلام عليكم

      نسأل الله المقتدر ان ينصر حركة الاصلاح و البناء في سورية و ان تسارع الفعاليات السورية الى المساهمة و المشاركة في هذا الاصلاح و البناء
      من أجل سوريا من اجل لم شمل الشعب السوري من أجل عودة الأمن من أجل حقن الدماء و من أجل حفظ الأرض
      و ان يحبط كل المخططات التي لا تريد الخير لسورية
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.