• وثائق سرية "آس الكبة " تفضح أمريكا والموساد الاسرائيلي بتورطهم باغتيال "الحريري "

    نشرت مواقع الكترونية ما يمكن أن يشكل فضيحة تصيب المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، وتفضح الوثائق كيف أن ماتسمى اللجنة الأمريكية من أجل لبنان الحر USCFL أعدت ملفا أمنيا كاملا عن الحريري قبل إغتياله، ونشرت صورته على ورقة "آس الكُبّا" مذيلة بعبارة الأكثر طلبا، وكيف قدمت إلتماسا للإليزيه والبيت الأبيض في يوم إغتيال الحريري تطالب بموجبه بـ"تحرير لبنان" وتغيير القيادة في سوريا، ما يدفع للسؤال: هل اغتيل الرئيس رفيق الحريري بواسطة شبكة ثلاثية مؤلفة من قوى المعارضة اللبنانية المنظمة في الخارج، والمرتبطة بـ"الموساد" الإسرائيلي وبمجموعة المحافظين الجدد في واشنطن؟.

    الوقائع تكشف أنه جرى عقب إغتيال الحريري ضبط صفحة على الموقع الالكتروني لما يدعى بـ "اللجنة الأمريكية من أجل لبنان الحر"، تعرض ورقة "آس الكُبّا"، إحدى (أوراق الشدّة)، وهي تحمل صورة رفيق الحريري باعتباره "أهم عملاء السوريين في لبنان"، وبجانبها عبارة "الأكثر طلباً"، واللافت أن تلك الصورة بقيت لأسابيع بعيد الإغتيال قبل أن يجري حذفها لاحقاً.

    هذه الواقعة تقاطعت مع واقعة أخرى جديرة بالإهتمام والتوقف عندها، وخلاصتها أن رئيس اللجنة المذكورة زياد عبد النور قام بالتعاون مع زميله غاري كامبل بإعداد ملف أمني كامل عن الرئيس الحريري قبيل إغتياله بمدة وجيزة، فبدا حينها أن كليهما يملك معلومات جيدة عن الإجراءات الأمنية الخاصة بـ"خصمهم السياسي" رفيق الحريري، ومما جاء في التقرير الأمني الذي أعداه ونشراه على صفحات نشرة "مخابرات الشرق الأوسط" (مجلد 3 رقم 7 زياد/ غاري) أن "سيارة الليموزين التي يستخدمها الملياردير ورئيس الوزراء رفيق الحريري داخل بيروت مجهّزة بجهاز قادر على إفشال أية محاولة إغتيال عن طريق إستخدام سيارة، فالهواتف المحمولة تتعطل في المنطقة القريبة، وكلما غادر منزله يقوم حراسه بدورية بالسيارات في الشوارع من أجل التمويه، ومن أجل الحيلولة دون عملية غادرة ممكنة".

    صحيفة "دي فيلت" الألمانية اليومية، وبعد ثلاثة أيام على وقوع جريمة الإغتيال، عاودت نشر ما ذكره عبد النور في تقريره الأمني الوارد أعلاه، وشرحت لقرائها أن: "سيارة المرسيدس التابعة للحريري ذات تصفيح قوي، وكانت مجهّزة بأحدث التقنيات لصد الهجمات، منها جهاز تشويش قوي يؤثر على القنابل التي يتم تفجيرها عن بعد، وكان جهاز الحريري للتشويش من القوة بمكان بحيث أن موكبه يؤثر على الإستقبال الإذاعي والتلفزيوني في بيروت عندما يمر، في محيط دائرة قطرها 500 متر"، وفي هذا الصدد نقلت الكاتبة في صحيفة "صندي تايمز" حينها عن خبير أمني، قوله "إن من صنع المتفجرات، قد فاق أجهزة الحريري المتطورة".

    يذكر أن لجنة الولايات المتحدة للبنان الحرة (USCFL) تأسست عام 1997، وهي منظمة لبنانية معارضة تتمتع بتأثير واسع على مراكز صنع القرار في واشنطن، أسسها رجل أعمال لبناني الأصل أمريكي الجنسية، يدعى زياد عبد النور، وتنظِّر هذه المنظمة لفكرة "دمقرطة" المنطقة إنطلاقاً من لبنان، في منحى آيدلوجي يقارب منحى المحافظين الجدد الفكري ومشروعهم السياسي للمنطقة القائم على ولادة شرق أوسط جديد. ومعروف عن اللجنة أنها تجاهر بعدائها لسوريا وحزب الله وإيران، وتفخر بمساعيها لقلب الحكم في سوريا ونزع سلاح حزب الله كخطوات بإتجاه ما تسميه "إشاعة الديمقراطية في المنطقة"، كما أنها تؤمن في المقابل بالتعاون مع "إسرائيل"، وتعتقد أنه آن الأوان لتوقيع إتفاقية سلام بين لبنان و"إسرائيل".

    تمجد "لجنة لبنان الحر" الرئيس اللبناني السابق رئيس حزب الكتائب الحالي أمين الجميل لتوقيعه إتفاقية 17 أيار مع "إسرائيل" عام 1983. كما أنها تنادي بدعوة "إسرائيل لاحتلال لبنان من جديد، كما انها تحتفظ بعلاقات وثيقة مع العديد من المنظمات الصهيونية الدولية.

    وتضم اللجنة في عضويتها شخصيات كموريس أميتاي وهو رئيس سابق للوبي الصهيوني (إيباك) ونائب رئيس سابق للمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (JINSA).

    - مايكل روبين الباحث في دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أمريكان إنتربرايز (أكبر مركز أبحاث سياسي موال للمحافظين الجدد).

    - جيمس وولسي، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية ورئيس وكالة الإستخبارات المركزية (5 شباط 1993 - 10 كانون الثاني 1995).



    أما في تفاصيل وضع الحريري على قائمة الاغتيال، أنه بتاريخ يوم الأحد في 29/8/2004 الساعة 20:45 بتوقيت نيويورك، وفي خطوة مماثلة للقائمة التي أصدرتها وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) آنذاك للبحث عن الرئيس العراقي السابق صدام حسين وقادة حزب البعث والتي جاءت على شاكلة أوراق لعب فرنسية حوت صور وأسماء المطلوبين العراقيين، أرسل زياد‏ عبد النور رسالة إلكترونية عبر الأنترنت بعنوان: "تحققوا من العملاء اللبنانيين الكبار لصالح سورية.. وكونوا حذرين".‏ وطلب عبد النور ممن وجه إليهم الرسالة أن يضعوا صورة لهؤلاء "العملاء" على المواقع ‏الالكترونية التي حددها، ومن بينها الموقع الالكتروني العائد لما يسمى "اللجنة الاميركية من أجل لبنان الحر"، ‏http: ‎www.freelebanon.org‏ ، فكان إذا دخل المرء إلى ذاك الموقع حتى بعد إغتيال الرئيس الحريري، يجد فيه على رأس قائمة الأوراق ورقة "آس الديناري" رئيس الجمهورية ‏اللبنانية السابق الجنرال إميل لحود وقد كتب إلى جانب صورته "الرئيس العميل"، وعلى ورقة "‏آس الكبا" صورة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري مذيلة بعبارة "الاكثر طلبا"، ومن جملة الأشخاص الآخرين الذين ‏كانت صورهم تعلو أوراق اللعب، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (آس ‏السبات)، وكذلك نائب رئيس الوزراء والوزير الأسبق ميشيل المر (أس البستون)، و‏نائب رئيس مجلس النواب الأسبق إيلي الفرزلي (ختيار السبات)، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط (ختيار الديناري)، ‏ونائب رئيس الوزراء السابق عصام فارس (ختيار الكبا) والوزير السابق إلياس المر ‏‏(ختيار البستون)، أما الجوكر فهو الوزير السابق إلياس حبيقة حيث وضع خط أحمر متصالب ‏على صورته، بما يعنيه ذلك من أنه قد إنتهى أمره بعد أن اغتيل بانفجار سيارة مفخخة في 24 كانون الثاني ‏‏2002 في بيروت.

    رسالة عبد النور هذه بقيت أياماً عديدة على الموقع الالكتروني المذكور بعد إغتيال الرئيس الحريري، إلى أن جرى إيقاف تفعيل "اللينك" الخاص بها بعد الإغتيال بأيام قليلة، فكتب الصحافي في صحيفة الأسبوع السويسرية نوربرت ماتيس بتاريخ 24/2/ 2005، معلقا على ذلك بالقول "يبدو أن آس الكبا الحريري كان محرجاً ‏جداً لدعاة الكراهية هؤلاء". واللافت في هذا المجال أيضا أن ‏زياد عبد النور نفسه أقر في إحدى مقابلاته الصحفية بأن تلك الصورة كانت موجودة فعلا على موقع اللجنة، موضحا بأنها صممت من قبل أحد أنصار اللجنة الأميركية للبنان الحر، لكنه إدعى أن بقاءها على موقع اللجنة بعد الإغتيال بأيام كان سهوا من المشرف على الموقع، وفق تعبيره.

    قصة "أس الكبا" هذه تعيدنا بالذاكرة أيضا الى عبوة الزهراني التي تم إكتشافها وتفكيكها من قبل مخابرات الجيش اللبناني أواخر العام 2005، والتي تبين لاحقا أنها إسرائيلية وأنها كانت معدة لاستهداف دولة الرئيس نبيه بري، ما يطرح التساؤل التالي: هل كانت تلك العبوة حلقة من مسلسل يجري تنفيذه ضمن مخطط قائمة أوراق اللعب الفرنسية الذي نشرته "اللجنة الأميركية من أجل لبنان الحر" على موقعها الالكتروني، فسعت لإزاحة "أس السبات" بعد أن جرى إزاحة الجوكر (الوزير حبيقة) وتصفية "أس الكبا"، وهو ما يسري ربما أيضا على محاولة إغتيال الوزير السابق الياس المر الذي كان يرمز إليه في تلك القائمة بـ"ختيار البستون"؟؟!.

    كذلك نشرت الوثائق التماسا نشرته "اللجنة الأميركية للبنان الحر" على موقعها الالكتروني بتاريخ 14/2/2005، أي في نفس اليوم الذي اغتيل فيه الرئيس ‏الحريري، والذي تقدّمت به الى البيت الأبيض وإلى قصر الاليزيه مطالبة بموجبه بـ"تغيير النظام في ‏سوريا وتحرير لبنان" و"إنقاذ السوريين من البعثيين النازيين". وقد أرسل عبد النور هذا ‏الطلب الذي أعده زميله في اللجنة المعارض السوري فريد الغادري إلى زملائه عبر الإنترنت، داعيا إياهم للتوقيع شخصيا عليه. وهو ما يوحي بأن اللجنة كانت على علم مسبق بالجريمة بل كانت تمهد الطريق للمسار الذي ستسلكه الأحداث عقب إغتيال الرئيس الحريري في ذاك الوقت. وهو ما توصل إليه الكاتب الفرنسي الشهير تيري ميسان في كتابه "الخديعة الكبرى 2"، حينما توصل إلى حقائق مذهلة مفادها أن مجموعة مقربة من وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي .أي .ايه" تسمى بـ"لجنة أمريكية من أجل لبنان حر" كانت على علم مسبق بجريمة إغتيال الحريري، مؤكدا بالإستناد إلى وثائق "البنتاغون" الأمريكي ومراكز القرار الأخرى في الولايات المتحدة، بأن "اسرائيل" وأميركا استفادتا من إغتيال الرئيس الحريري، وكاشفا بأن العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 كان قد جرى التخطيط له منذ تاريخ طويل مع تصور مسبق لرحيل القوات السورية نهائيا عن لبنان حتى يبقى هذا البلد بدون دفاع وفي ظل غياب الرئيس رفيق الحريري أيضا من أجل إبعاد النفوذ الفرنسي عنه.

    تحت المجهر
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.