-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
نوري الجراح وسلسلة منشورات
"ارتياد الآفاق"
ما الذي يميز الغرب عن العالم العربي؟
http://www.qantara.de/uploads/590/32..._Al_Jarrah.jpg
منذ خمس سنوات يدير الشاعر السوري نوري الجراح من أبو ظبي مركزا للبحوث في أدب الرحلة "المركز العربي للأدب الجغرافي"، وقد انطلق بمعية مجموعة من زملائه ومن الباحثين الأكاديميين في التنقيب داخل مكتبات العالم عن نصوص رحلات عربية قديمة والعمل على نشرها.
جوليا غرلاخ أجرت الحوار التالي مع الشاعر نوري الجراح.
"ارتياد الآفاق" هو الإسم الذي تحمله هذه السلسلة من المنشورات التي تعد الآن خمسين عنوانا من يوميات وقصص مغامرات ودراسات وبحوث، من خلال هذه السلسلة يريد الجراح أن يثبت بأن العرب كانوا منذ القدم منشغلين بمغامرة ارتياد الآفاق.
كما يطمح إلى إعطاء دفع إضافي إلى الجدالات الإصلاحية الحالية عن طريق هذه الإصدارات الجديدة لكتب الرحلات القديمة.
أستاذ الجراح، ما هو الهدف الذي تسعون إليه من وراء هذا المشروع؟
نوري الجراح: بطبيعة الحال نحن نأمل في شيء من التنوير لمجتمعنا، إنه أمر ذو أهمية ملحة حاليا، ذلك أن الرحالة - والكثيرون منهم قد زاروا أوروبا - قد طرحوا آنذاك أسئلة ما تزال محافظة على صلاحيتها إلى اليوم.
ما الذي يميز الغرب عن العالم العربي؟ ما الذي ينبغي علينا القيام به من أجل تدارك تخلفنا؟ ماذا نريد أن نأخذ من الغرب وماذا نترك؟ كما تكشف لنا هذه النصوص أن أغلب العرب، وإلى حد قريب كانوا معجبين بالغرب ويرون إليه بعين الرضا، ولم تتغير نظرتهم الإيجابية هذه إلا ابتداء من القرن العشرين.
هل ينتظر أن يدرك القراء: إلى أي مدى قد مضينا في ما مضى؟
الجراح: نعم، لكن الأهم هو أننا نضع الفرد في مركز الاهتمام. فنحن نعيد نشر نصوص ذات طابع ذاتي واضح. هناك شخص يقدم من خلال ما رأى بعينيه رؤيته الخاصة للأشياء التي يصفها.
هذا النوع من المعاينة قد فقد الكثير من شعبيته خلال العشريات الأخيرة داخل البلاد العربية، حيث غدت مؤسسات الأمة والشعب والعائلة هي التي تحتل موقع الصدارة. ولم يعد للفرد من دور يذكر.
أصدرتم أخيرا كتابا لعالم عربي قد سافر إلى ألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر. كيف وجد هذا الرحالة بلادنا؟
الجراح: لقد سافر حسن توفيق علي العِدل سنة 1889 من برلين، مرورا بمقاطعة ويستفاليا وكولونيا وفرانكفورت، إلى سويسرا، ومنها عاد إلى برلين مرورا بلايبزغ، ووصف بدقة كل ما عاشه أثناء رحلته، كانت ألمانيا بالنسبة لرحالة ذلك الزمن عبارة عن بلاد غرائبية.
الكثير من الرحالة كانت وجهتهم باريس ولندن، فهاتان المدينتان كانتا تمثلان بالنسبة إليهم عاصمتين للتقدم، والكثير من الرحالة الذين اتجهوا إلى أوروبا خلال القرن التاسع عشر- أي بعد حالة الذعر التي أثارتها حملة نابليون على مصر- قد ذهبوا إلى هناك بدافع الرغبة في معرفة ما الذي جعل أوروبا تبلغ ذلك التقدم. أما ألمانيا فكانوا في أحسن الأحوال يعرجون عليها في زيارة سريعة لا غير.
هل كانت ألمانيا تبدو لهم مملة ومتخلفة؟
الجراح: لا أعتقد أن المسألة على هذا النحو. كان الناس معجبين بفرنسا وإنكلترا بسبب تقدمهما، لكن قد لحق هذا الإعجاب منذ منتصف القرن التاسع عشر شعور بالاحتقار تجاه المستعمرين. وعلى العكس من ذلك كان لدى الناس تعاطف مع ألمانيا، ولا ينبغي أن ننسى مدى الأهمية التي كان يمثلها التاريخ المعرفي الألماني بالنسبة للعالم العربي؛ ديوان غوته على سبيل المثال. ولقد كانت قراءة كارل بروكلمان، وإلى حد قريب تعد ضرورية لكل من يود فهم التاريخ العربي.
وبالمقابل كان الناس ينظرون إلى الاستشراق الفرنسي والبريطاني نظرة الريبة والحذر، فقد كان هؤلاء يتناولون المشرق بالدراسة بهدف السيطرة عليه، بينما كان الناس ينظرون إلى المستشرقين الألمان بثقة في ما يحدوهم من اهتمامات علمية نزيهة. وبالمناسبة فإن رحالتنا حسن توفيق العدلي قد مارس لمدة من الزمن تدريس اللغة العربية ببرلين، كان يدرّس المستشرقين.
لكنه لم يكن أول من زار ألمانيا من الرحالة العرب، فقد كان هناك أيضا كتاب ابن يعقوب وبطبيعة الحال ابن فضلان...
الجراح: هذه كتب رحالة من القدماء الذين انطلقوا في سفراتهم خلال القرون الأولى للإسلام، كان العلم العربي آنذاك في عصر ازدهاره بينما أوروبا- لنقل ذلك بوضوح- لم تكن قد عرفت من التقدم شيئا ذا بال.
ونحن بصدد نشر كتب هذه الرحلات القديمة أيضا. لكن لدي شخصيا اهتمام أكثر بما عاينه وعايشه رحالة العصور الحديثة. هناك ما يقارب الثلاثمائة كتابا لرحالة عرب قد سافروا في رحلات استطلاعية عبر العالم. الكثير منهم قد اتجهوا إلى أوروبا. وكان هؤلاء من العلماء الذين أرسلتهم حكومات بلدانهم، لكن كان هناك أيضا رجال أعمال وسياح أوائل.
لكن ألا يجد المرء لدى هؤلاء الرحالة الكثير من الكليشيهات أيضا؟ فالشيخ الطهطاوي الذي سافر إلى باريس سنة 1832 قد ركز اهتمامه على تناول نفس المواضيع: القيم، والأخلاق، والنظافة، وصورة المرأة، ففي هذه النصوص المبكرة للرحالة يجد المرء بالفعل كثيرا من الكليشيهات حول الغرب ما تزال عالقة بأذهان الناس إلى اليوم، مثلا أن المرأة الغربية سهلة المنال.
الجراح: لا، إنني على غير هذا الرأي. فمن من الناس يعرف كتب هؤلاء الرحالة القدامى؟ يمكن أن نقول أن ابن بطوطة قد غدا إسما معروفا لدى العرب من ذوي التكوين التعليمي العادي. لكن رفعة الطهطاوي، هنا تنتهي معرفة الناس بأدب الرحلة. ونحن نحاول من خلال مشروعنا أن نعيد إحياء هذه الكتابات داخل وعي الناس.
إنها جزء من تاريخنا، جزء ذو أهمية خاصة. فهذه الكتابات تكشف بأنه قد مر علينا زمن طرحنا فيه أسئلة مشابهة لهذه التي نطرحها اليوم وكنا نبحث خلاله عن إجابات فيما نحن نسافر عبر العالم. هذه هي نقطة الوصل التي نسعى إلى إيجادها. لكنني لا أستطيع أن أصدق بأن الكليشيهات خول أوروبا قد انتشرت عن طريق كتابات الرحالة.
وفي رأيي: إن نجوما من نوع بريتني سبيرز تساهم بأكثر قسط وبأكثر قوة من كل كتابات الرحلة مجتمعة في جعل الناس في البلاد العربية يعتقدون بأن النساء الغربيات سهلات المنال. إن الكثير من الرحالة قد سافروا إلى أوروبا لأنهم كانوا يسعون إلى اكتشاف السر الذي يكمن وراء تقدم أوروبا، بل إن البعض منهم قد جعلوا من الوضع المغاير للمرأة هناك سببا في هذا.
كيف نشأ مشروع "ارتياد الآفاق"؟ ومن يموله؟
الجراح: لقد كان لدي على الدوام ولع بأدب الرحلات، وقد وافق هذا ولعا مماثلا لدى صاحب مبادرة هذا المشروع، الشاعر والمثقف الإماراتي محمد أحمد السويدي (أمين عام المجمع الثقافي في أبو ظبي)، ثم إنه سألني إن كانت لدي رغبة في تأسيس هذا المركز. كان ذلك قبل خمس سنوات، وقد بلغ عدد إصداراتنا 50 كتابا إلى حد الآن.
ومن أين تأتيكم هذه المخطوطات؟
الجراح: زرنا مكتبات في كامل المنطقة من طهران إلى القاهرة وكذلك في لندن، وقد ذهبت إلى بغداد قبيل الحرب، من حسن الحظ، ذلك أن المكتبات قد دمّرت في الأثناء.
كما زرت مكتبات في ألمانيا أيضا، نقوم بتحقيق المخطوطات وإضافة هوامش توضيحية. وإلى جانب ذلك ننظم ندوات دورية، وفي الفترة الأخيرة شرعنا أيضا في تنظيم سفرات لكتاب عرب معاصرين. وها هو الشاعر العماني محمد الحارثي يعود مؤخرا من الهند. فهناك أيضا بلدان مثيرة للاهتمام خارج أوروبا يمكننا أن نتعلم منها الكثير.
هل هناك خلاصات توصلتم إليها من خلال دراستكم لنصوص الرحلات الكثيرة ؟
الجراح: لكل نص خصوصياته ومقاربته الخاصة، لكن بإمكاننا أن نقول بصفة عامة بأن الرحالة العرب كانوا يقفون موقفا إيجابيا جدا من الغرب. كانوا يشعرون بأنفسهم مرتبطين ارتباطا وثيقا بأوروبا، ولم يبدأ شعورهم بالنفور منها إلا بسبب الازدواجية الأخلاقية وسياسة الهيمنة التي يمارسها الغرب.
وبالمناسبة فإن هذه المواقف الإيجابية هي ما يميز الرحالة العرب عن نظرائهم من الأوروبيين. ذلك أنه، وبالرغم من كل مظاهر الانبهار بالمشرق، فإن الرحالة الأوروبيين غالبا ما يقدمون صورة سلبية، وغارقة في الكليشيهات في كل الأحوال عن العالم العربي. فكتاب فلوبير عن رحلته المصرية يعج فعلا بالكليشيهات والمعلومات الخاطئة.
هل هناك إذن، في مقابل هذا الاستشراق حركة استغراب؟ فهناك حاليا كلام كثير في أوروبا عن: صورة أوروبا من وجهة نظر أعدائها.
الجراح: إن هذا الكلام لغو حقا، الاستشراق منظومة فكرية، ومفهوم موجه بغاية السيطرة على المشرق، قد تكون هناك تصورات تطغى عليها الكليشيهات لدى العرب حول الغرب، ولدى الرحالة القدماء أيضا بكل تأكيد، لكن هؤلاء كانوا لا يستندون إلى نظرية وإلى نظام هيمنة كيما يتحول إلى نظرية استغرابية.
أجرت الحوا
ر جوليا غرلاخ
ترجمة
علي مصباح
حقوق الطبع قنطرة 2005
جوليا غرلاخ صحفية ألمانية مقيمة في برلين، مختصة بقضايا الشرق الأوسط.
حسن توفيق العِدل: "رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا- رحلة عربي من برلين إلى برلين(1889)". دار السويدي للنشر - أبو ظبي 2005.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
حوار مع الشاعر نوري الجراح حول الرحلات الأدبية الحديثة منها والقديمة
التاريخ: الأربعاء 2005/03/02
المحاور: أحمد الحيدري
http://www.qantara.de/uploads/590/32..._Al_Jarrah.jpg
الشاعر نوري الجراح الشاعر السوري الذي ولد في دمشق عام 1956 وانتقل الى بيروت وعمل في الصحافة الادبية منذ مطلع الثمانينات وادار تحرير مجلة الفكر وساهم وشارك في تأسيس عدة مجلات ادبية ومن اهم نشاطاته تأسيس اول جائزة عربية للرواية التي تكتبها المرأة تحت اسم الكاتبة للرواية، صدرت له تسع اعمال شعرية اضافة الى كتابه " الفردوس الدامي" ،"ثلاثة عشر يوماً في الجزائر" وكتابه الحواري "بيت بين النهر والبحر" الذي حاور فيه كبار الشخصيات السياسية والادبية على الساحة الفلسطينية.
ويشرف الآن نوري الجراح على مشروع ارتياد الافاق، وهو المشروع الذي يهتم ويرمي الى بعث واحد من أعرق أنواع الكتابة في ثقافتنا وسيدور هذا الحوار حول ادب الرحلة.
المحاور: سؤالنا الاول سيكون بالطبع عن مشروع الرحلات الادبية، لو تحدثنا قليلاً عن كيفية بداية الفكرة؟
الضيف: اول شئ المشروع اسمه مشروع ارتياد الافاق وهو مشروع جغرافي عربي ينطلق من الامارات ليلم بمجمل النتاج الذي كتبه وسجله العرب عبر عشرة قرون واعني به ادب الرحلة العربي قبل القرن العاشر الميلادي وحتى مطلع او النصف الاول من القرن العشرين، المشروع يرعاه وبطبيعة الحال مؤسسه الشاعر الاماراتي المتنور الاستاذ محمد السويدي، وهو يصدر عن دار السويدي في ابو ظبي بالتعاون مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
المشروع في أساسه وفي مرماه غير ربحي وهو عملية مشروع غير تجاري يهدف الى رصد الرحالة العرب والمسلمين وبناء مكتبة عربية من هذه الاعمال المتناثرة في المخطوطات والطبعات المبكرة غير المحققة تحقيقاً جيداً او الطبعات الحجرية التي هي عبارة عن اخراج كتب اكثر منه كتب.
وما دمنا نتحدث عن ادب الرحلة نتحدث عن ادب وضعه العرب والمسلمون ثمرة لتجوالهم ورحلاتهم وبحثهم في ديار الاخر وبحثهم في عالمهم وعوامل الاخرين التي تنتمي اليها ثقافات اخرى، بهذا المعنى المشروع يهدف رصد نظرة تحولات، نظرة العربي والمسلم الى ذاته من خلال الاخر والى الاخر من خلال وعيه بطبيعة اختلاف هذا الاخر واختلاف هذا الاخر واختلاف صياغته لحياته ورؤيته لوجوده على الارض.
بدأ المشروع عملياً تحت اسم ارتياد الافاق في سلسلة خططنا لها لتكون مئة رحلة وكان الاعلان عن هذه السلسلة مدهشة للقضاء العرب لكونهم في اكثريتهم لا يعرفون ادب الرحلة ما هو اكثر من رحلة ابن بطوطة وابن جبير وبالتالي اقول كان مدهشاً عندما عرفوا ان ابن خلدون له رحلة، ان الغرناطي له رحلة _الغرناطي المدفون في دمشق _ كثير من العلماء العرب والمسلمين لهم رحلات، لهم مخطوطات اولاً ومن ثم تحقيقها وبحثها ودراستها وتعليق هوامشها ومن ثم تقديمها تقديماً عصرياً هو بطبيعة الحال هو عمل مضني ولكن هذا العمل يقوم به فريق من المحققين وفريق من الاكادمين العرب موجودين في المشرق والمغرب العربي وبعضهم ممن يقيم في اوربا ايضاً.
بدأنا كما قلت بالاعلان عن اصدار مئه رحلة اصدرنا منها اكثر من خمسة وعشرين رحلة، ووجدنا ايضاً ان من المفيد والضروري تأسيس جائزة لادب الرحلة تحت اسم " جائزة ابن بطوطة " لادب الجغرافية وهذه الجائزة ليست مجرد جائزة احتفائية او جائزة اعلانية واعلامية وانما جائزة محرضة على الفعل اي محرضة على الكشف من المزيد من هذا الادب المغمور وفيه كنوز ولئالئ من المعرفة والاخبار والوثائق والمواد.
المحاور: طبعاً تحتوي على اشياء كثيرة منها الجغرافية والسياسة وطبيعة المجتمع الثقافي كيف تكون كل هذا يرى في ادب الرحلات.
الضيف: نعم ادب الرحلة غني كما تفضلت واشرت اليه، على ان الرحالة متنوعين خلفيات ومتنوعين المصادر التي صدروا عنها وهم ايضاً بين عالم وتاجر وباحث عن المعرفة وسائح في الارض وبين مفكر يريد أن يمتحن فكره في مكان آخر أو باحث في بيوغرافيا يريدان يجمع اخبار من يهتم باخبارهم من الاعلام في هذا البلد أو ذاك.
كانت بطبيعة الحال الديار الاسلامية متسعة تبدأ من مكة والمدينة ولا تنتهي عند مشارف الصين فقط، فكان العلماء والتجار على طرق التجارة القديمة يتنقلون براً وبحراً، طريق الحرير، طريق التوابل وطرق اخرى، طريق الذهب ومختلف الطرق الاخرى ليحملوا معهم استعدادهم البحث عن ما هو موجود في الديار التي يحلون فيها وبطبيعة الحال كان الرحالة العرب يتجولون في الديار الاسلامية ويتجولون في الديار غير الاسلامية كأبن فضلان مثلاً واذا ما اردنا ان نفحص هذه الرؤية من خلال قراءتها نجد ونكشف طبيعة هذه النظرة ونجد ان الثقافة العربية والاسلامية انتجت في عصور معينة منها، انتجت رؤية تعترف بالاخر تقر الاختلاف لا تستعلي على الاخر وانما رؤية ذات بعد انساني جمالي وفكري وفيه شئ من الرحمة، تقدير اوضاع او اختلاف وحتى ضعف الحالة الانسانية في مكان ما او تخلفها، كما هو الحال بالنسبة لابن فضلان عندما وصف الصقالبة وتخلفهم ووضعهم الضلال، لكنه لا يصفهم من استعلاء كما فعل لاحقاً الرحالة الاوربيين الذين وصلوا الى الشرق لم ينقلوا صورة امينة كما نقلها قبلهم قبل الف سنة او اكثر ابن فضلان، ابتكروا صوراً للشرق ارادوا ان يروا الشرق على حال يريدون ان يرونها، كانت نظرتهم الى احد.
المحاور: نظرة مسبقة الى ان تكتمل هذه النظرة وارادوا ان يطبقوها كتابياً.
الضيف: ان يجدوها.
المحاور: نعم ان يجدوها.
الضيف: يعني هم اختلفوا الشرق وفي بعض الحالات الرسامين الذين رافقوا الرحالة الاوربيين الى الشرق رسموا الشرق خالياً من الناس الى من حضور فلكلوري من الناس، رسموا معابد مثل بعلبك مثلاً رسموها خالية فقط حجارة ضخمة كمن يريدان يقول تعالوا للغربيين تعالوا وخذوا هذه البلاد فارغة فهي لكم كما لو كانوا يقولون فانا احالول ان اؤول هذه الصورة، فاذن ارادت مخيلة فلوبير المريضة او مخيلته الابتكارية، اراد ان يرى صوراً برنو غرافية يحولها الى الغرب ليقول هذا شرق الف ليلة وليلة.
المحاور: هذا هو اكتشاف بلاد العجائب.
الضيف: ان يحولك الى أعجوبة يمكن التفرج عليها والتفكه بها، هذا لم يفعله المسلمون، المسلمون كانوا، اي واحد منهم ابن خلدون، ابن فضلان، ابو دلف المسعري الذي انطلق من البحر الاحمر وعبر بلاد فارس الى ارمينيا لم يدون شيءاً من هذا القبيل ولم تخلق مخيلته الصور، رسم الصور ودون الصور التي رأى ودون الحكايات التي سمع حتى عندما كان عجائبيه نحن نعرف العصور الوسطى، نفترض القرن التاسع او العاشر الميلادي والذي هو الثالث والرابع والخامس الهجري قرون كانت الاسطورة وكان العجيب والغريب موجود كنزوع جمالي عند القارئ في تطريف وتطرية الكناية نفسها الجغرافية او غيرها، وبالتالي عند المؤلف وكان هذا.
المحاور: منتشر ومستخدم في كتاباتهم
الضيف: على هامش العلم لا العلم نفسه وبالتالي لا اريد ان استطرد واتشعب كثيراً اقول ان المشروع مشروع فكري عربي ايضاً وليس مشروعاً ادبياً وحسب، مشروع يريد ان يقدم لابناء الشرق ولابناء العربية المادة الجغرافية ومادة ادب الرحلة لتعرفواهم اولاً عليها وليراقبوا وليتفحصوا تطور نظرة اجدادهم الى الاخر ومن ثم قد يجدوا فيها ما ينير رؤيتهم الى تراثهم والى حتى حاضرهم، نحن نعرف ان هناك اشكالية اليوم بين العرب والمسلمين والعالم العربي وهذه الاشكالية في نظري مصدرها او احد مصادرها سوء الفهم المبني على الجهل بالاخر والجهل على الاخر مبني على سياسة مقصودة وهي اني اريد ان اجهلك لأظل كما اريد، انك اخر ليس لاخذ به وانما لاجعله اخر ليس مختلفاً ومقبولاً اختلافه ثم اخر متخلفاً لان فيه من الحضارة ولا استقبله في رحاب الحضارة الا من خلال نظرتي اليها ومن خلال هيمنتي على الحضارة، هذا ما يفعله الغرب في ازدواجيته وفي الخلل اللا اخلاقي الكامل في انسانيتهم اعني الغرب المهيمن وليس كل الغرب كما نعرف هناك باستمرار اصدقاء للانسانية في كل مكان وبالتالي هناك اصدقاء للعرب والمسلمين في الغرب.
اما نتكلم عن تيارعريض عندما نتحدث عن سموئل هنتنتن وما اثارت مقالته المرعبة وتقول عن صراع الحضارات.
المحاور: او حوار الحضارات
الضيف: حوار الحضارات بدلاً من تنامز وتناقر الحضارات التي اقترحه هو، وهو لفيف من المفكرين الامريكين المتصهينين وشبه المتصهينين واليمينين وشبه اليمينيين بعضهم للاسف اساتذه كبار في العلوم الاسلامية كبرنرلويس هو عارف تماماً في التكوين الاسلامي وهو منتمي ايدوليجياً الى فكرة مضادة للاسلام والمسلمين هذا الثراء الادبي الموجود الذي يكشف عن همة العربي واستعداده للسفر الى الاخر والاخذ عنه متبعاً خبط تلك الحكمة العظيمة " اطلبوا العلم ولو في الصين" او الامر والواجب المعرفي اطلبوا العلم ولو في الصين مثل هذه المكتبة في حال تقديمها للعرب والمسلمين على الاقل تعطيهم شئ من الثقة على انهم ابناء حوار وليسوا ابناء حضارة انقطاع او تناكر او تنافي أو فبركة.
اذن الاخر هو انا بطريقة اخرى والمسلمون قالوا بها الاخر هو انا بطريقة اخرى وله الحق على ان يكون بطريقته في الاخذ بطريقته او اهمال هذه الطريقة، الرحالة العرب والمسلمون مرة اخرى هم يشكلون مكتبة ضخمة ايضاً تعريف الغرب فيها مهم جداً يجب ان لا يركل الدور الكثير من المستشرقين عندما نذم الاستشراق وتفتح قوسين ونقول ان عدداً مهماً من المستشرقين المان خصوصاً والروس كانوا اكثر فعالية واكثر حرصاً بالمعنى العلمي على الثراء الادبي الذي هو موجود في المكتبة الجغرافية العربية، للاسف ولحسن الحظ ربما اول من قدم الارث الجغرافي للقراء عندما حققوه ونشروه تحقيقاً علمياً ونشروه في برلين وفرانكفورت وفي ليدل وفي هولندا وفي سويسرا حتى وفي بطرس بورك وكانت هناك حركة مهمة وفي موسكو، وطبعاً نحكي عن باريس ونحكي عن اماكن اخرى.
اذن هناك حركة تريد أن تستكشفنا، هناك رحالة أجانب جاءوا الى عالمنا الى المكتبة العربية والذهن العربي والاهتمام العربي انصرف اليهم، وهذا طبيعي ان تعرف عليه الغريب لكن اهملنا نظرتنا الى الآخر والى انفسنا، ونحن نعرف ان الذي يصف يمتلك العالم لانه يصف لانه يحدد لانه يقيم السؤال، طوال الوقت كان يجري وصفنا كنا نصف من الاخر، هذا المشروع يصف الاخر اذن انت فاعل وليس مفعولاً بك من خلال هذا المشروع هو مشروع تنويري احيائ عربي يريد ان يكون مشروعاً فعالاً من خلال ما يمكن ان يقدمه من اثار تراكم عليها الغبار او اهملها الذهن العربي والتفكير العربي خصوصاً في القرن العشرين حيث يرى حركة احياء الثقافة لكن للاسف كان الاهتمام كما يبدو وتعرف منصباً على الايدلوجيا على الافكار وعلى الصراع الفكري والسياسي والايديولوجي ولم يجر الانتباه الى هذا الحقل الخطير الذي هو حقل الجغرافية، الذي هو حقل ملموس يمكن ان يمسك باليد ناهيك عن ان هذا الحقل يقدم لك كتاباً من وجهة نظر شخص واحد وليس من وجهة نظر مرجعية ثقافية او بيان لجماعة هو يوميات شخص واحد يتجول في العالم ويعقد المقارنة بين عالمه وبين العالم الذي حل فيه، من هنا ايضاً انه مشروع يكشف عن الذوات المنفردة في رؤية هذا العالم هذا جانب ايضاً مهم من جوانب المشروع. انجزنا حتى الان خمسة وعشرين الى ثلاثين رحلة وفتحنا الباب تحت اسم سندباد الجديد للرحالة الحادثين الان.
المحاور: سأتي الان على هذا السؤال، طبعاً اخذنا رؤية موسعة حول الاطروحات والرحلات الادبية، هناك سؤال الرحلات الادبية، هل توقف الادباء عن كتابة مثل هذه الاعمال اقصد الرحلات الادبية ام انها مازالت تكتب زلكن لا نراها ولا تظهر مثل هذه الرحلات.
الضيف: انا برأيي ان ادب الرحلة رغم انه تعرض الى ضربة قوية عندما ظهرت الطائرة وجرى استعمالها فقصرت المسافات وباتت الرحلة يعني عبر الطائرة كأنما ليست رحلة، الرحلة تقوم على مشاق السفر على التجول على الارض على سماع الاصوات على اللقاء المباشر. في نظري ليست المال وليست المدينة التي نصل اليها ولا المدينة التي ننطلق منها، الرحلة هي مسافة الطريق مسافة الطريق هي الرحلة، الطائرة الغت مسافة الطريق من غير معقول ان تصف جلوسك في الطائرة الا ان كنت تريد ان تستدعي الماضي وتكتب قصيدة وشاعر يكتب قصيدة، مع ذلك هذه الخضة التي حصلت مع ظهور الطائرة يصورة عامه بلورت ايضاً طريقة جديده في النظر الى العالم وولدت سياقات جديدة لادب الرحلة نفسه فاصبح وصف المدن في ذاتها ووصف الاماكن والتجول في الاماكن القريبة من المدن الحضارية هو الغاية وبالتالي ثمت طريق وان لم تكن الطريق التي عبرها ابن بطوطة وابن خلدون وعبرها ابن فضلان وابو دلف وناصر خسرو الذي جاء من فارس الى البلاد العربية، هناك طرق جديدة لا هناك ادب رحلة بناءاً على سؤالك عربي وهناك ادب رحلة في العالم يكتب لكنه ينشر في البلاد العربية متناثراً وليس هناك نسق وليس هناك سلسلة تنبه الى حجمه الى اتجاهاته الى الاسماء التي تكتبه الى الجغرافيات التي يرتادها الرحالة مثل هذه السلسلة اسسناها بأسم السندباد الجديد لتستقطب اليها نصوصاً وكتابات الادباء والمسافرين العرب في العالم وفي الحقيقة اصدرنا لحد الان ستة كتب لستة مؤلفين كل مؤلف من بلد عربي من مصر والسودان وسورية والعراق والخ بلدان عربية عديدة وفي خطتنا اصدار اثنى عشر كتاباً اخر ستة منها تصدر هذا العام وستة تصدر العام المقبل ولتشجيع ادب الرحلة قلت اسسنا جائزة ابن بطوطة لتعطي لكتاب لادب الرحلة الحديث وتعطى لثلاثة كتب او ثلاث مخطوطات لم يسبق تحقيقها للمحققين الذين يحققون وهذه الجائزة كانت دورتها العام الماضي وقدمت للمكتبة العربية ثلاث مخطوطات جديدة لم يسبق نشرها وليس هناك معرفة بها منها رحلة المكناسي في القرن الثامن عشر من المغرب الى اسطنبول ومن اسطنبول الى بلاد الشام ومن بلاد الشام الى مكة والمدينة ومن ثم في طريق العودة الى المغرب وهذه الرحلة تكشف عن التاريخ وعن مساحة مهمة من التاريخ العثماني في القرن الثامن عشر من ظلال المعاينة والمتابعة من خلال استعراض الاسماء التي سادت في الكتاب والادباء والنخبة المثقفة والنخبة العلمية وحاضر الاستانة وحاضر بلاد الشام ومكة والمدينة يعني قدم معرفة مهمة جداً هذا الكتاب، وكتابان اخران، قبل ان اتي الى طهران بأيام قلائل اقفلنا باب قبول الطلبات لهذه الجائزة والعدد تضاعف عن العام الماضي، المحققين اجتهدوا وحرضتهم الجائزة على النظر في هذا الحقل وهذا الميدان لتحقيق المخطوطات، بل تعدى هذا الامر الى ان اتصلت بنا مراجع علمية ومحققين في لغات اخرى يسألوننا هل نستطيع ان نشارك بجائزة ابن بطوطة في الادب الجغرافي باعمال نحققها في لغاتنا ام الجائزة مقصورة على اللغة العربية؟ الحقيقة اننا بدأنا اللغة العربية والسؤال الذي تعرضنا له طرح علينا جعلنا نطرح على انفسنا سؤالاً ما اذا كان بوسعنا فعلاً تحويل جائزة ابن بطوطة الى جائزة عالمية لادب الرحله.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
http://www.salaam.co.uk/themeofthemo...mages/asad.jpg
هذه الصورة لليوبولد فايس، وهو يهودي نمساوي الأصل، وقد سمي محمد أسد بعد إسلامه.
http://www.fonsvitae.com/roadtomeccasmall.jpg
المؤلف: محمد أسد
ترجمة: عفيف البعلبكي
الناشر: مكتبة العبيكان
عدد الصفحات: 313 صفحة
الفهرس
1- مقدمة
2- حكاية قصة
3- ظمأ
4- بداية الطريق
5- رياح
6- أصوات
7- روح وجسد
8- أحلام
9- منتصف الطريق
10- جن
11- دجال
12- جهاد
13- نهاية الطريق
الكتاب رائع بمعنى الكلمة، فهو يصف قصة اهتدائه إلى الإسلام، في خلال تنقله عبر الصحراء العربيبة للحج - بعد اسلامه - مع رفيقه زيد والذي هو عربي من قبيلة شمر، وذلك من طفولته في النمسا ونشأته لوالدين يهوديين ودراسته للكتب اليهودية، مرورا براسته العليا وامتهانه مهنة الصحافة، والتي جعلها سببا لرحلته الى المنطقة العربية، الرحلة التي لمس خلالها اختلاف الروح العربية عن الروح الأوروبية اختلافا جذريا في الكرم والمعاملة وأسلوب الحياة كاملا، الأمر الذي جعله يفكر مليا في دين العرب.
الجميل في الكتاب، أنه يحكي فترة من الزمن بين 1919، 1935: والأكيد أنه في تلك الفترة لم تكن جزيرة العرب شيئا سوى مملكة حديثة، فهو يتحدث في رحلته عبر الصحراء مع زيد - والتي كانت على الجمال طبعا - عن التقائه بالبدو في الصحراء وكرمهم معه، وكذلك كيف أنه تاه في الصحراء لمدة أربعة أيام وشارف على الهلاك، لولا أن زيد بفطرته البدوية استطاع أن يجده في وسط تلك الكثبان الرملية، كذلك يتحدث في الكتاب عن مروره بمدن حايل، والرياض، المدينة، جدة ومكة، ومدن أخرى في العالم الاسلامي كالقدس ودمشق والقاهرة ومدن إيران وأفغانستان فتشعر من خلال حديثه وكأنك في قصص من ألف ليلة وليلة.
من مزايا الكتاب أيضا، أن محمد أسد قد التقى بالعديد من الشخصيات المهمة في عصره، مثل الملك عبد العزيز والملك فيصل (الذي لم يزل أميرا في ذلك الحين)، عمر المختار، وشخصيات أخرى عديدة.
أعتقد أنه بعد هذا كله ربما تشدكم الحماسة لاقتناء الكتاب وقراءته، بل والتهامه، فهو أشبه بقصص ألف ليلة وليلة لولا أنه قصة حقيقية.
الجدير بالذكر أنه ترجم إلى لغات عديدة منها العربية (النسخة العربية منه اسمها الطريق إلى الإسلام)، والألمانية، واليونانية
ملاحظة: الكتاب له أكثر من اسم "الطريق إلى مكة" و"الطريق إلى الإسلام"
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
سليمان القريشي والرحلة العياشية
التاريخ: الثلاثاء 2006/01/24
المحاور: أحمد الحيدري
http://arabic.irib.ir/Gifs/Culture/L...006-1/le02.jpg
الرحلة العياشية، نص مطول جدا واحتاج إلى بحث ودقة وصبر، هذه الرحلة التي كانت تنظر إلى النور وهي قابعة في مكانها الظلالي، وسليمان القريشي قام بتحقيق هذه الرحلة مع صديق له.
يتحدث الدكتور القريشي عن مسير هذه الرحلة وعن رحلته مع الرحلة التي فازت بجائزة ابن بطوطة.
أحمد حيدري: في هذه الحلقة ومن عاصمة الأمارات، ابو ظبي التقينا مع كاتب، وهو فائز أيضاً بجائزة اهتمت بأدب راقي وجميل جداً ارتبط به العرب والمسلمون منذ القدم، معنا في هذه الحلقة الدكتور سليمان القريشي من المغرب، اهلا بك.
سليمان القريشي: أهلاً وسهلاً.
احمد حيدري: أبدأ معك استاذ سليمان، خاصة انني ذكرت ادب الرحلة، وذكرت ان المسلمين والعرب ارتبطوا مع هذا النوع من الكتابة الأبداعية، حققت وقدمت للمكتبة، رحلة، وهي التي جاءت بعنوان "الرحلة العياشية"، جاءت أيضاً في سلسلة (موسوعة رحلات الحج)، سوف اخصص له عدة اسألة، واهمية هذه الرحلات، التي تتعلق بالحج خاصة، ابدأ معك عن الرحلة العياشية، اذ أردنا أن نعطي شيئا مختصرا عن هذه الرحلة، وإن كانت هذه الرحلة ذات حجم كبير، ابدأ معك دكتور، الرحلة العياشية التي فازت جائزة ابن بطوطة.
سليمان القريشي: اولاً اشكر لك هذه الأستضافة الكريمة واتمنى ان اكون في مستوى الأنتظار، واشكر لك كذلك هذا اللقاءالذي اتمنى ان يساهم اكثر بالتعريف بالكتاب والباحثين المغاربة.
أحمد حيدري: إن شاء الله.
سليمان القريشي: وبنشر الثقافة المغربية وبتعريفك ذلك بهذا الفن الراقي كما سميته، الا وهو فن الرحلات، من هذه الرحلات نذكر الرحلة العياشية، التي تتمايز بعدة خاصيات، ابرزها، المساحة الجغرافية الهامة، التي قطعتها، هذه المساحة التي امتدت من المغرب للمدينة المنورة، ومكة المشرفة، ثم الى القدس الشريف والخليل – مدينة لوط، ثم العودة الى مصر والأقامة بها وصولاً الى المغرب عن طريق كل من ليبيا، وتونس والجزائر، بالأضافة الى هذه الأهمية فأن رحلة العياشية، تقتبس قيمتها من نسبتها الى ابي سالم محمد بان عبد الله العياشي، الذي يعتبر من كبار فقهاء المغاربة واحد المع وجوه الثقافة والفقه في المغرب في القرن الحادي عشر، اذ ان صاحبنا هذا لم يكن مجرد رحالة عادي، تستهويه الأسفار وتشده المسالك والطر ق، او مجرد مؤمن ورع يبتغي اداء الركن الخامس من اركان الأسلام، ولكن صاحبنا هذا كان بالأضافة الى كل ذلك فقيه- عالم- اديب - معلم - مشارك - كاتب اذ انه الف - واجاز- واستجاز- وراسل – وشارك في كتابة مقدمات بعض الكتب، ولعل هذا غريب في بابه، ثم انه قد حرص خلال هذه الرحلة على لقاء كبار الفقهاء ومحادثة اعلام العلماء خاصه في الحرمين الشر يفين.
أحمد حيدري: اذاً الرحلة مع ذلك ليست وصفاً للأمكنة وللجرافيا، بل ان هناك ايضا احاديث، كما رأيت، وايضاً ابيات شعرية ذكرت من اناس كثيرين، بل حتى الأحاديث التي جرت بين العلماء والمراسلات ذكرها في هذه الرحلات العياشية.
سليمان القريشي: نعم هذه الرحلة كانت كما وصفها صاحبها، او كما اراد لها ان تكون، ديوان علم وأدب، لأنها قد حوت في ثناياها بالأضافة الى المسالك والطرق والجغرافياومعطياتها، العلم والأدب، العلم الذي يبرز في فقهياته بخاصة، وفي الأيجازات والمناظرات العقائدية والفكرية وسواها، اما الأدب فيتجلى اساساً في الشعر، حيث تميز صاحبنا بملكته الشعرية، وحرص على مكاتبة كثير من معارفه واصدقائه، ورفقاء طريق شعره، وبالتالي فقد حفظت لنا هذه الرحلة ديوانا شعرياً ضخماً، سواءً من ذلك الذي انتسب للعياشي، وسواءً من ذلك الذي انتسب لمعاصريه، ومجيليه، وبالتالي فقد تمكنت هذه الرحلة من ان تحقق هذه الخاصية لأنها ديوان علم وادب.
أحمد حيدري: هذا شئ ممتاز احببت ايضاً ان اطلع الآخرين ان هذه الرحلة جاءت ضمن مشروع موسوعة رحلات الحج، اردت ان اعرف اهمية هذه الرحلات، اي رحلات الحج، وخاصة ان هذه النصوص التي ارتبطت بالحج الى الكعبة المشرفة، لجهة ان هناك الكثير من المسلمين ، في ايران او في تركية، هناك نصوص ترتبط برحلة الى الحج، اهمية مثل هذه النصوص التي ترتبط برحلات الحج اذا اردنا من محققي هذه الرحلة، العياشي التي ارتبطت بأدب الرحلة ان صح التعبيرالى الأماكن المقدسة.
سليمان القريشي: هي اهمية لا تختلف كثيرا من الأهمية التي تكتسبها كل الرحلات، بحيث ان هذه الرحلات تسلط الضوء بصفة خاصة على المسار المؤدي نحو الحرمين الشريفين، وهي كذلك تأتي في سياق خاص قد نقول انه سياق مقدس وقد نقول كذلك انه سياق فرضي، عكس الرحلات ربما السفارية اوغيرها التي تأتي بتكليف او امر من جهة معينة، اقصد ان هذه الرحلات الحجية، كانت في غالبها بدافع شخصي اي ان الرحالة، هو الذي قرر وصمم وخطط وبادر الى القيام برحلته هذه، ثم ان اهمية هذه الرحلات الحجية، هي انها تعطينا صورة عن الواقع العربي الأسلامي خلال المرحلة التي انجزت فيها، اذ ان مكة والمدينة، شكلت على امتداد العصور، منذ بزوغ الدعوة الأسلامية، محجا لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فتجاورت العادات والطباع، والأعراف والأخلاق والعلوم، والآداب وغيرها، وبالتالي فأن نكهة الرحلة لا تقف عند مصدر صاحبها، اي ان هذه الرحلة، بأتجاه الحرمين الشريفين، لا تقف عند معطيات ايران، اذا انطرحت من ايران او تركيا او اذا انطلقت من المغرب، ولكنها تتجاوز ذلك خاصة عندما تصل الى مقصدها، اقصد الحرمين الشريفين، لتنفتح على امم اخرى وشعوب وقبائل واشخاص وافراد وذلك يبقى حسب طبيعة الرحالة الذاتي وطبيعة شخصيته وتكوينه وثقافته، بالأضافة الى هذا فأن الرحلات الحجية كثير ماسجلت لنا بعض العادات الأجتماعية والممارسات والطقوس المرتبطة بالحج، كشعيرة دينية، نعلم جميعاً ان هذه المواكب صحبت احياناً الأحتفالات والعادات ولباس معين، مأكولات، يعني هذه الرحلات الحجية يمكن ان تشكل لنا نظرة بانورامية عن الحج كتقليد ليس ديني، ولكنه كتقليد اجتماعي، نعرف مثلاً في المغرب عندما كان يخرج موكب الحج، يخرج مشيعاً بأهالي المدن ومصاحباً بأحتفالات وبألعاب ومهرجانات، لأنه كان حدثاً اجتماعياً، حقيقياً يشارك فيه الجميع، من هنا اقول ان هذه خصوصية كبيرة وخاصة، للرحلات الحجية.
أحمد حيدري: مع تعريف الدكتور القريشي حول اهمية هذه الرحلات الى الحج، ننتقل الى نص الر حلة العياشية، دكتور نريد قبل قراءة هذه الرحلة، التعرف على وصف الرحالة القدماء للبيت العتيق، ومكة المشرفة، والشكل الذي لفت انتباهك في هذه الرحلة عندما توصف تلك الأماكن؟
سليمان القريشي: في مراحلها اريد ان انبه ، الى ان الرحالة قد حرص على ان يكون عيناً لقارئيه، انه حرص على نقل كل مارآه بدقة متناهية، وبلغة بالغة في الدقة بوصف الأماكن والجزئيات والدقائق من مختلف الزوايا، وفي هذا الأطار، كان حرص الرحالة اشد على وصف البيت العتيق، بأعتباره مقصد هذه الرحلات وغايتها الكبرى، وفي هذا الأطار لقد جاء وصف، العياشي للبيت العتيق كما سماه، يقول في الصفحة(322) من الجزء الأول من هذه الرحلة، والأشارة فقد طلعت في جزئين فقط، في نحو الف صفحة وزيادة، يقول صفة بيت العتيق زاده الله شرفاً من داخله بيت مربع ونقص من الركن الذي عن يمين، داخل مقدار السلم نحو ثلاثة اذرع يصعد منه الى السطح، وارضه مفروشة بالمرمرالملون المجزأ، مقسوم الحيطان والسقف، بكسوة على هيئة الكسوة الخارجة في الصنعة والكتابة، مخالفة لها في اللون، فأما الخارج فسوداء كلها والداخل بياض في حمرة، وفيه مصابيح كبيرة معلقة، بعضها من الذهب وبعضها من البضار الأبيض الصافي. المكتوب بلون آزردي، وله ثلاثة اعمدة من خشب مصطفة في وسطه مابين اليمين والشمال، وكل عمود منها قد سمرت عليه الواح من عود من اسفله مقدار وقفه، وهذه صورته، وهنا يعمد العياشي الى رسم صورة للبيت العتيق بأبعادها، وزواياها.
أحمد حيدري: هل جاءت هذه الرسوم في النص الذي كتب في تلك الفترة؟
سليمان القريشي: نعم انا اعتمدت في هذا التحقيق على النسخة الخطية وللأشارة فأن هذه الرحلة قد قامت بين1661و 1663 للميلاد اي حوالي سنة 1071و 1073 للهجرة، والعياشي قد خط بيده هذه الرسومات ويبدو انها كانت متداولة ومتناقلة بين الرحلات وكتب الجغرافيا وسواها، اما ماشد انتباهي في هذا الوصف هو قدرة الباحثين اليوم على تتبع مختلف اطراف تطور العمارة والمجال في الحرمين الشريفين، حيث رصد كل رحالة التغييرات التي حصلت في عصره والتطورات التي كانت سواء في العمران، في البناء، في اللباس، وفي سواها، بحيث اننا نستطيع اليوم ان نرسم، او نميز، صورة شبه سنوية للتغييرات الحاصلة.
احمد حيدري: حقيقة السيد القريشي احببت ان اكمل معك في مواضيع شتى اخرى، خاصة ان لك مؤلفات اخرى، ولكن بما ان الحديث اختص بالرحلة العياشية، اتمنى ان تكون لنا حلقة اخرى كي اناقش ماكتبته وما قدمته للمكتبة، وللقراء من كتابات، فلنعود الى شخص آخر رحل عنا وهو صديق لك وشاركك ايضاً في تحقيق هذه الرحلة وهو المرحوم الدكتور سعيد الفاضلي، الذي شاركك في هذا المجهود الكبير وفي تقديم مثل هذا العمل، الذي حقيقتاً استطيع ان اصفه بالجميل جداً، والذي اتمنى ان يستمتع به القراء لمعرفة وصف المكان والعادات والتقاليد والأدب في تلك الفترة، احببت ان نتحدث ايضاً بعملية مشاركة الدكتور سعيدالفاضلي في هذا العمل، اذ قام اثنان بأنجاز هذا العمل من تحقيق ومتابعة وكتابة الى آخره؟
سليمان القريشي: في الحقيقة مشاركتي للدكتور المرحوم سعيد الفاضلي كانت بناءاً على رغبته، بأعتبار ان النصوص الرحلية الضخمة قد تتجاوز قدرة الفرد الواحد على انجازها واخراجها في حلة تليق بمكانتها العلمية، وللأمانة فأن اخراج هذه الرحلة وتحقيقها كان من اقتراحة، حيث بادر الى مفاتحتي بالموضوع وقمنا فعلاً بعد الحصول على النسخة بمباشرة العمل الذي اسميته بعد رحيله عنا متمنياً في ذاك السياق ان اكون قد وفيت بألتزاماتي تجاهه ووفقت في اخراج الرحلة، كما خططنا لها سابقاً وكما صممنا لها بدايتاً.
احمد حيدري: سؤالي الأخير هو حول الأعمال المستقبليه، اذ بالتأكيد هناك اعمال مستقبلية، ان كانت في هذا الحقل اوفي حقول اخرى؟
سليمان القريشي: نعم، بالنسبة لأعمالي المستقبلية في مجال الرحلات فقد حققت رحلة الطيب بن كيران، وهي الآن تخضع للطبع والنشر، واشرع في ذاتي الآن في تحقيق رحلة الهشتوكي، وهذا رحالة مغربي عاش في القرن الثاني عشر للهجرة، معتمداً في ذلك على نسخة خطية بيده.
احمد حيدري: نعم، هل هناك اعمال اخرى وتريد ان تقوم بأعمال مستقبلية اخرى ترتبط بهذا النوع من الأعمال؟
سليمان القريشي: في الحقيقة ان في زيارتي لبلدان عربية، وخاصةً اقوم ضمن ما اقوم به، بالبحث عن مخطوطات وبالمشاورة والمذاكرة مع الباحثين بهذا المجال، وقد قمت اكثر من مرة واكثر من منبر، وانا صادق في قولي هذا ومؤمن به، انني ادعو كل من يرغب من الباحثين التعاون في مجال الرحلات، بأنني مستعد لأتعاون في هذا الأطار، قصد اخراج متميز من الأعمال، والجديد منها والصعب والكبير والموسوعي، الذي يتجاوز قدرة الأفراد، مهما كان استعدادهم، ومهما كان المجال الزمني المتاح لهم، وفي هذا الأطار ايضاً فأني ارغب في تجاوز المجال العربي- الأسلامي، لأنني في هذا الأطار ايضاً اعمل على تحقيق رحلة البلوي- اللي سجل مفرق عادي، والتي حققت سابقاً في اواخر الستينيات على ماأذكر، لأبحث عن رحلات اخرى سواء في افريقيا، او آسيا او في غيرها، وفي هذا الأطار فربما رغبتي هذه تتجاوز امكاناتي الذاتية، لأن هذه المخطوطات غير متوافرة عندنا في المغرب او لم استطيع الوصول الى اماكنها المختبئة فيها.
أحمد حيدري: نتقدم في ختام الحلقة الى الضيف الكريم بالشكر الجزيل.
سليمان القريشي: شكراً لكم.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
الحج في أدب الرحلات
عبد الله بن حمد الحقيل
يعد أدب الرحلات فناً متميزاً عني به أعلام بارزون عبر مراحل التاريخ وإن الحج أمل ومطمح الكثير من العلماء والأدباء وملتقى روحي تتطلع نفوسهم لبلوغه لأداء فريضة الحج ليؤدوا ركناً من أركان الإسلام، وفيما يأتي تلخيص لرحلات إلى الحج قام بها عدد من الأدباء والعلماء والرحالة والمؤرخين الذين ألفوا كتباً في وصف طريق الحج ومشاعره المقدسة وآثاره ووصف المدينتين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولقد قامت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مشكورة بإصدار كتاب بعنوان: المؤلفات النادرة عن المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية وصدر في عام 1416هـ واشتمل قسم منه على التدوين التاريخي، والنوع الثاني عن الكتب التي تتعرض للحرمين الشريفين وكل ما يتعلق بهما وتاريخهما وعن الحج ومناسكه ومعظمها جاء على شكل كتب رحلات الحج، واستعرض في هذه العجالة شيئاً مما كتب في هذا الشأن مما يتسع له المجال وبخاصة أهم رحلات الحج.(1)
وفي ذلك يقول الدكتور عبدالله العسكر: ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنه لا يوجد مكان في العالم يؤمه عشرات الآلاف من الأشخاص كل سنة مثل مكة والمدينة، ولعل هذا الوضع هو الذي قاد إلى ما يسمى برحلات الحج، وهي رحلات تختلف عما هو معهود من رحلات كتلك التي استعرضنا بعضها.
هذه الرحلات مخصصة لنسك إسلامي هو الحج والعمرة لا تتعداه ولم يعرف أصحاب تلك الرحلات أمكنة خارج نطاق الحج ومكانه، ولم يسيحوا في الأرض ابتغاء مآرب أو بتكليف مسبق وهم لا يرحلون إلا لهذين النسكين، ومع هذين النسكين طفِق عدد كبير من الحجاج الرحالة أو الحجاج العلماء أو الحجاج طلاب العلم من اهتبال الفرصة، فأخذوا يكتبون ويؤلفون، ويدرسون وينشرون علماً نافعاً يتمحور في مجمله حول الحرمين الشريفين، وحول المدينتين المقدستين، وحول المناسك والشرائع، وحول الحج والعمرة والزيارة، وحول ما يتعلق بهذا وذاك، من مثل ملاحظة أحوال سكان المدينتين ومعاشهم وعاداتهم، أو من مثل التأليف في شعيرة لها مساس بوجود المسلم في مكة، والطرق والمسافات في مكة والمدينة، بل كان البعض يجمع بين الحج والعناية بالأثر والدراية بالرواية على يد مشايخ البلدين الشريفين، وبعض من المقيمين أو المجاورين من الرحالة يسجلون لأساتذتهم تراجم ومعلومات لا تتوافر إلا في مثل هذه الكتب. ومن هنا توافر لنا اليوم عدد وفير من المؤلفات التي تندرج تحت مسمى كتب الحرمين الشريفين.
ويظهر أن الرحالة الحجاج من المغرب العربي والأندلس يأتون في المقدمة مقارنة بإخوانهم من بقية البلاد الإسلامية في هذا الشأن. فقد رصد الشيخ حمد الجاسر حوالي سبعين اسماً وأثراً من القرن الثالث الهجري حتى القرن الرابع عشر الهجري وكلهم من الأندلس والمغرب قدموا إلى الحجاز لأجل الحج والزيارة وخلفوا تآليف، بعضها مطبوع وبعضها مخطوط، ويحسن أن نستعرض أهمها:
ففي القرن الثالث الهجري برز عدد من رواد الرحالة منهم الحاج زكريا بن خطاب التطيلي وصل مكة سنة 295هـ، وسمع في مكة كتاب النسب للزبير بن بكار، وفي القرن الرابع يأتي العلامة محمد بن عبدالله بن يحيى (ت 339هـ) اشتغل في الأندلس بالقضاء والتدريس والتأليف.
وقد زار مكة وأقام بها مدة تلقى العلم فيها على يد ابن المنذر والعقيلي. وفي القرن الخامس نجد عبدالوهاب بن محمد القرطبي (ت461هـ) أقام بمكة مدة سمع فيها الحديث والسيرة.
وفي القرن السادس نصادف محمد بن عبدالله العربي (ت 543هـ) وهو من أئمة المالكية المشهورين، وله تصانيف كثيرة. وقد دون رحلته إلى الحجاز، ومنها قطعة نشرها الدكتور إحسان عباس في مجلة الأبحاث. وفي هذا القرن يأتي ابن جبير الرحالة المشهور الذي سبق أن مر معنا، ورحلته مشهورة ومطبوعة، وله أحاديث شيقة عن مكة والمدينة، وبخاصة الجوانب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي القرن السابع الهجري برز محمد بن عمر بن محمد المعروف بابن رشيد (ت 721هـ) وهو من أشهر علماء الأندلس. وتعد رحلته عن الحجاز التي سماها (ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين إلى مكة وطيبة) التي جاءت في خمسة أجزاء من أوسع وأمتع الرحلات. وركز في رحلته على الناحية العلمية في الحجاز وعلى العلماء.
ومن رحالة هذا القرن أيضاً محمد بن محمد علي العبدري الذي وصل إلى مكة سنة 689هـ ويظهر أنه استفاد كثيراً من رحلة ابن جبير، ولكنه أضاف أشياء لم يذكرها. وقد طبعت رحلته في الرباط بتحقيق الشيخ محمد الفاسي سنة 1388هـ، ومن الرحالة في هذا القرن الصفدي، واسمه خليل بن ايبك (ت 764هـ)، وقد سماها (حقيقة المجاز إلى الحجاز) وما زالت مخطوطة وفيها معلومات كثيرة.
وفي القرن التاسع الهجري فإن الرحلة التي قام بها أبو الحسن علي القلصادي الأندلسي (ت 891هـ) تأتي في مقدمة رحلات هذا القرن، وقد وصل القلصادي جدة في سنة 851هـ واستغرقت رحلته سنة كاملة، وقد نشرت هذه الرحلة بعناية الأستاذ محمد أبو الأجفان في تونس سنة 1399هـ.
وفي القرن العاشر الهجري تأتي الرحلة الموسومة بالدرر الفرائد المنظمة للشيخ محمد عبد القادر الجزيري المصري الحنبلي المتوفى سنة 975هـ، وفي هذه الرحلة وصف صاحبها رحلته من القاهرة إلى الحجاز بطريق الساحل، وقد نشرها العلامة حمد الجاسر في ثلاثة أجزاء.
ويشهد القرن الحادي عشر الهجري عدداً من الرحالة الحجاج نأخذ منهم ثلاثة كل منهم دوّن رحلته، منهم أبو سالم عبدالله بن محمد العياشي الفاسي (ت 1090هـ) صاحب الرحلة العياشية التي دعاها باسم (ماء الموائد) وتعد من أوفى الرحلات، وفيها وصف شامل للحجاز في القرن الحادي عشر الهجري من جميع النواحي الاجتماعية والعلمية والدينية والاقتصادية والسياسية، وفيها قصص وأخبار وطرائف تنسب للحجازيين. وقد اهتم العياشي بالمزارات والقبور، ونهل من هذه الرحلة عدد كبير من رحالة المغرب والأندلس الذين جاؤوا بعد العياشي، وهي مطبوعة ونشرت سنة 1397هـ، ثم تأتي رحلة الناصرية لصاحبها الشيخ أحمد بن محمد بن ناصر الدرعي (ت 1192هـ)، والرحلة ممتعة جداً وقد اعتمد فيها صاحبها على رحلة العياشي، وفيها أشياء طريفة، وطبعت الرحلة في فاس سنة 1320هـ.
والرحلة الثالثة للشيخ عبدالغني بن إسماعيل النابلسي الدمشقي (ت 1143هـ)، وهذا الرحالة العلامة له تصانيف كثيرة في علوم متعددة، وله تصانيف في الرحلات تبلغ ثلاثة مؤلفات. منها رحلته إلى الحجاز التي أسماها (الحقيقة والمجاز في رحلة الشام ومصر والحجاز) والطريف في هذه الرحلة أنه ألفها على طريقة كتابة المذكرات اليومية، فجاءت على شكل أيام. وكان نصيب الحجاز مئتين وخمسة أيام من مجموع أيام الرحلة التي بلغت ثلاثة مئة وثمانية وثمانين، والرحلة ممتعة وفيها معلومات وآراء وهي لم تطبع بعد.
وهكذا قام عدد كبير من علماء العرب والمسلمين بزيارات لهذه الأمكنة المقدسة وتدوين رحلاتهم مما أوجد كماً هائلاً من المعلومات الثرية في شتى المجالات حافلة بالتحليل العميق ومفعمة بالرؤية والانطباعات والملاحظات المتعددة والزيارات الميدانية والمشاهدات الشخصية، وفي الحلقات القادمة نستعرض عدداً من تلك الرحلات، هذا وبالله التوفيق.
(1) المؤلفات النادرة عن المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، (من منشورات مكتبة الملك عبد العزيز العامة 1421هـ).
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
رحلة الرحلات
مكة في مائة رحلة مغربية ورحلة
كتاب من تأليف الدكتور عبد الهادي التازي، صدر عن مؤسسة الفرقان للتراث الاسلامي عام 1426هـ ـ 2005م، ويأتي الكتاب في سياق الاصدارات التتويجية لمكة المكرمة بوصفها عاصمة الثقافة الاسلامية للعام المذكور. وقد طالعنا الجزء الأول من الكتاب وقد حوى من التراجم لمائة رحالة مغربي زاروا مكة المكرمة ودوّنوا مشاهداتهم.
وتعود مرويات التاريخ المغربي الى أول وفادة توجّهت منذ الايام الأولى لظهور نبي الإسلام إلى مكة المكرمة للاجتماع به صلى الله عليه وسلم والاستماع اليه قبل أن يهاجر الى المدينة المنورة، ويتعلق الأمر بجماعة تتألف من سبعة رجال من قبيلة رجراجة، أشراف قبائل مصمودة كان شاكر بن يعلي بن واصل على رأسها.. وعن طريق هذه الوفادة سمعت بلاد المغرب بالاسلام أول الأمر على ما ذكره أبو عبد الله محمد بن سعيد المرغيتي السوسي المتوفي سنة 1089هـ/1678م.
ومما يستأنس به في هذا الصدد ما يوجد في صحيح الامام مسلم عن نافع بن عقبة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافوه عند أكمة، فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد، قالت لي نفسي: إئتهم فقم بينهم لا يغتالونه، قال: قلت لعله نجيّ معهم، فقمت بينهم وبينه.. الحديث.
وقد ظلت تجربة الوفادة هذه عالقة بأذهان المغاربة الى اليوم، أمراء وعلماء، وهو ما يفسر انشغال السلطان المولى إسماعيل بن الشريف 1082 ـ 1139هـ/1671 ـ 1727م الذي جمع علماء المغرب لمدارسة الموضوع وإبداء رأيهم فيه.
ومن المعروف أن المغاربة ـ منذ كانوا ـ مولعون بالرحلة الى المشرق.. يبحثون بذلك عن ذاتهم، عن منابعهم وأصولهم.. وقد سجلت تلك الاتصالات من خلال مدونات التاريخ، وكتب الفهارس، وتراجم العلماء ورجال الفضل.. من خلال كل هذه المصادر المهتمة بالغرب الاسلامي نكشف الكثير عن حياتها الاقتصادية والاجتماعية كذلك، صيفاً وشتاءً، ربيعاً وخريفاً، لماذا؟ لأن موسم الحج ـ وهو تابع للسنة القمرية ـ كان يختلف من حر الى قر، الى اعتدال..
كل مصادر تاريخ الغرب الاسلامي ـ وما أكثرها ـ كانت تهتم بلقب (الحاج)، وهي عادة معروفة من قديم لدى المغاربة، وخاصة منهم غير المنتسبين إلى آل البيت، فإن هؤلاء لا يحملون عادة لقب (الحاج) بالمغرب، لأنهم لا يحتاجون الى هذا اللقب الذي هو الحاج. كان المغاربة ـ وما يزالون ـ يحرصون على أن يضيفوا الى نعوتهم الشخصية نعت (الحاج) .. لأن المسافة الفاصلة بينهم وبين مكة المكرمة لم تكن مسافة قصيرة ولا سهلة ولا حتى آمنة.. فالذين كانوا يستطيعون أن يجتازوا إقليم برقة في ليبيا كأنهم كانوا روّاد فضاء بإصطلاح اليوم!! برقة التي ضربت بها الأمثال في الصعوبة والامتناع، هذا الى سبب آخر له ـ أحياناً ـ علاقة بالطموح الى الزعامة السياسية!! فإن هذا اللقب قد يصبح مرجعية للذين يتوقون الى منصب قيادي..!
وقد مرّت مجموعة كبيرة من رجالات الغرب الاسلامي ممن كانوا يرون أن شخصياتهم لم تكتمل عندما يذكرون أن لهم رحلة الى المشرق، وأنهم قصدوا مكة المكرمة بالذات، وحرصوا على أن (يأخذوا) عن شيوخها، وهنا تسنح الفرصة لذكر بعض الشيوخ ممن كانوا يتصدون للتدريس هناك في البيت المعمور.. وقد كانت كتب التراجم والفهارس حافلة بذكر طائفة من الرواد الذين طبعوا حياة الغرب الاسلامي بما نقلوه وبثوه في صدور الرجال. وفي صدر هؤلاء رجال عاشوا منذ القرن الثاني الهجري والثالث، وطوال القرن الرابع والخامس والسادس فيما بعد، ممن كانوا زينة المجالس وقرة العيون، فيشعر المرء وكأنه يعيش في عالم إسلامي واحد لا فرق بين مشرقه ومغربه، وهكذا فإننا نقف على أعلام شخصية قد تكون من الهند أو السند أو الصين، ينقلها أحد المغاربة الى قلب المدن الأندلسية او الحواضر المغربية او حتى تخوم بلاد السودان..
ويُذكر في هذا الصدد وفي مقدمة هؤلاء الاعلام يحيى بن يحيى الليثي المتوفي سنة 234هـ/847 ـ 848م.. هذا الذي يذكر أن أصله من برابر مصمودة، وهو راوي كتاب الموطأ للإمام مالك، وقد ارتحل الى المشرق وهو ابن ثمان وعشرين سنة.. والمهم أنه سمع بمكة المكرمة عن سفيان بن عيينة.. ويُذكر أيضاً أبو عبد الرحمن العالم الشهير الذكر الذي أثار انتباه ابن تيمية فقال: إن تفسيره للقرآن أفضل من تفسير القرطبي!! هذا هو بقيّ بن مَخلد بن يزيد المتوفي سنة 276هـ/ 886م الذي ينعته المقرّي بالأحق بالسبق والتقديم، أندلسي قرطبي .. ارتحل الى المشرق ولقي كبار القوم، وسمع عدداً عظيماً من الشيوخ بمكة المكرمة والمدينة المنورة ومصر ودمشق وبغداد. ويذكر أيضاً أبا عبد الله محمد بن عبد السلام القرطبي المتوفي سنة 286هـ/899م رحل قبل الاربعين ومئتين، فحج وسمع بمكة المكرمة من محمد بن يحيى العدني وغيره. ومن هؤلاء أيضاً أبو يحيى زكريا بن خطاب الكلبي التّطليلي الذي رحل عام 293هـ، فسمع بمكة المكرمة كتاب (النسب) للزبير بن بكار وغيرهم. ومنهم أيضاً أبو زكريا يحيى بن عبد العزيز القرطبي المعروف بإبن الخزار المتوفي سنة 295هـ، وقد قام بالرحلة الى المشرق وسمع بمكة المكرمة من علي بن عبد العزيز، وكانت رحلته ورحلة سعيد بن عثمان الأعناقي، وسعيد بن حميد، وإبن أبي تمام واحدة، يضاف اليهم أعلام آخرون مثل أبو محمد قاسم بن ثابت العوفي السرقسطي المتوفي سنة 302هـ الذي كان أول من أدخل كتاب (العين) الى الأندلس، ومنهم ابو عبد الله بن محمد بن ابراهيم بن حيّون من أهل وادي الحجارة، وفيه قيل: لو كان الصدق إنساناً لكان إبن حيُّون، ومنهم القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي عيسى المتوفي سنة 314هـ، عَلَمُ الأندلس وعالمها الندس. ومنهم القاضي منذر بن سعيد البلوطي قاضي الجماعة بقرطبة، وكان تحفة زمانة علماً وحصافة رأي، وصلابة موقف وأريحية سلوك ومنهم علامة فاس الشهير الأثير درّاس إبن اسماعيل، والشيخ المعروف أبو جيدة بن أحمد الفاسي اليازغي، ومنهم القاضي ابو بكر محمد ابن اسحاق، الشهير بإبن سليم، ومنهم ابو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي، إليه ينسب درب (بو حاج) بفاس (الطالعة الكبرى، ومنهم أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد بن يوسف بن خلف الانصاري، من أهل مالقة ويعرف بابن صاحب الصلاة وبإبن الحاج، وقد تحدث عنه ابن الأبّار في التكملة وابن عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة.
وكان مصحف رائق الصنعة كتبه ونمقه أحمد بن الحسن البلياني التلمساني الكاتب المحسن قد أوقف بالحرم المكي، وهناك رسالة صادرة من العاهل المغربي يوسف بن يعقوب مؤرخة في الحادي عشر من صفر سنة 703هـ الى أمغار (كبير الأشراف) يطلب اليه أن يعين ثلاثة رجال من بين الأشراف المغاربة ليتوجهوا الى مكة المكرمة مع من يتوجه برسم حمل الربعة القرآنية، ومما يجدر ذكره، أن شريف مكة المكرمة على ذلك العهد أبا نُميّ بعث بوفادة الى العاهل المغربي جاءت مع الركب الذي كان قد حمل المصحف الى مكة المكرمة، وكانت الوفادة برئاسة إبنه لبيدة، حيث نجد أن الوفادة تلقى ضروب التكريم خلال زيارتها لمختلف أقاليم المغرب.
إن كتاب الدكتور التازي حول الرحلات المغربية حوى معلومات ثرية وقيمة حول التاريخ العلمي لمكة المكرمة كما دوّنه الرحالة المغاربة وما تركوه من لوائح لعدد من العلماء والمشائخ الذين كانوا يعقدون لهم مجالس طوال اليوم حتى الليل على ضوء الشموع والمصابيح، بل زادوا على ذلك بأن سجّل الرحالة معلومات حول الفئات الحاكمة والمتنفذة في المنطقة ممن عرفوا في التاريخ بأشراف الحجاز، إضافة الى انواع الانتاج الزراعي للمنطقة، وهكذا معلومات جغرافية وتراثية عن مكة المكرمة.
واذا عرفنا أن إبن جبير ومعه زميله ابن بطوطة كان مرجعاً للحجاج المغاربة في الفترة السابقة من التاريخ فإن علينا أن نعرف أن أبا سالم العياشي غدا بالنسبة للمغاربة مرجعاً قوياً في الفترات اللاحقة. ويلزم الالتفات الى أن الكثير ممن دونوا حلاتهم ينتمون الى طبقات مختلفة فمنهم العلماء والمؤرخون والأدباء والشعراء والأمراء والزعماء، وكانت الرحلات قد رُتبت من لدن الباحثين السابقين على نحو لا يخلو من تهافت .. أحياناً حسب تاريخ الرحلة، وأحياناً حسب مؤلفيها أو حسب عناوينها .. وقد أحال المؤلف على مصادر الرحلة ومراجعها بوصفها تراثاً إسلامياً وحضارياً، وسجّلها شعوراً منه بأن أدب الرحلات في طريقه الى الاختفاء، وتحريكاً لهممم الذين يرغبون في أن يعرفوا عن أطارف الأمس البعيد والقريب ..
وقد اخترنا من رحلات المغاربة ما دوّنه العياشي في رحلته الى مكة المكرمة كونها حوت معلومات قيّمة عن تاريخ مكة المكرمة واحوالها الاجتماعية والسياسية والثقافية.
رحلة العياشي
(1091هــ/1679م)
وهو أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي المتوفي سنة 1090هـ/1679م، من أعيان علماء المغرب وقد حج ثلاث مرات أعوام 1059هـ ـ 1064هـ ـ 1072هـ. وعن الحجة الثالثة ألّف رحلته، وقصد أن تكون ـ الى جانبها الموضوعي ـ ديوان علم، وبذلك طالت حتى استوعبت سفرين.. وتعرف بالرحلة الكبرى، وتحمل عنواناً هو (ماء الموائد)، وله رحلة تعرف بالرحلة الصغرى، وربما حملت عنوان (التعريف والايجاز ببعض ما تدعو الظروف إليه في طريق الحجاز)..
وهذه الرحلة المغربية كتبها لتلميذه أحمد بن سعيد المجيلدي وهو في بدء طريقه للحج سنة 1068هـ/1658م حيث زوَّده بإرشاد عن الأمتعة التي يصحبها معه، وعن طريق الحج ومنازله وعرَّفه بمراكز المياه الصالحة، وبالمشتريات النافعة مع الأعلام الذين ياخذ عنهم والمزارات التي يقصدها.. وقد ترجمها الى اللغة الفرنسية الاستاذ محمد الأخضر.
وتعد رحلة العياشي (ماء الموائد) من أهم الرحلات المغربية وأكثرها إنتشاراً، لأنها أكثر مادة وتنوعاً، وقد طفق الرحالون من اللاحقين ينقلون عنها من دون أن يرجعوا الى مصادر أخرى أحياناً.
وفي رحلة العياشي التي قام بها الى مكة في ذي الحجة من سنة 1072هـ (1662م)، حيث وصل مكة آتياً من ينبع عشية يوم السبت خامس يوم من الشهر المذكور. ويسجّل العياشي أن الركب المصري دخل مكة قبله في اليوم الرابع، والركب الشامي في اليوم السادس.. ملاحظاً أن أهل الركب عانوا من قطَّاع الطرق (الحرامية) شدة، حتى أشرفوا على الهلاك! ودفعوا للأعراب مالاً كثيراً نحو مئة ألف بعد ما انتهب من ركبهم كثير وقتل أناس.. وقد وصل بعد هذا الركب العراقي في اليوم الثامن..
لقد إضطر اصحاب العياشي الى النزول وسط المقبرة بالحجون.. لم يجدوا مكاناً غير ذلك والأركب قد ملأت خيامهم السهل والوعر.. قبل أن يكتروا منزلاً بقرب باب إبراهيم من صاحبه الشيخ محمد الغدامسي بإثني عشر ريالاً تاركين الخباء والربل وبالحجون.
وأتى الى المسجد وقد حان الغروب، وكادت تطير من الفرح القلوب، فدخلنا فرحين مستبشرين من باب السلام، وشاهدنا البيت العتيق الذي تزيح أنواره كل ظلام، وقد تدلَّت أستاره وأشرقت أنواره، وقد شمّر البرقع عن أسافله، حتى لا يكاد الطائف يناله بأنامله، يفعلو ذلك في أول ما تقدم الوفود، ولا يطلقون الأستار حتى تعود.. الى أن يقبِّل العياشي الحجر الأسود، ولم يبال بما ناله من الازدحام (والمورد العذب كثير الزحام)، ويطوف ويقف بالملتزم ويشرب من ماء زمزم.. وخرج لقضاء شعيرة السعي من باب الصفا.. ثم أتى المروة في زحام كثير في السعي، لأن المسعى من أسواق البلد العظيمة فيتضرر الساعي بذلك كثيراً..! وهكذا يرفع العياشي عقيرته بالشكوى من وجود هذا السوق في المسعى قائلاً: (ولو قيّض الله الأمراء لمنع الناس من التسوق فيه أيام الموسم لكان في ذلك نفع كثير).
وقد لقي العياش في مكة المكرمة شيخه العلامة عيسى بن محمد الثعالبي الجعفري المغربي المجاور الذي خصص له من رحلته حيزاً كبيراً، ولم ينفك ذاكراً له ومشيداً به.
وفي اليوم الثامن رحلوا الى منى حيث نزلوا على مقربة من مسجد الخيف في سفح جبل ثبير، وهنا قضوا ليلهم على ما هو، ويتحرك العياشي من هذا الموضع الى ذاك من عرفات رجاء بركة الواقفين، واستمر على ذلك حتى غابت الشمس ونفر في أخريات الناس.. ومرة أخرى يحكي أنه لما غاب القمر، وهو بالمزدلفه، أخذ السرَّاق يرمونه بالأحجار من الجبل القريب منهم.. ثم الى مكة حيث يقوم بالمناسك الى أن يهيىء الله لهم من يحلق لهم بطريقة شرعية.
وقد تمكَّنوا من دخول البيت الحرام قبل أن يغلق، إنهم يفتحونه هذا اليوم لتعليق الكسوة الجديدة، ولا ينصب سلّم للدخول، وانما يدخل من تكلف للصعود بمعين أو بخفه أعضاء، على نحو ما سيقوله الآخرون بعد العياشي، وكانت له فرصة له ليصف داخل البيت الحرام بما اعتدنا أن نقرأه في المؤلفات الجارية.. وقد أورد رسماً للبيت في الرحلة مما يؤكد الحس العلمي عند العياشي.
ويقول العياشي: إن إمعان النظر في داخل البيت الحرام يعتبر من قلة الأدب، وهو ما قاله بعض من قبله ويردده بعض من بعده.
وبعد العودة إلى منى والمبيت بها .. يخبرنا بأنه من الغد عمرت الأسواق، وكثرت الأنفاق، وتزاحم الناس على الشراء رجاء بركة ذلك المكان. وبعد الفراغ من الرمي زار منزل أبناء شيخه تاج الدين، فصادف عندهم شيخه أبا مهدي عيسى الثعالبي السالف الذكر، حيث مكث عندهم برهة من الزمان حتى حضر الطعام.
ولم يفت العياشي أن يتحدث بدوره وهو في منى عن تنافس أهل الشام ومصر في إيقاد المصابيح واتخاذ الخيام .. والاكثار من الرمي بالمدافع والبنادق والمحارق المرتفعة في الجو .. وكان السلطان زيد يشاركهم على نحو ما يفعلون.
وقد اجتمع العياشي بالشيخ جمال الدين الهندي، بالمدرسة الداودية، جمعه به شيخه وصاحبه الشيخ علي باحاج اليمني بعد ما كان سأله العياشي عمّن هو اليوم في الحرمين أفضل من الطائفة النقشبندية.. دلّني عليه وعلى رجل آخر من أصحاب الشيخ تاج الدين، الا أن الشيخ جمال الدين أكثر منه عبادة وزهداً (لا مال ولا أهل)، ويخبرنا العياشي أنه أخذ عن الشيخ جمال الدين طريق السادة النقشبنديين، وذكر أنه تلقى الذكر على طريقة السادة النقشبندية وألبس الخرق الثمانية .. لقد كان العياشي يستعد للإعتكاف والمجاورة، وقد اعتذر العياشي عن عدم استيعاب الاماكن الفاضلة في زيارته لمكة لشدة الحر، واعداً أنه سيذكرها عند قيامه بالمجاورة.
لقد أخذ الحجاج المغاربة في الرحيل من مكة المكرمة في العشرين من ذي الحجة، ويسجل العياشي أن اخاه عبد الرحمن تعب في الطريق من شدّة الحر (خامس أغسطس)، وكان أخوه هذا هو السبب في قرار العياشي بأن يبقى هناك للمجاورة.. ويعود أبو سالم العياشي بعد المجاورة في المدينة الى المكة في شهر الصيام، وهكذا خرج من المدينة ضحى يوم الثلاثاء، وهنا أخذ مرة أخرى ينوه بمكة وما تشتمل عليه من مشاهدة البيت والطواف به وأداء المناسك من حج وعمرة وغير ذلك..
ويلاحظ العياشي أن ما يكون معتاداً أيام الموسم من السرقة والنهب والحرابة يختفي في غير الموسم الذي يجتمع فيه الناس والأوباش من كل مكان!!
ومما سجّله العياشي في رحلته ما جرى في شعبان سنة 1037هـ (مارس عام 1663م)، وسنختار أهم المقتطفات في حادثة السيل التي وقعت في مكة في تلك السنة، يقول العياشي:
(لقد خرَّب السيل غالب أسواق مكة وهدّ دوراً كثيرة، وأتلف أموالاً عظيمة، ومات فيه أناس، وهدم دور بعض أرباب الدولة على ما قالوا، ودخل المسجد الحرام، وكان أكثر دخوله من باب الصفا والأبواب الموالية له التي تلي دار الإمارة، وذلك أن السيل المنحدر من أعلى مكة لما قابل دار الامارة لقيه سيل آخر مثله في العظمة نازل من الوادي الذي وراء جبل الحزورة، وخرج قريباً من دار الامارة، فالتقى السيلان هنالك، وتصادفا وحصر كل منهما الآخر! فانكفأ الماء راجعاً، وقد غفل الناس عن إغلاق الأبواب فدخل المسجد حتى امتلأ المسجد كله، وارتفع الماء فيه الى أن ذهب بقناديل المطاف كلها! وما في المسجد من دواريق وبُسُط، وارتفع على قبة المقام، وعلى سطح زمزم الأدنى، وارتفع في البيت سبعة عشر شبراً على ما قال لي من شبّر ذلك، وبلغ حلق الباب وملأ كل البيت وخزانة في المسجد، وكان ذلك كله ما على ما زعموا ساعة زمنية أو أقل!
وأضاف.. وانهمر المطر كأفواه القرب، فما جاء وقت العصر حتى امتلأ المسجد ماءً ولا قلع المطر، ولم يقدر أحد على الوصول الى البيت بقية ذلك اليوم والليل كله وفي الغد الى الضحى، ولم يهتد أحد من الناس لموضع البلاليع التي في المسجد المعدة لخروج الماء، حتى جاء السلطان زيد بنفسه ودلّهم على أماكنها. فغاص الناس الى مجالها حتى فتحوها وخار الماء ونقص..
ويضيف العياشي وقد أخبرني من شاهد السيل الذي وقع سنة تسع وثلاثين وألف أنه لم يبلغ ما بلغ هذا السيل، ولكن الله سلّم فيه البيت لوثاقة البنيان وكونه قريب العهد، الا أنه زلزل الرخام الذي فرش به البيت من الداخل، وحركه حركة باينت بعضه من بعض... وأمر السلطات بإغلاق الحوانيت، واجتمع اهل مكة كلهم واجتهدوا في إخراج ما أمكن من التراب والأحجار والطين، وعمل فيه الناس كافة حتى السلطان بنفسه وأولاده وأقاربه.
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
الرحلات والرحالة المسلمون
اصطلاحا: هي الرحلات البرية والبحرية التى قام بها الرحَّالة المسلمون، وقد تنوعت بتنوع أغراضها، ومن تلك الأغراض: التجارة أو طلب العلم أو الحج، ومن أهم دواعيها الكشف وحب استطلاع المجهول.
وبعد نمو الدولة الإسلامية على متسعات من آسيا وأفريقيا وأوربا، ومن يسكنها من شعوب وحضارات وعقائد ولغات مختلفة، ظهرت الحاجة إلى معرفة العالم الإسلامى والعوالم المجاورة له، كما أن بعض الرحالة كانت تحدوهم أغراض سياسية كمقدمة للتوسع، أو تغليب مذهب على آخر كما حدث عندما صارت هناك دول إسلامية سنية وأخرى شيعية.
وقد ترتب على الرحلة الإسلامية نمو أسس معرفية لعلوم عديدة أخصها الجغرافيا والنقل والأنثروبولوجيا والاجتماع والسياسة، وبدايات علم الخرائط التفصيلية للأقاليم بدلا من الاعتماد على خريطة العالم التى رسمها بطليموس الجغرافى السكندرى فى القرن الثانى الميلادى، والشىء نفسه تكرر فى العصر الحديث الذى بنى فيه الأوربيون علومهم على معارف المسلمين، وهذه هى سُنَّة البناء العلمى فقد بنى المسلمون علومهم على معارف سابقيهم من روم ويونان وفرس وهنود إلخ..
وقد ترتب على الرحلات التى قام بها الجغرافيون ظهور أنواع متتالية من التأليف، وأول الجغرافيين العرب كان الخوارزمي (ت 850م) الذي كان متأثرا بجغرافية بطليموس.
وفي القرنين التاسع والعاشر الميلاديين ظهرت كتب كثيرة تحت مسمى "المسالك والممالك" مثل اليعقوبي (ت 897م) الذي اهتم بما نسميه الآن الجغرافيا البشرية، وابن خرداذبة (ت: 912م) اهتم بالطرق والمسافات في كتابه "المسالك"، والبلخي (ت: 934م)، وابن فضلان (بدأ رحلته إلى نهر الفولجا عام (921م)، والاصطخرى كَتَبَ المسالك والممالك (933م) والمسعودى (ت: 957م) صاحب "مروج الذهب" الذى تضمن وصفا لاستدارة الأرض ومظاهرها الطبيعية وحضارات الماضى وشعوبه وبلاد الإسلام، والمقدسى الذى أعطى للظاهرات المختلفة ألوانا خاصة على الخرائط وكتب "أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم" بترتيب وتدقيق.
وكان ابن حوقل أكثر الجغرافيين الذين ارتحلوا فى تلك الفترة، وبلغ زمن رحلته نحو 32 سنة غطى فيها مشارق العالم الإسلامى ومغاربه، فهو بدون منازع شيخ الرحالة، وكتب "صورة الأرض" (977م).
وفي القرنين 11 و 12م، برز من بين الرحَّالة الشريف الإدريسى (ت: 1166) صاحب خريطة العالم على قرص كبير من الفضة التى حلت محل خريطة بطليموس كأساس محدث يستند إليه إلى أن جاءت الكشوف الجغرافية ابتداء من القرن 160م. كما كتب "نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق".
أما ناصر خسرو (ت: 1061م) وكتابه "سفر نامه" فيتضمن معلومات دقيقة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد بين فارس ومصر قبيل الغزوات الصليبية، وابن جبير الأندلسي (ت. 1217م) قدم لمصر والحجاز والشام فى ثلاث رحلات طوال أوسطها بعد فتح صلاح الدين للقدس مباشرة، ولم يصلنا من كتاباته إلا القليل من الرحلة الأولى، ثم ياقوت الحموي (ت: 1229م) صاحب "معجم البلدان"، وهو اتجاه بحثى هام وغير مسبوق، حفظ لنا الكثير من أسماء وأبحاث الجغرافيين السابقين الذين فقدت أعمالهم، أما العلامة البيروني (ت: 1048م) فلم يكن جغرافيا، لكنه أجاد فى الجوانب الفلكية والجغرافيا الرياضية.
وأنجب القرن 14م أمير الرحالة المسلمين ابن بطوطة (ت: 1377م) الذى قضى نحو 25 سنة فى رحلته الأولى من المغرب إلى الصين، كما ظهر فى الفترة ذاتها عالم الاجتماع وفلسفة التاريخ ابن خلدون (ت: 1406م) في كتابه الشهير "ديوان المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والعجم والبربر"، وتجلت عبقريته فى مقدمة الكتاب التي تعد فلسفة فى العلوم الاجتماعية والعمرانية والسياسية.
أ. د/ محمد رياض
المراجع
1- "جغرافية العرب فى العصور الوسطى" عبد الفتاح وهيبة - الجمعية الجغرافية المصرية 1960م.
2- "الجغرافية والرحلات عن العرب" - نقولا زيادة دار الكتاب اللبناني - بيروت 1962م.
3- " الجغرافيون العرب" مصطفى الشهابى دار المعارف، سلسلة اقرأ عدد 230 القاهرة 1962م.
4- "تاريخ الأدب الجغرافي العربي" إغناطيوس كراتشوكوفسكي نقله إلى العربية صلاح الدين عثمان هاشم الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1963م.
5- "جهود الجغرافيين المسلمين فى رسم الخرائط عبد العال الشامى الجمعية الجغرافية الكويتية 1981م.
6- "إسهامات بعض الرحالة العرب فى الدراسات الأنثروبولوجية المبكرة مجلة "دراسات" أحمد الربايعة مجلد 10، عدد1، عمان 1983م.
7- " الجغرافيون والرحالة المسلمون، مينورسكى، م. ف.
ترجمة د. عبد الرحمن حميدة، الجمعية الجغرافية الكويتية، عدد73، الكويت 1985م.
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
باحثون وأكاديميون
مجلة
(العربي)
رسخت أسلوبا فريدا في أدب الرحلات
الثقافة والفنون والآداب
16/01/2008م
قال باحثون وأكاديميون اليوم ان مجلة (العربي) رسخت أسلوبا فريدا في أدب الرحلات إضافة إلى سعيها الدائم الى تطويره بما يتوافق مع معطيات العصر من تقنيات سردية ورؤى ابداعية.
جاء ذلك في جلسة بعنوان (مجلة العربي .. حلقة الوصل مع العالم) ضمن ندوة (مجلة العربي .. نصف قرن من المعرفة والاستنارة) التي تنظمها المجلة بمناسبة مرور 50 عاما على صدورها.
وقال مدير الإعلام في مكتبة الاسكندرية الدكتور خالد عزب في كلمة عن أدب الرحلات في مجلة العربي ان الاستطلاعات المصورة التي تقدمهت المجلة "لم تكن محلا للسرد المتتالي من الراوي للرحلة بل كانت مدرسة رسخت أقدامها عبر سنوات"، وأضاف في ورقة عنوانها (إحياء أدب الرحلة في مجلة العربي) ان الاستطلاعات المصورة التي تنشرها المجلة "نموذج مستمد من أدب الرحلات الذي طالما برع فيه العرب وألفوا عنه مؤلفات شهيرة" موضحا أن (العربي) استهلت عددها الأول بفكرة صحفية مبتكرة "فهي جمعت بين الصورة والتحقيق"، وأوضح ان المجلة عرفت المواطن العربي على وطنه "لأنه كان يجهل وطنه تماما لاسباب عدة اولها الفقر المتفشي والثاني الجهل ثم الاستعمار" موضحا أن الناس لم يكونوا ينتقلون من بلد عربي الى آخر سوى بصعوبة.
وأكد عزب أن الاستطلاع المصور لمجلة (العربي) "لعب دورا ثقافيا وتثقيفيا لانه أشبع حاجة القارىء العربي الشغوف الذي كان في نهاية الخمسينات وبداية الستينات يسمع حديثا مدويا وملحا عن القومية العربية والعروبة".
وقال إن (العربي) سهلت للقارىء أن يسافر على الورق بين ربوع الوطن العربي ويكشف خفاياه وأركانه وجوانب عن الثقافة والعادات والتاريخ والمكان .. فهو ينتقل مع العدسة المصورة الى أماكن يندر الوصول اليها أو يتعذر".
من جهته طالب استاذ التاريخ في جامعة بنسلفانيا الأمريكية الدكتور آرثر غولد سميث من المتخصصين في تاريخ الاسلام والحضارة العربية "تصحيح الأغلاط وتصديق البيانات التاريخية، والكف عن استغلال المعرفة، إرضاء للحكام ولأصحاب السلطة أو القوة في بلادنا".
وقال سميث في ورقة عنوانها (أدب الرحلة .. عربي في الغرب): إن بعض المستشرقين "اهتموا بالطعن في الحضارة العربية لأغراض دينية أو سياسية أو شخصية"، وأشار إلى النضال العربي ضد المستعمر الغربي قائلا "لقد كتبت منذ 40 سنة رسالة الدكتوراه عن الحزب الوطني في مصر ودور الزعيم محمد فريد"، مشيرا إلى أن فريد نشر كتابا بعنوان (من مصر إلى مصر) ركز فيه على عدة وقائع أبرزها ملاحظاته على الجامع الأموي في قرطبة عام 1901 وانطباعاته عن الحكم الفرنسي في الجزائر إضافة إلى حضوره مؤتمر المستشرقين الدولي في الجزائر عام 1905.
وأوضح أن فريد وعبد العزيز جاويش تحدثا في ذلك المؤتمر "إلا أن ملاحظاتهما وكلامهما لم يطبع ضمن أعمال وكلمات المؤتمر" موضحا ان هذا الاسلوب اتبعه بعض المستشرقين "من اجل تعضيد سياسة الاستعمار الغربي".
أما أستاذ التاريخ في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور نواف الجحمة فذكر في ورقة عنوانها (رحلات العربي .. أوروبا مرآة الآخر) ان مجلة العربي تشكل احدى المحطات البارزة في أدب الرحلات الصحفية في تاريخنا المعاصر، وأضاف إن (العربي) تشكل أيضا "إحدى البؤر التي وفرت لأبنائنا الأسباب الموضوعية من أجل المساهمة في هذا النوع من الانجاز الأدبي الرفيع الموسوم بالمغامرة والمعروف بأدب الرحلات" موضحا أن رحلات مجلة (العربي) "تقدم صورة ثقافية مختلفة"، وأشار الدكتور الجحمة الى أبرز ملامح أدب الرحلات في مجلة (العربي) بالقول إنها تجلت في ثلاث نقاط رئيسية الأولى عدسة المجلة التي قدمت بلاغة بصرية وتجليات أيقونية بالتقاطها أبرز المعالم في الدول الأوروبية والثانية هي صور أوروبا ومعالمها الحضارية حيث أولت أوضاع المجتمعات الأوروبية عناية كبيرة ولاسيما الحياة اليومية، وأضاف: إن النقطة الثالثة تتمثل في الرؤية النقدية لصورة الآخر باحداث نقلة في النظرة النقدية للغير وفي الاشارات النصية والمعطيات الاجتماعية والدينية بحيث تعطي تفسيرا واقعيا "يكسبه طابع اللا انبهار".
وأوضح ان مجلة (العربي) "تحررت من عقدة الصور النمطية الموروثة للآخر الأوروبي التي نقلها التنويريون بوصفهم (هم المتقدمون ونحن المتخلفون)، بل أصبح أفق الرؤية للآخر أكثر رحابة وأمعن واقعية وموضوعية وهذا هو مغزى شعار الرحلة .. العربي عيونك على العالم".
من جهته قال الكاتب والروائي السوري نبيل سليمان إن أدب الرحلات "ملتقى معارف وأشكال شتى، وهو جنس مركب وكلي وشمولي تعبره الأجناس الأخرى ليغدو جنس الأجناس أو جامع الأجناس"، وأضاف سليمان في ورقة عنوانها (أدب الرحلات في مجلة العربي) إن تقصي الأدب في نص الرحلة "ان الرحلة لا تحضر مستقلة دوما، بل قد يتخللها الرواية أو المسرحية أو السيرة الذاتية".
ونوه بعدد من الاستطلاعات التي نشرتها مجلة (العربي) والتي تجسدت فيها المقومات الفنية لأدب الرحلات اضافة الى استطلاعات أخرى جسدت الخطاب السردي المليء بالتخييل والوصف والخبر وغيره.
وتمنى سليمان على إدارة تحرير مجلة (العربي) أن تصدر كتابا ورقيا أو إلكترونيا يضم جميع الرحلات التي قامت بها (العربي) في مختلف أقطار العالم.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
يبدو أنّ المنْجَز الإبداعي العربي في أدب الرحلة لم يحقّق من التراكم النصوصي ما يسمحُ باتخاذه مادة للفعل النقدي، لذلك قلّ حضور دراسات جادة من هذا النوع في النقد العربي بَلْهَ الجزائري؛ فإذا ما استثنينا الجهد الواضح الذي بذَلَهُ الدكتور عمر بن قينة في كتابيه: (اتجاهات الرحالين الجزائريين في الرحلة العربية الحديثة ) و(الشكل والصورة في الرحلة الجزائرية الحديثة)، الصادريْن سنة 1995، والتفتنا إلى غيره، فإننا لا نكاد نرى إلاَّ الخَلاَء !.
في هذه المفازة الخالية ، ووسط هذا الفراغ العلمي الرهيب ، تشقُّّ الباحثة الجزائرية الجادّة الواعدة (الخامسة علاوي) طريقها الشاق إلى أدب الرحلات (أو الأدب الجغرافي كما يسميه المستشرق الروسي اغناطيوس كراتشكوفسكي، أو الأدب السياحي كما سمّاه – مؤخرا – الناقد الجزائري الكبير عبد الله الركيبي في رحلة علمية عسيرة، تعْتوِرها عقباتٌ كأْداء، شاقة المصْعد ، صعْبةُ المرتقى، مادتُها (الرحلة الأدبية)، وموضوعُها(العجائبية): أحلاهما مُرّ، وأَسْهلُهما صعْب؛ فكلاهما مُرْدَفٌ بعشرات علامات الاستفهام والتعجب في ذاكرة المتلقي … من هنا، وضمن هذا السياق، يكتسي كتاب (العجائبية في أدب الرحلات) قيمة نوعية عالية في المسار الثقافي الجزائري خصوصا، والعربي عموما.
صدر الكتاب عن منشورات جامعة قسنطينة، سنة 2006، في 220 صفحة وينبني على مدخل ثلاثة فصول، يتقصى المدخل أدب الرحلات مفهوما وتجنيسا، بينما يحيط الفصل الأول بجملة من المفاهيم النظرية المتعلقة بالأدب العجائبي (العجائبية لغة، العجيب في التراث العربي، العجيب في الثقافة الغربية، الحدود المتاخمة للعجيب والغريب عند تودوروف، ترجمة المصطلح، المجالات القريبة من العجائبي)، أما الفصل الثاني فيتعلق بالبنية العجائبية في النصوص الرحلية القديمة؛ حيث يتقصى تمظهرات العجائبية في بعض النصوص السردية القديمة، لينتقل إلى البنية السردية في الرحلات ثم يختتم بإشكالية تلقي العجائبي وتجليات المتخيل في المحكي العجائبي.
وأما الفصل الأخير فيرمي بثقله المعرفي التحليلي النقدي في أعماق رحلة عربية استثنائية (تاريخيا وفنيا)، هي رحلة أحمد بن فضلان إلى بلاد الترك والروس والصقالبة، عبْر التوغّل في مكنونها العجائبي توغّلا لا يغفل الإحاطة التاريخية بالرحلة والرحّالة، والوقوف عند خصائص عصر الرحالة ودواعي السرد العجائبي، مع وقفة تحليلية مطوّلة عند البنية العجائبية للرحلة، تنتهي عند الوصف العجائبي ووظائفه.
وكلّ ذلك بآليات نقدية علمية صارمة ولغة شائقة ممتعة … لقد اهتدت صاحبة هذا الكتاب إلى موضوع في غاية الأهمية والطرافة، لأنّ الموضوع العجائبي كان قاسما مشتركا بين مجموعة من الرحلات العربية القديمة (التي آثرتْه واحتفتْ به، ولم تجدْ من الدارسين مَنْ يحتفي بها قبل ظهور "الفونتاستيك" الغربي، والتي لو قرأها تزفيتان تودوروف لأعاد النظر في بعض فصول كتابه:( مدخل إلى الأدب العجائبي).
لعلّ عناوين مجمل تلك النصوص أن تشير إلى عجيب أو غريب:
(عجائب البلدان) لأبي دُلَف الينبوعي (305- 385هـ).
(المعرب عن بعض عجائب المغرب) لأبي حامد الغرناطي (473- 565هـ).
(تحفة الألباب ونخبة الإعجاب) للغرناطي كذلك.
(عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) للقزويني (605- 682هـ).
(خريدة العجائب وفريدة الغرائب) لابن الوردي (ت 749هـ).
(تحفة النظّار وغرائب الأمصار وعجائب الأسفار) لابن بطوطة (703-776هـ)..
كما ركّزت الكاتبة كتابها على عصْرٍ عجائبيّ السّمات، هو القرن الرابع الهجري الذي تدلّنا أحداثه التاريخية على أنه قد حدث فيه ما يدعو إلى العجب؛ فقد وَلَدَتْ بَغْلةٌ فِلْوًا (جحْشًا)! سنة 300هـ، ووقع الخوف من حـيوان (الزَّبْزَب) الـذي كان يُرى بالسطـوح، سنة 304هـ، فكان يأكل الأطفال ويقطع أثداء النساء!، وفي سنة314هـ جمدت مياه دجلة بالموصل، وعبرت عليها الدواب في سابقة غير معهودة!…
إنّ منطلق رحلة ابن فضلان (الموضوع المركزي للكتاب) يَشي – أصلا – بشيء من العجائبية؛ وذلك أن مَلِك الصقالبة يطلب مساعدة مالية من الخليفة العباسي المقتدر، هو غنيٌّ عنها في الأصل؛ إذ يطلب مالا لبناء حصْن يحميه من اليهود الخزر، وهو يملك أضعَاف ذلك المال! فكأنّ المرادَ هو برَكة الخليفة المسلم لا أمواله؛ يقول الملك: ".. فوالله إني لبمكاني البعيد الذي تراني فيه وإنّي لخائفٌ من مولايَ أمير المؤمنين ، وذلك أني أخاف أن يَبلُغَه عنّي شيء يكرهه ، فيدعو عليَّ فأَهلِك بمكاني وهو في مملكته وبيني وبينه البلدان الشاسعة "، ثم يضيف: "ولو أني أردتُ أن أبني حصْنا من أموالي من فضة أو ذهب لما تعذّر عليّ، وإنما تبركتُ بمال أمير المؤمنين فسألتّه ذلك"!…
ممّا يُحسَب للباحثة، في كتابها هذا، أنها رمتْ بثقلها العلمي في رحلة إشكالية قديمة مكتنفة بغموض تاريخي كبير كغموض تاريخ صاحبها الذي لا تعرف عنه المصادر التاريخية أكثر منه أنه "أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد، مولى القائد العباسي محمد بن سلمان، وسفير الخليفة المقتدر إلى بلاد الترك والروس والصقالبة" دون أن تقوى حتىّ على تحديد سنة ميلاده أو وفاته، ومن أراد أن يفعل أكثر من ذلك، كعمر رضا كحالة في "معجم المؤلفين :1/220"، قال:"… كان حيـًّا سنة 309هـ-921م"!، وكلّ من يَعرف أنّ هذه الرحلة قد حدثت سنة 309هـ، لا يملك إلاّ أن يضحك بصوت عالٍ من تحصيل الحاصل هذا، لأنّه لا يعقل أن يقوم شخص ميِّتٌ بمثل تلك الرحلة الدنيوية!...
إننا نتساءل: إذا كان أحمد بن فضلان فقيها عارفا ومجادِلاً مقْنعا وكاتبا متمكنا (على نحو ما تبرزه اللغة الإبداعية الفنية العالية التي كتب بها رحلته)، إلى درجة تأهيله لقيادة وفد حضاري بهذا الحجم، في رحلة تاريخية على هذا المستوى ، فلماذا غيَّبته المصادر التاريخية إلى هذا الحد ؟! ولماذا لا نجد ذكرا لهذه الرحلة العظيمة في (تاريخ بغداد) أو(تاريخ الخلفاء) أو غيرها من أمهات الكتب التاريخية؟! لماذا يعْقد السيوطي مَسَارد لأشهر الأموات في عهد كل خليفة ضمن (تاريخ الخلفاء) لا نجد فيها إيماءً إلى ابن فضلان ؟! لماذا يثني ياقوت الحموي على ابن فضلان، في (معجم البلدان)، ويأخذ عنه ، ويصف رحلته بالقصة المشهورة، ثم يسقطه من (معجم الأدباء) المؤلَّف بعد (معجم البلدان)، ولا يذكره حتى في "طبقة الموالي"؟! ولماذا لا يُشار إلى ابن فضلان – قطعا – خارج الحديث عن ذلك الوفد المرسَل إلى بلاد الروس والصقالبة؟! أليس من الحيْف على ابن فضلان ، والجوْر على رحلته، أن يغمط حقّه عربيا في وقت تعده روسيا والدول الاسكندنافية جزء من تاريخها القديم ؟!…
لعلّ هذا ما تريد أن تقوله الخامسة علاوي في كتابها هذا الذي ينفرد بإعادة النظر في جملة من المسلمات الأدبية المتعلقة بالرحلة والرحالة وبأدب الرحلة عموما، بل يطرح رؤى بديلة وينافح عن أفكار جديدة، ذلك أنّ الباحثة تخوض خوضا جريئا في جنسية أدب الرحلة، وتحاول أن تبحث عن موقع له ضمن نظام الأجناس الأدبية: هل هو قصة أو رواية أو سيرة ذاتية ؟ أو هو البديل العربي للقصة والرواية في أوروبا ، كما يرى فؤاد قنديل في كتابه (أدب الرحلة في التراث العربي)؟ لتنتهي إلى أنه "ملتقى الفنون"؛ فهو نمط خاص غير مستقل بنفسه ، بل شكل متقدم مما يعْرف اليوم بتداخل الأجناس الأدبية، أو "الكتابة ضد التجنيس" كما يسميها معجب الزهراني …
كما أنها تدْلي برأي نقدي شُجَاع يقضي بإخراج الرحلة الخيالية من حظيرة أدب الرحلة وتُعيد التأريخ لأدبية الرحلة بالقرن الرابع الهجري (مع ابن فضلان الذي قال عنه محقق رحلته سامي الدهان إنه: لا يبتعد عن أسلوب الأديب، ولا يتقرّب من أسلوب الجغرافي، وليس القرن السادس كما جرت العادة؛ إذ إنّ المبحث العجائبي في أدب الرحلة لم يقترن بابن فضلان بقدْر ما اقترن بالغرناطي وابن بطوطة … وفي رأي جريءٍ آخر (قد يكون محض تخمين!) تقول الباحثة بفارسية ابن فضلان!، الذي لا نعرف عنه – في الأصل – أكثر من أنه موْلَى؛ وحجتها في ذلك أنّ الفضاء الإيراني لم يُثِره ولم يصفه في الرحلة، وهي ملاحظة كان الدكتور عبد الله إبراهيم قد أومأ إليها في كتابه (المركزية الإسلامية)، لكنه لم يجرؤ على الوصول إلى تلك النتيجة، بل اكتفى باندهاشه من أنّ "ابن فضلان يخترق العالم الإيراني دون أن يُبـدي تطلعـات استكشافية، لا يستوقفه منه شيء إلى أن يبلغ تخومه الشمالية الشرقية في بخارى…"(ص102).
لم يحسم التاريخ – بعْدُ – في الجواب عن سؤال: إلى أين وصل ابن فضلان؟ وعلى أي طريق عاد إلى بغداد ؟!، لكنّ كتاب الخامسة علاوي متحمس جدا لإمكانية أن يكون طريق العودة هو نفسه طريق الذهاب، ولذلك فإنّ الرحالة لم يكن بحاجة إلى وصف ما جرى في طريق العودة، لانّ همه الأصلي ليس كتابة رحلة وإنما قيادة وفد، وإذن فالرجوع لا يحتاج إلى تدوين، بل إنّ الورقة أو الورقتين الضائعتين من الرحلة كافيتان لتلخيص ذلك، وهذا تفكير منطقي – في تقديري – من شأنه أن يضع حدا لإشكالية العودة ومسألة الصفحات القليلة الضائعة من مخطوط الرحلة في وقت واحد.
ومن جهة أخرى فإن الباحثة تنكر المسار الاسكندنافي للرحلة، الذي يثبته آخرون كحيدرمحمد غيبة وعبد الله إبراهيم، اعتمادا على رواية (أكلة الموتى) لمخائيل كريكطون، وقد أُتيحَ لي – ذات لقاءٍ علمي حميم – أن أناقش الدكتور عبد الله إبراهيم في هذه المسألة ومسألة أخرى موصولة بها هي صورة ابن فضلان لدى الآخر، فأصرّ على تاريخية الرحلة إلى النرويج تحديدا (رغم أن النرويج لم تكن مبرمجة في الرحلة، ورغم أنّ رحلة ابن فضلان ليست رحلة تلقائية سياحية بل هي "رحلة تكليفية "باصطلاح حسين محمد فهيم في كتابه" أدب الرحلات")، وحجة عبد الله إبراهيم الوحيدة هي أنّ النرويجيين - اليوم - يعدّون رحلة ابن فضلان جزءً من تاريخهم ، كما هي حال الروس المعاصرين الذين لا يعرفون أن أجدادهم كانوا يحرقون أمواتهم- على طريقة الهنود- إلا من خلال رحلة ابن فضلان !…
وفي مسألة موصولة بما سبق، ترفض الباحثة صورة ابن فضلان كما رسمتْها الأدبيات الأمريكية (كريكطون) وحوَّلتها إلى فيلمٍ شهير(كان العربي الأمريكي عمر الشريف بطلا له!)، هنا اختلفتُ مع عبد الله إبراهيم ثانية وسألته عن مدى مصداقية استخلاص الحقيقة التاريخية من رواية خيالية ذات مادة تاريخية (كرواية "أكلة الموتى")، فأجابني بأنّ الفراغ أو الجزء الضائع من رحلة ابن فضلان قد عُوِّض بمتخيل كريكطون !؛ فكأنّه يعترف بخيالية تلك الصورة لكنّه أثبتها في كتابه(المركزية الإسلامية – صورة الآخر في المخيال الإسلامي خلال القرون الوسطى)، من باب معرفة صورتنا في نظر الآخر، ليس إلا …
وإلا فمن يصدّق أنّ ابن فضلان المرشد الديني، الفقيه، معلم الشرائع، سيصبح – في الرواية الأمريكية - مغنيا يتغنى بالقرآن وهو سكران – في محلّ يغصّ بالسكارى – حتى يفقد وعيه!، يشرب النبيذ ويشكر الله !، يُمارس المحرّمات مع الاسكندنافيات! وهو الفقيه الغيور على دينه الذي ظلّ يحارب الاختلاط ويجتهد -كما قال في الرحلة - أن يستتر النساء من الرجال أثناء السباحة في النهر لدى الصقالبة؟! هل يُعقَل أن يَأتي في آخر الرحلة ما كان ينهى عنه في مطلعها؟ وإذا سلمنا – جدلا – بأنّه فعل ذلك ، ألم يكن يخشى أن يبلغ الخليفة ذلك؟ وهل يُعقَل أن يسكت الخليفةُ المقتدر عنه، وهو الذي صلب الحلاَّجَ وقتله ونكَّل به لمجرد أنه تفوَّه ببعض الشطحات الصوفية ؟!…
إنّ وعْيَ صاحبة (العجائبية في أدب الرحلات) بمجمل هذه الاستفهامات التاريخية والفكرية الحادة قد انعكس على كتابها بالوضوح في الشخصية، والتميز في الطرح، وعدم الاستسلام لما سلَّم السابقون به، وقد ساعدها على ذلك الكم الهائل من المصادر والمراجع المتنوعة التي أتاحت لها الإحاطة بموضوعها من شتى الجوانب ،و النظر إلى الجانب الواحد من زوايا مختلفة ، فكان هذا الكتاب كشفا جديدا في عالم (أدب الرحلة) الذي سيظل دائما في حاجة إلى كشف..
هذه بعض ثمار الرحلة العلمية الأولى، في حياة الباحثة الخامسة علاوي، وثمار الرحلات القادمات خيْرٌ وأحْلى وأغْنى وأغْلى إن شاء الله.
المصدر
http://www.diwanalarab.com/local/cac...eon0-60928.gif
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
http://www.diwanalarab.com/local/cac...8386-20fa5.jpg
الرحلة الأدبية والإشباع النفسي
الخامسة علاوي بنت عمار
عرف الانسان الرحلة منذ القدم لأنّه جُبل على حب التنقل والحركة، هذه الأخيرة التي تُعدّ روح الحياة وسمة أساسية في التركيب الجسدي والنفسي للإنسان، وقد هيأه الله لها وجعلها إمكانية ضرورية لحياته، وهي تتسق مع الهدف والغاية التي خُلق من أجلها وهي تعمير الأرض وعبادة الله عز ّوجلّ [1] .
ولما كانت الرحلة نقلة في الزمان إذا كانت بالفكر أو الخيال، ونقلة في المكان إذا كانت الرحلة حقيقية فإنها تعمد الى إشباع العديد من الحاجات لدى الرحالة سواء أكانت هذه الحاجات إدراكية أم معرفية أم روحية مما يؤدي الى تخفيض حدة التوتر وحلول الاتزان والتخلص من القلق الذي يهدد السلامة الداخلية للفرد.
ولما كانت الرحلة أيضا سلوكا هادفا فإنها محكومة بمثيرات داخلية تحرك هذا السلوك وتوجهه، وهي ما يُعرف عادة عند علماء النفس بالدوافع التي رغم تنوعها "تتفق بصفة عامة في مصدرها وهدفها، فمصدر الدافع هو حالة عدم الارتياح، وتوتر يشعر بها الانسان، وهدفه هو التقليل من التوتر الذي يشعر به الفرد والوصول الى حالة الاتزان" [2] والاستقرار التي يصبو اليها كل فرد سوي، مع العلم أنّ "الدافع لا يتحرك إلا حين يشعر المرء بتهديد أو خطر" [3]، فالدوافع إذا قوى انفعالية تحرك نشاط الانسان وتوجهه نحو هدف معين.
وقد ميّز علماء النفس السلوك الذي يكمن وراءه الدافع أو عدد من الدوافع بصفات [4] نستطيع من خلالها أن نستدل على درجة الدافعية(قوة الدافع)، يمكن رصدها فيما يلي:
1- الطاقة المبذولة :إذ كلما ازدادت كمية الطاقة التي يبذلها الفرد في سلوكه ،كلما كان ذلك دليلا على قوة الدافع الذي يحرك هذا السلوك.
2- الاستمرار أو الإصرار: فكلما قوى الدافع واشتد، ازدادت كمية الطاقة المولدة، وازداد إصرار الفرد على الوصول الى الهدف.
3- التنوع: كلما اشتدت الدافعية كلما نوع الفرد في الوسائل المحققة للهدف، "فتنوع السلوك المبذول هو دالة جزئية على قوة الدافعية " [5].
فالرحالة بقدر توقه الى الترحال وقوة تحمله مصارعة المجاهيل وإصراره على اختراق الآفاق البعيدة، بقدر ماهو محكوم بجملة من الدوافع والحاجات بوصفه كيانا متعدد الأبعاد؛ فهو يمتلك بعدا بيولوجيا وآخر نفسيا، وآخر اجتماعيا، ولكي يتمتع الرحالة بحياة مستقرة هادئة في ظل علاقات اجتماعية منظمة لابد أن يحقق الحاجات المشْبعة لكل بعد من هذه الأبعاد الثلاثة جملة وتفصيلا. ولمزيد من الفائدة نحاول أن نفيد من علم النفس للوقوف على جملة الحاجات بأنواعها مع عدم إهمال درجة الدافعية.
تنوع الحاجة ودرجة الدافعية:
قسم موراي الحاجات الى حاجات ظاهرة صريحة وأخرى كامنة مكبوتة تعني "الحاجات التي لا تعبر عن نفسها إلا في تعبيرات ذاتية تخييلية أو تعبيرات شبه موضوعية كالخطط والتداعيات ومن أمثلتها:
1- المعرفة: وهي الرغبة في التفحص، ويمكن أن تظهر في حاجات الشخص للاستكشاف وحب الاستطلاع والقراءة والمعرفة بكل سبلها ، بما في ذلك الرحلة التي تعد من أهم الوسائل المعرفية القديمة والحديثة، لما للرحالة فيها من حرية في الاحتكاك بثقافات وعادات وتقاليد البلدان المزارة، ولما فيها من استكناه واستنطاق للآخر البعيد جغرافيا.
2- السيطرة: أو ما يعرف بالرغبة في القوة المطلقة ويمكن أن تظهر في حاجة الشخص للتأثير على الآخرين أو قيادة أفراد الجماعة وتنظيم سلوكهم.
أما الحاجات الظاهرة فيمكن أن نمثل لها بالإنجاز الذي يعني أن نحقق شيئا صعبا في أكبر سرعة ممكنة وبأكبر قدر من الاستقلال الذاتي متغلبا على كل العقبات التي تواجهك وهنا نود الإشارة الى أنه "كلمـا ازداد الدافع كلمــــا ازدادت حركـيته وحساسيته " [6]، بمعنى أنّه "كلما قوي الدافع واشتد ،كلما ازدادت كمية الطاقة المولدة، كلما ازداد إصرار الفرد على الوصول الى هدفه " [7].
ولما كانت الرحلة في حد ذاتها إنجازا وخاصة إذا كانت فردية، فإنه لا يهم فيها لحظة الانطلاق أو مكان الوصول بقدر ما يهم فيها ما يؤدي إليه الوصول من الإشباع وتحقيق الذات، هذه الغاية الأخيرة التي يرى ماسلو [8] أنها من الحاجات التي لا يمكن إشباعها على الإطلاق ، ذلك أنها كلما أُشبعت كلما ازدادت نشاطا وإلحاحا وبالتالي تغذي ذاتها بذاتها، وهو ما يفسر توق الرحالة الى المزيد من التجارب الرحلية كلما كانت رحلته أصعب وأشق، ولعل خير مثال نمثل به في هذا المقام هو الرحالة ابن بطوطة أو "أمير الرحالين" كما حلا لجمعية كمبردج أن تلقبه في كتبها وأطالسها، إذ رغم الصعوبات والعراقيل التي واجهها الرحالة أثناء رحلته الأولى لانعدام الأمن وعدم توفر وسائل النقل المتطورة ،إلا أنّّ ذلك لم يحد من رغبته الملحة الكامنة في نفسه لشد عصا الترحال الى مناطق أكثر غورا في عالم الآخر البعيد، عبر رحلاته الثلاث كما هو معروف.
وقد صرح ابن بطوطة في مطلع كتابه عن دوافعه الحقيقية التي جعلته يؤثر السفر والتنقل على المكوث في مكان بعينه إذ يقول: "كان خروجي من طنجة مسقط رأسي في يوم الخميس الثاني من شهر رجب الفرد عام 725هـ معتمدا حج بيت الله وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، منفردا عن رفيق آنس بصحبته، وركب أكون في جملته، لباعث على النفس شديد العزائم وشوق الى تلك المعاهد الشريفة كامن في الحيازم" [9]، فإذا كان الرحالة قد أفاد في هذا التصريح أنّ دافع الخروج الرئيس روحي بالدرجة الأولى، فإن ذلك لا يمنع البتة من وجود دافع آخر وسمه بالنفسي لم يفصح عنه بذاته وإنما أفصح عنه حسين مؤنس حين أجمل دوافع الرحالة في ظاهرة الشوق الى رؤية الدنيا والناس [10].
ولو تقرينا خبر كبار الرحالة في أدبنا الجغرافي لوجدنا أن ظاهرة الشوق الى رؤية الدنيا والناس كانت الدافع الأساس عند أكثرهم فهذا المسعودي صاحب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) يُقرّ بأنّه خُلق مولعا بالتنقل والمغامرة والتجربة ومعرفة أحوال الناس، مؤمنا إيمانا جازما أن "ليس من لزم جهة وطنه وقنع بما نمي إليه من الأخبار من إقليمه كمن قسم عمره على الأقطار، ووزع بين أيامه تقاذف الأسفار واستخراج كل دقيق من معدنه، وإثارة كل نفيس من مكمنه" [11] فالرحلات العربية وغير العربية كانت لها دوافعها التي تحركها وبواعثها التي توجدها، وقد تعددت هذه البواعث وتلك الدوافع من رحالة الى آخر، فمن مسافر لتحقيق رغبة نفسية، الى مسافر هربا من أوضاع لم يتحمل العيش في ظلها - كمدام دي ستال التي خرجت من فرنسا الى ألمانيا هربا من اضطهادات نابليون لها، فكان كتابها "من ألمانيا" بمثابة طريد ينشد ملاذا في عالم مثالي - الى مسافر في بعثة دبلوماسية أو علمية أو تعليمية كخير الدين التونسي ورفاعة رافع الطهطاوي وابن فضلان على التوالي كل بحسب طبيعة رحلته.
وقد أثبتت جل هذه الرحلات أنّ الرحلة بماهي تجربة تمكن الرحالة من التخلص من مختلف التوترات الانفعالية و تجنبه ألوانا من الصراعات الناجمة عن تفاعل الفرد مع بيئته، وهذه الصراعات التي تهدد سلامته وأمنه الداخليين لأن ما يهدد أمن الفرد قد يكوّن خطرا داخليا متمثلا في القلق والصراع ،كما يمكن أن يتعدى مداه الفرد الى المجتمع فيصبح خطرا خارجيا.
الرحلة والنشاطات النفسية
أولا: الرحلة والتخييل: الرحلة وسيلة لإشباع حاجات الانسان الروحية (إذا كانت رحلات حجية)، وحاجته لمعرفة خبايا العالم المحيط به لاستنطاق مكنوناته (إذا كانت رحلات استكشافية)، وهي لا تقف عند هذا الحد؛ إذ تؤثر على القائم بها فتسمح له أن يحقق ذاته، ليخرج من حالة الكمون التي يحياها، وبمقدار ما يحقق خلالها من إشباع يتحدد اتزانه وصحته وسعادته، ولعل أكثر ما يكون ذلك واضحا في الرحلات الخيالية باعتبارها "الانتقال المتخيل الذي يقوم به الأديب عبر الحلم أو الخيال الى عالم بعيد عن عالمه الواقعي ليطرح في هذا العالم رؤاه وأحلامه التي لم تتحقق في دنيا الواقع" [12] وربما كان من أبرز مظاهر هذه الرحلات الخيالية الرحلات الباطنية التي يقوم بها بعض الصوفية والتي "تتطلب تجربة معيشة على المستوى الواقعي، وأخرى ذهنية لعالم متخيل، يجنح الى صوغ أفكار وتأملات معينة تتماس مع المقولات والتصورات الصوفية والفلسفية والدينية التي ترسم رحلة النفس في بحثها عن عالم آخر يكون بديلا عن الواقع وصولا الى المطلق واليقين" [13] حيث يجد فيها الرحالة نفسه متحررا من أسر العالم الخارجي وبذلك تتحقق له مطالب اللذة التي يسعى اليها شقه الحيواني، ومطالب الحكمة التي يسعى اليها شقه الإنساني، مما يجعلنا نعدّ الرحلات الخيالية بمثابة أحلام اليقظة التي يعرفها فرويد بأنها عدول التخيلات، لأنها تتشكل للتعبير عن رغبات مكبوتة تتميز بالذاتية والنرجسية لا يمكن لأي مجال أن يضمن لها الستر وعدم الكشف إلا الحلم.
والرحلة أيضا بوصفها "إحدى البنيات التخييلية الأكثر التصاقا بمدارات الكتابة الروائية في الأدب الإنساني قديمه وحديثه" [14] يمكن عدّها من صميم الأعمال الفنية التي عرّفها فرويد بأنها " إشباع خيالي لرغبات لا شعورية شأنها شأن الأحلام وهي مثلها محاولات توفيق، حيث إنها بدورها تجتهد كي تتفادى أي صراع مكشوف مع قوى الكبت " [15]، وكما يسعى الإبداع لإحداث التوازن كذلك تفعل الرحلة التي يسعى صاحبها الى إشباع فضوله وتحقيق ذاته و إرواء حاجاته النفسية المختلفة، وإن كان ذلك لا يكون بصورة تامة، ولعله في الإمكان تشبيه فضول الرحالة لارتياد الآفاق واختراق المجهول، بحاجة الطفل للمعرفة التي لا يمكن إشباعها، فهي تدفعه باستمرار لأن يعيد ترتيب أفكاره وفق النموذج الأكثر معقولية لأنه يبتغي الاطلاع على تحديات المستقبل، كذلك الرحالة يبتغي الاطلاع على تحديات الأماكن الأجنبية وما تحمله معها من مفارقات على مستويات متعددة.
ثانيا: الرحلة والتسامي: "الإعلاء أو التسامي عملية عفوية، ولكن الحاجة اليها تكون شعورية على الرغم من أنّ هذه العملية قد تبدأ في بعض الأحيان قبل أن يشعر بها المرء بوقت مديد" [16]، وقد عرفه فرويد بوصفه القدرة على تبديل الهدف الجنسي الأساسي بهدف آخر غير جنسي، كحب الاستطلاع والبحث مثلا ، بحيث يصبح البحث قهريا بديلا للنشاط الجنسي، وكأن هذه العملية تقوم على تغيير الموضوع بالنسبة للغريزة وتحويل الطاقة المتصلة بالرغبات والدوافع الممنوعة (كالرغبات العدوانية والجنسية المحرمة) الى توجيهات اجتماعية وثقافية وأخلاقية وفنية سامية ونافعة، ولأجل ذلك يُعدّ التسامي أو التصعيد من العمليات الواقية من المرض النفسي الذي يدفع إليه الحرمان عادة.
ولعلنا في هذا المقام نرشح الرحالة جيرار دي نرفال كأحسن ممثل لهذا المبدأ؛ إذ بعد فقده لحبيبته جين كولون التي أحبّها حتى العبادة حمل عصا الترحال متجها إلى الشرق، بل الى مصر بالذات التي كان ظل يحلم بزيارتها، وعنها كان كتابه الموسوم بـ"رحلة الى الشرق" .
وقد ولع نرفال بطبيعة الشرق الجميلة ومناظره العجيبة وشمسه الوضاءة المشرقة، وليس هو أول المولوعين بالشرق وطبيعته الساحرة الفاتنة، ولكنه واحد من الرحالة الرومنتكيين الذين شدوا الرحال إلى الشرق بحثا عن أسمى المواد والصور الرومنتيكية كما يقول فريدريش شليجل.
فنرفال برحلته الى الشرق قد حوّّل رغباته المكبوتة الى حب للاستطلاع والبحث لتحقيق حلم لطالما راوده، فالتسامي من الوجهة النفسية هو العملية المباشرة للإبداع الفني الذي ارتقى إليه نرفال، لقد كانت رحلته بالفعل علاجا نافعا لأنه استرد في هذا الشرق البعيد ثقته بنفسه وبالحياة، وانتصر مؤقتا على شبح الجنون الذي كان يطارده.
حواشي
[1] فؤاد قنديل: أدب الرحلة في التراث العربي، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة، 2002، ص17
[2] عبد السلام عبد الغفار: مقدمة في علم النفس العام ، دار النهضة العربية، بيروت، ط2، ص137
[3] جيروم كاغار: أطفالنا كيف نفهمهم، ترجمة: عبد الكريم ناصف، دار الجيل: 1997، ص 180.
[4] عبد السلام عبد الغفار، المرجع السابق، ص 137.
[5] مقدمة في علم النفس العام، م.س، ص138.
[6] نفسه، ص136
[7] نفسه، ص137
[8] رتب ماسلو الحاجات بأبعادها الثلاثة الى شكل هرمي وذلك على أساس أهميتها ودرجة الحاجة في الإشباع، حيث جعل الحاجات الفسيولوجية في قاعدة الهرم وحاجات تحقيق الذات في القمة، بينما تقع الحاجات المتعلقة بالأمان والحب والأمن بين هاتين، مؤكدا أنّ هذه الحاجات ترافقها انفعالات على شكل توتر مميز يزول بالإشباع ومنه يحصل الاتزان الداخلي الذي أخلّ به وجود الحاجة، ويكون الإشباع حقيقيا أو خياليا. راجع: مقدمة في علم النفس العام، م.س.، ص148 - 150.
[9] ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة - المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار- مر. درويش الجويدي، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 2003، ص 20.
[10] حسين مؤنس: ابن بطوطة ورحلاته - تحقيق ودراسة وتحليل، دار المعارف، القاهرة، دت، ص18.
[11] المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، ت. محي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، ط4، 1964،ج1، ص9.
[12] محمد الصالح السليمان: الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث، منشورات اتحاد الكتاب العرب، المغرب، 2000، ص19.
[13] فحي عامر: قراءة في كتاب الرحلة في الأدب العربي - التجنيس وآليات الكتابة وخطاب المتخيل، متاح على الشبكة [15/9/ 2004].
[14] علي كابوس، عبد العلي اليزمي: كتابة الرحلة ورحلة الكتابة - قراءة في الطريق السيار ل ح. لحميداني، مجلة علامات، العدد 15، 2001، متاح على موقع سعيد بن كراد
[15] سغموند فرويد: حياتي والتحليل النفسي، ترجمة: مصطفى زيور، وعبد المنعم المليجي، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1967، ص73.
[16] سار جنت: علم النفس الحديث ، سلسلة الشريط الحريري، ترجمة: منير البعلبكي، دار الملايين، بيروت، 1997، ص73.
المصدر
http://www.diwanalarab.com/local/cac...eon0-60928.gif
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
http://www.diwanalarab.com/local/cac...8386-20fa5.jpg
الرحلة الأدبية والإشباع النفسي
الخامسة علاوي بنت عمار
عرف الانسان الرحلة منذ القدم لأنّه جُبل على حب التنقل والحركة، هذه الأخيرة التي تُعدّ روح الحياة وسمة أساسية في التركيب الجسدي والنفسي للإنسان، وقد هيأه الله لها وجعلها إمكانية ضرورية لحياته، وهي تتسق مع الهدف والغاية التي خُلق من أجلها وهي تعمير الأرض وعبادة الله عز ّوجلّ [1] .
ولما كانت الرحلة نقلة في الزمان إذا كانت بالفكر أو الخيال، ونقلة في المكان إذا كانت الرحلة حقيقية فإنها تعمد الى إشباع العديد من الحاجات لدى الرحالة سواء أكانت هذه الحاجات إدراكية أم معرفية أم روحية مما يؤدي الى تخفيض حدة التوتر وحلول الاتزان والتخلص من القلق الذي يهدد السلامة الداخلية للفرد.
ولما كانت الرحلة أيضا سلوكا هادفا فإنها محكومة بمثيرات داخلية تحرك هذا السلوك وتوجهه، وهي ما يُعرف عادة عند علماء النفس بالدوافع التي رغم تنوعها "تتفق بصفة عامة في مصدرها وهدفها، فمصدر الدافع هو حالة عدم الارتياح، وتوتر يشعر بها الانسان، وهدفه هو التقليل من التوتر الذي يشعر به الفرد والوصول الى حالة الاتزان" [2] والاستقرار التي يصبو اليها كل فرد سوي، مع العلم أنّ "الدافع لا يتحرك إلا حين يشعر المرء بتهديد أو خطر" [3]، فالدوافع إذا قوى انفعالية تحرك نشاط الانسان وتوجهه نحو هدف معين.
وقد ميّز علماء النفس السلوك الذي يكمن وراءه الدافع أو عدد من الدوافع بصفات [4] نستطيع من خلالها أن نستدل على درجة الدافعية(قوة الدافع)، يمكن رصدها فيما يلي:
1- الطاقة المبذولة :إذ كلما ازدادت كمية الطاقة التي يبذلها الفرد في سلوكه ،كلما كان ذلك دليلا على قوة الدافع الذي يحرك هذا السلوك.
2- الاستمرار أو الإصرار: فكلما قوى الدافع واشتد، ازدادت كمية الطاقة المولدة، وازداد إصرار الفرد على الوصول الى الهدف.
3- التنوع: كلما اشتدت الدافعية كلما نوع الفرد في الوسائل المحققة للهدف، "فتنوع السلوك المبذول هو دالة جزئية على قوة الدافعية " [5].
فالرحالة بقدر توقه الى الترحال وقوة تحمله مصارعة المجاهيل وإصراره على اختراق الآفاق البعيدة، بقدر ماهو محكوم بجملة من الدوافع والحاجات بوصفه كيانا متعدد الأبعاد؛ فهو يمتلك بعدا بيولوجيا وآخر نفسيا، وآخر اجتماعيا، ولكي يتمتع الرحالة بحياة مستقرة هادئة في ظل علاقات اجتماعية منظمة لابد أن يحقق الحاجات المشْبعة لكل بعد من هذه الأبعاد الثلاثة جملة وتفصيلا. ولمزيد من الفائدة نحاول أن نفيد من علم النفس للوقوف على جملة الحاجات بأنواعها مع عدم إهمال درجة الدافعية.
تنوع الحاجة ودرجة الدافعية:
قسم موراي الحاجات الى حاجات ظاهرة صريحة وأخرى كامنة مكبوتة تعني "الحاجات التي لا تعبر عن نفسها إلا في تعبيرات ذاتية تخييلية أو تعبيرات شبه موضوعية كالخطط والتداعيات ومن أمثلتها:
1- المعرفة: وهي الرغبة في التفحص، ويمكن أن تظهر في حاجات الشخص للاستكشاف وحب الاستطلاع والقراءة والمعرفة بكل سبلها ، بما في ذلك الرحلة التي تعد من أهم الوسائل المعرفية القديمة والحديثة، لما للرحالة فيها من حرية في الاحتكاك بثقافات وعادات وتقاليد البلدان المزارة، ولما فيها من استكناه واستنطاق للآخر البعيد جغرافيا.
2- السيطرة: أو ما يعرف بالرغبة في القوة المطلقة ويمكن أن تظهر في حاجة الشخص للتأثير على الآخرين أو قيادة أفراد الجماعة وتنظيم سلوكهم.
أما الحاجات الظاهرة فيمكن أن نمثل لها بالإنجاز الذي يعني أن نحقق شيئا صعبا في أكبر سرعة ممكنة وبأكبر قدر من الاستقلال الذاتي متغلبا على كل العقبات التي تواجهك وهنا نود الإشارة الى أنه "كلمـا ازداد الدافع كلمــــا ازدادت حركـيته وحساسيته " [6]، بمعنى أنّه "كلما قوي الدافع واشتد ،كلما ازدادت كمية الطاقة المولدة، كلما ازداد إصرار الفرد على الوصول الى هدفه " [7].
ولما كانت الرحلة في حد ذاتها إنجازا وخاصة إذا كانت فردية، فإنه لا يهم فيها لحظة الانطلاق أو مكان الوصول بقدر ما يهم فيها ما يؤدي إليه الوصول من الإشباع وتحقيق الذات، هذه الغاية الأخيرة التي يرى ماسلو [8] أنها من الحاجات التي لا يمكن إشباعها على الإطلاق ، ذلك أنها كلما أُشبعت كلما ازدادت نشاطا وإلحاحا وبالتالي تغذي ذاتها بذاتها، وهو ما يفسر توق الرحالة الى المزيد من التجارب الرحلية كلما كانت رحلته أصعب وأشق، ولعل خير مثال نمثل به في هذا المقام هو الرحالة ابن بطوطة أو "أمير الرحالين" كما حلا لجمعية كمبردج أن تلقبه في كتبها وأطالسها، إذ رغم الصعوبات والعراقيل التي واجهها الرحالة أثناء رحلته الأولى لانعدام الأمن وعدم توفر وسائل النقل المتطورة ،إلا أنّّ ذلك لم يحد من رغبته الملحة الكامنة في نفسه لشد عصا الترحال الى مناطق أكثر غورا في عالم الآخر البعيد، عبر رحلاته الثلاث كما هو معروف.
وقد صرح ابن بطوطة في مطلع كتابه عن دوافعه الحقيقية التي جعلته يؤثر السفر والتنقل على المكوث في مكان بعينه إذ يقول: "كان خروجي من طنجة مسقط رأسي في يوم الخميس الثاني من شهر رجب الفرد عام 725هـ معتمدا حج بيت الله وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، منفردا عن رفيق آنس بصحبته، وركب أكون في جملته، لباعث على النفس شديد العزائم وشوق الى تلك المعاهد الشريفة كامن في الحيازم" [9]، فإذا كان الرحالة قد أفاد في هذا التصريح أنّ دافع الخروج الرئيس روحي بالدرجة الأولى، فإن ذلك لا يمنع البتة من وجود دافع آخر وسمه بالنفسي لم يفصح عنه بذاته وإنما أفصح عنه حسين مؤنس حين أجمل دوافع الرحالة في ظاهرة الشوق الى رؤية الدنيا والناس [10].
ولو تقرينا خبر كبار الرحالة في أدبنا الجغرافي لوجدنا أن ظاهرة الشوق الى رؤية الدنيا والناس كانت الدافع الأساس عند أكثرهم فهذا المسعودي صاحب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) يُقرّ بأنّه خُلق مولعا بالتنقل والمغامرة والتجربة ومعرفة أحوال الناس، مؤمنا إيمانا جازما أن "ليس من لزم جهة وطنه وقنع بما نمي إليه من الأخبار من إقليمه كمن قسم عمره على الأقطار، ووزع بين أيامه تقاذف الأسفار واستخراج كل دقيق من معدنه، وإثارة كل نفيس من مكمنه" [11] فالرحلات العربية وغير العربية كانت لها دوافعها التي تحركها وبواعثها التي توجدها، وقد تعددت هذه البواعث وتلك الدوافع من رحالة الى آخر، فمن مسافر لتحقيق رغبة نفسية، الى مسافر هربا من أوضاع لم يتحمل العيش في ظلها - كمدام دي ستال التي خرجت من فرنسا الى ألمانيا هربا من اضطهادات نابليون لها، فكان كتابها "من ألمانيا" بمثابة طريد ينشد ملاذا في عالم مثالي - الى مسافر في بعثة دبلوماسية أو علمية أو تعليمية كخير الدين التونسي ورفاعة رافع الطهطاوي وابن فضلان على التوالي كل بحسب طبيعة رحلته.
وقد أثبتت جل هذه الرحلات أنّ الرحلة بماهي تجربة تمكن الرحالة من التخلص من مختلف التوترات الانفعالية و تجنبه ألوانا من الصراعات الناجمة عن تفاعل الفرد مع بيئته، وهذه الصراعات التي تهدد سلامته وأمنه الداخليين لأن ما يهدد أمن الفرد قد يكوّن خطرا داخليا متمثلا في القلق والصراع ،كما يمكن أن يتعدى مداه الفرد الى المجتمع فيصبح خطرا خارجيا.
الرحلة والنشاطات النفسية
أولا: الرحلة والتخييل: الرحلة وسيلة لإشباع حاجات الانسان الروحية (إذا كانت رحلات حجية)، وحاجته لمعرفة خبايا العالم المحيط به لاستنطاق مكنوناته (إذا كانت رحلات استكشافية)، وهي لا تقف عند هذا الحد؛ إذ تؤثر على القائم بها فتسمح له أن يحقق ذاته، ليخرج من حالة الكمون التي يحياها، وبمقدار ما يحقق خلالها من إشباع يتحدد اتزانه وصحته وسعادته، ولعل أكثر ما يكون ذلك واضحا في الرحلات الخيالية باعتبارها "الانتقال المتخيل الذي يقوم به الأديب عبر الحلم أو الخيال الى عالم بعيد عن عالمه الواقعي ليطرح في هذا العالم رؤاه وأحلامه التي لم تتحقق في دنيا الواقع" [12] وربما كان من أبرز مظاهر هذه الرحلات الخيالية الرحلات الباطنية التي يقوم بها بعض الصوفية والتي "تتطلب تجربة معيشة على المستوى الواقعي، وأخرى ذهنية لعالم متخيل، يجنح الى صوغ أفكار وتأملات معينة تتماس مع المقولات والتصورات الصوفية والفلسفية والدينية التي ترسم رحلة النفس في بحثها عن عالم آخر يكون بديلا عن الواقع وصولا الى المطلق واليقين" [13] حيث يجد فيها الرحالة نفسه متحررا من أسر العالم الخارجي وبذلك تتحقق له مطالب اللذة التي يسعى اليها شقه الحيواني، ومطالب الحكمة التي يسعى اليها شقه الإنساني، مما يجعلنا نعدّ الرحلات الخيالية بمثابة أحلام اليقظة التي يعرفها فرويد بأنها عدول التخيلات، لأنها تتشكل للتعبير عن رغبات مكبوتة تتميز بالذاتية والنرجسية لا يمكن لأي مجال أن يضمن لها الستر وعدم الكشف إلا الحلم.
والرحلة أيضا بوصفها "إحدى البنيات التخييلية الأكثر التصاقا بمدارات الكتابة الروائية في الأدب الإنساني قديمه وحديثه" [14] يمكن عدّها من صميم الأعمال الفنية التي عرّفها فرويد بأنها " إشباع خيالي لرغبات لا شعورية شأنها شأن الأحلام وهي مثلها محاولات توفيق، حيث إنها بدورها تجتهد كي تتفادى أي صراع مكشوف مع قوى الكبت " [15]، وكما يسعى الإبداع لإحداث التوازن كذلك تفعل الرحلة التي يسعى صاحبها الى إشباع فضوله وتحقيق ذاته و إرواء حاجاته النفسية المختلفة، وإن كان ذلك لا يكون بصورة تامة، ولعله في الإمكان تشبيه فضول الرحالة لارتياد الآفاق واختراق المجهول، بحاجة الطفل للمعرفة التي لا يمكن إشباعها، فهي تدفعه باستمرار لأن يعيد ترتيب أفكاره وفق النموذج الأكثر معقولية لأنه يبتغي الاطلاع على تحديات المستقبل، كذلك الرحالة يبتغي الاطلاع على تحديات الأماكن الأجنبية وما تحمله معها من مفارقات على مستويات متعددة.
ثانيا: الرحلة والتسامي: "الإعلاء أو التسامي عملية عفوية، ولكن الحاجة اليها تكون شعورية على الرغم من أنّ هذه العملية قد تبدأ في بعض الأحيان قبل أن يشعر بها المرء بوقت مديد" [16]، وقد عرفه فرويد بوصفه القدرة على تبديل الهدف الجنسي الأساسي بهدف آخر غير جنسي، كحب الاستطلاع والبحث مثلا ، بحيث يصبح البحث قهريا بديلا للنشاط الجنسي، وكأن هذه العملية تقوم على تغيير الموضوع بالنسبة للغريزة وتحويل الطاقة المتصلة بالرغبات والدوافع الممنوعة (كالرغبات العدوانية والجنسية المحرمة) الى توجيهات اجتماعية وثقافية وأخلاقية وفنية سامية ونافعة، ولأجل ذلك يُعدّ التسامي أو التصعيد من العمليات الواقية من المرض النفسي الذي يدفع إليه الحرمان عادة.
ولعلنا في هذا المقام نرشح الرحالة جيرار دي نرفال كأحسن ممثل لهذا المبدأ؛ إذ بعد فقده لحبيبته جين كولون التي أحبّها حتى العبادة حمل عصا الترحال متجها إلى الشرق، بل الى مصر بالذات التي كان ظل يحلم بزيارتها، وعنها كان كتابه الموسوم بـ"رحلة الى الشرق" .
وقد ولع نرفال بطبيعة الشرق الجميلة ومناظره العجيبة وشمسه الوضاءة المشرقة، وليس هو أول المولوعين بالشرق وطبيعته الساحرة الفاتنة، ولكنه واحد من الرحالة الرومنتكيين الذين شدوا الرحال إلى الشرق بحثا عن أسمى المواد والصور الرومنتيكية كما يقول فريدريش شليجل.
فنرفال برحلته الى الشرق قد حوّّل رغباته المكبوتة الى حب للاستطلاع والبحث لتحقيق حلم لطالما راوده، فالتسامي من الوجهة النفسية هو العملية المباشرة للإبداع الفني الذي ارتقى إليه نرفال، لقد كانت رحلته بالفعل علاجا نافعا لأنه استرد في هذا الشرق البعيد ثقته بنفسه وبالحياة، وانتصر مؤقتا على شبح الجنون الذي كان يطارده.
حواشي
[1] فؤاد قنديل: أدب الرحلة في التراث العربي، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة، 2002، ص17
[2] عبد السلام عبد الغفار: مقدمة في علم النفس العام ، دار النهضة العربية، بيروت، ط2، ص137
[3] جيروم كاغار: أطفالنا كيف نفهمهم، ترجمة: عبد الكريم ناصف، دار الجيل: 1997، ص 180.
[4] عبد السلام عبد الغفار، المرجع السابق، ص 137.
[5] مقدمة في علم النفس العام، م.س، ص138.
[6] نفسه، ص136
[7] نفسه، ص137
[8] رتب ماسلو الحاجات بأبعادها الثلاثة الى شكل هرمي وذلك على أساس أهميتها ودرجة الحاجة في الإشباع، حيث جعل الحاجات الفسيولوجية في قاعدة الهرم وحاجات تحقيق الذات في القمة، بينما تقع الحاجات المتعلقة بالأمان والحب والأمن بين هاتين، مؤكدا أنّ هذه الحاجات ترافقها انفعالات على شكل توتر مميز يزول بالإشباع ومنه يحصل الاتزان الداخلي الذي أخلّ به وجود الحاجة، ويكون الإشباع حقيقيا أو خياليا. راجع: مقدمة في علم النفس العام، م.س.، ص148 - 150.
[9] ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة - المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار- مر. درويش الجويدي، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 2003، ص 20.
[10] حسين مؤنس: ابن بطوطة ورحلاته - تحقيق ودراسة وتحليل، دار المعارف، القاهرة، دت، ص18.
[11] المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، ت. محي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، ط4، 1964،ج1، ص9.
[12] محمد الصالح السليمان: الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث، منشورات اتحاد الكتاب العرب، المغرب، 2000، ص19.
[13] فحي عامر: قراءة في كتاب الرحلة في الأدب العربي - التجنيس وآليات الكتابة وخطاب المتخيل، متاح على الشبكة [15/9/ 2004].
[14] علي كابوس، عبد العلي اليزمي: كتابة الرحلة ورحلة الكتابة - قراءة في الطريق السيار ل ح. لحميداني، مجلة علامات، العدد 15، 2001، متاح على موقع سعيد بن كراد
[15] سغموند فرويد: حياتي والتحليل النفسي، ترجمة: مصطفى زيور، وعبد المنعم المليجي، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1967، ص73.
[16] سار جنت: علم النفس الحديث ، سلسلة الشريط الحريري، ترجمة: منير البعلبكي، دار الملايين، بيروت، 1997، ص73.
المصدر
http://www.diwanalarab.com/local/cac...eon0-60928.gif
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
العرب القدامى كانوا أكثر استكشافاً
(ارتياد الآفاق)
مشروع أدب الرحلات
بسمة الخطيب
هو، ورغم ذلك فقد ظلّ طوال عشرة قرون، مجهولاً ومهملاً، لكن يبدو أن هذا لم يعد مصير الآن، بعد ستة أعوام من إطلاق المثقف الإماراتي محمد السويدي مشروعه الرائد "ارتياد الآفاق"، الهادف إلى رفع راية هذا اللون الأدبي والفني والثقافي، وهو المشروع الذي سيكون عنوان المرحلة الحديثة الأهم، عربياً، في تاريخ هذا الأدب.
عام 2000 أعلن السويدي عن مشروع "ارتياد الآفاق"، الذي انطلق عملياً عام 2001 مع أول إصداراته تحت إشراف الشاعر نوري الجرّاح، الذي تقاطع شغفه بأدب الرحلة مع طموحات السويدي، ومن أبو ظبي انطلق المشروع إلى كل أقطار العالم، باحثاً عن كلّ مخطوطة تروي رحلة حاجّ ورحالة وتاجر ومغامر ومستشرق ... الهدف الكبير كما يوحي عنوان المشروع: المعرفة والعلم واكتشاف الذات والآخر، وأهمّ من كلّ هذا نفض الغبار عن تراث أدبي عربي عريق وثمين أهمله أهله طويلاً.
كذلك رمى المشروع إلى الكشف عن نصوص مجهولة لكتّاب ورحّالة عرب ومسلمين جابوا العالم ودوّنوا رحلاتهم ومشاهداتهم وانطباعاتهم وتحليلاتهم، إضافة إلى تسليط الضوء على ما كتبه الرحّالة الغربيون والمستشرقون الذين زاروا ديارنا العربية والإسلامية وعادوا إلى بلادهم بالكثير من الانطباعات المسبقة التي غادروا بها، مروّجين لشرق"ألف ليلة وليلة" والخرافة والشعوذة، ممهّدين للغزو الغربي الثقافي ومن بعده العسكري.
يقول السويدي هنا: إن الاستفزاز الذي شعرت به النخب العربية والإسلامية بسبب هذه الصور غير المكتملة، بل الزائفة، دفعها إلى رحلة عكسية، أي الرحيل نحو الآخر بحثاً واستكشافاً والعودة بوصف لما شاهدته وخبرته، وإثارة صراع فكري بين الغرب والشرق، وليس مشروع السويدي سوى استئناف لتلك الرحلة العكسية، وخطوة جديدة تنطلق من شبه الجزيرة العربية.
مئة رحلة عربية إلى العالم
انطلاقاً من هذه الأهداف بدأ "ارتياد الآفاق" بإصدار سلسلة "مئة رحلة عربية إلى العالم" التي تكشف كيف رأى العرب العالم عبر رحلاتهم، وكيف ركّزوا على رصد ملامح النهضة العلمية والصناعية والثقافية والعمرانية ... ويتكرّر مع صدور كلّ كتاب والإعلان عن كلّ خطوة جديدة أن الهدف هو الكشف عن طبيعة الوعي الإنساني بالآخر الذي تساهم في تشكيله الرحلة، وعن الثروة المعرفية التي يختزنها أدب الرحلات المتميّز بمادّته السردية المشوّقة المطعّمة بالعجائب والغرائب والطقوس الفريدة ... وكذلك الكشف عن همّة الإنسان العربي في ارتياد الآفاق، وليست الجملة الأخيرة مجرد صدفة أو كلمة تقال، بل يرمي بها السويدي القول بوضوح إن العربي كان ينزع نحو ارتياد الآفاق الجديدة واستكشاف الآخر في الماضي أكثر بما لا يقاس مما يفعل حالياً، منبّهاً بطريقة غير مباشرة إلى خطورة التقوقع والعزلة المسؤولة عن الجهل والتأخّر عن اللحاق بركب المسيرة الإنسانية.
تبعت سلسلة "مئة رحلة عربية إلى العالم" عدّة خطوات مكمّلة، مثل الندوة السنوية لأدب الرحلة جائزة ابن بطوطة سلسلة "سندباد الجديد"، "موسوعة رحلات الحج"، "شرق الغربيين"، "رحّالات شرقيّات"... وبحلول العام 2006 كان قد صدر عن "المركز العربي للأدب الجغرافي ارتياد الآفاق" حوالى 140 كتاباً بين مخطوطة ونصّ ودراسة ومصنّف جغرافي وترجمة لأثر أجنبي.
تنقلت الندوة السنوية التي ينظّمها المركز منذ 2003 تحت عنوان "ندوة الرحالة العرب والمسلمين" بين المغرب والجزائر والسودان، وسترسو مطلع 2007 في الإمارات، وهي في كلّ مرة تجمع دراسات وأبحاثاً حول مدوّنات الرحالة العرب والمسلمين في رحلاتهم بين الشرق والغرب الهادفة إلى اكتشاف الذات والآخر ... كما تخلّلها الإعلان عن "جوائز ابن بطوطة"، وهي عبارة عن جائزة تحقيق مخطوطات الرحلة الكلاسيكية وجائزة الرحلة المعاصرة وجائزة دراسات أدب الرحلة، وأضيفت لها جائزتان هذا العام هما "جائزة الرحلة الصحافية" وجائزة "المذكرات واليوميات"، كما ستعلن هذا العام عن جائزة جديدة للعام 2007 هي جائزة شخصية عربية أو أجنبية أثرت أدب الرحلة.
أدب جديد
سنة بعد أخرى يكبر المشروع وتتسع آفاقه، تتزايد فروع الجائزة وقائمة الإصدارات، ولا شكّ بأنّ هذا المشروع الرائد سيجد نفسه أمام نوع آخر من الأسئلة والتحدّيات تحديداً وهو في طور إنجاز جزء كبير من أهدافه ونشر المزيد من كلاسيكيات أدب الرحلة أو الرحلات المعاصرة. تتعلّق هذه الأسئلة بجوهر أدب الرحلة نفسه كأدب عالمي له تقنياته وأدواته، يتلمّس المؤرّخون وجوده في أقدم الأعمال الأدبية والشعرية منذ هيرودوت وأوديسة هوميروس مروراً بكوميديا دانتي الإلهية التي يعبر خلالها في رحلة إلى الجحيم والمطهر والجنة، ثم "كتاب عجائب الدنيا" لماركو بولو وكتابات كولمبوس وأمريكو فسبوتشي وابن بطوطة وفولتير...
إذاً بعدما يُتِمّ "المركز" نشر الكثير من نصوص الرحلات وبينما يحقّق في دورها في ما يسمى علاقة الشرق بالغرب سيحين وقت التساؤل عن ماهية هذا الأدب وقواعده وخصائصه السردية والفنية والمقارنة بين ماضيه وحاضره واستشراف مستقبله، وبعد التركيز على أدب الرحلة كجسر بين الثقافات ومرآة للمجتمعات يأتي وقت تناوله كأدب وفنّ له مدارسه المختلفة ودعائمه الأسلوبية ومساراته السردية...
كان "أدب الرحلة" قد عرف نقلة نوعية حين قدّمه ستيفنسن وديفو وملفيل وكونراد تحت خانة "أدب المغامرة"، وأضفى عليه جول فرن صبغة علمية أو بالأحرى "خيالية علمية"، كما تحوّلت هذه الرحلات إلى مادة غنيّة لأدب الفتيان والأطفال ... اليوم يقال إنّ هذا الأدب فقد سحره بعد التطوّر التكنولوجي الهائل وتطوّر خدمات الأقمار الصناعية وشبكات الانترنت و"غوغل إيرث" أبرزها، في فتح آفاق العالم أمام الجميع ... هذه مقولة مطروحة للنقاش لأنّ آخرين يدحضونها ويرون أن توق الإنسان إلى الترحال ما زال قائماً بل متّقداً نحو أماكن تعرّضت لتغييرات اجتماعية وسياسية وحتى جيولوجية ونحو الفضاء كمثال بديهي، حيث يُنتظر أن يعود كلّ رائد فضاء و"سائح فضائي" بكتاب لن يكون إلا إضافة إلى "أدب الرحلة الجديد".
كما يطرح آخرون أدب رحلةٍ مقترناً بمتصفّحي الانترنت والرحالة الافتراضيين والرحّالة المقتدين بشبكة النتّ بدل البوصلة والخريطة الورقية، ليس لاكتشاف المجاهل الجغرافية كما في الماضي، بل لإعادة قراءتها وتلمس تغييراتها ... فهل سيكون للعرب مكان في "أدب الرحلة الجديد" أم سينتظرون عشرة قرون جديدة كي يقولوا كلمتهم؟ لا يبدو أن السويدي والجراح يملكان كلّ هذا الصبر.
المصدر
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
رحلة ابن معصوم المدني
أو
(سلوة الغريب وأسوة الأريب)
http://www.neelwafurat.com/images/lb...d/95/95797.gif
"سلوة الغريب وأسوة الأريب"
كتاب معروف في الأوساط الأدبية كمصدر أدبي مهم، وضعه مؤلفه "ابن معصوم المدني" وهو حدث لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره يوم غادر موطنه الحجاز مع عائلة والده ميمماً شطر الهند ترافقه بعثه شرف يرأسها وزير من حيدر آباد الركن، وقد استغرقت رحلته هذه إلى أن وصل إلى أبيه تسعة عشر شهراً، دون خلالها كل ما وقعت عليه عينه في البر والبحر.
وإلى أن اشتد ساعده واستوى، شرع سنة 1074هـ في تأليف هذه الرحلة، فوصف المدن والقرى والسكان، والمناخ والماء والهواء، والجبال والأشجار والثمار والحيوان، والمساجد ومراقد العلماء، وترجم لبعضهم، ووصف البحار وما فيها من حيوان وأحجار كريمة وغرائب، فنمّق كل ذلك ووشاه مما عرف عنه من القدرة على الاستطرادات الأدبية الرائعة، والاستدراكات العلمية المفيدة، وأورد الكثير من الشواهد المختارة نظماً ونثراً، ثم أنهى الرحلة بإيراد نماذج من شعر والده، وما يناسبها من أقوال لشعراء آخرين.
وبعدها ترجم للسلطان عبد الله بن محمد قطب شاه سلطان حيدر آباد، ثم ترجم لجماعة من علماء العصر وأدبائه الذين التقى بهم في مجلس والده، وأورد لبعضهم نماذج جيدة من الشعر، وهو في أثناء ذلك يورد الشواهد الشعرية الرائقة والحكايات الطريفة المسلية، والنقد المؤيد بالحقائق العلمية، ثم أتى بعد ذلك بفصل ذكر فيه جملة من أخبار الهند وأحوالها قديماً وحديثاً، وكان مسك الختام طائفة مختارة من الشعر لجماعة من الشعراء كان هو نسفه أخرهم.
ولأهمية هذه الرحلة اعتنى "شاكر هادي شكر" بتحقيق متنها الوارد في هذا الكتاب، تحقيقاً يبين ما غمض من عباراتها، وما لبس من معانيها، كما اعتنى بإيضاح أسماء الأعلام من الرجال الموارد ذكرهم في الكتاب، وبذكر تواريخ وفاتهم، مشيراً إلى مصادر تراجمهم.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
ندوة
كلية الآداب - ظهر المهراز - مدينة فاس - المملكة المغربية
صورة المغرب بلغات متعددة
عبد اللطيف محفوظ
صبيحة ماطرة يوم ثامن أبريل بمدينة فاس، وتحديدا بكلية الآداب – ظهر المهراس، في قاعة المحاضرات انطلقت أشغال الندوة الوطنية التي نظمها مركز البحوث الأيبيرية والأيبيرو أمريكية، ومركز بحوث محمد أبو طالب والجمعية المغربية للبحث في الرحلة، في موضوع:
"المغرب في نصوص الرحلات الغربية"
وقد افتتحت الجلسة بكلمات رئيس مركز البحوثالأيبيرية والأيبيرو أمريكية ومنسق الندوة عبد المنعم بونو ورئيس جمعية المغربية، رئيس شعبة اللغة الأسبانية حيث أكدوا على أهمية دراسة صورة المغرب في الكتابات الرحلية الغربية نظرا لما توفره من معرفة عن الذات وفق تمثلات الآخر..
عيون .. تحدق وترى ما تريد
خلال الجلسة العلمية الأولى برئاسة أحمد صابر الذي أعطى الكلمة في البداية لخالد بكاوي، ركز هذا الأخير في مداخلته الموسومة بعنوان"الحريم الغربي في الخطاب البريطاني" على خصوصيات الصورة المنتجة في القرون الوسطى من خلال وعي أوروبي إلى إفريقيا، خصوصا ما يتصل بالرحلات ذات الصلة بالقراصنة والأسرى، موضحا كيف أن هذه الرحلات تختلف عن رحلات القرنين التاسع عشر والعشرين من حيث كونها رحلات قسرية، لأن الكاتب يكون مجبرا على ارتياد بلدان غريبة والعيش في عوالم محكومة بثقافة مختلفة، مشيرا إلى ظاهرة ملفتة ،تتمثل في كون الصورة المنتجة تتناقض مع الخطاب الاستشراقي عندما تتخلى بعض الذوات عن ثقافتها الأصلية وتفضل عن طواعية الانخراط في الثقافة الإسلامية.
أما المداخلة الثانية فقدمها شعيب حليفي وحملت عنوان "الصورة والوعي الدائري: في رؤية الآخر للمغرب" حيث افتتح ورقته بالإشارة إلى ضرورة بناء تصور نظري مرن وإطار تحليلي لقراءة النصوص التي رسمت صورا للمغرب خلال مختلف العصور، وحصر الباحث هذه الكتابات في الرحلات والمذكرات والتقارير والرسائل والشكاوى والاستعطافات ... لينتقل بعد ذلك إلى تحديد مفهوم الصورة في هذه الكتابات وفي السياقات التي أنتجت فيها (ثقافية ودينية وسياسية) ليخلص إلى وجود أشكال متغايرة لصورة المغرب حصرها في ثلاث لحظات: قبل مؤلف وصف إفريقيا للحسن الوزان وبعده إلى حدود نهاية القرن 18، ثم القرن 19 و20 وارتباط هذه اللحظات بخلفيات تجارية ودينية وإيديولوجية.
انتقل الباحث في سياق تحليلي إلى الرؤى التي أفرزتها اللحظات الثلاث للسفراء والسياح ورجال الدين والتجار والأطباء والصيادلة والعشابين والجواسيس والأدباء، ثم توقف عند الرؤية الغرائبية والرؤية الدينية – السياسية المرتبطة بالأطماع الاستعمارية.
ثم تدخل بعد ذلك عبد المنعم بونو بموضوع "صورة وخيال: المغرب بعيون إيبيرية" قدم من خلالها صورة المغرب كما يتبدى انطلاقا من نصوص رحلية إسبانية و برتغالية وقصص وتقارير لمقيمين .. موضحا مواقف الرحالة التي لا يمكن الكشف عن خلفياتها دون الأخذ بالاعتبار لخصوصياتها المتمثلة في كون الصورة تنبع من وعي بالذات وبالآخر بوصف هذا التقاطع مما يشكل بالضرورة علة لتغليب قيم وتمثلات الذات، الشيء الذي ينتج عنه تبخيس ثقافة الآخر، جراء المقارنات بين انساق الرؤية للظواهر والأشياء ومسارات الفعل، وسيادة الموقف الباني لصورة سلبية عن المغرب.
ومن نتائج ذلك كون بعض الرحلات الإيبيرية إلى المغرب أفرزت توجها عدائيا يتضمن غياب التقاطعات الممكنة بين الثقافتين وهو وضع ينفي إمكانية الحوار، لأنه يضمر الموت للآخر، ويتجلى ذلك في عدة مظاهر من بينها الانطلاق من الأحكام العامة الجاهزة وغياب تفعيل المنطق في التمثيل والتقييم واعتماد المقارنة بين أشكال تمظهر نفس حالات الأشياء المؤسساتية أو الذهنية في المنطقتين بهدف ترجيح شكل حضورها في ثقافة الذات.
وأكد الباحث على نزوع تلك الرحلات نحو وسم المغرب بصورة البداوة والوحشية ورسم إسبانيا بالحضارة والحداثة، وخلص إلى القول بكون تشكيل الصورة الموضوعية للمغرب يجب أن تستنتج من دراسة تنخرط في سياق موسع هو الخيال السوسيو ثقافي مع ضرورة العودة إلى كل الخطابات ذات الصلة بالموضوع، منبها إلى أن صورة المغرب في الرحلات الإيبيرية يمكن أن تكون موضوعا لدراسة الخيال الثقافي للإيبيريين أنفسهم.
وقدم عبد الرحيم مؤدن مداخلة تحت عنوان "مستويات المكان في الرحلة الإسبانية إلى المغرب في القرن 19" مؤكدا في البداية تأثير هذه الرحلات المهم في هذه المرحلة وتأثيراتها السياسية. لينتقل إلى تحديد مفهوم المكان، الذي بدا عنده أقرب المكان الافتراضي بوصفه تحققا للفعل وتأويلا له في نفس الآن، وقد انطلق من رحلة خواكين كاتيل الذي قدم ترجمة له، قبل أن يحدد سياقات رحلته في ثلاثة، هي سياق استشراقي ينطوي على فكرة المركز والهامش، وسياق المتعة ممثلا بالتقاط الطرائف والعجائب والشوق إلى المكان، والسياق الاستعماري، حيث يمكن ربط هذه الرحلة بهزيمة إيسلي واحتلال تطوان.
ثم انتقل إلى وصف تجليات المكان، فحدد المكان البكر وربطه بما يظل راسخا في الذهن، وهو فضاء مرغوب دائما في ثباته، ثم المكان المعرفي، ويرتبط بالأمكنة الفعلية مثل التضاريس والجوامع والحومات والفنادق والخانات .. وأخير المكان الدموي ويرتبط بالأمكنة التي شهدت الفتن وشق عصا الطاعة وكانت ميدان قتال. وخلص إلى أن الرحلة وهي تحتفي أكثر بوصف الأسلحة الأوروبية وتظهر فعاليتها في كبح التمرد تشير إلى فعالية التقدم الأوروبي ونجاعة منتوجاته وتفوقه، وإلى أن المكان في هذه الرحلة يعكس أوضاع المغرب خلال الفترة المشكلة لزمن الرحلة، وأيضا صورة الآخر والوضع المريح الذي كان عليه.
وكان آخر متدخل في الجلسة الصباحية هو أحمد برمضان بمداخلة حملت عنوان "المغرب من خلال كتاب (رحلة إلى إفريقيا) في أواخر 1934"، وهي رحلة لصحفي أرسلته جريدة A.B.C للبحث عن أسرة من إسبانيا، موضحا أن هذه الرحلة قد احتفت بتصوير بطولات أسرى الحرب الأسبان في المغرب، انطلاقا من استجواب مغاربة، مشيرا إلى الفضاء العام الذي ميز هذه المحكيات هو النزوع الواضح نجو أسطرة أفعال الأسبان والأمكنة الموصوفة التي زارها من طنجة إلى الرباط، فالجنوب الذي غاب التعريف به كونه مجهولا من قبل الأسبان، كما أشار إلى أن وصف الرحالة قد تنوع بتنوع المدن التي زارها وبأثرها على تاريخ بلاده، وهكذا وصف مكناس بالوحشية تحت تأثير كونها في عهد المولى إسماعيل كانت فضاء لاعتقال أسرى أسبان، بينما أثرى على الدار البيضاء ووصف عمرانها بالمتأثر بالعمران الأوروبي، وأشاد بجمال أغادير، وجعل طنجة فضاء لتقاطع المتع والروائح والخطايا، واصفا سكانها بالمدمنين على الكيف والميل إلى الخمول، وانتهت الرحلة بتأكده من خبر إطلاق سراح الأسرى مباشرة بعد اعتقال بن عبد الكريم الخطابي، وخلص في الأخير إلى تقييم أسلوب الرحلة التي تبدت مؤشرة على ضعف صياغة الربورتاج، والسطحية في تمثل الموصوفات.
المغرب بعين ألمانية وكواتيمالية
أما الجلسة الثانية المسائية التي ترأسها شعيب حليفي، فقد تدخل فيها خالد لزعر بمداخلة عنونها بـ"من أجل تلق ألماني للمغرب: نموذج جيرهارد رولفس" موضحا أن هذا الرحالة يعتبر من أكثر العارفين بالواقع المغربي في القرن 19، ويعود ذلك إلى تكوينه الطبي الذي سمح له باقتحام مجامع العديد من الأوساط المغربية، ومن أهمها حريم السلطان المولى عبد الرحمن، مشيرا إلى أن رولفس قد دون أسفاره في المغرب في ثلاثة كتب أهمها " مقامي الأول بالمغرب والسفر جنوب الأطلس عبر واحات درعة وتافلالت" سنة 1873، وكلها تعبر عن التوجهات الاستعمارية التي شغلت فكر الأوروبيين تجاه المغرب خلال القرن 19، كما لاحظ أن هذا الرحالة قد حاول إضفاء صبغة علمية صرفة على أوصافه، حيث تحرى الدقة في أغلب الأحيان، وعمل على مقارنة بلده بالمغرب، الشيء الذي يوضح، يقول الباحث، مدى تأثر الرحالة بموروثه الثقافي وجعله مرآة لرؤية الذات، أما وصف رولفس لأوضاع المرأة واليهود والإسلام .. فإنه لم من الصور النمطية المكررة التي عادة ما نجدها عند أغلب الرحالة الغربيين، مشيرا في الأخير إلى أن علاقة رولفس بمولاي عبد السلام (وزان) كانت مفتاح أبواب إطلالته على المغرب من أجل سبر أغواره.
عبد الرزاق مسلك بمداخلة تحت عنوان"مغرب 1911 أو رؤية رحالة عسكري ألماني" وقد كانت عبارة عن تحليل لكتاب "المغرب: دراسات اقتصادية وسياسية" الصادر سنة 1911 لكروتير الذي هو ضابط ألماني متقاعد، وقد حاول الباحث تجلية صورة المغرب كما تتبدى في هذا الكتاب، خصوصا انطلاقا من خصوصيات وصفه للمدن المغربية ولسكنها ولتواجد الجيش الفرنسي، مشيرا في الأخير إلى أن ما يصبغ أهمية خاصة على هذا الكتاب هو إنتاجه في الليلة نفسها التي أعلن فيها المغرب محمية فرنسية.
أما مداخلة سعيد سبيعة الموسومة بـ"فاس لويس كاردوثا" وهي عبارة عن قراءة في كتاب "فاس مدينة العرب المقدسة" المكتوب سنة 1927، وهو كتاب ينقسم إلى جزأين، يركز الجزء الأول على الجوانب الروحية والدينية لأهل فاس، وعلى وصف المرأة العربية وعنف ودموية الرجال، وأيضا على الفن والشعر الفاسيين، وأهميتهما، وكذا اسم المدينة مع تعداد مختلف الروايات المرتبطة بهذا الاسم، مشيرا إلى أن هذا الجزء قد كتب بنفس شعري ملحوظ.
أما الجزء الثاني فيتعرض لوضعية اليهود في المدينة، بالتحولات السياسية العربية التي كانت تؤشر آنذاك على تحول عميق محتمل، وقد لا حظ الباحث أن الرحالة يبدو متأثرا بما سمعه أكثر مما رآه هو نفسه، وأنه يبالغ في تقدير معتقدات أهل فاس ومن ذلك على سبيل المثال تقريره أن المولى إدريس يعتبر من قبلهم في مرتبة إله، وينتهي إلى التأكيد أن هذا الجزء على خلاف الأول قد اتسم بقصور في التعبير، حيث يلاحظ أن الرغبة في التعبير كان يعوقها العجز عن إيجاد تركيبات مناسبة تجسدها، الشيء الذي دفعه إلى تركيبات لغوية مختلفة وغير متوائمة.
ثم تدخل عبد القادر الصنهاجي بورقة حول "الاستشراق والكولونيالية عند اوجين اوبان"مقدما قراءة مستفيضة وتحليلات معمقة لما خلفه اوبان الفرنسي أثناء تواجده بالمغرب 1902- 1904 والمعطيات التي جعلت من كل أحكامه تندرج ضمن سياق الكتابات الكولونيالية.
في نهاية اللقاء عرف النقاش مستوى علميا رفيعا، عكس التكامل المعرفي بين مختلف التخصصات العلمية المشاركة والحضور المتنوع، مع العلم أن المداخلات قدمت بالعربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية من طرف باحثين من تخصصات متعددة بلغات مختلفة.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
أدب الرحلة الغربي نمّط الشرقيين
عبر صور دنيا
نواف الجحمة
http://www.awan.com.kw/files/imageca...9550656400.jpg
أجرت الحوار معه
أفراح الهندال
حصل الأستاذ المساعد في كلية التربية الأساسية على شهادة الدكتوراه في الآداب بتخصص التاريخ الوسيط من جامعة محمد الخامس بالرباط، وقدم العديد من البحوث والدراسات التي احتضنتها الدوريات والمجلات الثقافية الكبرى بحفاوة، وحاز كتابه:
«رحلة الغرب الإسلامي وصورة المشرق العربي، من القرن السادس إلى القرن الثامن الهجري(12-14م)»
جائزة ابن بطوطة للدراسات في الأدب الجغرافي من «دار السويدي» .. وتعد من الجوائز المهمة على مستوى الوطن العربي.
أفراح الهندال: أنت رحالة من نوع آخر ... يُرافق من يقرأ لهم، ويسافر معهم ويرى ما يرون لكن بعينين مختلفتين، فكيف ترى الرحلة؟
نواف الجحمة: مما لا شك فيه أن رحلة الذات هي سبر غوار النفس، ومدونات المسافرين الشخصية تشكل في الثقافات الأخرى مكتبة قائمة في حد ذاتها «الرحلة لا تنتهي إلا بموت العهد»، والرحلة متجذرة في الشخصية العربية الإسلامية، وهناك شواهد وقرائن رحلية وتاريخية وجغرافية، ومنها «ملحمة جلجامش» في العراق، وهي رحلة معقدة تتكلم عن طقوس وجنائز وأفراح وأحزان لتعبر عن كينونة الشخصية العراقية، وهذا ما نلحظه في تاريخ وادي الرافدين، المسألة تنتقل معنا إلى الرحلة اليونانية (هوميروس) في الأوديسة، وكيف استطاع هذا العبقري أن يجسد شخصيات رحلية، وكنت أود من النقاد أن يرجعوا إلى الشعراء الرحالة في الشعر العربي الجاهلي أو ما نسميه (بالشعر الجزيري) نسبة إلى جزيرة العرب، فقصيدة زهير بن أبي سلمى «ألا هل أبيتن ليلة بجنب الغضى* أزجي الغلاص النواجيا» تعبر عن اشتياق ذاك الرجل الذي كان في بلاد فارس إلى نجد، وإلى النوق البكر، فهناك شعراء رحالة استطاعوا أن يتكلموا عن الرحلة ولكن بلغة جزيرية عربية وهذا ما يدخل في دائرة «تاريخ الأيام».كذلك الفينقيون وهجراتهم وتأسيس مدينة قرطاج في تونس وإفريقية نفاجأ بأن البحر الأبيض المتوسط كان بحيرة يونانية ثم كانت (بحيرة رومية) ثم أضحت لنا بحيرة عربية إسلامية، وحملت هذه البحيرة رحلات ملحمية وسفارية وتجارية واستكشافية ودينية.
هذا بالإضافة إلى اكتشاف «أميركا» عن طريق الرحلة أيضًا، ومن خلال كريستوف كولومبس باعتماده على خريطة الشريف الإدريسي «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»، أما نزوح الأروربيين واليهود إلى أميركا فهي رحلة مهجرية خطيرة جداً، يقول تعالى: «إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد».
- إن كان «علم الآثار» هو «رحلة للبحث عن الإنسان»؛ فأين تجد آثار الإنسان في «أدب الرحلات»؟
- هناك رحلات ذكرت في كتاب الله عز وجل وهذا يدخل في علم القصص، مثل أصحاب الكهف يقول تعالى:"نحن نقص عليك نبأهم بالحق"، ومنها رحلة الملك «ذي القرنين»، ورحلة موسى عليه السلام في طلب العلم، وأدب الرحلة من أمتع المؤلفات وأكثرها رواجاً على اختلاف قيمتها الأدبية وتنوع موضوعاتها، ونتبين آثار الإنسان فيها في المقارنة ما بين نظرة المسافر بوسائل حديثة؛ وبين رحالة عرب قدامى وصلوا إلى المدن بشق الأنفس، ودونوا أحوال الإنسان ونشاطه الاجتماعي وعاداته وتقاليده وحياته الروحية بما يجدد دم الرغبة في استكشاف الآخر ويردم الفجوة الكبيرة بين الأزمنة.
- ولم اخترت «أدب الرحلات» بلغتها وزخرفتها البلاغية دون التقارير ومدونات السير التقريرية؟
- أدب الرحلة يشكل ثروة معرفية كبيرة ومخزناً للمشاهدة والقصص والوقائع والمعلومات، وهو مصدر من مصادر الجغرافيا والتاريخ فضلاً عن كونه مادة سردية شائعة تحتوي على العجيب والمدهش والغريب، بلوحات فنية شكلتها مشاعر حميمة، وخلجات وجدانية وأخيلة متعانقة، وفيها يتقمص الرحالة شخصية الراوي ليمزج بين الرصد التأريخي والأدب، وبذلك يتميز «أدب الرحلة» ليكون مادة معرفية جغرافية أو مصدرا تاريخيًا إلى جانب إبداعه اللغوي ومتعته في القراءة، ومن أجل ذلك اخترت أدب الرحلة في دراستي.
- أتظن أنه بالإمكان استمرار أدب الرحلات بدهشة الاكتشاف الأول في ظل رفاهية السفر دون مناكفة ما مر بالرحالة القدماء؟
- استكشاف طبيعة الوعي بالذات والآخر تشكل طريق الرحلة، والأفكار التي تسربت وميزت النظرة إلى المظاهر والأفكار والناس والدول ممكن أن تخرج من الصورة القبلية إلى الصورة البعدية، ومازال شغف الرحال يبحث في المجهول عن الجديد، فابن بطوطة -على سبيل المثال لا الحصر- عندما يسلك طريقاً من القسطنطينية يسلك معبرًا لم يمر به من قبل، وإذا رجع قافلا فإنه يأخذ معبراً آخر! وهذا هو «الشغف البطوطي» في الاستكشاف، واستطاع الأدباء والباحثون أن يقرؤوا رحلة ابن بطوطة كأنموذج فريد في النظر إلى استراتيجية العجيب والغريب فهو شيخ الرحالين، وأفضل من كتب في المجال البحثي عن العحيب الغريب من الاوروبيين هو الفرنسي «تودوروف» في كتابه «العجائبية».
- وهل يمكن إعادة خلق «أدب الرحلات» في عصرنا؟
-ممكن باستثمار الرحلات كما فعل ابن بطوطة؛ فهذا الرجل قد حج ست مرات على مدى 30 سنة قبل أن يقفل إلى بلده ويلقى عاهل المغرب (أبا عنان)، لينطلق نحو الأندلس وإفريقية، ورحلته جمعت غرضين:النسك والحج إلى بيت الله الحرام، واستكمال المعرفة وطلب العلم والبحث عن العلماء في السياحة الصوفية.بين الاستشراق و«الاستغراب»
- ما الفرق بين تدوينيّ الرحالة العرب والرحالة الغرب كلاهما عن الآخر؟
- أدب الرحلة الغربي مكـّن من تنميط الشرق والشرقيين عبر صور دنيا بوساطة مخيلة متعطشة إلى العجيب والغريب الشرقي، بينما أدب الرحلة العربية إلى الغرب مختلف تماماً، فهو يلحق أو يتبع ملامح النهضة العلمية الصناعية وتطور العمران والعصرنة وهذا يدخل في الفضول المعرفي، واستطاع من باب طلب العلم واقتفاء الأثر الخروج من الشلل الحضاري.
الظاهرة الغريبة هي أن قراءة الآخر الشرقي وتأويله شكلت دافعاً ومحرضاً لأفراد النخب لمواجهة صور غربية لمجتمعات جديدة، وهو ما ولد لديهم دوافع لشد الرحال نحو الآخر الغربي «لأي شيء تقدموا وتأخرنا؟»، وظاهرة الاستعمار كانت سببًا من أسباب اهتمام الرحالة العرب من مثل: الفاسي، الكردودي، جرجي زيدان، محمد كرد علي، محمد رشيد رضا، محمود تيمور.. وغيرهم، كل هؤلاء تكلموا عن هذا الموضوع واشتركوا فيه.والاختلاف ما بين رحالة الغرب إلى المشرق العربي؛ أو رحالة عرب كتبوا عن الآخر الغربي تكمن في «الوظيفة» التي تكون للرحلة من هؤلاء، و«السبب الداعي» إلى رحلاتهم ووجهاتهم ومراحل الاستكشاف؛ فالرحلة الوسيطية (في العصور الوسطى) لم تكن فيها روسيا ولا أي من بلاد أوروبا تحمل أيًا مظاهر الحداثة لحظة الوعي بالتفاوت
- تبرز الكتابة عند العربي بمزيج الرصد والمقارنة والحسرة والانبهار؛ بينما يكتب الغربي متجردا من كمّ المشاعر بملاحظات دقيقة ومجردة غالبًا. كيف تفسر ذلك؟
- الرحلة المعاصرة هي لحظة الوعي بالتفاوت «روح الانهزام والانكسار والحسرة (هم ونحن .. لأي شيء تقدموا وتأخرنا؟)، وهي نظرات رحلية ليست بعيدة عن الأوضاع السياسية التي كانت تمر بها المنطقة، وهنا يدخل الباحث التاريخي فيجد ظاهرة التواكب، وما يحصل في المشرق نجد انعكاسه وصداه في المغرب العربي .. فالأمة الإسلامية واحدة وهذا سر قوتنا وضعفنا في تلك اللحظة، وأغلب الرحالة الغربيين جاؤوا ضمن وظائف عسكرية استخباراتية، لذلك برزت مدوناتهم ومذكراتهم التاريخية.
- تقصد أنهم جواسيس؟
- لا أستطيع أن أدعي أنهم جواسيس، ولكن أغلب ما كتبوا كان عبارة عن تقارير كتبت عما يحصل في المشرق – ليست بالشكل الاستخباراتي - وذلك بما يعود عليهم بالنفع، فأغلب الرحلات الغربية تخرج من الحكومات ولا تخرج من دائرة الأفراد، (ماركوبولو) هل هو شخصية أرادت أن تتكلم مثلاً عن بلاد الصين أو بلاد البرتغال بطريقة ابن بطوطة؟ أم هي عبارة عن تقارير كتبها للحكومة الإيطالية؟
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
رحلاته ثلاث استغرقت كلها زهاء تسع وعشرين سنة، أطولها السفرة الأولى التي لم يترك فيها ناحية من نواحي المغرب والمشرق إلا زارها.
وأكثر ما كانت إقامته في الهند حيث تولى القضاء سنتين، ثم في الصين حيث تولى القضاء سنة ونصفا، فوصف كل من شاهده وعرفه فيهما من سلاطين وخواتين، وأناسي رجالا ونساء، ووصف ملابسهم وعاداتهم وأخلاقهم وضيافاتهم، وترتيب مآكلهم ومشاربهم، وما حدث في أثناء إقامته من حروب وغزوات وثورات وفتك بالسلاطين والأمراء ورجال الدين، وكانت عاطفته الدينية تدفعه إلى زيارة المساجد والزوايا، فلم يترك زاوية إلا زارها ونزل ضيفا عليها، حتى إنه زار من جبل سرنديب المكان الذي يقال إن فيه أثر قدم آدم أبي البشر.
ومهما كان من أمر فإن قصة رحلاته من أطرف القصص وأجزلها نفعا، لما فيها من وصف للعادات والأخلاق، ولما فيها من فوائد تاريخية وجغرافية، ومن ضبط لأسماء الرجال والنساء والمدن والأماكن.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...
-
رد: أدب الرحـــــــلة ...