رد: أدب الرحـــــــلة ...
رد: أدب الرحـــــــلة ...
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://group.eqla3.com/01/44444.gif
''الحج إلى بيت الله الحرام''
بعد سلسلة من الدراسات والترجمات في أدب الرحلة بالشرق والغرب، صدر مؤخرا للناقد والمترجم المغربي الدكتور عبد النبي ذاكر كتاب جديد يحمل عنوان: (الحج إلى بيت الله الحرام)، وهو عبارة عن رحلة حجازية أنجزها المستشرق الفرنسي ألفونس إتيان ديني سنة 1347هـ/1929م رفقة المفكر الجزائري الحاج سليمان بن إبراهيم باعمر، ومما جاء في تصديرهما لهذا المؤلَّف: ''كتابنا هذا ليس عمل الأدباء ولا العلماء، وإنما هو عمل مسلمَيْن لم يعملا على تقييد أيَّة ملحوظة، أو أخذ رسم أو صورة فوتوغرافية إبّان إقامتهما في الأرض المقدسة، لكنهما كانا منخطفيْن أمام جلال مناسك الحج، وأمام روعة مناظر أرض الحجاز، التي بقيت ذكريات مناسكها ومناظرها محفورة في عينيهما وقلبيْهما.
تُرى هل يستطيع هذا الكتيِّب، باستعادة حقيقة الحج إلى مكة، تبديد الخِلافات المحدِقة بمستقبل السلام في الشرق، وكذا الإسهام ـ بشكل متواضع ـ بإقامة وئام صادق بين اليهودية والمسيحية والإسلام، وئام يتوجب على الحضارة تحقيقه؛ أَوَلَيسوا إخوة ورثوا ثلاثتُهم ـ بالدرجة نفسها ـ توحيد إبراهيم الخليل؟ ألا نرى كيف يجْهر المسلمون بتبجيل موسى والمسيح؟
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://group.eqla3.com/01/44444.gif
''الحج إلى بيت الله الحرام''
بعد سلسلة من الدراسات والترجمات في أدب الرحلة بالشرق والغرب، صدر مؤخرا للناقد والمترجم المغربي الدكتور عبد النبي ذاكر كتاب جديد يحمل عنوان: (الحج إلى بيت الله الحرام)، وهو عبارة عن رحلة حجازية أنجزها المستشرق الفرنسي ألفونس إتيان ديني سنة 1347هـ/1929م رفقة المفكر الجزائري الحاج سليمان بن إبراهيم باعمر، ومما جاء في تصديرهما لهذا المؤلَّف: ''كتابنا هذا ليس عمل الأدباء ولا العلماء، وإنما هو عمل مسلمَيْن لم يعملا على تقييد أيَّة ملحوظة، أو أخذ رسم أو صورة فوتوغرافية إبّان إقامتهما في الأرض المقدسة، لكنهما كانا منخطفيْن أمام جلال مناسك الحج، وأمام روعة مناظر أرض الحجاز، التي بقيت ذكريات مناسكها ومناظرها محفورة في عينيهما وقلبيْهما.
تُرى هل يستطيع هذا الكتيِّب، باستعادة حقيقة الحج إلى مكة، تبديد الخِلافات المحدِقة بمستقبل السلام في الشرق، وكذا الإسهام ـ بشكل متواضع ـ بإقامة وئام صادق بين اليهودية والمسيحية والإسلام، وئام يتوجب على الحضارة تحقيقه؛ أَوَلَيسوا إخوة ورثوا ثلاثتُهم ـ بالدرجة نفسها ـ توحيد إبراهيم الخليل؟ ألا نرى كيف يجْهر المسلمون بتبجيل موسى والمسيح؟
يوم يجْهر اليهود والمسيحيون بالقدر نفسه من التبجيل لمحمد، صلى الله عليه وسلم، ''أحد أكبر الشخصيات التي عرفها التاريخ''، سيعُمّ السلامُ الشرقَ الأوسط لا محالة.''
حياكـــــــــــــــــــم الله
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://group.eqla3.com/01/44444.gif
http://pr.sv.net/aw/2006/May2006/ara.../f1%20(14).jpg
أحمد محمّد محمود
المملكة العربية السعودية
قليل من الرحالة العرب والمسلمين من كتب عن آخر نقطة على الخريطة في العالم، لكن رحالتنا "محمد بن ناصر العبودي" أطال الله عمره، سطر رحلته تحت عنوان "إطلالة على نهاية العالم الجديد" شملت نيوزيلندا وأجزاء من أستراليا، وعنوان الكتاب كما يقول صاحب الرحلة "ليس من عندي، وإنما هو قول سمعته من أحد الإخوة المسلمين في مدينة (هوبارت) عاصمة جزيرة تسمانيا حيث كنا نتحدث عن المزيد من الاتصال فيما بينهم وبين الجهات السعودية المختصة بالعمل في الدعوة إلى الله تعالى، والتعاون على ذلك مع الجمعيات الإسلامية العاملة في مختلف أنحاء العالم، فقال ذلك الأخ المسلم :نحن نعيش في نهاية العالم".
http://pr.sv.net/aw/2006/May2006/ara.../f1%20(13).jpg
وفي مقدمة الكتاب، يقول الرحالة "شعرت بصدق هذه العـبارة (نهاية العالم) لأن هوبارت تقع في الطرف الجنوبي من تسمانيا، والأخيرة تقع في الطرف الجنوبي من أستراليا وليس وراءها فيما حاذاها من الجنوب شيء من الأرض المعمورة حتى القطب الجنوبي".
لقد جاء الرحالة إلى (نهاية العالم) قادماً من نيوزيلندا، جنوب شرقي أسترالىا " وهي تتكون من جزر متناثرة تمتد من الشمال إلى الجنوب، ســــكانها لا يزيــدون على 3 ملايين و200 ألف نسمة، وأول من اكتشفها من الأوروبيين الهولندي إيبل تاتسمن عام 1645م وبقيت مهملة حتى اكتشاف جيمس كوك لقارة أسترالىا، فزار نيوزيلندا عام 1769م وبعدها تدفق البريطانيون علىها فاستعمروها، بعد عقد أول اتفاق بينهم وبين السكان الأصليين من الجنس الماوري .
" والىوم يشكل الأوروبيون معظم السكان تحقيقاً لسياسة استعمارية قديمة قضت أن تكون نيوزيلندا خالصة للجنس الأبيض من الأوروبيين، وتحقق ذلك بتقييد هجرة الملونين إلىها، ومع ذلك فسكانها تخلَّوا عن جزء كبير من التزمت والتكبر، فاصبحوا أحسن تصرفاً من غيرهم وأفضل سلوكاً تجاه الآخرين بكثير، وهم يرجعون الفضل في قلة المشكلات العرقية إلى هذه السياسة".
ويسجل الرحالة وجود أقليات في نيوزيلندا، لكن "أكبرها هم الماوريون سكان البلاد الأصليين قبل الاستعمار البريطاني، والماوريون كانوا قوماً مسالمين فلم يقـــاوموا الاستعمار إبان دخوله أرضهم، بل لم يقاوموا الاندماج في الحياة الأوروبية في بــلادهم، والىـوم لا يزيد عددهم على ربع المليون أي 9% من السكان، أما العرب فعددهم قليل جداً، وهم يتجمعون في الجزيرة الشمالية من البلاد وقد ساهم الدكتور صالح السماحي أحد المبتعثين السعوديين لدراسة الطب في تأسيس أول مركز إسلامي في (كريست تشيرش) ،ولا يجد المسلمون أي صعوبات في التعامل مع السكان، وكل من تحدثت معهم يشكرون الحكومة والشعب على موقفهم النبيل من المسلمين وتمتعهم بالحرية الدينية التامة.
معاملة راقية
"والأمن في هذه البلاد مستتب بشكل عجيب، فلم نجد النصائح التي نواجه بها عادة في الفنادق من التحذير من السرقة، وحالة الأمن فيها على أحسن مايكون، وأهم صادرات نيوزيلندا (اللحوم) حيث تصدر سنوياً (7) ملايين رأس من الماشــية منها ما يصدر للبلاد الإســـلامية، وتتقــــاضى المراكز الإســــلامية التي تشرف على ما يصــدّر مذبوحاً 20 سنتاً على كل رأس، تنفـــق منه على احتياجاتها السنوية".
من فيجي إلى أوكلاند جاء الرحالة إلى نيوزيلندا جواً في طائرة ليس فيها درجة أولى، وقد ذكر الطيار بعد إقلاع الطائرة أن الرحلة إلى أوكلاند تستغرق ثلاث ساعات، وقد وزعت المضيفات على الركاب استمارات الدخول على ما اعتاد الرحالة تلقيه قبل نهاية الرحلة، والسبب في ذلك تعقيد هذه الاستمارة، فلم أر لها مثيلاً من قبل، وكانت الاستمارات المعقدة التي رأيتها من قبل في روديسيا العنصرية (زمبابوي الىوم) وأمريكا والمكسيك وجزر الكاريبي، الاسـتمارة النيوزيلندية مكونة من أربع صفحات وهي مليئة بالتفسيرات التي توضح السبب في بعض الأسئلة والحكمة منها.
"غير أنني بعدما وصلت فهمت دوافعهم من تعقيد الاستمارة وكثرة أسئلتها، فهم مستقلون في أكثر الأشياء، بمعنى أن بلادهم تعيش وراء أسوار المحيـــط الهـــادي ولهم أشياء كثيرة خاصة بهم من حيث النبات والحيوان والعنصر البشري".
http://pr.sv.net/aw/2006/May2006/ara.../f1%20(16).jpg"وعندما اقتربت الطائرة من مطار أوكلاند كنت أرى المدينة جميلة بسقوفها الحمراء وسهولها الخضراء وجبالها المجللة بالغابات، وكنت في سري أحمد الله أن أتاح لي زيارة هذه البلاد التي لم أكن أحلم بزيارتها، واستعادت ذاكرتي صورة قديمة مضى علىها 30 عاماً عندما عينت مديراً للمعهد العلمي في بريدة واشتريت مجموعة خرائط كبيرة للقارات، وكانت منها قارة أسترالىا وإلى الجنوب الشرقي منها نيوزيلندا، فكنت أقول لبعض الأصدقاء: انظــــروا إلى هذه البلاد البعيدة من الذي يســـتطيع أن يسبح حتى يصل إلىها".
"وعندما هبطت الطائرة لم يسمحوا لركابها بالنزول قبل صعود موظف يرشها والركاب داخلها خشية تسرب حشرات ضارة غريبة، وعندما وصلنا لموظف الجوازات لم ينظر إلى جوازي ولا إلى صورتي ولا إلى رقم الجواز ولم يدقق في صحة اسمي، ولم يفتش موظف الجمارك حقيبتي، وفي المطار حجزت في الفنــدق الذي سأنزل فيه بالســعر الذي حددته لموظفي الحجز بالمطار مقابل مبلغ رمزي لهذه الخدمة، وصرفت مبلغاً من النقود في بنك المطــــار فلم يسألني الموظف عن اســــمي ولا طلب رؤية جوازي".
"وفي مكتب استقبال الفندق وجدت فتاة رقـيقة جداً، وابتسامتها العريضة الرقيـــــقة لا تكاد تفارقها، اعطتني بطاقة كتبت فيها اسمي وعنواني ولم تزد على ذلك ولا سألتني عن بلادي أو طلبت جواز سفري ولم تتعرف حتي على جنسيتي، وأعطتني مفتاح غرفتي، ووجدت الغرفة متكاملة لما يحتاجه النزيل، وازداد عجبي من رخص الأسعار، ونزلت أتجول في المدينة، وكان أول انطباع في ذهني أنها تشـبه الأجزاء البيضاء من أفريقيا الجنوبية العنصرية، غير أن النيوزيلنديين مهذبون ومؤدبون وليــــس لديهم تمييز عنصـــري ولا عقدة تجاه من يخالفهم في اللــون، ولذلك تجدهم أكثر تواضـــعاً وأقــل عنجهية ".
"ونساء الجزيرة هن من الأوروبيات اللاتي لم يتغيَّرن إلا نضارة في الوجوه واعتدالاً في الأجسام وندى ظاهراً، مما يدل على أنهن يتناولن هنا غذاءً يفوق في نوعيته وقيمـــته الغــذائية ما يكون هنـــاك (في الأماكن الأقل جمالاً) ولذلك يلحظ الزائر أنهن يتميزن بقسط أكبر من الجمال".
"ويلمح المرء السكان الأصليين (الماوري) وتميزهم بالشعور الكثيفة المنتفشة فوق رؤوسهم حتى ليخيل للرائي أنهم يحملون فوق رؤوسهم إطارات صغيرة أو شيئاً يشبهها، كما يتميزون بانتفاخ أجسامهم شأن المكسيكيين.
قام الرحالة بجولة في ضواحي أوكلاند" مرّت الحافلة التي نستقلها في الجولة بمقبرة وكان الدليل السائق يعلق على كل شيء نمر به مما يستحق الاهتمام، ولكنه لم يعلق على المقبرة بشيء، وهنا عادت بي الذاكرة إلى مقارنة فعل هذا الدليل بما فعله دليل آخر في جنيف بسويسرا، فعندما مررنا بمقبرة فاخرة تطل على بحيرة جنيف نوه الدليل بغلاء قيمة الفنادق والمساكن قائلاً: إلا أن هناك منازل في جنيف رخيصة جداً لأن الساكن فيها لا يدفع الأجرة إلا مرة واحدة إنها (مقبرة جنيف) ".
"ومر السائق بريف فيه أعشاب برية مزهرة تسمى (أراتاكي)، ومنها يمكن أن ترى الميناء والسد، وهي تقع في منطقة خصصتها الحكومة لتكون حدائق وطنية عامة من الغابات لايقطع منها شيء، بل تظل كما كانت في الزمن القديم قبل العمران والمدنية ليستمتع الناس برؤيتها وليتمكن الدارسون لأمثالها من دراستها، حتى إنهم لم ينسقوا فيها أي تنسيق".
"ثم تحركت السيارة في طريق غير واسع في هذه المنطقة الطبيعية، وفي الطريق أتيحت الفرصة لشرب عصير التفاح الطبيعي، وكانت فرصة للاطلاع على أسعار الفاكهة والخضروات في هذه البلاد ومقارنتها بما علىه أسعار مثيلاتها في المملكة، وتبين لي أنها أغلى عندهم مما عندنا بكثير، وبعضها يبـــــاع بأســـــعار لا تكاد تصدق من غلائها، رغم أنها بلاد زراعية وأمطارها وأنهارها كثيرة".
ولاحظ الرحالة نوعاً من البطاطس غير مألوف في بلادنا، أسود اللون، ونوعاً من الجــــــزر أبيض اللون، وثومــاً كبير الفصــــوص يباع الكيلو منه بما يوازي
(45) ريالاً سعودياً.
الجمعية الإسلامية
وقام الرحالة بزيارة للجمعية الإسلامية في أوكلاند "ويقع المسجد في المدينة في حي (بون سمبي)، وعندما وصلت المسجد رأيت عدداً من الأشخاص ظننتهم عمالاً من عمال البناء أول الأمر لأنهم يعملون في خلط الإسمنت وعلىهم ملابس عمل قد لوثت بالماء والإسمنت، فإذا هم العاملون في الجمعية الإسلامية، فهذا المهندس محمد على سكرتير الجمعية ومحمد أعظم أمير التبليغ فيها، وياسين على رئيس الجمعية وشمس الحق سكرتير الشباب المسلم وإسماعيل يوسف عضو الجمعية".
"وعجبت لوضع القبلة في المسجد وكونها أيمن من مغرب الشمس بقليل في فصــــل الربيع، والواقع أن حجم الأرض لديهم غير عريض (إن صح التعبير) لأنهم في طرفها الجنوبي، لذلك لا تكون القبلة عنــــدهم إلى المغــــرب بل إلى الشــــمال وذلك هـــــو موقــــع غـــروب الشــمس بعـــيداً عن خط الاستواء".
"وكان هنا اثنان من السعوديين يتدربان بعد إكمال دراستهما للطب هما: د.أحمد المشيقيح ود. خالد العمران، وعلمنا أن هناك غيرهما مثل د. صالح السـماحي في (كريست تشيرش)، وقرر الرحالة مغادرة المدينة فرتب له الفندق سيارة تقله إلى المطار "ولقيت من السائق من حسن الأدب والمعاملة ومساعدتي في نقل الأمتعة لسيارته وللحافلة التي أقلتني للمطار ما أعجبني، وعجبت من هذه المعاملة الممتازة التي هي للجميع وليست خاصة بي، وحاولت أن أقارن بين ما كنت أتوقعه في مثل حالتي في بعض الدول وفي بعض بلاد المسلمين الذين لا يلقون بالاً للمعاملة الحسنة، مع أن القرآن والحديث يحثان عليها حتى في الكلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم http://pr.sv.net/aw/2006/May2006/ara.../f1%20(19).jpg"الكلمة الطيبة صدقة" وقـــوله صلى الله عليه وسلم "لا يحقرن أحدكم مــــن المعروف شـيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق".
وغادر الرحالة إلى (ولينجتون) عاصمة نيوزيلندا بالطائرة "وكانت الطائرة تطير فوق الساحل الغربي للجزيرة الشمالىة من جزيرتي نيوزيلندا الرئيسيتين، وكان يتردد في ذهني شيء قد يكون تافهاً بالنسبة لغيري ولكنني شعرت بأهميته عندي، وهو أنني أبلغ الآن أبعد نقطة بلغتها في حياتي من جنوب الأرض فلا يفوق هذه البلاد التي أنا ذاهب إلىها في قربها من القطب الجنوبي إلا طرف أمريكا الجنوبية الذي لم أزره من قبل، ويقع مطار ولينجتون في منطقة محاطة بتلال جبلية من أكثر جهاتها. ونزلت الطائرة نزولاً غير مريح، وخرجت من المطار في اتجاه العاصمة، وأول ما يلفت نظر القادم إلىها وجود التلال العديدة التي نثرت علىها المنازل نثراً، فتشعرك بأنها عاصمة مبعثرة غير مجمعة، وهذا صحيح لأنها واقعة في أرض مستوية منبسطة، ولكن أهلها تعبوا في تهيئتها وإصلاح طرقها وممراتها وجسورها حتى أصبح السير فيها رغم هبوط الطريق وارتفاعه وتلويه في بعض الأحيان ممتعاً بدلاً من أن يكون متعباً".
وبعد نزول الرحالة في الفندق بالمدينة "خرجت إلى الشارع الذي هو سوق رئيسي في العاصمة، كان شبه مهجور بسبب الإجازة الأسبوعية، وكانت الريح البــاردة الجنوبيـة الآتية من القطب الجنوبي تصفع الوجوه وتضرب الأيدي وتكاد أن تخلع الملابس عن الأجساد حتى يتعلق بها المرء بكلتا يديه يحاول بذلك منعها، ويحاول منع تسرب الهواء البارد إلى داخل ثيابه وإلى جسمه، إنها ريح باردة ذكرتني بمثلها في أوسلو عاصمة مملكة النرويج، فكانت هذه باردة حتى في الصيف لأنها آتية من القطب الشمالى، وقد سألت نفسي وأنا أسير في شوارع المدينة وأنا انتفض من البرد رغم الملابـــــس الصــوفية التي تحملت عناء حملها: أكل هذا العــناء الذي تحملته للوصول إلى هذه البلاد يكون لكي أرى قطعة من أوروبا؟
كل شيء في هذه البلاد في غاية التنظيم "وضعوا في إشارات العبور أزارير خاصة يضغط علىها من يريدون قطع الطريق فيطول لبثها لهم".
في أستراليا
وذهب الرحالة في اليوم التالي للحصول على تأشيرة لزيارة استراليا وملأ في السفارة استمارة كانت بسيطة وغير معقدة مثل استمارات الأمريكيين والنيوزيلنديين، ولأن جوازي (دبلوماسي) فقد تطلب الحصول عليها اتصال السفارة بالحكومة الأسترالية، وانتظاراً لردها تجولت في المدينة فرأيت في أحد حوانيتها أكياساً من اللدائن فيها الحلبة النابتة التي كنا نشتريها في الحجاز من الباعة المتجولين وكنت أحبها فاشتريت منها كيساً، وكانت لذيذة كبيرة ريانة العروق، ولاحظت (الفطر) عندهم بألوان ما بين الأبيض والرمادي وشيء يغلب علىه السواد، ولاحظت أن اللحم رغم وفرته عندهم فإن ثمنه ليس بالغ الرخص، ورأيتهم رغم برودة الجو يقبلون على أكل الآيس كريم كما يفعل الإســكندنافيون، ولا يكثرون من الفلفل الحار في طعامهم كما يفعل سكان أفريقيا الشديدة الحرارة".
وبعد حصول الرحالة على الفيزا لدخول أسترالىا، زار المركز الإسلامي في العاصمة أوكلاند "وهو بيت صغير حوَّلوه إلى مسجد، وخلفه قسم للنساء، وتتبعه غرفة أعدت للدروس، ومطبخ لصنع المأكولات في رمضان، ثم المكتبة، وسمعت من نائب رئيس الجمعية أن مشكلتهم الكبرى هي عدم المعرفة بالإسلام، فكيف بأولادهم وأولاد المسلمين؟ وفي العاصمة النيوزلندية عربي واحد مسلم وقلة من اللبنانيين المسيحيين، ولهذا فالمركز الإسلامي بحاجة إلى علماء في الشريعة يبصّرون الناس بدينهم وبحاجة إلى كتب توضح حقيقة الإسلام بالإنجليزية".
وصل الرحالة إلى (ملبورن)، ومنها ركب الطائرة وكان رقم الرحلة (1) إلى "هوبارت" عاصمة تسمانيا، وهي جزيرة تابعة لأسترالىا من الناحية السياسية وتعتبر ولاية أسترالية وإن كانت منفصلة عنها جغرافياً حيث تقع في الجهة الجنوبية منها،" وعندما تجاوزت الطائرة منطقة الغيوم صرنا نرى مياه المحيط زرقاء داكنة لكونها مياهاً عميقة، وهذا البحر تحتنا يسميه بعض الناس بالمحيط الجنوبي أو البحر الجنوبي والأولى أن يسمى المحيط الجنوبي، وقد مررنا فوق لسان عال من الأرض من طرف الجزيرة (تسمانيا) قد تجمعت فيها الغيوم أكثر مما هي علىه على البحر، ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت الطائرة في أرض جزيرة تسمانيا ذاهبة جنوباً نحو عاصمتها "هوبارت" فبدت أرض الجزيرة جافة الحشائش كما هو علىه الحال في أغلب الأماكن في أسترالىا هذا العام نظراً لشح الأمطار، وبدت الأرض ونحن نقترب منها عند نزول الطائرة جميلة ذات تلال عالىة تكسوها أشجار غير كثيفة، وبدا ريفها مزروعاً بحقول غرسوا على أطرافها أشجاراً خضراء من أشجار الظل ومن مصدات الرياح كما نفعل نحن في بلادنا، وقد بدت المدينة بمنازلها البيضاء على خور ضيق من البحر ترتفع منه تلال خضر، فهي من هذا الموقع وحده في منظر جميل".
وهكذا بلغ الرحالة المدينة وهي عنوان كتابه كما سبق وشرح "ولك أن تتصور شعور المرء وهو يهبط في نهاية العالم، وقد أوحى لي ذلك بتسمية الكتاب، ولم أشعر عندما دخلت بناية المطار إلا أنني في بلد أوروبي، وقد ركبنا سيارة أجرة من المطار تقودها فتاة جميلة، إنجليزية الأصل، ومنظرها وهي تقود سيارتها لا يختلف عن سائقي الأجرة في باريس، وقالت لنا: إنكم تلاحظون أن الجفاف هو السائد في هذه المنطقة لأنها منذ ستة أشهر لم تمطر مطراً كافياً".
وبعد نزول الرحالة في الفندق "لم نستطع مغالبة الشوق إلى استجلاء المدينة فخرجنا مشياً على الأقدام في قلبها التجاري فكان من أهم ما لاحظناه فيها الذوق الظاهر في ابتغاء الجمال في الأبنية وغيرها، وكون المدينة صغيرة يدل على ذلك عدم المبالغة في كبر المحلات التجارية فيها".
"وأجمل ما في المدينة موقعها فوق تلال غير عالىة وقد بنوا طرقها على طبيعتها، فتجد الطريق وعلىه المحلات التجارية والبيوت يرتفع وينخفض بارتفاع موقعه وانخفاضه من دون أن تعمل الحكومة على تسوية النازل والعالي وفق ذوق جميل واستقامة تامة للشوارع، وتكثر فيها المطاعم، ولم أرهم يحفلون بالتنويه بالمحلات التي تبيع الأسماك أو طعام البحر كما هو المنتظر من مدينة تقع على حافة المحيط الجنوبي، وتحف بها مياه البحر من جهات ثلاث".
"وجو الربيع البارد المنعش عندنا وهو فصل الصيف عندهم، تجد نساء البلدة قد تخففن من الألبسة وكأنهن في فصل صيفي حار، والسبب - كما قيل لي - هو أن الصيف قصير العمر سريع الانصراف، يغتنم الناس حلوله قبل أن يداهمهم فصل الخريف البارد ثم الشتاء الطويل المطير حيث تهب رياح الجنوب".
المركز الإسلامي
"وزرنا المركز الإسلامي وهو الوحيد في تسمانيا، وهو من طابقين اشتروه عام 1980م بمبلغ عماده معونة من المملكة العربية السعودية، وهو يتألف من مصلى جيد الإعداد فيه مدفأة يشعلون نارها طوال ستة أشهر من العام بسبب البرد، وفيه غرفة للضيوف، ونظراً لتزايد عدد المسلمين فهم يحتاجون لتوسعته، وأشار المسؤولون في المركز إلى أنهم لا يجدون أي مضايقة من جيرانهم غير المسلمين ، ويبلغ عدد المسلمين في الجزيرة 300 شخص نصفهم من المتجنسين ونصفهم من الطلاب القادمين من مالىزيا والباكستان، ويؤدي صلاة الجمعة فيه 120 شخصاً، وينتظم في صلاة التراويح في رمضان 40 شخصاً".
http://pr.sv.net/aw/2006/May2006/ara.../f1%20(20).jpgولاحــــظ الرحالة "أنه لا يوجد ســــود أو ملونون إلا عدداً لا يستحق الذكر، والسبب سياسة سارت علىها الحكومة الأسترالية منذ زمن بعدم السماح بهجرة السود إلىها وشمل ذلك الملونين من القارة الهندية والصينيين وأشباههم، وذلك اتقاءً منها لمشكلات عرقية قد تحدث في المستقبل، ولكن يوجد من الملونين عدد من سكان البلاد الأصليين ويسميهم الأستراليون (أبو ريجنال)، وهؤلاء كانوا موجودين في تسمانيا عند وصول الرجل الأبيض إلىها، فقضى علىهم الأوروبيون قضاءً تاماً وقتلوهم قتلاً ".
"وتجول الرحالة في "هوبارت" ولفت نظره ميناء ماكوبي يقابله تلال خضر ذكرني مرآها بمضيق البوسفور في إسـطنبول، ويصح أن نسمي هذا الخور (البوسفور الأقصى) كما زار حديقة النبات وقد أحسنوا غرس أنواع من النباتات والزهور على تلة يتدرج ارتفاعها من مدخل الحديقة، وأهم ما فيها وأكثرها إمتاعاً أنواع من الزهور المختلفة الألوان والأشكال والأحجام وحتى روائحها التي تعبق الجو الغائم الذي كان يطلق رذاذاً متفرقاً من المطر".
"وقد كتبوا على كل شجرة أو زهرة أو حتى عود أخضر اسمه ومنبته الأصلي وتاريخ استنباته وما إذا كان طبيعياً أو فيه تطعيم أو تهجين أو تحسين".
"وفي المدينة نهر (داروين) صاحب نظرية النشوء والارتقاء، وقد سموه به لأنه كان يجري أبحاثه ويكتب استنتاجاته في مكان قريب من تسمانيا".
وتنتهي رحلة الشيخ العبودي إلى نهاية العالم بعشاء في منزل رئيس الجمعية الإسلامية " فضل الدين" الذي ودعه في مطار "هوبارت" وأوصاه وهو يغالب الدموع أن يدعو له في الأمـاكن المقــــدسة حتى ييسر الله له الحج.
العبودي في سطور
● ولد الشيخ محمد بن ناصر العبودي في القصيم (بريدة) عام 1345هـ.
● من رواد أدب الرحلات في المملكة (أكثر من 300 كتاب في الرحلات).
● حاز على ميدالية الاستحقاق في الأدب عام 1394هـ (1974م)، وعضو شرف الجمعية الجغرافية السعودية.
● عمل مديراً للمعهد العلمي في بريدة عام 1373هـ وحتى 1380هـ.
● الأمين العام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عند افتتاحها.
● الأمين العام للدعوة الإسلامية عام 1394هـ.
● الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي عام 1403هـ
المصدر
حياكـــــــــــــــــــم الله
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://group.eqla3.com/01/44444.gif
http://www.arabicebook.com/images/eb..._Thumbnail.jpg
ماركو بولو
هل وصل إلى الصين؟
تأليف: فرنسيس وود
الناشر: قدمس للنشر والتوزيع
مكان وتاريخ النشر: لبنان - سنة 1999 ميلادية.
لسبعمائة سنة خلت، غادر ثلاثة رجال مركباً شراعياً صغيراً، بعد تطواف دام أسابيع في البحر، ونزلوا على الرصيف الحجري لميناء البندقية، تنم هيئته عن ملامح تترية، بأحذيتهم الجلدية الطويلة العنق، وأثوابهم الحريرية القصيرة حتى الركب، والمبطنة بالفرو، ولم يكن أحد في استقبالهم، هكذا وصف أحد الرواة عودة ماركو بولو وأبيه وعمه من رحلتهم إلى الصين وأقاليم آسية الوسطى بعد مئتي عام من حدوثها.
لقد اقترن اسم ماركو بولو في أذهان أكثر الناس في العصر الوسيط بإحدى رحلاته إلى الصين، وشغل في المخيلة الشعبية مكانة لا تقل عن مكانة كولومبس وفاسكودي غاما وماجلان، وعلى الرغم من الشكوك التي أطلقها أبرز الباحثين الألمان المتخصصين في الدراسات المغولية حول وصول ماركو بولو إلى الصين، فإنه ما من كتاب عن صين العصر الوسيط، شعبياً كان أم أكاديمياً، وحتى كتب الأطفال إلا ويعتبر ماركو بولو صلة الوصل بين صين العصر الوسيط وأوربة – كمبشر ثقافي وحضاري، كما أن كتابه "وصف العالم" يعتبر مرجعاً أساسياً لكافة الدراسات والبحوث عن الصين في العصر الوسيط.
هل وصل ماركو بول فعلاً إلى الصين، أم أن رحلاته اقتصرت على بعض أقاليم آسية الوسطى؟
حياكم الله
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...