إبراهيم المصري
يفوز بـ(الرحلة الصحافية)
إيلاف: فاز كتاب الصحافي والشاعر المصري إبراهيم المصري "رصيف القتلى.. مشاهدات صحافي عربي في العراق) بجائزة الرحلة الصحافية السنوية التي يمنحها كل عام المركز العربي للادب الجغرافي - ارتياد الافاق الذي يرعاه من ابو ظبي الشاعر محمد أحمد السويدي، والشاعر نوري الجراح.
إبراهيم المصري
وقد زار المصري العراق مرات عديدة قبل وبعد سقوط نظام صدام من خلال عمله الصحافي وبرز صوته منفردا اذ خالف بقية الصحافيين العرب الذين فسروا الحدث العراقي وفق الخطاب السياسي العربي السائد.
وكان المثقف العربي الوحيد الذي حضر انتخابات اتحاد الكتاب والادباء في العراق صيف عام 2004.
ويشكل فوزه بجائزة الرحلة العربية خرقا لما بات متعارفا عربيا حيث تتداخل السياسة وتهيمن على اي حدث ثقافي. وقد نوهت لجنة تحكيم الجائزة عن عدم اتفاقها مع تفسيرات الصحافي والشاعر ابراهيم المصري للحدث السياسي في العراق في قرارها منحه الجائزة.
وتنقسم جائزة الرحلة الى خمسة جوائز في ثلاثة مجالات لتحقيق مخطوطات الرحلة الكلاسيكية، وجائزة للرحلة المعاصرة، وجائزة للدراسات في أدب الرحلة، وأضيف هذا العام مجالان جديدان هما: جائزة الرحلة الصحفية، وجائزة أدب "اليوميات".
فاز بالجائزة هذا العام عن "تحقيق المخطوطات الكلاسيكية" أربعة محققين هم: د. سوزان ميلار (الولايات المتحدة)، د. خالد بن الصغير (المغرب)، د. محمد الصالحي (المغرب)، أ. قاسم وهب (سوريا)، وفاز بجائزة "الرحلة المعاصرة" د. خليل النعيمي (سوريا).
وفاز بجائزة "الدراسات في أدب الرحلة" د. نواف الجحمة (الكويت)، وفاز بجائزة "الرحلة الصحفية" إبراهيم المصري (مصر)، وفاز بجائزة "اليوميات والمذكرات" فاروق يوسف (العراق).
وبذلك يبلغ عدد الحائزين على الجائزة حتى تمام دورتها الرابعة 23 باحثاً وكاتباً عربياً وأجنبياً.
الأعمال المتسابقة
تشكلت لجنة التحكيم لهذا العام، كما في الأعوام السابقة، من 5 أعضاء من الأساتذة المختصين والأدباء العرب، وبلغ عدد المخطوطات المشاركة 42 مخطوطاً جاءت من 13 بلداً عربياً، وتوزعت على الرحلة العربية المعاصرة والدراسات بصورة أكبر، وعلى المخطوطات المحققة بصورة أقل.
وقد جرت تصفية أولى تم بموجبها استبعاد عدد قليل من الأعمال لم تستجب للشروط العلمية المنصوص عنها بالنسبة إلى التحقيق، واستبعد ما غاب عنه المستوى بالنسبة إلى الجائزة التي تمنحها الدار للأعمال المعاصرة، وقد نزعت أسماء المشاركين من المخطوطات قبل تسليمها لأعضاء لجنة التحكيم لدواعي السريّة وسلامة الأداء، وجاءت النتائج على النحو التالي:
جائزة المخطوطات المحققة
*رحلة الصفار إلى باريس
1845-1846
محمد الصفار الأندلسي التطواني
تحقيق: د. سوزان ميلار
(الولايات المتحدة)
عرب النص وشارك في التحقيق: د. خالد بن الصغير
(المغرب)
*النفحة المسكية في السفارة التركية
1589
علي بن محمد التمكَروتي
تحقيق وتقديم: محمد الصالحي
(المغرب)
*رحلة الأمير فخر الدين المعني الثاني إلى إيطاليا
1613 ـ 1618م
حققها وقدم لها: قاسم وهب
(سوريا)
*جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة:
قراءة العَالَم
رحلات في كوبا، ريو دي جانيرو، مالي، لشبونة، والهند الأوسط
خليل النعيمي
(سوريا)
*جائزة الدراسات في الأدب الجغرافي:
صورة المشرق العربي
في كتابات رحالة الغرب الإسلامي
في القرنين السادس والثامن الهجري 12 و14
د. نواف عبد العزيز الجحمة
(الكويت)
*جائزة اليوميات:
لا شيء .. لا أحد
يوميات في الشمال الأوروبي
فاروق يوسف
(العراق)
*جائزة ابن بطوطة للرحلة الصحفية:
رصيف القتلى
مشاهدات صحافي عربي في العراق
إبراهيم المصري
(مصر)
بيان لجنة التحكيم الجائزة لسنة 2006
اجتمعت لجنة التحكيم ما بين 15 مايو و5 يونيو وتوصلت إلى اختيار الأعمال التالية للفوز بجائزة ابن بطوطة لتحقيق المخطوطات، والرحلة المعاصرة، والدراسات في الأدب الجغرافي، والرحلة الصحفية والكتابة اليوميات.
وقد اختارت اللجنة الأعمال الفائزة التالية للاعتبارات المذكورة:
جائزة المخطوطات المحققة:
رحلة الصفار إلى باريس
1845-1846
محمد الصفار الأندلسي التطواني
تحقيق: د. سوزان ميلار، عرَّب النص وشارك في التحقيق د. خالد بن الصغير
تكمن أهمية رحلة الصفار في قدرة كاتبها على تقديم أجوبة عن أسئلة من قبيل: أين يكمن سر قوة الفرنسيين؟ كيف تمكنوا من الوصول إلى ذلك المستوى من القوة؟ كيف استطاعوا قهر الطبيعة وإحكام قبضتهم على مسارها بطرق وأساليب مازالت خافية عنا؟ كيف يعيش الفرنسيون حياتهم اليومية، وكيف يربون أبناءهم وخدامهم؟ ما هي أحوالهم التعليمية، وكيف يسلون أنفسهم ويروحون عنها، وماذا يأكلون؟ و باختصار، ما هو وضع حضارتهم، وما هي أوجه اختلافها عن حضارتنا؟ وبالتالي على تسجيل تجربته في صور دقيقة الرسم وذات عمق إنساني، فكانت له القدرة على فتح نافذة على عالم بعيد عن عالمه هو، ونقل مشاهدته إلى غيره، ومن خلال وصفه الدقيق لما هو جديد، ويكاد يكون كل شيء جديدا، نحس بنسيج اللقاء الثقافي: وبقراءتنا لما دونه عن رحلته، نجد أنفسنا أمام فرصة نادرة تتاح لنا لتقمص شخصية أحد رجال الفكر المغاربة في لحظة حرجة تمتحن معتقداته ومشاعره وتوجهاته.
إن "موعد" الصفار مع الجديد، على حد تعبير (رولان بارت-Barthes)، يحدث مواجهة أكبر حجما مجد خلالها تجربته مرات عديدة.
وتمثلت خلفيات رحلته في أحداث ووقائع أدت، بشكل عميق، إلى قلب التصور الذي كان لدى النخبة الحاكمة في المغرب عن قوتها إزاء الغرب رأسا عل عقب. وفي الواقع، كانت الرحلة في حد ذاتها جزءًا من ذلك المجهود الذي استهدف القيام بمحاولة لتصحيح الخلل والتبصر بمعرفة الأسباب الكامنة وراء الإخفاقات.
وقد تميز العصر الذي عاش فيه كاتب الرحلة بالقلق الذي انتاب المغاربة من قدرتهم على مواجهة الغرب المتحكم في جميع مقومات التفوق العسكري، كما تميز أيضا بوجود تخوفات كبيرة من وقع القضايا الخارجية وخطورة تأثيرها على الأحوال الداخلية لنظام اتسم بهشاشته.
وكانت هذه القضايا العريضة مطروحة مسبقا قبل الرحلة، وقد ارتأت لجنة التحكيم أن كلاً من تحقيق الرحلة ودراستها التي قامت بها الباحثة الأميركية سوزان ميللر، وتعريب الدراسة والتحقيق بالعربية يستحقان بامتياز جائزة ابن بطوطة لتحقيق المخطوطات، ويعتبر العمل الذي قاما به إثراء بيناً للثقافة العربية.
النفحة المسكية في السفارة التركية
1589
علي بن محمد التمكَروتي
تحقيق وتقديم: محمد الصالحي
اختارت لجنة التحكيم هذا النص لجائزة ابن بطوطة لتحقيق المخطوطت لتمتع تحقيقه بالشروط العلمية واستيفائه هذه الشروط باقتدار علمي.
رحلة مرآوية، يتقابل فيها السَّفَر واللغَة. اللغة مرآةُ السَّفَر. والسَّفَر مرآةُ اللغة، لم يَسْعَ التمكَروتي في سفارته ما بين المغرب والمشرق وهو مندوب السلطان المغربي أحمد المنصُور الملقب بالذهبي، للقاء السلطاني العثماني مراد الثاني، إلى وضع ذاته في صُلب رحلته، ولا إلى جَعل هذه الذات المرآةَ التي تنعكس عليها الجغرافيا والتمظهُرات الثقافية العامَّة من عُمرانٍ وعادَاتٍ، ولا سعَى التمكَروتي، وهذا هو المدهِش، في هذه الرّحلة، إلى اكتساب بطولة أو إعلاء شأنِ الذَّاتِ المغامِرَة، بل عكسَ كل ذلك سعى إلى تثبيت صُورَة الفقيه الملفّع بعباءة الأدَب، والأديب الملفّع بعباءة الفقيه، وفي اعتقاد المحقق أنه نَجح في ذلك.
في هذه الرحلة يصف الرحالة مدينة القسطنطينية، ومراسِيم الاِستقبال في القَصرِ، وعلى رغم أن قَلم التمكَروتي يَحرَنُ إذ يُشيحُ ببصره عن المكامِن التي يُمكنُ أن يقدحَ زنَادَها فينبعث منها المدهش والغريب مما شاهده في عاصمة الخلافة، فإن نص رحلته يعتبر بامتياز وثيقة بالغة الأهمية عن سلطنتين وسلطانين وقصرين والطريق بينهما في القرن السادس عشر.
ولعل وصف أهوال البحر من بين أميز ما دونه هذا الرحالة المولع باللغة والشعر والبيان، وكما يلاحظ المحقق فإن في مظنُون التمكَروتي أنه لا يمكن فَهمُ الآنِي والآتِي إلاّ بالاتكاءِ على الماضِي، الماضِي هُنا هو ذاكرة التمكَروتي المحشوَّة بالشِّعرِ والحكمة والبلاغة المنمطة المسكوكة التي لا يَبذُل صاحبُهَا أي جهدٍ في تطويعها، كلّ دَيْدنه ومبتغاه أن يكشف عن عُلوّ كَعْبِهِ في الاستِظهار.
رحلة الأمير فخر الدين المعني الثاني إلى إيطاليا
1613 ـ 1618م
حققها وقدم لها: قاسم وهب
تـُعد رحلة الأمير فخر الدين المعني الثاني من الوثائق النادرة في بابها ؛ فهي من أقدم المدوّنات العربية التي وصفت جوانب مهمة من مدنيَّـة أوربا في مطلع القرن السابع عشر، فبعض المدن التي زارها المعني أو أقام فيها ضيفاً على آل ميديتشي شهدت بدايات النهضة الأوربية الحديثة التي عمّـت آثارها فيما بعد أرجاء المعمورة كافة، وكانت إقامته ضيفاً على آباء النهضة الأوروبية آل ميديتشي لخمس سنوات سبباً في ما حاول إحداثه من نهضة في يبلاد الشام، دفع ثمنها عنقه وعنق ولده.
ولعل المثير أن الملاحظات المدونة في هذه الرحلة تجعلنا نكتشف أن التفاوت الحضاري بين العرب والغرب آنذاك لم يكن كبيراً، بل ربما كان بوسع العرب تجاوزه لو لم يقـُم العثمانيون بقطع الطريق على بوادر التطورات الرامية إلى تأسيس نهضة عربية تستلهم نهضة الغرب، أو تستفيد من بعض منجزاتها.
ومما يزيد من أهمية هذه الرحلة أن صاحبها رجل دولة محنـَّـك، ومحارب لا يلين؛ لم يتوان َعن الوقوف في وجه أكبر إمبراطورية في الشرق دفاعا ً عن شعب ٍ أرهقته المظالم، وأنهكته الحملات العسكرية المتوالية التي طالما شنها عليه الحكام والولاة العثمانيون.
والميزة التي لا تقل أهمية عما سبق هي اللغة التي كـُتب بها هذا النص ، وما تحمله من دلالات تعكس المستوى الذي انحدرت إليه أساليب الكتابة في زمن ٍ تفشّى فيه الجهل والتجهيل بين الخاصة والعامة على السواء.
أخيراً ولعل من الضروري الإشارة إلى أن اللغة التي كتبت بها الرحلة تغري المعنيين بالدراسات اللغوية بالنظر في تطور اللهجات المحكية في بلاد الشام خلال القرون الأربعة الأخيرة، وما طرأ عليها من تغيير، وما حملته من مصطلحات، وما خالطها من مفردات مستحدثة أو مُعرَّبة.
اختارت لجنة التحكيم هذا النص للفوز بجدارة بجائزة ابن بطوطة لتحقيق المخطوطات لسنة 2006 لكونه يعتبر كشفاً علمياً وتاريخياً اجتهد محققه في كشفه وتحقيقه وزوده بمقدمة ضافية تلقي ضوءاً على نص لا غنى عنه لكل قارىء مهتم.
جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة:
قراءة العَالَم
رحلات في كوبا، ريو دي جانيرو، مالي، لشبونة، والهند الأوسط
خليل النعيمي
حاز هذا الكتاب على جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة لخصوصية الرؤية والتجربة والكتابة التي اجتمعت لصاحبه بين دفتيه. فالرحالة هنا ليس سائحاً وكتابه ليس دليلاً للسائحين. إنما "الرحّالة قاريء! لكنه لا يقرأ الكلمات، وإنما العلامات." بهذا الوعي يكتب الرحالة والروائي خليل النعيمي كتاباً جديداً في السفر. 6 نصوص عن 6 رحلات قام بها الكاتب حول العالم غطت أربع قارات، ووقفت على جغرافيات الأرض والناس، وعلى الروح الإنساني بصفته كلاً لا يتجزأ مهما اختلفت اللغات وتباينت التجارب والأعراق، لأن "التعوّد على رؤية الأشياء، والكائنات، نفسها، يصيبنا بالعمى" نحن نسافر، فنحن "لا ندرك، وإنْ كنا نعلم" أن الكون مليء بالشغف والأساطير الحية، إلا عندما نسافر."، فالسفر بهذا المعنى، ومن خلال هذه الرؤية الشفافة والعميقة بحث عن الحرية.
إنه، أيضاً، محاولات متكررة لاستكشاف الذات من خلال استكشاف العالم، والتعبير عن الألم الشخصي من خلال لمس ألم الآخر المجهول، والخلاص من خلال البحث عن أمل جديد فـ"للسفر وجوه! والوجه الذي يهمنا هو الذي يجعلنا نتشبّث بمشاهد الكون، وكأنها لم تكن إلا لنا".
بهذه الرؤية النافذة يكتب المسافر، وقد سافر مغامراً لئلا يريد أن يعود بالوعي الذي بدأ به. فالرحالة بالنسبة إليه "لا يجوب العالم بحثاً عن الصورة، وإنما عن الجوهر."، ولأجل هذا السمو الروحي في التعبير عن الأرضي، والبراعة في الكتابة حاز كتابه، بامتياز، على جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة لسنة 2006.
وترى فيه لجنة التحكيم إضافة حقيقية إلى أدب الرحلة المعاصر، ولعله أن يكون من تلك الكتب التي ستبقى طويلاً في أيدي القراء.
جائزة الدراسات في الأدب الجغرافي:
صورة المشرق العربي في كتابات رحالة الغرب الإسلامي في القرنين السادس والثامن الهجري 12 و14
د. عبد العزيز الجحمة
دراسة بانورامية قيمة لصورة المشرق العربي من خلال مدونات الرحلات المغربية والأندلسية التي تتجاوز محتواها كمجرد مذكرات، إلى كونها مصدراً من مصادر التأريخ للمشرق العربى في ثقافاته وحضاراته الإنسانية المختلفة، بحيث إن الرحلات المذكورة تعتبر ـ من هذه الناحية ـ تأريخاً لما أهمله التاريخ. ولما كانت هذه الرحلات من إنتاج مغاربة، بينما أحداثها جرت في مسرح بيئات أخرى مشرقية كالحجاز ومصر والشام والعراق وفي المسافات التي تفصلها، فإن اهتمام مؤلفيها انصب على معالم جديدة عليهم ومظاهر وأمثلة ومعطيات ونظم وأشخاص من صميم البلدان التي حلوا بها، وهو ما اثرى تجاربهم الشخصية.
ولما كانت قلَّة من المتخصصين والباحثين في التاريخ الوسيط قد تناولت بالدرس مجالات الحياة في المشرق العربى من خلال الرحلات المغربية والأندلسية، فلا بد من الإشادة هنا بهذا الجهد العلمي المركز الذي تناول رحلات المغاربة والأندلسيين إلى المشرق بالدراسة والتعريف والتحليل واستخلاص النتائج. ومن جريدة الكتاب يمكن للقاريء أن يلاحظ ما اعتمد عليه الدارس من مصادر ذات أصول ومشارب متنوعة، ساعدته على استكشاف وتركيز تلك الصورة التي رسمها الرحالون المغاربة والأندلسيون للمشرق العربي في العصور الوسطى.
وكما جاء في بيان لجنة التحكيم فقد أنجز الدارس عمله ببحث دؤوب وذهن متقد، وعقلية منفتحة وموضوعية لافتة للانتباه، فاستحق على هذا العمل العلمي الممتاز جائزة ابن بطوطة للدراسات في أدب الرحلة.
جائزة اليوميات:
لا شيء .. لا أحد
يوميات في الشمال الأوروبي
فاروق يوسف
هذا هو الكتاب الأول الفائز بجائزة ابن بطوطة لكتابة "اليوميات" مؤلفه شاعر وناقد تشكيلي عراقي مقيم في السويد، ويومياته هذه تعكس الداخل الإنساني الهارب من صقيع المنفى الأوروبي وجهنم مسقط الرأس إلى عالم الذات في اتساق الخارج مع الداخل، "لا شيء.. لا أحد" كتاب من الجمال الطبيعي، يخلو من لعبة التلفيق، ليهب قارئه أوقاتاً من الصفاء الحقيقي.
وإذا كانت كتابة اليوميات فنٌّ يقع في خانة التأريخ لليومي والشخصي، متقاطعاً مع حياكات مجتمعية وتاريخية أخرى، بالغة التعقيد بفعل مركّباتها النفسية والمزاجية المتعلقة بلحظة الكتابة، فإن هذه الكتابة تتقاطع أيضاً مع المكان الآخر بوصفه الشاهد الصامت على كل لحظة يعيشها المنفي.
بالنسبة لواقعنا الشرقي، وثقافتنا العربية تبدو كتابة اليوميات عملاً بالغ الندرة، فقد ألِف الكتاب العرب القدامى فكرة التأليف المعرفي والأكاديمي بصورته الموضوعية غالباً، غير الشخصية، وغير المتماهية مع الذات بوصفها فاعلاً في إنتاجنا المعرفة وفي علاقتها الوجودية بالمعرفة.
في هذه اليوميات يمزج الكاتب تأملاته وخواطره عن ذاته وعالمه بسطور شعرية سرعان ما تطغى على الجزء الثاني من كتابه ليتحول الشعر إلى شريك أساسي في هذه اليوميات.
وعلى الرغم من أن الشق الأول من الكتاب أكثر إبداعية لما في نثره المضيء من سطوع وعلو، مقابل سطور الشعر التي ستغادر قدرتها على الإدهاش لتستقر في نمط متوقع، إلا أننا بإزاء يوميات عجيبة في قدرتها على نقل ما يعتمل في نفس صاحبها وما يتوارد إلى خاطره، وكذلك ما يغامر فكره وملكاته الإبداعية صوبه.
كتاب استحق عن جدارة كبيرة جائزة ابن بطوطة لكتابة "اليوميات" في دورتها الأولى، فهو لبنة أكيدة في سلسلة من الكتب التي ستترى الواحد بعد الآخر لتثري المكتبة العربية والقارئ العربي بأدب التجارب الشخصية، وبالسفر مع الكائن ليس في رحلة واحدة أو بضع رحلات في الجغرافيا، وإنما، هذه المرة، في رحلة حياته كلها، إنها اليوميات.
جائزة ابن بطوطة للرحلة الصحفية:
رصيف القتلى
مشاهدات صحافي عربي في العراق
إبراهيم المصري
يوميات ملتهبة لشاعر يتجول بعينين مفتوحتين وعقل متحفز مستطلعاً فاجعة الحرب من الزوايا الأكثر ايلاماً: الإنسان ومصيره. على أنقاض الديكتاتورية وفي ظلال آلة الحرب الأميركية وجنودها، قام الشاعر بلباس الصحافي وعدَّته بمغامرة تنطوي على مجازفة وخطرٍ كبيرين، ليروي في كتابه هذا قصصاً إنسانية التقطها من شهود الفاجعة بوصفه مراسلاً تلفزيونياً يغطي أحداثاً في منطقة تلتهمها الحرائق.
أفاد صاحب الرحلة مما سبق وأنجز من تقارير تلفزيونية عن مآس الديكتاتورية والحصار والحرب، فإذا به يؤلف كتابه من مقبرة جماعية في كربلاء، وأرض مجففة في الأهوار، ومعارض إسلامي حفر مخبأ في بيته وتوارى فيه اثنين وعشرين عاماً، هرباً من أجهزة الأمن السياسي، وطفلة مشلولة لم تجد علاجاً، ومخدوعاً بالديكتاتور فهو من فدائييه، وشاب يباهي بقميصه الذي داس عليه صدام ذات يوم بحذائه ليخاطب الجماهير ويرتقي عربته العسكرية، إلى مساجد الديكتاتور التي أنفق في بنائها مئات الملايين من الدولارات فيما كان شعبه يئن تحت وطأة حصار أودى بحياة الملايين، وخصوصاً الأطفال.
لجنة التحكيم، التي أبدت عدم اتفاقها مع الكاتب حول بعض التفسيرات السياسية للأحداث، ارتأت أن الكتاب يستحق جائزة ابن بطوطة للرحلة الصحافية لصدقه وجرأته في الكشف عما توصل إليه من قصص وأحداث ومشاهد ذات دلالات إنسانية، انتصر معها الكاتب لقضايا الناس المظلومين ولفكرة الأمل وإرادة الحياة على مظاهر اليأس.
توزيع الجوائز في أبو ظبي
وستصدر الرحلات الثلاث المحققة الفائزة في سلسلة "ارتياد الآفاق"، والرحلة الفائزة بجائزة الرحلة المعاصرة في سلسلة "سندباد الجديد"، والكتاب الفائز بجائزة ابن بطوطة للدراسات في سلسلة "دراسات في الأدب الجغرافي"، والكتاب الفائز بجائزة الرحلة الصحفية في سلسلة "أرض الحدث"، والكتاب الفائز بجائزة "اليوميات" في سلسلة "يوميات".
توزع الجوائز في احتفال يقام في "دارة السويدي الثقافية" في أبو ظبي، ويعلن لاحقاً عن توقيته، ويعقب الحفل ندوة علمية يشارك فيها الفائزون بمحاضرات حول أعمالهم.
جائزتان جديدتان، وثالثة تقديرية
وهكذا تضيف "دار السويدي" هذا العام إلى سلسلة جوائزها جائزتين جديدتين فتصبح جوائز ابن بطوطة 5 جوائز، وتعلن في الوقت نفسه عن جائزة سادسة تفتح لها باب الترشح من العام القادم وهي جائزة ابن بطوطة التقديرية، وتمنح كل عام لشخصية أجنبية أو عربية أثرت حقل المغامرة الأدبية والبحث في أدب الرحلة وأنصفت بأعمالها الثقافتين العربية والإنسانية والعلاقات بين الشعوب، وبنت بأعمالها جسراً بين ثقافات الشرق والغرب.
قبول الطلبات للدورة الخامسة 2007
يفتح باب قبول الطلبات للمشاركة في الجائزة بدءاً من اليوم 10 حزيران/ يونيو 2006، ويستمر حتى منتصف آذار/مارس من العام 2007.
شروط الاشتراك في الجائزة:
- يمكن لأي كاتب أو باحث محقق أن يشارك في مسابقة الجائزة بترشيح عمله بنفسه.
- أن يكون النص محققاً وفق قواعد التحقيق العلمية المعتمدة في الأوساط الأكاديمية.
- تقبل المخطوطات التي هي رسائل أكاديمية لنيل درجات علمية.
- من حق الجهة المانحة للجائزة إجراء التعديلات الفنية التي تراها مناسبة على النص الفائز ليتوافق وصيغة النشر المعتمدة من الدار بالاتفاق مع المؤلف أو المحقق.
- أن يرسل النص في نسخة ورقية واحدة مرفقة بنسخة إلكترونية.
- يمكن لأي مؤسسة ثقافية أو جماعة أدبية غير رسمية أن ترشح شخصية أدبية عربية أو أجنبية لنيل جائزة ابن بطوطة التقديرية.
- تستقبل النصوص والترشيحات على عنوان "دار السويدي" في أبو ظبي ص. ب 44480 أو على البريد الإلكتروني: info@alrihla.com معلومات عن الجائزة
تأسست جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي سنة 2003 وتهدف إلى تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات، وهو ميدان خطير ومهمل، وقد تأسست إيماناً من الشاعر محمد أحمد السويدي راعي المركز العربي للأدب الجغرافي - ارتياد الآفاق" بضرورة الإسهام في إرساء تقاليد حرّة في منح الجوائز، وتكريساً لعرف رمزي في تقدير العطاء الفكري، بما يؤدي بالضرورة إلى نبش المخبوء والمجهول من المخطوطات العربية والإسلامية الموجود في كنف المكتبات العربية والعالمية، وإخراجه إلى النور، وبالتالي إضاءة الزوايا الظليلة في الثقافة العربية عبر علاقتها بالمكان، والسفر فيه، والكشف عن نظرة العربي إلى الذات والآخر، من خلال أدب الرحلة بصفته من بين أبرز حقول الكتابة في التراث العربي، لم ينل اهتماماً يتناسب والأهمية المعطاة له في مختلف الثقافات، مع التنويه بتزايد أهمية المشروع وجائزته في ظل التطورات الدراماتيكية التي يشهدها العالم، وتنعكس سلباً على علاقة العرب والمسلمين بالجغرافيات والثقافات الأخرى، فالأدب الجغرافي العربي (وضمناً الإثنوغرافيا العربية) من شأنه أن يكشف عن طبيعة النظرة والأفكار التي كوّنها العرب والمسلمون عن "الآخر" في مختلف
الجغرافيات التي ارتادها رحالتهم وجغرافيوهم ودوّنوا انطباعاتهم وتصوراتهم الخاصة بهم عن الحضارة الإنسانية والاختلاف الحضاري حيثما حلّوا.
في دورتها هذه، كما في دوراتها الثلاث السابقة، تواصل الجائزة التوقعات المتفائلة لمشروع تنويري عربي يستهدف إحياء الاهتمام بالأدب الجغرافي من خلال تحقيق المخطوطات العربية والإسلامية التي تنتمي إلى أدب الرحلة والأدب الجغرافي بصورة عامة، من جهة، وتشجيع الأدباء والكتاب العرب على تدوين يومياتهم المعاصرة في السفر، وحض الدارسين على الإسهام في تقديم أبحاث ودراسات رفيعة المستوى في أدب الرحلة.
د. أبو شامة المغربي