مائة عام على مولد الناقد الكبير محمد مندور (حوار)
...... .......................
بمناسبة الاحتفال بمائة عام على مولده
محمد مندور.. متي يأخذ حقه من التكريم؟!
العراقي : يكفي أنه أعاد تصحيح مفاهيم النقد الأدبي
تليمة : لماذا لا نجمع تراثه وننشره.. ونطلق اسمه علي قصر ثقافة الزقازيق؟!
عتمان : لا أحد يستغني عن كتاباته في دراسة المسرح
قنديل : ليت التليفزيون ينتج مسلسلاً عن حياته
حوار: محمد جبريل
......................
في الخامس من يوليو القادم تأتي الذكري المائة لمولد الناقد والمفكر الكبير الراحل الدكتور محمد مندور ورغم اقتراب المناسبة فإن هيئاتنا الثقافية تتجاهل -حتي الآن- مجرد تذكير الأجيال الجديدة من المثقفين بإسهامات مندور في حياتنا. مع ملاحظة أن منظمة اليونسكو بادرت إلي التذكير بأهمية الاحتفال بمناسبة مولد محمد مندور باعتباره من أهم الشخصيات العربية في القرن العشرين.
لا شك-في تقدير د.عاطف العراقي- أن محمد مندور من طليعة النقاد المصريين المعاصرين. ولا يمكن -حين نؤرخ للنقد الأدبي في العالم العربي- أن نغفل الدور الحيوي والبناء الذي قام به مندور. لقد أعاد تصحيح الكثير من المفاهيم الخاصة بالنقد الأدبي. ويكفي أنه حاول كل جهده أن ينظر إلي النقد الأدبي علي أساس أنه علم وليس مجرد أهواء ذاتية شخصية. من هنا فإن النقد أصبح في منظور محمد مندور شيئاً حيوياً. له قواعده التي يجب أن نلتزم بها. بحيث نفرق بين الرؤية النقدية من جهة. والرؤية الذاتية الجمالية الفنية من جهة "أخري". تماماً كما نقول "العلم نحن" بمعني وجود أشياء مشتركة يتفق عليها الجميع. في حين أن "الفن أنا" بمعني الرؤية الذاتية.
حين يجيء مندور ويحاول بكل جهده أن يؤسس قواعد للنقد الأدبي. فإن هذا يعد انجازاً حقيقياً بكل المقاييس. وإذا تساءلنا عن وسائل تكريم مندور بعد وفاته. فإنه من منطلق الاعتقاد بأن الذكري للإنسان عمر آخر. وحتي لا يقول أبناء الجيل الحالي أنهم جيل بلا أساتذة. يجب القيام بطبع كل مؤلفاته في طبعات متداولة عن طريق مكتبات الأسرة وغيرها. حتي تكون متاحة لكل من يريد أن يشتغل بالأدب. وبالنقد الأدبي.
إلي جانب ذلك فإنه لابد من التأكيد علي دور مندور الحيوي والبناء في مناهج التعليم الثانوي ومناهج التعليم الجامعي. وما المانع أن تفكر وزارة الثقافة في تخصيص جائزة مالية كبيرة تعطي -كل عام- لأفضل الأعمال الأدبية النقدية باسم محمد مندور.
وأخيراً فإنه لا يصح أن تمر الذكري المئوية دون إقامة مجموعة من المحاضرات والندوات علي كافة الأجهزة الثقافية. ومن بينها اتحاد الكتاب والمجلس الأعلي للثقافة وغيرهما. ثم يجب التفكير في إلقاء مجموعة من المحاضرات تحت مسمي محمد مندور وقرن من الزمان.
تصورات
ويشير د.عبدالمنعم تليمة إلي أن محمد مندور -شأنه شأن أعلام النهضة- قد شارك مشاركة واسعة في تأسيس الاتجاهات الحديثة في الفكر والمجتمع علي السواء. ويمكن لمؤرخ ثقافتنا أن يقف عند حقلين برزت فيهما جهود مندور.
الحقل الأول كان تأسيس الدرس التاريخي للأدب. فلا ريب أن مندور يقف طليعة لهذا الاتجاه منذ عمله المبكر عن النقد المنهجي عند العرب. مروراً بكتابه الجامع في ثلاثة أجزاء عن الشعر المصري بعد شوقي. وانتهاء بأعماله الجهيرة عن الحكيم. والمازني. والأدب ومذاهبه. والنقد ومدارسه. والحقل الثاني كان الدعوة الدءوب إلي الفكر الحديث. وبخاصة الفكر الاشتراكي. وقد ارتبطت هذه الدعوة عند مندور بالنظام العملي. فكان محامياً مرموقاً. وعضواً بارزاً في المجالس النيابية.
لهذا فإن مؤرخ الثقافة العربية الحديثة لا يمكن أن يضع خريطة لحياتنا الروحية والفكرية والجمالية حتي منتصف القرن العشرين. دون أن يكون مندور أحد أبرز ملامحها وأعمدتها.
ونتصور في الذكري المئوية لمولد هذا المعلم العظيم الخطوات التالية:
- تلبية دعوة اليونسكو بتزويد هذه المنظمة الكبيرة بأعمال دراسية وعلمية دقيقة عن جهود مندور لتعممها اليونسكو عالمياً.
- قيام وزارة الثقافة بجمع تراث مندور وتحقيقه ونشره تحت عنوان الأعمال الكاملة.
- قيام هيئة قصور الثقافة بإطلاق اسم مندور علي قصر ثقافة الزقازيق بالشرقية موطن هذا العلم.
- قيام وزارة التربية والتعليم بوضع اسمه بين رواد النهضة. ووضع نصوص من كتاباته في المناهج المدرسية.
- قيام المجلس الأعلي للثقافة بتنظيم مؤتمر كبير شامل. بالإضافة إلي جمع أعماله تحت عنوان "محمد مندور في ثقافتنا الحديثة".
تواصل
ويعتبر محمد مندور - في تقدير د.أحمد عتمان- من أهم الشخصيات الأدبية المعاصرة. وقد أفاد من تلمذته لطه حسين في نقل المناهج النقدية الأدبية الغربية إلي العربية بثقافته الفرنسية المتميزة. كما أنه كان متعدد الاهتمامات. فقد كتب في نقد الرواية والقصة القصيرة والمسرح والشعر. وله آراء نافذة في مسرح شوقي ومسرح الحكيم. ولا يمكن أن يستغني أحد عن كتاباته في دراسة المسرح في أوائل القرن العشرين. ولا في الأدب بصفة عامة. ونحن ندرسه لنستضيء بدراساته التي أنجزها عن هؤلاء. ومن واجب الدولة والجمعيات الأهلية الثقافية والأدبية أن تحتفي بمثل هذه الشخصيات. كي تتواصل مع الأجيال التالية. وليعرف الجيل الحالي أنه مدين بالكثير للأجيال السابقة. لقد كان مندور وثاباً. وهو -بلا شك- يعد من أهم رواد النقد. ويمكن أن نحتفي أيضاً بمن عاصره مثل صقر خفاجة الذي درس هو الآخر في فرنسا. ورشاد رشدي الذي كانت بينه وبين مندور معارك أدبية ومساجلات. أثرت الحياة الأدبية. وأذكر أن كتبت عن مندور وسميته "أودوسيوس" النقد الأدبي. بمعني أنه جاب الآفاق في مجالات النقد الأدبي. وكانت له مغامرات. ونقل الكثير من المعارف والاتجاهات النقدية إلي العربية.
ويشدد الروائي فؤاد قنديل -في توجهه إلي المؤسسات الثقافية. سواء رسمية أو شعبية- علي أمية الاحتفاء بهذه المناسبة بصورة عملية جادة. بحيث يتم إعطاء مندور حقه كأحد رجال التنوير والثقافة وأهم نقاد الجيل الثاني. والتعريف به لدي الأجيال الجديدة. وإعادة طرح رؤاه التي تجلت في العديد من المجالات الثقافية والعلمية والسياسية والصحفية.
كنا نود أن نقترح إعادة نشر إنتاجه. لكن مكتبة نهضة مصر تتولي نشر هذا الإنتاج. مع ذلك فإني أطمع في أن يعد التليفزيون مسلسلاً عن حياته التي تمتليء بما يصلح لأن يكون عملاً درامياً مرموقاً. أسوة بما تم مع طه حسين والعقاد ويوسف السباعي ويحيي حقي.
..........................................
*المساء الأسبوعية ـ صفحة "قضايا أدبية" ـ في 24/4/2007م.