الواقعيه بين المرأه الشرقية والغربية
عندما حاول المفكرون والعلماء سابقا وعبر فترات طويله من الزمن مقارنة المرأه الغربيه بالمرأه الشرقيه أو العربيه على وجه التحديد ، لم يكونوا متأثرين ومدهوشين في الحقيقه إلاّ ببعض الفئات والطبقات والرموز الاجتماعيه المتمركزه في المدن والتي تحمل بعض من الثقافه والتحضّر، والهدف من ذلك كان أخذ أفضل مظاهر الغرب دون غيره من الظروف القاسيه التي يعيشونها من فقر وجهل لأمور عديده .
أما أوضاعنا في الشرق ... وبما إن توارث صنوف الاستعمار والدكتوريات علينا مازلنا نـُرغـَم على أن نكون ضحية لزُمر إجتماعيه وإقتصاديه وسياسيه تبعا للمنطقه التي نعيش فيها، وهذا طبعا ناتج عن الغـبن الذي يتمتع به مجتمعنا الشرقي. وطموح الغرب المستميت في إقتناص هذا الغنى المعنوي والسطوَ عليه واللعب به والاستفاده منه .، فان ثراء الدول العربيه لايعود بالفائده على أبنائها وإنما الثراء الحقيقي يعود على أبناء الدول الاستعماريه الكبرى والى القِلّه القليله الحاكمه داخل ذلك البلد العربي .
إن نظرية الربح السريع وتسليط الانظمه الرأسماليه وإحتكار رؤوس الاموال من قبل فرد واحد من أبناء الامه كلها هي إحدى العوامل المؤثره في تأخير عملية التحرير الواقعيه سواء إن قصدنا بالتحرير تحرير الاوطان أم تحرير النفوس . وإستنادا عليه يمكن القول بأن تثقيف المرأه وتعليمها ومشاركتها في المجالات الحياتيه المهيأة لها، لايمكن أن يحقق ذاتية المرأه مادامت تُستخدم من قبل الاجهزه الاعلاميه الخاطئه والاجهزه الاستعماريه البغيظه كسلعه تزيد من الارباح والمواد الدعائيه والاعلانيه، تماما كما إنه لايمكن إقامة العداله الزوجيه بين الزوجين مالم يشعر كل طفل فتاتاً كانت أم ولداً إنه يُعامل في منزل والديه على حد سواء في المساواة، ومالم تتوجه المناهج الدراسيه والتربويه وجهه ثقافيه إستراتيجيه تخدم إقامة مجتمع صناعي متطوِّر يسمح للمرأه بالعمل الى جانب الرجل في مختلف مجالات الحياة الفاعله.. فإن مالم يؤكّد عليه روّادنا ومفكرينا في محاولاتهم الاصلاحيه تلك هو عــدم صلاحية المطالبه الواضحه والصريحه والجريئه بعمل المرأه ومشاركتها قضايا الانتاج، في حال تعيشها الانظمه الاقتصاديه المتطوره والقائمه على تطبيق العداله والتي تتحكم بشكل واضح وملموس بالاحوال الشخصيه والمعيشيه الرابطه بين كل البشر رجلا كان أم إمرأه، فمثلا إن إزالة الاضطهادات والمظلوميات سواء كانت إقتصاديه أم جنسيه أم أخلاقيه أم نفسيه وخروج المرأه الى العمل وحصولها على أجر مساو ٍ لأجر الرجل أو الـزوج، هذا لايقودنا الى حريتها الحقيقه والمرجوّه، مع بقاء النظام الأبوي الذي يخضع المرأه للرجل في ظل قوانين الزواج والطلاق، إذن نحن وفي هذا العصر بالتحديد ولتطور أجهزة الاعلام والفضائيات التي نقلت للمشاهد الكريم كل خبر ومعلومه بحاجه ماسـّه الى نظره معاصره جديده نعالج فيها قضايا الاحوال الشخصيه للأمه لكي نؤدي الدور المطلوب والمسئول للأجيال القادمه، ليس على صعيد تحرير الرجل من زيف التربيه وتحرير الاولاد وأجيال المستقبل من أدوار ٍ لاعلاقة لهم بتأثيراتها فقط ، بل ينبغي علينا أن نعالج قضية المرأه التي تتقاضى أجرا ً كأجر زوجها ومع كل هذا إضطرارها الــى تــســلــيــمــه إيــّاه في آخــر كل أسبوع أو شهر ... فكيف تتقدم الاوطان إذا ربطنا أو حكمنا على نــصــفــه الاســاســي بالشلل والسلبيه، مبتعدين تماما عمّا نصـّت عليه كل شرائع أديان السماء السمحاء.
مـــحـــمـّــد حـــســـيـــن