ماهـو مفهـوم السعــادة. . . وما تأثيرهــا...!!
تقول الحكم والأمثال القديمة في جميع الثقافات ، ومنذ عصور سحيقة إن السعادة لا يمكن أن تشترى بالمال لكن الموضوع في عصرنا هذا بدأ في أخذ طابع علمي وبحثي.
وهاهم العلماء يعيدون علينا ما نعرفه سلفا ففي دراسة أصدرها حديثا عدد من علماء النفس الأميركيين تبين أن المال والشهرة ليست هي وسائل جلب السعادة أو النيرفانا حسب التعبير الهندوسي.
ويقول الخبراء إن الثراء الفاحش والشهرة التي تترافق معها وخاصة عند غير المعتادين عليها كمن يربح اليانصيب مثلا، ليست بالضرورة مجلبة للسعادة بل قد تكون منفرة لها.
إلا أن الشعور بالإستقلالية والإعتداد بالذات والرضا عن النفس فيما يفعله الإنسان والتقارب مع الآخرين والثقة بالنفس ، كلها أمور تسهم في الإحساس بالسعادة وتقريبها عموماً.
ويقول الدكتور كينون شيلدون من جامعة ميزوري في ولاية كولومبيا الأميركية إن هذه الحاجات والمتطلبات النفسية يمكن أن تكون العناصر الرئيسية التي تجلب السعادة للإنسان, ويشير هذا الطبيب النفسي إلى أن الحاجات النفسية يمكن في حال السعي إلى تحقيقها أن تدفع السعادة الشخصية للفرد إلى مستويات وآفاق جديدة تماما كما هو حال حاجة النبات لمكوناته الطبيعية التي لا غنى عنها في نموه وإستمراره.
وقد أختار فريق البحث الذي يترأسه الدكتور شيلدون ثلاث مجموعات مختلفة من الطلبة لأغراض البحث العلمي منهم مجموعة من كوريا الجنوبية لإستقراء وفحص مستويات السعادة لدى كل شخص منهم.
وقد طلب الدكتور شيلدون من المجموعة الأولى تعريف وتحديد أكثر الأحداث التي أوصلت إلى أقوى وأفضل لحظات السعادة والرضا خلال فترة الشهر السابق لإجراء التجربة , وطلب من المجموعة الثانية نفس الطلب ولكن خلال الأسبوع الأخير السابق للسؤال, أما المجموعة الأخيرة فقد طلب منها تحديد أسوأ وأتعس حادث مر بها خلال فترة الفصل الدراسي الجامعي.
ووجد البحث المنشور في مجلة "الشخصية والسايكولوجيا الاجتماعية" التي تصدرها جمعية الطب النفسي الأميركية أن النتائج المستخلصة من المجموعات الثلاث كانت إلى نحو ما متشابهة.
وقال معظم الطلاب موضوع البحث إن قضية نقص الطمأنينة والأمان تؤثر بشكل كبير على استقرارهم النفسي.
ويوضح بحث الدكتور شيلدون أن النتائج تشير إلى أنه عندما يحدث مكروه يتمنى الناس بقوة أن يحصلوا على الراحة والسعادة النفسية من وجود الأمن والطمأنينة التي عادة ما يعتبرونها موجودة كتحصيل حاصل في الظروف الطبيعية.
وبالنسبة للطلاب الأميركيين فقد كان موضوع الثقة بالنفس على رأس قائمة أولويات السعادة في حين كان عند الطلبة الكوريين الشعور بالقرب والتقارب , كما يأمل الباحثون في توسيع نطاق بحثهم من أجل مساعدة الناس على تشخيص مناطق السعادة في ذواتهم على المستويين الفردي والإجتماعي ودفعهم نحو تحسين وتوسيع رقعة تلك المناطق على نحو يضمن لهم حياة أفضل.
وتتفق الدكتورة ديانا بيدويل عضو جمعية الطب النفسي البريطانية مع الرأي القائل بأن المال لا يجلب السعادة بالضرورة ، وتقول إن العديد من الدراسات أجريت وركزت على موضوع أهمية أو عدم أهمية المال في نوعية حياة الفرد.
ولاحظت معظم هذه الدراسات أن المال يمكن أن يجلب درجة معينة ومحدودة من الشعور بالسعادة لكنه بعد عبور هذه الدرجة يصبح الأمر سيانا ولا يذكر.
وتضيف الدكتورة بيدويل أن هناك دلائل وشواهد كثيرة تشير إلى العدد المتزايد من الأثرياء غير السعداء وعلى الأخص أولئك الذين لم يولدوا وفي فمهم ملاعق الذهب والفضة كالفائزين بثروات اليانصيب الضخمة , فالسعادة أولاً وأخيراً هي حالة في النفس والذهن.