Results 1 to 1 of 1

Thread: ديمقراطيات الورود وديمقراطيات الدماء

  1. #1 ديمقراطيات الورود وديمقراطيات الدماء 
    مشرف
    Join Date
    Feb 2006
    Posts
    736
    Rep Power
    19
    بورود برتقالية نذكر كلنا كيف انتهت الانتخابات الأوكرانية مثلما انتهت قبلها بالصفراء سابقتها الجيورجية .و لم ترق دماء ولم تحرق الأرض بمن عليها وعادت الجيوش الى ثكناتها بعدما فصل الصندوق و احترم رأي الشعب .
    هل هو شيء طبيعي عندهم؟ فلماذا ليس كذلك عندنا؟؟ و لماذا ثوراتنا الديمقراطية كلها ملطخة بالدماء أوفاشلة ؟؟؟ و الى أين نتجه كدول و نظم سياسية؟؟؟؟.
    لقد عاشت أوربا الشرقية بعد انهيار الكتلة الشرقية تحولات كالتي عاشتها الدول العربية لكن نادرا ما كانت هذه التحولات فاشلة و ملطخة بالعنف و كان الصراع رغم أشده ينتهي بحقن الدماء. فهل هي حتمية أن لا تنجح الديمقراطية في الجزائر و لبنان و العراق حتى ولو تحولت إلى حمامات دم و تنجح عندهم .
    وهل هذا نتيجة لسياسة غريبة تفصل بين الشمال و الجنوب و بين المنتمين إلى الغرب و المنتمين إلى الشرق في الخارطة الجيواسترتيجية للعالم و كأنه لا بدائل أخرى لنقل الديمقراطية للجنوب غير الدماء.( أي أن سكان الجنوب لم يتوصلوا إلى وعي خلق نظم ديمقراطية و ما زالوا يعيشون وفق العقلية البدائية على حد اصطلاح ليفي يبلور).
    أم هي رغبة لإرادة سياسية تتحكم في هذا العالم في أن لا تكون هذه الدول أبدا ديمقراطية حتى تبقى عرضة لضغوطهم دوما و تابعة لهيمنتهم بدل ان يتحرر قرارها بحرية مواطنيها و مواطنتهم و التي تعني في الأساس ان يكون الفرد حرا و مشاركا في تقرير مصير الجماعة . مثلما قال المفكر الفرنسي * ألكسي دو تكفل *قبل قرنين عن الجزائر * يتوجب علينا أن نتطلع لأولئك العرب لكي يتعودوا على تواجدنا في شؤونهم الداخلية . إن الاستعمار دون هيمنة سيظل عملا ناقصا *
    لنسال سؤالا . هل من مصلحة الغرب أو نقول الدول المهيمنة على السياسة الدولية دولا عربية ديمقراطية ؟؟؟ و لماذا حكم على تجاربنا بالفشل؟؟؟
    ألاننا ارتجاليون و عاطفيون لا نعتمد التحليل المنهجي لأخطائنا ولا نستفيد منها.....و نبقى دوما تابعين للآخر لنأخذ منه كل شيء رغم عراقة حضارتنا و تاريخنا...؟.
    من منظور شخصي حاولت ان احلل فشل المشروع الديمقراطي في بلدي الجزائر كمثال لبلد عربي كبير علنا نستفيد من الأخطاء مع العلم أن تلك المرحلة من تاريخ بلدي ما زلت احمل ذكرياتها الأليمة التي لم يسلم منها بيت أي جزائري.
    ربما ما يميز الجزائر عن أي بلد عربي آخر هو أنها عانت احد أبشع أنواع الاستعمار في التاريخ الحديث .فقد عانت الجزائر قرن و نصف القرن من استعمار و احتلال مباشر بشع لم يعاني مثله أي قطر عربي.وكانت سياسة هذا الاحتلال قائمة على بقاء و استيطان هدفت إلى طمس الهوية الجزائرية أو ما عرف اصطلاحا ** سياسة الأرض المحروقة** التي كان مبتدعها الجنرال *بيجار* منذ احتلال فرنسا عام 1930 وقد عمدت هاته السياسة إلى محو كل الأنماط الثقافية و الحضارية المكونة للمجتمع الجزائري كالموروث الثقافي و اللغوي و الديني و الثراتي لجعل الجزائر أرضا فرنسية خالصة وقد اعتمدت السياسة على إقصاء أي بعد للهوية العربية او الهوية الوطنية ما جعل الجزائريين يتقون المدارس الفرنسية حفاظا على هويتهم ما أنتج بعد الاستقلال مجتمعا أميا بشكل رهيب بنخبة صغيرة غالبيتهم فرانكفونيون أبناء مدارس فرنسية و نخبة معربة تكاد تكون منعدمة وهم أبناء المدارس الشرقية .فهي ليست كدول المشرق مصر او العراق او سورية التي عرفن ثورات ثقافية في بدايات القرن الماضي و لديهم نخبة من الساسة المخضرمين و المثقفين او حتى جوارها تونس و المغرب اللذين تمتعا باستقلال نسبي .كما لعبت هاته السياسة على الشرخ في الهوية و الانتماء فالجزائر هي ليست دولة ذات غالبية عربية و البربر لا يشكلون بها أقلية بالمعنى و قد عزفت فرنسا كثيرا و إلى اليوم على هذا الوتر و كان التعبير واضحا في الدستور عن دولة ذات هويتين عربية وامازيغية و يمثل الترابط ألاثني في المجتمع الجزائري أسمى معانيه. تجسد كرمز نضالي في الثورة الجزائرية التي كانت ملحمة شعبية بكل معنى الكلمة فهي ثورة لم تقدها نخب مثلما الحال في بعض الأقطار بل ولدت من رحم شعب التحمت فيه الاثنيات تحت شعار "شعب الجزائر مسلم و إلى العروبة ينتسب".
    بعد الاستقلال 1962 و بحكم التوجه اليساري للثورة آنذاك اذ كانت مصر عبد الناصر و من ورائها الاتحاد السفيتي هم الداعمون الرئيسيون لها كان التوجه الاشتراكي هو المنحى الذي اتخذته الدولة الفتية اذ تميز الوضع بالنمط الإستبدادي الذي يلغي أي بعد للرأي الآخر فأقصي كل من يعارض هذا التوجه .ليبراليا كان أو إسلاميا و كانت توليتارية المنحى و التوجه. سياسيا كان او اجتماعيا و اقتصاديا .رغم ان المرحلة البومدينية لا زالت تعتبر عند اغلب من عايشها المرحلة الأكثر إشراقا في تاريخ الجزائر الحديث اين صار للجزائر وزنها الدولي و الشعبي و تأثيرها في قرارها السياسي.لكن حتمية هذا التوجه و ما ترتب عنها من فساد بيروقراطي وإفلاس اقتصادي و اجتماعي وضيق أفق سياسي جعل حتمية انهياره خصوصا بعد انهيار ملهمه الإيديولوجي بانهيار الكتلة الشرقية و تفكك الاتحاد السفيتي.
    في أكتوبر 1988 عندما ثار الشعب للمطالبة بالحرية و العيش الكريم لأنه بعد أزمة 86 العالمية لم يستطع المجتمع الجزائري أن يهضم تحوله من مجتمع جله من الطبقة المتوسطة إلى مجتمع فقير في دولة غنية*على حد تعليق إخواننا المغاربة* و كانت النخبة التي أنتجتها الثورة التحريرية هي من يتحكم بزمام الأمور باسم الشرعية الثورية اما نخبة بعد الاستقلال فلم تكن قد نضجت بعد فعمر الجزائر الفتية لم يتعدى 26 سنة ناهيك عن صراع الأجيال التي كانت تعيشه الجزائر في جيل ما قبل السبعينات الفرنكفوني و جيل ما بعد السبعينات المعرب صراع الآباء و الأبناء الذي شكل شرخا ثقافيا و ازمة ضاربة في عمق الهوية ما يجعلني اجزم و هذا رأي شخصي ان الانتفاضة كانت انتفاضة خبز ساهمت فيها العوامل الآنفة.و هذا ليس مشكل فالثورة الفرنسية في ذاتها كانت ثورة جوع
    و مثل كل الأنظمة البوليسية كان التعامل قاسيا مئات الضحايا في أسبوع من الزمن ثم رضوخ السلطة الذي كان عن ضعف او هزة في هيكلة النظام او رغبة في الهاء الشعب لإعادة رسكلة النظام من جديد و استيعاب الصدمة و كان الانقلاب الكبير بعدها..
    لقد حضي الجزائريون بحريات حتى التخمة فهل كانوا مهيئين لها فالانفتاح كان سريعا و الانقلاب كان مفاجئا.فثورة 88 كانت تلقائية ولم تكن حراكا مؤطرا نخبويا و هناك فرق جوهري في ان يكون الحراك مؤطرا أي ان يكون موجها نحو نتيجة مضبوطة و بين محاولة تأطير حراك و هناك لا يمكن ان تكون النتيجة دوما مضبوطة لأن التجاذبات تكون كثيرة و في الغالب متناقضة .
    فالحريات فتحت فجأة على مصراعيها على شعب خرج من الاستعمار إلى أحادية الدوغماتية إلى انفتاح سريع وبلغت الأحزاب السياسية في وقت وجيز زهاء 40حزبا سياسيا مثلما هو الحال اليوم بالعراق ورغم ذك تميزت الممارسة السياسية بالانفتاح و الشفافية و كانت المناظرات بين رموز النظام و المعارضة و الأحزاب السياسية يشاهدها الجزائري على تلفازه سنين قبل "الاتجاه المعاكس" و "أكثر من رأي" و الصحافة المكتوبة تنتقد النظام ورموزه الى حد التهكم و القذف أحيانا وبلا رادع و ربما تنفرد الصحافة الجزائرية المكتوبة إلى اليوم كون شخص رئيس الدولة هو المادة المفضلة للكاريكاتيرلأول مرة يحس الجزائري معنى الشفافية و فصل السلطات الذي هو أساس الممارسة الديمقرطية.
    .احيانا لا يمكننا بين ليلة و ضحاها ان نقيس أنفسنا بديمقراطيات عريقة فالفرنسيون مثلا حققوا هاته المكاسب بعد ثورات و ممارسات استمرت قرونا الى سقوط الجمهورية الخامسة كما هو حال البريطانيين و الأمريكيين.
    لكن هل كانت رغبة السلطة في الديمقراطية جدية و هل خرج رموز النظام العتيق و أصحاب النفوذ من اللعبة فالرموز بقيت هي هي منذ الاستقلال نعم التغيير كان دستوريا و الانفتاح كان سياسيا واجتماعيا لكن الرموز البيروقراطية و الهيكلية للنظام بقيت هي نفسها. .
    كان هناك إفراط وكانت قفزة في مجهول و جاء التيار الإسلامي و اكتسح الساحة بشعاراته و صار دولة داخل الدولة و كانت الانتخابات الحرة الأولى في الوطن العربي و أقولها بكل فخر كانت انتخابات 92 حرة و نزيهة بكل المقاييس و التي أجهضت و الديمقراطية الفتية الأولى في وطننا العربي و التي عقرت و كانت مكسبا ديمقراطيا بكل معنى الكلمة.
    و أريد ان أقول شيئا للتاريخ و تحليل خاص اعتمدت فيه الحيادية و الموضوعية .
    هل كان تدخل الجيش لإجهاض المسار الانتخابي صائبا ؟
    وهذه المناقشة مطروحة الآن في العالم العربي والعالم الثالث بشكل عام فالبعض يقول بأنه إذا ما طبقنا الديمقراطية هناك فان المتطرفين والجهلة سوف يسيطرون على الحكم لأنهم يمثلون الأغلبية وبالتالي فينبغي أن ننتظر قليلا حتى يستنير الشعب وبعدئذ نطبق الديمقراطية،أي ان التحول يجب ان يبقى بطيئا و ممنهجا و يستشهدون بالحالة الجزائرية.
    والبعض الآخر يقول:
    ينبغي تطبيق الديمقراطية فورا حتى لو وصلت تلك الفئات المتشددة إلى الحكم لانه ينبغي احترام رأي الشعب ولذلك فأنهم ينددون بشدة بما حصل في الجزائر عام 1992 عندما ألغيت الانتخابات التي انتصر فيها الأصوليون والمناقشة مفتوحة..
    يجمع الكثير من الملاحظين للشأن الجزائري ان الإسلاميين و بالخصوص الفيس المحل(الجبهة الإسلامية للإنقاذ) لم يكن لهم وجود شعبي يذكر قبل أكتوبر 88 اللهم الا من بعض النشاط الدعوي الذي كانت تقمعه و تحاربه الدولة بشدة برغم ان المجتمع الجزائري هو مجتمع مسلم 100 بالمائة و جله مالكي بأقلية اباضية. اذ ان توجه الشعب إلى الإسلاميين كان بسبب إثبات قدرتهم على أن يكونوا معارضة لنظام مقتوا ممارسته و تسلطه على عكس التيارات الأخرى لتي لم تستطع اثبات نفسها على الساحة و كان النظام مرفوضا شعبيا لأنه كان يمثل إرث الحزب الواحد رغم أن" جبهة التحرير"الحزب الذي حكم الجزائر منذ الاستقلال صارت حزبا سياسيا كغيرها .
    كما ان ناشطي الحزب المحل كانوا يتصرفون كدولة داخل الدولة حتى قبل الانتخابات التي فازوا بدورها الأول .فقد كانوا يحكمون البلديات التي ربحوا مجالسها بقوانينهم هم لا بقوانين الدولة .لقد كان الإسلاميون يضايقون الناس في حرياتهم الشخصية كاللباس و الاختلاط كما أقفلوا المسارح و السينمات و عطلوا عديد نشاطات ثقافية لا تتلائم مع توجهاتهم . كما ان الشعارات التي كانوا ينادون بها تنبأ بمصير هاته الديمقراطية الفتية ان هم تمكنوا من الحكم .كما ان علامات حكمهم المستقبلي لم تكن مبنية على برنامج واضح بخصوص احترامهم للديمقراطية و المؤسسات القائمة عليها و لربما كانت الجزائر تحولت إلى طالبان أول..؟ و هذا ليس حكما فقد كان من المحتمل ان يؤدي تمكن الإسلاميين من الحكم الى وأد هاته الديمقراطية الفتية بل كانوا هم أنفسهم يجهرون علانية بذلك اي إنهم سيكسرون السلم الذي صعدوا به الى الحكم كما لوحظ عليهم غياب النظرة المستقبلية والإستراتيجية للأمور و تعاملهم الارتجالي مع قضايا كثيرة مثل حرب الخليج الثانية حين طالبوا السلطة بتدخل الجيش لدعم العراق بل وصل الأمر بالرجل الثاني للجبهة الإسلامية للإنقاذ السيد *علي بلحاج * إلى مقابلة وزير الدفاع آنذاك *خالد نزار* باللباس العسكري لمطالبته بمدهم بالسلاح في إهانة مقصودة لهيبة الدولة و الجيش الجزائري ما يشرحه خالد نزار في مذكراته بالقشة التي قصمت ظهر البعير .
    .فكما يقول عالم الاجتماعيات الشهير* ألان توران * في كتابه** ما هي الديمقراطية** قياسا على الجزائر كأنموذج "ان الانتقال الديمقراطي يتطلب الدولة القوية القادرة على حماية و ضمان سلطة القانون وان لا سلطة تطغى فوق سلطة القانون ".فإن سلطة القانون كانت شبه غائبة بسبب ضعف السلطة التنفيدية.
    كان التدخل في الشؤون العامة واضحا واستعراض القوة و غياب القانون حتى قبل الفوز في الانتخابات كما كان الاحتقان واضحا في صفوف التيارات الأخرى المشكلة للطيف السياسي من اللبراليين و اليساريين و حتى الإسلاميين المعتدلين من الأحزاب الأحرى .فقد أعلن الإسلاميون الحرب على كل من يعارض توجهاتهم و تميزت تلك الفترة بأحداث أمنية تورط فيها هؤلاء كمهاجمة ثكنة عسكرية بغمار كما اكتشف وجود معسكرات تدريب قتالية كانوا يعدونها .
    و تدخل الجيش الذي لم يخرج ابدا من اللعبة منذ 62 و ألغى الانتخابات التي فاز الفيس المحل بدورها الأول بدعوى حماية الدولة و هيبتها و اختلط الحابل بالنابل وأعلنت حالة الطوارئ و قمعت الحريات وصودر الرأي وغابت سلطة القانون تماما أصبح الاعتقال و القتل بالاشتباه و تحولت من مواجهة شوارع و عصيان مدني الى حرب عصابات و تحولت السلطة من حامي للشعب إلى عدوله و اخترقت الجماعات الإسلامية التي كان لها برنامج وسياسة بجماعة من الإرهابيين التكفيريين الدمويين الذين لم تعرف لهم البشرية مثيلا و ارتكبوا فظاعات لا توصف بحق أبناء وطنهم بلغت مئات ألاف الضحايا لم يسلم منها بيت أي جزائري عرفت بالمأساة الوطنية او العشرية الحمراء لا النساء ولا الأطفال و لا حتى الرضع كلهم كفار عند هؤلاء الذين لا ينتمون الى أي حركة او تيار داخل الوطن وخارجه بل من الشك أنهم من طينة البشر .و مثلما هو التاريخ الضعفاء فقط من يدفع الضريبة .
    لقد عانى الشعب الأمرين من السلطة و من هؤلاء و دفع الثمن دماء أبنائه وخيرة نخبته الفتية من مثقفين و مفكرين قتلوا او هربوا من جحيم المأساة حتى أصبح يرضى بأي بديل ولو كان لا ديمقراطيا فقط ديغول جديد يوقف نزيف الدم ولو كان نرجسية بوتفليقة و تميزت تلك الفترة 92 الى 98بغياب للشرعية الدستورية.
    وبعودة بوتفليقة وبفوزه في انتخابات 98 و التي أثارت جدلا واسعا في شرعيتها إلى اعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد و تميزت فترته بقوانين مثل الوئام المدني و بعدها المصالحة الوطنية أثارت جدلا واسعا في صفوف النخب من جدواها لان الجيش آنذاك كانت على وشك حسم مشكلة الإرهاب امنيا خصوصا بعد الاتفاق الذي كان في عهد "اليامين زرول "سنة 97بين الجيش و الجيش الاسلامي للانقاذ الذي قضى بوضع الأخير السلاح و انخراطه في المجتمع المدني و محاربة الجماعات المتطفة. مما يضع جدلا حول تلك القوانين هل هي قوانين لبلورة عودة الأمور إلى طبيعتها و مواصلة مسار الإصلاح الديمقراطي و بناء الدولة او مقدمة لعودة لواجهة النظام القديم و إعطاء فرصة ممن كان له دور في تيار الدم الذي مرت به الجزائر للإفلات من المحاسبة و العقاب و أثبتت الأيام وخصوصا بعد التعديل الدستوري الغير مسبوق و الذي قتل كل أمل في التداول على السلطة والعودة إلى الأحادية و تأليه الحاكم ليهدم كل مكسب ديمقراطي سطره هذا الشعب بدمائه .و إلى انتخابات تشريعية صورية يحكمها المال تجعل من كل أخرق يدعمه المال الوصول إلى قبة البرلمان كنائب منتخب للشعب وانتخابات رئاسية أرجعتنا سنين إلى الوراء أيام الحزب الواحد و لم نعد حتى نسمع بها بعد سقوط نظام صدام حسين و يضرب أمل حلم المواطنة و المجتمع المدني ويحكم المال ليتحول المجتمع بعد استبداد الايديولوجيا ثم التطرف و الفوضى الى الانغلاق السياسي من جديد و استبداد المال والفساد فنظمنا السياسية للأسف م تنجح إلا في قتل شعوبها معنويا حيث يتم تهميش وإقصاء كل شريف ......... .
    هذا من وجهة نظري أسباب الفشل الديمقراطي في الجزائر الذي ألخصه في غياب النخبة الفاعلة و الرؤية الواضحة لدى السلطة ولدى المعارضة(الاسلاميون) في مجتمع فتي أراد ان ينعم بالحرية و العيش الكريم فوق أرضه التي حررها بدمائه . لان الديمقراطية هي عمل نخبوي لابد ان يبنى على أسس موضوعية وتصور عقلاني بالانفتاح خطوة خطوة نحو اللامركزية وفق حساب توازنات دقيقة للمجتمع و الدولة لا القفز في المجهول. فالديمقراطية تقوم على أسس أهمها الوعي"الذي يحدد المبادئ و يصوب التوجه ، والحوار" الذي يبلور الرؤى و يوحد الخطاب ، والمحاسبة" معيار النجاح و الفشل، والتعايش" الذي يعني وتقبل الاختلاف و التنوع . وقبله احترام القانون" في عموميته و ضمان احترامه .
    و اما الحالة الجزائرية نرى كيف انفتح المجتمع من حالة من الانغلاق السياسي إلى انفتاح جره بالممارسة الخاطئة إلى التطرف ليعود الى الانغلاق السياسي من جديد بدعوى الأمن ليبقى يدور في ثنائية اما (الاستبداد و الأمن او الفوضى و التطرف) رغم ان البديلين ليسا حتميين فمعركة التطرف يمكن ربحها بفتح المجال السياسي و الإعلامي وفق ضوابط دولة القانون ليدخل المجتمع في حراك اجتماعي سياسي وفكري لزرع بذور الثقافة و الفكر الديمقراطي فأي نظام سياسي لا يسمح بظهور معارضة حقيقية تفعل الحراك الاجتماعي لخلق توازن يستوعب هذا الحراك و يبلوره ايجابيا الى ما يعني التطور و التقدم هو عرضة للتفكك من جديد فهل سيكون البديل متطرفا و هل استوعب النظام السياسي في الجزائر الدرس بعد الفرصة التاريخية التي منحتها له الجماعات المتطرفة للعودة الى الواجهة من جديد و يتحول من نظام سياسي الى سلطة شرعية و هي أساس بناء الدولة الحديثة. لأنه مخطئ من يظن ان الأمن هو من يعطي الشرعية لأي نظام سياسي لان قوى التطرف لا زالت متربصة من جديد لأي فرصة مواتية أخرى .
    فقد يبنى النظام السياسي على الشرعية القسرية بامتلاك وسائل الإكراه المادي لكنه يستمد شرعيته من الأسس التي يعتمدها من ممارسته للسلطة و تقبل المحكومين لها ليتحول الى سلطة شريعة بالشرعية الشعبية .فقد تعاملت السلطة و المعارضة في نظرتها للديمقراطية و الانفتاح كالوصي على الشعب كل يدعي ملكيته للشعب لا خدمته له فكان صراع على وصاية أكثر منه تحول ديمقراطي غاب فيه "الوعي و الحوار و المحاسبة و التعايش"و احترام القانون الذي يكفل ذلك و سادت فيه ثقافة الإقصاء و الإلغاء و التهميش وهذه النظرة القاصرة هي ما جعل المشروع يفشل رغم أن هذا لا ينطبق على مجتمعات نخبوية عريقة في الوطن العربي لا زالت تئن تحت وطأة الاستبداد او الاحتلال وغياب الحريات و قمع للمعارضة التي تلجأ في غالبية الدول العربية الى الخارج اما هربا من استبداد. او استقواءا به و في الثانية ندرك ان الدول الغربية لا يهمها إلا ثرواتنا و إخضاعنا و الدليل فوز حماس الديمقراطي و التلميح الصريح الى عدم تقبل فوز المعارضة في لبنان بل ان من مصلحتها نظما تسلطية تمسك بمركزية القرار ليسهل الضغط عليها لتمرير مشاريعها وربما المثال الأوضح على ذلك هو (رفض البرلمان التركي و التي هي عضو في الناتو لتحليق الطائرات الأمريكية في الحرب على العراق في الأجواء التركية و استعمال قاعدة انجرليك الأطلسية في حين استبيحت أجواء العرب بقوانين سنها حكامهم لا يعرف تفاصيلها حتى من يعينوهم هم في البرلمانات.وعجز الغرب إلى اليوم على فرض شروط على إيران في إيقاف مشاريعها النووية في حين نوقع نحن التنازلات بل اتفاقات تجارية بخسة مع أعدائنا و نصر عليها حتى ولو الغاها القانون كالكويتز و بيع الغاز لإسرائيل مثلا ) فللأسف أننا لم نستطع كعرب تطوير نظمنا السياسية الى سلطات شرعية تستوعب الحراك الاجتماعي لشعوبها ما سبب عطالة اجتماعية سياسية واقتصادية و بالتالي تأجيل حركة التاريخ .....................؟؟
    و كم وددت في الأخير ان اعلق على بعض أحوال العرب فالظاهر ان الديمقراطية في فلسطين أنتجت نخبا يهمها الصراع على السلطة أكثر مما يهمها وحدة النهج المقاوم في محاربة العدو في التوافق بين السياسة والبندقية،وحولت الصراع الى الداخل في مشهد حزين مبكي و فرضت نفسها كالوصي في فصل رهيب و اختلاف حول المسارات و التوجهات الموضوعية للمرحلة وهو شر البلية مما لا يفرق بينها و بين اي نظام سلطوي و لا استثني من ذلك فتح او حماس .
    كما ان الديمقراطية التوافقية في لبنان او ما اسميها ديمقراطية العائلات أشبه بشد حبل فكم هو مضحك و مؤلم المشهد اللبناني و يذكرني كثيرا بتعليق بن غوريون الشهير عن العرب*أنهم لا يفهمون و اذا فهموا لا يتفقون*
    فالطريف مثلا ان الطوائف اللبنانية كلها متفقة على محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة مغتالي الحريري متفقون على المبدأ و عاجزون عن مناقشة التفاصيل.
    كل الأطياف اللبنانية متفقة على ضرورة مناقشة إستراتيجية دفاعية و هنا أيضا متفقون على المبدأ و عاجزون عن التفاصيل.
    كل الأطراف اللبنانية متفقة على ضرورة إعادة النظر في قانون الانتخابات و مثل الأولين عاجزون عن مناقشة التفاصيل.
    و هنا يظهر ان القاسم المشترك بين كل اللبنانيين هو ضرورة ربط كل اتفاق مبدئي حول قضية داخلية بخلاف مبدئي او تفصيلي حول قضية خارجية لها علاقة اما بفلسطين او إسرائيل او سوريا او إيران او السعودية الخ و هلم جرا في لعبة شد الحبل و يبقى السؤال هل سيتقبل الطرفين نتيجة الانتخابات القادمة لكن تبقى مع ذلك الحالة اللبنانية معياريا الأنجح ...........
    ناهيك هن المشهد العراقي و مشروع الديمقراطية الأمريكي التي أنتجت طائفية استعصت حلها حتى على الشيطان وأصبح منزلق البلاد الفوضى المحتومة و حال مصر من قمع للحريات و خصوصا بعد رحيل بوش(فقد شاهدنا بعض الانفتاح بضغط من إدارة بوش و مشروعها لدمقرطة الشرق الاوسط لكن سرعان ما عادت للانغلاق و القمع اكثر من جديد بعد رحيل ادارته و بدعوى الامن مثل كل مرة) .و موريتانيا و إجهاض التجربة الفتية ودول أخرى لا تزال المرأة فيها إلى اليوم فيها لا تحضى بحق الانتخاب بل لا تعرف انتخابات حتى .
    و أمام هكذا وضع يحق لنا التساؤل إلى متى سنظل نؤجل في الحلول لأوضاعنا و نعيش في هاته العطالة التاريخية .......لنجيب على التساؤل في الأول الى أين نتجه كدول ونظم سياسية؟ ؟؟؟
    التعديل الأخ
    Last edited by رزاق الجزائري; 08/02/2011 at 05:59 PM.
    قد تهزم الجيوش لكن لن تهزم الأفكار إذا آن أوانها
    Reply With Quote  
     

Similar Threads

  1. Replies: 0
    Last Post: 30/04/2009, 07:01 PM
  2. Replies: 3
    Last Post: 22/05/2007, 08:03 PM
  3. رسائل الورود
    By عشتار in forum الرسائل الأدبية
    Replies: 2
    Last Post: 03/05/2005, 04:43 AM
  4. رسائل الورود
    By عشتار in forum مكتبة المربد
    Replies: 2
    Last Post: 03/05/2005, 04:43 AM
Posting Permissions
  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •