النقد والناقد الأدبي في رأي محمد مندور
*****
يقول محمد مندور في كتابه(النقد والنقاد المعاصورن):"...لا نستطيع أن نغفل التأثرية في العملية النقدية، بل لا ينبغي لنا ذلك، فلا بد من أن يبدأ الناقد بتعريض صفحة روحه أو مرآة روحه للعمل الأدبي أو الفني ليتبين الإنطباعات التي تتركها تلك الأعمال فيها، والناقد الفاقد الحساسية لا يستطيع أن يكون ناقدا حقا ما لم يكن قادرا على أن يتلقى من العمل الأدبي أو الفني انطباعات واضحة، لأنه عندئذ سيكون كالصفحة المعتمة...ولن تجديه بعد ذلك في شيء جميع قواعد علم الجمال، وأصوله، ونظرياته، أو ألوان الأدب والفن المختلفة، بل إن معرفة المبادئ والأصول الجمالية والفنية وحدها لا تكفي لتكوين ناقد...
إذن فالتأثرية مرحلة أولى وجوهرية في النقد الأدبي أو الفني، وإنما أسرف التأثريون عندما ظنوا أن تلك التأثرية يمكن أن تصبح منهجا نقديا مكتفيا بذاته، ويمكن الوقوف عنده، فقراء مثل هذا الناقد لا يستطيعون الإفادة من نقده ما ظل ذاتيا خالصا، ولا بد للناقد التأثري من أن يعتبر تأثريته مرحلة أولى يجب أن يتبعها بمرحلة أخرى موضوعية، يستطيع تحقيقها بأن يحاول تبرير انطباعاته وتفسيرها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، بحيث تصبح انطباعاته الخاصة وسيلة إلى المعرفة التي يمكن أن تقع لدى الغير، فيقتنع بها، فهنا يلجأ طبعا إلى مبادئ وأصول الفن الذي ينقده، لكي يستطيع تبرير انطباعاته بحجج عقلية باعتبار أن العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين الأصحاء من البشر..."
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com