عن الشاعر إبراهيم ناجي
بقلم: أ. د. حسين علي محمد
.................................
يقول الأستاذ وديع فلسطين (في رسالته المؤرخة في25/5/1976م):
"إبراهيم ناجي كان صديقاً لي، ولعلك لاحظت في حديث خليل جرجس خليل المنشور في مجلة إفرنسية، والمترجم في "صوت الشرق" من شهرين أنني اشتركت مع خليل وناجي في إنشاء "رابطة الأدباء" عام 1944م أو نحوه، وظلت تُوالي الاجتماع إلى أن داهمنا العسكر بأحذيتهم وسنابك خيلهم فانفضضنا عنها في عام 1952، ومات ناجي بعد ذلك (في عام 1953م) ثم أعاد شقيقه محمد ناجي إنـشاءها باسم رابطة الأدب الحديث التي كنت أيضاً من مؤسسيها، ولكنني تركتها بعدما لاحظت أن عدد المندسِّين في صفوفها من المخبرين أكثر من عدد الأُصلاء، ومازالت هذه الرابطة تُواصل نشاطها بفضل الصّديقين: السحرتي، والخفاجي".
"وفي مقالاتي الكثيرة عن ناجي وشعره الضائع أحاديث عن مودّاتِنا وصداقاتنا. كما أنه قد داعبني ببعض شعره مما نُشِر في ديوانه المعيب، وفي ديوانه البيروتي المسروق".
وكان إبراهيم ناجي قد داعب وديع فلسطين بمقطوعة عنوانها «إلى وديع فلسطين» (ص627)، حينما أنعمت عليه الحكومة الإسبانية بوسام الاستحقاق المدني عام 1952م، ونص المقطوعة:
قـدْ هنّأوكَ بمجْدِكَ الأسباني .:. فمتى تكونُ مصارعَ الثيرانِ؟
أمُنِحْتَ أوْسِمةً، ومجدُكَ أوَّلٌ .:. مـاذا يُهمك منْ وسامٍ ثانِ؟
إنِّي أُهنِّــيكَ الغداةَ لأنني .:. أهْواكَ منْ قلبي ومنْ وجْداني
إنَّ المقطَّمَ والـزمانَ كليْهما .:. الخالدانِ، وكلُّ شَــيْءٍٍ فانِ
ويقول (في رسالته المؤرخة في 17/8/1978م):
"كتبتُ أخيراً ثلاثة فصول أولها حديث مستطرد عن إبراهيم ناجي ورابطة الأدباء، وهو الآن في ذمة ألبير أديب إلا إذا كان قد ضاع في البريد. وليست لديّ صورة منه …".
ويقول (في رسالته المؤرخة في 2/3/1976م):
"في عدد مجلة "الكاتب" التي صدرت هذا الشهر مقال لحسن توفيق يتحدث فيه عن إهمال الذين نشروا دواوين ناجي، ويقول إنه وحده قد استطاع أن يجمع أكثر من خمسين قصيدة غير معروفة لناجي! والغريب أن حسن توفيق ... يعرفني، وزارني في بيتي منذ عشر سنوات ... قد نسي أو تناسى أنني كتبت عشر مقالات أو نحوها في مجلة "الأديب" طويتها على عشرات من قصائد ناجي المجهولة، وفي ذلك الوقت كان أخونا حسن كامل الصيرفي يحرر في مجلة "المجلة" باباً عن أقوال مجلات الأدب، فكان يشير في كل شهر إلى مقالاتي عن شعر ناجي، ويُوجِّه إليها أنظار الباحثين والدارسين، وتكرر هذا منه بعد كل حلقة نشرتها في هذه السلسلة. كما أن الشاعر الماحي الكبير [يقصد محمد مصطفى الماحي ] استعار مني هذه المقالات ليستعين بها في دراسته عن ناجي يُصدرها المجلس الأعلى للفنون وقد اطلعت على مخطوطتها …".
ويقول (في رسالته المؤرخة في 9/4/1976م):
"… وأنا لم أكتب عن ناجي طمعا في شهرة ولا في دخول المتاحف الأكاديمية، وإنما كتبت عنه لأنه واحد من الذين جنت عليهم طغمة العسكر وداسته سنابك خيلها. وبهذا أ رضيت ضميري ولم أطلب لنفسيمجداً. وقد قرّر مجلس الفنون إصدار حلقة ثانية تضم خمسة شعراء بعد حلقة (5 من شعراء الوطنية)، واختارت الشاعر الكبير الماحي للكتابة عن ناجي، فزارني غير مرة واستعار كل ما تحت يدي من مراجع ناجي بما فيها ديوانه المعيب الذي أصدره الباحثون الأربعة، كما استعار مقالاتي التي فيها شعره المجهول، وفعلا أنجز بحثه وأطلعني عليه مخطوطاً ...".
ويقول (في رسالته المؤرخة في 19/9/1997م): "اطلعت في حياة الماحي على مخطوطة بحثه عن الشاعر إبراهيم ناجي، وفيها إشارات كثيرة إليّ. وكان المفروض أن يُدرج هذا البحث باعتباره فصلاً في جزء رابع من سلسلة الكتب المعنونة "خمسة من شعراء الوطنية" التي كان يُصدرها المجلس الأعلى للفنون والآداب. ولكن المجلس توقف عند الجزء الثالث فقط. على أن صديقي حسن توفيق استطاع تصوير المخطوطة لأنه عثر على صورة منها لدى بعض أفراد أسرة ناجي ورجع إليها في المجموعة الشعرية الكاملة لناجي التي ظهرت في العام الماضي".
ويقول (في رسالته المؤرخة في 3/9/1978م):
قرأت كتاب حسن توفيق عن إبراهيم ناجي، وإذا قُدِّر لحديثي المستطرد عن ناجي أن يُنشر في "الأديب" … فستقرأ فيه تعليقاتي على هذا الكتاب، وعلى ما صدر أخيراً من كتب عن ناجي".
"والغريب في هؤلاء المؤلفين، ومنهم أساتذة جامعيون، أنهم يكتبون في موضوع لا يطّلعون حتى على ما نُشر عنه من كتب أو مقالات. فهناك كتاب لمحمود الشـرقاوي عن ناجي مطبوع في مصر لا في جزر واق الواق، ومع هذا لم يطلع عليه أحد. وهناك كتاب آخر عن ناجي لمؤلف اسمه "المعتصم بالله"، وهذا بدوره لم يطلع عليه جهابذة الأسـاتذة. وأنا شخصيا كتبت عن ناجي وشعره المُضيَّـع أكثر من 12 مقالا في "الأديب" سجلت فيها كثيراً من شعره الضائع، ومع هذا لـم يطّلع هؤلاء الأساطين على كلامي. وقد يكون لهؤلاء عذرهم لأن "الأديب" تظهر في بيروت، ولكن ما عذرهم وأخونا الشاعر حسن كامل الصيرفي كان يكتب في كل شهر مقالا في مجلة "المجلة" القاهرية يعرض فيه موضوعات المجلات العربية، وكان في كل شهر يُشير إلى مقالاتي عن شعر ناجي المُضيَّع، ويُـورد بعضاً من هذا الشعر، ويُجري إحصائية بعدد الأبيات الجديدة التي كشفتُها، وعدد القصائد المجهولة التي عثرت عليها. واستمر في هذا أكثر من سنة. ولكن حسن توفيق (وهو يعرفني وزارني في بيتي) لم يطلع حتى على إشارات الصيرفي، مع أنه يتحدث في كتابه عن مجلة "المجلة"، ويُعدِّد رؤساء تحريرها، وينسى من هؤلاء الرؤساء الدكتور علي الراعي! فهل له بعد ذلك عذر في عدم السماع أو الاطلاع على ما كتبته عن ناجي؟".
"وواحد من الأساتذة الدكاترة قال إن الثورة كرّمتْ ناجي، وهذا كذب صُراح، فالثورة هي التي قتلت ناجي، وهو ما أوضحته بأسلوب ملفوف في مقالاتي القديمة وفي حديثي المستطرد الجديد. والدكتور علي الفقي إما يكذب على التاريخ أو يُغالط نفسه".
وفي رسالته (المؤرخة ي 12/2/2001م) يقول:
«تلقيت أمس من حسن توفيق «المجموعة الكاملة لآثار ناجي النثرية» وهي تقع في جزءين كبيرين، ويبدو أنه طبعها في قطر بعدما فقد الأمل في نشرها في المجلس الأعلى»، ويشير في الرسالة نفسها إلى أنه زوّد حسن توفيق بكتب لناجي لم تكن في حوزته، ومن ثم فقد شكره في المقدمة وفي متن الكتاب.
وفي رسالته (المؤرخة في 9/2/1992م) ينعى لي صديق عمره الدكتور كامل السوافيري، ثم يقول في نهاية حديثه عن السوافيري:
"يا أخي، ما أتفه هذه الحياة التي يتزاحم عليها الناس، والحياة مجرّد مسرحية هزلية وصفها صديقنا إبراهيم ناجي بقوله:
نزل الستارُ ففيـم تنتظِـرُ .:. خلت الحياةُ وأقفَـر العُمْرُ
هو مسرحٌ وانفضَّ ملعبُـهُ .:. لـم يبق لا عيْـنٌ ولا أثرُ
وروايـةٌ رُويَتْ، وموجزُها .:. صحْبٌ مضَوْا وأحبةٌ هجروا
عبروا بها صوراً ومُذ عبروا .:. ضحك الزمانُ وقهْقهَ القَدَرُ!
معذرة لهذه النظرة التشاؤمية وإن كانت في حقيقتها نظرة واقعية".