الفصل الثاني
مراكز الأبحاث والمؤسّسات العاملة في خدمة التطبيع والاستراتيجية الصهيونية
(الأهداف - البرامج - الإشراف)
يُمثّل التطبيع الثقافي الدعامة الرئيسة للتغلغل "الإسرائيلي" في المنطقة، لأنه أعمق وأكثر استقراراً من أيّ ترتيبات أمنية، مثل: المناطق منزوعة السلاح، ووضع قوات دولية، وأجهزة إنذار إلكترونية وغيرها من الترتيبات. فالتطبيع الثقافي يظلّ العامل الحاسم على المدى البعيد، لأنّ الصراع يترسّخ في وعي الشعوب وثقافاتها وفي ذاكرتها الجمعيّة ووجدانها القومي، فتصعب عمليّة هز القناعات وتدمير مقوّمات الذاكرة الوطنية، واختراق الثوابت التاريخية، والدينيّة والحضاريّة دون إقامة جسور للتواصل والتطبيع الثقافي. ومن هنا، فقد قامت الاستراتيجية الصهيونية وتجليّاتُها المعاصرة على محاولة نزع العداء من الوجدان والعقل والذاكرة العربيّة، استكمالاً لنزع الأسلحة المقاومة، وهي المهمّة التي تضمنُها الاتفاقات السياسيّة والأمنية، وضرورة استراتيجيّة انعقد حولها الإجماع الفكري في (إسرائيل) ويلتفُّ خلفها المخطّطون والمنفذون.. فقامت بتأصيلها والتنظير لها مراكز بحوث عمليّة وجامعات ومعاهد وهيئات أكاديميّة (إسرائيلية) "كالمراكز اليهودي العربي في جامعة حيفا" و "معهد العلاقات الإنسانية" (في جامعة حيفا) و "معهد الدراسات العربية" في جفعات حيفا، و"قسم الدراسات الإسلاميّة والشرق أوسطيّة في الجامعة العبرية" و "مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب (باسم جافي/ يافيه فيما بعد" و"المركز الدولي للسلام في الشرق الأوسط" و"المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" وغيرها من المراكز والمؤسّسات البحثية المعروفة(1).
ومن المعروف أن الإجراءات والنشاطات التطبيعية من المسائل والنقاط الأساسية، التي نصّت عليها اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو.
والتطبيع يعني الانتقال في العلاقات بين طرفين من مرحلة العداء إلى مرحلة طبيعية تقوم على أساس المصالح المتبادلة وحُسن الجوار والتعاون في الميادين والمجالات كافّة.
فعلى سبيل المثال نصّت "المادة الثالثة" من اتفاقيات كامب ديفيد تحت عنوان "العلاقات الثقافية" (بين مصر وإسرائيل) على مايلي(2):
1-يتّفق الطرفان على إقامة علاقات ثقافية عادية بعد إتمام الانسحاب المرحلي.
2-يتّفق الطرفان على أنّ التبادل الثقافي في كافّة الميادين أمر مرغوب فيه، وعلى أن يدخلا في مفاوضات في أقرب وقت ممكن، وفي موعد لا يتجاوز ستّة أشهر بعد الانسحاب المرحلي، بغية عقد اتفاق ثقافي.
كما نصّت "المادة الخامسة" من البند الثالث "على أن" "يعمل الطرفان على تشجيع التفاهم المتبادل والتسامح، ويمتنع كل طرف عن الدعاية تجاه الطرف الآخر..".
أما "البند السادس" من "الملحق رقم 3" (الفقرة و) فقد نصّ على الاتفاق التالي:
"مع استكمال الانسحاب المرحلي تقام بين الأطراف اتصالات عادية بريديّة وهاتفية وتلكس.. ومحطّات إرسال تلفزيوني بواسطة كابلات وراديو وأقمار صناعية، وفقاً للمعاهدات الدولية والقوانين الدولية ذات العلاقة بالأمر".
إنّ إصرار العدوّ الصهيوني على التطبيع، خصوصاً في الميدان الثقافي، إنّما ينبع من إدراكه أنّ هذا الميدان هو المؤهّل والقادر على تلويث الفكر العربي والثقافة الشعبية -الوطنية، وضخّ المفاهيم والتصوّرات المّشوّهة لقيمه ومبادئه و"الشخصية القومية". فالتطبيع في المجال الثقافي، كما تنطوي عليه المخطّطات الاستراتيجية الصهيونية، يستهدف في التطبيق العملي(3).
1-إعادة كتابة التاريخ الحضاري لمنطقتنا العربية، عبر تزييف العديد من الحقائق والبدهيات التاريخية المتعلقة بالطريقة الاستعمارية الاستيطانية، التي أقحمت الكيان الصهيوني في الوطن العربي، حيث أقامت دولته "إسرائيل" على الأرض العربية في فلسطين، مع تشريد أغلبية شعبها.
2-التوقّف عن تدريس الأدبيّات والوثائق والنصوص المعادية لليهود والصهيونية ودولة "إسرائيل" بما في ذلك الوارد منها في بعض الكتب المقدّسة كالقرآن الكريم، تطبيقاً "للمادة الخامسة" من مواد اتفاقيات كامب ديفيد (البند الثالث). حيث كثّفت (إسرائيل) جهودها العلمية لرصد وتسجيل وتحليل المفاهيم الإسلامية المؤثّرة في الصراع مع الصهيونية، كأحد أبرز وجوده العناصر البنائية للذهنية العربية. ففي أثناء زيارة بيغن لمصر في 25 آب /أغسطس 1981 أعرب عن استيائه البالغ من استمرار الطلبة في مصر بدراسة كتب التاريخ التي تتحدث عن "اغتصاب إسرائيل لفلسطين" وكتب التربية الإسلامية التي تحتوي على آيات من القرآن الكريم تندّد باليهود وتلعنهم كالآية:
"لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون" (المائدة: 75)، والآية التي تقول: "لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للّذين آمنوا اليهود والذين أشركوا.." (الآية) (سورة المائدة: 82). وقد أشارت الصحف إلى أنّ السادات استجاب على الفور لطلب "صديقه بيغن"، فأصدر على الفور أوامره للمختصين في وزارة التربية لإعادة النظر في المناهج الدراسية بما يتلاءم مع طلبات بيغن واتفاقيات كامب ديفيد.
ويندرج في هذا الضغط عدد من الندوات واللقاءات، التي نُظّمت في تل أبيب والقاهرة تحت شعار "دعم علاقة السلام بين مصر وإسرائيل". وكان الصهاينة يعربون في محاضراتهم عن "خيبة أمل كبيرة" لعدم انتشار الكتب المؤلّفات التي تتحدث عن "تاريخ اليهود وحضارتهم وثقافتهم" (وكأن لهم حضارة وثقافة!!).
-كما صرّح بمرارة الدكتور حاييم بن شاهار في ندوة جامعة تل أبيب - (19 كانون الأول، ديسمبر 1980).
أمّا الدكتور ساسون صوميخ أستاذ الأدب العربي بجامعة تل أبيب، فقال في السياق نفسه: لقد ساءني جداً خلال زيارتي لجامعة عين شمس، أن أجد مكتباتها مليئة بالكتب التي ألّفها متعصبون (كما يزعم!!) ضد اليهود، وهذه الكتب تباع في المكتبات وأكشاك الصحف بحريّة تامة، وإنني لا أعتب على أدباء مصر الذين "يعطفون" على "إسرائيل" كتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، إذا لم يفعلا شيئاً لمنع هذه الكتب، ولكنني أعتب على المؤسّسات السياسية في مصر التي تستطيع "بجرّة قلم" أن تمنع كلّ هذه الكتب المناهضة "لإسرائيل" من التداول(4).
3-أن تصبح جامعات العدوّ ومراكز أبحاثه ودراساته مرجعية علمية للمنطقة بأسرها، بحيث تؤسّس للمشروع الصهيوني، الموجّه لتدمير الثقافه والهويّة الحضارية للمنطقة العربية بأكملها، بل إحداث التفكيك والفوضى في داخل كل قطر عربي.. عبر إذكاء روح التناحر بين المنتمين للأديان والطوائف والمذاهب والجماعات المختلفة من جهة، وعبر محاولة تحقيق السيطرة الثقافية والعلمية والتقنية من جهة أخرى.
وماعبّر عنه "بيريز" في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" بأنّ "القوة في العقود القادمة في الجامعات وليس في الثكنات" يعد تلخيصاً مكثّفاً للاستراتيجية الصهيونية في هذا المجال، وتقوم هذه الاستراتيجية على "تجريد الأمّة من ثقافتها لكي تصبح شبيهة بثقافة الكيان القائم في قلبها، أي من دون ثقافة موحّدة"(5).
والتطبيع الثقافي يستهدف تدمير المقوّمات الذاتية للثقافة والحضارة العربية، ولهذا فهو في نظر خبراء العدوّ وباحثيه وقادته العنصر الأهم والأكثر إلحاحاً في فرض الهيمنة الصهيونية على العرب، وجعلهم يستسلمون نهائياً تعبيراً عن الهزيمة الحضارية والانهيار القومي والانتحار الجماعي.
وبالتالي فالمفهوم الصهيوني للتطبيع، هو المظلّة التي يُرتكب تحتها كلّ ما يضمن لها (أي للصهيونية) تحقيق أهدافها التوسّعيّة وأهدافها الاستراتيجية في نهب موارد الوطن العربي والسيطرة على مقدّراته وتفكيكه وإلغاء الهوية العربية، وتدمير تراثنا وتاريخنا ومستقبلنا.
أمّا الأساليب والوسائل والبرامج الصهيونية المتّبعة لتحقيق هذه الأهداف الخطيرة، فهي شديدة الإشعاع والتنوع والتداخل والتجدّد.
ويهمّنا في هذه الورقة كشف الحجاب عمّا تقوم به مراكز الأبحاث والمؤسّسات والهيئات (الإسرائيلية) والأمريكية في منطقتنا العربية تحت ستار البحث العلمي والتعاون الأكاديمي والتواصل الثقافي، وغير ذلك من الأقنعة والتمويهات.
من المعروف أن التطبيع يأتي ضمن مخطّط دولي تشارك فيه الصهيونية العالمية و(إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية ومؤسّسات وهيئات غربية كثيرة، عبر التركيز الشديد على تقويض حقائق ظلّت لعقود متتالية قاعدة للثقافة القومية العربية. ولا يمكن دراسة الظاهرة الطائفية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة في الوطن العربي، بمعزل عن تأثيرات تلك الجهات والدوائر المشبوهة، التي نشرت مايمكن تسميته بـ "الثقافة الفتنة"، لدرجة أنها ساهمت مباشرة في التمهيد لعدد من عناصر الانهيار والتردّي التي تخترق أوصال الأمة. و"ثقافة الفتنة" تقوم على نبش الأحقاد والضغائن وعناصر التوتر في المجتمع، ثقافة تعميق التضاد والتناحر والاختلاف والتقاتل بين الجماعات المختلفة داخل الأمة.. التي يعدّها أكثر من كاتب عربي -من أبرز العناصر الميُسّرة أو الخادمة للتطبيع الثقافي، وركناً رئيساً من أركان ثقافة التطبيع، لأنّ التطبيع مع أعداء الأمّة لا يستقيم إلا بالفتنة داخل صفوف الأمّة ذاتها(6).
ويأخذ هذا الاختراق شكل الترويج لقيم وعلامات تصب مباشرة في تدمير المناعة الثقافية العربية، مثل مهاجمة "العقل العربي" و "الشخصية العربية" والتشكيك بالأمة العربية وهويّتها الحضارية، والترويج لمزاعم الصهيونية والتيّارات الشعوبية الحاقدة، التي تصرّ على مزاعم متجدّدة كالقول بأن "العرب نَقَلة للحضارة" أو "مترجمين" أو "لا يتمتعون بعقل علمي -تحليلي نقدي، أو الترويج لأطروحة "الشعوب والأقوام والقبائل الناطقة بالعربية.. وأنّ الثقافة العربية الواحدة والأمة العربية الواحدة مجرّد وهم وخرافة"(7).
فالعقل الصهيوني بات يدرك أنه إذا كانت الثقافة العربية صعبة الاختراق لعراقة جذورها ومتانة مقاومتها، لذلك لجأ إلى وسيلة أيسر وأسهل، تتمثّل في اختراق بعض المثقفين العرب، الذين يمكن استخدامهم كأدوات لتفكيك حصن الثقافة العربية ودكّ أساسها من الداخل. ويأخذ هذا الاختراق أشكال وأساليب متنوعة من التطبيع وتصفية مصادر أو منابع العداء في الفكر السياسي العربي، ومحاولة إلغاء مايسمى بـ "الطابع السلبي" السائد في الأيديولوجية القومية العربية تجاه (إسرائيل) والصهيونية، وخلْق قاعدة فكرية للتواصل والتعامل المباشر مع بعض القوى والهيئات والجماعات والنخب الفكرية والسياسية القائمة. لذلك لم يكن مُستغرباً أن يكون العمل الأوّل الذي قام به أول سفير (إسرائيلي) في مصر، عقب تسلّم مهام عمله في 17 شباط، فبراير 1980، أنْ قدم "شيكاً" لتوفيق الحكيم، على أنه قيمة حقوقه الماديّة من ترجمة كتبه وطبعها في الكيان الصهيوني.
وممّا يجدر ذكره أنّ جامعة تل أبيب وضعت "مشروعاً للسلام" جهّز لاتفاقيات كامب ديفيد مع مصر، أداره في بادئ الأمر البروفسور "أفيفي أفين" ثم تولاّه البروفسور "ديفيد هورن". وقد نشط مُعدّو "المشروع" في إجراء الاتصالات الشخصية بين أساتذة جامعة تل أبيب والمثقفين المصريين، كما أنشئ كرسي أستاذية لتاريخ مصر في جامعة تل أبيب، من وجهة نظر صهيونية.
وفي إطار هذا "المشروع" تبارى المفكّرون والباحثون (الإسرائيليون) في إجراء الدراسات والحوار، وعقد الندوات حول مجالات التعاون الثقافي والعلمي بين (إسرائيل) والعرب.
إذ أنّ المطلوب (إسرائيلياً) -تبديل مفاهيم العرب وقناعاتهم ومعتقداتهم ليتحولّوا إلى ما يطلق عليه (الإسرائيليون) "فهماً أفضل لحضارة وثقافة جيرانهم اليهود"!!.
وفي إطار الاستراتيجية الصهيونية -الأمريكية- (الإسرائيلية) الهادفة إلى خلق بؤرة تابعة ثقافياً وسياسياً في الوطن العربي، ضعيفة العقيدة والولاء للوطن، لاهثة خلف إغراءات المال والشهرة وتوهّم العالمية والانفتاح الحضاري "على الآخر" (الصهيوني).. في هذا الإطار أقيمت في مصر ستّ وثلاثون مؤسّسة علمية أمريكية، وثقافية "إسرائيلية"، مثّلت وتمثّل مظلّة رسميّة لاختراق الشخصية العربية، والتجسّس على قطاعات المجتمع كافّة. ومن ذلك -مثلاً- النشاط الذي يقوم به "مركز البحوث السياسية" في كلية الاقتصاد وجامعة القاهرة، الذي يجري كثيراً من الأبحاث بتمويل من "مؤسّسة فورد"، وكذلك نشاط "مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام"، و"معهد التخطيط القومي" وغيرها من المؤسّسات العلمية والتي للأسف خدع بها كثيرون عربيا(ً8).
وبغية اختراق العقل العربي وعناصر المجتمع العربي أُنشئ في مصر عام 1982 "المركز الأكاديمي (الإسرائيلي) بالقاهرة"، الذي لعب ويلعب دوراً خطيراً في مجال التمهيد للتطبيع وزرع بذور الصهيونية التدميرية، من خلال شبكة أبحاثه ورجال المخابرات (الإسرائيلية)، الذين يحتلّون مواقع قيادية فيه منذ بداياتها الأولى. ويجمع الكتّاب والباحثون الوطنيون في مصر الشقيقة على أنه يلعب دوراً رئيساً في جمع المعلومات واصطياد العملاء والتجسّس السياسي والثقافي على مصر والعرب.
ونظراً لكون "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" الأخطر في ميدان استراتيجية العدو على الأصعدة الأمنية والثقافية والعلمية، فقد توالى على إدارته عدد من أبرز المتخصصين في الدراسات الشرقية والعربية، الذين يرتبطون بعلاقات عضويّة مع أجهزة المخابرات (الإسرائيلية) (9)، ومع مراكز التخطيط الاستراتيجي في الكيان الصهيوني.
وللتمويه أعلنت مهامّه ضمن النقاط التالية:
- رعاية البحث والدراسة في التربية والعلوم والثقافة والتكنولوجيا والآثار والفنون والتاريخ.
- ستضافة ومساعدة الباحثين (الإسرائيليين)، الذين يحصلون على منح دراسية، والعلماء الزائرين الذين يقيمون في مصر لأغراض الدراسة والبحث.
- اتخاذ الترتيبات اللازمة مع السلطات المصرية ذات الشأن، لتمكن العلماء والباحثين (الإسرائيليين) من متابعة بحوثهم في المؤسسات الأكاديمية ودور الوثائق والمكتبات والمتاحف.
- عقد دورات للعلماء والباحثين الزائرين، وإتاحة الفرصة لهم لمقابلة علماء وباحثين مصريين والتعاون معهم.
والحقيقة فإنّ أهداف هذا المركز الحقيقية ونوعية نشاطاته وممارساته في السنوات السابقة، تجعله -كما قلنا في فقرات ماضية- من أخطر المواقع الهجومية المتقدمة في استراتيجية الغزو الفكري -الثقافي (الإسرائيلي) ضد العقل العربي، وشبكة متطوّرة لمؤسّسة الاستخبارات الخارجية (الإسرائيلية) (الموساد).. للتغلغل في مجالات البحث العلمي كافة، وفي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المصرية بوجه عام.
يقع هذا المركز، الذي يطلق عليه المصريون "المستوطنة الإسرائيلية" في البناية رقم 92 ش. النيل (شقة رقم 33) بالقرب من "شيراتون القاهرة".
-يضم المركز مكتبة وقاعة محاضرات صغيرة تكاد تستوعب خمسين شخصاً، ويعمل المركز بتنسيق كامل مع المستشار الثقافي والمستشار الإعلامي بالسفارة (الإسرائيلية) في القاهرة.
-تشرف عليه علمياً "الأكاديمية الإسرائيلية للعلوم والآداب" بالاشتراك مع "الجمعية الشرقية الإسرائيلية". وفيما يلي عرض مختصر لأنشطة المركز المعلنة والمعروفة(10):
أولاً: إصدار النشرات الدوريّة في مصر، ومنها نشرة دورية بالإنجليزية تحت عنوان "نشرة المركز الأكاديمي (الإسرائيلي) بالقاهرة" Academik of the Israeli -))Bulletion Center Cairo ))
والتي أصبحت تصدر نسخة باللغة العربية، يغلب عليها الجانب الدعائي حول ما يسمّى بـ "التقدم العلمي والتكنولوجي" والأنشطة الجامعية في (إسرائيل).
- إبراز الميادين العلمية التي يمكن أن تشكّل ساحة للتعاون المشترك بين الباحثين المصريين و(الإسرائيليين) وتقديم دراسات تاريخية متنوعة عن التأثيرات الثقافية بين مايزعم من "ثقافة يهودية" والثقافة العربية. ويتكون مجلس الإدارة الاستشاري من مناحيم بن ساسون، أفينوم دانين، يهودا فريد لاندر، شيمون شامبر وجبرائيل (كبرائيل واربورغ) .
- إصدار مجلّة ضخمة بعنوان "لقاء الثقافتين العربية واليهودية" وتصدر باللغتين العربية والعبرية، ويتركز اهتمامها حول الدراسات المتصلة بما يسمّى العناصر المشتركة بين الفكر العربي والفكر اليهودي، كما تنشر ترجمات للأدب العبري وأعمال أدبية لكتّاب مجهولين في الوطن العربي.
- ويقوم المركز بتوزيع مجلة بعنوان "التربية من أجل السلام".
ثانياً: خدمات مكتبية وتعليمية ورحلات، إذ تمثّل مكتبة المركز مصدر جذب واسع لطلاّب وباحثي أقسام اللغة العبرية وآدابها في الجامعات المصرية، فهي حافلة بالمراجع اليهودية في شتى المجالات، ومكتبة فيديو لأفلام دعائية (لإسرائيل)، ويساعد المركز الباحثين المتعاملين معه في تأمين المراجع العلمية المطلوبة لأبحاثهم من "إسرائيل"؟.
ثالثاً: تيسير مهمّة الباحثين (الإسرائيليين) في مصر، حيث يقوم المركز بتقديم العون والمساعدة للباحثين "الإسرائيليين" وإرشادهم إلى الأساتذة المصريين، الذين يقبلون التعاون في تقديم المعلومات وبحوث مشتركة في إطار مخطّط "مسح شامل" للمجتمع المصري، ورسم خارطة للاتجاهات السياسيّة والدينية والفكرية، ووضع تصور دقيق للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
رابعاً: ترتيب الندوات والمحاضرات، وهي إحدى وسائل الحرب الفكرية الصهيونية، حيث يقوم المركز بتنظيم المحاضرات للأكاديميين (الإسرائيليين)، وإتاحة الفرصة لهم للاحتكاك بنظرائهم المصريين، ويواظب على حضورها بعض أساتذة الجامعات وبعض العاملين في حقل الإعلام ومجموعة من الطلاّب والطالبات.
- من أبرز مديري "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" شيمون شامير أوّل مدير للمركز، ولد في رومانيا في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1933، هاجر مع أسرته إلى فلسطين عام 1940. درس الاستشراق في الجامعة العبرية بالقدس، وحاز درجة الدكتوراه من جامعة برنيستون الأمريكية.
- في أوائل عام 1967 ترأس شامير "معهد شيلواحSHILOAHللدراسات الشرق أوسطية والأفريقية"، الذي يتبع جامعة تل أبيب، وهو معهد يهتم بإجراء دراسات حول مايسمى بـ "أوضاع الشرق الأوسط"، وحول التطورات التي يشهدها الوطن العربي بشكل أساس، ويستعين لهذه الغاية بجميع الأعداد اليومية لأكثر من مائتي صحيفة تصدر في الأقطار العربية وبعض الدول المجاورة لها.
ويذكر أنّ "معهد شيلواح" حصل على كثير من الوثائق المهمّة، وصوّر غالبية المواد البحثية العائدة "لمركز الأبحاث الفلسطيني" (مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية) بعد أن اقتحمته القوات (الإسرائيلية) إبان غزو لبنان عام 1982، ونقلت موجوداته إلى فلسطين المحتلة.
وكان شيمون شامير يشرف على دائرة مصر في المعهد المذكور(11)، قبل انتدابه لرئاسة "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة"، حيث يعدّ من أبرز الخبراء (الإسرائيليين) بشؤون مصر، وهو مؤسّس قسم تاريخ مصر المعاصر بجامعة تل أبيب، إضافة إلى ارتباطه المعروف بدوائر الموساد(12).
- استمرت فترة إدارته للمركز ثلاث سنوات، انتهت في تشرين الأول، أكتوبر 1984 وعاونته في أداء مهمته قرينُته "دانييلا شامير".
- نُشرت له بحوث ودراسات كثيرة من بينها: تاريخ العرب الحديث في الشرق الأوسط، مصر تحت حكم السادات، رؤى الذات من منظور تاريخي لمصر و(إسرائيل) (بالاشتراك مع مجموعة باحثين إسرائيليين). وعمل أستاذاً زائراً في جامعات هارفارد وبنسلفانيا وكورنيل. وقد شارك في وضع التصوّر (الإسرائيلي) "لمعاهدة السلام" مع مصر وإخراجها من جبهة المواجهة المباشرة مع العدوّ.
وقد زار شامير مصر 8 مرات قبل توليه إدارة المركز، وكان له لقاء في كل زيارة بالسادات، وارتبط بصداقات قويّة مع من يطلق عليهم المصريون "لوبي التطبيع" في أوساط المثقفين المصريّين. وفي أثناء تلك الزيارات قام بمسح شامل لمعظم محافظات مصر، تمهيداً لعمله الرسمي اللاحق في هذا المجال. وقد اتسمت إدارته للمركز بنشاط مكثّف تمثّل في إعداد الدراسات وجمع المعلومات، وكان يفاخر بأنّ مركزه "ليس مركزاً ثقافياً عادياً كتلك المراكز التابعة للسفارات"(13). وهذه بالفعل حقيقة المركز، المركز الجاسوسي الإسرائيلي الأول في مصر والمنطقة العربية.
-بعد اغتيال "صديقه أنور السادات"، قام بإعداد مجموعة دراسات حول احتمالات تطور الأوضاع في مصر ("أبحاث مركز شيلواح لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب"- "أوراق السلام" 1982)، تركزت على أهمية الخط السياسي للسادات، وضرورة إجهاض أية تطورات من شأنها أن تعيد مصر إلى مكانتها الاستراتيجية في الصراع العربي -الصهيوني.
-كما شارك مع "جبرائيل فاربورغ" المدير الثاني للمركز في وضع دراسة عن "دور مصر في الصراع العربي (الإسرائيلي)"، ضمن سلسلة "أبحاث وحدة دراسات الشرق الأوسط التابعة لمعهد ترومان"، بالاشتراك مع "معهد شيلواح"، ركّزت على حقيقة أن مصر تشكّل عاملاً حاسماً في استمرار الصراع وتطوره، كما أوصت بضرورة الحد من فاعلية دور مصر المؤثّر في موازين القوى وعزلها عن دائرة الصراع.
بعد عودته إلى فلسطين المحتلة ألقى سلسلة محاضرات في جامعة تل أبيب عن الفترة التي قضاها في مصر (مديراً للمركز الأكاديمي الإسرائيلي ثم سفيراً لبلده في القاهرة لاحقاً)، ونشرت له الصحف (الإسرائيلية) مقالات تتضمن رؤيته ومقترحاته لإنجاح التطبيع مع مصر.
ومع ذلك، قال في إحدى محاضراته: "من ينظر إلى الشارع المصري يتّضح له على الفور أن السلام لم يصبح بارداً كما يقولون، بل أصبح في طيّ النسيان".
ثم تولّى البروفسور "جبرائيل واربورغ" (Gabriel Warburg) إدارة المركز في تشرين الأول/ أكتوبر 1984، وهو من الخبراء، الصهاينة المعروفين في شؤون المنطقة العربية، خاصةً مصر والسودان. ولد في برلين 12/تموز/ يوليون عام 1927، ورحل مع أسرته في سنّ السادسة إلى فلسطين حيث استقرت في مدينة حيفا.
بعد إعلان قيام "دولة إسرائيل" عام 1948، التحق واربورغ بالجيش إلى سنة 1954، ثم عُيّن في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، وفي عام 1963 أصبح مسؤولاً عن "الشؤون المصرية" بقسم الأبحاث بهيئة الأركان العامّة.
-في عام 1965 التحق "بقسم الدراسات الشرقية" في جامعة لندن، حيث نال درجة الدكتوراه، وكان موضوع رسالته "الحركة الوطنية في السودان الحديث"، وفي عام 1986 عمل أستاذاً في "قسم تاريخ الشرق الأوسط" بجامعة حيفا، وساهم في تأسيس "مركز دراسات الشرق الأوسط" بالجامعة، بناء على توصية للجنرال "أهارون ياريف" رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، والرئيس الحالي "للمعهد (الإسرائيلي) للدراسات الاستراتيجية" ورئيس وفد (إسرائيل) إلى مايسمّى بمؤتمرات "الطب النفسي في خدمة السلام" الثلاثية (التي تضمّ متخصّصين من الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل).
و"مركز دراسات الشرق الأوسط"، بجامعة حيفا، يعمل بتنسيق كامل مع "عهد شيلواح لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا"، وكلاهما أنشئ بتوصية ودعم من الاستخبارات (الإسرائيلية).
قام الدكتور واربورغ بإعداد سلسلة دراسات عن مصر، تناول فيها الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد حرب حزيران /يونيو 1967، وحرب الاستنزاف، ودراسة عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والسياسة الخارجية لمصر إبان حكمه.
وواربورغ ذو تاريخ معروف في مجال جمع المعلومات لأجهزة الاستخبارات (الإسرائيلية)، فقام فورتولّيه منصبه باستقدام عدد كبير من الباحثين (الإسرائيليين) إلى القاهرة لإعداد البحوث والدراسات، وهي إحدى الوسائل التي تلجأ إليها الاستخبارات (الإسرائيلية) للحصول على المعلومات غير العسكرية، وهؤلاء الباحثون يتبعون أقسام الأبحاث وجمع المعلومات في "الموساد" ووزارة الخارجية (الإسرائيلية). وكانوا يقومون فور وصولهم إلى مصر بجمع المعلومات السياسية والاقتصادية والعلمية.
وفي هذا الإطار قام واربورغ بتكليف بعض الباحثين المصريين، بإعداد دراسات عن مصر تتعلق بالسياسة التعليمية والزراعية، والجوانب الاجتماعية والثقافية للتيارات السياسية والفكرية في مصر خاصةً عن التيار الديني والتيار الناصري.
عمل واربورغ على اكتساب أصدقاء للمركز، عن طريق توجيه الدعوات لهم لحضور حفلات وندوات المركز ولزيارة الكيان الصهيوني، وهي وسيلة للتعرّف على أفراد لديهم استعداد للعمل من أجل التطبيع أو حتى لصالح الاستخبارات (الإسرائيلية)، بعد توريطهم ثم تجنيدهم بإغراءات كثيرة، كالدعوات والاستضافة في "إسرائيل"، والإغراءات المادية تحت ستار "مكافأة" البحوث والدراسات والمحاضرات، كما أمكن استقطاب عدد من طلاب وباحثي أقسام اللغة العبرية بالجامعات المصرية، الذين خضعوا لعملية "غسيل دماغ جمعي" باتت آثاره واضحةً في آرائهم وكتاباتهم وسلوكياتهم.
وقد عاونته في مهمته قرينته "راحيل ليفين واربورغ" وهي من مواليد الأرجنتين (18 أيلول، سبتمبر 1927).
أمّا المدير الثالث "للمركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" فهو البروفيسور "أشير أوفاديا" الذي تولّى مهام منصبه في نيسان/أبريل 1987. وهو أساساً من مواليد 1937، يوناني الأصل، أمضى فترة طفولته في مقاطعة سالونيكا (باليونان) وهاجر إلى تل أبيب عام 1949، ودرس بالجامعة العبرية بالقدس، ثم عمل أستاذاً للعمارة الكلاسيكية وتاريخ الفن المسيحي القديم بجامعة تل أبيب.
-زار أوفاديا مصر قبل توليه إدارة المركز نحو 17 مرة حيث صال وجال في جميع محافظاتها، وهو على دراية علمية واسعة بالحضارات المصرية المتعاقبة، وشديد الاهتمام بفنون العمارة الإسلامية والمصرية القديمة.
-من مؤلّفاته: الكنيسة البيزنطية في الأراضي المقدّسة، النماذج الهندسية والنباتية في الفسيفساء القديمة. لديه ملكات الفنان، وسعى في فترة إدارته للمركز إلى اجتذاب الفنّانين التشكيليين المصريين، ونجح في تنظيم عدد من المعارض الخاصّة لبعضهم في فلسطين المحتلّة، ومعارض أخرى مشتركة مع فنانين "إسرائيليّين".
وقد شهد "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" تطوراً كبيراً ونشاطاً واسعاً في أثناء إدارة أوفاديا (عوفاديا/ كما يطلق عليه أشقاؤنا المصريون)، وتجلّى هذا النشاط بعقد ندوةٍ أسبوعية في مجال الترويج للتطبيع مساء كل يوم أربعاء. وكان من أبرز الوجوه الصهيونية المشاركة دائماً في هذه الندوات (التطبيعية):
*"يورام ميتال" من جامعة حيفا، وهو صاحب الدراسة الشهيرة بعنوان: "العلاقات الاقتصادية بين مصر و(إسرائيل) في مجالات الزراعة والسياحة وتجارة النفط".
*"يورام همزراحي" مراسل صحيفة "هاآرتس" الصهيونية في القاهرة، كان قائداً عسكرياً لمنطقة جنوب لبنان في عهد رئيس الأركان رفائيل إيتان، وقاد العديد من المذابح التي ارتكبت ضد الشعب العربي في لبنان وفلسطين، وهو يحمل الجنسية الأمريكية أيضاً، يقيم (همزراحي) في فندق (هيلتون -النيل)، ولكنه شبه مقيم في "المركز الأكاديمي الإسرائيلي"، ولم يترك في القاهرة حارةً ولا شارعاً لم يطرقه، من حلوان إلى عين شمس، يتحدّث مع كل من يقابله في كل شيء، ويجتمع بمن يوافق من الصحفيين والكتّاب.
وقد كان "للمركز الأكاديمي" باع طويل في ميدان سرقة الآثار المصرية القديمة على اختلاف مراحلها التاريخية (فرعونية، قبطية، مملوكية، إسلامية)، وتعد سرقة وثائق "الجينيزاه" نموذجاً حياً ودليلاً قاطعاً لهذا الاتجاه الصهيوني. وقد لعب أوفاديا (عوفاديا) دوراً رئيساً في سرقة وثائق "الجينيزاه"، بالإضافة إلى تهريب مئات القطع الأثرية المصرية إلى فلسطين المحتلة، ويؤكد خبراء الآثار المصريون أن لمصر 572 قطعة أثرية في متاحف تل أبيب، وأن (إسرائيل) قد سرقت مالا يقل عن 50 قطعة أثرية من سيناء بعد اتفاقيات كامب ديفيد بل استخدمت طائرات الهليكوبتر في نقل أعمدة بعض المعابد والتماثيل إلى متاحف تل أبيب(51).
ووسط تظاهرة صاخبة من الرقص والغناء من جانب حاخامات اليهود، افتتح نائب محافظ القاهرة والسفير (الإسرائيلي) شيمون شامير (الذي كان أول مدير للمركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة) ورئيس المركز الأكاديمي (الإسرائيلي) أوشير عوفاديا في كانون الثاني/ يناير 1989 "مكتبة للتراث اليهودي"، والتي أقيمت داخل المعبد اليهودي في شارع عدلي بوسط القاهرة.
وقال البيان الذي أصدره "المركز الأكاديمي الإسرائيلي"، وجرى توزيعه على الحاضرين، أنّ المشروع الذي تمّ بموافقة هيئة الآثار كان يهدف إلى جمع "60 ألف كتاب"، لكنه لم يتمكن من الحصول على أكثر من 9 آلاف كتاب تعبّر عن التراث اليهودي (وثائق ذات مضمون ديني بحت)، وكشف البيان عن استيلاء "مكتبة التراث اليهودي" على وثائق "الجينيزاه" القديمة، التي تعدّ جزءاً من التراث المصري، وقد استنكر بعض علماء التاريخ والآثار المصريين منح "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" وما يتفرّع عنه من مكتبات وملاحق وأقسام حقّ جمع جزء من التراث التاريخي والديني لمصر وتأكيد المزاعم الصهيونية القائلة بأنّ إسرائيل هي ممثلة يهود العالم حديثاً وقديما(ً61).
وقبل أيام من افتتاح مكتبة "التراث اليهودي" تمّ افتتاح فرع "للمركز الأكاديمي الإسرائيلي" بحي الظاهر في محاولة واضحة للوصول إلى عمق الأحياء الشعبية المصرية (في القاهرة). والأخطر من هذا عملية السطو الواسع، الذي يقوم به "الإسرائيليون" على التراث الموسيقي والفولكلوري العربي في مصر وبلاد الشام ونسبته مع كثير من الحرف اليدوية إلى تاريخهم وتراثهم (كما فعل الباحث اليهودي روبرت لخمان مع الفولكلور الموسيقي لمنطقة سيناء في عام 1932).
وعلى سبيل المثال جمع الباحث "الإسرائيلي" دوف نيو 266 نموذجاً من موسيقى بدو سيناء، وتم تصنيفها زوراً ضمن مايُسمّى بـ "التراث اليهودي".
وفي هذا السياق قام العاملون بمكتبة "التراث اليهودي" بالقاهرة -كما صرّح عبد الوهاب حنفي رئيس إدارة الفنون الشعبية بالثقافة الجماهيرية -بأنشطة تزويرية كثيرة، مثل دسّ النجمة السداسية، في العلامات التي تزيّن أثواب العرب البدو بسيناء، وإعطاء أسماء يهودية للأعشاب الطبية هناك، وشراء كميات كبيرة من الألبسة العربية البدوية لنساء واحة سيوه، بل قاموا بدسّ النجمة (الإسرائيلية) في الوشم البدوي في بعض مناطق سيناء، ضمن استراتيجية تدمير الفلوكلور العربي والثقافة الجمعية العربية، وتأسيس استمرارية حضارية يهودية زائفة مكانها، وتكوين تصميمات ناتجة عن جمالية فولكلورية يهودية مصطنعة.
لقد أثبتت تقارير أجهزة الأمن المصرية، التي تذيع الصحف والمجلات بعض نتائجها وتحقيقاتها بين الفينة والأخرى، وجود صلة مباشرة بين "الموساد" و"المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة"، الذي يقوم بإعداد نوعين من التقارير والبحوث والدراسات، أوّلهما يقدّم بصفة دورية إلى "الموساد"، في حين أنّ العلني والعادي يذاع وينشر على الملأ بغرض التمويه والتغطية.
وقد تفاخر "يوسف جينات" المدير الرابع "للمركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" أمام وسائل الإعلام المختلفة بأنه نجح "باستقطاب" عدد لابأس به من المصريين العاملين بأجهزة حكومية "ذات طبيعة خاصة"، لتزويد "المركز" بمعلومات تتعلّق بالأبحاث العسكرية والاقتصادية بدعوى "الاسترشاد" بها عند إعداد تقارير "المركز" وأبحاثه العلميّة..
وممّا يجدر ذكره أن "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" رتّب زيارات عديدة لوفود ضمت عدداً من أساتذة القسم العبري واللغات الشرقية بجامعتي القاهرة وعين شمس إلى "إسرائيل" بدءاً من عام 1993. وقد بحثت الوفود المصرية مع أساتذة أقسام الدراسات العربية والشرقية بجامعتي حيفا وتل أبيب وسائل تنسيق التعاون وتبادل الخبرات. علماً أن أعضاء الوفود المصرية يتم اختيارهم عن طريق "المركز الأكاديمي الإسرائيلي". من خلال معلومات يقدمها الباحثون "الإسرائيليون" في التخصّصات المشابهة عن الأساتذة المصريّين وخبراتهم ومؤلفاتهم التي يطلع عليها "الإسرائيليون" بانتظام.
وضمن استراتيجيّة صهيونية شاملة في مجال إرساء دعائم التطبيع والتجسّس وإفساد النخب العلمية والثقافية، عمل "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" بدأب شديد على إقامة أوسع الاتصالات والعلاقات مع مراكز البحث العلمي في مصر (الرسميّة منها والأهلية)، مع التركيز على مسألة جمع المعلومات الدقيقة عن عناصر بنية المجتمع المصري، وتحويل تلك المعطيات والدراسات إلى "الموساد" وإلى دوائر صنع القرار في "إسرائيل" لاستخدامها في تخريب المجتمع المصري، وتدمير أسسه ومقومات وحدته الوطنية، ويترافق ذلك مع استدراج مئاتٍ من النخب السياسية والثقافية، بشراء ذممهم بآلاف الدولارات ثمناً لبحث يتكوّن من عدة صفحات، وليس شرطاً في بعض الأحيان مع ما تحويه هذه الصفحات من معلومات. ففي أحوال عديدة يبقى الهدف الرئيس هو الربط الوثيق للباحث بهذه الدوائر وإغراؤه بالدولارات حتى ينتقل انتماؤه من التمسك بلغة الوطن إلى الدفاع عن لغة الدولارات(17).
ومن خلال متابعة ماتنشره الصحف والمجلاّت المصريّة، يتبيّن لنا أن "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" ركّز جهوده خلال العامين الماضيين للحصول على معلومات أكثر عن طلبة كلية العلوم والهندسة في جامعات مصر، لمعرفة آخر ما توصل إليه الطلبة النابغون من اختراعات جديدة، وهناك عشرة ملفات عن عشرة اختراعات وضعها "مدير المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" تحت الميكروسكوب، ووجّه بشأنها رسالة إلى السفير "الإسرائيلي" بالقاهرة كتب فيها(18):
"بناء على طلب تعليماتكم بإحضار ملفّات كاملة عن آخر اختراعات الشباب المصريين أرسلنا لكم عشرة ملفات عن اختراعات في مجال الزراعة وتحلية المياه والبلاستيك والكمبيوتر وإطارات العربات... ونودّ أن ننبهكم أنّ معظم هذه الاختراعات قمنا بتجربتها وفحصها جيداً، وهي تعد من أنبغ ما توصل إليه العلم...".
وأرسل السفير (الإسرائيلي) بالموافقة على شراء أربعة اختراعات وبأسرع وقت، أحدهما تحلية مياه البحر لطالب في كلية الهندسة. وقد توجّه باختراعه إلى وزير الزراعة المصري، لكنه منع من مقابلة الوزير، وعندما عرف أن "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" يعرض أسعاراَ خيالية لشراء الاختراعات الجديدة، بل وهناك منح سفر للدراسة إلى الخارج، توجّه المخترع إلى المركز عن طريق أحد الباحثين ممّن لهم علاقة قوية بالمركز، وبعد فترة قابل مدير "المركز الأكاديمي" وقدّم له صورة بحث اختراع، وقدّم التجربة أمامه عملياً، وبعد نجاحها قال له "مدير المركز" مداعباً: "لابدّ أن تسافر لأمريكا أم الدنيا لترى كيف يعاملون هناك العلماء بدلاً من مكاتب الطعمية!!".
وبعد ثلاثة أسابيع توجّه المخترع مباشرة إلى السفارة "الإسرائيلية" بالقاهرة وهناك باع اختراعه بمبلغ كبير.
والاختراع الثاني الذي وافق عليه السفير "الإسرائيلي" هو إنتاج سماد جديد لخصوبة الأرض، وتحويل الأرض المالحة إلى أرض صالحة للزراعة، وهو اختراع لخرّيج كلية الزراعة، وهو صديق لأحد أساتذة الجامعة ممّن لهم علاقة مباشرة وأبحاث لدى "المركز الأكاديمي الإسرائيلي"، وفور عرض الطالب الاختراع على أستاذه نصحه بالتوجه "للمركز الأكاديمي" لأنهم يدفعون مبالغ كبيرة في الاختراعات الحديثة، ورفض الطالب في بداية الأمر، وبعد شهرين من محاولة بيع اختراعه لإحدى الشركات الاستثمارية في مجال الزراعة والأسمدة، عاد مرة أخرى ووافق على بيعه للمركز، وهو الوحيد الذي قابل "السفير الإسرائيلي" في اليوم التالي لتقديمه الاختراع، وعرض عليه السفر وتجربة الاختراع ذاته بطريقة عملية، شاملة تكاليف الإقامة ومكافآت كل يوم يقضيه في "إسرائيل" إضافة إلى حق شراء الاختراع نفسه ومدة الإقامة ثلاث سنوات، وسافر بالفعل بعدما وضع ثمن الاختراع في "البنك الأمريكي المصري" وهو الآن يقضي الشهر السادس في (إسرائيل)!!.
أما الاختراع الثالث الذي وافقت عليه السفارة (الإسرائيلية)، فهو لمهندس ميكانيكي خرّيج كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وكان يعمل معيداً بالكليّة، لكنه سافر في منحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق "السفارة الإسرائيلية" بالقاهرة، حيث تقدم المهندس باختراعه لعمل "خلطة" جديدة من "كاوتشوك العربات" تساعد السيارة على عدم الانقلاب في الحوادث بسبب التصاقها بالإسفلت، وشمل اختراعه إضافة مادة جديدة للقار المستخدم في الإسفلت تتفاعل مع مادة المطاط الجديدة تجعل من الصعب انقلاب السيارة لشدة تماسك المادتين.
وعندما تقدم باختراعه هذا إلى "المركز الأكاديمي" كان شرطه الأول قبل المكافأة أن يسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويكمل دراسته هناك، وبعدما وافق السفير على الاختراع وشرائه وافق بالفعل على سفر المخترع إلى أميركا، وهناك التحق بجامعة "جورج واشنطن".
والاختراع الرابع والأخير الذي اشترته السفارة الأمريكية (بالتعاون والتنسيق المطلق مع السفارة الإسرائيلية)، كان من باحث خريج كلية التجارة، وله ميول واهتمامات بمجال "البلاستيك"، وقد قدّم له "المركز الأكاديمي" مكافآت كثيرة عن أبحاثه في مجالات مختلفة، وأرسل إليه قبل أن يتقدم باختراعه برسالة تقول: "شكراً على تعاونك معنا في مركزنا، ونتمنى لك تعاوناً أفضل في مجال الأبحاث المطلوبة منك في رسالتنا الأخيرة، مرفق طيّه مبلغ خمسة آلاف جنيه لمساعدتك في اختراعك الأخير الذي تقدمت بفكرته ووافقنا عليها".
وبعد ثلاثة أشهر تقدّم المذكور باختراعه كاملاً عن تركيب مادة جديدة تنتج بلاستيكاً يشبه الفخار، قوي التحمل... وبعد موافقة السفارة عليه اشترت حق الاختراع بمبلغ مائة وخمسين ألف جنيه بعدما رفض المخترع مائة ألف فقط، وهدّد بسحب اختراعه، وتقاضى المبلغ على دفعات بشيكات من أحد البنوك بالجيزة!!.
من جهة ثالثة حصل "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" على الملفات الكاملة لخمسة اختراعات مصرية جديدة، وقدّم للسفارة (الإسرائيلية) أسماء المخترعين الشباب، الذين تنقصهم الإمكانيات المادية والتكنولوجية لإتمام اختراعهم، حيث أن اختراعاتهم في مجال الماكينات الضخمة في المصانع والغزل والنسيج والحديد والصلب والقطارات.
وحصل "المركز" على أسماء هؤلاء المخترعين عن طريق باحث مصري، وردّ عليه "مدير المركز" برسالة، جاء فيها:
"السيّد/.. شكراً على حسن تعاونك معنا ومع مركزنا الموقّر، ونتمنى تعاوناً أفضل وأكثر في مجالات أخرى، مرفق طيّه مبلغ ألف جنيه مكافأة عن دورك الهام في إرشاد المخترعين الخمسة للجوء إلى المركز والتعاون معه، وشكراً".
وبالفعل قابل مدير "المركز الأكاديمي" المخترعين الخمسة، ومنهم اثنان خريجا الجامعة الأمريكية، وبعدها حدّد لهم موعداً لمقابلة السفير "الإسرائيلي"، الذي قدّم إليهم صوراً للمصانع والمكائن الحديثة التي يمكن أن تساعدهم على اختراعاتهم. وقد وافقوا على السفر إلى "إسرائيل" وسافروا باستثناء باحث واحد، توفيت والدته قبل السفر بأيام، فأجّل سفره لبعض الوقت!!.
وحول السؤال عن كيفية الوصول لهؤلاء المخترعين قال الدكتور رفعت سيّد أحمد "مدير مركز يافا للدراسات" (بالقاهرة): "المركز الأكاديمي (الإسرائيلي) منذ إنشائه في الثمانينات بعد معاهدة كامب ديفيد، وهو يعدّ بؤرة من بؤر التجسّس على مصر بطرق مباشرة أو غير مباشرة، والدليل على ذلك أنّ كلّ المتهمين بالتجسّس لصالح (إسرائيل)، الذين قبضت عليهم الأجهزة الأمنية المصرية كانت لهم صلة بالمركز الأكاديمي، وبعضهم كان يتلقى تعليماته من المركز نفسه، وبعضهم كان يزور المركز بشكل دائم ومنتظم، كما في قضية عزّام عزام الأخيرة.
فالمركز الأكاديمي (الإسرائيلي) يركّز تركيزاً كبيراً على الشباب المصري في جميع المجالات، وهو يعطيهم الضوء الأخضر عن طريق أساتذة مصريّين وفنّانين ورجال أعلام وإعلام وصحافة تجعل الأمر شيئاً طبيعياً في حالة السلم التي نمرّ بها مع (إسرائيل)(19).
إن قراءة سريعة لعناوين المحاضرات التي ألقيت في "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" تظهر بصورة جليّة ملامح الاستراتيجية الصهيونية وأهداف "إسرائيل" الحقيقية من التطبيع والعلاقات الثقافية. وفيما يلي قائمة مختصرة لعناوين المحاضرات والندوات، المنظمة في إطار "المركز" المذكور:
*"دور التواصل والتقليد في تشكيل مفاهيم المجتمعات الحديثة" للدكتور شوئيل أيزيشتاد أستاذ علم الاجتماع بالجامعة العبرية بالقدس وعضو الأكاديمية (الإسرائيلية) للعلوم والإنسانيات.
*"وثائق الجينيزاه بالقاهرة كمصدر للتاريخ المصري" للدكتور مارك كوهين أُستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنيستون وأستاذ زائر بالجامعة العبرية بالقدس، مزدوج الجنسية إسرائيلي/أمريكي.
*"الآثار المسيحية القديمة في مصر" للدكتور آشير أوفاديا.
*"التعليم في مصر" للدكتور ميشيل وينتر أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية بجامعة تل أبيب.
*"اليهودية والإسلام: علاقة بين الهالاخاة والشريعة الإسلامية" ألقتها هافا لازاروس يافيه، أستاذة الحضارة الإسلامية بالجامعة العبرية، لها دارسات معروفة عن التصوف الإسلامي، وفي بعض جوانب العقيدة الإسلامية، وأخرى في تاريخ العرب والإسلام.
*"التفاعل الثقافي بين العرب واليهود في العصور الوسطى" للدكتور إسحاق أفيشور أستاذ اللغة العبرية وآدابها بجامعة حيفا ومدير "مركز تراث يهود بابل".
*"حياة الطائفة اليهودية في الفسطاط: في العصور الوسطى" للدكتور مناحيم بن ساسون رئيس قسم تاريخ اليهودي بالجامعة العبرية، ونائب رئيس "معهد بن زفي لدراسات الطوائف اليهودية في الشرق".
*"القراؤّون في مصر وتاريخهم عبر ألف عام" للدكتور تسفي انكوري الأستاذ بقسم التاريخ اليهودي بجامعة تل أبيب.
*"يهود مصر في نهاية القرون الوسطى" للدكتور إبراهام دافيد الأستاذ بالجامعة العبرية.
*"الفولكلور اليهودي بين الشرق والغرب" للدكتور دوف نوي، أستاذ الفولكلور في الجامعة العبرية بالقدس.
*"اليهود في مصر" ليعقوب لنداو.
*"اليهود في مصر -مجتمع شرق أوسطي في العصر الحاضر" للدكتور شيمون شامير.
*"شخصيات يهودية في عالم الفكر والاقتصاد في العصر الحاضر" لموريس شمّاس.
* في الأصل محاضرة ألقيت في "المؤتمر العام العشرين" للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، المنعقد بدمشق من 18-21 كانون الأول/ ديسمبر 1997.
إضافة إلى مئات من المحاضرات والملتقيات والندوات، التي تدور في إطار هذه الخطّة الاستراتيجية الصهيونية، الرامية إلى تهويد تاريخ مصر وثقافتها وحضارتها، وترسيخ المزاعم الصهيونية، التي تحاول إقناع العالم "بدور اليهود... وتأثيرهم الكبير"؛ في الحياة الاجتماعية والثقافية والحضارية للمنطقة العربية. ولا نستبعد أن يطالب الصهاينة، بعد فترة من التهيئة الذهنية والنفسيّة بآثارٍ ومواقع تاريخية عربية، مثل "مزار أبو حصيرة" اليهودي، وغيره من المقامات والأضرحة والمقابر اليهودية.
ونستطيع التأكيد بموضوعية تامّة أنّ أعضاء السفارة "الإسرائيلية" وإداريّي وباحثي "المركز الأكاديمي (الإسرائيلي) بالقاهرة" جميعهم من كوادر الاستخبارات وكلهم يجيدون اللهجة المصرية الدارجة، وذلك انطلاقاً من دور وزارة الخارجية (الإسرائيلية) ووزارة الحرب ومؤسسة "الموساد" في تنظيم التجسّس الخارجي.
وفي هذا الاتجاه كان أول سفير "إسرائيلي" لدى مصر "إلياهو بن اليسار" واحداً من كبار ضباط "الموساد" وله تاريخ شائن في العمل الإرهابي(20). وبعد اتفاقيات كامب ديفيد ومانتج عنها من تطبيع رسمي وعلاقات دبلوماسية، كشفت المخابرات المصرية عدداً من شبكات التجسّس (الإسرائيلية)، أغلبها على صلة مباشرة بسفارة "إسرائيل" منها -على سبيل المثال- الشبكة التي كانت برئاسة المستشار العسكري (الإسرائيلي) بالسفارة، والتي كشفت في أوائل آب/ أغسطس 1985، وكانت تضم عدداً من أعضاء البعثة الدبلوماسية (الإسرائيلية)، وبعض الباحثين "بالمركز الأكاديمي الإسرائيلي"، وأمريكيين يعملان بهيئة المعونة الأمريكية، وسويدياً يعمل وسيطاً في صفقات الأسلحة، وثلاثة مصريين، وكانت هذه الشبكة تستخدم محطة لاسلكية متطورة داخل سفارة العدو، لتبليغ رسالة يومية عن أحوال مصر، بينما يتم نقل التقارير والأفلام والصور والخرائط إلى (إسرائيل) عبر الحقيبة الدبلوماسية.
وقد قام ضباط "الموساد" بالسفارة (الإسرائيلية) بالقاهرة، بتجنيد عدد من الطلاب عن طريق بعض أقاربهم العاملين بالسفارة، وتشجيعهم على السفر إلى (إسرائيل) في رحلات، حصل مقابلها أقاربهم على مكافآت مجزية نظير تجنيدهم!!.
وهناك قضية (الإسرائيليين) الأربعة الذين كانوا يحملون جوازات سفر إنجليزية مزوّرة، وتم ضبطهم عند خروجهم من إحدى نقاط المراقبة الخاصة بقوة حفظ السلام في جنوب سيناء، وبحوزتهم حقيبة تضم 7 وثائق شفرية و19 شريطاً ميكرو فيلم للمنشآت المصرية في سيناء ونُظم تسليحها(21).
وفي كتابه المعنون بـ "لن تكون هناك حرب أخرى" (الصادر في تل أبيب في كانون الأول/ ديسمبر 1995) كشف إلياهو بن اليسار السفير (الإسرائيلي) الأول بالقاهرة... عن حقيقة استخدام "إسرائيل" لهويات الدبلوماسيّين ومستندات وزارة خارجيتها حتى يعمل تحت غطائها رجال المخابرات (الإسرائيلية)، وأهم حالة كانت للقنصل "الإسرائيلي" العام بالقاهرة "يعقوب بيري"، الذي كان قد أرسل لمصر متخفياً تحت ستار دبلوماسي، في حين أنه كان ساعتها رئيس فرع العمليات الخاصة في الأراضي العربية المحتلة بجهاز "الشين بيت" (الإسرائيلي) (الأمن الداخلي).
ويضيف إلياهو بن اليسار أن بيري جاء ومعه عدد كبير من ضباط وعملاء "الشين بيت" و "الموساد" تحت اسم (عمّال فنيّين) جاؤوا للإعداد الفني وإجراء التصليحات لمقر السفارة، التي اختار "بيري" موقعها الحالي في "6 شارع ابن مالك بالجيزة".
ويذكر إلياهو بن اليسار أنّ يعقوب بيري بصفته القنصل العام، كما اعتمد رسمياً كان موجوداً بشكل دائم في عمارة السفارة لإجراء الترتيبات (الأمنية) مع رجاله "العمّال"، وهم مجموعة من وحدة جمع المعلومات التابعة للموساد من الفرع الذي يضم شبكات الجواسيس في مصر والجزائر وقبرص وتركيا والمغرب، وأنهم كلّفوا مع ضباط آخرين من المخابرات العسكرية (امان) و "الشين بيت" للتجسّس في مصر وإحداث الفتن والاضطرابات والتخريب.
والدور نفسه لعبه أهرون بارتياع، الرائد في المخابرات العسكرية (الإسرائيلية) الذي تسلّم عمله كأول ملحق إعلامي بالسفارة (الإسرائيلية) بالقاهرة في شباط/ فبراير 1980. وبعده جاءت في منصب الملحق الإعلامي لسفارة "إسرائيل" بالقاهرة مجموعة كبيرة كان أبرزهم مائير كوهين الذي عمل في قسم الشؤون المصرية بالتلفزيون(الإسرائيلي)، الناطق باللغة العربية بعد انتهاء خدمته بالقاهرة ثم حلّ بعده (كملحق إعلامي) يعقوب ستيا، الذي عاد إلى تل أبيب، وهو يخدم الآن في قسم تحليل المعلومات المصرية التابع لوزارة الدفاع (الإسرائيلية)، وهكذا فكلّهم يعملون بنفس الأسلوب ويخدمون الأهداف ذاتها والاستراتيجية عينها، من بن إليسار إلى موشي ساسون، الذي اتّضح أنه كان ضابطاً هو الآخر بجهاز "الموساد" (الإسرائيلي)، وقد أدرج على قوائم الممنوعين من دخول مصر عام 1993. والأمر ذاته في ما يتصل بالسفراء الصهاينة الآخرين، مثل "شمعون شامير" و "ديفيد سلطان" وغيرهما. وحتى "ساسون سوميخ" الذي قلب الصالونات الثقافية تحت ادّعاءات أنه أقرب المقرّبين إلى قلب نجيب محفوظ، لأنه متخصّص بأدب محفوظ، كان ضابطاً في المخابرات العسكرية (الإسرائيلية)، وكان إخوتُه ضباطاً كباراً بالمخابرات (الإسرائيلية)، وأشهرهم "شمعون سوميخ"، الذي كانت جريدة "معاريف" (الإسرائيلية) قد نشرت صورته واسمه لأول مرة في عدد الأربعاء 24 تموز/ 1996 عندما تجمّع قدامى ضباط المخابرات الإسرائيلية للاحتفال في مكان النصب التذكاري لقتلى المخابرات (الإسرائيلية) في الدول العربية ممّن سقطوا من جواسيس تل أبيب(22).
إنّ أنشطة السفارات والقنصليات "الإسرائيلية" تحت ستار التطبيع وإرساء أسس التعاون العلمي والثقافي والتقني، لم تتمكن من إخفاء أعمالها التجسسيّة والتخريبية، التي تتكشّف يومياً ويشعر بعدوانيتها وبصماتها الخطيرة كلّ مواطن عربي واعٍ، يملك حسّاً وطنياً وشعوراً بالكرامة والانتماء لأرضه وتاريخه وحضارته. ولو أنّ مراكز البحث (الإسرائيلية) والسفارات والمؤسسات كانت ثقافية أو علمية أو دبلوماسية (كما تعلن) لما اضطرّ السيد عمرو موسى وزير الخارجية المصري لأن يرسل في نيسان /أبريل 1996 خطاباً رسمياً نوهت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 12 نيسان/ أبريل 1996 وفيه قال موسى (لإسرائيل): "نريد دبلوماسياً، وليس جاسوساً" (23).
وكانت القصة وقتها تخص مخاض تعيين سفير جديد "لإسرائيل" بعد رحيل "ديفيد سلطان" المفاجئ إلى تل أبيب. وفي السياق الصهيوني ذاته تعدّدت زيارات أساتذة الجامعات والباحثين (الإسرائيليين) إلى مصر، بل أصبح من الصعب تقديم لائحة شاملة بهذه الزيارات، أو الوقوف عند برامجها ومجالاتها وما رافقها من حفلات وملتقيات وأطروحات. لكننا استكمالاً لعناصر البحث وجدنا من المناسب استعراض "نماذج بعض الأستاذة والباحثين" الصهاينة، الذين زاروا مصر بدعوات رسمية(24).
*"زيارة (أبا إيبان) عضو الكنيست ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، ووزير الخارجية الأسبق، والندوة التي عقدها في 8آذار/ مارس 1986. وكان قد زار مصر عقب توقيع المعاهدة وقدّم بوصفه الأستاذ السابق للأدب العربي ومترجم "يوميات نائب في الأرياف".
*زيارة "ليونارد بايندر" أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، والأستاذ الزائر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وزميل مركز البحوث الأمريكي بالقاهرة، مزدوج الجنسية "إسرائيلي" /أمريكي، عمل مستشاراً سياسياً لجولدامائير إبان حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، عميل معروف للاستخبارات المركزية الأمريكية والموساد، حيث تموّلان أبحاثه ودراسته عن الاقتصاد المصري ومستقبل الجماعات الإسلامية في مصر والتيارات الدينية في المنطقة العربية وإيران، وهو صديق لمعظم أساتذة علم الاجتماع والعلوم السياسية في مصر.
*زيارة وفد من أساتذة الجامعات (الإسرائيلية)، متخصصين في تحليل "وثائق الجينيزاه"، وقد شملت زياراتهم المعابد اليهودية ودار الكتب، وقاموا بتصوير بعض المخطوطات. منهم إبراهام دافيد ومارك كوهين ويوسف سادان.
*زيارة وفد من أساتذة جامعة بن غوريون، برئاسة "يوسف تكواه" رئيس الجامعة.
*زيارة "حاييم شاكيد" عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية وهو من كبار المستشرقين (الإسرائيلين)، و"إيلي ويجي" مدير "معهد شيلواح" و"إيتمار رابينوفيتش" عضو مجلس إدارة مركز موشي ديان في "معهد شيلواح" (الخبير في الشؤون السورية رئيس الوفد "الإسرائيلي" المفاوض مع الوفد السوري برئاسة المرحوم الدكتور موفّق العلاف).
*زيارة "لازاروس يافيه" أستاذة العلوم والحضارة الإسلامية في الجامعة العبرية بالقدس، وقد ألقت محاضرة في "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" بعنوان "العلاقة بين الهالاخاه والشريعة الإسلامية".
*زيارة "حاييم جوردون" أستاذ علم النفس بجامعة بئر السبع، ولقاءاته الدائمة بأساتذة الفلسفة وعلم النفس بالجامعات المصرية، وعلى رأسهم "صديقه" الدكتور محمد شعلان.
*زيارات "يوسف سادان" أستاذ الأدب العربي القديم، بقسم اللغة العربية وآدابها، بجامعة تل أبيب.
*زيارات "بورتون" أستاذ البرديات بالجامعة العبرية، وقد توثقت علاقاته ببعض أساتذة كلية الآداب بجامعة عين شمس.
*زيارات "آمي إيلون" أستاذ تاريخ الشرق الأوسط "بمعهد شيلواح" متخصّص في شؤون مصر.
*زيارات "إيمانويل ماركس" أستاذ الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة تل أبيب، ومعهد أبحاث الصحراء "بجامعة بن غوريون" المدير اللاحق "للمركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة".
لم يقف دور "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" والملحقية الثقافية لسفارة العدو (في القاهرة) عند حدود تنظيم الندوات المشتركة والبحوث وتبادل الزيارات، وتوجيه الدعوات للباحثين والأدباء والأساتذة المصريين... الخ، وإنّما تعدّى ذلك إلى تنظيم تهريب الآثار المصرية، فبالإضافة إلى جريمة سرقة المخطوطات اليهودية المصرية القديمة "الجينيزاه" وتهريبها من "معبد بن عزرا" بمصر القديمة ومقابر اليهود بمنطقة "البساتين"، رتب المركز المذكور عمليات تهريب واسعة للآثار المصرية، من بينها واحدة بزعامة "الحاخام إيتان صبيح" كبير حاخامات مدينة بيت لحم بفلسطين المحتلة، حيث جاءت العصابة تحت اسم "وفد ديني" لزيارة المعابد اليهودية في القاهرة والإسكندرية، وعند مغادرتها بعد 15 يوماً ضبطت معها مجموعة كبيرة من الآثار المصرية مختلفة الأحجام والتواريخ. كما ضبطت شبكة أخرى جاءت تحت ستار "مجموعة سياحية" في أثناء محاولتها تهريب ثماني حقائب من المخطوطات النادرة، بعضها مكتوب على جلد الغزال.
ومن "ثمار" العملية التطبيعية اعتراض سفارة العدو بالقاهرة على نقل بعض مقابر اليهود في منطقة البساتين، والزعم أن عملية نقل "موتاهم" إلى منطقة أخرى (مجاورة للمكان الأصلي ولا تبعد عنه سوى ثلاثين متراً) مستحيلة من وجهة نظر الشريعة اليهودية. بل حاولت الطائفة اليهودية استصدار قرار من هيئة الآثار باعتبار جميع مقابر اليهود في "البساتين" في عداد الآثار التي لايجوز التعدّي عليها، لكن الهيئة رفضت وقالت أنّ مقابر البساتين الخاصة باليهود لاتُعد من الآثار ولا تدخل بذلك في نطاق قانون حماية الآثار(25).
وقد رفضت حكومة "إسرائيل" طلب الحكومة المصرية استرداد الآثار المسروقة، بل قامت ببيع جانب كبير منها إلى المتاحف العالمية.. متحدّية- كعادتها- القوانين والمواثيق الدولية التي تحرّم ذلك. علماً أن هيئة الآثار المصرية قامت بتقديم الوثائق والأدلة الدامغة التي تكشف جريمة (الإسرائيليين).
والأخطر من ذلك قيام مجموعات (إسرائيلية) بتزوير بعض الآثار المصرية (في مواقعها بأرض مصر)، حيث ألقت سلطات الأمن القبض على عدد من (الإسرائيليين) تسلّلوا إلى المقابر الفرعونية بالوادي الجديد وأسوان حاولوا تزوير بعض الحروف الهيروغليفية باللوحات الجدارية الموجودة بالمقابر لتغيير سياق ومضمون النصوص التاريخية، بحيث تثبت الدور المزعوم لليهود في الحضارة المصرية القديمة.
وصرّح مصدر بهيئة الآثار المصرية أنّ هذه المجموعة التي تم ضبطها في شهر نيسان/ أبريل عام 1996 ليست الحالة الأولى، حيث تعدّدت خلال الشهور الأخيرة الحالات التي قام بها "الإسرائيليون" بنفس العمل، وقد تم ضبط مجموعة من أدوات الحفر والألوان المعدّة خصيصاً للتزوير والتي تقارب الألوان الأصلية. كما ضبطت معهم مجموعة من الصور للنصوص المراد تشويهها موضّحاً عليها أماكن التزوير المُستهدف.
وقد وصف المصدر (من هيئة الآثار المصرية) بأنّ مايجري جريمة حقيقية، "مؤكّداً وجود جهات معيّنة في "إسرائيل" بينها مراكز بحثية وهيئات ثقافية يساندها جهاز المخابرات (الإسرائيلي) تهدف إلى تشويه النصوص التاريخية، كما تقوم هذه الجهات بتقليد الآثار القديمة لحضارة المنطقة العربية من وضع قطع أثرية مزورة أو رسوم وكتابات بأحرف عبرية ضمن المقابر والمخطوطات المصرية القديمة".
وعبر استغلال التطبيع الثقافي، تحاول "إسرائيل" اختلاق جذور حضارية يهودية وانتحال تاريخ يهودي، حيث امتدّ اهتمام (الإسرائيليين) إلى مجال الفنون والمأثورات الشعبية، في محاولات دائبة لإثبات أن كثيراً من مظاهر الحياة الشعبية في المنطقة العربية، من لغة وتقاليد وسلوكيات ومأثورات، تعود بالأصل إلى جذور يهودية تضرب في عمق التاريخ.
وضمن هذا المخطط جمعت "إسرائيل" الأغاني والموسيقى الفولكلورية، تحت إشراف "مركز البحوث الموسيقية بالجامعة العبرية" و"الأرشيف القومي الإسرائيلي للصوتيات" وترأس البعثة الأولى الدكتور "آمنون شيلواح" أستاذ فن الموسيقى، ورئيس "معهد اللغات والآداب والفنون بالجامعة العبرية" بالقدس، وكان معه بعض الباحثين (الإسرائيليين): جرزون كيوى، هوفاف، هرتزج وفاينبرج.
وترأس البعثة الثانية الدكتور "دوف نوي" مؤسّس "الأرشيف القومي الإسرائيلي للصوتيات"، وصحب معه طاقم تسجيل ومن الباحثين: بلي وجولدبرج وبن عامي، وقد أثمرت جهود البعثتين، تسجيلات مدتها عشرون ساعة، جمعت من مناطق وادي فيران وجبل الطور وأبو رديس ومن بعض القبائل العربية في سيناء، حيث تولّى نشرها وفق رؤية صهيونية "المركز الإسرائيلي لجمع ودراسة الفلولكور"، لتكتمل دائرة سرقة التاريخ كأبرز مكونات الفكر الصهيوني(26).
وفي إطار السطو على تاريخ العرب وحضارتهم. نجد أن منشورات الدعاية السياحية، التي تقوم بتوزيعها "إسرائيل" في أوروبا وأمريكا، تحمل عبارات مثل: "زوروا إسرائيل وشاهدوا الأهرامات" أو: "تعالوا لزيارة الأهرامات ومن بناها"...!!.
هذه محصلة، بل لمحة موجزة عن الدور "الإسرائيلي" في مصر تحت مظلّة التعاون العلمي والثقافي. واستكمالاً لدور "مراكز البحث العلمي" (الإسرائيلية) العامة في خدمة التطبيع واستراتيجية السيطرة الصهيونية، ينشط عدد كبير من مراكز البحث والمؤسّسات العلمية والهيئات الأمريكية، التي تمثّل مع الجهات "الإسرائيلية" شبكة مترابطة الحلقات، متكاملة الأهداف والمهام والأدوار والأوجه. فللولايات المتحدة الأمريكية أهداف استراتيجية تجاه المجتمع المصري تصبّ في سياق استراتيجية أشمل... وهي الاستراتيجية الأمريكية -الإسرائيلية تجاه المنطقة العربية، إذ لايمكن عزل مايحدث في مصر أو الأردن أو الخليج العربي عما يحدث في بقية أقطار الوطن العربي، والعكس صحيح. ولكي تصل الاستراتيجية الأمريكية –(الإسرائيلية) إلى تحقيق أهدافها تجاه الوطن العربي، استخدمت وسائل وقنوات وأساليب كثيرة: اقتصادية وسياسية وعسكرية، وثقافية (وهي مايعنينا أساساً في هذه الورقة).
الوسائل الاستراتيجية الأمريكية الثقافية تجاه مصر والمنطقة العربية كانت وستظل عديدة ومتنوعة، فهي تستند بالدرجة الأولى إلى المشروعات العلمية والبحثية والثقافية المشتركة، وتشمل الإعلام بأنواعه وتقسيماته المختلفة، والتبادل الثقافي الرسمي وشبه الرسمي... إلخ.
وسوف نحاول أن نقدّم هنا لمحة كافية لأبرز الوسائل الثقافية -العلمية المتّبعة من خلال المتوافر من المعلومات والحقائق، وبالقدر الذي يسمح به المقام وحجم البحث، مع التركيز على تداخل الأدوار والوظائف التي تقوم بها المؤسّسات الأمريكية في مصر مع عدد من مراكز البحث والهيئات الصهيونية المعروفة، حيث أن للولايات المتحدة الأمريكية ركائز للاختراق الثقافي داخل مصر والمنطقة العربية، ولهذه الركائز كما يجمع أغلب الباحثين في هذا المجال، وظيفتان: الأولى، الاختراق الثقافي-العلمي المنظم، ومحاولة فهم المجتمع المصري وتفاصيل عملياته السياسية والاجتماعية وتصديرها إلى واشنطن، حيث وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (C.I.A.) بهدف إعادة برمجتها، وفق أساليب ونظم علمية متطورة تمهيداً للتحكم في العقل وفي المجتمع ككل. والوظيفة الثانية: خدمة الاستراتيجية "الإسرائيلية" من خلال ممارسة دور "قناة الربط" بين الجهات المصرية الثقافية والعلمية، وبين الجهات (الإسرائيلية)، وأحياناً تمتد هذه الوظيفة إلى حيث تجنيد "عملاء جدد" لخدمة التطبيع مع العدوّ أولاً، ومن ثم لتوظيفهم في خدمة الاستراتيجية الصهيونية في المنطقة العربية ثانياً، فيتم "التجنيد" على مراحل ووفق وسائل متدرجة، يأتي التعامل مع المؤسّسات والهيئات البحثية والاجتماعية الأمريكية في مقدمتها، فإذا ما اطمأنّ "العميل الجديد" لها جرى ربطه عبر "قنوات" كثيرة بالجهات (الإسرائيلية)، التي تصب بدورها في جهاز المخابرات (الإسرائيلية) "الموساد".
ولأنّ المؤسّسات والهيئات الأمريكية، التي تمثّل بؤراً صديدية في جسد المجتمع المصري، جهات وعناوية مسمّيات عديدة ولا حصر لها، فإننا سوف نقدّم هنا أكثر هذه المؤسّسات والهيئات شهرة وأكثرها خطراً وهي(27):
الجامعة الأمريكية في القاهرة.
مؤسّسة راندا الأمريكية.
المركز الثقافي الأمريكي.
مركز البحوث الأميركية (في شارع الدوبارة بالقاهرة).
مؤسّسة فورد فاونديشن.
هيئة المعونة الأميركية.
مؤسّسة روكفلر للأبحاث.
-معهد ماساشوستس وفروعه في القاهرة ومعهد الـ "ام-أي-تي" (في مبنى جامعة القاهرة).
-مؤسّسة كارينجي.
-معهد دراسات الشرق الأوسط الأميركي.
-معهد التربية الدولية والمتخصص في منح السلام.
-معهد بروكنجر.
-معهد المشروع الأميركي.
-الأكاديمية الدولية لبحوث السلام.
-مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة "جورج تاون".
مشروع ترابط الجامعات المصرية الأمريكية ومقره المجلس الأعلى للجامعات في القاهرة. (تبلغ ميزانيته السنوية 27 مليون دولار تقدّمها المخابرات الأمريكية وأجهزتها المعروفة).
والجهات السابقة تترابط من خلال أجهزة المخابرات الأمريكية و(الإسرائيلية) بالمراكز البحثية (الإسرائيلية) لتكوّن مجتمعة شبكة منشقة الأدوار وخطيرة الأهداف(28).
وترتبط بالمؤسّسات السابقة قائمة أخرى من المؤسّسات التي تعمل تحت لواء المخابرات الأمريكية، التي تموّل هذه الهيئات والمؤسّسات بميزانيات ضخمة وهائلة.
وقد موّلت "وكالة المخابرات المركزية الأمريكية" (C.I.A.) منذ عام 1982 خمسة وسبعين مؤتمراً سنوياً، إضافة إلى أنّ خبراء المخابرات ومحلّليها والأكاديميين المتعاملين معها يحضرون هذه المؤتمرات ويعقدون اللقاءات والعلاقات مع ألمع الشخصيات المشاركة وأبرزها وأكثرها فائدة للأهداف الأمريكية -الصهيونية أو الصهيونية- الأمريكية لا فرق.
والمهم أنّ هذه المؤسسات والهيئات لعبت وتلعب دوراً بارزاً في إعداد الأبحاث والدراسات، التي تخدم عملية تطبيع العلاقات بين مصر و(إسرائيل)، تمهيداً لتعميم هذه التجربة على الأقطار العربية الأخرى.
فمثلاً تقوم "جماعة دراسات الشرق الأوسط" (MESA) بالتنسيق المعلوماتي مع "معهد ماسا شوستس للتكنولوجيا" و "معهد دراسات الشرق الأوسط" في ميدان دراسة التيارات الاجتماعية والفكرية في المنطقة. ويعمل في إطارها عدد من أساتذة العلوم الاجتماعية والسياسية منهم: "ليوناردو بايندر"، الذي أعدّ مجموعة من الأبحاث والدراسات موّلتها الاستخبارات الأمريكية، أهمها: التيارات الأيديولوجية في الشرق الأوسط، النظرية السياسية الإسلامية، العوامل المؤثرة في إيران العالمي، تطورات الاقتصاد المصري، ودراسات عن ظاهرة الجماعات الإسلامية والتطرف الديني في مصر.
و"مالكوم كير" المدير السابق للجامعة الأمريكية في بيروت، عميل معروف للاستخبارات الأمريكية، وقد أعدّ بعض الدراسات التي أصبحت أحد مكونات الاستراتيجية الأمريكية في البلدان العربية ومايجاورها، مثل: الحرب العربية الباردة، السياسات العربية المحلية والصراع في الشرق الأوسط، وقام بإجراء عدد من البحوث المشتركة مع أساتذة مصريين، اغتيل على أبواب الجامعة في بيروت عام 1984.
ومنهم "برنارد لويس"، المستشرق اليهودي المعروف بدراساته المغرضة عن العرب والإسلام، سواء من خلال إلحاحه على الطوائف والانقسامات في المجتمعات الإسلامية، أو من خلال دفاعه عن اليهود والصهيونية، بالإضافة إلى حجم التأثير الذي يمارسه لويس على كثيرين ممّن تتلمذوا عليه. كما أنه يشغل حالياً منصب أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة برنستون، وهو عضو دائم في "معهد الدراسات المتقدمة" وفي الجمعية الفلسفية الأمريكية(29).
ومن أعضائها مجموعة من أساتذة "الجامعة العبرية"، وهم جميعاً يتمتعون بالعضوية الشرفية "لمركز البحوث الأمريكي" بالقاهرة، وتصدر عنها "المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط".
ويرى باحثون منصفون أنّ "مؤسّسة فورد"، من أخطر مؤسسات التجسس العلمي الأمريكية، وقد انفردت بتمويل "أبحاث ودراسات الشرق الأوسط وعبر هذه المؤسسة تقوم "وكالة التنمية الأمريكية" (AID) بتخصيص حوالي مائة مليون دولار سنوياً لمركز البحث العلمي والجامعات المصرية منذ نهاية السبعينات إلى اليوم. وفي هذا السياق يقول محمد حسنين هيكل إنّ أكثر الجهات المستفيدة من هذه الأموال، هي الولايات المتحدة الأمريكية و "إسرائيل" وأنه قرأ "دراسة من 260 صفحة تتحدث عن حزام الفقر المحيط بالقاهرة، وتركّز بالتحديد على معسكرات الأمن المركزي والقوات المسلّحة الموجودة في هذا النطاق، ثم تتحدّث عن التفاعل بين الناس وهذه القوات في إطار هذا الحزام من الفقر..". ويضيف حرفياً: "إنّني معتقد أن هذا كلام في منتهى الخطورة (100) مليون دولار كل سنة تدخل لاستكشاف وتقصّي مايدور داخل العقل المصري"(30).
وبالإضافة إلى قيام "مؤسسة فورد" بتمويل المنح الدراسية، حيث يجري "تطويع أدمغة" مئات الباحثين في مجالات البحوث الاجتماعية والدينية والثقافية والتنموية.. تقوم أيضاً بتمويل كثير من الأبحاث المشتركة في مصر، ومنها: التغيّر الاجتماعي في بلدان الشرق الأوسط، المرأة الفلسطينية ومعدّلات الخصوبة لديها، دور السلام في التغيير الاجتماعي.. الخ.
وقد شارك في هذه الصفقات البحثية، بعض أساتذة الجامعات ومراكز البحوث السياسية والاجتماعية بمصر. وتعدّ "الجامعة الأمريكية" بالقاهرة إحدى أدوات تحقيق الاستراتيجية الأمريكية وقاعدة متقدمة للتغلغل داخل خلايا المجتمع، مع الأخذ بالحسبان "الساتر الفولاذي" الذي تفرضه على نشاطها وأبحاثها ودورها السياسي.. وهي بلا شكّ تخدم أهدافاً أمريكية محددة وبعيدة المدى، أكبر من الأهداف المعلنة)31( ويمثل الدارسون فيها شريحة كبيرة من أبناء الطبقة الغنية والنخبة الحاكمة، وهؤلاء يشكّلون "قاعدة مناسبة" لصفوة جديدة تدعم سياسة التبعية للولايات المتحدة، بحكم أنهم مرشحون بعد إتمام دراساتهم، لتولي مواقع متقدمة في الأجهزة التنفيذية وفي المؤسّسات الاقتصادية وإدارة الأعمال وقطاع السياحة. وتبرز في رحابها أقسام الاقتصاد والعلوم السياسية والتاريخ بأنشطتها المتميزة -خاصة في مجال البحوث المشتركة والممولة- وقسم الخدمة العامة وقسم خدمة الإدارة الموسعة ودورهما البارز في تشكيل وتدريب الصفوة المصرية الناشئة، ثم "مركز البحوث الاجتماعية" ودوره الكبير في تطوير شبكة واسعة من علماء الاجتماع الأمريكيين والمصريين، خدمة للتطبيع والأمركة واختراق خلايا المجتمع وفئاته وشرائحه.
وتقوم جهات عديدة بتمويل أنشطة الجامعة المتنوعة، على شكل "هبات" و"تبرعات" بملايين الدولارات.. منها "مؤسسة فورد"، وبعض الشركات العالمية مثل: وستنجاوس وفايزر، بعض الخدمات الأمريكية مثل جامعة هارفارد، وبعض المراكز والمعاهد مثل: "مركز الإدارة الدولي" و"المعهد الدولي للإدارة والتنمية".
أما "مركز البحوث الأمريكي" بالقاهرة، فيتركّز نشاطه في مجال الدراسات الاجتماعية، إلى جانب البحوث الاقتصادية والتاريخية والأثرية.. ويحظى بعضويته الشرفية "الزمالة" عدد من الأساتذة المصريين ومزدوجي الجنسية أمريكي/ مصري، وأمريكي/(إسرائيلي) مثلما هو الحال بالنسبة للأساتذة الزائرين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. كما ينشط في مجال البحوث المشتركة والمموّلة..
وللتدليل على توجّهات المركز المذكور نشير إلى أنّ مديره الدكتور "روبرت بوب بتيز" متخصص في العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط، وكان موضوع رسالته "الأقليّات العربية المسيحية ودورها السياسي والاقتصادي والثقافي في مجتمعات الشرق الأوسط". وبعد عمله "كمُحلّل" للغة العربية في مكتبة الكونغرس، إشتغل بسفارات أمريكا في عدّة دول، ثم أسّس "المركز الدولي الإغريقي- الأمريكي" وظل مديراً له عشر سنوات.
ويصدر "مركز البحوث الأمريكي" بالقاهرة مجلتين للبحوث العلميّة هما:
1-"Journal of the American Research Center inEgypt".
2-"News Letter of the American Research Center inEgypt".
وفيما يلي بعض عناوين البحوث والدراسات التي أجراها "مركز البحوث الأمريكي" بالقاهرة:
-بحث فاليري هوفمان: "الحياة الدينية للمرأة المسلمة في مصر المعاصرة".
-دراسة وولفهارت هينريك: عن "تاريخ الآداب والعلوم العربية".
-دراسة ليوناردو بايندر حول "حرية الفكر الإسلامي في مصر المعاصرة".
-دراسة شاهروف أخافي: "مفهوم الاشتراكية لدى العمال المصريين".
-دراسة آرثر كريس عن: "الجهاد الإسلامي والاتجاهات الفكرية المختلفة".
ومنذ منتصف الثمانينات كثّف "مركز البحوث الأمريكي" نشاطه في مجال التطبيع والتجسّس العلمي على المجتمع المصري.. تمثّل في عشرات الأبحاث المموّلة من بينها - مثلاً:
دراسة عن العادات والتقاليد المتوارثة للأسرة المصرية، الموالد الشعبية المصرية، تقصي ظاهرة التطرف في الحياة المصرية الحديثة، الإسلام والثورة.. إلخ.
ولدينا قائمة تضم عشرات العناوين للدراسات والبحوث، التي قامت وتقوم بها المؤسّسات الأمريكية لتشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مصر. ومن اللاّفت للانتباه أنّ المؤسّسات الأمريكية و(الإسرائيلية) تبحث في "كل الموضوعات وفي كل مكان، وباستقلالية كاملة.. أو في إطار بحوث مشتركة ومموّلة كوّنت "بنوك معلومات متكاملة"... إلى الحدّ الذي دفع بعض الباحثين المصريين إلى القول بأن "كمية المعلومات التي حصلت عليها هذه المؤسّسات تفوق تماماً ما تعرفه القيادة السياسية وتفوق ما يعرفه علماؤنا"(32). ويؤكّد الرأي السابق الإعلان التالي، الذي نشر في جريدة جامعة أمريكية تحت عنوان "فرص بحث"(33):
"تحتاج وزارة الخارجية لأبحاث عن الوجود الأمريكي في مصر، على ألاّ تتعدّى تكاليف مشروع البحث 25 ألف دولار.. إتصل بوزارة الخارجية- فرع العقود- ص. ب 9244، روزين ستيشن، فيرجينيا 22209".
هذا بالإضافة إلى عشرات المؤتمرات الأمريكية - المصرية في مختلف الفروع والميادين العلمية، كالطب والزراعة والصيدلة والجيولوجيا والكيمياء والأمراض البيئية. وقد شارك "الإسرائيليون" في هذه المؤتمرات، ومنها مؤتمر "السلام من خلال القانون"(القاهرة من 26- 30 أيلول/ سبتمبر 1983)، تحت إشراف "مركز السلام العالمي من خلال القانون" بواشنطن.
وفي مجال مؤتمرات "الفكر السياسي" عقد عدد من المؤتمرات بتنظيم من "مركز البحوث السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية" وبدعم من بعض المؤسّسات الأمريكية المشبوهة. منها - على سبيل المثال - مؤتمر: "الثقافة السياسية والممارسة الديمقراطية" بفندق شيراتون الجزيرة يومي 25و 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987، تحت إشراف "الجمعية المصرية للعلوم السياسية" وبمشاركة وتمويل "مؤسّسة فريدريش إيبرت في مصر"... وخصص المؤتمر معظم أبحاثه عن: "دور الأحزاب والنقابات والتنظيمات الشعبية في الثقافة السياسية" و "الثقافة السياسية على مستوى المحليات".
وقد عقد مدير "مركز البحوث السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية" اتفاقية مع مكتب "مؤسّسة فورد" بالقاهرة، خاصةً بإعداد برنامج بحث يستمر ثلاث سنوات تتخللها مؤتمرات وندوات علمية حول تطور تدريس العلوم السياسية في الجامعات المصرية. وتقوم "مؤسّسة فورد" بتمويل البرنامج بمبلغ 600 ألف دولار (34).
لكن إقحام "العامل النفسي" شكّل وسيلة أكاديمية "لتحقيق المخططات الصهيونية- الأمريكية" لإعادة تشكيل "العقل العربي"... كمدخل لتسوية الصراع العربي- الصهيوني وفق الرؤية والاستراتيجية "الإسرائيلية".
وكانت صياغة "العامل النفسي" موضع جهود تنسيقية مشتركة بين هيئات ومؤسّسات أمريكية و(إسرائيلية) ومصرية، سواء من خلال المؤتمرات الثلاثية، أو الندوات والأبحاث المشتركة، أو من خلال الدراسات الميدانية، التي قام بها علماء الطب النفسي والباحثون الاجتماعيون والمؤرخون والدبلوماسيون من الأطراف الثلاثة.
وادّعاء الأساس النفسي لهذا الصراع الجذري يقفز فوق المشكلة الأساسية المتمثلة بطرد أصحاب الأرض واقتلاعهم وسحقهم وإلحاق أفدح أنواع التدمير والتشريد بهم، وهو محاولة مكشوفة لاختراق الوعي العربي لصالح الفكر الصهيوني - اللاّ إنساني، انطلاقاً من مقولات ومزاعم "الحاجز النفسي"، التي جرى تعميمها أمريكياً، وتلقّفها أنور السادات وردّدها في مستهل "مبادرته التاريخية" الخطيرة. وقد رسم دور محدّد للدكتور محمد شعلان والدكتور جمال ماضي أبو العزايم والدكتور عبد العظيم رمضان، من خلال مؤتمرات الطب النفسي (في ووتر غيت في لندن ومؤتمر لوزان بسويسرا ومؤتمر القاهرة العالمي للصحة النفسيّة ومؤتمر الإسكندرية)، وكتاباتهم، التي تتلخّص في ترسيخ المفاهيم والتصورات (الإسرائيلية) في الذهن العربي، وإيجاد مسوّغات سيكولوجية للسلوك (الإسرائيلي) . وقد برزت أهداف هذه الحملة في مشاريع "البحث العلمي" المشتركة، مثل مشروع بحث: "الأبعاد الاجتماعية والنفسية للصراع العربي- الإسرائيلي" برئاسة الدكتور هربرت كلمان أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة هارفارد، وشاركه في إنجازه باحثون مصريون وصهاينة، منهم الدكتور "ستيفن كوهين" من الجامعة العبرية، وحسين توما من المركز الوطني المصري للصحة النفسية. وقدمت نتائج البحث في ندوة (لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية) بجريدة الأهرام، في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1977.
وقد عقد الدكتور "ستيفن كوهين" اتفاقاً في القاهرة للقيام بسلسلة بحوث تحت عنوان "رؤى الصراع" حيث يشرف عليها "معهد الشرق الأوسط للسلام والتنمية" بتمويل من "وكالة التنمية الدولية" (A. I.D.) ورصد لمشروع البحث مبلغ مليون دولار، وشارك فيه من المصريين الدكتور قدري حفني والدكتور محمد شعلان، ومن الصهاينة "ميشيل إنبار" الأستاذ بالجامعة العبرية و "إفرايم يا آر" من جامعة تل أبيب، ومن الفلسطينيين الدكتور نديم روحانة الأستاذ بجامعة هارفارد، والدكتور شريف كنعان الأستاذ بجامعة النجاح.
وقد تصدّى لهذه المؤتمرات المشبوهة والأبحاث الزائفة، والكتابات المتصهينة عدد كبير من العلماء المصريين والكتّاب الوطنيين، منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور محمد عودة رئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة عين شمس، الدكتور يحيى الرخاوي، الدكتور عبد الرحمن العيسوي أستاذ علم النفس بجامعة الإسكندرية، والدكتورة لطيفة الزيات والدكتور أشرف بيومي والدكتور جلال أمين وفريدة النقاش ومحسن عوض وغيرهم (35).
وفي إطار العمل الصهيوني المستمر من أجل استحداث "مؤسّسات" وهيئات وجماعات وملتقيات" تصب في مشروعها الاستيطاني -التفكيكي- التدميري الشامل... تكوّنت "مؤسّسة المبادرة من أجل السلام والتعاون في الشرق الأوسط" في أيلول/ سبتمبر 1991. وهي تضمّ نخبة من الشخصيات الأمريكية و "الإسرائيلية" والعربية، وتعدّ أحد المطابخ الرئيسة في طرح الأفكار والتصوّرات والسيناريوهات، الممّهدة لتأسيس "نظام الشرق أوسطي" على أنقاض النظام العربي، تقوم "إسرائيل" فيه بدور القيادة وتتمحور من حول مصالحها واستراتيجيتها شبكة التفاعلات الإقليمية الجديدة (36).
ويترأسها "جون ماركس" بصفته من الخبراء الأمريكييّن في شؤون المنطقة على مدى العقود الأربعة الماضية، ومن أهم الشخصيات التي تضمّنها "ألفريد أثرتون" مساعد وزير الخارجية الأمريكية الأسبق و "ريتشارد ميرفي"، وسفراء أمريكيون سابقون في المنطقة العربية، ووزير الدفاع الأمريكي الأسبق - رئيس البنك الدولي السابق روبرت مكنمارا، ونائب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية السابق دوف زاخم ويعمل في إطار هذه "المؤسّسة المبادرة" خمسة وعشرون شخصاً من الأمريكيين والعرب و "الإسرائيليين". وقد برزت أخبار هذه "المؤسّسة" إثر اجتماعها السرّي السادس الذي عقد في مراكش بالمغرب (في الفترة من 18-22 آذار/ مارس 1994). وقد شارك بأعمال هذه "المؤسّسة" "شلومو جازيت" مدير الاستخبارات العسكرية (الإسرائيلية) السابق، وجوزيف ألفر من "مركز دايان للدراسات الاستراتيجية" في تل أبيب، وضمّ الاجتماع أيضاً عضوين برلمانيين، وأساتذة جامعات وسفراء ومدراء ومعاهد بحثية، ومدراء تنفيذيين، ونشطاء في المجال العام وجنرالات. وكان المشاركون العرب ينتمون إلى تسع دول عربية. وقد نشرت الصحافة المغربية عدداً من أسمائهم، وقال البيان الذي وزّعته "مؤسّسة المبادرة من أجل السلام والتعاون في الشرق الأوسط" وعلى نطاق محدد إن مستشار الملك المغربي (الحسن الثاني) "أندريه أزولاي" -وهو أحد اليهود المغاربة- قد رحب بالمجتمعين، وقدّم كلّ خبرته من أجل إنجاح "خلوة مراكش"، خاصة أنه الاجتماع الأول الذي يعقد في مدينة عربية، حيث عقدت الاجتماعات الخمسة السابقة خارج المنطقة العربية في أمريكا ودول أوروبية.
وقد اعترف المجتمعون (أصحاب خلوة مراكش) أن هدف اجتماعاتهم هو إعداد الجماهير العربية لقبول "السلام" بشروطه الحالية (الصهيونية)، وفرض هذا "السلام" طوعاً بإرادتها، أو رغماً عنها عن طريق تزييف وعي الناس وإرادتهم المقاومة للعدوان والاستيطان والعنصرية الصهيونية.
ولتحقيق برنامجها، قررت المجموعة الاهتداء بإجراءات وتحركات واسعة، تتمثّل خطوطُها العامة بما يلي:
-لن يتماسك السلام النهائي في المنطقة إذا لم يكن هناك ثقافة للسلام تدعمه وتحافظ عليه.
-ينبغي إحداث تحولات في التوجهات والإدراك في الشرق الأوسط إذا أريد للمنطقة الانتقال من ثقافة المواجهة والحرب إلى ثقافة السلام.
-لتحقيق ذلك ينبغي كسر الأنماط القديمة، وجعل المتشدّدين (وهو مصطلح يُطلق على الوطنيين) معتدلين على امتداد المنطقة.
-هناك حاجة إلى تطوير ونشر مصطلحات ومفردات سياسية جديدة ونسق جديد من الاستعارات المجازية، لتقديم محتوى اجتماعي لثقافة السلام.
-يمكن للإعلام أن يلعب دوراً أساسياً في بناء السلام لتجاوز القيود الحكومية والثقافية السائدة، التي تضع عقبات مانعة أمام تقدم السلام.
ولهذه الغاية، شكّل المجتمعون "ورشات عمل" تخصصيّة، وتقرّر أن تقوم بالأنشطة التالية:
ورشات عمل "لحل النزاع" تعقد في الأردن، وفي تركيا "بمعدل مرتين في ستة أشهر".
تدريب وتطوير مناهج في هذا المجال في جامعة بيت لحم بالضفّة الغربية.
إقامة برامج تدريب للمدرّبين في مصر.
عقد اجتماع تشاوري للجنة الإقليمية لتسوية النزاع، التي كانت قد شكلت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1993 في المؤتمر الإقليمي في الأناضول.
وفي حال توافر تمويل إضافي في غزّة، وأخرى في الضفة الغربية، وواحدة في تركيا، إلى جانب، ورشة عمل (إسرائيلية) -فلسطينية مشتركة، وجولة دراسية لأربعة مشاركين من الشرق الأوسط في الولايات المتحدة.
سوف يُفحص مشروع "صور الآخرين" التابع لمجموعة الأنماط السلبية لوضع الخطوط العريضة لحملة واسعة في المنطقة لإزالة النمطية واللا إنسانية، والهدف من ذلك العمل باتجاه التركيز إلى إعادة تنشئة وتعليم الأطفال في مراحل طفولتهم المبكرة.
هذا وفي الاتجاه "التطبيعي- التفكيكي" ذاته، وعبر "الاجتماعات" و "الندوات" و "الملتقيات" "ذاتها"، وباستخدام الاصطلاحات والتعابير نفسها عُقدت في أيلول، سبتمبر من عام 1994، "خلوة أنقرة" التي أشرفت عليها ونظمت أعمالها وأسماء المدعوّين إليها... وموّلتها المؤسّسة الأمريكية الصهيونية المعروفة بـ "مشروع البحث عن أرضية مشتركة" وقد استمرت أعمالها ثلاثة أيام تحت شعار "نحو ثقافة سلام بالشرق الأوسط"(37). وما حدث هو البدء بتنفيذ برنامج العمل المستقبلي، الذي كانت أقرته في الاجتماع السادس بمراكش (آذار/ مارس 1994)، مجموعة العمل الأساسية في إطار "المبادرة" من أجل السلام والتعاون في الشرق الأوسط، وقد ساهم بدور واضح في "خلوة أنقرة" "مركز تاتي ستينمتيز الإسرائيلي لأبحاث السلام" في تل أبيب، الذي يترأسه "شمعون شامير" (الذي كان مديراً للمركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة)، مؤسّسة "وقف الأمل" التركيّة بأنقرة وجمعية إعلام العالم بباريس، إضافة إلى تسعة صحفيين عرب يمثّلون "وكالة الأنباء الكويتية"، وجريدة "القدس" الصادرة في الأرض المحتلة، وجريدة "النهار" و "الحياة" ومجلة "المصوّر" (القاهرية).. وأربعة صحفيين "إسرائيليين"، وعدد من الدبلوماسيين -سابقين وحاليّين -من بينهم- مثلاً تحسين بشير الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية إبان عهد السادات وعضو "مركز دراسات الشرق الأوسط" بالقاهرة، وصموئيل لويس مدير التخطيط السياسي السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، والسفير الأمريكي السابق لدى الكيان الصهيوني، والصهيونيان عوزي بارمان وإسرائيل سيبال، ومن تركيا ميهّمت غير كانياك، وكل من سفير الاتحاد الأوروبي لدى تركيا، ومنسّق البرامج الإعلامية في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى المدير السابق "للمركز الأكاديمي الإسرائيلي" بالقاهرة "شمعون (شيمون) شامير" (الذي تحدثنا عن نشاطاته التجسّسية في مصر في موضع آخر من هذه الورقة)، وريتشارد ميرفي مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط إبان رئاسة رونالد ريجان. وقد شارك في افتتاح الاجتماع المدير العام للمكتب الصحفي لرئيس الوزراء التركي، إضافةً إلى "جون ماركس" المسؤول السابق في الاستخبارات الأمريكية ومؤسّس ورئيس "مشروع البحث عن أرضية مشتركة".
وقد أجمع المشاركون على ضرورة اتخاذ الخطوات التالية:
-ينبغي على صحف المنطقة نشر مقالات وزوايا دائمة من دول أخرى، وقد قبل أكثر من صحفي عربي دعوة المساهمة في كتابة مقالات في الصحف (الإسرائيلية).
-أن يتم ترجمة وتوزيع المقالات الرئيسة التي تصدر في الصحف (الإسرائيلية)، التي لا يسمح بدخولها إلى الدول العربية من قبل المشاركين، كما يتم ترجمة وتوزيع المقالات الرئيسة، التي تصدر في الصحف الأخرى التي لا تتوافر (للإسرائيليين)، والهدف من ذلك هو رفع مستوى العلاقات وتمتينها بين الصحفيين العرب و(الإسرائيليين).
-ينبغي على الصحفيين المشاركين في دول مختلفة أن يكتبوا مقالات مشتركة، وهذا من شأنه أن يتبنّوا ذات الأفكار والمفاهيم، وقد وافقت (ر.د) مراسلة جريدة "الحياة" مشاركة صحفي (إسرائيلي) في كتابه مقالات مشتركة.
أعلن المشاركون عن تشكيل شبكة مهنية لصحافة الشرق الأوسط، ودعوا إلى ضرورة توسيعها والنشر عنها، لضمّ أكبر عدد ممكن من الصحفيين العرب و(الإسرائيليين) وغيرهم إليها، وتقديم إرشادات حول أية مقالات يريدون كتابتها.
وافق المشاركون على دعوة منظمي الاجتماع بضرورة عقد مزيد من الاجتماعات المتخصّصة، تستهدف ضمّ ناشرين، رؤساء ومدراء تحرير الصحف ومدراء الإعلام الإلكتروني في المنطقة.
ينبغي على منظمي الاجتماع وضع دليل يتضمن أسماء المهنيين العاملين في مجال الإعلام في المنطقة لتسهيل الاتصال.
ينبغي على منظمي الاجتماع تنظيم لجنة من صحفيي المنطقة، للإشراف على العملية التي بدأت مع اجتماع أنقرة.
ودعا "شيمون شامير" الصحفيين العرب إلى "عدم العودة إلى ملفّات الماضي، والتطلع فقط إلى المستقبل"، وقد اختتمت صحفية عربية (تعمل في إحدى وكالات الأنباء العربية)، مناقشات الجلسة الختامية للاجتماع بالقول: إنه من خلال هذه الاجتماعات "فإننا نكسب بُعْد نظر والعلاج النفسي لكسر الحواجز التي تفصل بيننا" مشيرة إلى أن صحيفة تصدرها في بلادها قد باشرت مثل تلك المهمة عندما أجرت مقابلات صحفية مباشرة مع مسؤولين (إسرائيليين)!!.
لن نتوقف كثيراً عند "مجموعة كوبنهاغن" التي أثارت بدورها استياءاً واسعاً في الأوساط الثقافية والسياسية والشعبية، عند قيامها بمحاولة إقامة "تحالف للسلام مع (إسرائيل)" تحت شعار "تحالف شعبي للسلام" لكون التطبيع ما زال مرفوضاً شعبياً رفضاً عارماً.. إلاّ أنّ المجموعة ذاتها ورغم رفض الصهاينة تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق مع الفلسطينيين، ورغم ما تقوم به "إسرائيل" من توسّع في بناء المستوطنات وقتل وتدمير وترويع وإرهاب ضد العرب، خصوصاً في الأراضي المحتلة، وجنوب لبنان... رغم ذلك كلّه تسعى المجموعة نفسها لإقامة جمعية في مصر تحمل اسم "حركة القاهرة للسلام"، على غرار "حركة السلام الآن" (الإسرائيلية).
فقد تقدم المحامي علي الشلقاني بطلب إلى الجهات المسؤولة لتأسيس الجمعية، وذكرت التقارير الصحفية أنّ بين المؤسّسين لطفي الخولي (توفي عام 1999) والدكتور عبد المنعم سعيد والسفير صلاح بسيوني الذي يتولّى إشهار الجمعية، بينما يتولى الشلقاني الإجراءات القانونية.
كما ضمت قائمةُ المؤسّسين عدداً من الذين سبق لهم المشاركة في مبادرة كوبنهاغن، بالإضافة إلى عدد آخر من الشخصيات مثل الدكتور مراد وهبة والمصوّر السينمائي رمسيس مرزوق ومحمد عبد المنعم، ومنير فخري عبد النور وطارق علي حسن والدكتور أحمد رضا محرم وأحمد نافع(38).
وتشير المعلومات المتوافرة إلى التزام الدكتور عبد المنعم سعيد ولطفي الخولي الصمت التام حيال الأنباء التي تؤكد حصولهما من "جهات ما" على مبلغ 18 مليون دولار لدعم جماعة كوبنهاغن، التي تمخض عنها إعلان تأسيس ما يسمى بـ "حركة القاهرة للسلام".
وإذا كانت هذه المساهمة المتواضعة قد كشفت جزءاً من ملف الفضائح الخطيرة، التي تُمارس باسم "الأبحاث العلمية" و "الدراسات الميدانية المشتركة" و "مبادرات السلام" و "مشاريع التعاون الأكاديمي" و "هيئات المعونة" و "مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية" و "خلوات الأرضية المشتركة"... إلخ، فإننا -مع ذلك- نعتقد بصورة جازمة أنَّ الأجهزة المختصة في البلدان صاحبة العلاقة تملك من المعلومات والأدلّة والوثائق عن هذه "المراكز" و "المؤسّسات" و "الجماعات" ما يُشكل جبلاً هائلاً، بل قوّة محرِّضة لمقاومة أي شكل من أشكال التطبيع، الذي أبدعت جموح الشعب العربي في مصر والأردن في مقاومته، ناهلة من تراثها الوطني الطويل في مكافحة الغزاة والمستعمرين بكافة صورهم للحفاظ على هويتها ووجودها.
وما نقترحه هنا، هو رفض التعايش مع العدو الصهيوني رفضاً قاطعاً، والاستمرار في حصاره وعزله وإبعاده عن المحيط العربي- الإسلامي، من خلال تعميم النموذج الشعبي المصري في مقاومة التطبيع، لأنَّ هذا النموذج قد أثبت أولاً نجاحه إلى حد كبير في عزل العدو الصهيوني رغم عنف وضراوة واتساع حملة التطبيع، ووفر ثانياً قدراً كبيراً ومتنوعاً من وسائل وأدوات المقاطعة الشعبية، إضافة إلى الخبرة في مواجهة وإفشال المخططات الصهيونية والأمريكية للتطبيع فتحيّة لشعبنا العربي العظيم، السدّ المقاوم للأخطبوط الصهيوني وعملائه وأدواته في المنطقة العربية.
الحواشي
1. إبراهيم عبد الكريم، الاستشراق وأبحاث الصراع لدى (إسرائيل)، عمّان: دار الجليل للدراسات والنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، ط1، 1993.
2. الدكتور أحمد أبو مطر، الثقافة المصرية في زمن التطبيع، عمّان: منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، ط1، 1994، ص 40-44.
3. المصدر نفسه، ص 44- 46.
4. عرفه عبده علي، تهويد عقل مصر، القاهرة: دار سينا للنشر، ط1، 1989، ص 18.
5. معن بشّور، "السلام والتطبيع الثقافي"، المستقبل العربي، السنة 19، العدد 209/ (تموز/ يوليو 1996)، ص 7.
6. المصدر نفسه، ص 9.
7. انظر ما كتبه محمود التهامي رئيس تحرير مجلّة "روز اليوسف" تحت عنوان "الأمة العربية: الذين صنعوا الوهم وصدّقوه" العدد "3597" تاريخ 19/ 5/ 1997، ص 7، وانظر ردّنا على هذه الأطروحة الخطيرة، المنشور في جريدة "الأسبوع الأدبي" العدد رقم "567"، تاريخ 22 صفر 1418هـ، الموافق 28/ 6/ 1997، ص 4، وص 13.
8. انظر: رفعت سيّد أحمد، علماء وجواسيس (التغلغل الأمريكي- الإسرائيلي في مصر)، لندن رياض الريّس للكتب والنشر (د.ت)، الفصل الأول، هامش 18، ص 80.
9. المصدر نفسه، ص 162- 163.
10. عرفة عبده علي، تهويد عقل مصر، ص 21.
11. نقلاً عن إبراهيم عبد الكريم، الاستشراق وأبحاث الصراع لدى (إسرائيل)، ص 120- 121.
12. عرفه عبده علي، تهويد عقل مصر، ص 23.
13. المصدر نفسه، ص 24.
14. رفعت سيّد أحمد، علماء وجواسيس، ص 164- 165.
15. المصدر نفسه، ص 170.
16. صحيفة "الشعب" القاهرة، عدد 31/ 1/ 1988.
17. عادل السنهوري وسعيد الشحّات، "تجسس اسمه البحث العلمي"، صحيفة "العربي" القاهرة، العدد 59 - 15 أغسطس / آب 1994، ص 6.
18. انظر: مقالة طارق رضوان، "اختراعات شباب مصر تشتريها (إسرائيل)" في مجلّة "صباح الخير" الصادرة في القاهرة، العدد 2184، الخميس 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1997، الموافق في 13 رجب 1418هـ، ص 10-11.
19. المصدر نفسه.
20. عرفة عبده علي، تهويد عقل مصر، ص 54.
21. المصدر نفسه، ص 55.
22. انظر: تقرير توحيد مجدي، المنشور في مجلّة "روز اليوسف" العدد " 3620" تاريخ 27/ 10/ 1997، ص 22- 24.
23. المصدر نفسه، ص 24.
24. عرفة عبده علي، تهويد عقل مصر ص 30-35.
25. رفعت سيّد أحمد، علماء وجواسيس، ص 149- 150.
26. عرفة عبده علي، تهويد عقل مصر ص 104.
27. لمزيد من التفصيل حول أهداف الاستراتيجية الأمريكية لتطبيع العلاقات بين مصر و "إسرائيل" تحت مظلّة المؤسّسات العلمية وهيئات التعاون الإقليمي انظر: رفعت سيّد أحمد: اختراق العقل المصري: دراسة ووثائق، القاهرة، التوني للطباعة والنشر، ط 2، 1986، وله أيضاً علماء وجواسيس مصدر سابق (خصوصاً من ص 43 - 141) وقد استفدنا من معطياته ومعلوماته الغزيرة في هذه المسألة بصورة كبيرة حيث يُعد مرجعاً لا غنى عنه لكل دراسة تعالج مشكلة التغلغل الثقافي- التجسسي الأمريكي في مصر، وكذلك: نبيل محمد عبد الغفار: السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، الهيئة العامة للكتاب، 1983.
28. انظر رؤية نقدية لهذه الدراسات في كتاب محسن عوض: "الاستراتيجية الإسرائيلية لتطبيع العلاقات مع البلاد العربية"، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1988.
29. إبراهيم عبد الكريم، الاستشراق وأبحاث الصراع لدى (إسرائيل)، ص 53- 56.
30. محمد حسنين هيكل، "هذا العبث بوجدان مصر"، في صحيفة "العربي"، السنة الأولى، العدد "46" الاثنين 5 ذو الحجة، 1414هـ- 16 مايو (أيار) 1994.
31. في ما يخص أنشطة المؤسّسات البحثية الأمريكية العاملة في مصر، اعتمدنا هنا بصورة أساسية على دراسة عرفة عبده علي: "تهويد عقل مصر" ص 65- 90.
32. المصدر نفسه، ص 85.
33. ((Research Opporunities)) Michigan State univ NewsBulletin. August 2. 1984.
34. صحيفة "الأهالي" عدد 26، تشرين الأول، أكتوبر، 1988.
35. لمزيد من التفصيل، انظر: محسن عوض: الطب النفسي في الصراع العربي- (الإسرائيلي)، في "المواجهة -الكتاب الثاني" 1984، وكذلك بحث "الطب النفسي... والمؤتمرات المشبوهة" للباحث عرفة عبده علي، من ضمن كتابه "تهويد عق مصر"، ص 91-9.
36. انظر: مقالة أسرار وخبايا مطبخ الشرق أوسطية، في صحيفة "العربي" السنة الأولى، العدد 43، الاثنين 25 نيسان/ إبريل/ 1994. ص 14.
37. انظر: مقالة "وثائق خلوة أنقرة"، في جريدة "العربي"، السنة الثانية، العدد 63، الاثنين 12 أيلول/ سبتمبر 1994، ص 9.
نقلاً عن مجموعة صحف ومجلاّت مصرية، بينها مجلّة "روز اليوسف" العدد "3620" تاريخ 27/ 10/ 1997، ص 17.