بسم الله الرحمن الرحيم


قصة قصيرة
هكذا خلقتْ
ابتهال الجنوب / مصر
.. ومضى الوقت .. وأغمضَ الكون عيونه , والتحفَ بظلام ليله الثقيل , فأقبلتْ روحي رفرافة وسكنتْ إلىِّ وادعة هانئة .
عُــدنا ..
وعلى صفحة وجهي ترتسم زهوة ثرية من ضياء ..
هكذا استشعرتُ ذاتي .. وتلهيتُ راجعا , إلى أن وجدتني على عتبات بيتي أناشد مفتاح مسكني كعادتي أن يفصح بالرنين عن موضعه و مكانه من جيوب سترتي .. هنا ببيتي أشعر جبالا تسكن صدري وحنينا يغرق قلبي وصراعات تتملك روحي .. هنا أنا هو ( عليِّ ) الذي تعرفه الأيام بعلاماتها , التي طبعتها عليه كوشم عتيد .
وكأن نور السعادة , هبّات ذكريات الماضي سرعان ما تطفئه ..
وترحلُ به إلي العدم .. وانسكبتْ أفكاري متناثرة , في غير هدى وتجاذبتني .. وخلخلَ صوتُ من الماضي مسامعي , وتضاربتْ الصورُ أمام عيني , وتحشرجتْ الحروف بحلقي .. واخترقَ صوتي السكون , وأحتلّ المكان : " سلوى أنتِ طالق طالق طالق ، ولترحلي عني " تردادها ينتصرُ لمشاعري و أيام عمري ويرضي علياءَ روحي , ولكنه لمَّا يزل يُبكي القلب .. بالله كيف أمحو الذكرى عني ؟! فقد سكنَ إليها قلبي , و لفظتها روحي بعنفوان .. هي بعثتْ صراع الفتنة في دروب ذاتي بين روح تنكرها وقلب يعشقها , جعلتني سائحا غريبا شريدا في دخيلتي , روحي كانت تهتاج لقسوة أفعالها وتَهدُّج نبرات صوتها الذي كانت ترسله في جنبات البيت كهدير الأمواج الثائرة , وعذرا لكِ يا أمواج البحر ..
عرفتُ سلوى فتاة طموحة , تتفوق على أندادها خلقاً وأدبا . لا أنكر عليها جمالها فهو أول من أرشدني و أخذني إليها من بين الوجوه في مدرج الحرم الجامعي حيث الأستاذ بمواجهة الطالبة .. وما التمحتْ عيني وما كان لها أن ترى مُبصرةً صلابة قلبِها , وصرامة حسّها في كل حين وموضع دونما تفرقة ولا أدنى تمييز , حتى أنها فاقت و تعالتْ على أكثر الرجال حدّة في ردود أفعالها , فذاب وذهب عن عيني جمالها . غاب قرابة العام من تاريخ زواجنا , وباتت روحي نافرة آبقة عن بيتنا الذي اصطنعت فيه زوجتي هيكلا حجريا أصما للحب .. لترضي قلبي وتسكته عن النحيب والبكاء .. رؤياه كانت تهصرني , تنتزع قلبي عني وتهزمني , فقد كانت عاجزة حبيبتي . قاصر قلبها عن الرحمة والحنان و الحب
وهكذا هي خلقت .
بقلم : إبتهال الجنوب