**لقد انتزعت هذه الحقائق من التاريخ، وعلى المرء أن يصرخ بها ويعلنها على رؤوس الأشهاد**
...الكلام كثير عن الارهاب و الكلام كثير عن اسبابه وتعزي الولايات المتحد الامريكية اسبابه دائما الى غياب الديمقراطية في المنطقة متجاهلة الاسباب الاخرى التي هي اكثر صدقية مثل حقوق الشعوب المهضومة وسياسة الكيل بمكيالين اتجاه قضاياها واثناء بحتي عثرت علىمقالة تحليلية عن كتاب شيق لاستاذ اللغويات الشهير ناعوم تشومسكي وهو اطروحة تستند على وقائع وحقائق عن تورط الولايات المتحدة في صناعة الارهاب الدولي وارتايت نقل هذه المقالة للمنتدى لما فيها من الافادة مع موقع شخصي للاستاذ يحلل فيه السياسة الامريكية وابعادها ودورها في الكثير من معاناة الشعوب وصناعة الارهاب والاعداء ..

الحادي عشر من ايلول مجموعة لمقابلات صحفية جرت مع نعوم تشومسكي وهو ناشط سياسي امريكي وكاتب معروف جداً في العالم اجمع، ثم جمعت في كتاب حمل عنوان( الحادي عشر من ايلول، الارهاب والارهاب المضاد) ترجمته: ريم منصور الاطرش ونشرته دار الفكر بدمشق.

والكتاب في حقيقته* كما أسلفنا* مقابلات صحفية اجراها عدد من الصحفيين من مختلف المشارب مع نعوم تشومسكي (ص 13) وذلك من خلال الشهر الاول الذي تلا الهجمات في 11 ايلول 2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون «وزارة الدفاع الاميركية» وقد اجريت معظم هذه المقابلات عبر البريد الالكتروني، وقد علق تشومسكي على ذلك بقوله: لقد انتزعت هذه الحقائق من التاريخ، وعلى المرء بشكل خاص ان يصرخ بها، ويعلنها على رؤوس الاشهاد.(ص14)

يعرض نعوم تشومسكي في هذا الكتاب صوراً مذهلة من ضلوع امريكا في صناعة الارهاب وفي تشكيل المنظمات الارهابية، ودعمها وفي اعتماد زبانية الاستبداد والطغيان في العالم وتسلطهم على شعوبهم بشكل يمكن معه القول: ان امريكا اليوم هي اضعف من اي يوم مضى اخلاقياً وليس عسكرياً بعد ان فقدت مصداقيتها امام شعوب العالم واخذت تهدم بيديها مابناه اسلافها من قيم، فلم يبق منها ماتفاخر به، وعلى الانسانية ان تصرخ في وجه اميركا معلنة ان مكافحة الارهاب لاتتحقق باحلال ارهاب محل ارهاب، وانما تكون باجتثاث جذوره ومنع اسبابه وتجفيف منابعه المتفجرة من وطأة الظلم( ص 12)

يتألف الكتاب من مقدمة غنيةمهمة (ص15)وعدةمحاور. حاول الكاتب في المقدمة ان يجيب على تساؤل جورج بوش الذي طرحه.

لماذا يكرهوننا ؟(ص 18) فقال: هذا السؤال ليس جديداً وليس من الصعب ايجاد الاجوبة عليه، فمنذ خمسة واربعين عاماً مضت ناقش الرئيس ايزنهاور مع معاونيه ما سماها حملة الكراهية الموجهة ضدنا في العالم العربي،وهي ليست نابعة من الحكومات ولكن من الشعب.

لقد اشار مجلس الامن القومي ،ناصحاً، الى ان السبب الرئيسي هو الاعتراف بأن الولايات المتحدة تدعم الحكومات الفاسدة والفظة التي تقف حائلاً في وجه الديموقراطية والتقدم، وتقوم الولايات المتحدة بذلك بسبب قلقها المتلخص في حماية مصالحها المتمثلة بالسيطرة على النفط في الشرق الاوسط.

كذلك تساءل الكاتب في المقدمة عن «نظرية بوش حول حتمية« الضربة الوقائية» ضد التهديدات المشتبه بحدوثها (ص 22) والجدير بالملاحظة ان هذه النظرية ليست جديدة فالمخططون ذووالمقام العالي هم في معظمهم يتحدرون من ادارة ريغان وهم يقولون ان قصف ليبيا كان مبرراً بالاستناد الى ميثاق الامم المتحدة حيث تعتبر «دفاعاً عن النفس ضد هجوم مستقبلي »

كذلك نصح مخططو ادارة كلينتون بإجراء« رد فعل وقائي» باستخدام«الضربة النووية الاولى».

وهذا التصريح الجريء معروف تماماً ضد من موجه؟ انه ضد العراق وهذا ليس سراً خافياًعلى احد ولكن لا احد يقبل بالطبع هذا الاستنتاج ..هذا اهم ماجاء في المقدمة.

اما محاور الكتاب فهي سبعة مع ملحقين:

المحور الاول بعنوان لم يحدث هذا منذ حرب العام 812 1»:

ملخص ماجاء فيه: لقد كانت احداث 11 سبتمبر جديدة تماماً على الامريكيين لانها المرة الاولى التي تهاجم فيها ارض الولايات المتحدة الاميركية منذ حرب العام 1812 صحيح انه تم الهجوم في 7 كانون الاول عام 1941 على قواعد عسكرية في بيرل هابرر لكنها كانت من المستعمرات، وليست الارض الاميركية، امابخصوص نتائج احداث 11 سبتمبر على الصراع العربي الاسرائيلي فقد قال تشومسكي: لقد كانت ضربة 11 سبتمبر ضربةمدمرة للفلسطينيين وقد ادركوا ذلك على الفور... اما« اسرائيل» فقد هللت علنا لهذه الفرصة السانحة فعليها الآن سحق الفلسطينيين لانها تستطيع الافلات من العقوبة حيث اقتحمت الدبابات الاسرائيلية بعد الهجوم مباشرة المدن الفلسطينية وشرعت تقتل المئات من الفلسطينيين.

المحور الثاني بعنوان« هل من الممكن كسب الحرب على الارهاب؟»

قال فيه تشومسكي: اذا اردنا النظر الى هذه المسألة بجدية علينا ان ندرك ان معظم سكان العالم يعتبرون الولايات المتحدة الامريكية دولة تقود الارهاب، ولهم في ذلك اسبابهم الوجيهة، ثم عدد جرائم (ارهاب )لاتحصى للولايات المتحدة في هذا المجال.

المحور الثالث الحملة الايديولوجية: فقد بين فيه تضخيم الصحف الامريكية والاذاعة الوطنية والتلفاز لاحداث سبتمبر حيث قال: (لقد كانت الحالة في نيويورك مختلفة تماماً عما تم نقله في الاعلام إن ماكان يروى هوحكايا صحفية مبالغ فيها ثم اردف :في الحقيقة ان طبول الحرب تكاد لاتسمع في شوارع نيويورك وان نداءات السلام اكثر بكثير من طلبات العقاب حتى في الاماكن الرئيسية المقامة فيها النصب التذكارية لكل مافقد وللاحزان على ضحايا الفظاعة الوحشية. لقد كان هم وسائل الاعلام الامريكية تأييد السلطة ومحاولة تعبئة الشعب الامريكي بشكل هيستيري بعد ان ربوه وثقفوه كي لايفهم الاما تقوله له وسائل الاعلام الامريكية المحلية.

المحور الرابع «جرائم الدولة»: يجيب فيه على تطور الامور وانتشارها منذ وقوع الهجمات حيث نرى الصحفي يسأله: لقد حدثت جرائم قتل اثر 11 سبتمبر وهجوم على المساجد، وحتى معبد السيخ لم يسلم منها و كتبت على الجدران عبارات «ايها العرب عودوا من حيث اتيتم ..عودوا الى اوطانكم ايها العبيد الصحراويون». اماتشومسكي فقد اجاب: ماتصفه انت موجود بالتأكيد لكن هناك تيارات مضادة لهذا التيار الهيستيري وأنا لي اتصالات مباشرة معهم ايضاً. انه يؤيد الناس الذين كانوا هدفاً للأذى بسبب بشرتهم الداكنة وأسمائهم الغريبة. والسؤال الذي يمكن ان يلقى هو ماذا يمكننا ان نفعل حتى تعم التيارات الصحيحة وتسود؟ ص 64

والان علينا القاء سؤال اخر: ماهوتعليقك على من يقول ان الولايات هي دولة ارهابية رائدة؟ اجاب:إن المثل الاصح هوتفجير أوكلاهوما الرهيب حيث بعد يومين فقط تصدر الصحف وهي تحمل العنوان التالي:« مدينة اوكلاهوما تبدوقبل بيروت تماما»ً. ثم تبين ان صاحب تفجير اوكلاهوما اميركي اصلاً وفصلاً. وعدد بالمناسبة كثيراً من جرائم الدولة التي تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية. فمثلاً وضعت ادارة ريغان عام 1985 شحنة من المتفجرات خارج احد المساجد في بيروت وتم ضبطها لتنفجر وتقتل اكبر عدد ممكن من المصلين، فقتل ثمانون شخصاً، وجرح مئتان وخمسون كان معظمهم من النساء والاطفال ..وقد اوردت ذلك (الواشنطن بوست) واردفت: كان التفجير يستهدف رجل دين مسلم لم تحبه ادارة ريغان وقد فشلت في استهدافه ولم يكن هذا سراً قط. ومن يريد ان يطلع على المزيد من (جرائم الدولة) فلينظر الكتاب ص (63*88).

أما المحور الخامس فكان بعنوان (اختيار الفعل) اجاب فيه باستفاضة على السؤال التالي: لنفرض جدلاً ان( ابن لادن )كان وراء ما حدث فما السبب الذي دفعه الى ذلك؟ فنقل عن روبرت فيسك الذي اجرى مقابلات متكررة ومطولة مع بن لادن.إ نه يشعر مع جميع ابناء المنطقة بالغضب ضد الوجود الاميركي العسكري في المملكة العربية السعودية وضد دعمها للفضائح المرتكبة بحق الفلسطينيين.

أما ماتبقى من المحاور فهما محوران الاول: «حضارات الشرق والغرب» و«أهو مانع هائل»؟ فيمكن للقارئ ان يعود اليهما، وليعذرني لان المكان المخصص لهذه الزاوية لن يتسع للكلام عنهما.

على اية حال مهما استفضت في الكلام فهذا لن يغني عن قراءة الكتاب.



صحيفة تشرين - مدارات - د. منى الياس - بتاريخ: 23/08/2003

تشومسكي منشق رفضته امريكا
من أهم الشخصيات الثقافية على مستوى العالم. وهو أهم عالم لغويات معاصر، وأحد أكثر العلماء تأثيرًا في علم اللغويات الحديث. وتستخدم نظريات تشومسكي اللغوية بكثرة في علوم الاتصالات وعلوم الحاسب الآلي. بيد أن هذا الجانب العلمي لا يمثل الجانب الأهم في تشومسكي؛ فيكفي أن نعرف أنه أهم المنشقين في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد نعتته منظمة بناي بريث (أبناء العهد) اليهودية ذات الميول الصهيونية- بأنه أشد مواطني الولايات المتحدة الأمريكية عداءً لإسرائيل. ووصفه البعض بأنه يهودي يكره ذاته.
واعتبرته محطة سي إن إن الإخبارية العالمية - أهم نقاد السياسة الأمريكية. واختير ضمن أحد الاستفتاءات الثقافية في الولايات المتحدة ليكون ضمن أهم ثلاث شخصيات ثقافية على قيد الحياة في هذا القرن.
ولد نعوم إفرام تشومسكي عام 1928 وحصل على درجته العلمية في اللغويات عام 1951 من جامعة بنسلفانيا. بعدئذ في بداية الخمسينات سافر إلى إسرائيل ليعيش لفترة في أحد الكيوبوتزات حيث اعتقد في الطبيعة الاشتراكية والإنسانية لحركة الكيبوتز. بيد أن الغشاوة انقشعت بسرعة عن عينيه وترك إسرائيل وعاد إلى الولايات المتحدة؛ حيث عمل عام 1955 في جامعة هارفارد، ثم انتقل ليعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجياM .I.T وما زال يعمل به حتى الآن
و قد كان تاثره واضحاب برتراند راسل و رونيه ديكارت كما كان لكتاب جورج اوريل *اجلالا كتالونيا* الذي يعد مرجعا للعديد من الحركات الاشتراكية الاثر الواضح عليه.
في عام 1957 نشر مؤلفه الهام البناء السياقي الذي أحدث ثورة في علم اللغويات الحديث، واعتبر التجاوز الأساسي للبنيوية في مجال اللغويات. ومن أهم أعماله الأخرى في هذا المجال سنجد اللغة والعقل و بعض جوانب نظرية السياق والقواعد والتمثيلات ودراسات سيمانطيقية في النحو التوليدي.
وتتسم نظرية تشومسكي اللغوية المعروفة باسم النحو التوليدي التوليدي أو التحويلي أو الكوني بعدة سمات أهمها: أن النحو عند تشومسكي هو مجموعة القواعد التي تُمكِّن الإنسان من توليد مجموعة من الجمل المفهومة ذات البناء الصحيح. وينتقد تشومسكي عملية الكفاءة الرصدية التي اتسم بها النحو التقليدي؛ أي القدرة على الرصد الكمي للبيانات دون محاولة تقديم نموذج تفسيري يفسر قدرة المتكلم مستخدم اللغة وحدسه اللغوي. فتشومسكي يفرق بين القدرة التي هي ملكة معرفة اللغة؛ حيث يمكن للفرد إنتاج وفهم عدد غير محدود من الجمل، وتحديد الخطأ، وتلمس الغموض الكامن في الناتج اللغوي، وبين الأداء الذي هو عملية استخدام هذه القدرة في نسق محدد. وينعي تشومسكي على التقليديين اهتمامهم بالأداء وانصرافهم عن القدرة.
بيد أن أهم سمات نظرية تشومسكي اللغوية هي الداخلية Innateness حيث يرى تشومسكي أن الإدراك اللغوي والقدرة اللغوية هي صفات إنسانية أساسية تكمن في النوع البشري وليست مكتسبة.
ويشابه تشومسكي هنا اللغويين الإسلاميين في صدر الإسلام مثل: ابن جنى والعسكري والجرجاني في رؤيتهم للغة على أنها هبة من الله للإنسان، حيث يرى تشومسكي أن لغة الفرد العادية هي عملية إبداعية، وأن كل كلام هو تجديد في ذاته، فاللغة ملكة إنسانية وهي ملكة تؤنس الإنسان أيضًا.
بيد أن الجانب الأهم فيما يخص تشومسكي هو أنه من أشد المدافعين عن القضايا العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أشد نقاد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وهو يصف هذه السياسة بأنها ضالة ومضللة، وخادمة وتكيل بمكيالين، وقد تؤدي بالعالم إلى الدمار الكوني؛ لأن الشرق الأوسط من المناطق شديدة الالتهاب في العالم.
ولتشومسكي عدة كتب تنتقد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منها السلام في الشرق الأوسط و مثلث المقادير و قراصنة وقياصرة و ثقافة الإرهاب و أوهام ضرورية و الديمقراطية المعوَّقة وغيرها.
وتشومسكي من المفكرين الذين يعيشون فكرهم، وتتطابق الأفعال عندهم مع الأقوال ، فقد كان عضوًا نشطًا في حركة قاوم Resist الراديكالية التي لعبت دورًا هامًا في معارضة التدخل الأمريكي في فيتنام.
وكان من قيادات هذه الحركة التي أدت إلى تعبئة الرأي العام الأمريكي ضد الحرب؛ ومن ثم أُجبرت الحكومة الأمريكية مع توالي انتصارات الشعب الفيتنامي على الانسحاب..
لقد كتب تشومسكي: أعتقد أنه لا أمل على الإطلاق في مستقبل أفضل للبشرية، وخاصة مع ازدياد اكتساح النموذج الأمريكي المادي الاستهلاكي على مستوى العالم.
دعى الى احياء قيم الحرية و الانعتاق و الدفاع عن المهمشين و المضطهدين فلم يقابل الا التهميش في المؤسسات الامريكية و اعتبر عند قطاعات عدة من الشعب الامريكي معاديا للسامية
موقع الدكتور
http://www.chomsky.info/
لشراء ترجمة الكتاب
http://www.fikr.com/cgi-bin/_showcard.cgi?id=1300