تسلية



ككل يوم أحد، اجتمع أطفال الحي في الصباح الباكر، قرب دكان الحلاق، بدأوا يفدون فرادى و مثنى وثلاثى..رغم شدة البرد الذي تعرفه الفترة، تلاحظ علامات البرد شاخصة على وجوههم وأجسادهم، التي لا تحميها غير أسمال سموها ملابس، لا تقيهم من أصابع البرد و هي تقرص أجسامهم و وجوهم خاصة، فتترك عليها علامات حمراء. ينتعلون أحذية غالبيتها من صنع بلاستيكي أو أحذية رياضية مستعملة ترى أثر مخيط الخياط الغير المتقن عمله بادياً عليها، عدم اتساق لون الخيط المستعمل مع لون الأحذية، المهم أن تؤدي وظيفتها إلى حين أن تمطر السماء نقوداً، أو تتحول مجاري المياه العادمة إلى طاقة ، يستغلها ممثلو الحي لتصديرها وشراء الأحذية لأطفال الحي؛ شباب المستقبل...

يجتمع الأطفال، و يتجهون نحو الهضبة الواقعة خلف البيوت القصديرية التي تم فيها وضع حجر الأساس مرتين، لهدمها و بناء مكانها مساكن و مرافق تليق بهم. يعبرون الأزقة، وهم يمشون مثنى مثنى على شاكلة دخولهم الأقسام الدراسية، يتقدمهم " قدور" قائدهم و اكبرهم جسداً و سناً، و هو يردد بصوت عال: " هنا مدرسة" فيرد الجمع: نعم آ سيدي، مدرسة" " وهنا حديقة" نعم آ سيدي، حديقة"، " وهنا دار للشباب" نعم آ سيدي، للشباب".....

يصل الجمع إلى الهضبة، يقتعدون الثرى أو الحجر، و يرمون بأطراف أبصارهم إلى الأفق، منتظرين ظهور طيفها. يتحدثون عنها بإعجاب شديد.. ويتفننون في وصفها...

تبدو في الأفق مقبلة.. ينهض الجميع .. يراقبون اقترابها..تعلو الأصوات مصحوبة بصفير تعبيراً عن إعجابهم بها.. تقترب من الهضبة..تدير وجهها صوب شرق القرية حيث تصبح مؤخرتها قبالة الأطفال، يزداد الصياح.. تصدر صوتاً عالياً و مؤخرتها ترتفع.. يزداد الصياح في الارتفاع كلما علت مؤخرتها أكثر .. تبدأ الفضلات و الأزبال التي تم جمعها من المدينة تسقط، مخلفة وراءها روائح كريهة تزكم الأنوف.. يشد الأطفال بسباباتهم و إبهامهم على الأنوف.. وتبقى الأفواه تردد أصواتاً عالية..حتى تفرغ محتوياتها.. تنزل الحاوية.. وتعود أدراجاًً لجمع ما تراكم من أزبال من حي آخر.. لا يغادر الأطفال المكان، بل يمكثون هناك، في انتظارعودتها.....



البشير الأزمي