عذراً رسول الله مما أكتبُ
عذراً وعفوك بالخلائق أرْحَبُ
إن زلَّ نطقٌ في لساني غفلةً
فارحم فديتك إنني أتعذَّبُ
تلهو العروبة بكرةً وعشيةً
والصمت يرفل بالهوان ويطرب
وغدا التفرُّجُ بالمآسي لعبةً
والشعر ينحب بالعويل ويندب
ما كنت أدهَشُ بالغرائب والغوى
طبعُ الزمان ملوَّنٌ يتقلَّب
والحيرة البلهاء لغزٌ مُبْهمٌ
نخل يحار به الصديق الأقرب
يا أمة الإسلام خارت عزةٌ
وتراثنا يُغزى ويعفى المذنب
ونفائسُ الثروات جفَّ غمامُها
واليُمْنُ يأفل بالنضار وينضب
والنخل أدمته الخطوب وكشَّرت
أنيابها غول تمصُّ وتشرب
يا أمة الإسلام قلبي يصطلي
والكيُّ للقلب الجريحِ يُطَّببُ
عذراً رسول الله يفلقني الشجى
أحفادك الشبَّان برقٌ خُلّبُ
وسيوفهم أغرى السباتُ شخيرها
واستسلمت للنوم شخراً ترغب
وحدودُ يعرب للغريب متاحةٌ
والخلُّ تزجره الحدود وتحجب
عذراً جدودَ العرب لست بشاتمٍ
عرضي وأرضي والنخيل مُعذَب
يغفو الهوان على أسرة أمةٍ
والوهنُ يعصف بالإباء ويعطب
مقلي تقرَّح بالبكاء نضارُها
والغمَّ ينذر بالشقاء ويرهب
أخشى إذا نَضَب الحياء وأقفرت
مُثلٌ تُطَّبعُ بالرياء وتغرب
والقدسُ ترفل خيبةً وهواجساً
و "بنو قريضة" يسلبون وينهبوا
والنخل إن ذلَّ الطغاةَ وقاره
ينقاد شجواًً بالخطوب ويشجب
والطفل تهرمه المواجع والأسى
وكأنَّه شَيخٌ عجوزٌ أشيبُ
ما كنتُ أهزأ بالنخيل وسعفهِ
قلبي على السعف المدمَّى ينحب
والصخرُ رق فؤادهُ ولسانُهُ
والعُرْبُ لا أم تحنُّ ولا أبُ
زالت "طليطلةٌ" وأخشى بعدها
قُدْسٌ تُهوَّدُ بالحصار وتُغْلَبُ
كرَّ الزمانُ وأعولت ريحُ المدى
والضاد تلطم عارضيها تلطم
ونواجذُ الأضغان تجزر لحمنا
والغرب يسلب بالدهاء وينهب
عذراً رسول الله تُزْهَقُ روحنا
والنخل يحلُم بالقريض ويخطب
وقوافل القطعان ينحر يُمْنها
خُلْفٌ وينهش بالقطيع المخلَب
وكأن "يرموك" المآثر أدبرت
وشموخ "خالد" زئبقٌ يتقلب
ناحت مراكبُنا بريح زوابعٍ
رعناء يغرقُ في مداها المركب
وتقاعسَ الفرسانُ في ساح الحمى
ويخلُّ آلاءَ الإخاءِ تَشَعُّبُ
نفثت سموم الغدر طارقةَ الغوى
وطفا على نُضْرِ المياه الطحلب
مهما طغت نُوَبٌ تفح مجازراً
فالمجد يورق بالدماء ويعشب
فخراً رسول الله أعشقُ طُهْرَكُمْ
وأنا المتيمُ بالعروبة أطرب
وأدعت سعفَ النخل في مقل الهوى
وأجلَّ ضاداً للمعالي تُنْسبَ
وأهيمُ في سِفر تجلَّى بالتقى
فخراً وتشمخُ بالمآثر يَعرْبُ
ما دام قرآنُ العروبةِ مُشْرِقاً
فالنورُ في إعجازه لا يغرَبُ
الموقف الأدبي العدد 442 /2006