ورد أن الأعراب تفرق بين المعاني, وقد يفرقون بحركة البناء في الحرف الواحد بين المعنيين, فيقولون رجل لعنة إذا كان يلعنه الناس ,فإذا كان هو يلعن الناس قيل رجل لعنة ,فحركوا العين بالفتح ,ورجل سبة إذا سبه الناس ,فإذا كان هو الذي يسب الناس, قالوا رجل سببة ,وكذلك هزءة وهزأة وسخرة وسخرة وضحكه وضحكة ,وخدعة وخدعة ,قد يفرقون بين المعنيين المتقاربين بتغير حرف الكلمة ,حتى لا يكون تقارب ما بين اللفظين كتقارب ما بين المعنيين كقولهم للماء الملح الذي لا يشرب إلا عند الضرورة شروب, ولما كان دونه مما يتجوز به شريب وكقولهم لما ارفض
على الثوب من البول, إذا كان مثل رؤوس الإبر نضح, ورش الماء عليه من الغسل عند بعض أهل العلم, فإذا زاد على ذلك قيل له نضخ ولم يجزئ منه إلا الغسل وكقولهم للقبض بأطراف الأصابع قبص, ولأخذ الكف كلها قبض وللأكل بأطراف الأسنان قضم ,وبالفم خضم ,ولما ارتفع من الأرض حزن فإن زاد قليلا قيل حزم ,وللذي يجد البرد خصر ,فإذا كان مع ذلك جوع قيل خرص وللنار إذا طفيت هامدة, فإذا سكن اللهب وبقي من جمرها شيء قيل خامدة وللقائم من الخيل صائم, فإذا كان ذلك من حفى, أو وجى قيل صائن وللعطاء إذا كان مبتدأ شكد, فإذا كان مكافأة قيل شكم وللخطأ من غير تعمد غلط فإذا كان في الحساب, قيل غلت وللضيق في العين خوض فإذا كان ذلك في مؤخرها قيل حوص وقيل الخوص الغؤور والحوص الضيق كانت غائرة أو ظاهرة, إذا كانت صغيرة ,وتقول رأيت الناس وتراءيت في المرآة, ورميت الصيد وارتميت في الغرض ورجل فيه إذا كان كثير الأكل وأفوه إذا كان كبير الفم ومفوه, إذا كان منطيقا وتكول هي المروحة التي يتروح بها والمروحة بالفتح الأرض الكثيرة الريح ويوم ريح إذا كان طيب الريح وراح إذا كان شديد الريح ,ورجل حاف بغير حذاء وحف تعبت رجلاه من المشي ,وبدن الرجل إذا سمن ,وبدن إذا كبر والهون العذاب والهون الرفق والنزل الربع والنزل ما قيم من الطعام ,وفقه الرجل الكلام إذا حفظه وفقه إذا أبصر الفقه ويقال من أحيا نفسا ومن حايا بهيمة وسفه الرجل إذا جاء منه سفه وسفه إذا كانت تلك سجيته, وكبر الرجل إذا أسن وكبر إذا عظم أمره والمغتسل الموضع والمغتسل
الرجل وامرأة رزان وشيء رزين ,وقيل ميل علينا ,وفي الحائط ميل وفاظت نفسه إذا خرجت وفاض الدمع ,وقحط الناس أصابهم القحط ,وقحط المطر وقد تمضمض الرجل بالفم كله وتمضمض بطرف لسانه ,وعيرت فلانا بما صنع ,وعايرت الميزان ويقال للولد إذا كانوا لأب ,وأم أعياف وإذا كان أبوهم واحدا وأمهاتهم شتى فهم علات ,وإذا كانت الأم واحدة والآباء شتى فهم أخياف وأخلاف ,ويقال رجل متلثم إذا غطى فاه بالعمامة فإذا رفعها في المحجر فهو منتقب وذلك النقاب فإن رفعها حتى لا يرى من وجهه إلا عيناه فتلك الوصوصة والرجل متوصوص, والمحصنات ذوات الأزواج ,والحاصنات العفيفات والميل على ما تدركه العين ,والميل ما كان خلقة يرى والذل ضد العز ,والذل ضد الصعوبة وقد يكتنف الشيء معاني يشتق لكل معنى منها اسم من اسم ذلك الشيء كاشتقاقهم من البطن الخمص مبطنا وللعظيم البطن إذا كان خلقة بطينا,فإذا كان ذلك من كثرة الأكل قيل مبطان وللمنهوم بطنا وللعليل البطن مبطوناً.
من كتاب اتفاق المباني وافتراق المعاني