لا يهمنى متى وأين سأموت، لكن يهمنى أن يبقى الثوار منتصبين، يملأون الأرض ضجيجاً، كى لا ينام العالم بكل ثقله فوق أجساد البائسين والفقراء والمظلومين شي جيفارا
صاحب هذه الكلمات التى سيظل صداها يتردد، ويلهم المئات فى كل مكان وزمان، ما دام الظلم والعنف يسود هذا العالم
صاحبها هو ارنستو شى جيفارا
اعلم أن الكثيرون لا يعرفونه والكثيرون لا يريدون أن يعرفونه
ولكنى سأكتب عنه للإنسان
سأكتب عنه بصفته واحد من أروع الامثله على رقى الإنسان ونبله
ولد فى الأرجنتين عام 1928 ابنا لعائلة ثرية أدمن القراءة من صغره
ونشأ شابا وسيما مدللا ودرس الطب فى الأرجنتين
وطلب من أبيه أن يرى العالم وبدا رحلته فى أمريكا اللاتينية مع مجموعة من أصدقاؤه
وأفزعهم الفقر الذى يعيش فيه الإنسان رغم كل الموارد التى تتمتع بها البلاد
وتفجر بركان الغضب بداخلهم ضد ظلم الإنسان للإنسان
وكلما توغل فى جمهوريات الفقر الأمريكية ازداد داخله الغضب مما يعانيه الإنسان وتفجرت بداخله آلاف الأسئلة عن كيف يمكن تحقيق العدل والخير والحق فى عالم الإنسان
وتوصل إلى أن الثورة المسلحة هى الحل الوحيد
ويتخرج طبيبا عام 1953
وفى عام 1954 يتوجه إلى جواتيمالا ليشارك الشعب ثورته ضد الانقلاب الذى دبرته المخابرات الأمريكية لتتخلص من الحكومة الوطنية التى رفضت الخضوع للهيمنة الأمريكية
ويشتهر بين زملاؤه باسم لا بيدروسا ( ويعنى البطل الخارق )
وفى عام 1956 تكون نقطة الانفجار فى حياته عندما يلتقى بالثوري العملاق فيدل كاسترو الذى كان يتولى قيادة الغضب الكوبى ضد العميل الامريكى الديكتاتور باتيستا
وفى نوفمبر 1956 يصل مع رفاقه إلى كوبا ليخوض المعركة ويشتهر بين زملاؤه ورفاقه بمهارته باستعمال السلاح واستعداده للتضحية من اجل رفاقه الذين كانوا يتصدون للموت به
كانت فكرة ذلك الطبيب الارجنتينى الثرى انه قادم للموت من اجل قضية الإنسان
كان يقاتل من اجل الحق والخير والعدل
كان يقاتل من اجل الإنسان
وهكذا قاد مجموعته التى كانت تتكون من 120 مقاتل ليكون راس الحربة فى التقدم ضد قوات الديكتاتور العميل الذى لم يجد مفرا من الفرار أمام ثورة الشعب وشراسة تلك المجموعة من الفهود بقيادة جيفارا
وانتصر الحلم وتولى الزعيم الثائر كاسترو رئاسة كوبا فى يناير 1959
وعين جيفارا وزيرا للصناعة ومديرا للبنك الوطني
ولكن ترىهل يستكين الثائر الإنسان ومازال هناك ظلم فى بقاع أخرى من ذلك الكوكب التعيس ؟؟
وفى صباح احد الأيام استيقظ العالم على الرئيس الكوبى يعلن انه وجد رسالة من رفيق كفاحه هذا نصها
أشعر أني أتممت ما لدي من واجبات، تربطني بالثورة الكوبية على أرضها، لهذا أستودعك، وأستودع الرفاق، وأستودع شعبك، الذي أصبح شعبي. أتقدم رسميا باستقالتي من قيادة الحزب، ومن منصبي كوزير، وعن رتبة القائد، وعن جنسيتي الكوبية، لم يعد يربطني شيء قانوني بكوبا.
لقد انطلق الإنسان ليحارب الظلم من جديد فى مكان جديد رغم إصابته بالربو
وكانت بوليفيا ترزح تحت حكم حكومة عميلة للمخابرات الأمريكية وكان الشعب يعانى من الفقر والتخلف والمرض
وهكذا توجه جيفارا ورفاقه إلى هناك ليخوضوا صراعهم ضد الظلم والجبروت الامريكى عشرون مقاتلا يواجهون جيش من العملاء ورجال المخابرات الأمريكية وتشتعل بوليفيا كلها
وتعلن أمريكا بكل قوتها الحرب على جيفارا
وفى يوم 8 أكتوبر 1967
تنجح إحدى وحدات المخابرات الأمريكية فى تحديد مكانه
وتتوجه قوة من المخابرات الأمريكية لتشارك مع قوة من جيش الحكومة العميلة فى حصاره فى قرية ساما باتا
ويصاب جيفارا مرتين
ويتعطل سلاحه
ويتم اسر البطل مصابا مريضا مرهقا بدون سلاح
وبعد أربعة ساعات من التحقيق
يقوم رجال المخابرات الأمريكية بقتله ( يقتلون أسيرا اعزل مصاب انه الشرف الامريكى ) وينقلون الجثة لدفنها فى بلدة مهجورة (قرية فالى غراندى )
ويقطعون يديه ويرسلونها إلى كوبا نكاية فى الرئيس الكوبى فيدل كاسترو
وينتشر خبر موته فى العالم
ويفاجأ الأمريكان بانطلاق المظاهرات فى العالم كله ( فى أمريكا اللاتينية و أوروبا وآسيا وأفريقيا) من اجل جيفارا
وتضطر أمريكا إلى إعادة استخراج الجثة وعرضها بطريقة محترمه
قتلت أمريكا جيفارا الإنسان
ولكنها خلقت جيفارا الأسطورة
فى عام 1968 عندما اندلعت ثورة الشباب فى العالم كانت صورة جيفارا هى القاسم المشترك لدى كل شباب العالم على قمصانهم وفى غرفهم الخاصة
والى الأبد ستبقى كلمة الرئيس الكوبي وهو ينعى زميل كفاحه
إذا أردنا أن نعرف كيف نريد أن يكون أبناؤنا، يجب أن نقول من أعماق قلوبنا كثوار، أننا نريدهم أن يكونوا مثل جيفارا.
أنا أريد ذلك
جمال النجار