Results 1 to 3 of 3

Thread: الدرس الأول ......قصة قصيرة

  1. #1 الدرس الأول ......قصة قصيرة 
    كاتب مسجل
    Join Date
    Sep 2008
    Location
    سورية - حماة
    Age
    42
    Posts
    3
    Rep Power
    0
    الدرس الأول



    الحافلة تشق طريقها ببطء وأعمدة الطرقات أشباح أشجار عارية تسقط بقايا حيويتها في لونها الشاحب مستغرقة في قدرها الصامت بينما ألتوي بين دفتي مقعدي معلمة بوساطة أحد المسؤولين،ألتهب بصراعي ما بينك وبين واقع فاجأني فشهادتي بلا أيد خفية لم تعد كافية أمام ذلك الكم الهائل من مثيلاتها.
    أين أنت الآن؟..أين أنت؟..
    لأنتزع عينيك وأستبدلهما باثنتين بشريتين وأمنحك قناعاً آدمياً فلربما بعد كل هذا أراك طبيعياً بعيداً عن هالتك المقدسة أو أنني قد أنسى رغبة ملحة بالكسر تعيدني إلى أيام الطفولة وإلى ساعتي الرقمية وإلى كل شيء حطمته لأدرك كنهه وأرى خفاياه.أريد أن أحطمك،أريد أن أنهيك لأعرف سر مركباتك الغريبة.لكن ماذا أستعمل مشرطاً ومقصاً أم أستخدم مطرقة الطفولة أم أنك تحتاج لأدوات مبهمة ككل شيء فيك.أشعر برغبة لا تقاوم بالبكاء،بكاء وحشي ينشب مخالبه في وجهك ممزقاً نفسه بغليان دموي ليخرج حراباً تنغرس في جسدك،تمتص دمك وتبقيك أحشاء جافة وأوصالاً مقطعة،بكاء بأعصاب مضطربة يحيي يوم الدرس الأول في طفولتي حين دخلت قاعة الامتحان متأخرة كنت تقف أمامنا وتقول لنا:
    - لقد حان يوم الدرس الأول أمام أوراقكم ستكونون وحدكم عراة تحاربون نفوسكم الضعيفة،تبدؤون بذواتكم،تتغلبون عليها ثم تنطلقون إلى الحياة ليس من رادع لكم سوى ضميركم وإن كنت لا أراكم فالله يراكم.وخرجت بعد أن منحتنا ثقة تقتل كل ذرة تخاذل فينا.أذكر هذا اليوم وأذكر ألامي التي خلقت معه،مبادئك،قيمك وهاأنا أبدأ معلمة الأيدي الخفية.
    الحافلة تكمل طريقها وسط عاصفة من الغبار وأنا في مقعدي لا أشعر بشيء كأنني في مكان ثابت أمام شاشة كل ما فيها متحرك ، صور متتالية تأتي وتمضي في رحلة الوصول إلى البداية و النهاية.
    اليوم وقفت أمام طلابي أريد أن أبدأ معهم درسي الأول،لم أستطع،إحساسي بالكذب والخداع في كل كلمة سأقولها جعلني أشعر بشياطين تنبعث من أطفالي تلف جمر المدفأة وتحتضنني محرقة روحي،خرجت مسرعة من المدرسة لأصعد أول حافلة تعترض طريقي.
    أين أنت؟..أين أنت الآن؟..
    سأقتلك لا محالة،سأنثر شظايا جداري البلوري في وجهك الملائكي لعلك تشعر بعويل تمردي وهو يلطم أمواجه الهمجية في زوايا روحي داخلي وخارجي محاولاً أن ينتزعني من نفسي أن يخرجني من جلدي لينهيك من فكري وينهي صراعي لصالح الأيدي الخفية.
    الحافلة تمضي في دورتها،أين أنا لا أدري،ماذا أرى لا أدرك،لكنني أشعر بشخص بجانبي إنه معلمي!..إنه أنت!..الآن سأمزقك وأملأ نوافذ الحافلة بدمائك،سأحيلك قطعاً مكسرة تبوح بسرها القديم لتنزف بغزارة تروي ظمئي ، إن دماءك شفافة متلألئة تحيط بي تتسرب عبر مسامي تملؤني.ابتعد عني أرجوك ابتعد عني.
    - اهدئي يا ابنتي وانظري إنها تمطر والمطر يغسل كل شيء.العواصف في كل مكان تبدأ بصراخ ودمار نسبي لكنها تنتهي بالمطر.هيا اقتربي مني،استعيدي صورتك الأولى واحتضني طفلتك الصغيرة.
    - تابع خلصني من عويل يسكن نفسي..ضمني..بقوة أكثر..إنك تتلاشى تختفي في جسدي والحراب تنضمر،تذوب وتنتهي في هدوء روحي.
    بعد دورة كاملة الحافلة تتوقف قرب مدرستي،انتهت رحلتي.أوتار الحياة تنفض غبارها عن صدري،باب المدرسة أمامي،لقد حان وقت الدرس الأول.
    Last edited by يوسف أبوسالم; 10/09/2008 at 12:37 AM.
    Reply With Quote  
     

  2. #2 رد: الدرس الأول ......قصة قصيرة 
    كاتب مسجل يوسف أبوسالم's Avatar
    Join Date
    May 2008
    Posts
    1,531
    Rep Power
    20
    Quote Originally Posted by لما كربجها View Post
    الدرس الأول



    الحافلة تشق طريقها ببطء وأعمدة الطرقات أشباح أشجار عارية تسقط بقايا حيويتها في لونها الشاحب مستغرقة في قدرها الصامت بينما ألتوي بين دفتي مقعدي معلمة بوساطة أحد المسؤولين،ألتهب بصراعي ما بينك وبين واقع فاجأني فشهادتي بلا أيد خفية لم تعد كافية أمام ذلك الكم الهائل من مثيلاتها.
    أين أنت الآن؟..أين أنت؟..
    لأنتزع عينيك وأستبدلهما باثنتين بشريتين وأمنحك قناعاً آدمياً فلربما بعد كل هذا أراك طبيعياً بعيداً عن هالتك المقدسة أو أنني قد أنسى رغبة ملحة بالكسر تعيدني إلى أيام الطفولة وإلى ساعتي الرقمية وإلى كل شيء حطمته لأدرك كنهه وأرى خفاياه.أريد أن أحطمك،أريد أن أنهيك لأعرف سر مركباتك الغريبة.لكن ماذا أستعمل مشرطاً ومقصاً أم أستخدم مطرقة الطفولة أم أنك تحتاج لأدوات مبهمة ككل شيء فيك.أشعر برغبة لا تقاوم بالبكاء،بكاء وحشي ينشب مخالبه في وجهك ممزقاً نفسه بغليان دموي ليخرج حراباً تنغرس في جسدك،تمتص دمك وتبقيك أحشاء جافة وأوصالاً مقطعة،بكاء بأعصاب مضطربة يحيي يوم الدرس الأول في طفولتي حين دخلت قاعة الامتحان متأخرة كنت تقف أمامنا وتقول لنا:
    - لقد حان يوم الدرس الأول أمام أوراقكم ستكونون وحدكم عراة تحاربون نفوسكم الضعيفة،تبدؤون بذواتكم،تتغلبون عليها ثم تنطلقون إلى الحياة ليس من رادع لكم سوى ضميركم وإن كنت لا أراكم فالله يراكم.وخرجت بعد أن منحتنا ثقة تقتل كل ذرة تخاذل فينا.أذكر هذا اليوم وأذكر ألامي التي خلقت معه،مبادئك،قيمك وهاأنا أبدأ معلمة الأيدي الخفية.
    الحافلة تكمل طريقها وسط عاصفة من الغبار وأنا في مقعدي لا أشعر بشيء كأنني في مكان ثابت أمام شاشة كل ما فيها متحرك ، صور متتالية تأتي وتمضي في رحلة الوصول إلى البداية و النهاية.
    اليوم وقفت أمام طلابي أريد أن أبدأ معهم درسي الأول،لم أستطع،إحساسي بالكذب والخداع في كل كلمة سأقولها جعلني أشعر بشياطين تنبعث من أطفالي تلف جمر المدفأة وتحتضنني محرقة روحي،خرجت مسرعة من المدرسة لأصعد أول حافلة تعترض طريقي.
    أين أنت؟..أين أنت الآن؟..
    سأقتلك لا محالة،سأنثر شظايا جداري البلوري في وجهك الملائكي لعلك تشعر بعويل تمردي وهو يلطم أمواجه الهمجية في زوايا روحي داخلي وخارجي محاولاً أن ينتزعني من نفسي أن يخرجني من جلدي لينهيك من فكري وينهي صراعي لصالح الأيدي الخفية.
    الحافلة تمضي في دورتها،أين أنا لا أدري،ماذا أرى لا أدرك،لكنني أشعر بشخص بجانبي إنه معلمي!..إنه أنت!..الآن سأمزقك وأملأ نوافذ الحافلة بدمائك،سأحيلك قطعاً مكسرة تبوح بسرها القديم لتنزف بغزارة تروي ظمئي ، إن دماءك شفافة متلألئة تحيط بي تتسرب عبر مسامي تملؤني.ابتعد عني أرجوك ابتعد عني.
    - اهدئي يا ابنتي وانظري إنها تمطر والمطر يغسل كل شيء.العواصف في كل مكان تبدأ بصراخ ودمار نسبي لكنها تنتهي بالمطر.هيا اقتربي مني،استعيدي صورتك الأولى واحتضني طفلتك الصغيرة.
    - تابع خلصني من عويل يسكن نفسي..ضمني..بقوة أكثر..إنك تتلاشى تختفي في جسدي والحراب تنضمر،تذوب وتنتهي في هدوء روحي.
    بعد دورة كاملة الحافلة تتوقف قرب مدرستي،انتهت رحلتي.أوتار الحياة تنفض غبارها عن صدري،باب المدرسة أمامي،لقد حان وقت الدرس الأول.

    المبدعة لمى كربجها
    صباح الخيرات

    أولا سأكبر الخط قليلا

    وبعد ...فهذا نص يحمل فكرة مختلفة
    ماذا يفعل بنا الكبار
    وماذا يغرسون فينا
    ولماذا نحاول التخلص من بقايا رواسبهم
    لماذا انزرعت في أنفسنا هذه التشوهات عن كل ما علمونا إياه
    أهو الأسلوب
    أم ضعف الوسائل وقلة الحيلة

    ما لفت نظري بهذا النص الجميل عدا الفكرة المتألقة
    هو هذا السرد المتألق بدوره الذي تضمن إيقاعا سريعا
    وحادا وغاضبا ومتسائلا
    كانت الكلمات تتلاحق والحروف تلهث وهي لا تكاد تتابع
    سرعة وعفوية الإنهمار
    وظلت النفس غاضبة ثائرة حانقة
    حتى عادت إلى طفولتها ..لترى ببراءة
    كيف يغسل المطر الأشياء
    ربط التغير بالمطر صورة جميلة جميلة
    أشكرك عليها
    لكن لي ملاحظة واحدة
    استغرقت القصة في تفاصيل كثيرة أنهكتها
    وكان يمكن اختصار بعض التفاصيل
    وهذا رأيي شخصي لا يقلل من روعة القصة
    ولا من سردها الهاطل الرائق
    المبدعة لمى
    هذا نص أول أقرأه لك
    وقد جعلني أنتظر ما يلي من نصوص
    لأن لقلمك كاريزما سردية رائعة
    دمت مبدعة ودام قلمك منهمرا
    تحياتي




    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    Reply With Quote  
     

  3. #3 رد: الدرس الأول ......قصة قصيرة 
    أديب وقاص محمدذيب علي بكار's Avatar
    Join Date
    Jul 2008
    Location
    منبج /سوريا
    Posts
    849
    Rep Power
    17
    الاخت الكريمة ان القصة جميلة من حيث الفكرة والاسلوب وهذا التحاور مع الذات اعطاها سمة جميلة الاانه هناك بعض التشتت والابتعاد عن الفكرة الاساسية يجعل المتلقي العادي غير قادر على الوصول الى ماتريدين دمت مبدعة اخوك محمد
    Reply With Quote  
     

Similar Threads

  1. Replies: 4
    Last Post: 06/06/2009, 08:14 AM
  2. Replies: 7
    Last Post: 03/05/2009, 03:31 PM
  3. أكاديمية المربد... ((الدرس الأول))...
    By روان أم المثنى in forum حاسب
    Replies: 22
    Last Post: 24/04/2009, 10:48 AM
  4. الدرس الأخير
    By عبدالله الطليان in forum القصة القصيرة
    Replies: 4
    Last Post: 09/11/2008, 05:31 PM
  5. انتحار " أبو الهول " قصة قصيرة
    By أسامة جودة in forum القصة القصيرة
    Replies: 2
    Last Post: 26/09/2007, 08:22 AM
Posting Permissions
  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •