الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

أدب الرحـــــــلة ...

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أبو شامة المغربي
    السندباد
    • Feb 2006
    • 16639

    رد : أدب الرحـــــــلة ...




    من أدب الرحلة العراقي الحديث رحلة
    محمد شمسي
    إلى
    ((أرض ساخنة))
    يوصف أدب الرحلة بأنه ((ملتقى لتعدد الخطابات))، وفي هذا تقع إشكاليته النوعية من حيث تحقق أدبيته من مجموعة خطابات بعضها أدبي وبعضها خارج إطار الأدب، بحكم ارتباطه بالواقع، ومن ثم فللتاريخ وللجغرافية وللسيرة وللمغامرات كلها لها دخل في تشكيل نسيجه، إلى جانب الشعر والقصة والأمثال والمقتبسات النصية المختلفة، فإن ذهبنا إلى الأخذ بسمة النقاء الممكن لجنس من الأجناس فبالتأكيد لا يعدّ أدب الرحلة من الأجناس النقية.
    هذه مسألة مهمة تحكم نصوص أدب الرحلة على تفاوت الائتلاف في تعددية الخطابات ومداه. والمسألة الثانية التي يقع عليها الاهتمام في أخذنا لنص أدب رحلة عراقي هو (أرض ساخنة) لمحمد شمسي وقوع النص مع تعددية خطاباته تحت مهيمنة موضوعية موجَّهة من المؤلف، خضع لها نصه كاملاً منذ مقدمته التي استهلّها بإشاعة فضاء أسطوري تسنده مفردات الطبيعة وتدلّ عليه لتعزيز وجود الكائن البدائي الذي يريده لنفسه، والذي ينسجم بوجوده في أفريقيا مع مكوناتها البدائية، وحرارة جوّها، وطبيعة مهيمنته الموضوعية، التي تمثلت بالهدف الحسّي، إعلاء شأن الرغبة بحيث ارتبطت الرحلة إلى أفريقيا عامةً بها. هذا الجوع البدائي الأسطوري هو الذي أوجد نص رحلة شمسي، ومن الموجّهات إليه العنوان، الذي دلّ على نحو الحقيقة على أفريقيا وعلى نحو المجاز على المرأة (وبعد سنين لا تعدّ، كثيرة بعدد طيور السماء وسمك البحار وذرات الرمل ظلت الحياة في أفريقيا كما كانت قبل ملايين السنين حارة، طائشة، متدفقة، مليئة، وظلت الصيغ الإنسانية الأولى تطفح على الأرض رامية حذرها القديم كلما وجدت قشرة لينة، رقيقة)(الرحلة ص13).
    تنويرية وتربوية
    إلا أن المجاز لم يكن إلا في العنوان، وقد جاءت التوظيفات النصية والاستثمارات عامةً صريحة في مدلولها، أو إنها تعزز سياق الرحلة الكلي. فإلى جانب ذلك هناك خصوصية للمكان، إلا إنها مسخّرة للمعنى المهيمن، فالمكان وسيلة في تفصيلات كثيرة، لا غاية، من أجل تحقّق الحدث ولتجميل مسعى السارد البطل.
    إذا كان من أدب الرحلة العربي ما كتب بدوافع تنويرية وتربوية فجعل اللغة وسيلة لا غاية بسبب من الجمع والتأليف والترجمة لنقل العلوم والمعارف المتنوعة، فرحلة محمد شمسي كتبت من أجل المتعة وهي تفترق عمّا سواها من كتابات الرحلة التي تسعى إلى التعرّف، فالمعرفة متحققة في (أرض ساخنة) والغاية في ما وراء ذلك، أي ماذا بعد المعرفة ؟ أو بم تستثمر هذه المعرفة ؟ كذلك خرجت رحلة شمسي عن أن تسخّر في إطار المقارنة بين عالمين (شرق وغرب)، ومشاكل الوقوع تحت وعي الآخر، أو النظر إلى انعكاسات موشوره، أو إقامة حوار حضارات أو بيئات متنازعة فبالرغم من كل الإشارات الملتقطة من حكايات المؤلف عن الإنسان المحروم أو المستغَل إلا أن الرحلة خالية من الدافع المسيّس ومتحررة من سلطة المستعمِر والمستعمَر. وللتوضيح يلزمنا القول أن (أرض ساخنة) المكتوبة عام 1973 كما في الإشارة المضمّنة بالكتاب، والصادرة عام 1978، هي تتمة للرحلة المبتدأة في (ألف ميل بين الغابات) للمؤلف نفسه والصادرة في طبعتين عامي 1973 و1976.
    وتكشف بنية الرحلة عن إيقاعين أساسيين يحكمان السياق حيث تمثل (ألف ميل بين الغابات) بداية الرحلة وانفتاحها على البيئة الجديدة في أفريقيا، وتمثل (أرض ساخنة) رحلة العودة التي هي رحلة انفلات وإدبار عن تفصيلات المكان فكأن المؤلف يسعى بقوة إلى الانصراف عما انفتح إليه في رحلة البداية، رحلة الإقبال إلى الخارج (أفريقيا).
    والادبار في (أرض ساخنة) يكتمل مع انتهاء الرحلة في الوصول إلى الوطن. ولنلاحظ أن أفريقيا بوصفها المكان المناسب ليلوَّن برمزية الرغبة البدائية الأولى كانت قد تشبّعت بهذا المعنى الرمزي عند بداية ابتعاد الرحالة عنها لا مع إقباله عليها. وهذا يعني أن ذروة الرحلة التي أرادها شمسي كانت مع بداية انتهائها، وأن الرحالة غير المحايد بالفعل أعطى صورة مكان ذاتية أكثر مما هي صورة موضوعية، وبذلك انتأى عن أن يكون جغرافياً مشغولاً بالمظهر الخارجي للمكان إلى أقصى حد ممكن (إذ بعد ذلك ينفلت منه المعيار النوعي لأدب الرحلة)، ((فالرحالة يظل مختلفاً عن الجغرافي دون إحداث قطيعة نهائية في كونه يكتب بالمكان في حين يكتب الجغرافي عن المكان (…) إنها جغرافية جديدة يزاوج فيها الرحالة بين تاريخ المكان أو تموقعه الجغرافي في العالم وبين تاريخه الشخصي)).
    مع اقتران أدب الرحلة بالسيرة وأنماط التقرير والاستطلاع والمراسلة الصحفية واشتمالها على خطابات الشعر والنثر من قصص ويوميات وتاريخ وجغرافية ومغامرات، يكون توصيف (أرض ساخنة) رصداً لخصائص هذه الأنماط الداخلة في نسيجها. ويتقدم هذا رصد ثنائية السارد (الرحّالة) فهو بطل من جهة قيامه بالفعل في المساحات المستكشفة، وهو راوٍ سارد للأحداث، غير محايد بالضرورة، إذ يخطط للمغامرة من جهة الفعل بالرصد والاكتشاف والتخطيط والسعي، وفي الوقت نفسه يصف ويسرد وينتقي ما يريده محفزاً المتلقي للتوقع والانتظار. تجتمع إذن خاصيتا العرض المتضمن المراقبة، والموقف الشخصي المتبنّى تجاه المحكي، مع الوظائف الثانوية المنبثقة من هاتين الوظيفتين الرئيستين، في شخص محمد شمسي المؤلف (الكاتب) والسارد، فإذا كان الكاتب معطىً تاريخياً فإن السارد معطى نصّي، واجتمعا في (أرض ساخنة) حيث الوظيفة مزدوجة في الواقع وفي صياغته، وإلى جانب ضمير المتكلم الذي يصدر به السارد سرده يتردد اسمه (محمد) خلال نص الرحلة (ص104 مثلاً).
    وتتخلل نص السارد نصوص قليلة لشخصيات في الرحلة تصاغ بطريقته نفسها، إلى جانب التضمينات التي لوّنتْ سياق الأحداث لدعم الموضوعات الأساسية والثانوية ومن ذلك يطالعنا تلخيص للحكايات، واستذكار ومونولوج داخلي، وأسطرة للمكان وللشخصية، وسرود استطلاعية وكشوف، وتضمينات أخرى أقل استعمالاً.. وكل هذه الاستعمالات محسوبة للسارد، حتى الحوار يقع ضمن إدارته، وفي هذا ما يرسم صورة الرحالة كلية في الرحلة، حتى تكاد تحتويها.
    الاستذكار، والمونولوج الداخلي.
    تكثر العودة في نص الرحلة إلى مواطن الطفولة لخلق جسور تصل الحاضر الموصوف ببدائيته زمن براءة الإنسان، بالطفولة زمن براءة الشخصية. وهكذا جعلت لشحنات الاستذكار طاقة حثّ للنص للإيغال في عمق مدلوله. وقد اتخذ الاستذكار أشكالاً متعددة منها ما يتعدّى مجال طفولة البطل نفسه إلى حنين لما في التراث العربي، من ذلك تمثّله بحرب البسوس على مستوى شخصي وبتداعٍ داخلي: (إن حرب البسوس أحرقت صحراء العرب أربعين عاماً، الرجال يطاردون الموت مثل قطاع الطرق لقد علّمهم قيافة الأثر وأنا ابنهم أعرف أقصر الطرق إلى الموت، أقصر الطرق إلى الإخفاق. وأنا بعد كل هذه الهموم المريرة وكل هذه الشقوق والخدوش في جسدي، سفينة عاطبة عجوز تريد أن تستريح أن تنعم بلذة الانهيار على شاطئ)(الرحلة ص22) هذا التماهي مع التراث زوّد الشخصية بطاقة دلالية كبيرة، وفي التأمل بالشاهد نجد هذه الصلة العميقة للبطل بالموت، بمعنى قيافة أثر الموت بالجسد وبإفنائه في اللذة وفي البحث عنها. لنقرأ في مكان آخر وصفه للوجوه الأربعة للشخوص وهو منهم في السيارة، ووصفه لوجهه (إن وجهي عشبة صغيرة متهورة، سريعة الجري نحو الموت وإن الأرض على امتدادها ذراعان ناعمتان تتلقى أجسادنا المتعبة)(الرحلة ص47) وإذ لا تخفى دلالة تشبيه ذراعي الأرض وتلقيها الأجساد، يستمر التداعي بصورة حية عن حيوان تنهشه النسور (كان هذا الحيوان يعيش شوق الحياة وحرارتها فيأكل ويتناسل ويخاف ويهرب ويتفيأ ظل الأشجار، ثم فجأة ختم كل ذلك بهذا المشهد المرير الدامي)(الرحلة ص47) وبهذا الإيقاع النفسي يندسّ في أحاديث الآخرين بعد أن ترك المونولوج الداخلي المتدفق آثاره على وجه الرحلة واسقاطاته على مشاهداته فيها.
    من ملامح الاستذكار نلمس نوعاً من الحنين إلى الطفولة في عادات الصغار المتشابهة في كل مكان (تنظر الرحلة ص72)، وفي السرد بصورة اعترافية (تنظر ص90)، واطراد الذكريات مخترقة حواجز الزمان والمكان فتأتي على لسان عاشق من العصر الأموي (تنظر ص91). إن لهذه الاستذكارات قيمة تأكيد على الإنسان الخارق بفراسته وبصدق مجسّاته إزاء الوجود، إنها دليل إنسان مفقود تقوم رحلة شمسي في البحث عنه وعن حلم وجوده.
    سرود استطلاعية وكشوف
    تحتل هذه السرود أهمية في إرساء الخصيصة النوعية للرحلة فلولاها لامتنع علينا إطلاق أدب رحلة على (أرض ساخنة)، وتتوزع هذه السرود على قلّتها في مساحة النص، وتتشابك مع غيرها من استعمالات. وإذا شئنا حصرها في كتاب الرحلة المستغرق (135 صفحة) لوجدنا أنها لا تزيد عن عشرين صفحة، وبالتأكيد هذا قدر قليل مما يدخل في الموضوع المباشر الذي يميز الرحلة عن غيرها من الأجناس، على أن سياق السرد كله لا يخرج عن مناخ أفريقيا، والشخوص موجودون هنا لأجلها، مع الوصف المتناثر لبعض التفصيلات والأمور الجانبية للحياة هناك. ولقد جنّد المؤلف قدراته في ملء الفراغ الحاصل بالتنويعات السردية التي تفنّن في زجّها مع لغته الواصفة بشعرية وبتأمل ممتلئ.
    المصدر


    د. أبو شامة المغربي

    kalimates@maktoob.com

    تعليق

    • أبو شامة المغربي
      السندباد
      • Feb 2006
      • 16639

      رد : أدب الرحـــــــلة ...

      دراسة في رحلة رضوى عاشور
      الدكتورة سهام جبار هاشم
      كلية الاداب - جامعة بغداد

      عندما تكون الرحالة أنثى

      عندما أصرت سيمون دي بوفوار على أن (تعريف المرأة مرتبط بالرجل، فهي آخر سلبي موضوعاً، ومادة بينما يكون الرجل ذاتاً سمتها الهيمنة والرفعة والأهمية)، نجد أن رضوى عاشور في كتابها (الرحلة .. أيام طالبة مصرية في أميركا)
      تجسد هذا التعريف في صياغة رحلة تخلو من الاستكشاف لأنها مخلصة لفكرة العودة إلى البيت كما ذهبت سليمة من أي تغيير، وهي تدون ركضها في أميركا، وتوقفها الطويل في مصر بما يجعل القارئ لا يحس أبداً أنه غادر مكانه إلى أمكنة أخرى يمكن أن تقوده إليها مغامرة فن الرحلة عادة.
      كما أن حضوراً للرجل يهيمن على مساحة تحرك رضوى في وجود متعين محسوس أو مختبئ تحت لسان البطلة في ما تسرد، مع محاولتها إخفائه عن عين المتلقي.
      إذا كانت الثقافة الغربية قد نبهت على نتاج الطرف المهمش الذي أنتج نصه الابداعي والنقدي للنيل من مركزية الثقافة الغربية، فإن الثقافة العربية لم تسمح للعنصر المسخر في مدونة المتن لان يكون طرفاً في صراع أصلاً، ذلك بحكم قدسية المدونة المهيمنة وبسبب من الالتباسات العديدة التي تشغل عن حسم الصراعات في سياق واحد بحيث أدى الالتفاف على محاور الفكر العربي إلى تعليق الحلول وارجائها كألية من آليات الهرب من المشكلة، كذلك استعارة المظاهر التي يمكن ان تعوض عن وجود فعل التغيير فظل الصراع ملتفاً في دوران القشور بعضها على بعض دون الوصول إلى اللب.
      وهكذا قضية المرأة مستعارة للتدليل على جدة وحرية لم تمسا التفكير العربي في الحقيقة، لذلك يستفز قارئ رحلة رضوى عاشور الذي ينتظر ان يطرح عليه موضوع المرأة المصرية (التي كانت) في اميركا انه يجد الكاتبة البطلة تطرح موضوع المرأة المصرية(التي يجب ان تكون) في أميركا، بالسعي الى مثالية النموذج الذي لن يتغير بتغير الامكنة، وفي هذا من الثبوتية ما فيه.
      وفي محاولة للدخول في مغامرة أدب الرحلة من دون مغامرة يصاغ تضليل للقارئ عما ينتظر قراءته، فترتسم مساحة تجوال مجاورة لثقافة الآخر بحيث لا تمسه ولا يمسها، ويكون الرفض المعلن ممارسة تجميلية للرومانسية الثورية التي تجعل من وجود أميركا، المكان المحمل بالنيات الايديولوجية الكامنة أكثر منه وجوداً حقيقياً ملموساً.
      وفي هذه المراهقة الثورية ترفع إعلانات مبهرجة ومانشيتات عريضة لا تخرج عن المثالية المجسدة بصور جمال عبد الناصر، والأناشيد الحماسية، وأحلام السبعينيات التي تؤرخها رحلة رضوى.

      مقتطفات

      (صورة ثالثة، عائلية أيضاً، يتصدر أبي حاضراً وعنيداً موزعاً بين رغبته في أن يطلقني في الأرض امتداداً لفورة حياة من صلبه ومخاوف مسلم ريفي الجذور يريد للبنت الستر، وأمي في الخلفية، وإخوتي مقبلين..) (الرحلة ص5).
      للأب وجه ناطق، يفكر بل يطلق الأفكار، أما الام فليس لها.. سوى أنها في الخلفية.
      (...أركض لكي لا أفقد نديتي للرجال، أركض لكي أتعلم، أركض لكي أستقل،(...)، وأركض لكي لا يزج المجتمع بي في خانة الدونية المعدة سلفاً للنساء)(الرحلة ص35).
      الام في الخلفية من دون مشاعر أو افكار، كتمثال من حجر، والذي يقلق هو الأب أما الأم فليس لها الحق حتى في القلق والخوف، أهذا ما تركض منه رضوى عاشور، الركض من خانة الدونية لكي لا يصيبها التحجر في نصوص ظاهرة إلى النور فلا يستشعر لها وجود؟ لكن النص يفضحح عملية التجميد هذه لجنس المرأة في إبقائه في الخلفية، والالتحاق بركب الرجال في معنى الوجود الأبوي الظاهر.
      ينطق النص بما لا تنطق به الراوية،(وهكذا منذ وصلت إلى أميركا وجدت نفسي أركض درءاً للغربة ووفاء بالتزامات دراسية متعددة سعياً لتحصيل سريع يعيدني لمصر.
      فأحضر الدروس المقررة واقرأ وأكتب واناقش واشرح واقضي وقتاً طيباً، دائماً ركضاً) (الرحلة ص35).
      هل تقدم رضوى دليل الانضباط للأهل في الصورة عندما قدمت أدب(واجبات مدرسية) وصولاً الى نهايات الكتاب بقدوم الزوج، حيث تصبح السياحة الهدف الرسمي للرحلة، هذا الهدف الذي لايترجم حقيقة جنس الرحلة في مواصفاته المعروفة؟

      ان سلطة الرقيب (الزوج) سمحت بتقديم مظاهر تنقل وسياحة، لم تقم بهما البطلة وحدها على أية حال، كما أنها لا تكفي للدلالة على الرحلة نوعاً أدبياً.
      ***
      (كرفاعة كنت في طريقي الى بلاد بعيدة عنا غاية الابتعاد لتحصيل المعارف،ولكني لم اكن مثله ذاهبة بحياد من لا يعرف شيئاً مما هو مقبل عليه)(الرحلة ص6).
      يرحل رفاعة الطهطاوي الى فرنسا(كعضو بعثة طلباً للعلوم الحديثة وبحثاً عن اسباب الحضارة والقوة) ويضع مؤلفه لا (من اجل التعريف ببلاد الفرنسيس فحسب وانما ايضا لحث ديار الاسلام على الاخذ باسباب الرقي و الحضارة)، يعرف رفاعة المكان الذي هو ذاهب اليهً، وهو يعثر على ما يبحث عنه فيه، أي أنه يعرف أن في فرنسا ما يفيد ديار الاسلام وما يؤدي الى الرقي والحضارة فضلاً عن التعريف بالمكان.
      الأمر مع رضوى معكوس فهي ذاهبة إلى مكان ترفضه، ومن ثم فهي محملة بنيات الرفض لما يتبقى من عملها كمغامرة رحلة،(أول القصيدة كفر..أصطبح بإسرائيلي وأتمسى بهذا الشاب اللامع الذي قضى عدة سنوات خدمة في الهند الصينية(...) ما الذي أتى بي إلى هنا؟) (الرحلة ص9)،(لم أكن قد أتيت إلى الولايات المتحدة رغبة في الدراسة فيها عموماً، ولكن لاهتمامي بموضوع بعينه هو الأدب الأميركي الأسود)(الصفحة نفسها).

      يسد المحمول الإيديولوجي منافذ التفاعل مع الآخر أو في الأقل محاورته قبل الحكم النهائي برفضه في رحلة رضوى، بما يمنع قيام الرحلة فاعلية أو منجزاً في ضوء الحاجز النفسي المترتب على المحمول الإيديولوجي.
      (ما الذي أتى بي إلى هنا؟ هل هو افتقاد الغريبة للأمان أم هي مخاوف مبهمة ترسخت في النفس عن الإثنين اللذين ثالثهما الشيطان؟)(ص14).
      (يسيرون أحياناً حفاة في المكان يتبادلون قبلات العشق علناً، ورغم طرافة المشهد الذي لم يكن يسيء لأي معتقد لي، فقد كان يؤكد أنني بعيدة بل بعيدة جداً عن كل ما عرفت وألفت، وأنني وحدي)(ص16).
      حملت رضوى المرجع معها إلى أميركا في صورة الحنين الذي مرر سلطة الرقيب في شحنات رومانسية تملأ الفراغ المتسبب من عدم التفاعل مع المكان التي هي فيه، وفي النص تستفز الكاتبة سلطة الرقيب، المرجع في ادعاء أن لا معتقد لها، وهذا وهم، إذ صنعت شاءت أم أبت، معتقداً جامعاً بين الاثنين: معتقد الشرق، ورفضه، أي رفض معتقد الشرق، وهذه الثنائية أعطت الإيهام بقدرة الرحالة على التفاعل الا انها ترفضه، في حين أن الرفض سابق على القدرة بما يبطلها، ويجعلها في النهاية مذكرات شابة في مرحلة تاريخية، ومن ثم ايديولوجية محددة.
      إن معتقد الشرق أكثر هيمنة بدليل السيرة المنضوية في الرحم (مصر)، وعدم انتشار الذات في الموضوع، فجاء كل منهما منفصلاً عن الآخر.

      (..وبلا نية مسبقة رحت أحدث مايكل عن شخص عبد الناصر، وحرب الأيام الستة، ومقاطعة أهلي لي لزواجي على غير إرادتهم، واعتصامات الطلاب، وذلك الغزل الفريد الذي يغنيه الشيخ إمام للإسكندرية(...) من المؤكد أنني تحدثت طويلاً، وإلا فكيف استطعت أن اقول كل الذي قلت عن أوجاع الجيل الذي اندفع من الأناشيد الحماسية إلى أتون الأيام الستة والمذابح والرماد)(الرحلة ص15).
      تتردد الأسماء الواردة في هذا المقتطف، مع أسماء صلاح جاهين، ونجيب سرور، والأناشيد الحماسية، وخطابات عبد الناصر وجو الإنجاز الوطني العام، وجميلة بوحيرد، وهوشيمنه، وجيفارا، والسادات، ونشيد مصر الوطني (والله زمان يا سلاحي) و(بلادي بلادي) في مقاطع أخرى لتزود الرحلة بفضاء مكاني وايديولوجي ولغوي بينّ يقف على أعتاب العالم الآخر ليرفع أمامه الشعارات البراقة وليتحصن بالإيديولوجية ورموزها خوف انخراطه في حوار مع الآخر المختلف كما فعل الرحالة السابقون في الاقل.
      (تعكس الرحلة تفاعلاً خصباً بين السيرة الذاتية - سيرة الرحالة - والسيرة الغيرية سواء تعلقت بالإنسان أو المكان)، ويتحقق في الرحلة، عادة، (انتقال المكان من المستوى المعرفي والتاريخي (التأثيث) إلى المستوى الأليف الذي يحقق الربط الوجداني بين المكان وهواجس الرحالة)، ما يحدث في رحلة رضوى قصور عن بلوغ هذا الربط الوجداني بين المكان وهواجس الرحالة، إذ تسود الهواجس إلى الحد الذي يمنع التعرف على المكان ليشعر القاريء بالألفة التي شعرت بها رضوى.
      لقد خصصت وصفاً لأماكن ليست ذات ملامح، أماكن مغلقة(أماكن الدراسة، المكتبة، النادي..إلخ)، هذا الأمر جعل سيرة الرحالة تطغى على السيرة الغيرية التي تتعلق بمكان الغير أولاً، ثم مظاهر حياته وثقافته، فجاءت المذكرات التي تعبر، أدبياً، في الرحلة عادة عن اللحظة الثقافية(لحظة الانسان مع العالم الخارجي،وسيطرته الواضحة على العالم، وقدرته اللامحدودة على وصف العالم وفهمه، ورهانه الدائم على امكانية تحويل المجهول الى معلوم ومفهوم، جاءت مذكرات رضوى لتقف على حافة المكان في وصفه الأحادي الأول، لأنها لم تدع نفسها تعيش اللحظة، ولم تشأ دخول أميركا مكان الرحلة وظلت في مصر رغم وجودها على أرض أميركية أيام الدراسة.

      لسد الثغرة التي هي مانع حقيقي من عد هذا النص متمتعاً بخصائص نوعية مميزة لأدب الرحلة، لجأت الكاتبة إلى الاقتباس، والتضمين، والنقل، واستذكار المكان الأول والأحداث المسربة كأنها ملاك حارس من الانخراط في المكان الاخر، فجعلت تفصيلات الحياة الدراسية، وزميلات السكن، وأخبار التلفزيون القارئ محصوراً في امكنة مغلقة كالحرم الجامعي، وسكن الطالبات، وقاعات الدرس..الخ فلا يتم انتاج معرفة أو تأويلها بين الـهنا والـ هناك حيث الرحلة المضمنة والرحلة المضمنة.
      إن(في الانتقال ضمن الفضاء الجغرافي والزمن التاريخي(..) ضمن نظام اجتماعي) تحديداً رئيساً لمفهوم الرحلة، هذا الأمر لم يتحقق إلا على مستوى سطحي خارجي لم يتح استكشافاً في نطاق الحياة المختلفة كما يفترض.
      في حوار بين الساردة واحد زملائها، يقول لها:
      (ما هي انطباعاتك عن الحياة المدنية بعيداً عن الصحراء؟)(الرحلة ص37)، لم تجبه البطلة ولم تجبنا نحن أيضاً على مدى سياق نصها الممتد في (175 صفحة)، وتأتي الخاتمة لتؤكد هيمنة عنصر المذكرات التي ابتدأت في أرض مصر وانتهت فيها، منحازة بالكامل لشخص الرحالة، وهو تمثيل لثقافة بلده ومكانه الأول وتاريخه،في مانع حقيقي من قيام فن الرحلة بمواصفاته النوعية وامتداده في اتجاه الاخر،وربما يستساغ السؤال عن معنى ان الرحالة هنا أنثى، ورحلتها من جنس أدب الرحلة النسوي،لا أدب الرحلة مطلقاً.
      -------------
      *(الرحلة .. أيام طالبة مصرية في أميركا)، رضوى عاشور، ترجمة: الدكتور ميجان الرويلي، الدكتور سعد البازعي، المركز الثقافي العرب، الطبعة 2، 2000م، ص 223.



      د. أبو شامة المغربي


      تعليق

      • أبو شامة المغربي
        السندباد
        • Feb 2006
        • 16639

        رد : أدب الرحـــــــلة ...






        شعيب وثقافة الرحالة
        عرفت البشرية الرحلة باعتبارها فعلا إنسانيا في كل المراحل وبأشكال مختلفة حاملة لتجارب وخبرات اختلط فيها اليومي بالمتخيل بتلوينات وإشارات دالة.
        وقد صدر كتاب "الرحلة في الأدب العربي" للدكتور شعيب حليفي عن دار رؤية متطرقا إلى قضايا تخص الرحلة منها كيفية تجنيس الرحلة عبر مراحلها المتشابكة من جهة وآليات الكتابة بما تتضمنه من مكونات من جهة أخري.
        وقد عرض الدكتور شعيب حليفي في هذا الكتاب للرحلة العربية بمفهومها المطلق للرحلات الإنسانية مع توضيح التنوع في الاشكال الرحلية كما كشف عن الهوية الثقافية والاجتماعية للرحالة سواء كان أديبا، أو مؤرخا، أو جغرافيا، أو مصنفا، أو غيرها من الصفات التي تطبع هويته.
        الكتاب يتطرق أيضا لنصوص ممتدة خلال ثمانية قرون '10 18هـ' لكل من الرحالة ابن دلف، ابن فضلان، الغرناض، ابن جبير، ابن منقذ، ابن بطوطة.

        المصدر
        «الرحلة في الأدب العربي»
        لشعيب حليفي
        عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، صدرت للكاتب المغربي دكتور شعيب حليفي الطبعة الثانية من كتابه «الرحلة في الأدب العربي».
        يقول المؤلف في التقديم: «إن الرحلة العربية في وجودها وهموها عنصرا ثم شكلا خالصا ضمن دائرة منفتحة على أنواع صغرى وكبرى، هي بناء يتناسل ويتشكل باستمرار، وتكتسب بعض المميزات التي تلتقي مع بعض خصوصيات الرحلات الإنسانية، لذلك فان الر حلة العربية يمكن النظر اليها بما تتوفر عليه من معطيات مكثفة بالمقارنة مع باقي الأشكال التعبيرية في التراث السردي العربي:
        ـ التخييل الذاتي حيث استفاد النص الرحلي من اشكال ادبية وتاريخية (الرسائل ـ التراجم ـ الأخبار...)، وطعم هذا بكل ما يجعل منه كتابة تتخذ من ضمير المتكلم وسيلة لابراز الذات والهوية مقابل الآخر والغيرية، فضلا عما لمكون السفر والانتقال من توليدات في الرؤية وزرع لعلامات دالة باستمرار.
        ـ التنوع في الأشكال الرحلية وبالتالي في الأسئلة التي تجعل منها موجها إدراكيا ومنتجا لخطابات وميتاخطابات كما هي منتجة للمعارف.
        ـ التنوع في الهوية الثقافية والاجتماعية للرحالة المؤلف ما بين أديب ومؤرخ وجغرافي ومصنف وسفير، وغيرها من الصفات التي تطبع هويته وبالتالي النص الرحلي، لذلك فإن تعالقات الذات بالشكل، بالمرجع ثم بالمستوى الادراكي في الرحلة تظل حاضرة ومتنوعة، فعند أبي دلف ينبني النص باعتباره محكيا وتقريرا عن سفارة تؤسس لفعل الحكاية جوار الخطاب، وكذا الحقيقة جوار الكذب المتخيل، حيث كثير من النقاد يبحثون في المحكيات الرحلية عن الحقائق لتقييمها من منظور الكذب والصدق، دون احترام للشكل التعبيري خلال مروره عبر قنوات ما قبل الرحلة، وما يتضمنه من تخيلات وصور وتقييمات، ثم الفعل الرحلي الذي يجيء عكس ما تم تصوره، وأخيرا الاختمار ثم الكتابة التي تصهر كل المراحل.



        د. أبو شامة المغربي

        kalimates@maktoob.com

        التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي; 01-09-2007, 01:53 PM.

        تعليق

        • أبو شامة المغربي
          السندباد
          • Feb 2006
          • 16639

          رد : أدب الرحـــــــلة ...





          استعدادا للمشاركة في المعرض الدولي للكتاب، اعتزمت جامعة ابن زهر بأكَادير إعداد الطبعة الثانية لكتاب «الواقعي والمتخيل في الرحلة الأوروبية إلى المغرب»، للباحث الدكتور عبد النبي ذاكر. والكتاب دراسة صورلوجية مقارِنة عمدت إلى التحليل الأدبي لصورة المغرب في عيون الغَرب، مُقايسةً بصورة الغَرب في عيون المغاربة.
          ويتكون الكتاب - الذي يحتفي بتقاطع نظرات ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط - من خمسة أبواب: يشتمل الباب الأول على فصلين.
          في الفصل الأول تم ضبط بعض المفاهيم الأولية، كالصورة والميث والمتخيل والواقعي والصورلوجيا، وعلاقة الرحلة بالمقارنة، وإشكالية الدرس الصورلوجي العربي والغربي.
          وفي الفصل الثاني تم تفصيل المنهاج من خلال مراجعة ما سمي بأزمة الصورلوجيا، ومن خلال عرض عناصر المقترب: الإرسالية، الباث، المتلقي، السياق، الرؤية.
          أما الباب الثاني فمخصص للمستوى البنيوي للمتن الذي تمت معالجته في فصلين: الفصل الأول يتناول الإشكال البيبليوغرافي في ظل استراتيجية الشاهد والترجمة.
          والفصل الثاني يخص استراتيجية الإيهام بالواقعي، في حين اختُصّ الباب الثالث بدراسة الثيمات الكبرى للمتن، انطلاقا من المقاربة الدياكرونية لصورة المغرب في الرحلة الأوروبية من البدايات الأولى إلى حدود القرن العشرين، وفي هذا الإطار عرض الباحث لصورة الأسير والسلاطين، وللخصائص السلوكية والعقدية والعقلية والسيكولوجية للمغربي مسلما كان أم يهوديا أم امرأة أم طفلا أم بربريا.
          وقد خلصت الدراسة في الباب الرابع إلى تحديد دور الباث والمتلقي في تشكيل الصورة الغيرية، أما الباب الخامس ففيه دراسة وتحليل للغرائبية المعجمية، ليُختم الكتاب باستنتاجات عامة حول أزمة الكتابة الرحلية الأوروبية ودرامية أنَسيتها، وكذا حول أزمة الكتابة الرحلية المغربية التي سقطت في كمين سلطة الواقعي وواقع السلطة.
          وأخيرا تم تذييل هذا الكتاب ببيبليوغرافيا هامة للرحلات الأوروبية إلى المغرب، وبصور ورسومات تخص هذه النظرة المتقاطعة التي جمعت أوروبا بالمغرب على فترات تاريخية متباينة.
          المصدر


          د. أبو شامة المغربي

          kalimates@maktoob.com

          تعليق

          • أبو شامة المغربي
            السندباد
            • Feb 2006
            • 16639

            رد : أدب الرحـــــــلة ...

            أدب الرحلة والرحّالة في التراث العربي.
            عالج المستشرقون الأدب الجغرافي العربي بمنهاجٍ تاريخاني, يهتم للمصادر والمعلومات ولتناسل الخرائط وترتيبات الفلك, وصورة الأرض وأقسامها لدى اليونان والفرس والهنود, وماذا أضاف العرب, وكيف طوَّروا.
            وقد برز في هذا المجال فيستنفلد ودي غويه وكراتشكوفسكي. فيستنفلد نشر "معجم البلدان" لياقوت الحموي, ودي غويه نشر "المكتبة الجغرافية العربية" التي شملت عشرة نصوصٍ جغرافيةٍ شديدة الأهمية, وتنتمي جميعاً الى القرنين الرابع والخامس للهجرة/ العاشر والحادي عشر للميلاد. ثم جاء كراتشكوفسكي ليستند الى نشرات السابقين للنصوص وملاحظاتهم, فيكتب كتابه المهم بعنوان: "تاريخ الأدب الجغرافي العربي".
            وعندما تقدمت الدراسات والمناهج بعد الحرب العالمية الثانية, بدأ الاهتمام بقراءةٍ أُخرى للجغرافيين العرب والمسلمين. كما تصاعد الاهتمام برحلات الرحّالة في البر والبحر, والنصوص التي سجلوها عن أنفسهم, ودلالات تلك النصوص على رؤى الذات والآخَر, وكيف فهم الرحّالة العرب, والبحّارة العرب موقع دار الإسلام في "العالم المعمور" ثم كيف فهموا العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية بين "الممالك" الإسلامية, والممالك الأخرى الدانية والنائية.
            الانطباع الذي ساد لدى الدارسين أن الرحالة الأوائل مثل أبي دلف وأبي مِسعرَ وابن فضلان كانوا مبعوثين رسميين, باعتبار أن الرحلة البعيدة كانت تتطلب نفقاتٍ لا يستطيعها المسافر العادي, مهما بلغ حبه للترحل والاطلاع على أحوال الناس والحيوان والنبات والطبيعة. لكن اليعقوبي والمسعودي يحدثاننا عن رحلاتٍ لهما أفادا منها في كتابة كتبهما من دون أن تكون لهما علاقة أو اهتمام بالتواصل مع الدوائر الرسمية.
            ثم إن التجارة البعيدة المدى تواصلت منذ القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي, وقصص السندباد البحري لا بد من أنها نشأت إبان ازدهار ميناء البصرة, قبل دمار المدينة في ثورة الزنج بعد أواسط القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي. وهذا كله مع التجاهل والتجاوز للرحلة في طلب العلم, والتي بدأت مطلع القرن الثامن الميلادي" وان لم تكن لها الأهداف والشروط التي لرحلات الفضول والاستشكاف والتواصل مع الآخر المختلف ديناً وخَلْقاً وخُلُقاً وتبعيةً سياسية.
            وإذا كانت الرحلات تجارب ومغامرات وروىً للآخر" فهي أيضاً وصف توثيقي, وأنثروبولوجيا, وإثنولوجيا وسعة أفق, وإيمان بوحدة بني البشر. وقد اهتم بنصوص الرحلات في التراث العربي أخيراً نُقاد الأدب, والمهتمون بالعلاقات بين الثقافات والحضارات, والمتتبعون للعجيب والغريب وإبداعياتهما.
            ويجرى منذ العام 2000 نشر كتب الرحلات العربية قديماً وحديثاً, بحلةٍ قشيبة, في مشروعٍ لدار السويدي للنشر والتوزيع في أبو ظبي, والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. وقد نُشر من تلك الرسائل والكتب زُهاء العشرين, في أقلَّ من خمس سنواتٍ, وبتحقيقاتٍ ومقدماتٍ لا بأس بها.

            د. أبو شامة المغربي


            تعليق

            • أبو شامة المغربي
              السندباد
              • Feb 2006
              • 16639

              رد : أدب الرحـــــــلة ...




              أنثروبولوجيا المكان والرحلة ورؤية الآخر: الرحّالة العربي بين لحظتي ابن فضلان والطهطاوي.
              محمد جمال باروت
              كاتب سوري.
              الحياة

              لا تزال الرحلة العربية تجذب اهتمام مؤرخي الأدب أكثر مما تجذب مؤرخي الأنثروبولوجيا، ويعود ذلك إلى ضعف الدرس الأنثروبولوجي العربي, بحكم أن الأنثروبولوجيا لم تتشكل كاختصاصٍ علميٍ محكومٍ بمعايير المرْكزة الأوروبية إلا في سياق فتح إرادة المعرفة والقوة الغربية للعالم ومحاولة وصفه ومعرفته واستبنائه في شكلٍ يتكيف معها ويخضع إلى غاياتها، وفي ذلك تتداخل الأنثروبولوجيا تداخلاً وثيقاً مع الاستشراق.
              وبكلامٍ أدق تداخل الرؤية التنميطية للآخر غير الأوروبي مع الرؤية الاستشراقية الكلاسيكية. غير أن تاريخ الأنثروبولوجيا عرف بحكم الميراث النقدي للغرب نفسه قطيعةً مع ميراثه التوظيفي الاستعماري. وما يهم هنا في مجال العلاقة ما بين الأنثروبولوجيا والرحلات هو مجال رؤية الآخر. ومن هنا فإن تاريخ الأنثروبولوجيا يضع الرحلات في إطار البواكير الأنثروبولوجية أو أنثروبولوجيا ما قبل علم الأنثروبولوجيا.
              الجوهري هنا أن الرحلات تمثل الجانب النياسي أو الأثنولوجي Ethnologie من الأنثروبولوجيا العامة, بما هي الاثنولوجيا النظرة التي تلقيها الأنا على الآخر البعيد, والذي قد يكون مختلفاً عنها كل الاختلاف.
              إن الأثنولوجيا قد ولدت من تنوع الثقافات واختلافها, ولكن شاب تاريخها كثير من الصور النميطة التي تفضي إلى وضعها في إطار مباحث رؤية العالم.
              في الرحلة العربية بما هي رحلة نياسية لدينا لحظتان, هما لحظة ابن فضلان في رحلته إلى بلاد الخزر بتكليفٍ من الخليفة العباسي ليعلم ملك تلك البلاد وأهلها شعائر الإسلام في القرن العاشر الميلادي حيث كان التألق الحضاري العربي - الإسلامي في أوجه, ولحظة رحلة رفاعة رافع الطهطاوي إلى باريس وعودته منها في ثلاثينات القرن التاسع عشر, حيث كان إماماًَ للبعثة المصرية التي أوفدها يومئذ محمد علي باشا والي مصر إلى فرنسا. إن كلاً من ابن فضلان والطهطاوي إمام, لكن هذين الإمامين عادا برؤيةٍ مختلفة للآخر غير الإسلامي. الأول من موقع القوة الحضارية التي جعلته يرى الآخر في رؤيةٍ أقرب إلى ما يسمى بالمفاهيم الأنثروبولوجية أو النياسية الكلاسيكية بالبدائي المتوحش والمتأخر بينما يرى الثاني باريس من موقع التأخر الحضاري.
              في تينك الرؤيتين مثّل كل من ابن فضلان والطهطاوي نوعاً من اثنولوجيٍ أو نياسيٍ مبكّر، فنجد في نص كلٍ منهما الوصف المونوغرافي المفصل والمتناهي لعادات وتقاليد ومؤسسات الآخر والناتجة عن حقل المعايشة والملاحظة وتسجيل التفاصيل وهي المعايشة التي يمكن اعتبارها سلف التجربة الحقلية للنياسي الحديث.
              ومفاد الإشكالية هنا أن هذا الوصف المونوغرافي محكوم برؤيةٍ للآخر من موقع الذات في رؤيتها لمن تراه مختلفاً عنها. فالوصف المونوغرافي مادة غنية بالمعلومات عن الآخر كيف يعيش ويفكر ويحتفل ويحزن ويأكل ويشرب وينظر إلى الأشياء غير أنه مغلف بنظرة تقويمية تبخيسية أو تعظيمية.
              هذه الحدية في الرؤية نتاج الوضعية الحضارية التاريخية للذات المعاينة للآخر. وتفسيرها واضح, كانت الذات الحضارية لابن فضلان حين رحل إلى بلاد الخزر قويةً ومعتدةً بنفسها بينما كانت مترهلةً ومفوّتةً حين رحل الطهطاوي إلى باريس.
              الآخر هنا مرآة للذات، وهذا لا يختلف عما يقوله الدرس الآثنولوجي (النياسي) عن تاريخه، ولكنه يكشف عن جديدٍ يتمثل في أن ما تجده الذات المعاينة الرحلية في الآخر ليس شيئاً مكتشفاً بل شيئاً يكتشف من جديد برؤية الأدنى أو الأعلى في العلاقة ما بين الحضارات والثقافات.
              ولقد يمكن اعتبار النسغ الإنسانوي للإسلام في مرحلة تألقه الحضاري حين ذهب ابن فضلان إلى الخزر على أنه جذر رؤية ابن فضلان غير العنصرية للآخر, فالعنصرية بمصفوفة مفاهيمها وسلوكاتها نتاج غربي حديث, وما كان لهذه المصفوفة أن تنشأ منظومياً في ثقافة يقوم أساسها على شرعنة التنوع الاثني والثقافي واللغوي الذي تحكم العلاقة ما بين مكوناته رسالة الإسلام في "التعارف" الحضاري.
              كان الآخر يومئذ بعداً من أبعاد ذاتٍ قادرةٍ على التعرف عليه, وحتى استيعابه في اختلافه عنها. لكن في زمن رحلة الطهطاوي كانت الذات مرطومة ومصدومة بتفوق ذات الآخر التي تفرض معياريتها على الآخر, وتحول الاختلاف إلى تفاوتٍ معياريٍ من نوعٍ معرفيٍ يثوي في الجينات المعرفية المزعومة للآخر غير الأوروبي.
              لقد تمسكت ذات الطهطاوي الأزهري بأشعريتها وكأنها تفرز آلياتٍ دفاعيةً عن تماسكها في وجه ما يقوّضها من تفوق وتباين وتفاوت في التطور.
              فالذات الحضارية الإسلامية التي ينتمي إليها الطهطاوي ظلت تشكل رؤيته للآخر على رغم كل ترهلها واكتهالها, وانطوت هذه الرؤية بالتالي على درجةٍ من التركز حول الذات، غير أنه تركز المصدوم والمرطوم الذي يحاول استيعاب الآخر في منظومته وإعادة إنتاجه فيها في شكلٍ يطور الذات نفسها في عالمٍ جديدٍ.
              وفي سياق هذا الاستيعاب شكلت رحلة الطهطاوي أثمن سفرٍ من نوعه عن ثقافة الآخر في تلك اللحظة. قبل الطهطاوي نجد رحلاتٍ عثمانيةً جذابة إلى الغرب لكننا لا نجد تلك الرؤية الاثنولوجية (النياسية) المبكرة التي تتعلق بإلقاء نظرة على الآخر المختلف من ناحية اشتمالها على الوصف المونوغرافي والاثنوغرافي واللذين يتكامل فيهما وصف الاخر بما هو ينتمي إلى ثقافة بالمعنى الذي نعطيه اليوم أنثروبولوجياً للثقافة أو الحضارة، فالرحالة العربي تعامل مع مفهوم الثقافة بهذا المعنى من دون أن ينطلق من تعريف علمي مضبوط الحدود لها، وهذه آلية في الفكر العربي.
              إن ثقافتنا بحاجةٍ إلى تحرير الرحلات من سيطرة منهجيات مؤرخي الأدب, وتزود مؤرخ الأدب بمعارف منهجية منتجة وخلاقة تتيح له قراءة الرحلة خارج التعرف البسيط, و"الطرافات" ليضعها في إطار مقاربةٍ أشمل هي المقاربة النياسية التي ستفضي حكماً إلى اكتشافٍ جديدٍ لذلك التراث.
              ومؤرخ الأدب الذي لم يختبر جيداً تقنيات النقد النصي اللغوي لا بد من أن يجد نفسه أمام تعاملٍ مع لغة الوصف المعاينة للآخر بصفتها لغةً ديناميكيةً تكشف طبقات رؤية الآخر.
              يمكن لمؤرخ الأدب أن يدرس أدب الرحلات لكن عليه أن يدرسه في جانبه الأدبي وأن يتواضع في ذلك في حين أن تحرير رؤية النصوص الرحلية من أدبيتها المسيطرة ستفتح الباب أمام اعتبار الرحلة المدونة بصفتها نصاً نياسياً يكشف عن رؤية الذات للآخر وثقافته.
              وإذا كان هناك من معنى لأدب الرحلة فإنه سيكون في إطار هذا المنظور بمعنى الأدب النياسي المبكر الذي تشكل في إطار معاينة الآخر في عالمٍ متنوع الثقافات، ويمثل كل من ابن فضلان والطهطاوي لحظتين متألقتين ومفصليتين في إعادة النظر تلك.
              المصدر


              د. أبو شامة المغربي

              kalimates@maktoob.com

              تعليق

              • أبو شامة المغربي
                السندباد
                • Feb 2006
                • 16639

                رد : أدب الرحـــــــلة ...





                عجائب بلاد الترك والروس والصقالبة
                تركي علي الربيعو
                كاتب سوري
                الحياة
                يبدو لي أن أدب الرحلات عموماً، يظل مضمراً بما هو ميثولوجي وذلك في سعيه الى تأطير ما نسميه بالغرائبي والعجائبي في سلوك الآخرين، خصوصاً أن أدب الرحلة يقيم فروقاً بين الأنا والآخر، لنقل بين الأنا المتحضرة كحالة ابن فضلان القادم من دار السلام وعاصمة الخلافة، حيث الغنى والثروة والجاه والمنعة والقوة وبراعة التمثيل، وبين الآخر الغريب الذي يُشبّه ابن فضلان سلوكه بسلوك الدوابّ الضالة ولغتهُ بلغة الزرازير.
                الأهم من ذلك، أن ابن فضلان الذي يدفعنا الى اقتفاء أثره في بلاد العجائب، لا يمل من عرض عجائبه، فرسالته التي يصف فيها الأقوام الأخرى من الأتراك والصقالبة والروس والخزر، مفتوحة على كلِّ ما هو عجائبي وغرائبي، بل هي مُوَشّاةٌ متناً وهامشاً بالعجائبي والغرائبي، في وصفه للحيوانات الأسطورية التي رآها في بلاد البلغار (الصقالبة) أو للرجال العماليق في بلاد الروس، حيث يدفعُهُ الاستهوال الى اعتبارهم من بقايا يأجوج ومأجوج؟
                من جميع النواحي، يمكن وصف "رسالة ابن فضلان" بأنها "وثيقة انثروبولوجية وميثولوجية بآن" في وصفها الانثروبولوجي السياسي لممالك وطقوس سياسية منسية من التاريخ الرسمي، ومن هنا، هذا الثناء من جانب المستشرقين على وصف ابن فضلان لتلك الممالك وتحالفاتها وطرق التحالف، كذلك وصفها الانثروبولوجي/الديني للكثير من العبادات الدينية عند الشعوب كما هو الحال عند الأتراك (الباشغرد) الذين يسجدون لصنمٍ من خشب، ويعبدون أرباباً كثراً كما يقول ابن فضلان، فهناك رب الشتاء ورب الصيف، ورب النهار... إلى آخره، والذين يحتكمون في النهاية الى رب كبير، أضف إلى ذلك وصفه الدقيق لطقوس الدفن العجائبية عند البلغار والروس، والتي تحظى باهتمامٍ كبير من ابن فضلان، وبمقارنة ماثلة في ذهنه بين طقوس دفن المسلمين وطقوس دفن الروس التي تحاط بهالة ميثولوجية كبيرة يتابعها ابن فضلان بفضول معرفي دقيق وبإعجابٍ ظلَّ باستمرار مصدراً للعجائبي والغرائبي في رسالته.
                من عجائب البشر الى عجائب المخلوقات، يتحرك ابن فضلان بفضولٍ معرفي لا ينالُ منه الكلل والملل من رائد قرر أن ينقل رسالة أمير المؤمنين الى بلاد العجائب، لنقل، الى أمير البلغار، الذي بعث برسالة يستنجد فيها بأمير المؤمنين المقتدر بالله الذي تولى الخلافة سنة 295 هجرية.
                وفي وصفه لعجائب البشر (عاداتهم وهيئتهم وتقاليد زواجهم... كذلك طقوس الجنس الجماعي) يسعى ابن فضلان كما أسلفتُ، الى نحت فارق بين الأنا والآخر، من دون أن يبخس الآخر حقه، وعلى سبيل المثال، فهو يصف الروس، كذلك البلغار والأتراك انطلاقاً من مرجعيته الدينية والحضارية، فالروس كالدواب الضالة لا يستنجون من غائط ولا بول، ولا يغتسلون من جنابة، ولا يغسلون أيديهم من الطعام، ويمارسون الجنس جهاراً أمام بعضهم بعضاً، ولكنه لا ينسى أن يصفهم بالجمال، فهم كالنخل شُقرٌ حُمْر.
                كذلك الحال مع الأتراك المذمومين من وجهة نظره لهيئتهم: "فالترك كلهم ينتفون لحاهم إلاّ أسبلتهم"، وهذا على عكس الحال مع المسلمين، ولكنه يمتدح فروسيتهم وشجاعتهم وبراعتهم، فقد رأى ابن فضلان يوماً، أن أحد الفرسان الأتراك وقد سايرهم على فرسه، رأى وزةً طائرة "فأوتر قوسه، وحرك دابته تحتها، ثم رماها، فإذا هو قد أنزلها".
                أعود للقول، ان رسالة ابن فضلان وثيقة انثروبولوجية في وصفها للديانات الطوطمية عند الأتراك والبلغار في مطلع القرن العاشر الميلادي، في تعبدهم للسمك والحيّات وآخرين لطائر الكركي كما هو حال الأتراك، أو التبرك بعواء الكلب عند الصقالبة البلغار، الذين يعتبرونه شاهداً على سنة يكثر فيها الخير، وهذا ما يذكرنا بعمل الانثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس في "الفكر البري" الذي وصف لنا طقوس التضحية بالكلب الأبيض عند الهنود الحمر.
                تستغرق رحلة ابن فضلان أحد عشر شهراً، يلاقي منها ما يلاقي كعادة الرحالة، ولكن ذلك لا يثنيه عن هدفه، حتى لو "اصفرَّ بالنيب بعد الخُضرة الشيحُ" كما قال ذلك الشاعر الفارس للقائد العربي قتيبة بن مسلم الذي وصل الى حدود "ترمذ"، لا بل إنه - أي ابن فضلان - يفصح لنا عن هدفٍ آخر في زيارته لبلاد الروس، هدف ظلَّ يدغدغ معظم من سبقوه من مغامرين ورحّالة.
                ففي روايات "ألف ليلة وليلة" أن الخليفة عبدالملك بن مروان بعث بمجموعةٍ من الرحالة الذين يثق بهم الى بلاد واق الواق ليتأكد من وجود يأجوج ومأجوج. كذلك فعل الخليفة الواثق بالله (227هـ - 232هـ) ببعثة برية الى سد يأجوج ومأجوج حفظ منها ياقوت الحموي ما جاء على لسان "سلام الترجمان"، وها هو ابن فضلان الذي وصل الى نهاية العالم آنذاك، يرفض إلا أن يعود بشهابٍ من هناك، ينير فيه الطريق الى عالم يأجوج ومأجوج العجائبي، فما إن يسمع من ملك البلغار بأسطورة الرجل الذي يقف عند "نهر إِتل" والذي طوله اثنا عشر ذراعاً ورأسه كأكبر ما يكون من القدور، وأنف أكثر من شبر، وعينان عظيمتان... الخ. حتى يتحرك ابن فضلان الى هناك، الى تفحص عظامه ورأسه، فيتأكد من ذلك وينتابه العجب وهو المولع بكل ما هو عجيب، من العماليق الى يأجوج ومأجوج.
                في معظم الميثولوجيات القديمة، كذلك أدب الرحلات، كثيراً ما يعود البطل بنبتةٍ تُكسبُ قومَهُ الخلودَ أو جزة ذهبية تكون فاتحةً لعهد جديد، أو رسالة وتعليمات لحياة جديدة، وهذا ما يفعله ابن فضلان الذي يخط لنا رحلته وقدرته على ارتياد آفاق لا يزال فكرنا المعاصر عاجزاً عن ارتياد تخومها.
                من هنا أهمية هذه الرسالة/ الوثيقة وحاجة المثقفين العرب المعاصرين الى الاقتداء بها؟
                (أحمد بن فضلان، رسالة ابن فضلان: في وصف الرحلة إلى بلاد الترك، والصقالبة، والخزر، والروس، حقّقها: سامي الدهان - دمشق، المجمع العلمي العربي، 1409هـ - 1988م).
                المصدر


                د. أبو شامة المغربي

                kalimates@maktoob.com


                تعليق

                • أبو شامة المغربي
                  السندباد
                  • Feb 2006
                  • 16639

                  رد : أدب الرحـــــــلة ...




                  بين "يحرسها الله" و"باعدها الله" ابن جبير يرسل أدعية للمدن الموصوفة
                  نادر سراج
                  كاتب لبناني
                  الحياة
                  يعرف أدب الرحلات باعتباره مجموعة الآثار الأدبية التي تتناول انطباعات المؤلف عن رحلاته في بلاد مختلفة يقصدها لغايات شتى، ويصف ما يراه من عادات البشر وسلوكهم وأخلاقهم، كما يعتني بذكر الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، ويعتبر أدب الرحلات مصدراً مهماً للدراسات التاريخية المقارنة، وخصوصاً بالنسبة الى العصور الوسطى.
                  وفي وعينا الثقافي باتت صورة ابن بطوطة رمزاً مؤشراً لأدب الرحلات الذي أسس لانطلاقة الفرد العربي لارتياد أقطار جديدة واكتشاف أحوال الأمم والتعرف الى الآخر المختلف.
                  لعب ابن بطوطة (1304 - 1377)، الرحالة العربي الكبير دوراً ملحوظاً في تاريخ البشرية، إذ تجاوزت المسافات التي قطعها خلال رحلاته الخمس، والتي استغرقت ثلاثين عاماً، 120 ألف كيلومتر، أي ما يعادل ثلاث مرات محيط كوكب الأرض.
                  ولكنه لم يكن نسيج وحده بين علماء الأرض، فإلى جانب الرحالة الأبرز في التاريخ العربي الإسلامي، ثمة أسماء مبرزة لعلماء مثل الشريف الإدريسي (1100 - 1165) الذي أدخل الى أوروبا علم الجغرافيا ووضع كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، وابن ماجد (... - 1498) أو "أسد البحر"، البحار لعربي الرائد الذي اعتبر أمهر الملاحين العرب قاطبة ممن ألفوا في علوم البحار.
                  ومن عشرات الأسماء نذكر أبا حامد الغرناطي وابن حوقل وابن ماسويه والاصطخري والبيروني والمسعودي والمقدسي وياقوت الحموي وغيرهم.
                  يبرز ابن جبير كرحالة رائد سبق ابن بطوطة في ارتياد أقطار ووصف مجتمعات ووضع مؤلفات، فلثمانية قرون خلت، ركب هذا الرحالة الأندلسي البحر وطاف يجول أمصار العالم المعروف، يصور ملامح المدن، ويرسم أحوال البشر ويدون مشاهداته ويتركها للسلف معطيات موثقة تنبئ بحراك المجتمع البشري في تنوعه وخصبه على حدٍ سواء.
                  ولد محمد بن أحمد بن جبير (540 - 614هـ/ 1145 - 1217م) في بلنسية (الأندلس)، وتوفي في الإسكندرية. جغرافي وأديب ورحالة درس الفقه والحديث في شاطبة، زار في رحلاته كلاً من الاسكندرية والقاهرة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والكوفة والموصل وحلب ودمشق وعكا وصقلية، رحلته الأولى قصد فيها الديار الحجازية، ويقال إنه شرب الخمرة صدفة فحج تكفيراً.
                  العالم الأندلسي المبحر لم يدع تفصيلاً بسيطاً يغيب عنه، ولم يغفل ما يستملح أو يستغرب، فمنذ رحلته الأولى، وهي الأهم، حرص ابن جبير، الذي كان قد بلغ الأربعين من العمر، على تسجيل يومياته بدءاً من اليوم الأول لركوبه متن البحر، من مدينة سبتة، على ظهر سفينة رومية كانت في طريقها الى مدينة الاسكندرية. ويذكر بعض الدارسين أنه اهتم بتسجيل خط سير الرحلة وأحداثها البرية والبحرية ومشاهداته الجغرافية وما يصل اليه من معلومات تاريخية عن المدن والجزر والطرق البرية والبحرية والموانئ التي ينزل بها أو يبحر منها مما وسم رحلته، التي استغرقت عامين، بالدقة والعلمية.
                  وانسحب هذا الأمر وجهة وزمناً على رحلته الثانية (585هـ/ 1189م) حين بلغه نبأ فتح صلاح الدين لبيت المقدس، ثم قام برحلة ثالثة وأخيرة الى المشرق بدأها عام 601هـ/ 1204م. وقد أمضى فيها أكثر من عشرة أعوام صرفها في التدريس والأدب ومراجعة ما كتبه من أخبار رحلته الأولى.
                  وصف في مجمل رحلاته كل ما مر به من مدن وما شاهد من عجائب البلدان وغرائب المشاهد وبدائع المصانع والصنائع، والأحوال السياسية والاجتماعية والأخلاقية، وصور ما قابله من ألوان العدل والظلم.
                  وقد عَنَى عناية خاصة بوصف النواحي الدينية والمساجد والشواهد وقبور الصحابة ومناسك الحج ومجالس الوعظ والمستشفيات ووصف كذلك الكنائس والمعابد والقلاع.
                  انتقد نظام الجمارك في الاسكندرية، ولم يفته التشهير والسخرية من النزعة الاحتفالية عند علماء المشرق والعجب الذين يظهرونه في أثوابهم وفي ألقاب العظمة الطنانة التي ينتحلونها (الحضارة العربية في الأندلس 2/1260). كما ذكر الحروب التي كانت دائرة بين المقاتلين في سبيل الله: الصليبيين والمسلمين في الشام. وقد حظي السلطان صلاح الدين الأيوبي بتبجيل عظيم من مدوناته باعتباره أنموذجاً للبطولة.
                  واللافت ان مدوناته عن المدن حفلت بالأدعية الدينية مثل: يحرسها الله، وعمرها الله، وحماها الله، أو: باعدها الله إذا كانت من المدن التي خرجت من يد المسلمين الى يد الفرنجة، ومنها ما يدعو عليها: يدمرها الله إذا كانت تحت سلطان الفرنجة.
                  اهتم المستشرقون في الغرب بترجمة وطباعة "رحلة ابن جبير" لأنها شكلت مرجعاً موثوقاً لا غنى عنه للمؤرخين الجغرافيين ولكل من يريد الاطلاع على أحوال الحياة الاجتماعية في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي.
                  طبع الكتاب لأول مرة في مدينة ليدن سنة 1852م مع مقدمة للمستشرق رايت الأستاذ بجامعة كمبردج، وأعيد طبعه مرة أخرى بليدن في 1907م وصدّر بترجمة لحياة ابن جبير، وراجع هذه الطبعة المستشرق دي خويه وقام بترجمتها الى الانكليزية، كما تُرجم القسم المختص من هذه الرحلة عن صقلية الى الفرنسية وطبع سنة 1846م، كما صدرت طبعة محققة عن دار التراث عام 1968م، وأخرى مصورة من دون تاريخ عن دار صادر في بيروت.
                  يعتبر كتاب رحلة ابن جبير "تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار" من أهم كتب الرحلات الإسلامية، ويلي في الأهمية كتاب رحلة ابن بطوطة الذي كُتبَ بعده واستند اليه في بعض المعلومات في الجغرافيا البشرية.
                  ويعتبر بعض الدارسين ان لا مثيل في أدب الرحلات الإسلامية لأسلوب ابن جبير في رحلته، إذ أنه اعتمد أسلوباً مرناً أثبت فيه تمكنه من آليات الرصد والتوصيف.
                  فقد أوجز في وصف المدن والآثار، واكتفى بإعطاء اللمحات العامة عن الأقاليم، في حين أنه أسهب في وصف السكان في البلاد التي أقام بها.
                  ليس مستغرباً أن تبادر منظمة اليونيسكو الى تكريس سنة 2004 سنة دولية للاحتفاء بالرحالة العربي ابن بطولة، فهذه البادرة هي اعتراف بأهمية أدب الرحلات في الثقافة العربية.
                  وهذا التكريم يشمل في الحقيقة كل علماء الأرض المسلمين، كما اصطلح على تسميتهم، الذين لم يغيبوا عن سجل الأحداث والوقائع التاريخية التي خلدتهم عبر رحلاتهم الاستكشافية ومؤلفاتهم الجغرافية.
                  المصدر


                  د. أبو شامة المغربي

                  kalimates@maktoob.com


                  تعليق

                  • أبو شامة المغربي
                    السندباد
                    • Feb 2006
                    • 16639

                    رد : أدب الرحـــــــلة ...




                    أسفار البر والبحر... نحو اكتشاف العالم
                    شمس الدين الكيلاني
                    كاتب سوري
                    الحياة
                    احتل الرحالة العرب, في مجال التعرف إلى العالم, موقعاً مركزياً داخل أروقة الثقافة العربية, وحفلت مدوناتهم بالصور الحية عن الشعوب التي زاروها في أوروبا, وشرق آسيا, وفي عمق أفريقيا السوداء, عكسوا فيها طريقة نظر الثقافة العربية تجاه الآخر, ودرجة اعترافها به كشريك في عمارة العالم, وفي عروج طريق (التقوى), حيث مزجوا بين ما شاهدوه واختبروه في ترحالهم وبين معاييرهم الثقافية في الحكم على الآخر. لقد حفزهم الإسلام على الترحال, لعمارة الدنيا (جعل لكم الأرض ذلولاً), وللتأمل في خلق الله, وفي آثار الأمم الباقية, (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف عاقبة المكذبين), وحفزتهم أيضاً الرغبة في المعرفة, والثراء التجاري, إلا أن العامل الحاسم, هو تحول العرب المسلمين الى حضارة كونية في قلب العالم القديم, تمسك بمعظم الخطوط التجارية الدولية, ومداخل بحاره, والى دولة شاسعة تمتد من قلب أوروبا الى قلب الهند وبحارها, فغدت معرفة الآخر المجاور والبعيد من ضرورات السيادة, قبل أن تغدو شغفاً معرفياً, وبحثاً عن التجارة, فوقفت الدولة وراء الكثير من الرحلات فضلاً عن السفارات وهيأت لها الرباطات ذات الوظائف العسكرية لخدمة الرحالة, والمسافرين. فتحولت رحلات (عبادة بن الصامت) في عهد أبو بكر, وعمارة بن حمزة, في عهد المنصور, ونصر بن الأزهر في عهد المتوكل الى حوار كثيف بين حضارتين, عندما امتد لقاء هؤلاء (بملك الروم) وحوارهم معه.
                    وانضم مع توطد البحث العلمي, رجال جدد جمعوا بين علمهم الجغرافي وبين كونهم رحالة جوابي آفاق, استخدموا مشاهداتهم في تصانيفهم العلمية الجغرافية, مثل المسعودي, والمقدسي, واليعقوبي, وابن حوقل, والإدريسي, والغرناطي, وابن سعيد المغربي.
                    دخل الرحالة العرب مغامرة اكتشاف العالم القديم, وتأثرت مقاصدهم, وموضوعاتهم الأثيرة, بطبيعة علاقاتهم بالحضارات التي زاروها, لهذا طغى على مدوناتهم عن أوروبا مزيج من العداء والتنافس, وأحياناً الإعجاب والاهتمام بالجوانب العسكرية والسياسية والدينية, لا سيما بيزنطة المنافس الخطير لهم, بعدها تأتي دراستهم لحياة الأوروبيين الثقافية, ولسلوكهم, ولعاداتهم, ولتجاراتهم, وتنقلب أولويات أبحاثهم عند دراستهم حضارات الشرق الأقصى, الهند والصين, جزر المحيط الهندي, والشعوب السود الأفريقية حيث الغلبة هنا للعلاقات السلمية, فأينما ذهب الرحالة في مدن أفريقيا جنوب الصحراء, وفي مدن الهند والصين, وجد أمامه جالية مسلمة, تحتضنه وتأويه.
                    قدّم لنا عن أوروبا, الأسيران (مسلم الجرمي), وبعده بخمسين سنة يحيى بن هارون في القرن الثالث الهجري, صورة أخاذة عن بيزنطة, فوصفا أبهة الملك وعظمته, وتراتبية وظائفه, وبنية الحاشية والجيش والتنظيم الإداري الامبراطوري, إضافة الى اهتمامهما بالكنيسة وتراتبية سلكها, ووصفا العاصمة القسطنطينية: أبنيتها, حصونها, مرفأها, تماثيلها, وثروتها, وطبقا الطريقة ذاتها على وصفهما لروما وأهلها. وتأتي رحلة ابن فضلان في القرن نفسه, ليتقدم بدراسة اثنوغرافية عن حياة بلغار الفولغا, من كل جوانبها, وشعوب الروسية والاسكندنافية قبل أن تدخلها المسيحية وعن شعب الخزر عندما كان على اليهودية, مقدمة معلومات نادرة عنهم في مرحلة غامضة من تاريخهم, ديانتهم وطقوسهم وأساليب حكمهم, الجيش والحرب, مالية الدولة, عادات الزواج والطعام وزراعتهم وتجارتهم وطرائق الدفن, ومحاكماتهم ومدونتهم القانونية. كما ترك أبو دلف أثراً فريداً عن رحلته الى أرمينيا, والشيء نفسه فعله الغرناطي في القرن الثاني عشر عند وصفه لوقائع رحلته الى بلاد المجر/ الهنغار.
                    وكانت أبرز الرحلات الأندلسية, تلك التي قام بها الغزال يحيى بن الحكم (ت 864) الى بلاد النورمانديين في جتلاند, عندما كانوا على الوثنية, وزيارة يعقوب الطرطوشي الى المانيا ومقابلته الامبراطور أوتو الأكبر رسولاً لأمير قرطبة, ووصفه لمقطع من الحياة الثقافية لبوهيميا والمانيا, والفرنجة (فرنسا), وانطباعات ابن جبير عن التعايش المسيحي والإسلامي في صقلية تحت حكم النورمانديين, ومدونة ابن بطوطة عن زيارته للقسطنطينية, والبلقان في القرن الرابع عشر. ولم تكن مغامرات سندباد (في ألف ليلة وليلة) سوى حكاية خيالية للرحلات الواقعية الكثيفة التي جال بها الرحالة العرب في الصين والهند, وجزر المحيط الهندي, حيث خلت الصورة هنا من احتدام المجابهة, لمصلحة الشغف المعرفي والتجاري والمغامر. وتأتي في مقدمة تلك الرحلات رحلة سليمان التاجر في القرن التاسع الى الهند والصين وبحارها, والتي دوّنها السيرافي, ورحلة بزرك بن شهريار في جزر المحيط الهادي, ثم رحلة المسعودي الى بلاد الهند, وأبو دلف الى الصين, وكذلك رحلات ابن حوقل والاصطخري والمقدسي واليعقوبي, وأيضاً البيروني الذي دوّن خبرته المعرفية في موسوعته عن أديان الهند ومذاهبها. وأيضاً رحلة أبو عبدالله اسحاق الى جزيرة خمير (كمبوديا), وتبلغ الرحلات الآسيوية ذروتها مع ابن بطوطة, أعظم الرحالة في كل العصور, تاركاً وراءه تقريراً اثنوغرافياً عن الهند وسيلان وجزر الماليبار, وأندونيسيا والصين, هذا إضافة الى آثار الرحالة والمعجمي ياقوت الحموي.
                    وتعرّف رحالتنا أيضاً إلى الشعوب السود, فدوّن لنا السيرافي, وبزرك بن شهريار, مشاهداتهما عن شرق أفريقيا حول ساحل زنجبار وموزمبيق, وحفظ المقريزي وقائع رحلة الأسواني (ت 963) الى بلاد النوبة واليمن والحبشة. كما حفظ البكري وقائع رحلة الوراق (ت 973م) الى غانا وبلاد السنغال, والصحراء الكبرى. وترك اليعقوبي في كتابيه: التاريخي والبلداني معلومات جغرافية واثنوغرافية عن شعوب الصحراء الكبرى وجنوبها, وشذرات عن مالي والشعوب المجاورة لها.
                    ووصف ابن حوقل بطريقة نفاذة حال قبائل البرزخ الصحراوي, ومدنه الصحراوية التجارية سجلماسه وأدغشت, وأدوارهما التجارية مع الشعوب السود, وتجارة الذهب مع غانا, إضافة الى ما قدمه عن بلاد الحبشة واليمن وأريتيريا والخطوط التجارية المارة بها. فمع ابن حوقل خرجت بلاد السودان من الظل. وتحدث الاصطخري عن منابع النيل, رافضاً الخرافات القائلة إنها تنبع من الجنة. وتصور الإدريسي, متأثراً ببطليموس, أن الحدود الجنوبية للقارة السوداء تمتد شرقاً لتحاذي سواحل الهند والصين. ولعل المسعودي أبرز الرحالة الجغرافيين الذين دونوا مشاهداتهم, وما كسبه من خبرة ثقافية, عن ساحل أفريقيا الشرقية, ومدنها الساحلية.
                    وحفظ لنا ابن سعيد المغربي, وقائع رحلة ابن فاطمة, في القرن الحادي عشر الى الساحل الغربي لأفريقيا حتى مصب نهر السنغال, وفي الشرق حتى سفالة الزنج, فعرف جزيرة مدغشقر (جزيرة القمر) وأكمل ابن سعيد الصورة فتحدث عن ممالك السودان الغربية والشرقية, وقد اشترك مع البيروني, ومن قبل المسعودي في الافتراض بأن المحيطين الأطلسي والهندي متصلان في جنوب القارة السوداء, سابقين بذلك بارتلمي دياز بقرون.
                    ثم تأتي سيرة الرحالة العظام في القرنين الرابع عشر والخامس عشر, وأولهما ابن بطوطة الذي زار سلطنة مالي عبر الطريق التجاري الصحراوي, فوصف حياة الشعوب السود, في غرب أفريقيا. كما زار شرق أفريقيا وترك وصفاً أخاذاً لحياة الناس في مقديشو ومدن ساحلية أخرى.
                    وثانيهما حسن الوزان "ليون الأفريقي", الذي دوّن مشاهداته في "وصف أفريقيا" الذي غدا حتى نهاية القرن التاسع عشر أفضل المصادر عن أفريقيا, في أوروبا.
                    كثافة الرحلات العربية في كل اتجاه, دفعت كراتشكوفسكي الى ملاحظة: "الاتساع الهائل في معلومات العرب عن العالم بالمقارنة مع ما عرفته أوروبا, فقد عرفوا أوروبا بأجمعها باستثناء أقصى الشمال, وعرفوا النصف الجنوبي من آسيا, كما عرفوا أفريقيا الى خط العرض عشرة, وساحل أفريقيا الشرقي", كانت الرحلة هي الحافز الرئيسي في هذه المعرفة, وقوتها الدافعة, التي اخترقت الصورة النمطية الضيقة عن العالم التي اقتبسها الجغرافيون الفلكيون العرب وعلى رأسهم الخوارزمي وسهراب ويعقوب الكندي والبتاني, عن نظرية بطليموس في تقسيمها للعالم المعمور الى أقاليم سبعة حول خط الاستواء وعن نظرية الكيوف الطبيعية لجالينوس, التي أرجعت خصائص الأقاليم الى تأثير البروج والأفلاك, وتحولت تلك الصور الى سلطة ثقافية راسخة, والى عائق معرفي أمام تقدم الخبرة العربية, الى أن اخترقتها الرحلة.
                    فقد لعبت الرحلة, والرحالة الجغرافيون, وأصحاب التأليف "البلداني" و"المسالك والممالك" دورهم الكبير في النيل من هذه السلطة الثقافية لبطليموس وجالينوس, بالرجوع الى "الخبرة" والمشاهدة, حيث قادت مؤلفات "البلدانيين" و"فضائل المدن" الباحثة عن خصائص المدن والأقاليم: فضائلها ومثاليتها, وإدراك التنوع داخل وحدة "الإسلام" الى تطبيق هذه المنهجية ذاتها على دراسة الرحالة, والرحالة الجغرافيين لخصائص الأمم والحضارات الأخرى المحيطة بهم, أو الأبعدين عنهم. بإدراك خصائصها: فضائلها ومثالبها داخل دائرة الوحدة البشرية. مطبقين القاعدة الذهب التي توصل اليها المفكرون العرب, والتي عبر عنها التوحيدي بقوله: "ان الخيرات والفضائل, والشرور والنقائض مفاضلة على جميع الخلق, مفضوضة بين كلهم". وطبق الرحالة هذه المنهجية في سردهم لخبراتهم, وبنقلهم لمشاهداتهم, فأبرزوا صورة أثنوغرافية للشعوب التي عرفوها, وتعايشوا مع أهلها, فقاربت نصوصهم في بعض جوانبها من انشغالات النص الانثروبرلوجي, بما احتوته من كشف لطباع تلك الشعوب, في أفريقيا, وآسيا وأوروبا, في تنوعها الثقافي, وذلك في دراستهم لطرائق معيشتهم, وعاداتهم في الزواج والأعراس, والمطبخ وتنوع الطعام والشراب والتربية وبناء المنزل وترتيب المدن وطقوس الدفن, وأساليب حصولهم على معاشهم في الزراعة والتجارة والصيد, وفي اعتقادهم الديني والطقوس المصاحبة له, وأشكال بناء السلطة والملك, ومدونتهم القانونية, ولم ينسوا المدهش والعجيب على صعيد السلوك.
                    هذا ما فعله ابن فضلان في مدونته عن شعوب بلغار الفولغا, والروس والخزر, والفايكنغ, ونجده أيضاً في وصف الطرطوشي, كما نقله البكري, عن مدن أوروبا الألمانية والبولونية والافرنجية, ونصادفه مع ابن بطوطة في تدوينه لحياة الشعوب السود, وأوروبا الشرقــية, ولـــشعوب الشرق الأقصى, ومع سليمان التاجر, والمسعودي وابن حوقل, وغيرهم كثير.
                    يكفي أن نذكر الرحالة ياقوت الحموي, في معجمه, الذي يستحق العديد من رسائل الدكتوراه, لكشف جوانب رؤيته للعالم, ولطريقة تناوله للثقافات المختلفة, فقد حرص في تطرقه لمئات المدن, في العالم القديم, على أن يعرفنا إلى الجوانب المختلفة لحياتها الثقافية والبيئية.
                    المصدر


                    د. أبو شامة المغربي

                    kalimates@maktoob.com

                    تعليق

                    • أبو شامة المغربي
                      السندباد
                      • Feb 2006
                      • 16639

                      رد : أدب الرحـــــــلة ...




                      الرحلة العربية وأدبياتها
                      رضوان السيد
                      الحياة
                      بدأ تأمّل العرب للعالم من حولهم في أسفارهم التجارية، وفي رحلات الشتاء والصيف، التي ذكرها القرآن الكريم، ونعرف من القرآن أيضاً رؤية استراتيجية تبدّت في المفاضلة بين فارس والروم.
                      ثم شكّلت الفتوحات نقلة واسعة لا يزال المؤرخون مختلفين حولها، وهل كانت نتاج خطة أو توجهات عامة على الأقل، أم انها حدثت بطريقة التداعي والاطّراد، أي كلما فُتح اقليم قاد ذلك الى التدخل في الناحية المجاورة، بيد ان البارز في هذا السياق، المعرفة الجيدة التي أظهرها العرب الأوائل بالمسالك والممالك من المدينة وحتى الصين - وبالقوى السياسية والدينية في تلك الأصقاع الشاسعة.
                      وعندما اكتمل قيام الدولة، بدأت الكتابات في "رؤية العالم" وموقع العرب والمسلمين ودولتهم أو خلافتهم فيه، بدأوا بترجمة كتب "الأقاليم السبعة" عن الفرس، والمجسطي أو الجغرافية عن بطليموس.
                      وقد كان الاهتام بالحسابات الفلكية على الأهمية بالنسبةاليهم، بحيث كثر النقل عن الايرانيين والفرس والهنود، وعسُر أو تعذّر للفاحص المتأمل حتى القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، تبيان معالم (ولو رئيسة) لرؤية أخرى للعالم، غير رؤى الامبراطوريات القديمة.
                      كل ما في الأمر انهم شأنهم في ذلك شأن الفرس وضعوا أنفسهم في اقليم العالم الاوسط: الاقليم الرابع، وانصرفوا لتدقيق الحسابات الفلكية لهذا الموقع أو ذاك، ولهذه المدينة أو تلك تبياناً لأحوال الطقس تارة، وللسعود والنحوس تارة أخرى.
                      لكن عصر الفلكيين لم يطل، فبعد كتب الأقاليم جاءت كتب المسالك والممالك، ثم جاءت كتب المسالك والبلدان، التي صارت الأقاليم السبعة مقدمات لها وحسب - فإلى كتب الرحلات والرحّالة، والتي لا علاقة لها بصورة الأرض أو تقسيمات الاقاليم.
                      ولدينا من هاتين المرحلتين مرحلة صور الأرض أو الاقاليم، ومرحلة المسالك والممالك نحو الخمسين كتاباً، منها المترجم وشبه المترجم، ومنها المصنّف والمؤلّف.
                      كما ان هناك دارسين كبيرين ومهتمين عن المرحلتين أيضاً، الأولى تاريخية وفيلولوجية للمستشرق الروسي الكبير إغناتيوس كراتشكوفسكي بعنوان: تاريخ الأدب الجغرافي العربي, والثانية بعنوان: جغرافية دار الإسلام البشرية للدارس الفرنسي آندريه ميكيل, وهي إناسية وأدبية ورؤيوية، وقد تُرجم الكتابان كلاهما، على رغم عسرهما وطولهما الى العربية، وقد أفدنا ونفيد منهما منذ عشرات السنين.
                      أما كتب المرحلات فقد قام بتدوينها علماء وهواة ومبعوثون، وهي تنقسم ايضاً الى قسمين: الرحلات العلمية او الديبلوماسية، والاخرى الثقافية المغامرة او المستكشفة، وتتخذ الرحلات العلمية اسم "الرحلة في طلب العلم"، وهمّ أصحابها تتبع شيوخ العلم الحديث والفقه في الدرجة الأولى) في أنحاء العالم الإسلامي، والرواية عنهم، والتعلّم على ايديهم، وذكر المدارس والاحوال العلمية الاخرى في البلد المعني.
                      ومع ان هذه الكتب (كتب الرحلة في طلب العلم، وذكر شيوخ المؤلف)، ليست من كتب الرحلة او أدبياتها بالمعنى المتعارف عليه حديثاً، فهي مقيدة جداً لجهة الملاحظات العارضة التي يذكرها المترهّل في الجغرافيا والانثروبولوجيا والإثنولوجيا وأحوال العمران والسياسة في البلد المعني.
                      النوع الثاني من نوعي الرحلة هو الذي تهمنا نصوصه التراثية هنا.
                      ونملك عبر العصور، منذ القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، وحتى رحلات أحمد فارس الشدياق، نحو المئتي نص من هذا النوع، هي في الأغلب الأعمّ مذكّرات سجّلها يوماً بيوم أو بعد عودته من رحلته رحّالة طلعة استولى عليه فضول المعرفة او فضول الاستكشاف او حب التواصل مع الآخر المختلف، داخل دار الإسلام أو خارجها.
                      وقد اشتهر لدى المثقفين العرب المحدثين كتابا رحلة من هذا النوع: رحلة ابن جُبير (من القرن السادس الهجري)، ورحلة ابن بطوطة، من القرن الثامن الهجري.
                      وابن جبير مشغوف بملاحظة المعالم الجغرافية الطبيعية والاخرى العمرانية، في حين شغف ابن بطوطة بذكر أحوال البشر وعاداتهم ومنازعهم في الملبس والمأكل والمشرب.
                      ولا يظهر أكثر الرحالة بمظهر العلماء الكبار أو الذين يعنون بتتبع ظاهرة معينة باستثناء قلّة نادرة منهم وعلى رأسهم أبو الريحان البيروني من القرن الخامس الهجري، في كتابه: "تحقيق ما للهند من مقولة، مقبولة في العقل أو مرذولة" و"الآثار الباقية من القرون الخالية"، بيد ان اناساً كالمسعودي (من القرن الرابع)، والمقدسي (من القرن الخامس)، وياقوت الحموي (من القرن السادس) يبدون موسوعية شاسعة الأبعاد، تتجاوز الهواية أو الفضول، كما تتجاوز الالتفاتة السريعة، وأكثر الذين وصلتنا رحلاتهم يقتصرون على دار الاسلام وجوارها، بيد ان ذلك ليس بالامر الغريب او ذي الدلالة السلبية، إذ كانت دار الاسلام وإشعاعاتها، شاملة لكل العالم المعمور خارج الصين وأوروبا الغربية.
                      وحتى في الصين وجد ابن بطوطة مجتمعات إسلامية مزدهرة، كما وجد آخرون في صقلية ونواحٍ أخرى من أوروبا عماراً إسلامياً، بعد انحسار السيطرة الاسلامية عن تلك الاصقاع بعد قرون.
                      ويتصل بذلك أمران اثنان: الأول مستوى "الحقيقة" فيي تلك الرحلات، والثاني ما تنم عنه مضامين الرحلات ونصوصها عن رؤية للآخر والعالم، في الأمر الاول نعرف منذ عقود ان القراءات النقدية لرحلة ماركو بولو الى الشرق والصين، أثبتت ان ما يزيد على ثلث الرحلة حافل بالأخطاء والاوهام والخيال الجامح، وقد قيل بعض ذلك عن المسعودي وابن حوقل والمقدسي وابن جبير وابن بطوطة.
                      ونعرف الآن ان ابن بطوطة وابن خلدون كتبا رحلتيهما بعد مضيّ مدة من خلودهم الى الاستقرار والراحة. ولذلك لا يستبعد وقوع الخطأ والنسيان والوهم، بيد ان هناك أدباً جغرافياً وهمياً ورحلات جغرافية وسياحية وهمية.
                      ويتضح ذلك من تسمياتها من مثل عجائب البحار، او عجائب الجزائر، أو جزائر واق العراق، ولا ندري سبب كتابتها، لكنها خيال في خيال، والقراء معجبون بها أحياناً لهذا الامر بالذات، ومع ذلك فان رحلات السندباد، الشديدة الطرافة هي من كتابة بحار بالغ المعرفة والخبرة بأحوال البحر، لكنها حافلة أيضاً بالخيال.
                      وقد تبين للباحثين والدارسين ان كتابات الرحالة لا تعتمد على مشاهداتهم وحدها، فهم جميعاً ينقلون كل ما اطّلعوا عليه لدى كتاب المسالك والممالك، كما انهم احياناً ينقلون عن الرحالة السابقين ويغفلون ذكر ذلك، باستثناء رواد البحار، لأن رحلة البحر كانت قد صارت حرفة مثل سائر الحرف وللأصناف لها شيوخها ومعلموها وربابنتها وتقاليدها ومدارسها، حيث يعتزّ التلميذ بذكر تعاليم استاذه أو شيخه أو حرفته.
                      والرحالة المسلم شديد الاحساس بالاختلاف، بل إن "جغرافية الوهم" شأنها التركيز على ما تعتبره غير طبيعي او غير عادي أو غير انساني بالمعنى المتعارف عليه لذلك، وهناك فروق في مفاهيم الاختلاف بين دار الاسلام، ومن هم خارج دار الاسلام، فالاختلاف الديني أحد أبرز ما يجري التركيز عليه، والانتباه اليه لدى من هم خارج دار الاسلام.
                      ثم إن الاختلاف الديني المستغرب لا يشمل المسيحيين واليهود، بل يتناول أتباع الديانات والمذاهب العقدية الاخرى، والاهتمام بالاختلاف لا يعني دائماً الاستنكار أو التهوين من شأن هؤلاء الآخرين، فبعكس ما يرى الدكتور أومليل في رؤية البيروني للهنود، هناك احترام عميق باعتبار ان هذا التنظيم الديني /الفلسفي الدقيق يحتضن رؤية بعيدة الغور للعالم والوجود.
                      ويأتي بعد الاختلاف الديني في الاعتبار الخصائص الجغرافية للمكان، والتي تثير العجب او الاعجاب، وأكثر ما يثير الرحالة المسلم غزارة الموارد المائية او قلتها، والبساتين والاشجار، والتضاريس الجبلية او المنبسطة.
                      والرحالة المسلم ممتلئ بالاحساس بالكمال (وليس بالتفوق) الديني والاخلاقي، ويعني ذلك أنه راضٍ عن نفسه ولا يشعر بتحد كبير نتيجة "الاختلاف" مع من هم خارج دار الإسلام أو بداخلها. ويأتي اختلاف اللون والعنصر رابعاً في اعتباره بعد الدين والبيئة الطبيعية والعادات والاخلاق.
                      والرحالة - شأنهم في ذلك شأن الجغرافيين - منقسمون في علّة ذلك، أي اختلاف الالوان، فمنهم من يعود فيه الى الرؤية التوراتية لأولاد نوح: سام وحام ويافت، ومنهم من ينسبه الى البيئة الطبيعية، وتغير الطقس او استمراره في المكان والزمان.
                      والمكان لدى الرحالة والجغرافي هو ثورة الاهتمام" في حين ينتبه الفلكي أو نصير الجغرافية الرياضية للزمان وتقسيماته البطلمية والأرسطية والفارسية والهندية.
                      وقد كان هناك جدل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، بين برنارد لويس من جهة، وغرنوت روثر وطلال أسد وبرايان تيرنر وآخرين من جهة ثانية حول اللون والجنس في الثقافة العربية، وما كان معروفاً وقتها عن الكتابات التراثية حول هذه المسائل غير تأملات الجاحظ وابن حسّول، ومواريث التوراة. ومسألة اللون عند العرب شديدة الإشكال، ولا علاقة لها بالأصل الاثني، فالبياض على رسمات السادة، لكنه يوحي ايضاً بأن الأم ليست عربية.
                      والسيد العربي الخالص هو "الأخضر" أي الذي يلمع من شدة سواده! والسواد هو المنطقة التي تؤدي الى شط العرب، وسماها العرب كذلك لشدة خضرتها.
                      ولا يعتبر الرحالة العربي ان له فضيلة على المختلف معه لوناً وعنصراً، بل يرى الفضيلة في الدين والخلق والتعامل بين الناس، وتأتي المرتبة الثانية بين الفضائل في عادات وأعراف النكاح والطعام ولباس النساء والرجال.
                      المصدر


                      د. أبو شامة المغربي

                      kalimates@maktoob.com

                      تعليق

                      • أبو شامة المغربي
                        السندباد
                        • Feb 2006
                        • 16639

                        رد : أدب الرحـــــــلة ...

                        رحلة ابن بطوطة

                        المؤلف:

                        عدد الاجزاء: 1

                        سنة النشر: 1997
                        الطبعة رقم: 1
                        الناشر: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع
                        عدد الصفحات: 752
                        القياس: 25cm x 17cm
                        الغلاف: تجليد عادي
                        رحلاته ثلاث استغرقت كلها زهاء تسع وعشرين سنة، أطولها السفرة الأولى التي لم يترك فيها ناحية من نواحي المغرب والمشرق الا زارها.
                        وأكثر ما كانت اقامته في الهند حيث تولى القضاء سنتين ثم في الصين حيث تولى القضاء سنة ونصفا فوصف كل من شاهده وعرفه فيهما من سلاطين وخواتين، وأناسي رجالا ونساء، ووصف ملابسهم وعاداتهم واخلاقهم وضيافاتهم وترتيب مآكلهم ومشاربهم، وما حدث في اثناء اقامته من حروب وغزوات وثورات وفتك بالسلاطين والامراء ورجال الدين. وكانت عاطفته الدينية تدفعه الى زيارة المساجد والزوايا فلم يترك زاوية إلا زارها ونزل ضيفا عليها حتى إنه زار من جبل سرنديب المكان الذي يقال إن فيه أثر قدم آدم أبي البشر.
                        ومهما كان من أمر فإن قصة رحلاته من أطرف القصص وأجزلها نفعا لما فيها من وصف للعادات والأخلاق، ولما فيها من فوائد تاريخية وجغرافية ومن ضبط لأسماء الرجال والنساء والمدن والأماكن.
                        يوسف أسعد داغر - من "مصادر الدراسة الأدبية" - الجزء الأول.
                        ابن بطوطة 703-779هـ/ 1304-1377م: هو الجغرافي شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن عبد الله، بن ابراهيم الطنجي، رحالة ومؤرخ شهير.
                        ولد ونشأ في طنجة، ثم خرج منها، وهو ابن 22 سنة، بداعي الحج، فطاف في رحلات ثلاث، معظم بلدان العالم المعروف إذاك، وجاب في رحلة أولى (1325-1249) المغرب ومصر، والشام والحجاز، والعراق وفارس وآسيا الصغرى واليمن، والبحرين وتركستان، وما وراء النهر، وبعض الهند والصين، وجاوا وبلاد التتر. ثم قام برحلة ثانية إلى الأندلس(1350-1351) فطاف بجبل طارق وملقة وغرناطة.
                        وزار في رحلة ثالثة مجاهيل إفريقيا المتوسطة (1352-1354) متجولاً في بلاد السودان إلى أن وصل تنبكتو في أقصى الجنوب.
                        وقد اتصل في هذه الأسفار بالملوك والأمراء فنال منهم الاكرام حتى انه عين قاضياً لسلطان دهلي محمد شاه، ثم سفيراً له لدى ملك الصين.
                        وتقرب بعد رحلته الثالثة من سلطان مراكش: أبي عنان المريني، وأقام في حاشيته، فاجزل له العطاء، وتقدم إليه السلطان بكتابة المشاهد العديدة والعجائب والغرائب التي شاهدها في أسفاره. فأملاها ابن بطوطة على كاتب السلطان الأديب محمد جزي الكلبي الذي انتهى من كتابتها في أوائل 1356م.
                        احتذى ابن بطوطة في رحلته هذه، حذو من تقدمه من الرحالة المسلمين الذين سبقوه إلى الطواف في الأرض والتعرف إلى خططها ومسالكها ووصف ما لقوه فيها من عجائب المخلوقات، منهم في القرن العاشر، مثلاً: ابن خرداذبه912؛ واليعقوبي، وقدامة922، والبلخي934؛ وابن جوقل981؛ وأبو دلف بن مهلهل، والمسعودي 957.
                        ومنهم في القرن الحادي عشر: أبو الريحان البيروني 1049؛ وأبو عبيد البكري الأندلسي 1094؛ ومنهم في القرن الثالث عشر، ابن جبير 1217؛ وابن سعيد 1274.
                        أثره: وقد خلف لنا ابن بطوطه وصف هذه الرحلة في كتاب عنوانه: "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار". وهو كتاب جم الفائدة بما فيه من وصف رحلته انتجت للعلم وللعالم معلومات لا تقدر وعادت على الجغرافيا بكنوز لا تثمن من الإفادات والمعلومات.


                        د. أبو شامة المغربي


                        تعليق

                        • أبو شامة المغربي
                          السندباد
                          • Feb 2006
                          • 16639

                          رد : أدب الرحـــــــلة ...

                          تحقيق: عبد الله محمد الحبشي، وإبراهيم السامرائي
                          عدد الأجزاء:1، سنة النشر: 1993، الطبعة رقم:1، الناشر: دار الغرب الإسلامي.



                          د. أبو شامة المغربي


                          تعليق

                          • أبو شامة المغربي
                            السندباد
                            • Feb 2006
                            • 16639

                            رد : أدب الرحـــــــلة ...

                            رحلة "ابن فضلان"
                            بين الرسالة والذوبان
                            أحد عشر قرنا من الزمان وما زال الالتباس والادعاء يكتنفان واحدة من أهم رحلات الحوار الحضاري في العصور الوسطى، ففي عام 921 ميلادية (309هـ) خرجت من بغداد -عاصمة النور آنذاك- بعثة دينية سياسية بتكليف من الخليفة العباسي "المقتدر بالله" إلى قلب القارة الآسيوية فى مكان عُرف وقتها باسم "أرض الصقالبة"؛ تلبية لطلب ملكهم في التعريف بالدين الإسلامي، عله يجد إجابة للسؤال المثار وقتها "كيف استطاع ذلك الدين الآتي من قلب الصحراء أن يكوِّن تلك الإمبراطورية الضخمة التى لم تضاهها سوى إمبراطورية الإسكندر المقدوني؟ وفي بغداد كان أعضاء البعثة يرتبون أوراقهم بين فقيه ورجل دولة ومؤرخ، وفي مقدمتهم كان الرجل الموسوعي أحمد بن فضلان.
                            إقرأ في ذات الموضوع على الرابط التالي:
                            د. أبو شامة المغربي


                            تعليق

                            • أبو شامة المغربي
                              السندباد
                              • Feb 2006
                              • 16639

                              رد : أدب الرحـــــــلة ...

                              يوليوس أويتنج
                              إصدارات دارة الملك عبد العزيز
                              الطبعة رقم: 1
                              هذا الكتاب هو الترجمة العربية عن رحلة قام بها المستشرق الألماني يوليوس أويتنج إلى شمال الجزيرة العربية عام 1883-1884 التي تمكن خلالها من زيارة مناطق عديدة في تلك الناحية وينقل من خلالها صورة اتسمت بدقة الملاحظة وعمق الرؤيا عن الأوضاع الإجتماعبة والإقتصادية السائدة فيها آنذاك، إضافة إلى معلومات نادرة عن تاريخ وجغرافية تلك البلاد وأحوالها السياسية.



                              د. أبو شامة المغربي


                              تعليق

                              • أبو شامة المغربي
                                السندباد
                                • Feb 2006
                                • 16639

                                رد : أدب الرحـــــــلة ...

                                (صورة الصحراء العربية في كتابات الرحالة و المستشرقين الفرنسيين)
                                تأليف:
                                مي عبد الكريم محمود
                                الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع
                                يتحدث هذا الكتاب عن الرحالة الذين استقروا في القرن التاسع عشر حول الصحراء وما يتاخمها من المدن العربية الكبرى مثل: إستنبول، القاهرة، بغداد، دمشق، القدس... إلى آخره، فقد كان أكثرهم في القرون السالفة للقرن التاسع عشر يطوفون مع القوافل التي تجوب الصحارى العربية دون دليل أو نقطة محددة يرمون الوصول إليها، إنما الصدفة هي التي تقودهم في تتبع طرق مختلفة، ومسارب متنوعة من المجاهل الشرقية، وهنالك العديد من القصص والحكايات والمذكرات التي تدور عن الرحالة الذين يظلون الطريق أو الذين يضيعون في الصحارى والجبال، وهذا هو ما يجعل الرحالة مكتشفا لمجاهل عديدة، لولا الصدفة ما كان له الحصول عليها، إنه نوع من الاكتشاف العلمي الذي يقع على الخط النقيض من الرحلة الأدبية الرومانطيقية رحلات لامارتين، وشاتوبريان، وبيير لوتي، وفوربان، وفوغويه، وفلوبير، ودو غاسباران، ذلك لأن الأدباء الرومانطيقيين في القرن التاسع عشر كانوا يزورون المناطق ذاتها، والأماكن ذاتها، فتوفرت لدينا مجموعة هائلة من الملاحظات المختلفة عن الصحراء والبدوي وحياة البادية التي تخص رحالة مختلفين، لكنها تدور في أماكن واحدة وتنهل من مراجع واحدة.
                                د. أبو شامة المغربي


                                تعليق

                                يعمل...