الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

أدب الرحـــــــلة ...

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أبو شامة المغربي
    السندباد
    • Feb 2006
    • 16639

    رد : أدب الرحـــــــلة ...

    رســــــــــــــــــــــــالة
    ابن فضلان
    في وصف الرحلة
    إلى بلاد
    الترك والخزر والروس والصقالبة
    لتحميل الرسالة على الرابط التالي:



    د. أبو شامة المغربي


    تعليق

    • أبو شامة المغربي
      السندباد
      • Feb 2006
      • 16639

      رد : أدب الرحـــــــلة ...

      سورة قريش
      صدق الله العظيم، وبلغ رسوله المصطفى الأمين
      وقوله: رحلة الشتاء والصيف يقول: رحلة قريش الرحلتين، إحداهما إلى الشام في الصيف، والأخرى إلى اليمن في الشتاء.

      حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله رحلة الشتاء والصيف قال: كانت لهم رحلتان: الصيف إلى الشام، والشتاء إلى اليمن في التجارة، إذا كان الشتاء امتنع الشام منهم لمكان الربد، وكانت رحلتهم في الشتاء إلى اليمن.
      حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان رحلة الشتاء والصيف قال: كانوا تجاراً.
      حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: حدثنا ابن ثور عن معمر، عن الكلبي رحلة الشتاء والصيف قال: كانت لهم رحلتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة في الصيف إلى الشام.
      حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي الغيرة قال: حدثني أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس إيلافهم رحلة الشتاء والصيف قال كانوا يشتون ببكة، ويصيفون بالطائف.
      وقوله: فليعبدوا رب هذا البيت يقول: فليقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة، وليعبدوا رب هذا البيت: يعني بالبيت: الكعبة.
      كما حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، أن عر بن الخطاب رضي الله عنه، صلى المغرب ببكة، فقرأ لإيلاف قريش فلما انتهى إلى قوله: فليعبدوا رب هذا البيت أشار بيده إلى البيت.
      حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله فليعبدوا رب هذا البيت قال: الكعبة.
      وقال بعضهم: أروا أن يألفوا عبادة رب مكة كإلفهم الرحلتين.
      ذكر من قال ذلك:
      حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا مروان، عن عاصم الأحول، عن عكرمة عن ابن عباس، في قوله الله لإيلاف قريش قال: أمروا أن يألفوا عبادة رب هذا البيت، كإلفهم رحلة الشتاء والصيف.
      د. أبو شامة المغربي

      التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي; 01-05-2007, 10:42 PM.

      تعليق

      • أبو شامة المغربي
        السندباد
        • Feb 2006
        • 16639

        رد : أدب الرحـــــــلة ...

        عنوان المادة:
        كُتب رحلات العلماء إلى الحج
        المحاضر
        عبد الكريم بن عبد الله الخضير
        مكان البث
        تاريخ البث
        20-11-1426هـ
        للحفظ والإستماع على الروابط التالية:
        (1)
        (2)
        (3)
        د. أبو شامة المغربي


        تعليق

        • أبو شامة المغربي
          السندباد
          • Feb 2006
          • 16639

          رد : أدب الرحـــــــلة ...

          رحلات العلماء ودورها في حفظ الحديث
          نشطت حركة الفتح الإسلامي بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، واتسعت رقعة الدولة الإسلامية اتساعاً عظيماً، تحقيقاً لوعد الله بالتمكين لعباده المؤمنين، وتبع ذلك التوسع تجدد الحوادث والقضايا التي تعرض للناس، وتحتاج إلى بيان حكم الله ورسوله فيها، فانتشر الصحابة - رضي الله عنهم - في الآفاق ينشرون دين الله، ويبلغون أحاديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يكن هناك من سبيل لمعرفة حديث الصحابة، إلا بالرحلة إليهم والأخذ عنهم، فنشطت الرحلة، وتنقل العلماء من قُطر إلى قُطر، ومن بلد إلى بلد، طلباً لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، محتملين في سبيل ذلك ما يلقونه من تعب ومشقة.
          وكان لهذه الرحلات أعظم الأثر في حفظ السنة وتمحيصها وجمعها وانتشارها، فالراوي يرى من يروي عنه، ويطلع على سيرته وأحواله عن كثب، ويسأل عنه أهل بلده، فيعرف قوته من ضعفه، فضلاً عن الفوائد الأخرى للرحلة، من معرفة الطرق المتعددة للحديث الواحد، وسماع الراوي من علماء البلد الذي رحل إليه زيادات لم يسمعها من علماء بلده، ومعرفة أسباب ورود الحديث حين يلقى من سمعه مِن النبي، صلى الله عليه وسلم، أو أفتاه أو قضى له به، وتحصيل علو الإسناد بالوصول إلى أخصر طريق لهذا الحديث، ووقوع المناظرات والمذاكرات بين العلماء والمحدثين حول طرق الأحاديث ورواياتها، لمعرفة القوي من الضعيف، إلى غير ذلك من الفوائد الجليلة للرحلة.
          ونظرة سريعة في تراجم الرواة تدلنا على مدى المشاق والصعوبات التي لقيها هؤلاء الأئمة واستعذبوها في سبيل حفظ السنة وسماع أحاديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من منابعها الصحيحة ومصادرها الأصلية، مما ترتب عليه شيوع رواية الحديث بين العلماء في الأقطار المختلفة، فبعد أن كان المصري مثلا يتحمل الحديث ويرويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ممن نزل مصر أصبح يروي الحديث عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عباس وجابر وغيرهم من الصحابة، وبعد أن كان الحديث يقع للرواي من طريق واحد أصبح يرويه من طرق عديدة، وبعد أن كانت بعض البلدان أكثر حظاً بالحديث وحملته كالمدينة مثلاً، أصبحت البلدان الأخرى تتمتع برواية الحديث والعمل به في أحكامها وقضاياها وعباداتها ومعاملاتها، كل ذلك نتيجة ارتحال العلماء من بلد إلى بلد في طلب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأينا الصحابي يرحل من المدينة - التي هي بلد رسول الله وملاذ الحديث - إلى مصر في طلب حديث سمعه آخرُ من النبي - صلى الله عليه وسلم.
          وأخبار العلماء ورحلاتهم في ذلك كثيرة يضيق المقام بذكرها، ولا ينقضي العجب منها، وحسبنا أن نشير إلى شيء منها لنعرف عظم الجهود التي بذلها أسلافنا في جمع الحديث النبوي وحفظه وصيانته، فهذا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل من المدينة إلى مصر ليسأل عقبة بن عامرعن حديث سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدم قال له: حدِّثْنا ما سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في ستر المسلم، لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك، فلما حدَّثه ركب أبو أيوب راحلته وانصرف عائداً إلى المدينة، وما حلَّ رحله.
          وهذا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه بلغه حديثٌ عن صحابي بالشام سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعظم أن يفوته شيء من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشترى بعيرا وشد عليه رحله، وسافر مسيرة شهر حتى قدم الشام، فإذا هو عبد الله بن أنيس فقال له: "حديثٌ بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القصاص، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يُحشر الناس يوم القيامة - أو قال العباد - عراة غرلا بُهْما .....) وذكر الحديث.
          ومن بعد الصحابة سار التابعون على هذا المنوال، فكان أحدهم يخرج من بلده لا يُخْرجه إلا حديث عن صحابي يريد أن يسمعه منه مباشرة بدون واسطة، يقول أبو العالية: " كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم"، ويقول سعيد بن المسيب رحمه الله: "إن كنت لأسافر مسيرة الأيام والليالي في الحديث الواحد".
          وحدَّث الشعبي رجلاً بحديث فلما انتهى من رواية الحديث قال له: "خذها بغير شيء قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة".
          واستمر شأن العلماء على ذلك فيما بعد، حتى أصبحت الرحلة من ضرورات التحصيل، ومن أهم ما يتميز به المبرِّز في هذا العلم عن غيره، ولذلك لما سئل الإمام أحمد عن طالب العلم، هل يلزم رجلاً عنده علم فيكتب عنه أو يرحل إلى المواضع التي فيها العلم فيسمع منهم؟ أجاب بقوله: يرحل ويكتب عن الكوفيين والبصريين وأهل المدينة ومكة، ويشام الناس ويسمع منهم" - ويشام بمعنى يختبر.
          وقال يحي بن معين: " أربعة لا تؤنِس منهم رشداً، وذكر منهم رجلاً يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث".
          فهذه الأمثلة وغيرها تبين لنا شيئاً يسيراً مما بذله الأئمة من جهد دؤوب وعمل متواصل في أسفارهم ورحلاتهم تتبعاً للأحاديث وجمعها وتمحيصها، وهو يدل على الحرص الشديد والعناية البالغة بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أيضا من التسخير الإلهي الذي حفظ الله به دينه وشرعه، حيث جعل من هؤلاء الأئمة أوعية لحمل سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ورزقهم من الصفات التي مكنتهم من حفظها وصيانتها، فلم يصلنا الحديث النبوي إلا بعد أن خدمه الصحابة والتابعون والعلماء، وأوقفوا عليه حياتهم، فجزاهم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء.
          د. أبو شامة المغربي


          تعليق

          • أبو شامة المغربي
            السندباد
            • Feb 2006
            • 16639

            رد : أدب الرحـــــــلة ...





            الصورة في كتابات
            فريا ستارك
            ارتبط أدب الرحلات، الواقعي والخيالي، في أحد أبعاده، بالبحث عن الغرائبي، الخارق والعجيب، فجزء كبير من القيمة الفنية لكتابات ابن بطوطة أوماركو بولو، أولحكايات السندباد أو (الأوديسة) يكمن أساساً في تصويرها الدقيق للمناظر العجيبة التي شاهدها الرواة خلال سفرهم.
            ومنذ القرون الوسطى شرع بعض النسّاخين الفنانين - وليس المؤلفين- في تزيين الكتب برسوم تحاول التعبير عن محتوى النص.
            وفي القرن الثامن عشر أصبح للرسوم دور إيضاحي مهم في كثير من الكتب، لاسيما في دوائر المعارف، فمنذ ذلك الحين من النادر أن يُنشر كتاب له علاقة بأدب الرحلات لا يحتوي على بعض الرسوم.
            ولاشك أن الهدف من تلك الرسوم التي يقوم بها في الغالب فنانون لحساب دار النشر، والتي تسعى إلى تجسيد الجانب الغرائبي في النص وتقريبه من خيال القارئ، كان جذب أكبر عدد ممكن من القراء.
            ومع ذلك لم تكن تلك الرسوم قادرة على إقناع القارئ بصحة ما ينقله له الرحالة من مشاهد، فكثيراً ما شكك العلماء في الحقائق التي ضمنها الرحالة والمستكشفون كتبهم، وذلك لعدم وجود دليل ملموس يثبت أقوالهم.
            هكذا لم تحظى كتابات (فريده)، أول مستكشف أوروبي يصل إلى وادي حضرموت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، مثلاً، بأي مصداقية بين الأوساط العلمية في أوروبا، ولهذا كان للصورة (photograph) قيمة توثيقية مهمة في نصوص المستكشفين وكتب أدب الرحلات وذلك منذ انتشار فن التصوير في القرن التاسع عشر، أي حتى قبل أن تصبح الصورة منافسة فعلية للكلمة المكتوبة في كثير من وسائل الإعلام.
            من أشهر الغربيين الذين زاروا حضرموت خلال القرن العشرين الرحالة الإنجليزية فريا ستارك (1893-1993)، التي ألفت أكثر من ثلاثين كتاباً سردت فيها الرحلات التي قامت بها إلى مختلف أقطار الشرق الأوسط بين سنة 1927 وسنة 1983. واليوم تُعد تلك الكتب من أروع ما ألِّف في أدب الرحلات باللغة الإنجليزية.
            في أربعة منها: (البوابات الجنوبية لشبه الجزيرة العربية The Southern Gates of Arabia) و (شتاء في شبه الجزيرة العربية Winter In Arabia) و(ساحل البخور The Coast of Incense) و(مشاهد من حضرموت Seen in Hadhramaut) ترسم فريا ستارك صورة فريدة لحضرموت في الثلاثينات من القرن العشرين.
            ولكي تنجح في ذلك لم تكتف الرحالة الأديبة بقلمها، بل استخدمت كذلك آلة التصوير، فهي قبل رحلتها الأولى إلى حضرموت قامت بشراء LeicaIII التقطت بها نحو 6000 صورةً أصرت أن تظل جميعها باللونين الأسود والأبيض حتى بعد أن أصبحت الصور الملونة هي السائدة في الثمانينات من القرن الماضي.
            هذا وقد ضمنت فريا ستارك كل واحد من كتبها الثلاثة الأولى حول حضرموت عدداً محدوداً من الصور، أما الكتاب الرابع (مشاهد من حضرموت) الذي أرادت، هي وناشرها، أن يكون هديةً للقارئ، فقد كرسته لتقديم عددٍ كبير من الصور التقطت معظمها خلال زيارتها الثانية إلى حضرموت عندما اشتركت في بعثة تنقيب عن الآثار في معبد القمر في حريضة برفقة جرترود كاتون تومسون وإلينور جاردنر في شتاء 1937-1938.
            ويعود عدد قليل من الصور إلى زيارتها الأولى لوادي حضرموت التي قامت بها في شتاء1934 - 1935، وكان الهدف منها تتبّع طريق البخور القديم، وكانت فريا ستارك قد وصلت إلى وادي حضرموت في المرة الأولى على ظهر الحمار، أما في المرة الثانية - سنة 1937- فقد جاءت بالسيارة.
            وقد رسّخ التغيير الكبير الذي لمسته في وادي حضرموت لديها شعوراً بأن تلك الأرض خرجت نهائياً من عداد البلاد المجهولة، لذا فهي تؤكد في مقدمة كتابها (مشاهد من حضرموت) أن الهدف من الصور التي ضمنتها ذلك الكتاب هو"أن تذكرنا بعالم شديد التجانس وموغل في القدم وكثير العزلة وجميل جداً، والذي من المحتمل أن يختفي من عالمنا تماماً...هذه الصور ستحفظ قليلاً مما سيصبح قريباً مجرد ذكرى للماضي".
            وبالإضافة إلى تلك القيمة التوثيقية التاريخية تحتوي صور فريا ستارك على أبعاد جمالية فريدة، فالرحالة التقطت تلك الصور التي تبرز جمال الطبيعة والمباني في وادي حضرموت بالإضافة إلى جوانب عدة من الحياة فيه، بعين فنان.
            ولا شك أن فريا ستارك تدرك تماماً تلك القيمة الجمالية لصورها؛ حيث تكتب في مقدمة الكتاب: "إن الصور أشياء جميلة أو هكذا يجب أن تكون، وتكمن روعة جمالها في أن كل شخص يفكر فيها بالطريقة التي تحلو له.
            وهذا هو السبب في أننا نكره عادة أولئك الذين يهذرون على أسماعنا بالحقائق والأرقام في معارض الصور في أوروبا"، وإذا كانت الصور الكثيرة التي التقطتها فريا ستارك خلال رحلاتها من أروع "صور الرحلات"، فهي في الحقيقة قد بذلت جهداً كبيراً في سبيل إنجاحها.
            ويمكن أن نلمس ذلك الاهتمام مثلاً في الرسالة التي بعثتها إلى صديقتها فينيسيا بودكوم في 20 مايو 1934، قبيل سفرها إلى حضرموت، والتي تقول فيها: "أنا ذاهبة إلى البندقية لأجري محادثة مع وكيل شركة Leica، فأنا لا أعرف ماذا علي أن أفعل بشأن العدسات والأشياء الأخرى، وأريد كذلك أن أتعرف على نتائج استخدام الإضاءة الكهربائية؛ فهناك رجل لديه معدات من هذا النوع ويمكن أن يعيرني إياها مقابل أجر يومي ... أعتقد أنني سأصبح خبيرة في استخدام الـ Leica في نهاية هذا الصيف".
            وتجدر الإشارة كذلك إلى أنّ مشروع فريا ستارك التصويري يتميّز كثيراً عن مشاريع السفر الفوتوغرافية التي سبقته، فصورها السوداء والبيضاء التي تعتمد كثيراً على المزاوجة بين الظل والضوء، تجسّد أسلوباً جديداً لتقديم الآخر، وذلك من خلال رصد نظرته المنبهرة بالرحالة- حامل آلة التصوير.
            هذا ما نلمحه مثلاً في كثير من الصور التي التقطتها فريا ستارك للأفراد والحشود والتي تنتقل فيها بؤرة الرؤية من نظرة الرحالة الأجنبي/المشاهد إلى نظرة السكان المحليين.
            وبسبب تلك الأبعاد التوثيقية والجمالية الاستثنائية التي تحتويها صور فريا ستارك كُرست لها معارض عدة في مناطق مختلفة من العالم آخرها المعرض الذي تنظمه كلية ماجدالين في أكسفورد
            (Magdalen College, Oxford) منذ مطلع هذا العام، والذي تُقدّم فيه مجموعة من الصور التي التقطتها فريا ستارك في حضرموت.
            وقد تمّ اختيار تلك المجموعة من أرشيف كلية سانت-أنتوني، التي أنشاها في أكسفورد تاجر عدن الشهير "أنتونين بس"، ويضم ذلك الأرشيف معظم صور فريا ستارك، ونقترح هنا أن يتم التنسيق بين وزارة الثقافة والسياحة اليمنية والـ British Council في صنعاء وأرشيف كلية سانت-أنتوني لإقامة معرض دائم لمجموعة من صور فريا ستارك في قصر سيؤن حيث يوجد حاليا معرض آخر للصور التي التقطها الرحالة الهولندي فان دن ميولن في حضرموت.
            وأخيراً نؤكد أن إقدام دار جامعة عدن للطباعة والنشر - في مطلع هذا العام - على إصدار أوّل نسخة عربية لكتاب (مشاهد من حضرموت) الذي يتكوّن أساساً من الصوّر يعدُّ تحدياً حقيقياً يبرهن على المستوى الرفيع الذي ارتقى إليه هذا الدار خلال السنوات الخمس الماضية.
            المصدر


            د. أبو شامة المغربي

            kalimates@maktoob.com

            تعليق

            • أبو شامة المغربي
              السندباد
              • Feb 2006
              • 16639

              رد : أدب الرحـــــــلة ...

              عـــدن في كتابات الرحالة الفرنسيين
              منذ بداية عصر النهضة الأوروبية في القرن الميلادي الخامس عشر، شرع الفرنسيون، مثل غيرهم من الأوروبيين، في السفر داخل القارة الأوروبية وخارجها، واتجه جزء منهم غرباً صوب الأمريكتين، بينما فضّل بعضهم الإبحار في اتجاه الشرق، لا سيما إلى البلدان التي تطل على السواحل الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ومنهم من واصل السفر في اتجاه الشرق
              الأقصى، ومن بين هؤلاء من توقف في عــدن.
              فعــدن، التي جاء ذكرها في الإنجيل، تحظى بمكانة خاصة في مخيلة الفرنسيين، وزاد من أهميتها موقعها في طريق التجارة بين الغرب والهند والصين.
              ولاشك أنّ احتدام الصراع الاستعماري بين فرنسا وبريطانيا في مطلع القرن التاسع عشر قد أكسب عدن أهمية أكبر؛ حتى أن الرحالة الفرنسي لويس سيمونان أطلق عليها: "جبل طارق البحر الأحمر"، كما أنّ عدن، بعد أن احتلها البريطانيون سنة 1839، صارت بالنسبة للرحالة والمستكشفين والمبشرين الفرنسيين نقطة انطلاق نحو الجزء الشرقي من القارة الأفريقية.
              لهذا يرى الدكتور مسعود عمشوش، أستاذ الأدب المقارن في جامعة عدن، أن الرحالة الفرنسيين، سواء كانوا مستكشفين أو كتاباً أو دبلوماسيين أو تجاراً أو باحثين أو مغامرين أو صحفيين أو سيّاحاً، هم أكثر من كتبوا عن عدن، فمنهم من وصفها في رسائله أو مذكراته، ومنهم من كرس لها دراسة أو كتاباً كاملاً.
              فبدءاً بكلود موريسو وسامسون في القرن السابع عشر، ومروراً ببول نيزان مؤلف "عدن العربية"، وحتى إريك مرسيه مؤلف "عدن: مسار مقطوع" 1997، وجوزيه ماري- بل صاحب "عدن الميناء الأسطوري لليمن" 1998، وجان- هوغ بيرو جان- جاك لفرير وبيير لروا الذين نشروا في مطلع سنة 2001 كتابا عن "رامبو في عدن"، ما زالت عدن تحظى باهتمام كبير.


              د. أبو شامة المغربي


              تعليق

              • أبو شامة المغربي
                السندباد
                • Feb 2006
                • 16639

                رد : أدب الرحـــــــلة ...

                "رحلة جاوا الجميلة"
                الدكتور
                مسعود عمشوش
                كانت حضرموت واليمن بشكل عام، وعلى مر العصور، محط أنظار "الآخر" الأجنبي، سواء كان مستعمرًا غازيًا، أو مستكشفًا باحثًا، أو تاجرًا أو سائحًا، وكما هو معلوم كثيرةٌ هي تلك الكتب والدراسات التي ألفها الرحّالة الأجانب عن اليمن.
                وبالمقابل، كان اليمنيون أنفسهم، لاسيما أبناء حضرموت، يميلون إلى حياة الترحال والاتصال بالآخر، والتثاقف معه، وربما الانصهار في بوتقته، كما حدث في إندونيسيا وشرق آسيا وجزر القمر وسواحل شرق أفريقيا.
                وإذا كان معظم الحضارم يترك وطنه في الغالب للبحث عن لقمة العيش، فقد حمل عدد منهم عصا الترحال بهدف زيارة بعض المناطق التاريخية أو المقدّسة كمصرَ والعراق وفلسطين وتركيا، وأحيانًا لمجرد التعرف على بلاد "الآخر"، لاسيما إذا كانت مشهورة بطبيعتها الجميلة.
                وقام عددٌ من هؤلاء الحضارم بتدوين رحلاتهم، وتجدر الإشارة إلى أن الباحث عبد الله الحبشي قد كرّس الجزء الأكبر من كتابه (الرحالة اليمنيون: رحلاتهم شرقًا وغربًا) للرحالة الحضارم.
                ولا ريب أنّ الأديب والمؤرخ صالح بن علي الحامد، الذي نحتفل هذا العام بالذكرى المئوية لميلاده، من أبرز هؤلاء الرحالة، فمن المعروف أنّ مؤلف دواوين (نسمات الربيع، وليالي المصيف وعلى شاطئ الحياة)، ومؤلف كتاب (تاريخ حضرموت) قد قضى بضع سنوات من عمره في جزيرة سنغافورة، ومنها قام بثلاث زيارات قصيرة إلى جزيرة جاوا، وقد أراد الأديب الحامد أن يعطي لرحلته الثالثة - التي بدأها في أكتوبر 1935م – بُعدًا علميًا استكشافيًا وبُعدًا أدبيًا حيث قام بتدوينها.
                وفي نهاية العام الماضي قام مركز تريم للدراسات والنشر بإصدار رحلة صالح بن علي الحامد إلى جاوا، وكان اتحاد الفنانين اليمنيين – فرع سيئون قد نشر (رحلة جاوا الجميلة) بالاستنسل سنة 1995م، كما قام الباحث عبد الله الحبشي بنشر 20 صفحة منها في كتابه (الرحالة اليمنيون) سنة 1989م.
                في بداية النص يبرّر المؤلف إقدامه على تدوين رحلته بأهمية جاوا وشهرتها وجمال طبيعتها، فهو يؤكد على "شأن جزر الهند الشرقية الهولندية، ومكانتها في العالم، وما أتاها الله من حُسن الموقع وخصوبة التربة وجمال المنظر، حتى أصبحت من أهم بقاع الدنيا وأشهرها".
                ويذكّر أيضًا بمكانة جاوا "السامية جدًا" في نظر الحضارم لكونها أصبحت وطنًا ثانيًا لهم يحتوي على عشرات الألوف من الناطقين بالضاد، وممن كانوا هم وآباؤهم من قاطني حضرموت، هذا عدا كونها أصبحت منبع ثروة الحضرمي ومصدر موارده، بحيث غدا مركز حضرموت المالي متعلقًا تعلقًا تامًا بجاوا، ويتأثر به قوة وضعفًا ورقيًا وانحطاطًا".
                ويتكوّن متن (رحلة جاوا الجميلة) من أربعة عناصر متداخلة: يتضمن الأول منها تقديماً بحثياً علمياً للجزيرة، ويتكوّن العنصر الثاني من الرصد الزماني والمكاني للرحلة، بينما يحتوي العنصر الثالث على وصف المشاهد الطبيعية، أما الجزء الرابع والأوسع فهو عبارة عن تقديم لعددٍ كبيرٍ من "الشخصيات البارزة" التي التقى بها المؤلف في أثناء رحلته.
                يقع الجانب العلمي من الرحلة في ثلاثين صفحة (من مجموع 225 صفحة) يتحدث المؤلف فيها عن اسم جاوا في الماضي والحاضر، وعن موقعها ومناخها وتاريخها، وسكانها وطباعهم ولغاتهم، وعن الحكومة ونظام التعليم والزراعة والمواصلات.
                في هذا الجزء يتناول المؤلف كذلك هجرة الحضارم إلى جاوا ودخول الأوروبيين إليها، ونعتقد أنّ الصفحات الثمان المكرّسة لدخول الإسلام إلى جاوا – التي تحتوي أساسًا على ملاحظات حول ما كتبه شكيب أرسلان عن كتاب فان دن بيرخ (حضرموت والمستوطنات العربية الأرخبيل الهندي)، وكتاب بيار غوناند (الاستعمار الهولندي لجاوا)، لا تكفي لتبرير تطويل عنوان الرحلة وجعله: (رحلة جاوا الجميلة وقصة دخول الإسلام إلى شرق آسيا، كما ورد في طبعة مركز تريم للدراسات والنشر.
                وإذا كان العنصر السردي الزماني في رحلة الحامد ليس مهمًا، فالعنصر المكاني يكتسب – بالمقابل – أهمية كبيرة: فالمؤلف عادةً ما يبدأ بتقديم وافٍ ومتعدد الجوانب – جغرافي، تاريخي، سياسي، اجتماعي – للمدينة أو القرية التي يصلها وذلك بأسلوب علمي رصين لا يعوزه الجمال.
                فعندما يصل الحامد إلى باتافيا مثلاً، يكتب: "وباتافيا عاصمة جاوا بل وسائر جزائر الهند الشرقية الهولندية، وتقع على نهر سيليوغ، وهي عبارة عن مجموعة من القرى متجمعة، وتخطيطها وهندسة أبنيتها في الغالب على النمط الهولندي، وتحتوي على مبانٍ في غاية الفخامة... وباتافيا مركز مهم لتصدير المطاط والشاي والعقاقير الطبية، وبها مكاتب وإدارات للشركات المختلفة، والبيوت المالية، وكان موضعها في العهد البوذي يسمى (سنوا كلافا).. ثمّ بعد إسلام سلطنة بانتام سماها مولا هداية الله (جاكرتا)"
                كما أنّ ذلك العنصر المكاني عادة ما يكون فرصة يستخدمها المؤلف لتقديم واحدة أو أكثر من (الشخصيات البارزة)، التي يقابلها في إحدى المدن أو القرى، ومن الملاحظ أن معظم تلك الشخصيات من وجهاء الحضارم في الأرخبيل الهندي وحضرموت، وجلهم من بين مضيفيه العلويين.
                ومع ذلك فهو ينتهز مناسبة حلول آخر أيام عام 1935م، ليقدّم لنا في خمس صفحات الأستاذ رشيد رضا صاحب مجلة (المنار)، والشاعر العراقي عبد المحسن الكاظمي، لا لشيءٍ إلا لأنّهما توفيا في ذلك العام.
                ولرصد جمال المشاهد الطبيعية والإنسانية لا يكتفي الشاعر صالح بن علي الحامد بقلمه فقط، بل يستخدم كذلك آلة التصوير التي لم تفارقه طوال الرحلة.
                ومن اللافت أنّ الشاعر الذي كثيرًا ما عبّر عن غرامه بسحر الطبيعة الجاوية في قصائده، لم يتردد أيضًا في البحث عن الجمال في المتاحف والمعابد التي زارها وأعجب بها ووصف ما تحتويه من تماثيل وراهبات بعيدًا عن أي تعصب، وقد ضمّن الناشر الكتاب عددًا من الصور التي ألتقطها الحامد في أثناء رحلته، ومن بينها صورة لأحد المعابد البوذية.
                بالإضافة إلى ذلك، تتضمّن (رحلة جاوا الجميلة) عددًا من المعلومات السوسيولجية حول طباع العرب الحضارم والسكان المحليين وعاداتهم، فالنسبة للحضارم، يصوّر المؤلف بشكل دقيق احتفالاتهم، ومراسيم الزواج الخاصة بهم، ولا يخفي استيائه من عدم إحضارهم لزوجاتهم من حضرموت، ومن إقدامهم على إبعاد أبنائهم وبناتهم من أمهاتهم المحليات.
                وفي ما يتعلّق بالسكان المحليين تأخذ تلك المعلومات طابعًا أنتروبولوجيًا يمكن أنْ نلمسه مثلاً من خلال وصف المؤلف لسكان جزيرة بالي المحاذية لجاوا، فهو يقدّمهم قائلاً: "والباليون عُراة الظهور والصدور، لا يلبسون غير الأزر لا سيما النساء؛ فهنّ يأنفن من ستر أجسامهن حرصًا على التقاليد التي يبالغون في التعصب على إتباعها على الرغم من قربهم من جاوا، فهم ما زالوا على حالة القرون الوسطى، إذ لم تؤثر عليهم المدنية بشيء.
                ... وفي نهاية هذا التقديم نؤكد أنّ الشاعر الرحالة صالح بن علي الحامد قد استخدم في تحرير رحلته أسلوبًا أدبيًا حديثًا يندر أن نجده في النصوص النثرية اليمنية الأخرى التي كتبت حينذاك أي في الثلاثينات من القرن الماضي.
                ولاشك أنّ الباحث عبد الله الحبشي محقٌ عندما كتب أنّ "رحلة الأديب اليمني الكبير صالح بن علي الحامد من الرحلات الأدبية القيمة، وهي تتميز بالجمع بين الأسلوب الوصفي الحديث وبين جمال التعبير، وإشراق البيان، ولا غرابة في ذلك فكاتبها أحد الأدباء والكبار، الذين قالوا الشعر الحديث، وجاروا فيه أصحاب المدرسة الحديثة في مصرَ والشام، ورحالتنا هو الرائد لهذا النوع من الأدب في اليمن، وتكاد رحلته إلى جاوا تكون الرحلة الوحيدة التي خطها يراع أديب يمني متمرس بفن الكتابة، ولذا فهي تنفرد عن زميلاتها بميزات لا نجدها في غيرها".
                د. أبو شامة المغربي


                تعليق

                • أبو شامة المغربي
                  السندباد
                  • Feb 2006
                  • 16639

                  رد : أدب الرحـــــــلة ...






                  الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
                  فإن الاحتفال باختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام 1426هـ/2006م هو اختيار عالمي، وتذكير للقاصي والداني بالسمة الأزلية الأبدية لهذه البلاد الطاهرة، تلكم: هي الديانة الإسلامية، والثقافة الإسلامــــية، شــــعار لا يعلوه شعار، دون مزايدة، أو مساومة، وهو إرجاع للأمور إلى نصابها.
                  إن كانت الديانة الإسلامية تتجلى في أبدع صورها في الكعبة المشرفة، والمشاعر المقدسة، فالثقافة الإسلامية بكل صيغها من مكتبات، ومؤسسات علمية بحثية، ومراكز علمية، ونـــواد ثقافية ومواقع آثارية، ومعالم حضارية يمثل الشطر المهم في الواحد الكامل، تلكم هي الديانة الإسلامية، شطران متكاملان يمثلان الواحد الكامل (الدين الإسلامي) في أبهى صوره، وأجل مدلولاته. هذا الذي ينبغي أن يكون بادي المعالم، حاضراً، شاهداً ومشهوداً، وكذلك كانت مكة: الديانة، والرسالة.


                  لم يتوقف نشاط علماء هذه البلاد المقدسة (مكة العالمة) لتأكيد هذا المعنى في الماضي القريب في القرن الهجري الرابع عشر عند حدود هذه البلاد، ولكنه تجاوز عبر المحيطات والقارات، في سلسلة من رحلات متتابعة من علمائها الأجلاء إلى بلاد الإسلام النائية التي تريد أن تقتبس نور الوحي صافياً، هادياً، تروي ظمأها من تراثها الأصيل، من علوم الشرع الإسلامي.
                  الحث على الرحلات العلمية إفادة واستفادة، تعلماً، وتعليماً مبدأ راسخ في تراثنا الإسلامي، مارسه العلماء المسلمون، وطلاب العلم على مر العصور، كان من نتاجها هذا الكم المعرفي الهائل من العلوم، والفنون الذي ورثته عنهم الأجيال الإسلامية اللاحقة.
                  الرحلات العلمية مدرسة بلا حدود، مصدر تثقيف ومعارف مكتسبة متنوعة، وتجارب أجيال تختصر الزمان، تصقل العقول، وتنـــمي الشخصـــية، ترفع الأمة مكاناً عليًا، يقــــول العلامة الشيخ محمد الخضر حسين - رحمه اللّه -:
                  "كانت الرحلة ولا زالت السبب الأقرب إلى تثقيف العقل، والنبوغ في العلم متى كان الراحل مجداً غير هازل، نبيهاً غير خامل.
                  ولولا رجال من الأمة يرحلون فيردون مناهل العلم، ثم يصدرون لبقي كثير من الأمم في جهلهم، أو على مقدار من العلم لا يرفع ذكرهم، ولا يقوم بحاجاتهم".
                  الرحلة إلى الحج
                  أدب الرحلات في دراساتنا الإسلامية من أغزر الآداب، تنوعت أغراضه، وتعددت أسبابه، وإن من أغزرها تأليفاً الرحلة إلى الحج؛ حيث الحرمان الشريفان، قد أبدع فيه المشارقة، والمغاربة، وللمغاربة فيه القدح المعلى، لم تقتصر الرحلات إلى هذه الديار المقدسة على المسلمين بل استهوت أيضاً غير المسلمين من الغربيين، بدافع الاستطلاع، والاكتشاف للدور الذي يؤديه هذا البلد المقدس في إذكاء الروح الإسلامية وصـــفائها، وقد زخرت المكتبـــات بالجـــــديد والقديم منها، وإن مــــن آخر ما أنتجته المطابع والمؤسسات العلمية العمل الجامع الفريد في هذا المجال كتاب: (مئة رحلة ورحلة) لفضيلة العلامة الأديب المغربي الكبير الدكتور عبد الهادي التازي، الذي أصدرته قبل أسابيع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، التابعة لمؤسسة الفرقان بلندن؛ احتفاءً بهذه المناسبة الغالية: (مكة عاصمة الثقافة الإسلامية).


                  لم تكن هذه كل الرحلات التي دونها المغاربة، ولكنها كل الذي استطاع أن يحصل عليه العلامة الأديب الدكتور عبد الهادي التازي في بعض المكتبات العالمية بعد جهد مضن، ومتابعة لا تعرف الكلل.
                  إننا نسمع ونقرأ عن الرحلات إلى الحرمين، ولكن لم نقرأ دراسة متخصصة عن رحلة علماء الحرمين بعامة، وعلماء مكة بخاصة إلى خارجها.
                  القرن الرابع عشر الهجري في تاريخ مكة العالمة تاريخ مشرق بين القرون: علمياً، وفكرياً، حركة علمية نشطة، أعداد كبيرة من العلماء في كل فن وعلم، تخرجوا في حلقات العلم بالمسجد الحرام، وفي مؤسساتها العلمية النظامية: الصولتية، الفلاح، المعهد العلمي السعودي، وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها، إضافة إلى منازل العلماء، وقد وثق هذا النشاط كتابات للمؤلفين المواطنين، والعلماء الزائرين، والشهادات الشخصية، بل امتد نشاط علماء هذه الفترة وفاض إلى البلاد الإسلامية، والقصد هنا أن يسلط البحث عليه في عنصرين رئيسين يتضمنهما فصلان:
                  الفصل الأول: أسباب رحلات علماء مكة العالمة في القرن الرابع عشر الهجري.
                  الفصل الثاني: آثار تلك الرحلات ونتائجها في الأقطار الإسلامية.
                  وليس من أهداف البحث استقراء الرحلات، وأسماء العلماء الذين جابوا، ورحلوا إلى الأقطار الإسلامية، ولكن يكتفى بتقديم نماذج محدودة لكل عنصر فحسب، ومن أراد الاستقصاء والتفصيل فقد تعهدت به كتب التاريخ والتراجم وسوف نكتفي في هذا العدد الذي خصص له (ملف خاص) عن مكة المكرمة بالفصل الأول: (أسباب رحلات العلماء)، ونرجئ الفصل الثاني عن آثار تلك الرحلات إلى عدد قادم إن شاء اللّه تعالى.
                  أسباب رحلات علماء مكة
                  الوطن عزيز على مواطنيه، وأهل مكة أعظم الناس اعتزازاً بوطنهم، وأكثرهم حباً له؛ لما حباها اللّه عز وجل من مزايا وخصائص أبدية تنفرد بها عن غيرها من البلاد، يدركها العامة، فضلاً عن الخاصة، أما أهل العلم منهم، فهم أكثر تشبعاً بحبها لما عرفوا من فضلها، وفضائلها، وإفضالاتها، مما لا تدركه العامة، ولا يدور بخلدها.
                  من أجل هذا لابد من البحث عن أسباب رحلة علماء مكة العالمة ومغادرتهم لها قبل أن نتكلم على آثار تلك الرحلات ونتائجها على البلاد الإسلامية التي وردوها، ورحلوا إليها، فكانت لهم مقر إقامة مؤقتة: طويلة، أو قصيرة، خصوصاً إذا عرفنا أن هذه الرحلات قد مثلت ظاهرة تاريخية واضحة، في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الرابع عشر الهجري، وقد تبين هذا من خلال الاستقراء والدراسة لتراجم علماء هذه الفترة ومثقفيها، واتضح أنها تعود إلى عدة أسباب منها ما يلي:
                  ● الرغبة في القيام بواجب الدعوة إلى اللّه ونشر العلم والمعرفة:
                  لم يكن علماء مكة المكرمة بدعاً من علماء المسلمين، فإن من أصول مبادئ التعليم الإسلامي نشره، وإذاعته بين الأمة، فهو أمانة ومسؤولية شرعية قبل أي شيء آخر، وردت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة والآثار عن الصحابة والتابعين رضوان اللّه عليهم أجمعين، بل قد أخذ العهد والميثاق على العلماء في الأمم السابقة واللاحقة أن لا يكتموا العلم.
                  أخذ المسلمون أنفسهم بهذه التعليمات الإسلامية، والآداب الشرعية، وروض العلماء بالمسجد الحرام، وأساتذة ذلك الزمان تلاميذهم أن ينطلقوا دعاة إلى اللّه، ونشر المعرفة، وعلوم الشريعة بين المسلمين في حب وسماحة، بعد تلقيهم القدر الكافي من العلم، بما يتأهلون به للتدريس والتربية والتعليم داخل البلاد، وخارجها.
                  يذكر في تاريخ مكة العلمي في القرن الماضي القرن الرابع عشر الهجري:
                  أنه كان من الأنظمة التعليمية المعتادة في المسجد الحرام، ومدارس مكة في تلك الآونة الاستعانة بالمتقدمين من طلابهم في دراساتهم، والمتخرجين منهم يتولون التدريس، والدعوة إلى اللّه خارج مكة المكرمة، وأن رئيس علماء مكة، وشيخ إسلامها في وقته قد اعتاد بعث الطلاب المتقدمين، والذين أنهوا تحصيلهم العلمي إلى القرى والبوادي لتعليم البادية أمور دينهم، وتحفيظهم القرآن، فتخرج عليهم العدد الكبير من الحفاظ والدارســــين، أثبتت هذه السياسة التعليمية الفذة جدواها على المستوى المحلي، يقول العلامة الفقيه السيد بكــــري شـــطا المتوفى عام 1310هـ - رحمه اللّه - في عرض نتائج، وجــدوى هذه السياسة التعليمية:
                  "حتى انتهى الأمر إلى أن صار الفقهاء المعلمون ستين، في كل قرية فقيه يؤذن، ويقيم الصلاة، ويصلي بهم جماعة طوال السنين، وانتشر - بحمد اللّه، ثم بفضل هذه الجهود- الوعي الديني في تلك الجهات، وتاب كثير من أجلاف العرب المذنبين، وحفظ كثير منهم القرآن العظيم، حتى إنهم بعد إرسال الفقهاء إليهم ببضع سنين عَدُوا الأولاد الذين حفظوا القرآن فوجدوهم نحو ثمانمائة، والذين لم يتموه عدد كثير، وبعضهم شرع في حضور العلم بجد وتشمير".
                  تخرج في تلك الفترة عدد كبير من العلماء انتشروا في بلاد العالم الإسلامي، في بلاد آسيا، وإفريقيا فكانوا رسل علم، ومعرفة وخير، تركوا آثاراً عظيمة باقية في تلك البلاد بعد مغادرتهم لها، بل إن بعض تلك المؤسسات أصبحت تحمل أسماءهم إلى اليوم اعترافاً بجهودهم المباركة.
                  ● الظروف السياسية والأمنية:
                  بنظرة سريعة إلى التاريخ الذي كثرت فيه رحلة علماء مكة العالمة إلى أقطار العالم الإسلامي نجد أنها فترات متقاربة، معظمها كان في العقدين الرابع والخامس من القرن الرابع عشر الهجري؛ ذلك لأن ظروف البلاد السياسة لم تكن مستقرة، بل كان يسودها الاضطراب، وعدم الاستقرار، أدت هذه الأحداث إلى أن يؤثر الكثير من العلماء الرحلة إلى بلاد أكثر اطمئناناً واستقراراً؛ ليتمكنوا من نشر العلم والمعرفة، ونقل خبراتهم في مجال التعليم الإسلامي، والوظائف الشرعية إلى أبناء الأمة الإسلامية في مختلف أقطارها؛ حيث يتوافر الأمن والاستقرار، وهذا واضح من تراجم الكثير من علماء هذه الفترة، منهم:
                  العلامة الأديب السيد محمد طاهر الدباغ (1308-1378هـ)
                  جاء في ترجمته صراحة بأنه:
                  "لما اضطرب حبل الأمن عام 1343هـ في كافة المدن قبل العهد السعودي الزاهر.. ولما طالت الحرب واشتدت، ولم ير فرصة تتاح للملك علي بإعادة ملكه قام بسياحة إلى مصر، واليمن، ومنها إلى الهند، ثم جاوا فاستقبل استقبالاً يليق بمكانته، فأخذ ينشر بصحيفة (حضرموت) المقالات الضافية السياسية، والأدبية، والدينية، ويطالب بتوحيد مناهج التعليم بمدارس العرب الأندونيسية... ثم عين مديراً لمدرسة عربية (بالمالاغ) اكتظت مقاعدها بطلاب وطالبات من كافة أنحاء تلك البلاد".
                  هذا وقد رحلت لهذا السبب عائلات علمية بأكملها إلى بلاد جنوب شرق آسيا، مثل عائلة العلامة الفقيه الشيخ سعيد يماني -رحمه اللّه - مع أبنائه العلماء..
                  وعائلة آل القاري: العلامة الشيخ أحمد، وحامد، ومحمود، وغيرهم.
                  ● الحصول على الأسانيد العالية من كبار علماء العالم الإسلامي:
                  من أعظم ما اعتنى به العلماء المسلمون في رحلاتهم تبادل الإجازات العلمية، التي تمثل بحق حلقة اتصال، وهمزة وصل بين علماء العالم الإسلامي في الحاضر، وبينهم وبين من قبلهم من العلماء في الماضي، يروي بعضهم عن بعض الكتب العلمية حتى تصل أسانيدهم إلى مؤلفي الأمهات، والمصادر في جميع الفنون ضبطاً، وإتقاناً، وتوثيقاً علمياً متيناً، فقد كان من أهداف رحلات علماء المسلمين أمران:
                  "أحدهما: تحصيل علو الإسناد وقدم السماع، والثاني: لقاء الحفاظ، والاستفادة منهم".
                  هذا ما حدث من بعض علماء مكة الذين رحلوا إلى بلاد العالم الإسلامي، طلباً لعلو الإسناد، وممن سجل لهم التاريخ قياماً بهذه المهمة العلمية أثناء ترحالهم عدد كبير نخص بالذكر منهم:
                  1- العلامة الفقيه الأديب الشيخ عبد الحميد بن محمد علي قدس
                  (1278- 1334هـ):
                  يذكر في ثبته المسمى (المفاخر السنية في الأسانيد العلية القدسية) قوله:
                  "وقد رحلت مراراً في الأيام الصيفية إلى مصر المحروسة، والديار الشامية واجتمعت بأفاضل كرام، وتلقيت عن أساتذة عظام، من أفضلهم:
                  العلامة عبدالرحمن الشربيني شيخ الجامع الأزهر، فأجازني بالأولية، وبسائر مروياته عن الشيخ إبراهيم السقا، عن الشيخ ثعيلب، عن الشيخ أحمد الملوي، والشيخ أحمد الجوهري، عن شيخهما عبداللّه بن سالم البصري (المكي)، ومن أجلهم الشيخ أحمد الرفاعي شيخ المقارئ بمصر فأجازني بالأولية، وبمروياته عن الباجوري، عن الشمس الأمير الكبير.
                  ومن أعظمهم العلامة الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني، اجتمعت به بمكة المشرفة، وبيروت، بل وبالحرمين الشريفين مرات عديدة، وأملى مسائل مفيدة، وأجازني بمؤلفاته ومروياته عن مشايخه المثبتين في ثبته (هادي المريد إلى طرق الأسانيد).
                  ومن جملتهم العلامة السيد محمد أبو الخير عابدين بن العلامة أحمد فإنه أجازه بمروياته، وجميع ما تضمنه ثبت عمه الشقيق العلامة أحمد، فإنه أجازه بمروياته، وجميع ما تضمنه ثبت عمه الشقيق العلامة السيد محمد الشهير بابن عابدين، صاحب الحاشية الكبرى على الدر المختار في الفقه الحنفي.
                  ولي غير ذلك كما أشرت إليه فيما تقدم، إجازات من مشايخ أجلاء ثقات من أهل الحرمين الشريفين، وفضلاء مصر العظام، وبعض أعمالها منها:
                  الإسكندرية، ودمياط، وطنطا، ودسوق، والصعيد، وبنها، ومن يافا، وبيت المقدس، وبيروت، ودمشق الشام، فإني حين رحلت إلى هذه الأماكن أجازني بعض علمائها إجازة عامة كتابة، ومشافهة، واستجازني بعضهم، ولو فصلت كل ذلك لحصل من ذلك كراريس، ولكن فيما ذكر كفاية لكل لبيب نفيس".
                  2- العلامة السيد محمد نواوي البنتني:
                  "سافر إلى مصر والشام فأخذ العلم عن أفاضل علمائهم..".
                  3- العلامة محدث الحرمين الشريفين الشيخ عمر حمدان المحرسي - رحمه اللّه - (ت 1368هـ) سافر إلى عدد كبير من البلاد الإسلامية منها:
                  حضرموت: لقى علماءها، وأخذ عنهم الإجازة، وسافر إلى مصر وأجازه العلامة الشيخ عبدالرحمن بن محمد عليش، والعلامة محمد إمام بن إبراهيم السقا المصري وأجازه إجازة عامة، والعلامة الشيخ محمد بخيت بن بخيت بن حسين المطيعي الحنفي، والشيخ أحمد رافع بن محمد الطهطهاوي الحنفي.
                  ورحل إلى الشام وأخذ الإجازة عن علمائها مثل الشيخ محمد عطا اللّه الكسم، ومحمد أبو الخير عابدين، والعلامة يوسف بن إسماعيل النبهاني وغيرهم،
                  ورحل إلى المغرب، واجتمع بفاس بالعلامة أحمد بن محمد بن عمرو الزوكاري المعروف بابن الخياط الفاسي، وغيره،
                  وفي تونس: اجتمع بالعلامة الشيخ سـالم بو حاجب، والعلامة الشيخ محمد بن يوسف الشركسي التركي، التونسي، والعلامة محمــــد الطيب بن محمد بن أحمد النيفر التونســــي، ومحمد المكي بن عـــزوز وغيـــرهم ممن لقيهم في تلك البلاد فأجازوه.
                  4- فضيلة الشيخ محمد الطيب المراكشي: (1296-1364هـ):
                  "في عام 1324هـ قام برحلة إلى مصر فأخذ العلم عن السيد أحمد الرفاعي، واجتمع بالشيخ الطاهر الجزائري، وأجازه...
                  وفي شوال عام 1331هـ قام برحلة إلى مصر، ومنها إلى الشام فاجتمع فيها بالمحدث المشهور الشيخ بدر الدين الحسني، وبالعالم السلفي جمال الدين القاسمي، وأجازه".
                  5- العلامة الشيخ عبداللّه بن محمد نيازي (1300-1363هـ):
                  ".خرج مع من خرج من أهالي المدينة المنورة إلى الشام فطاف في مدنها، ثم قام برحلة إلى أدنة وطرسوس ناشراً للعلم ما ينوف على عام.
                  ثم سافر إلى قونية فأقام بها نحو ثمانية أشهر، ثم أقشهر فأقام بها سنتين معلماً، ومرشداً، ثم سافر إلى إزمير فدخل مدرسة سهلبجي زاده فمكث بها مدة سنة، ثم انتقل إلى الإسكندرية وأقام بها سنة، ومنها إلى القاهرة فقابل فيها كبار العلماء يغترف من موردهم علماً، وأدباً، ثم عاد إلى أفغانستان عن طريق الهند فأقام بها ثلاثة أعوام متنقلاً بين تاشقر غان ومزار شريف لتلقي العلم ونشره، ثم سافر إلى الهند فالتحق بالمدرسة المحمدية العربية الإسلامية فتلقى فيها مختلف الفنون والعلوم، واجتمع بكبار المدرسين والمحدثين، وتحصل منهم على الإجازة، كما نالها من العلامة المحدث السيد محمد عبدالحي الكتاني صاحب فهرس الفهارس بجميع مقروءاته، ومسموعاته"، وغير هؤلاء كثيرون.
                  ● التخلص من المناصب الحكومية :
                  لم تكن المناصب الحكومية محل رغبة لدى كثير من العلماء المكيين غالباً، بل كانوا يفضلون العيش من كسب أيديهم: من تجارة، أو حرفة، أو ما انتقل إليهم من وقف، أو إرث، ولهذا كان واضحاً قلة الدروس في المسجد الحرام أيام موسم الحج؛ حيث يذهبون لممارسة التجارة الموسمية، وممن سجل لهم التاريخ المكي الرحلة إلى البلاد الإسلامية هروباً من القضاء بخاصة:
                  1- العلامة الشيخ حسن بن العلامة الشيخ سعيد يماني -رحمه اللّه- (1321-1391هـ):
                  2- فضيلة السيد محمد عبدالباري رضوان: (1295-1358هـ):
                  3- فضيلة العلامة الشيخ حسن بن محمد المشاط - رحمه اللّه.
                  ● دعوة الطلاب الوافدين مشايخهم المكيين لزيارة بلادهم:
                  كانت العلاقة بين علماء المسجد الحرام وطلابهم من المواطنين، والوافدين علاقة أبوية حانية، يتفقدون شؤونهم، ويقومون بحاجاتهم أثناء إقامتهم بمكة المكرمة للدراسة؛ إذ كانت لهم من مشايخهم الرعاية الأبوية الحانية، فكان لقاء ذلك الوفاء الكبير من طلابهم.
                  لم تكن مغادرة الطلاب إلى بلادهم بعد تعليمهم نهاية علاقتهم بشيوخهم ومعلميهم، بل كانت العلاقات الطيبة الحميمة قائمة بينهم في مواصلة دائمة بارة، وجهوا إليهم الدعوات بالحضور إلى بلادهم لينتفع بهم أهل بلادهم، فما كان من مشايخهم العلماء إلا الاستجابة لهم، وتحقيق رغباتهم، من هؤلاء:
                  فضيلة السيد محمد عبدالباري رضوان (1295-1358هـ):
                  "في عام 1327هـ تلقى دعوة طلابه في الهند فسافر إليها، ورجع في عامه، ثم رجع مرة أخرى عام 1340 بين حفاوة محبيه وتقديرهم وتكريمهم.. وغيرهم من العلماء ممن كانت العلاقة قوية بينهم وبين طلابهم، مما لاداعي لذكرهم فهم كثر.
                  المصدر


                  د. أبو شامة المغربي

                  kalimates@maktoob.com

                  تعليق

                  • أبو شامة المغربي
                    السندباد
                    • Feb 2006
                    • 16639

                    رد : أدب الرحـــــــلة ...

                    أبو حيان الغرناطي
                    نفحة من الأندلس
                    (في ذكرى ميلاده: آخر شوال 654هـ)
                    أحمد تمام
                    كنية "أبي حيان" يتنازعها اثنان من الأعلام الأفذاذ، كل منهما إمام في فنه، رأس في تخصصه، أما أحدهما فهو أبو حيان التوحيدي نابغة أهل المشرق في الأدب والفلسفة، حتى أطلق عليه أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء، وأما الآخر فهو أبو حيان الغرناطي صاحب "البحر المحيط" في التفسير، وإمام عصره في النحو، والتفسير، والحديث، جاء من غرناطة إلى مصر واستقر بها، فأشاع فيها من علمه وفضله؛ وهو ما جعل الدنيا تقر بإمامته وأستاذيته.
                    المولد والنشأة
                    في إحدى ضواحي مدينة غرناطة الأندلسية ولد "أثير الدين محمد بن يوسف"، المعروف بأبي حيان في (آخر شوال 654هـ = 19 من نوفمبر 1256م)، وبها نشأ وتعلم، فكان مترددا على حلقات العلم المنتشرة في المساجد، وكانت غرناطة آنذاك كبرى حواضر العلم الأندلسية، بعد أن انحسرت دولة الإسلام وتقلصت أراضيها في الأندلس، فدرس الفقه والحديث، ومالت نفسه إلى النحو، واللغة، والقراءات، فأقبل على تعلمها بهمة عالية ورغبة شديدة، وتتلمذ على أبي جعفر بن الزبير، وابن أبي الأحوص، وأبي الحسن الأبذى، وأخذ القراءات عن أبي جعفر بن الطباع، ودرس الفقه والأصول والحديث والتفسير.
                    ولم يكتفِ أبو حيان بما حصل، بل طوف في بلاد الأندلس يقابل الشيوخ الأعلام، ويتتلمذ عليهم، فرحل إلى مالقة والمرية، ثم بدأت رحلته الكبرى إلى بلاد المشرق.
                    الرحلة إلى الشرق
                    خرج أبو حيان من موطنه إلى المشرق شابًا في الخامسة والعشرين من عمره، سنة (679هـ = 1280م) فنزل بجاية وتونس والإسكندرية، ثم رحل إلى مكة، وأدى بها فريضة الحج، ثم عاد إلى مصر، فدخلها في سنة (695هـ = 1295م).
                    وهذه الرحلة الطويلة قضاها في طلب الحديث، واللغة، والنحو، والقراءات، فلا يحل ببلدة إلا اتصل بشيوخها وتلقى عنهم، ولهذا كثرت شيوخه كثرة مفرطة.
                    ولم يشتهر أحد من النحاة بكثرة الشيوخ مثلما اشتهر أبي حيان، ويشير هو إلى ذلك بقوله: "وجملة الذين سمعت منهم أربعمائة شخص وخمسين، وأما الذين أجازوني فعالم كثير جدًا من أهل غرناطة ومالقة وسبتة وديار إفريقيا وديار والحجاز والعراق والشام"، وقد ذكر المقري في "نفح الطيب" شيوخ أبي حيان، والكتب التي درسها عليهم...
                    د. أبو شامة المغربي


                    تعليق

                    • أبو شامة المغربي
                      السندباد
                      • Feb 2006
                      • 16639

                      رد : أدب الرحـــــــلة ...





                      الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث
                      لمحمد الصالح السليمان
                      دراسة من منشورات اتحاد الكتاب العرب سنة 2000م
                      لتحميل هذه الدراسة على الرابط التالي:
                      الرحلات الخيالية فـي الشعر العربي الحديث 1999


                      د. أبو شامة المغربي

                      kalimates@maktoob.com

                      تعليق

                      • أبو شامة المغربي
                        السندباد
                        • Feb 2006
                        • 16639

                        رد : أدب الرحـــــــلة ...

                        ابن بطوطــة
                        قصيدة ألقاها شاعر طنجة صديقنا الحميم المرحوم عبد الغني سكيرج في الملتقى الدولي حول ابن بطوطة المنظم من طرف مدرسة الملك فهد العليا للترجمة أيام27/28/29 ـ أكتوبر1993م.
                        قم تشهد الدنيا بعين أكبــرا*
                        وبمشهد أسمى وعزم أقــدرا
                        قم تشهد الدنيا التي خلفتهـا*
                        حجما تناآى، أو مسارا أوعرا
                        فغدت كقارعة تضاءل حجمها*
                        ما لان منها، أو غدا متحجــرا
                        فالشرق غير الشرق فيما خلته*
                        والغرب أصبح دانيا مستيسـرا
                        والناس غير الناس في أفكارهم*
                        أو في تصورهم لماض أدبـرا
                        ما كان كان ولن يعود كما مضى*
                        صدقا تقضى أم حديثا مفتـرى
                        قد كذبوك بما أتيت، وليتنــي*
                        كنت المكذب، حيث كنت المخبرا
                        ما للغيور رآك تحكي طرفــة*
                        ممـا رأيت فعاد منك محــذرا
                        خلدت ما شاهدته في (تحفة)*
                        هي آية كبرى وكنز أبهـــرا
                        من يستطيع اليوم يرحل أعصرا*
                        ويعود يحكي ما رأى مستحضرا
                        يبدو بجانبه القراب وقد مضى*
                        بحماره مستشعرا مستعبــرا
                        يا ساكن(الأقصى) وقد تجول فكره*
                        نجمـا يشع بكل أفق نــورا
                        لو أنصفوك لآسكنوك جنانهم*
                        ودعوك أنت الرائـد المتصدرا
                        لم يودعوك بمعزل متوعـر*
                        خال، دعوه(جنان قبط) أفقـرا
                        لولا جهادك ما درى الإفرنج مهـ*
                        وى الشرق، أو أضحى له متصورا
                        جبت البلاد، يسيرها وعسيرها*
                        وخبرتها، وجعلت منها معبرا
                        عرفت أفاق البلاد جمعيها*
                        حتى غدت مهوى ومسرى أيسرا
                        فأفدت معرفة وعلما زاخرا*
                        وأنلت مكرمة وجاها أنضــرا
                        كم في مسيرتك العظيمة من غنى*
                        أثرى سيبقى في المآثر أعصرا
                        حتى رجعت فكنت أعظم مرجع*
                        وأجل ذخر للحقائق مصـدرا
                        فخرا لطنجة بابنها، اذ تحتفي*
                        برجالها، وجديرة أن تفخـرا
                        كلمة تقديم:
                        حضرت الندوة الدولية التى نظمتها مدرسة الملك فهد العليا للترجمة حول ابن بطوطة أيام:27/28/29 ـ أكتوبر 1993، وقد شاركت كرئيس ومؤسس نادي ابن بطوطة للرحلات بطنجة فى هذه الندوة بمعرض لكتب الرحالة والرحلات طيلة أيام هذه الندوة التى تعتبر أهم ندوة نظمت حول هذا الرحالة، وقد بلغت عدد البحوث المشاركة 70 بحثا، طبعت هذه البحوث في مجلد سأنقل لكم صورة غلافه فيما يأتى، وقد شارك صديقنا الحميم شاعر طنجة عبد الغني سكيرج بقصيدته المنشورة أعلاه، وكنت فى المعرض برفقته أينما حل، وقصيدته عن ابن بطوطة ربما هي آخر قصيدة شعرية نظمها، وقد مرض وعجز عن الحركة والنشاط، وبقي في منزله إلى أن توفي رحمه الله مأسوفا عليه بتاريخ1997م وحضرنا جنازته مع جموع غفيرة من ساكنة طنجة حيث ودعته إلى مرقده الأخير بمقبرة مرشان بطنجة.
                        دفاعا عن ابن بطوطة رحالة العرب والعجم:
                        في المدة الأخيرة أصبحت من المهتمين بالرحلات والكتابة في هذا الميدان الفسيح المليء بالغرائب والعجائب، وحبى للرحلات دفعني الى تأسيس نادي ابن بطوطة للرحلات بطنجة سنة 1992م ودورية تحمل اسم ابن بطوطة تعنى بالرحلا ت والإبداع الفكرى، أوزعها مجانا على أهل الفن، وقد كتبت عدة رحلات أذكر منها:
                        ـ أعلام المسلمين بمن حل مكة المكرمة من الرحالة الأوروبيين
                        ـ رحلات خالدة إلى المدينة المنورة المدينة الفاضلة.
                        ـ التعريف بمن رحل إلى القدس الشريف جنة الدنيا.
                        وبهذا الصدد أشكر الأديب السعودي نبيه عبد القوس الأنصاري صاحب ورئيس تحرير مجلة المنهل الذي نشر ملخصات هذه الرحلات في الأعداد الخاصة من المنهل عن مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، وكان رحمه الله وأسكنه فسيح جنته على علاقة وطيدة واتصال بي كتابة وباستمرار متحمسا لنشر ما كتبته عن المدن المقدسة من رحلات، وأتمنى أن يكون ما كتبته خالصا لوجهه من المراجع التي سيستفيد منه البحاثة مستقبلا خلال أبحاثهم عن هذه المدن المقدسة لدى جميع المسلمين في العالم.
                        ومن جراء مطالعتي الشديدة لكتب الرحلات جمعت في خزانتي أزيد من 150 كتابا في الرحلات وتم عرضي هذه الكتب جميعا في الملتقى الدولي المذكور ولقي المعرض إقبالا كبيرا من المحاضرين والباحثين، وبمناسبة تنظيمي هذا المعرض كان فرصة لي لمتابعة أشغال الندوة الفكرية الدولية عن ابن بطوطة طيلة ثلاثة أيام استمعت فيها إلى بعض العروض التى عالج فيها أصحابها بالدراسة والتحليل حياة الرحالة العالمى ابن بطوطة.
                        وتعتبرهذه الندوة القيمة اكبر ندوة فكرية دراسية نظمت حول الرحالة ابن بطوطة درست فيه حياة هذا الرحالة من لدن الباحثين المختصين دراسة عميقة شاملة، ونظرا لانشغالي بالمعرض لم أتمكن من المشاركة في هذه الندوة ببحثي المعنون:(دفاعا عن ابن بطوطة رحالة العرب والعجمويشرفني نشر هذا البحث في موقعي على الإنترنت عن ابن بطوطة بغرض الدفاع عن هذا الرحالة دفاعا قويا معززا بالحجج الدامغة، لإبـراز قيمة وعظمة الرحالة من جديد، لتعلم الأجيال القادمة ومنتقديه فى كل زمان ان هذا الرحالة بفضل تدينه واخلاقه وإخلاصه ومرؤته وجديته كتب لاسمه الشهرة والذيوع فى العالم اجمع، حتى أصبح معروفاعالميا، اكثرمن الفيلسوف ابن خلدون وابن رشد، ولو قمنا باستفثاء فى العالم لمعرفة مشاهير العرب والمسلمين لجاء اسم ابن بطوطة فى مقدمة الترتيب.
                        والسؤال المطروح هل ابن بطوطة هو فعلا كما ادعى فى رحلته( تحفة النظار)هو رحالة العرب والعجم؟ وللاجابة عن هذا السؤال سأتعرض في بحثي الى ذكر بايجاز مشاهير رحالة العالم في القديم والحديث ثم سأعود الى ذكر ابن بطوطة وترجمة حياته، وإظهار الجديد عنه ومواهبه، وتحليل عصره، والرد على منتقديه مع اعلاء شأنه وذكره.
                        رحالة العالم القديم:
                        منذ خلق الله الإنسان فى الارض والإنسان يرحل من أرض الى أرض بحثا عن وسائل الحياة والاستقرار، والعلماء فى كل جيل كانوا يغامرون بأنفسهم ويقومون برحلات اكتشافية لعوالم جديدة، وقد دونوا مشاهداتهم وملاحظاتهم على ضؤها استطاع الانسان ان ينمى قدرته الاقتصادية، ويتقدم فى مدارج الرقيوالحضارة، ويخرج من طور العزلة والتخلف والبداوة، ومن الرحالة القدماء الذين تركوا بصماتهم فى تاريخ الانسانية نذكرمنهم بكل إجلال وتقدير:
                        ـ هيرودت(484 ـ 425ق.م)
                        مؤرخ رحالة كبير لقب بأب التاريخ، زار مصر وآسيا الصغرى وبلاد الإغريق وصقلية وايطاليا، وسجل فى تاريخه حياة مائتين من الشعوب والقبائل المختلفة الأجناس، وتاريخه يعد من تراث الإنسانية الخالد.
                        ـ ميغاستين(القرن الثالث قبل الميلاد)
                        مؤرخ ورحالة يوناني قام ما بين سنتي30ي ـ207 ق.م) بمهمة دبلوماسية كلفه بها أميره سلوقس نيكاتورا، الى الملك الهندي ساندراكوش، وقد سجل رحلته الى الهند فى كتابه:ses indica اعتمد عليه كمرجع المؤرخ سترابون.
                        ـ سترابون(نحو58 ق.م)
                        جعرافي ورحالة يونانى له جغرافية العالم القديم اثناء بداية الامبراطورية الرومانية.
                        ـ بليني(23 ـ79 ق.م )
                        رحالة جغرافي لاتينى توفي أثناء هيجان بركان فيزوف سنة 798 ب.م الف التاريخ الطبيعى، وهو موسوعة ودائرة معارف علمية فى 37 مجلدا، وهو الذى اشارالى وجود مخلوقات غريبة ياجوج ومأجوج،وأن سداحديديا يحصرهم ويعزلهم عن البشر.
                        ـ بطليموس(القرن الثانى بعد الميلاد):
                        رحالة وجغرافى وفلكى، ازداد بمصر وهو مؤلف دائرة معارف فلكية (المجسطى) نقل عنه جغرافى العرب.
                        مشاهير الرحالة الغربيين
                        ـ بياتوس(730 ـ 748)
                        جغرافي وراهب اسبانى له خريطة( مركز العالم)
                        ـ دمنغو باديا باي العباسي الإسباني
                        أول رحالة إسباني زار العالم الاسلامي، زار المغرب الأقصى سنة 1803م فى عهد السلطان سليمان العلوي والجزائر وليبيا ومصر والشام والجزيرة العربية، ودخل مكة والمدينة حاجا سنة1807م وله رحلة هامة في مجلد نشرت باللغة الاسبانية اقترح على مراكز الترجمة في السعودية او فى دول الخليج ترجمتها الى اللغة العربية وطبعها ونشرها.
                        ـ هنرى مونديل(665 ـ1701)
                        رحالة له كتاب(رحلة من حلب الى القدس سنة 1697م) وصف فيه رحلته الى بلاد لبنان والقدس.
                        ـ ماركو بولو
                        رحالة مغامر من البندقية ترك كتابا ضخما فى رحلته ىالى الصين، زار سور الصين العظيم، أحد عجائب الدنيا الذى شيده أباطرة الصين وذلك بعد رحلة شاقة استغرقت مدة اربع سنوات، وقد اتهم الرحالة ماركو بولو فى كتاباته بالمبالغات الا ان رحلته أحدثت تغيرا ملموسا فى عقلية الغربيين وجذبتهم الى زيارة الصين البلدة المغلقة، وبدأ الرحالة فى رسم المسالك البحرية الموصلة الى بلاد الاساطير والغرائب التى وصفها ماركو بولووقيل انه لم يزور الصين قط ونقل ذلك عن رحلة ابن بطوطة.
                        ـ كريستوف كولمبوس
                        كانت فكرة كروية الأرض سائدة منذ صرح بذلك(فيتاغورس حوالىعام 500 قبل الميلاد(وكان هدف كولمبوس هو ان يقوم برحلة عبر المحيط الاطلسى الى جزر الهند الشرقية لاثبات هذه الفكرة، وعرض مشروعه علىملك البرتغال جون الثانى لتمويل رحلته عام 1484م لكن الملك البرتغالى لم يكن مقتنعا بنجاح رحلته، وذهب كولمبوس الى اسبانيا ولقى تشجيعا من طرف الملكة ايزابيلا وقامت بتمويل رحلته فأبحر على متن السفينتان(فينا)
                        و(بتنا) في 3 أغسطس 1492م وانتهى شهر أغسطس وشتمبر واكتوبر وهو لا يزال يواجه أمواج الأطلنطيكى بدون أن يصل الى البر، وكاد اليأس أن يتسرب الى بحارة كولمبوس وابتسم له الحظ ووصل الى اليابسة في البحرالكاريبي الى جزر مجموعة الباهاما، وكوبا، وهايتى في أمريكا الوسطى واكتشف أمريكا الجنوبية وظنانه وصل الى ا لهند ومات فقيرا واوصى ان تدفن معه قيوده التى سجن فيها.
                        ـ فاسكو دا جاما
                        الملك البرتغالى هنرى كان مغرما بالرحلات والاكتشافات، وهو الذي احتل مدينة سبتة فى المغرب فى محاولة منه للسيطرة على مضيق جبل طارق، وقد انشأ فى بلاده كلية البحارة وبنائى السفن والملاحيين وكان يحلم بالوصول بحرا انطلاقا من المحيط الاطلسى الى الهند ، وتوفى هنرى عام 1460م وفى هذا التاريخ ولد فاسكو جاما، الذى خقق حلم الملك البرتغالي هنرى وأستطاع ان يكون اول اوروبى يصل الىالهند بطريق بحرى(1498م وكان الرحالة دياس اول اوروبى يبحر حول رأس الرجاء الصالح
                        (1487 ـ1488م) قبل فاسكو دا جاما، وتمكن كابرال ايضا من الابحار حول افريقيا متجها الى الهند سنة(1500 ـ1501م)، وأقام عدة مستعمرات تابعة للبرتغال.
                        ـ جون كابوت الإنجليزي
                        ملاح رحالة انجليزي قام بتمويل رحلته الملك الانجليزي هنرى السابع، وقد أكتشف أمريكا الشمالية لصالح الانجليز أواخر سنة 1498م متبعا مسار طريق الفايكنج ، ووصل الى ولاية فلوريدا والى(بافن لاند) داخل القطب الشمالي ، وظن انه بلغ الى آسيا وكان يهدف فى رحلته الوصول الى جزر اليابان الأسطورية.
                        ـ مـاجلان
                        ملاح برتغالى رحالة مغامر مشهور نجح فى إتمام الملاحة حول العالم كله، وأثبت نظرية كروية الارض، وقتل فى الفلبين، وبعد مقتله حل ( سباستيان دون كانو) فى قيادة سفينته فيكتوريا وعبر بها المحيط الهندى مارا برأس الرجاء الصالح، وعاد الى اسبانيا يوم 8 سبتبر1522م وبذلك كانت سفينته اول سفينة فى التاريخ تسير حول العالم، ولم يعد من بحارتها 230 سوى 18 رجلا، والباقى هلك وأقبرماجلان فى قبر مجهول فى الفلبين.
                        ـ الكابتن كوك
                        ملاح مغامر أتى بعد مقتل ماجلان سنة 1768 وقام بثلاث رحلات: الأولى فى الفترة(1768ـ1774م) والثانية فى الفترة(1772 ـ1774م) والثالثة سنة 1776م واكتشف جزر هاواى، ووصل الى أطراف الاسكا بالمحيط المتجمد الشمالى الذى يعتبر حاجزا جليديا لايمكن إجتيازه، وقتل كسلفه (ماجلان) في جزرهاوايان.
                        ـ يوهن لوفيك بوركهارت
                        رحالة سويسرى ولد في مدينة لوزان سنة 1784م وزار لندن سنة 1806م ومالطا وحلب وسوريا وصحراء الأردن وأكتشف مدينة البتراء سنة 1812م المنحوتة فى الصخر، الواقعة على بعد 271 كلم من عمان عاصمة الاردن، وتمكن ايضا من زيارة مصر سنة 1812م فى محاولة منه لاكتشاف منبع وادى النيل، وزار السودان وبلاد النوبة وسواكن ومكة والمدينة حاجا وعاد الى القاهرة وتوفى مريضا ودفن بها فى مقبرة المسلمين سنة 1817م
                        ـ نيبور الدانمركي
                        قائد للبعثة الدانمركية الاكتشافية التى بعثها ملك الدانمرك لاكتشاف جزيرة العرب واليمن السعيدة في رحلة غريبة فريدة دخلت الى التاريخ، فمعظم اعضاء هذه البعثة الاكتشافية لقوا حتفهم اثناء الطريق وهلكوا ولم ينج منهم سوى قائدهم نيبور، الذىتمكن بعد صعوبة كبيرة من التوغل وحده داخل الجزيرة العربية واليمن والعودة الى بلاده سالما عودة الابطالن وفى بلاده اشتهر أمره ونشر رحلته التي مانت حافزا قويا للرحالة لبدء رحلاتهم الى السعودية واليمن.
                        ـ ستيزن الألماني
                        رحالة ألماني كبير، زار مكة والمدينة متنكرا فى زي مسلم يدعى الحاج موسى سنة 1810م ثم رحل الى اليمن للبحث عن النقوش الحميرية لفك رموزها وأغتل ظلما من طرف الغوغاء سنة1811 م
                        ـ ريشارد بيرتون
                        رحالة انجليزى مشهور، ولد سنة1821م جال كثير من بلدان العالم وقام برحلة لاكتشاف وادى النيل وعمل سنة1842م فى شركة الهند الشرقية ببومباي وعلى حسابها زار مكة والمدينى حاجا سنة1853م وأدى فريضة الحج فى زي مسلم يدعى عبد الله وتوغل فى بلدان افريقيا ودون رحلته الى تلك البلدان منها: زنجبار ومنطقة البيحرات فى وسط افريقيا ـ وتجانيقا ـوسوريـا وافريقيا الشرقية ـ وافريقيا الغربية ـ وحوض النيل سنة وتوفى سنة 1890م.
                        ***********


                        د. أبو شامة المغربي

                        التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي; 01-06-2007, 10:09 PM.

                        تعليق

                        • أبو شامة المغربي
                          السندباد
                          • Feb 2006
                          • 16639

                          رد : أدب الرحـــــــلة ...

                          فهرسة كتب الرحلات الموجودة في خزانة ابن الريف محند البخلاخي.
                          رئيس ومؤسس نادي ابن بطـــوطة للرحلات بطنجـــــــــــــة.
                          ـ رحلات حجازية.
                          ملاحظة هامة: لكاتب هذه السطور دليل الرحلات الحجازية، وهو فصل مهم جدا في كتابه:(رحلات خالدة الى المدينة الفاضلة: المدينة المنورة)، وهو لا يزال مخطوطا لم يطبع بعد، نشرت مجلة المنهل السعودية بعض الفصول منه في عددها الخاص عن المدينة المنورة رقم499 المجلد 54 الربيعان 1412هـ/سبتمبر ـ أكتوبر1992م.
                          ـ في منزل الوحي.
                          ـ تأليف: محمد حسين هيكل، مطبوعات دار المعارف القاهرة ط 7/1979 في 640 صفحة.
                          ـ أصفى الموارد في تهذيب نظم الرحلة الحجازية للشيخ الوالد.
                          ـ تأليف محمد المختار السوسي ـ مطبعة النجاح الدار البيضاء/1380هـ/1961م.
                          ـ رأيت بنفسي مدينة الرسول.
                          ـ تأليف: عبد السلام الكويرة ـ مطبعة دسبريس تطوان (1397 ـ1977م).
                          ـ من نفحات الحرم، تأليف: علي الطنطاوي ـ دار الفكر بدمشق ط 1/1379 ـ1960م).
                          ـ رحلة في حياة قصيرة.
                          ـ تأليف: مصطفى الصباغ كتاب العلم ط/1/1966م.
                          ـ كتاب الدين والحج على المذاهب الأربعة مناسك الحج والعمرة وزيارة المدينة بالصور.
                          ـ تأليف: الحاج عباس كرارة ط 16 (1380 ـ 1961)
                          ـ في طريق مكة المكرمة.
                          ـ تأليف الشيخ الداعية المعروف عمر مفتى زاده، وهران الجزائر
                          (1393 ـ 1973م نشر بمبادرة وإشراف ابن الريف.
                          ـ رحلاتي الحجازية ارتسامات وذكريات عن ثلاث رحلات إلى الديار المقدسة.
                          ـ تأليف: أبو بكر القادري مطبعة النجاح الدار البيضاء(1408 ـ1988م.
                          ـ الطريق إلى الكعبة.
                          ـ تأليف: د. مصطفى محمود، دار العودة بيروت ط1/ سنة 1971م.
                          ـ رحلة الحج والعمرة.
                          ـ تأليف: محدث الشام الشيخ محمود ياسين دارا لهجرة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ط1(1408 ـ1988م).
                          ـ حج وحاجة.
                          ـ تأليف عبد السلام المكي بنحي ـ مطبعة دار أمل طنجة سنة 1393 /1973م.
                          ـ في مهبط الوحي.
                          ـ تأليف: محمد بديع شريف ـ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ط 2/1973م.
                          ـ شفاء الفؤاد بزيارة خير العباد.
                          ـ تأليف: محمد عباس المالكي الحسنى مطبعة النجاح الدار البيضاء، الطبعة الأولى بالمغرب سنة1413هـ/1993م.
                          ـ رحلة العمر.
                          ـ تأليف الشيخ محمد سويد، دار إحياء العلوم بيروت ط 1 سنة 1407 هـ/1987م.
                          ـ الرحلة الطنجوية الممزوجة بالمناسك المالكية.
                          ـ تأليف: الحسن بن محمد الغسال، تقديم ونشر: الدكتور البحاثة عبد العزيز خلوق التمسماني ط 1 شركة سليكى إخوان طنجة 1998م.
                          ـ في ظلال الحرمين.
                          ـ تأليف: محمد كامل حته ـ دار المعارف القاهرة/1978م.
                          ـ رحلة ابن جبير.
                          ـ تأليف ابن جبير الاندلسى دار صادر بيروت /1384هـ/1964م.
                          ـ تاج المفرق في تحلية علماء المشرق.
                          ـ تأليف خالد البلوى تحقيق الحسن السائح فى جزأين: الأول في 318 صفحة، والثاني في 168 ص مطبوعات اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة مطبعة فضالة المحمدية في620 صفحة.
                          ـ كسوة الكعبة المشرفة وفنون الحجاج.
                          ـ تأليف: إبراهيم حلمي سلسلة كتاب اليوم العدد 320 سنة1411هـ/1991م.
                          ـ معبرة الفتوة.
                          ـ تأليف: عبد الباقي الحسيني الجزائري، تحقيق: ابن الريف محند البخلاخي وهران الجزائر 1973م.
                          ـ رحلات للديار المباركة: مكة المكرمة ـ المدينة المنورة ـ القدس.
                          ـ تأليف: قائد طيار أنس القوز، الناشر مكتبة العبيكان الرياض الطبعة الأولى/1419هـ/1998م.
                          ـ المحمل.
                          ـ تأليف: إبراهيم حلمي مكتبة التراث الإسلامي القاهرة 1993م.
                          رحلات الملوك والأمراء
                          ـ الذكرى المئوية لزيارة السلطان مولاي الحسن الأول لمدينة طنجة.
                          ـ ندوة نظمتها جمعية(تنمية طنجة والمحافظة على مآثرها بالاشتراك مع مجموعة(ماروك سوار) و(الصحراء) يومي29
                          و30 يونيو1990 مطبعة فضالة المحمدية 1991م.
                          ـ الرحلة الملكية إلى كورسيكا ومدغشقر فبراير 1959م.
                          ـ مطبوعات وزارة الإنباء والسياحة رئاسة الحكومة الرباط 1959م.
                          ـ جولة في مدن الأندلس (رحلة محمد الخامس إلى الأندلس). تأليف: محمد الأممي، المطبعة المهدية تطوان - المغرب/1375 هـ1959م.
                          ـ رحلة الجلالة المحمدية إلى طنجة عاصمتها الدبلوماسية.
                          ـ تأليف: أحمد الكردودي الكلالي، تقديم ونشر: الدكتور عبد العزيز خلوق التمسماني، مطبوعات سليكي إخوان للطباعة والتصفيف طنجة 1997م.
                          - تخليد الذكرى الثا لثة والأربعين للزيارة الملكية التاريخية التي قام بها صاحب جلالة المغفور له محمد الخامس إلى مدينة تطوان بتاريخ 9 أبريل 1956م.
                          ـ إصدارات المجموعة الحضرية لتطوان، مطبعة سيلكراف طنجة 1999م.
                          ـ الذكرى الذهبية للرحلة التاريخية التي قام بها بطل التحرير الملك الراحل إلى مدينة طنجة يوم 98 أبريل 1947م.
                          ـ جمعية رباط الفتح ا لمطبعة الملكية الرباط 1997م.
                          ـ محمد الخامس من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر الذكرى الخمسون لزيارة طنجة التاريخة1947م.
                          ـ منشورات جمعية إنماء إقليم طنجة دار النشر المغربية الدار البيضاء 1996م.
                          ـ خمسون سنة على الزيارة التاريخية لبطل التحرير المغفور له محمد الخامس طيب اللهثراه إلى مدينة طنجة أبريل 1947م.
                          ـ إعداد: الأستاذ عبد الصمد العشاب مدير مكتبة عبد الله كنون، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير- مطبعة فجر السعادة الدار البيضاء 1996م.
                          ـ الرحلة التاريخية للسلطان المجاهد محمد الخامس إلى مدينة طنجة.
                          ـ تأليف ابن الريف محند البخلاخي منشورات نادى ابن بطوطة للرحلات بطنجة سلسلة الرحلات رقم 1 صدر بمناسبة الذكرى الخمسينية لزيارة محمد الخامس لمدينة طنجة 1947هـ ـ1997م والسنة الدولية لابن بطوطة 1997 /1998م مطبعة فضالة شركة سليكي إخوان بطنجة ط 1 سنة1997م.
                          ـ الرحلة الملكية إلى المملكة المتحدة البريطا نية(13ـ 18 يوليوز 1987م).
                          -إعداد: عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية الرباط
                          (1407 ـ1987م).
                          ـ أمير مغربي في طرابلس 1143هـ/1731م أو ليبيا من خلال رحلة الوزير الإسحاقـي.
                          - تحقيق: عبد الهادي التازي، منشورات جامعة محمد الخامس، المعهد الجامعي للبحث العلمي، سلسلة الرحلات مطبعة فضالة.
                          ـ القول المستظرف في سفر مولانا الملك الأشرف (رحلة قايتباي إلى بلاد الشام 882هـ1477م).
                          ـ تأليف: ابن الجيعان، تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري، منشورات جروس برس ط 1 1984م.
                          ـ رحلة ولي العهد إلى أفريقيا
                          ـ تأليف: د. عبد الهادي التازي، نشر المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط 1980م.
                          ـ فيض العباب وإفادة قداح الآداب، في الحركة السعيدة إلى قسنطينة والزاب.
                          ـ تأليف: ابن الحاج النميرى، تحقيق د. محمد ابن شقرون، مطبوعات دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة 1/1990م.

                          د. أبو شامة المغربي


                          تعليق

                          • أبو شامة المغربي
                            السندباد
                            • Feb 2006
                            • 16639

                            رد : أدب الرحـــــــلة ...






                            بقــــــلم: أحمد محمّد محمود*

                            يتجول بنا المؤلف في المجتمع المصري كما شاهده في القرن التاسع عشر، يصف الحياة الزاخرة النابضة تدب في مدينة القاهرة، حيث البيوت لها مشربيات، وفيها قاعة ومندرة يستقبل فيها الضيوف من الرجال، ومكان تقيم فيه النساء ويحرم على الغرباء دخوله، القاهرة بحماماتها العامة حيث يقوم على خدمة المستحمين اللاونجي والمكيساتي، وفي كل جولة من جولاتنا معه سنقف دائماً عند حقيقة واحدة : هي أننا في بعض مظاهر حياتنا قد تطورنا في أكثر من قرن من الزمان تطوراً يكاد يبلغ غايته، وفي نواح أخرى قد وقفت بنا عجلة التطور في عناد، الكتاب مرجع تاريخي يسجل فترة من حياة شعبنا في دقة تامة " هذا ما كتبته مترجمة كتاب الرحالة ( لين ) إلى العربية " فاطمة محجوب".

                            الرحالة من كبار المستشرقين الإنجليز، تعلم العربية في بلاده وأتقنها في مصر التي قضي فيها 14 عاماً قام خلالها بثلاث رحلات إليها، وعاشر أهلها وتزيا بزيهم، وكانوا يدعونه (منصور أفندي) وقد اشتهر بوضعه معجم لين (عربي _ إنجليزي) وسماه (مد العرب) واعتبره المستشرق آبري أكبر خدمة قدمها مستشرق أوروبي للغة العربية، وله ترجمة إلى الإنجليزية لقصص ألف ليلة وليلة.

                            قام برحلته الأولى إلى مصر عام 1825، وكانت وقتها تحت حكم محمد علي باشا، الذي قضى على حكم المماليك، وحافظ على روابطــــــه مع الدولة العثمانية بما يدفع لها من جـــــزية، لكنـــه فيما عدا هذا كان حاكماً مطلقاً.

                            ويكتب عن مقر الباشا "القلعة، وفيها ساحة للقضاء تسمى الديوان الخديوي وخديوي كلمة تركية تعني الأمير، ويرأس المحكمة في غياب الباشا نائبه حبيب أفندي كتخدا، ويصدر رئيس الديوان الخديوي حكمه في القضايا التي لا تدخل في دائرة القاضي أو التي هي من الوضوح بحيث لا يقتضي الأمر إحالتها إليه، والأشخاص الذين يرتكبون جرائم القتل أو السرقة يرسلون بصحبة جندي إلى حرس الحامية (قره قول) في الموسكي، وهو شارع معظم سكانه من الإفرنج، وهناك تتلى قرارات الاتهام وتحرر بها محاضر قبل إرسال المتهم للمحاكمة التي تجرى بطريقة لا تراعي آداب التقاضي، وإذا لم تتوافر أدلة كافية لمن يساق للمحاكمة يمد ويضرب بالعصا على باطن القدم ، وفي الجرائم البسيطة يعترف عادة بسرعة، حيث العقوبة إرغامه على العمل في الأشغال العامة كنقل النفايات وحفر القنوات، وأصحاء الأجســــام من أصحاب الجرائم يلتحقون بالجيش".

                            "ويتولى القاضي الذي يعين من الدولة العثمانية ويختار من بين علماء السلطنة، ويصل من القسطنطينية، منصبه لمدة عام، وقد جرت العادة أن يغادر القاضي القاهرة مع قافلة الحجاج إلى مكة فيقضي مناسك الحج ويبقى في مكة قاضياً لمدة سنة، وسنة أخرى بالمدينة، وهو يعتمد على (الباشترجمان) في نظره بين الخصـــوم، لأنـــه عـــــادة لا يحسن العربية".




                            مشاهدات عجيبة

                            "ويقدم الرحالة تفاصيل لإجراءات التقاضي ورجالاته ممن ُيحضرون المتهم والشهود، ويدفع تكاليف الدعوى من يكسب القضية من الخصمين، ويأخذ القاضي نظير حكمه في قضايا بيع الممتلكات 2% من القيمة أو إيجار سنة، و4% في قضايا الميراث، إلا إذا كان الوارث يتيماً فيخفف عنه بأخذ 2% ، وفي مدن الأقاليم يكون القاضي مصرياً ولا يكون تركياً، ويعهد للضابط آغا (رئيس البوليس) بالقبض على اللصوص وتخضع لسلطته النساء الساقطات، ويرغمهن على دفع ضريبة، ويتبعه جنود يترددون على المقاهي للتنصت إلى أحــاديث الناس ومراقبة سلوكهم، ومعظم الجنود من اللصوص الذين تم العفو عنهم، ولا يسمح لأحد بالخروج إلى الشــــارع بعد الغروب، ويعاقب من يخالف ذلك بالضرب".

                            "ويفتش الأسواق (المحتسب) يطوف بها ومعه من يحمل ميزاناً كبيراً، وجلادون وجمع من الأتباع يرافقونه، فإذا وجد بائعاً لا يوفي الكيل والميزان أو يبيع بثمن عال وقع عليه العقوبة في الحال، وهي في العادة الضرب والجلد، وقد رأيته يعاقب رجلاً باع خبزاً ناقص الوزن بأن ثقب أنفه ثم علق في الثقب قرص الخبز ناقص الوزن وجرّد الرجل من ملابسه إلا ما يستر العورة وشد وثاقه إلى سارية جامع الأشرفية في الشمس الحارقة.

                            "وبعد زيارتي الأولى لمصر عين محتسب جديد كان يقرض أذن من يرتكب أقل هفوة، وقد عاقب جزاراً باع لحماً ناقص وزن أوقيتين بأن قطع أوقيتين من لحم ظهره، وضرب مرة صاحب حمام حتى مات بسبب أنه لم يدخل (حصان المحتسب) لأخذ حمام في حمامات الرجال، والبائع الذي يدفع رشوة ينجو من العقاب.

                            "ولكل حي (شيخ حارة) وظيفته حفظ النظام والفصل في المنازعات وطرد من يخل بالأمن، ولكل طائفة من التجار شيخ يفصل في المنازعات بين أفراد طائفته، والخدم في القاهرة لهم شيخهم فإذا احتاج أحد لخادم ذهب له فيوفره مقابل قرشين أو ثلاثة، ويكون ضامناً لسلوك الخادم، وحتى اللصوص لهم (شيخ الحرامية)، ويكلف بالبحث عن السارق والمسروقات، ويحكم مديريات مصر حكام أتراك ومصريون، تتدرج وظائفهم إلى المدن والقرى، ومنهم من اشتهر بالطغيان مثل سليمان آغا السلحدار الذي كان يحكم طنطا، وتتكون الأسرة المصرية من رب الدار، والحريم وهم نساء البيت وفي مقدمتهن الزوجة والجواري والخادمات، وليس شائعاً عندهم تعدد الزوجات، ويصحو رب البيت مبكراً وبعد صلاة الفجر يتناول فنجاناً من القهوة وبعضهم يفطر بإفطار خفيف، وأكثر الفطور شيوعاً الفول المدمس، ويتكون فطور الفقراء من الخبز والدٌّقة وهي خليط من الملح والفلفل والزعتر والنعناع والكمون وتضاف لها الكزبرة أو القرفة أو السمسم أو الحمص، وتغمس كل لقمة في ذلك الخليط ، وكثير من الرجال لا يكادون يرون بدون غليون، وهو يحتاج إلى تنظيف مستمر ولذلك يكسب كثير من الفقراء عيشهم من تنظيفه متجولين من مكان لآخر، كما يدخن البعض الشيشة ويعزى انتشار مرض الكبد في البلاد العربية إلى تدخينها ".

                            "وينشأ الأطفال تنشئة دينية ويختار للطفل عند مولده اسماً من أسماء النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو زوجاته وبناته وصحابته ويبقي الطفل في القري عارياً حتي السادسة من عمره، وعندها يحلق شعر رأسه تترك خصلة من الشعر في قمة الرأس تسمى (شوشة) وأخرى فوق الجبهة، وتسرف الطبقة الموسرة في تدليل الأولاد، أما الفقيرة فلا تعنى بهم إلا قليلاً، ولا يجلس الأبناء في حضرة أبيهم أو يأكلون ويدخنون، وهم يقومون على خدمته وخدمة ضيوفه، وليس من المناظر الغريبة أن ترى في العاصمة سيدة تمشي متثاقلة في الثوب الفضفاض نظيفة أنيقة، وإلى جوارها يسير طفلها ووجهه ملطخ بالقاذورات وعليه ثيــاب رثة، وهي تفعل ذلك خشية العين ".



                            "ويقام للطفل عند ختانه احتفال وقبل الختان يخرج في زفة تطوف به الشوارع القريبة من منزله، وقلما يعتني الوالدان بتعليم أبنائهم ويكتفون بتعليمهم مبادىء الدين وما يتيسر من القرآن في الكتاتيب وما من مسجد في العاصمة أو سبيل إلإ واٌلحق به كُتاب يتعلم فيه الأطفال نظير نفقات ضئيلة، ويعطى (للفقي) الذي يعلمهم من الأوقاف ويأخذ من أولياء الأمور نصف قرش أسبوعياً، والقادرون يأتون بشيخ لمنازلهم يعلم أولادهم، وعندما فرضت الجندية على الشباب كره الفلاحون فراق أبنائهم واحتالوا لذلك بعدم أهليتهم، وفي زيارتك للقرى قلما تجد شابـاً أو فتىً لم تخلع له سن أو سنين، أو يقطع له أصبع، أو تفقأ له عين وكان الوالدان في بعض الأحيان هما اللذان يقومان بذلك فراراً من التجنيد".

                            "وما دام المصري قادراً على شراء حصان أو بغل أو حمار أو استئجاره فقلما يرى خارج عتبة داره ماشياً، ويتبع الرجال وهم راكبون خادم يحمل الغليون، وأكثر ما تستخدم الحمير في الشوارع الضيقة المزدحمة، وهي أكبر وأرقى من حميرنا من جميع الوجوه، ويسير أمام راكب الحصان خادم يفسح له الطريق، ويجري إلى جانب راكب الحمار خادم يصيح في الناس أن يتجهوا إلى اليمين أو الشمال، ويقول : (يمينك _ شمالك _ وشك _ ضهرك _ جنبك رجلك _ كعبك )، وكثيرًا ما يضيف على تلك العبارات قوله : ياأفندي إذا كان السائر تركياً، أو ياشيخ إذا كان كهلاً مسلماً، أو ياصبي للشاب، أو يا شريف لصاحب العمامة الخضراء، أو يامعلم للمسيحي واليهودي، أو يا خواجه للأجنبي والإفرنجي، أو يا ست للمرأة من الطبقة العالية، أو يا بنت للمرأة من الطبقة الفقيرة ".

                            موائد الطعام

                            "وتتكون السفرة لدى عامة الناس من خبزوليمون وأصناف الطعام ،من يخني ولحم مسبك وبصل مقطع مع بعض البامية أو غيرها من الخضروات والقاورمة والمحشي والكباب ولحوم الطيور والسمك، وأول من يأكل رب الدار ثم يتبعه أهل بيته وضــيوفه، وهم لا يستعملون الشوك والسكاكين وإنما يأكلون بأيديهم، ومن آداب الضيافة أن ينتقي المضيف أحسن الطعام ويقدمه لضيفه بيده، وبعد الطعام يتناولون الحلوى ومنها العناب والخوخ والمشمش والكنافة بالسكر أو العسل والبطيخ الذي يقطع ليبرد في مكان مكشوف تحت المراقبة خوفاً من أن يقترب منه ثعبان ،والذي يقال إنه شديد الولع به، ويشم رائحته من مكان بعيد، ويعقب هذا طبق الأرز المفلفل، وعند الأغنياء قدح من الخشاف،وفي فصل خصصه الرحالة لحياة المرأة في مصر بادئاً بما عليه العادة "من الأمور الشائنة أن ُيعرض الرجل عن الزواج إذا بلغ سناً مناسبة وكان قادراً عليه، بل قد يسيء إعراضه عن الزواج إلى سمعته، ولما كنت أنا واقعاً في هذا الإثم (العزوبية) فقد قاسيت كثيراً ولقيت مضايقات ليس أقلها صعوبة حصولي على مكان للإيجار، فما أن يُعرف عني أني غير متــــزوج حتي يطلب إلىّ إخلاء المكان لأن ســــكان الحي معترضون على إقامتي بينــــهم، ولذلك فليس أمام الأعزب إلا الســـــكن فيما يشــــبه الفندق أو عند أقاربه ".

                            احتفالات الزواج

                            ويصف ما يقام في زواج البكر والمطلقة والثيب من احتفال، أكثره إثارةً زواج البكر>تتولى الأم أو الخاطبة ترشيح العروس، وتدخل الخاطبة لبيت المرشحة كأنها مجرد زائرة أو امرأة تبيع حاجات حتى يسهل عليها الانسحاب في حالة لم تعجبها المرشحة للزواج، وتصرح بالغرض من الزيارة إذا أعجبتها الفتاة، وتحسّن لعروس المستقبل وضع (العريس) المرتقب وتبالغ في محاسنه فتقول إن الرجل الذي يبغي الزواج منك شاب صغير رشيق القامة، حليق الذقن، كثير المال، حسن الهندام، يحب الطيبات، ويريد من يشاركه الاستمتاع بها، وهو رجل يحب البقاء في بيته وسيكون دائماً إلى جانبك ،وللعروس وكيل يتولى الاتفاق على تفاصيل الزواج، يذهب إليه أصدقاء العريس للاتفاق على المهر وهو لمتوسطي الحال 1000 ريال، والأغنياء يحسبونه بالأكياس، والكيس 500 قرش، وتكون هناك مساومات عليه حتى يرتضيه الطرفان، ويتلوه عقد الزواج ودفع مقدم المهر وتوزيع الشربات، وأنسب الشهور للزواج شهر شوال، وينشغل أهل العروس بشراء جهاز العروس ليوم الزفاف. ومن العادة أن يرسل (العريس) في هذه الفترة إلى بيت عروسه فواكه وربما هدية ثمينة أو يرسل شالاً، وتحدد ليلة الدخلة بين ليلتي الجمعة والاثنين في العادة، ويزين شارع (العريس) بالفوانيس والأعلام الحريرية وتقام الولائم ويرسل المدعوون من المعارف والأقارب والأصدقاء (الرفد) قبل ليلة الدـــخلة وهو يتــــكون من سكر وسمن ولبن وأرز ".

                            " وفي ليلة الدخلة قد تقام ختمة للقرآن، و تعزف الموسيقى ويغني المغنون والمغنيات وترقص الراقصات، والعروس ترافقها صديقاتها إلى الحمام في موكب يسمى (زفة الحمام) يسير في طليعته جماعة من الموسيقيين بالمزمار والطبول وأمامهم رجل يحمل صينية عليها الأدوات والملابس التي تستعملها العروس في الحمام، كما يسير السقا الذي يسقي المارة في الموكب بالماء، مع رجل آخر يحمل قمعاً به (ما ورد) يرشه على أعضاء الزفة، وآخر يحمل مبخرة، وعادة ما تسير في المقدمة كذلك قريبات العروس، وخلفهم العروس تظللها مظلة من الحرير، يحملها أربعة رجال وهى محتجبة تماماً، ويسير الموكب ببطء،وفي كثير من المنعرجات حتى يراه أكثر الناس، وبعد الحمام تتناول العروس العشاء مع قريباتها، وتخضب أيدي العروس ويدفع لها النسوة النقوط،وفي اليوم التالى تذهب العروس في موكب زفة العـــــروس إلى بيت زوجها، وهي تشــــبه زفة الحـمام تماماً، ويتقدمها أحياناً رجل يقدم ألعاباً مثيرة أو يقوم بعمل مثير، مثلما حصل لابنة نقيب الأشراف السيد عمر الذي كان له فضل تنصيب محمد علي باشا على مصر، فقد سار أمام زفة ابنته شاب شق بطنه وأخرج أمعاءه وحملها أمامه في صينية من الفضة حتى إذا انتهت الزفة أعاد أمعــــاءه إلى بطـــنه، وظــل طـــــريح الفراش أياماً حتي شفي ".


                            "وفي المقابل يقوم (العريس) بالذهاب للحمام هو الآخر وهناك يبدل ملابسه، ويعود لبيته لتناول العشاء ثم الصلاة في المسجد، ويذهب إليها في زفة تشبه زفة العروس، وعند عودته من الصلاة يترك أصدقاءه ويصعد إلى عروسه التي يكون معها عدد من قريباتها، ويعطي (البلانة) هدية تأخذها وتغادر الغرفة، ويبقى وحده مع عروسه وهي تغطي وجهها ولا تكشفه إلا بعد أن يعطيها (حق كشف الوش) وتتمنع امعاناً في إظهار حيائها، وبعد رفع الغطاء عن وجهها يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ليلة مباركة، وترد عليه: الله يبارك فيك، ويلي ليلة الدخلة (السبوع) وفيه تقام ختمة، وفي يوم الأربعين تذهب العروس إلى الحمام ويعقب عودتها منه وليمة، وليس من الشائع تعدد الزوجات في مصر، ولا يعد التدخين أمراً يشين المرأة مهما علا قدرها، والغليون الذي تستخدمه أرشق من غليون الرجل، ويتعاطين مستحضرات للسمنة حتي يبلغ امتلاء الجسم الحد المرغوب، وبعض المستحضرات عبارة عن خنافس مهروسة، مع أن المصريين عكس المغاربة والأفارقة لا تعجبهم المرأة السمينة، وتقضــــي المرأة أوقات فراغها في أعمال شغـــل الإبرة وخاصة تطريز المناديل، والطرح ".



                            "وحين تخرج نساء الطبقة العالية أو المتوسطة للزيارة لا يفعلن ذلك سيراً على الأقدام، بل يركبن الحمير، ويسير مع المرأة خادمان على جانب الحمار، وتخرج النساء عادة مع بعضهن فيسير الحمار خلف الحمار فيصبح منظرهن فريداً من نوعه والرجل المهذب لا يحدق فيهن بل يغض طرفه،وطعام الفلاحين في غالبه من الخبز واللبن والبيض والفسيخ والقثاء والبطيخ والقرع والبصل والكراث والفول والترمس والعدس واالتمر والمخلل، وكان الأرز غالياً ثمنه لا يأكلونه واللحم عسير المنال على الغالبية، وليس عندهم من متع إلا تدخين التبغ الرخيص، ومما يثير العجب والدهشة أن يكون طعام الفلاحين على هذه الدرجة من الجدب والهزال وهم مع ذلك أصحاء الأجسام أقوياء قادرون على أداء أشق الأعمال،ونساء الطبقة الفقيرة قلما يعرفن الفراغ وبعضهن يشقين أكثر مما يشـــــقى الرجال، وقلما يســـــمح للمرأة بالأكل مع زوجها، وهي التي تحمل (الحاجيات ) بينــما زوجها لا يحمل سوى غليونه ".

                            مواهب المصريين

                            وقد أعجب الرحالة لين أيما إعجاب بأخلاق المصريين " وهبهم الله مواهب عقلية ممتازة أهمها سرعة الفهم وحضور البديهة وقوة الذاكرة، واعتزازهم بدينهم، وتوقير نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا نزلت بأحدهم نازلة صبر لها صبراً يعد مثالاً يحتذى، وحب الخير والإحسان فضيلتان يتميز بهما المصريون، وقد أثلج صدري أن رأيتهم يعطفون على الحيوان الأعجم، وإن وجد في أخلاقهم غلظة أو فظاظة فذلك راجع إلى سوء معاملة الأجانب لهم، ولم أشهد مصرياً يضرب حيواناً إلا في المدن التي يتردد عليها الإفرنج مثل القاهرة والإسكندرية وطيبة،وكرم الضيافة من صفات المصريين العامة، وهي صفة جديرة بالإعجاب، ومن عادة الطبقة العامة أن يتناولوا عشاءهم أمام منازلهم ويدعون كل من يمر لمشاركتهم، وهم يحافظون على الخبز محافظة شديدة وهو لذلك يسمي) عيش (ولا يفرطون في كسرة منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وهم حريصون على النظافة ويرجع ذلك إلى حث الدين على النظافة، ويتميزون بالعناد من قديم الزمان حتى إنهم كانوا أيام الرومان لا يدفعون الضرائب إلا بعد أن يضربوا ضرباً مبرحاً، ويتباهون بعدد الجلدات التي يتلقاها الواحد منهم،وهم يميلون إلى التهكم والسخرية ولغتهم العربية غنية بذلك، وأثناء زيارتي الأولى لمصر انتشرت أغنية بمنــــاسبة زيادة ضــــريبة الدخل التي تعرف بالفردة: (ياللي مفيش حيلتك غيـــر لبدة .. روح بيعها وادفع الفردة).

                            المواسم والأعياد

                            ويتحدث الرحالة بالتفصيل عن المواسم والأعياد في مصر وما يجري فيها، عاشوراء، و نزلة الحج في أواخر شهر صفر حيث تعود قافلة الحجاج المصريين من مكة المكرمة وفيها تحتفي الأسر بأقاربهم ممن أدوا فريضة الحج وعادوا سالمين، وفي الىوم التالي لعودة القافلة تحتفل البلاد بعودة المحمل، ويسير موكبه من الحصوة إلى القلعة مخترقاً شوارع العاصمة ، وفي ربيع الأول تبدأ الاستعدادات للمولد النبوي الشريف، وفي ربيع الثاني يقام مولد الحسين رضي الله عنه، وليلة التحري لرؤية هلال رمضان وليالي رمضان ، وعيد الفطر، واحتفالات بزيادة ماء النيل وفيضانه، وبالرغم من استشفاء الناس بالقرآن الكريم، إلا أن هناك الكثير من معتقدات الخرافات ومن ذلك نبات الصبر الذي يعلقونه على أبواب البيوت الجديدة كتعويذة لحياة سعيدة، ومنها أن يكسروا قلة خلف الشخص الذي يخشون أذاه، ويستخدمون حجر البنزهير ترياقاً للسموم، ويعالج الىرقان من مياه بئر تملكه عجوز يقال له بئر الىرقان" ويتبعون طريقة مضحكة في علاج الدمل الذي يظهر على حافة العين ويسمونه - شحاته - بأن يربط المصاب قطعة من القطن حول طرف عصا ثم يغمسها في أحد الأحواض المعدة لشرب الكلاب، والحكمة في العصا أن يتجنب وضع يده في الماء النجس".

                            ويختم الرحالة رحلته بالفنون الشعبية في مصر: "ويقوم بأكثرها الدراويش في مناسبات عديدة، فأفراد من طائفتي السعدية والرفاعية يطوفون بالبيوت ويعرضون إخراج ما فيها من الأفاعي، مقابل أجر لا يكاد يقيم أودهم، وهناك الحواة الذين يقومون بألعابهم في الأماكن العامة، ويعرض بعضهم خدعاً معيبة، ومنهم من يخرج من فمه عدداً هائلاً من الأقمشة الحريرية المتعددة الألوان ويدخل في فمه قطناً ويخرجه ناراً، ومعظم ألعابهم تعتمد على خفة الىد، وهناك القرداتي الذي يبعث التسلية والمرح في قلوب العامة بما يقدمه من ألعاب يشترك فيها قرد وحمار وكلب وجدي"، ويتسلى الناس بمشاهدة تمثيليات فكاهية وهناك (لقراجوز) وقد أدخله الأتراك إلى مصر ولذلك تتكلم الدمي بالتركية، ويسمي بالعربية خيال الظل، وهناك وسيلة للتسلية أرقى مما ذكرنا وهي: رواة الحكايات الشعبية وأكبرهم (الأبو زيدية) الذين يروون سيرة أبي زيد الهلالى، والعناترة الذين يروون سيرة عنترة بن شداد، وآخرون يروون سيرة الظاهر بيبرس يسمون الظاهرية وسيرة دلهمة (ذي الهمة) وســــيف بن ذي يزن، وقصـــص ألف ليلة وليلة.

                            ----------------------------------------

                            المرجــــع:

                            إنجليزي يتحدث عن مصر ـ تألىف: أ.و. لين ـ ترجمة: فاطمة محجوب من منشورات دار التحرير للطباعة والنشر ـ سلسلة كتاب للجميع ـ سبتمبر عام 1957م.

                            المصدر





                            د. أبو شامة المغربي

                            kalimates@maktoob.com





                            تعليق

                            • أبو شامة المغربي
                              السندباد
                              • Feb 2006
                              • 16639

                              رد : أدب الرحـــــــلة ...

                              آتت هذه الرحلات من كبار علماء مكة العالمة إلى البلاد الإسلامية ثمارها ونتائجها الطيبة على الرغم من تعدد أسبابها، تتلخص هذه الآثار في الآتي:


                              أولاً: إشاعة الوعي الإسلامي وتأسيس المدارس
                              تجرد كثير من علماء مكة العالمة للدعوة إلى الله عز وجل، ونشر الإسلام، فكانت هذه غايتهم، وفي سبيل تحقيقها رحلوا إلى عدد من الأقطار الإسلامية في آسيا، وأفريقيا، السبيل إلى هذا هو التدريس، وتأسيس المدارس الدينية، فقد كان هذا ديدنهم إذا حلوا في البلاد التي رحلوا إليها.
                              اضطلع بهذه المهمة عدد كبير من العلماء ومن هؤلاء:
                              العلامة الفقيه الشيخ سعيد يماني رحمه الله (1265- 1352هـ):
                              قام رحمه الله برحلة إلى أندونيسيا عام 1344هـ يرافقه أبناؤه العلماء: الشيخ حسن، وصالح، ومحمد علي رحمهم الله تعالى، فكانوا لا ينزلون بلداً إلا وتقام لهم حفلات التكريم، والتقدير من طلابهم المنتشرين في تلك الجهات، والذين قاموا بنشر الدين بين أبناء وطنهم.
                              ● العلامة الشيخ محمد علي بن حسين المالكي رحمه الله تعالى (1287 - ألف وثلاثمائة وثمان وستين):
                              "قام برحلة إلى أندونيسيا عام 1343 هـ ومكث به ثمانية عشر شهراً زار أثناءها سومطرة، ثم رجع إلى مكة وواصل تدريسه بالمسجد الحرام.
                              وفي عام 1345 هـ، قام برحلة إلى أندونيسيا أيضاً وأقام بها ستة أشهر، مر في طريقه بملايا، وقابل السلطان إسكندر شاه بن سلطان إدريس شاه فأكرمه، وشمله بعطفة وإحسانه تقديراً لعلمه، ومكانته".
                              رافق الأستاذ عمر عبد الجبار فضيلة الشيخ محمد على بن حسين المالكي في إحدي هذه الرحلات قائلا:
                              "ولما قدم رحمه الله إلى أندونيسيا قابلت فضيلته في بنجر ماسين، ورافقته في زيارة طلابه العلماء المنتشرين في كل من (مرتفور، وكندا، وهليبو، وراباي، وأمنتاي)، وكانت تقام له في كل بلد ينزل فيها حفلات، تغص بطلاب العلم، فيدرسهم، ويعظهم، ويرشدهم إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة، فيقوم بترجمة دروسه أحد طلابه، ثم سافر إلى سربايا، وصولو، وجاكرتا، وغيرها من مدن أندونيسيا، فيكرم في كل بلد ينزل فيها"
                              ● العلامة القاضي الشيخ أحمد بن عبد الله القاري (1309 - 1359 هـ): "سافر إلى الهند عام 1343 هـ، وأقام بها حوالي عامين.
                              ● العلامة القاضي الشيخ حامد بن عبد الله القاري: رحل إلى الهند، وأندونيسيا، وسنغافورة حيث درس هناك، ثم سافر إلى بورنيو حيث عين مديراً للمدرسة الإسلامية هناك".
                              ● العلامة المربي القدير الشيخ محمود عبد الله القاري رحمه الله
                              (1320 - 1397):
                              يتحدث الأديب الكبير الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار عن أستاذه الشيخ محمود عبد الله القاري وآثاره التي تركها في البلاد التي ارتحل إليها سنوات عديدة قائلا:
                              "وكان يحسن بعض اللغات مثل اللغة الأندونيسية، والأردية، وله طلاب ينتشرون في آسيا، وأفريقيا، وبخاصة في أندونيسيا، وليست كثرتهم، لأنه قضى بها أربع سنوات من سنة 1344هـ إلى 1348هـ، بل لأنه كان بين طلبته بمكة في مدارسها وطلبته بالمسجد الحرام كثير من الأندونيسيين، ويعد الشيخ محمود قاري من بناة نهضة التعليم الإسلامي في أندونيسيا، فهو من واضعي المنهج، ومن أعظم من نشروا العلم فيها، حتى انتشر تلامذته في ذلك الأرخبيل"، يضيف الأديب الكبير الأستاذ عبد الغفور عطار قائلا:ً
                              "وجيل شيخنا من الأساتذة جيل النابغين العباقرة، فكل مشائخنا، وأساتذتنا كانوا عظماء، كباراً في العلم، والفضل، والنبل، والأخــــلاق وهم الذين بنوا العلم، ونهضوا به..."
                              ثانياً: شغل المناصب الدينية الرفيعة:
                              شغل عدد من علماء مكة العالمة الذين رحلوا إلى بعض البلاد الإسلامية مناصب دينية وعلمية رفيعة مثل: مشيخة الإسلام، والإفتاء، والقضاء، وإدارة المؤسسات العلمية، فمن العلماء المكيين الذين تولوا مشيخة الإسلام:
                              العلامة السيد عبد الله بن صدقة بن زيني دحلان، وذلك ببلدة قدح، وممن تولى الإفتاء في بلاد الملايو فضيلة العلامة الفقيه السيد عبد الله زواوي المكي، فقد ظل مفتياً للبلاد لمدة طويلة، كما تولى الإفتاء بولاية ترنقانو العــلامة الفقيه الشيخ حسن يماني رحمه الله تعالى.
                              ثالثاً: تنمية حس الفقه الاستدلالي المقارن:
                              كثيرا ما يستضاف علماء مكة العالمة في مجالس علماء البلاد التي رحلوا إليها، فتجرى في تلك المجالس بعض مذاكرات في المسائل الفقهية ولما كان المجتمع العلمي المكي منفتحاً على كل المذاهب، وللفقه الاستدلالي، والمقارن رواج بين فقهائه، في معرض ذكر آراء المجتهدين، يذكر استدلال كل فريق من المختلفين، ثم ترجيح واحد من تلك الآراء.
                              هذا المنهج العلمي الفقهي لم تروض عليه بعض المدارس الفقهية في بعض البلاد الإسلامية، ولم يأخذ فقهاؤها أنفسهم بذلك، فيكون منهم موضع استنكار لو سلك فقيه غير مسلكهم.
                              مع علماء السودان
                              يــــذكر العلامــة الفقيه فضيلة الشيخ حسن بن محمد المشاط رحمه الله تعالى عندما رحل إلى السودان، وقد وجد من أهلها كل حب وتقدير وإكرام، كان حديثه عن بلاد السودان، وكرم أهله، وسماحة علمائه سبحة لسانه عندما تأتي المناسبة للحديث عن أهل السودان، يذكر أنه "أقام بالسودان خمسة أشهر عام 1364هـ، واجتمع بعلمائها ووجهائها، قابل الزعيم الديني السيد علي ميرغني، وكان محل الحفاوة والتقدير من أهلها، زار معاهدهم العلمية، وحاضر بالمساجد، وأحيا ندوات ومذاكرات علمية مع العلماء وطلاب العلم، وقد ذكر رحمه الله قصة طريفة لها مدلولها القريب والبعيد في مذكراته عن رحلته وانطباعاته عن السودان ذلك أنه:
                              حضر دعوة الأستاذ الشيخ الفاتح بن قريب الله الذي جمع له كثيراً من العلماء بداره بالخرطوم "وجرت بيني وبين علمائهم مذاكرات جمة في العلم، وظهر أنهم جامدون على مسائل الفقه المجردة، ولا يرضون بذكر الأدلة، حتى إن بعضهم نصحني بعد أن ذكر أنه يحبني، وما حمله على النصح إلا الحب الخالص، ونصيحته: أنه شعر مني إذا ذكرت مسألة في الفقه ربما أذكر آية، أو حديثاً يصلح أن يكون دليلاً للمسألة، فأفادني ذلك العالم بأن هذه وظيفة المجتهد ونحن بعيدون عنها، فأفهمته بأن مرتبة المجتهد فوق ذلك بمراحل، ونحن إنما نذكر المسائل والاستنباطات نقلاً عنهم، لا من عند أنفسنا، وبذلك يبدو لنا اتساع دائرة الفقه، واتساع علوم أساتذتنا ومشايخنا في الفهم والاستنباط إلخ. فما رضي في ذلك ورأيت أن الأوفق التسليم".
                              ويعقب فضيلته على هذا بقوله:"وهنا يناسب أن أذكر فائدة وقفت عليها في لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية أثناء كلامه في فضل العلم والعلماء، وما جاء في ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية قال رضي الله عنه ج 1، ص 26:(كان سفيان الثوري، وابن عيينة، وعبد الله بن سنان يقولون: لو كان أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد فقيهاً لا يتعلم الحديث، ومحدثاً لا يتعلم الفقه".
                              مع علماء مصر
                              ثم رحل منها إلى مصر وكانت له لقاءات علمية مع كبار علمائها وتبادل معهم الإجازات العلمية على عادة المحدثين والعلماء، لقي من كبار علمائها العلامة محمد زاهد الكوثري وكيل المشيخة الإسلامية سابقاًً بالدولة العثمانية، والعلامة الشيخ سلامة العزامي القضاعي، والشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ مصطفى الحمامي، والشيخ أحمد عبد الرحمن الساعاتي شارح مسند الإمام أحمد، والشيخ عبد الله العربي المصري الذي بلغ من العمر مائة وأربعين عاماً، وقد أخبر الشيخ المشاط أنه أدرك الشيخ إبراهيم الباجوري.
                              وقد كان موضع حفاوة الأوساط العلمية وتقديرهم، وألقى محاضرات ودروساً ببعض الجمعيات، والجوامع في القاهرة، ثم قام برحلة إلى الشام، لقي ببيروت العلامة محمد العربي العزوزي أمين الفتوى بالجمهورية اللبنانية، والشيخ عبد العزيز عيون السود أمين الفتوى بحمص، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة بحلب، والشيخ صالح فرفور، والشيخ عبد الوهاب الصلاحي، والشيخ محمد الكافي، والسيد زين العابدين بن الحسين شقيق السيد محمد الخضر حسين، والشيخ جميل الشطي وغيرهم من علماء الشام ممن كانت له معهم لقاءات علمية مفيدة، فأمضى بينهم ليالي وأياماً حافلة بالكرم والمناقشات والمذاكرات، وكانت مناسبة لزيارة كثير من الآثار والمعالم الإسلامية في تلك البلاد.
                              ومنها توجه إلى مصر وأقام بها ما يقرب من الشهر، عاد بعدها إلى مكة المكرمة وقد صحب معه نوادر المؤلفات والكتب.
                              رابعاً:التأليف في المناهج الدراسية:
                              كان من ثمار رحلات علماء مكة العالمة أن اضطلع بعضهم بالتأليف في المناهج الدراسية التي تتلاءم مع بيئة البلاد التي رحلوا إليها، يبرز في مقدمة هؤلاء:
                              * المربي الكبير الأستاذ عمر يحيى عبد الجبار رحمه الله (1318 - 1391هـ):
                              يحكي الأستاذ عمر عبد الجبار تجربته في وضع المناهج لمدارس أندونيسيا أثناء إقامته بها:"وكنت... عام 1350هـ وضعت كتباً مدرسية للمدارس العربية في أندونيسيا تتمشى مع رغبتهم، وبيئتهم فلقيت من تشجيع (السيد محمد طاهر الدباغ) رحمه الله ما حفزني إلى متابعة التأليف والنشر والطبع، ومثله من يقدر، ويشجع على ما فيه الصالح العام".
                              يتحدث الأديب الكبير الأستاذ عبد القدوس الأنصاري تنويهاً بنشاط الأستاذ عمر عبد الجبار في هذا المجال العلمي، وإعجاباً بكفاءته، وتقديراً لإنجازاته في مجال العلم والمعرفة قائلاً:
                              "الأستاذ عمر عبد الجبار بدأ حياته العلمية بالمسجد الحرام، ثم بدراسة الفنون العسكرية في زمن الدولة الهاشمية... فدخل المدرسة الحربية بمكة المكرمة، وهي أول مدرسة حربية أنشئت في بلاد العرب، وتخرج منها ضابطاً، وزاول الحياة العسكرية القاسية في تمريناتها، وأعمالها المرهقة، فلما دالت الدولة الهاشمية رأيناه ينتقل إلى أندونيسيا، فإذا بذلك الشاب الذي نشأ نشأة عسكرية في أول حياته يصبح بعدها مؤلفاً ومدرساً، بل أول مؤلف للكتب الدراسية للأطفال باللغة العربية في تلك الديار النائية التي كانت تتمخض تحت وطأة الاستعمار الهولندي الغارب بنهضتها المرتقبة.
                              وقد أقام عشر سنوات هنالك يمارس التأليف، ثم عاد إلى وطنه فافتتح مكتبة علمية في باب السلام عامرة بذخائر الكتب المفيدة".
                              خامساً: التأليف في البلاد التي رحلوا إليها
                              ألف بعض علماء مكة العالمة في القرن الرابع عشر مؤلفات في البلاد التي رحلوا إليها، فأصبحت مصادر يرجع إليها، من أبرز هؤلاء:
                              * العلامة الشيخ محمد بن العلامة الشيخ خليفة النبهاني رحمهما الله تعالى (1301 - 1370هـ): "قام برحلة إلى البحرين عام 1331 هـ فاتسعت مداركه، وزادت علومه، وكان يدرس في كل بلد ينزل فيها إلى أن وصل في رحلته إلى العراق فنزل البصرة فعين قاضياً فيها، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى اعتقله الإنجليز، وســلبوا كتـــبه وأوراقه، ولما أفرج عنه عام 1334 هـ لم يــــؤذن له بمغادرة البصرة فظـــــل فـــيها إلى أن أدركته المنية عام 1370 هـ".
                              كان من نتاج رحلة هذا العالم المكي أن ألف كتاب:
                              (التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية)، وهي اثنا عشر جزءاً مزينة بالرسوم، وقد أصبح هذا أحد المصادر المهمة لكتاب (إفادة الأنام بذكر أخبار البلد الحرام) من تأليف العلامة المحدث الشيخ عبد الله غازي المكي رحمه الله تعالى.
                              يعلق الأستاذ عمر عبد الجبار رحمه الله على النشاط التأليفي للشيخ محمد بن خليفة النبهاني وما تمخضت عنه رحلاته من كتب مفيدة قائلا: "أرأيت كيف يكون النشاط في سبيل نشر العلم، ومحاربة الجهل؟ أرأيت كيف تستغل الرحلات لما فيه نفع الناس، وتخليد الذكر الطيب.
                              لقد هاجر الشيخ محمد بن العلامة الشيخ خليفة النبهاني من وطنه (مكة المكرمة) مسقط رأسه إلى جزر الخليج العربي، والعراق فلم يستعذب الراحة، ويركن إلى الدعة، ويندفع وراء الترف وملذاته، وإنما كان يحمل في يده بذور العلم فيخفيها في كل أرض نزل فيها، ويتعهدها بسقيه حتى تنمو، وتؤتي أكلها، وتتسع لها العقول، وتتفتح أمامها الآفاق.
                              ولئن فاتني الاستماع إلى درسه بالمسجد الحرام لم يفتني دراسة كتبه والانتفاع بذخائرها..."
                              سادساً: توفير المصادر العلمية وتبادل المطبوعات:
                              كان من دأب بعض علماء مكة العالمة الارتحال إلى بعض البلاد الإسلامية الشهيرة بمطابعها كالهند، وتركيا، ومصر، وبلاد الشام، وغيرها، وكان من أهداف رحلاتهم إحضار المطبوع من الكتب التي يحتاجونها شخصياً، وبعضهم اتخذ من الرحلة سبباً للتكسب في الكتب، يأخذون معهم مؤلفات علماء مكة لبيعها، وإذاعتها في البلاد التي يرحلون إليها.
                              من أشهر هؤلاء العلامة المحدث، مسند الشرق العلامة الشيخ أبو الخير أحمد بن عثمان العطار (1277 - 1335هـ) فقد جاء في ترجمته أنه: كان يتجر بكتب الحديث فيجلب من الهند غريبها إلى الحجاز، ويحمل إلى الهند الغريب من كتب الحجاز، استمر على هذا المنوال حوالي خمسة عشر عاماً، حتى كون له مكتبة عامرة بصنوف كتب الحديث، فأكب على التأليف.
                              سابعاً: التوسط بالإصلاح بين الجماعات
                              من الأعمال التي اضطلع بها بعض علماء مكة العالمة تطوعاً في رحلاتهم إلى البلاد الإسلامية الإصلاح بين الجماعات الإسلامية المتنازعة، فقد قام العلامة السيد محمد طاهر الدباغ رحمه الله بفض النزاع، والتوفيق بين جماعة السادة العلويين والإرشاديين في سنغافورة، يحكي هذه الوساطة الأستاذ عمر عبد الجبار قائلاً: "وفي عام 1531هـ تسلمت من سيادة السيد محمد طاهر الدباغ رحمه الله رسالة يستعجلني فيها بالسفر إلى سنغافورة، ونزلت بدار السيد عبد الواحد الجيلاني صاحب صحيفتي (الهدى) و(القصاص)، وكان من ألد أعداء السيد طاهر، والناقمين عليه فاستقبلني، وهو يقول: سافر الزعيم، سافر البطل، السيد طاهر الدباغ إلى عدن، بعد أن أمتلك قلوب أعدائه وأزال من نفوسهم ما علق فيها من بغض وكراهية، ثم استطرد قائلاً:
                              (لقد أقام العلويون للسيد طاهر الدباغ حفلة تكريم، فحضرت إليها وفي نفسي من الشر وإثارة النفوس ضد السيد طاهر الدباغ أكثر مما نشرته (بالهدى والقصاص) من سباب وشتائم، ولكن لم يكد يصعد السيد طاهر على المنصة ويلقي كلمته حتى أزال من صدور أمثالي المتهورين المغرورين الناقمين على الرجل المصلح، والزعيم الحكيم ما نكنه له، فصرنا نصفق لكل كلمة ينطق بها، لقد قال في خطابه الخالد:
                              إن الخلاف بين العلويين والإرشاديين يرجع إلى قشور لا قيمة لها بجانب رابطتهم الدينية والوطنية، ولقد درست أسباب هذا الخلاف فلم أجد مبرراً لخروج الفريقين عن جادة الاعتدال، وإني أشفق على المندفعين لتوسيع الخرق، وقطع روابط الإخاء، وسيأتي يوم يثوب فيه الشباب إلى رشده فيحملون مشاعل الإصلاح في المهجر، والوطن، لا فرق بين علوي، وإرشادي ما دامت كلمة التوحيد تجمع بينهما.
                              ثم استطرد السيد عبد الواحد الجيلاني يصف دماثة أخلاق السيد طاهر، ومقابلته له بوجه باش، وابتسامة أخجلته، فاعتذر منه على كل ما نشر بالهدى، القصاص، فقال رحمه الله: لولا ما كتبته عني لما تعارفنا، وتصافينا فجزاك الله خيراً على فتح باب التعارف بنقدك اللاذع".
                              يعلق الأستاذ عمر عبد الجبار رحمه الله على هذه القصة قائلا: "وهكذا استطاع السيد طاهر الدباغ أن يحول قلوب أعدائه إلى أصدقاء مخلصين"
                              ثامناً: نشاط متنوع:
                              سجل التاريخ نشاطاً متنوعاً لبعض علماء مكة العالمة بالدعوة إلى الله، ونشر المعارف، وتأسيس المدارس، والجمعيات المختلفة في عدد من البلاد الإسلامية، وفض بعض النزاعات القديمة، وتأسيس صحافة إسلامية، يمثل هذا التنوع عدد من العلماء المكيين يقتصر البحث على عرض تاريخ عالمين جليلين:
                              الأول: العلامة الفلكي السيد عبد الله بن صدفة بن زيني دحلان:
                              (1288 - 1363هـ).
                              الثاني: العلامة الفقيه القاضي الشيخ عبد الله بن أحمد المغربي رحمه الله (1311 - 1395هـ).
                              وفيما يلي نبذة عن جهودهما المخلصة رحمهما الله:
                              ● جاء في ترجمة العلامة الفلكي السيد عبد الله بن صدقة بن زيني دحلان.
                              ● أما فضيلة الفقيه القاضي الشيخ عبد الله بن أحمد المغربي رحمه الله فقد قام بنشاط متعدد ومتنوع في بلاد الملايو: في التعليم، والقضاء، والدفاع عن الإسلام بصد افتراءات المبشرين، وإنشاء مطبعة خاصة بالمصحف الشريف، وغير ذلك مما جاء مفصلاً في مذكرة أعدتها حفيدته المصون سوسن بنت جابر عبد الله المغربي ملخصها أنه:
                              ● في سنة 1340هـ (1921م) تولى إدارة مدرسة مشهور الإسلامية التي تعد النواة الأولى للنهضة الدينية والعلمية في الملايو.
                              ● وفي سنة 1342هـ (1923م) تولى القضاء بجزيرة (فيننج) واستطاع أن يصلح بين فريقين متخاصمين اشتد العداء بينهما فأطفأ نار الخلاف والخصومة بينهما بعد أن تفاقم الأمر واشتد العداء بين الفريقين، وقد عرفت هذه القضية باسم (لبي موسى).
                              ● عام 1347هـ أسندت إليه إدارة المدرسة السلطانية المسماة (المدرسة الإدريسية) في سلطنة فيرق.
                              ● في سنة 1341هـ (1922م) استطاع بجهوده أن يعيد إلى جادة الإسلام فرقة (متهاري) المنحرفة الاعتقاد، فقد أعلنت توبتها على يديه.
                              ● في أواخر سنة 2531 هـ (3391 م) قام بحملة صحفية ضد المبشرين، فنشر سلسلة من المقالات القوية كان من نتائجها تأسيس حركة إسلامية منظمة دخل بسببها كثير من سكان ساكي إلى الإسلام.
                              ● في سنة 2431 هـ (3291 م) غادرت البلاد أول بعثة تعليمية إلى مصر، ثم تتابعت البعثات إلى مدارس مصر، والجامع الأزهر، ومدارس الهند.
                              ● أسس في عام 1350هـ (1931م) مدرسة الهدى الدينية للبنين والبنات، وقد تمكن الشيخ عبد الله المغربي في سنة 1353هـ من شراء مطبعة، أطلق عليها اسم (مطبعة الهدى الدينية)، وكان من أهم إنجازاتها طباعة مصحف شريف عن نسخة تركية عرفت بالمصحف السلطاني الحميدي، وقد أشرف الشيخ على تصحيحه بنفسه، إلى غير ذلك من النشاط العلمي والاجتماعي الذي بذل نفسه له رحمه الله.
                              تاسعاً: مهمات رسمية
                              آخراً، وليس أخيرًا فإن من جملة رحلات علماء مكة العالمة ما اضطلع به بعضهم في القرن الرابع عشر الهجري من مهمات رسمية انتدبهم لها الوالي على البلاد مثل:
                              القيام بالوساطة لإيقاف الحرب التي كانت دائرة بين الدولة التركية والمملكة اليمنية في وفد برئاسة العلامة عبد الله بن عباس بن صديق (1270 - 1353هـ):
                              "انتدبه الشريف علي والي مكة المكرمة إلى صنعاء مع هيئة يرأسها من كبار علماء مكة المكرمة للتوسط بين الترك والإمام، فتوفي بصنعاء وكان من أعضاء الوفد العلامة الشيخ علي بن محمد سعيد بابصيل (1273 - 1353 هـ): رافق والده في الهيئة العلمية. سنة 1325 هـ للتوسط.. لإيقاف القتال، وإزالة سوء التفاهم بينهما. يقول الشيخ عمر عبد الجبار رحمه الله:
                              "حدثني أحد أعضاء هذه الهيئة وهو الشيخ محمد فاضل كابلي المتوفى عام 1375هـ بقوله:
                              رافقت الهيئة - يا ولدي - وكان رئيسها الشيخ عبد الله بن صديق مفتي الأحناف ابن الشيخ عباس بن صديق مفتي أحناف عصره، ومن أعضائها الشيخ محمد صالح كمال، والشيخ محمد سعيد بابصيل، وولده الشيخ علي بابصيل، والشيخ عمر باجنيد، والشيخ جعفر لبني، فلما وصلنا صنعاء سمح لنا قائد الجيش التركي بالمرور، فكتبنا للإمام يحيى نشعره بمهمتنا، فبعث وفداً من كبار علماء اليمن لاستقبالنا، فلما وصلنا القصر الملكي خف الإمام فعانق كل واحد منا وهو يقول: مرحباً بعلماء بيت الله الحرام (مرحباً بوفد مهبط الوحي والنور، مرحباً بوفد أقدس البلدان، مرحباً برسل السلام، أهلاً وسهلاً بكم في بلادكم، والله ما (نشتي) للنزاع، (ولا نشتي) سفك الدماء إنما (نشتي) دين الله، وإقامة حدود الله.
                              فكان في كلامه جواب لمهمتنا، إذ ألمح فيه عن أسباب قتاله للترك، ولكن الهيئة رأت أن تكتب له ليكون جوابه مستنداً في مخابراتها مع أمير مكة الشريف علي بن عبد الله، فأجابهم رحمه الله ورحمهم...." يعلق الأستاذ عمر عبد الجبار على هذه القصة قائلاً: "هذه قصة إن دلت على شيء فإنما تدل على نشاط علماء العهد الماضي، واشتراكهم في جميع الميادين غير مبالين بمشاق الأسفار إلى بلاد بعيدة، حيث لا توجد في عصرهم من وسائل النقل غير الجمال، والبغال، والحمير، رائدهم الإصلاح، وفض النزاع بين المسلمين، توحيداً لكلمتهم، وجمعاً لشملهم".
                              ومن المهام التي قام بها علماء مكة العالمة في رحلاتهم: ما يذكر عن السيد عباس ابن عبد العزيز المالكي (1270 - 1353هـ) انتدبه الشريف حسين بن علي إلى الحبشة لبناء مسجد للمسلمين فيها، ثم إلى بيت المقدس لبناء قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وحمل معه الأموال التي تجمعت من الاكتتاب لهذا الغرض"
                              هذه نبذة موجزة عن بعض النتائج لرحلات علماء مكة العالمة في القرن الرابع عشر الهجري استشهاداً، وتمثيلاً وليست استقصاء، تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين، فمن ثم استحقوا الدعاء بالرحمة، والرضوان، والثناء الجميل من الأجيال اللاحقة.
                              خلاصة علمية
                              تبين من العرض السريع الموجز لنشاط علماء مكة العالمة الأجلاء في القرن الرابع عشر الهجري، بأن نشاط علمائه هو امتداد للمد العلمي في تاريخ مكة العالمة خلال القرون الماضية، يقول الأديب الكبير الشيخ عبد الله بلخير رحمه الله:
                              "كان الحجاز (بعامة، ومكة المكرمة بخاصة) مباءة للعلم والمعارف، كل هذا خلال أربعة عشر قرناً، علماء ما وراء النهر في أفغانستان، وجنوب شرقي روسيا، وأطراف الصين الغربية، وأقطارها بما فيها إيران كانوا كعلماء المغرب والأندلس شهداء على هذه المسيرة العلمية المنقطعة النظير في تاريخ الحضارة البشرية، بما لا مقارنة معها مع أي جهد، أو بذل، أو دراسة، بل إنها أصبحت في جميع الأصقاع النائية المترامية الأطراف مدرسة سلوك، ونمطاً من أنماط الاقتداء والاقتفاء" والذين غادروا البلاد المقدسة، ورحلوا إلى بعض أقطار العالم الإسلامي، وبخاصة بلاد جنوب شرق آسيا، حافزهم إلى ذلك أسباب عديدة، تم ذكر عدد منها:
                              ● الرغبة في القيام بواجب الدعوة إلى الله عز وجل ونشر العلم والمعرفة.
                              ● الظروف السياسية والأمنية.
                              ● التخلص من المناصب الحكومية، وبخاصة القضاء.
                              ● الحصول على الأسانيد العالية من كبار علماء العالم الإسلامي.
                              ● العمل على توفير المصادر والكتب بين مكة وبقية العالم الإسلامي.
                              ● دعوة الطلاب الوافدين مشايخهم المكيين لزيارة بلادهم.
                              ● القيام بالوساطة بين الدول والجماعات لإصلاح ذات البين.
                              وبرغم اختلاف الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك فقد أسهم جميعهم اسهاماً كبيراً في بث الوعي الديني في البلاد التي رحلوا إليها، وسعيهم الحثيث لتثقيف الأمة الإسلامية، ونشر الوعي العلمي، وكان من ضمن ما اضطلعوا به القيام بعدد من الوظائف الدينية الرفيعة: مثل مشيخة الإسلام، القضاء، والافتاء، وإدارات المدارس الدينية، وتأسيس المؤسسات العلمية، وكان لهؤلاء العلماء رحمهم الله الدور الكبير في وطنهم مكة المكرمة وخارج بلادهم.
                              إن مناسبة (مكة عاصمة الثقافة)، وإعلان هذا عالمياً من المنظمة الإسلامية للعلوم والفنون (الإسيسكو) حافز كبير لأبناء مكة خصوصاً، وأبناء المملكة العربية السعودية عموماً أن تظل مكة العالمة في مقدمة عواصم الثقافة في العلوم والمعارف، وأن يكون حاضرها ومستقبلها في نمو وازدهار دائم، وأن لا يدخر أبناؤها في جميع مواقعهم وسعاً في النهوض بها علمياً، واجتماعياً، وثقافياً، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

                              د. أبو شامة المغربي


                              تعليق

                              • أبو شامة المغربي
                                السندباد
                                • Feb 2006
                                • 16639

                                رد : أدب الرحـــــــلة ...

                                سحر الرحيل إلى الشرق
                                محمود قاسم

                                ولسنا هنا فقط بصدد عرض هذا الكتاب، وتقديمه الى القاريء العربي، ولكن من المهم أن نشير الى أن هذه الرحلات قد اقتصرت فقط على الدول الاسلامية ومنها فلسطين، وسوريا، ومصر وتركيا والجزيرة العربية، اذن فكما رأينا، فليس كل ما ضمه هذا الكتاب الضخم عن رحلات الى كل دول الشرق العربي. بل الى بعضها. فقد خلا تماما من رحلات الى دول المغرب العربي على سبيل المثال.

                                السؤال الملح.. لماذا هذه الجاذبية، ولماذا الرحيل الى الشرق بالذات..؟

                                بدأت الأسباب الدينية من خلال رحلات التبشير، لكنها ما لبثت أن أصبحت سياسية تبعا للعلاقات التي ربطت بين العالمين. وقد تولد عن هذا الاحتكاك وتلك العلاقات حالة من التمازج الثقافي، فأبدى الغرب اعجابه بحكايات الشرق، خاصة الموجود منها في "الف ليلة وليلة" فحاول أن يزور الأرض التي حدثت فيها تلك الحكايات الجذابة.

                                وعندما نطالع ما كتبه الرحالة الغربيون عن الشرق، سوف نلاحظ أن أغلب هؤلاء الرحالة الذين كتبوا من الأدباء، خاصة في القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، مثل شاتو بريان، وجوستاف فلوبير ولامارتين.

                                هؤلاء الرحالة كانوا ينظرون الى رحلاتهم بمثابة اكتشاف، أو تخيل، بمعنى أنهم كانوا طلائع المسافرين المحدثين الى الشرق. ولذا فسوف نرى أن كلمة الشرق قد تغيرت مفاهيمها في الموسوعات الأوروبية على مدى السنين، ففي بداية الأمر كانت أقرب الى معنى "الفضاء" الذي نقصده الآن. وفي بداية القرن التاسع عشر، ذكرت كلمة الشرق مرات قليلة في كتب الرحلات. ولعل الذي أرساها بالمعنى الأدبي هو الشاعر لامارتين في قصيدته "ذكريات، ومشاعر، وأفكار ومشاهد أثناء رحلة الى الشرق" عام 1835.

                                ومع بداية القرن التاسع عشر، كانت الرحلات الاستكشافية للشرق بمثابة حالات واجتهادات فردية، يقوم بها أشخاص فوق أحصنة، متجهين الى شرق أوروبا، فتركيا، ثم سوريا وفلسطين، ومصر. واذا كانت الحملة الفرنسية قد جاءت بحرا الى مصر. فان شاتوبريان قد وصل فوق حصانه الى أثينا، ثم الى مدينة القدس. ثم جاء الى القاهرة، وآثر أن يعود الى بلاده بحرا عن طريق الإسكندرية في شهر نوفمبر 1806. وليته ما فعل، فقد فاجأت السفينة التي يستقلها عاصفة بحرية شديدة جعلت السفينة تجنح الى تونس.

                                ولم يكن السفر الى الشرق سهلا في تلك الآونة، فهو يتطلب تفرغا، ومشقة، وأهوالا كثيرة. ومساندة دبلوماسية. وقد تكلف الكثير في رحلة الشاعر لامارتين الى الشرق عامي 1832، 1833. ولم يطق أن يبتعد طويلا عن الشرق، فعاد مرة أخرى الى أسطنبول عام 1850 أي بعد الثورة التي شهدتها فرنسا عام 1848. فراح يبحث عن السلام في الشرق.

                                وقد ساعد زيادة الرحيل الى الشرق التقدم التقني، واختراع القطارات البخارية، وتطور الملاحة البخارية، وجعل هناك حركة بريدية متميزة، وجاء محمد علي بالفرنسيين من أجل صناعة نهضة في الشرق على المستوى التقني. وبظهور الخطوط الملاحية المتطورة زاد عدد الرحلات، وكثر الرحالة، هؤلاء الذين لم يسعوا الى التعرف على المواني، والمدن الكبرى. ففي مصر على سبيل المثال، ربطت السكك الحديدية بين القاهرة والإسكندرية في خمسينات القرن التاسع عشر ثم امتدت هذه الخطوط الى صعيد البلاد. وما لبثت أن انتشرت في سوريا. فربطت بين دمشق وبيروت ويافا والقدس. ثم بين بغداد وتركيا وجبال الألب عابرة سلسلة جبال طوروس.

                                وهكذا أصبح الرحيل الى الشرق عملية سهلة وسريعة في أقل من نصف قرن، فقد تمكن نرفال من الوصول الى الإسكندرية في اسبوعين لا أكثر في عام 1843. أما رحلة فلوبير، بعد أقل من ستة أعوام فد استغرقت ثمانية أيام. وهكذا بدأت السياحة الحديثة بصورتها التي تطورت الى ما نواه اليوم. هذه السياحة التي بدأها وبرع فيها الانجليز، وازدهرت بعد حفر قناة السويس. حيث بدأت سياحة "المجموعات". ورغم أن هذه السياحة بدأت دينية، الا أنها كانت من أجل التعرف على حضارات الاقدمين، في المقام الأول، وقد تتبع ذلك ظهور أدب الرحلات الى الشرق. وعندما بدأت الصراعات العسكرية بين دول أوروبا، خاصة بريطانيا، وفرنسا، فإن السائحين كانوا يلتقون لأول مرة في شوارع مدن الشرق، وفي فنادقها. وأيضا في دروب الصحراء. وقد بدا هؤلاء الغربيون مشدوهين بشكل الحياة في الشرق، في تلك الآونة، خاصة الجمال التي ترمز الى الصبر، وأشجار النخيل، والكثبان الرملية الغريبة الألوان.

                                وقد تطلب وجود هذه الأفواج المتدفقة من السائحين، والعلماء، توفير الكثير من الخدمات الفندقية، والسياحية. وظهرت وظائف جديدة مثل الارشاد السياحي. وموظفي الفنادق الراقية.

                                وعاد هؤلاء السائحون الى بلادهم ليعبروا عن سعادتهم بما شاهدوه، وعن دهشتهم لما عاشوا فيه ولا يمكن لشخص أن يؤلف كتابا عن رحلته الى الشرق في 1100 صفحة مثل الدكتور رافيل ايزامبير الا اذا كان قد شاهد في هذا الشرق ما يستحق الكتابة عنه في كل هذه الصفحات. ولم يكن كتابه "الشرق" هو الوحيد من نوعه، وحجمه، فقد ظهرت كتب عديدة لاشخاص شهدوا الرحيل الى الشرق. وشجع هذا الكثيرين للسفر نحو بلاد أخرى ليس من بينها دول البحر الأبيض المتوسط. بل اتجه الرحيل الى الجزيرة العربية.. ووجد أدب الرحلات الى الشرق مجالات جديدة، وموضوعات متنوعة. وأصبح الرحيل الى الشرق مرتبطا في الكثير من أشكاله بالكتابة عنه، وازدهر علم الاستشراق وأدب الكتابة عن السفر الى الشرق مثلما كتب الكونت فوريان: "قضينا الليل نائمين فوق الرمال. نشعر بدفء هذه الرمال التي امتصت أشعة الشمس طيلة النهار. ولم نحمى بأي برودة منتظرة. هكذا كانت الصحراء".

                                ويقول الكاتب الروائي اندريه جيد الذي فاز بجائزة نوبل عام 1947 في كتابه عن "رحلاته": "أنا الآن عرفت أن حضارتنا الغربية ليست فقط أجمل الحضارات، كنت أعتقد أنها الوحيدة.الآن اكتشفنا أننا ميراث هذه الحضارات الشرقية. أما الشاعر لامارتين فيقول عن رحلاته الى الشرق: "أحسست أن جسدي وروحي هما أبناء ضوء الشمس.وأنهما في حاجة الى شعاع الحياة الذي يأتي من هناك".

                                وقد أعلن لامارتين سخطه الشديد على حضارات الغرب التي ملأت الجو بالأدخنة، والغارات السامة. والعرق، والأوحال. وعلل كثرة السفر الى الشرق بأنه حالة فروبية الى أماكن أكثر نقاء وبراءة. وأطلق على هذه البلاد "أرض المعجزات". ويعترف لامارتين أن كلمة الشرق لا تعني أبدا التخلف، عند كل الأوروبيين بل هي تعني نهضة الروح، أنها قفزة نحو الامام، فنحن أمام طبيعة تقوم على أمس ثلاثة من مخلوقات الله عز وجل وهي الجبال والبحار والصحراء. ففيها تتوحد الكائنات بخالقها. "لم نكن نشعر بالملل قط من هذه الصباحات المنعشة، ولا من النوم في أحضان الشمس". ويعترف لامارتين، وهو من أهم الشعراء قاطبة في القرن التاسع عشر، أن وجود المرء في الشرق يحرره من خطيئته المرتبطة بالمتع المادية: "هكذا قضينا أغلب أوقاتنا. الرموش نصف مفتوحة. والأفكار شاردة. وترنيمات الصلاة على الشفاه. لم أعرف أي عطر يفوح من هذا العالم الشرقي الذي كان يغزونا، لا أعرف أي شيء كان يلمع ويشع فينا". هذه الرحلات ساعدت في تدبير منظور الغرب نحو الشرق، فهو لم يعد ذلك المكان الساحر الذي تدور فيه أحداث ألف ليلة وليلة، كما يقول جان كلود بريخت، والذي يعترف أن بعض الكتابات عن الشرق لم تكن صادقة مثلما فعل مونتسكيو. ولذا فليس من الكافي أبدا أن نقرأ الكتب كي نتعرف على الشرق. ولكن من المهم الاتصال به. لقد اكتشفنا أن هناك أخوة لنا يعيشون هناك. وعرفنا أنه ليس مجتمعا قائما على المتع الحسية. فقد أخطأ مونتسكيو عندما تصور أن حكام الشرق أشبه بنيرون. أما فولتير فقد أخطأ بدوره في كتابه "مقال في العادات" عندما نظر الى حكومات الشرق على أنها عبثية.

                                ويهمنا هنا أن نقتبس الكثير مما كتبه أدباه مشهورون، ومقروءون، ورحالة موثوق بهم. فبعد لامارتين ونرفال جاء فلوبير مؤلف رواية "مدام بوفاري" واندريه جيد. فقد تغيرت نظرة فلوبير قليلا، لكنها لم تكن سيئة، فهو يرى أن الشرق يعيش في سبات، وسكون، وذلك تبعا لدرجة حرارة الجو التي قد تبعث على الكسل.

                                ولم يخف الكاتب الرحالة نوشيه أن اكتشاف الشرق قد فتح عيون رجال الغرب على خصوبة الأرض، والكنوز المحفورة هنا في الشرق، فقال: "لدينا قوم أذكياء، وشجعان يطلبون هذه الأرض من أجل زراعتها، يجب أن ندوس على هذه الكنوز كي نستكشفها".

                                مثل هذه المفاهيم عكست رؤية الغرب للشرق، وفسرت الأسباب التي دفعت الجيوش للتأهب من أجل القدوم الى الشرق، عند أي بادرة، وربما بلا سبب، مثلما حدث في مصر عام 1881. وذلك للبقاء فيه فترة طويلة. وقد بدا هذا المنظور في الدليل السياحي الذي أعدته الباحثة جوان عام 1878 حيث قالت: "ان هذا الشرق قد تجاوز السكون. وهو يتغير بسرعة".

                                الجدير بالذكر أن عدد الرحالة الذين جاءوا الى الشرق كما ورد بيانهم في كتاب الرحيل الى الشرق، كبير ومتنوع. ويهمنا هنا أن نذكر الأدباء منهم، باعتبار أنهم الأكثر انتشارا بين الناس. منهم على سبيل المثال فرا نسوا دوشاتوبريان 1768 - 1848. والذي قام برحلة طويلة من باريس، مارا بأثينا واسطنبول. ووصل الى يافا في أول اكتوبر عام 1806 ثم وصل الى القاهرة ورحل منها الى تونس. وحول هذه الرحلة التي استغرقت قرابة عشرة أشهر ألف كتابا يحمل عنوان "رحلة من باريس الى القدس".

                                أما جوستاف فلوبير ( 1821 - 1880) فقد رافق زميله ماكسيم عام 1849 الى الشرق وجاء ذكر رحلته الى الشرق في الجزء الثاني من "رحلاته" التي نشرت عقب وفاته. وقد عرف الفونس دولامارتين المجد في صباه وشبابه كشاعر متميز. ولا ينسى له العالم قصيدته التي يقول فيها: من العار أن يغني المرء بينما روما تحترق.

                                ولامارتين عاش بين عامي 1790و1869. وقد رحل الى الشرق في وفد من المغامرين هم خمسة عشر رجلا في يوليو 1832. فزار دمشق وبيروت. والقدس. وقد اضطر للعودة الى باريس بسبب وفاة ابنته. ثم عاد في العام التالي الى الشرق ونشر كتابه عن "رحلة الى الشرق" في أربعة أجزه عام 1835.

                                أما الأديب بيبر لوتي، فانه لا تأتى سيرته، الا وتذكر الناس الشرق، فهو لم يرحل فقط الى مدنه، بل عاش فيها وارتبط بها. واعتنق الاسلام، عاش بين عامي 1850 و1932. وتنقل بين مدن الشرق مثل دمشق، وبعلبك، والإسكندرية، والقاهرة، والجزيرة العربية، وله العديد من الكتب منها: "الزيادة".1879. و "اسطنبول" 1892. و"الصحراء" و"القدس" و"الجليل" عام 1895. ثم "الموت في فيله" عام 1908.

                                كما جاءت شهرة جيرار دونرفال (1808-1995) أيضا من رحيله الى الشرق. حيث سافر من باريس في ديسمبر 1842. وركب سفينة رست به في الأسكندرية، وظل يتجول على ضفاف النيل وظل هناك لمدة عام بأكمله، وقد ذاق نرفال طعم السفر الى الشرق، فلم ينقطع عنه، ولا عن الكتابة حول "مشاهد من الحياة الشرقية".

                                أما المؤرخ والفيلسوف ارنست رفيان (1823-1892) فقد سافر الى الشرق مع أخته هنرييت بناء على اقتراح من نابليون الثالث في مايو عام 1860. وأرخ لهذه الرحلة في كتابه الضخم "ذكريات الطفولة والشباب".

                                الكتابة عن الشرق أشبه بالفرص في محيط جميل، واسع، مزدهر والتوغل في هذا البحر، الخضم، يجعل المرء يكتشف بسهولة أن الذين أعجبوا بالشرق وأحبوه، أكثر بكثير من الذين حاولوا انتقاده، ولعل هذا يفسر سبب تلك الزحمات المتدفقة من الزائرين لبلادنا، مهما كانت الأجواء، ومهما بدت الأزمات.. فالحياة تتدفق، ولا تتوقف عن الدوران، والسريان.

                                د. أبو شامة المغربي

                                kalimates@maktoob.com

                                تعليق

                                يعمل...