يتصبب عرقه منهمكاً بعمله يريد إنجازه يسابق الزمن
وفجأة ينقطع السكون المخيم بكلمة السلام عليكم ورحمة الله
فيرد التحية بمثلها
وعليكم السلام ورحمة الله
وإذ به رجل بلغ من العمر عتياً واشتعل الرأس شيباً
أهلا بك يابن أخي حللت أهلاً ووطئت سهلاً
وبك ياعم قالها جاسم وهو منهمك بعمله
قال الرجل: هل تكيفك غرفة واحدة
ألست تحتاج لمكان للعيال والمال
تبسم جاسم ثم أردف قائلاً
تكفي غرفة واحدة
ومن قال لك أني قاطن قريتكم ياعم
قال العجوز وهل ستبني دكاناً
تبسم جاسم ثانية وهو يحاول استيعاب الرجل المسن الذي بدو عليه الفضول
قال ياعم قصتي طويلة وقد لا تستطيع إدراك عملي
- ماقصتك يابن أخي؟؟
- ياعم إن أبي كان حكيماً رشيدا وأنا حتما على شاكلته.
- ومادخل هذا بذاك؟
فرد جاسم وتعلو فاه ابتسامة يلونها شيء من الغرور
اسمع قصتي ياعم
قبل وفاة والدي أوصاني عدة وصايا وأنا بار به
ومنها قال ابن لك بيتا في كل قرية
وحتى لا أهدر ثروتي ولا أضيع وصية أبي قمت بحل وسط وهو بناء غرفة بدل البيت
هز الرجل رأسه ونكت الأرض بعود كان يحمله , ثم ابتسم ابتسامة خفيفة
وأردف قائلاً بينك وبين أبيك من البعد كما هو بين المشرق والمغرب
تعجب جاسم من قولة الرجل
كيف ياعم لم افهم ....؟؟؟؟؟!!!
اسمع يابن أخي حقا إن أباك حكيم ولكنك لم تفهم مراده .
- بالله عليك ياعم فهمني الموضوع؟
- يابني إن والدك يريد منك أن تتخذ صاحباً وصديقاً في كل بلدة وقرية قد تحتاجه يوما ما
- ولا تدري ما الذي يحدث معك .
- ولم يرد منك أن تبني بيتا من الحجر والطين بل بيتا من الود والإخلاص
بيتا تأوي إليه عندما تضيق بيوت الحجر والطين
بيت يحفظ سرك
ويسمع بوحك
تفضي إليه همك
سنداً لك على ملمات الدهر
آآآآآآآآآآآآآه ياعم قالها جاسم وهو يصك وجه
كم كنت سطحياً ياعم
أين أنا من حكمة أبي
لا تثريب عليك قالها الرجل وهو مقفل لبيته
ثم استدرك قائلا يابني
ابن بيتا ولا تبن خيمة
قال :جاسم فهمت ياعم
قال الرجل ماذا فهمت
قال جاسم : أي أن يكون البناء راسخا والصداقة متينة متانة الحجارة
وليست كخيمة لا أسرع من هدمها وتحويلها
قال صدقت وودعه الرجل
وعاد جاسم لبيته بغنيمة المعرفة