حـــوار عـلـى بــاب المــنـفـى
شـعر / أحمـد مـطـر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
لماذا الشعر يا مطر ُ؟
أتسألني لماذا يبزغ القمر ُ؟
لماذا يهطل المطرُ ؟
لماذا العطر ينتشر ُ؟
أتسألني لماذا ينزل ُ القدر ُ ؟
أنا نبت الطبيعة ِ
طائر ٌ حر ،
نسيم ٌ بارد ٌ ، حرر ُ
محار ٌ دمعه ُ دُررُ !
أنا الشجر ُ
تمدُ الجذر َ من جوع ٍ
وفوق جبينها الثمر !
أنا الأزهار في وجناتها عِطر ٌ
وفي أجسادها إبر ُ !
أنا الأرض التي تعطي كما تعطى
فإن أطعمتها زَهرا ً
ستـزدهر
وإن أطعمتها ناراً
سيأكل ثوبك الشررُ
فليت ـ اللات ـ يعتبر ُ
ويكسر قيد أنفاسي
ويطلب عفو إحساسي
ويعتذر ُ !
لقد جاوزت حد القول يا مطر ُ
ألا تدري بأنك شاعر ٌ بَـطِر ُ
تصوغ الحرف سكينا
وبالسكين تنتحر ُ ؟!
ـ أجل أدري
بأني في حساب القانعين ، اليوم َ
منتحر ُ
ولكن .. أيهم حيٌ
وهم في دورهم قُبروا ؟
فلا كف ٌ لهم تعدوا
ولا صوت ، ولا سمع ، ولا بصر
خراف ٌ ربهم علف ٌ
يقال بأنهم بشرُ !
شبابك ضائع هدرا
وجهدك كله هدر
برمل الشعر تبني قلعة ً
والمدُ منحسر ُ
فإن وافت خيول الموج ِ
لا تبقي ولا تذر ُ !
ـ هراء
ذاك أن الحرف قبل الموت ينتصر ُ
وعند الموت ِ ينتصر ُ
وبعد الموت ينتصر ُ
وأن السيف مهما طال ينكسر ُ
ويصدأ ُ... ثم يندثر ُ
ولولا الحرف لا يبقى له ذكر ٌ
لدى الدنيا ولا خبر ُ!
وماذا من وراء الصدق تنتظر ُ !
سيأكل عمرك المنفى
وتلقى القهر والعسفا
وترقب ساعة الميلاد يوميا ً
وفي الميلاد تحتضر
ـ وما الضرر ُ؟
فكل الناس محكومون بالإعدام ِ
إن سكتوا ، وإن جهروا
وإن صبروا ، وإن ثأروا
وإن شكروا ، وإن كفروا
ولكن بصدقي
أنتقي موتا نقيا
والذي بالكذب يحيا
ميت أيضا
ولكن موته قذر ُ !
وماذا بعد يا مطر ؟
ـ إذا أودى بي الضجر
ولم أسمع صدى صوتي
ولم ألمح صدى دمعي
برعد أو بطوفان
سأحشد كل أحزاني
وأحشد كل نيراني
وأحشد كل قافية
من البارود
في أعماق وجداني
وأصعد من أساس الظلم للأعلى
صعود سحابة ثكلى
واجعل كل ما في القلب
يستعرُ
واحضنه .. وانفجر ُ !