Originally Posted by
علي عبدالرحمن
آه ه ه ه ه............... قابلتها ؟؟؟؟؟؟ فمنذ نعومة أظافري كنت أسمع عنها ، سمعت كثيراً عن قضيتها ، عن محنتها .
كم حدثت نفسي كثيراً وأنا طفلُ عن تلك القضية !!!! وسرٌ تعقيدها ، وقتها ... تمنيت ، أ ن أصبح محامياً لأُفند لها دواعي براءتها ، أو أكون شجاعاً فأمتطي جوادي وأنتزعها من أغلالها فتحكي قصتي للناس وأُصير بطلا .
آه ه ه ه كانت أحلام . ......... فقد كبرت ولم أصبح محامياً ، ولم أصير بطل . بل أصبحت . عاجز . مشلول . أبكم .
لكن عندما قابلتها وشاهدتها كاد الألم يفتت ضلوعي ..
ما هذا ؟؟؟؟؟؟؟ فهي كالبدر لا!!!!!!!!!!! بل هي البدر . لكني تذكرت ليال طفولتي وأساطير بنات الحور اللاتي كُن يخنقن القمر غيرة عليه . تذكرت وأنا أنظر للقمر وأبكي شفقاً عليه . ونظل نهلل " يا بنات الحور الحور متسيبوا القمر يدور ، يا بنات الجنة الجنة متسيبوا القمر يتهنى "
وكنا نتخيل أننا بذلك نصرفهن عنه . ولكن عرفنا بعد ذلك أن كل ما نفعله من تهليل وتطبيل لا يفيد القمر من قريب أو بعيد لكنها كانت ليالً ينتظرها معظم الغلابة والفقراء ليخرجوا ما بداخلهم من تعب وعناء وكبت في تلك الأيام .
لكني وجدت المشهد هو نفس المشهد الناس هم الناس الوجوه نفسها ، ربما تغيرت قليلا فقد تحمرت و تخضرت وتزينت . يهللون للقمر المخنوق ربما تسمعهم بنات الحور فترفع قبضتها عن القمر حتى يلتقط أنفاسه أو يروي ظمأه ، لكن الفرق كبير فهن لسن بنات الحور اللاتي كانت تتنافسن على حب القمر والفوز به ، إنما هم شياطين أبناء إبليس يتنافسن في كرهها والقضاء عليها .
اقتربت منها.... نظرت إليها ، فهي شامخة الرأس برغم ما هي فيه . تحاول جاهدة ألا تحني رأسها أبداً ، تحاول حبس دمعتها حتى تظل شامخة .
سألتها : هل يسعدك كل هذا التهليل ؟ راحت بوجهها عني بعيداً . وطال صمتها ، ربما خشيت أن تقول نعم فيكتفي الناس بذلك ، أو تقول لا فيذهب الناس عنها ........ فهي بذلك على الأقل تشعر بهم . ظلت شاردة ثم نظرت نظرة جعلتني ارتعد من الخجل ومالت بوجهها وكأنها تقول لي أنظر ،
هؤلاء هم أبنائي.... ثم راحت تبتسم كأنها فخورة بهم .ثم نطقت... نعم ... أقسم أنها نطقت وراحت تحكي لي عن بطولات أبنائها وما يقدمون من تضحيات لتظل مرفوعة الرأس . ثم راحت في شرود مرة ثانية .
نظرت إليها سمعتُ لها أنين كأنها تخشى أن يسمعها أحد ، ثم مالت بوجهها كأنها أرادت أن تقول لي : أنظر..... أبنائي الجوعى........... أنظر لبراءة أطفالي تغتال ........ أنظر أعراض بناتي تنتهك .......... أنظر تلك الأجساد الممزقة هي لأولادي ........أنظر............ أنظر.......
كاد الألم يفتك بي ثم أجهشت بالبكاء . فنظرت إلي وكأنها تسخر مني كأنما أرادت أن تقول لي أن بكاءك لا يختلف عن تهليل الناس لا يغني ولا يسمن من جوع ، ثم نبست وهي تتنهد " لقد أعتدت على هذا فأنا منذ الأزل هكذا .
سألتها وأنا كلي خجل : أليس لك من أهل يرفعون عنك هذا الظلم ؟ وكم تمنيت لو لم أسألها . فقد نظرت إلي نظرة جعلتني أموت أكثر من الخجل ثم راحت تتمتم برأسها قائلة : بل هم كثير لكن الأغنياء منهم استعروا مني والفقراء يهللون كما ترى .
ثم وجدتها تربت بيدها على كتفي قائلة وبكل شموخ إني باقية بأبنائي باقية لكني كنت أتمنى من أهل وأخوتي أن يلتفوا حولي ويكونوا سنداً لأبنائي .
سألتها: من أنت ؟
قالت : اسأل عني أبيك العجوز وأخيك الشاب وولدك الصغير
فكلهم يعرفون من أنا
بوركت أخي الكريم على هذه السطور الرائعة
هل هي الأرض؟ ....يخامرني إحساس أنها الأرض
دمت متألقا
تحياتي و خالص تقديري