حين كنت صغيراً كنت أحب أن تتدلى يدي من فوق السرير وتلامس أطراف أصابعي برودة البلاط ، تتأرجح يدي مع تأرجح أفكاري.
لا أدري كيف تسربت لمخيلتي ذات مرة أن هناك أفعى تقبع تحت السرير أو ربما أكثر من واحدة، لم أدرك أن ايقاظ الخيال يؤدي حقاً لايقاظ الخوف، سحبت يدي وما عدت أتركها تتأرجح في مجاهل مخيلتي.
لم تنقصني الجرأة لأنزل وأنظر تحت السرير، لم أصادف أن التقيت بمخيلتي تحت السرير مرة واحدة.
فوق السرير كنت ألتقي بمجاهل مخيلتي لكني ما عدت أترك يدي تتأرجح كثيراً.
في الأيام التالية تشاجرت مع رفيق مشاكس في الحي ، وفي أثناء المشاجرة مرّ أبي وصاح بنا وحاول الاصلاح بيننا
كان الفتى المشاكس يخفي نظراته عن والدي ، كنت أراها جيداً .
قال والدي : هيا اعزم رفيقك وابتعدا عن الشجار .
قلت له: هل يمكن أن يزورنا في المنزل ويأكل معي
قال بالطبع .
قلت هل يمكن أن ينام الليلة عندنا.
استغرب أبي طلبي وقال وأين سينام وهل سيقبل والده.
قلت له: فلينم تحت السرير.
من وقتها صرت أكتب أسماء من يزعجني على ورقة وأضعها تحت السرير.
كبرت وكبر رفيقي المشاكس وكبرت مشاكسته أكثر فأكثر، فاعترفت له بحقيقة السرير وما يوجد تحته، فضحك كثيراً لكنه لم يخف خوفه مما تحته .
حتى كان ذلك اليوم الذي بدأت فيه فوضى الأشرار، وأعلن رفقي نفسه قائد مجموعة وحملوا السلاح وسرقوا ونهبوا.
لم أكن لأتوقع تطور مشاكسته لتصل لهذا الحد، خانتني مخيلتي.
وما كنت أتوقع أن رفضي لفعلهم سيجلب المتاعب لي.
فاقتحموا منزلي وهرع رفيقي يبحث عني ، شعرت وقتها أن أكثر مكان آمن كان تحت السرير ، بعد أن تمكنت من الاختباء جيداً ، قلت في نفسي هل يمكن أن أشاهد الأفعى التي كنت أتخيلها، نظرت يميناً فشاهدتها تقبع ساكنة ، ابتسمت لها وأدركت أنها آمنة أكثر من الأفاعي التي في الخارج.
دخلت المجموعة المسلحة وشتمت وكسرت محتويات المنزل وصرخت باسمي، اقترب قائد المجموعة المسلحة يبحث عني وحاول أن ينظر تحت السرير، لكنه تراجع فجأة وانصرف ، وكأنه خاف من مخيلتي القابعة تحت السرير، منذ ذلك الوقت وكلما عادت أجواء الغابة من حولي للنشاط، كنت أنزل تحت السرير وأنام قرير العين.
طارق حقي