النظريات القانونية المقتبسة من الفقه الإسلامي في النظام القانوني الأنجلو أمريكي
تأثير الفقه الإسلامي على تكوين القانون الإنجليزي
برهام محمد عطا الله*
كل من درس القانون المقارن يعرف أن هناك كثيراً من أوجه الشبه بين قواعد الفقه الإسلامي وقواعد النظام القانوني الأنجلو أمريكي المعروف (بالقانون العمومي) Common Law(1). إلا أن هناك بعض الدراسات الجديدة ذهبت إلى أبعد من ذلك، وبدأت تبرهن على أن القانون الإنجليزي قد تأثر في فترة تكوينه في القرن الثاني عشر ببعض قواعد الفقه الإسلامي، وخاصة بالنسبة لنظرية العقد ودعوى الاستحقاق الخاصة بحماية الحيازة والملكية(2). بل ذهبت هذه الدراسات إلى أن نظام الترست (Trust)(3) قد نقل من نظام الوقف الإسلامي، وأن نظام تدريس القانون الإنجليزي من خلال نُزل المحكمة أو مدارس القانون (Inns of Court)(4) بلندن ليس إلا تطبيقا لنظام المدارس الملحقة بالمساجد الكبرى التي تخصصت في تدريس المذاهب الفقهية الإسلامية(5)، وأن النظام القائم على السوابق وتحليل الوقائع ليس إلا تطبيقاً لنظم الفتوى وقواعد الجدل والمناظرات وأساليب أصول الفقه الإسلامي.
هذه الدراسات الجديدة تستدعي الاهتمام؛ ذلك أن النصف الأول من القرن العشرين كان منشغلاً بما إذا كانت الشريعة الإسلامية قد تأثرت بالقانون الروماني. وها نحن أولاء في آواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين ننظر فيما إذا كان القانون الإنجليزي نفسه ـ المعروف بأنه لم يتأثر بالقانون الروماني ـ قد تأثر أثناء فترة تكوينه بالشريعة الإسلامية. كل ذلك في وقت بدأت السياسة البريطانية تبحث فيما إذا كان من المناسب أن يتاح للمسلمين البريطانيين فرصة تطبيق الشريعة الإسلامية على أحوالهم الشخصية.
إذا تركنا جانباً مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية على الجالية المسلمة في بريطانيا، فإن للسؤال الخاص بمدى تأثر القانون الإنجليزي بالفقه الإسلامي أثناء فترة تكوينه أهمية علمية كبيرة، وخاصة أن هناك كثيراً من قواعد القانون الإنجليزي ظهرت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر أثناء حكم هنري الثاني (Henry Π) (1189- 1154) ولا يعرف على وجه التحديد مصدرها التاريخي. فلا يمكن إرجاعها إلى الفترة الأنجلوسكسونية قبل القرن الحادي عشر كما لا يمكن إرجاعها إلى القانون الكنسي ولا إلى القانون الروماني، كما لا يمكن إرجاعها إلى القواعد التي أتى بها النورمان حين احتلوا إنجلترا ابتداء من 1066م كما سوف نرى. تقرر الدراسات الجديدة التي ستكون موضع دراستنا أنه حيث لم يتح من قبل دراسة العلاقة بين الفقه الإسلامي وتلك القواعد الإنجليزية مجهولة الأصل؛ فإنه بمجرد أن تدرس هذه القواعد على ضوء أحكام الفقه الإسلامي فستتضح هذه العلاقة، وسيظهر أن هذه القواعد الإنجليزية هي ثمرة تأثر القانون الإنجليزي بقواعد الفقه الإسلامي. ويبقى السؤال ملحاً عن الطريق الذي تم من خلاله هذا التأثير. والإجابة نجدها في احتلال النورمان المتزامن لجزيرة صقلية في جنوب إيطاليا في 1061م والجزيرة البريطانية في 1066م، وحيث وجد النورمان في صقلية حضارة إسلامية مزدهرة تطبق فيها قواعد الشريعة الإسلامية كان من السهل أن يتأثروا بها وتنقل إلى إنجلترا في الفترة التي كان القانون الإنجليزي الـ (Common Law) في فترة التكوين. وقد يكون من المناسب أن نبدأ دراستنا بعرض هذه الظروف التاريخية لالتقاء الفقه الإسلامي مع النظام القانوني الإنجليزي (أولا)، ثم نعرض للقواعد والنظريات القانونية التي تبناها القانون الإنجليزي متأثراً فيها بقواعد الفقه الإسلامي (ثانيا).
أولاً: الظروف التاريخية لالتقاء الفقه الإسلامي مع النظام القانون الإنجليزي الـ Common law
يرجع تكوين النظام القانوني الإنجليزي إلى استيلاء النورمان ـ الذين يرجع أصلهم إلى الفيكينج (Viking)(6) الذين قطنوا شمال غرب فرنسا في القرن التاسع والعاشر الميلادي ـ في إنجلترا في سنة 1066م ميلادية؛ وإعلان وليام الفاتح ملكاً على إنجلترا(7)؛ في الوقت الذي بدأ فيه استيلاء النورمانديين أنفسهم على جزيرة صقلية في سنة 1060م؛ ليكتمل بالاستيلاء على بلرما (Palerma) وعلى كل الجزيرة في سنة 1091م(8) وسماحهم ببقاء الشريعة الإسلامية مطبقة على المسلمين الذين كانوا قد أقاموا بالجزيرة حضارة باسقة لمدة قرنين، من القرون: التاسع والعاشر والحادي عشر الميلادية(9، 10). وقد كان انتساب غزاة إنجلترا وغزاة صقلية إلى نفس المجموعة البشرية (النورمانديين The Normans) مناسبة لأن يتزاوروا ويتصاهروا(11) ويتبادلوا الخبرات لإقامة نظام سياسي وإداري وقانوني جديد، يتخلصون فيه من عورات النظام البدائي الذي جلبوه معهم من بلاد الشمال. وكان وجود الفقهاء في صقلية واستمرار تطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين بها مناسبةً للتعرف على حضارة المسلمين والتحقق من ملاءمة قواعد الفقه الإسلامي في تسيير أمور الدولة وتنظيم المعاملات بين الأفراد. وتزامنت هذه الفترة مع بداية الحملات الصليبية التي توسعت إلى أن ظهر نفس النورمان على رأس إمارة أنطاكية(12) على الساحل الشمالي للشام، وليصل أحد أحفادهم ليكون ملكاً لمملكة بيت المقدس بجانب كونه إمبراطوراً للألمان وملكاً على صقلية، وهو فردريك الثاني الذي يذكر التاريخ أنه تفاوض مع الملك الكامل حول بيت المقدس. فنحن هنا في فترة ظهور الفاطميين في شمال إفريقيا ومصر، ثم ظهور صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد ولويس التاسع وحملته على دمياط وأسره بالمنصورة، ورحيل الصليبيين عن الأراضي الإسلامية، محملين بحضارتنا لتبدأ عندهم عصور النهضة، ولتخبو شعلة الحضارة والنور لدينا. ولكن حقيقة دور الحضارة العربية والإسلامية يتأكد يوماً بعد يوم حتى ولو أنكره أكثر المستفيدين من هذا الدور، ونحن هنا سنكتفي بعرض لبعض النظريات التي استعارها القانون الإنجليزي من الفقه الإسلامي.
ثانيا: النظريات القانونية التي تبناها القانون الإنجليزي متأثرا فيها بقواعد الفقه الإسلامي
1- نظرية العقد الناقل للملكية Writ of debt
العقد لدى الفقه الإسلامي ينقل الملكية بين المتعاقدين بحكم القانون والشرع بمجرد تبادل الإيجاب والقبول. وهذا هو حكم العقد بتعبير الفقهاء، أما حقوق العقد فهي آثاره بين المتعاقدين، فبالنسبة لعقد البيع يلتزم المشتري بدفع الثمن ويلتزم البائع بتسليم المبيع. وقد وصل القانون الإنجليزي في عهد هنري الثاني ـ الذي يعتبر بحق بداية تكوين الـ Common Law ـ إلى هذه النتيجة بإدخال ما يسمي بدعوى الدين (Writ of debt)(13).
وكانت هذه الدعوى كغيرها من الدعاوى، التي يمكن الحصول على أمر ملكي بشأنها بدفع مبلغ من المال إلى الديوان الملكي موجه إلى المحكمة الذي يلجأ إليها من له حق يرفض المدين الوفاء به، كما هو حال البائع الذي يطالب بالثمن أو المشتري الذي يطالب بتسليم المبيع.
ويرجع الفضل إلى جون مقدسي في شرح هذه الظاهرة الفارقة بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني. فالملكية في القانون الروماني وفي القانون الأنجلوسكسوني قبل الغزو النورماندي لا تنتقل بمجرد تبادل الإيجاب والقبول، على عكس الشريعة الإسلامية الذي يترتب على الإيجاب والقبول نقل الملكية مباشرة كما سبق وأن رأينا. ونقل الملكية المباشر بمقتضى الإيجاب والقبول يترتب عليه أنه إذا لم يتم التسليم مباشرة فإن البائع يعد مقصراً في التسليم ويعتبر كالمغتصب في الفقه الإسلامي. ويترتب على ذلك أيضا أنه إذا هلك الشيء المبيع قبل التسليم فإنه يهلك على مسؤولية البائع كما لو كان غاصباً، ويجب عليه أن يرد الثمن إذا كان قد قبضه إلى المشتري. وهذا التحليل يفسر كيف أن دعوى الدين (Writ of debt) اعتبرت من الدعاوى التي تختص بها محاكم الملك، والتي كانت بداية لتأسيس محاكم القانون العمومي باعتبارها المختصة بكل ما يتصل بالسلم العام، ولم تدخل في اختصاص محاكم المقاطعات.
2- أحكام الاستحقاق الإسلامي ودعوى تحقيق استلاب الحيازة Assize of novel desseisin
لم تعرف إنجلترا في الفترة السابقة على الغزو النورماندي نظام دعوى استلاب الحيازة. وفي أيام الملك هنري الثاني ـ الذي يعتبر عهده بداية تكوين القانون الإنجليزي في القرن الثاني عشر، كما سبق أن قلنا ـ ظهرت دعوى تحقيق استلاب الحيازة عن طريق شراء (Writ) من الملك أو من ديوانه لحماية الملاك من اغتصاب حيازتهم (Assize of novel desseisin). ويرجع جون مقدسي أصل هذه الدعوى إلى دعوى الاستحقاق الإسلامي، خاصة في الفقه المالكي، الذي يعتبر أن الحيازة قرينة على الملكية. وأن المالك الذي استلبت منه الحيازة له الحق في استعادة حيازته. ويقرر جون مقدسي أن هذه الدعوى لم تعرفها أنظمة القانون الروماني أو القانون الكنسي والقانون الأنجلوسكسوني السابق على العهد النورماني(14). حيث كانت الدعاوى في هذه الأنظمة تحمي الحيازة في ذاتها حتى ولو لم يكن الحائز الذي استلبت حيازته هو المالك الحقيقي. على العكس من ذلك نجد دعوى الاستحقاق الإسلامية تحمي المالك نفسه. ويشير جون مقدسي أيضا إلى الفارق الكبير بين الشريعة الإسلامية التي لا تعترف بالتقادم المكسب ولا بالتقادم المسقط على خلاف القانون الروماني. فالقانون الروماني يقرر اكتساب الحائز غير المالك للملكية إذا استمرت حيازته مدة معينة، بينما في الشريعة الإسلامية لا يكتسب الحائز غير المالك الملكية أبدا مهما طال الزمن. ولكن المالك الحقيقي يمنع من رفع دعواه لحماية حيازته إذا كان حاضرا وعالما بحيازة غيره لماله. فكما يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية) دار الفكر العربي 1976م ص160 (لا تعتبر الشريعة وضع اليد مدة طويلة مثبتا للملكية، كما لا تعتبر ترك المطالبة بالحق مدة طويلة مسقطا لذلك الحق؛ وذلك لأن الحق لا يزول مهما يتقادم ومهما يتطاول الزمن، فمضي المدة لا يعطي الحق لواضع اليد ولا يسقط حق ذي حق. وأقصى ما أعطته الشريعة للمدة الطويلة من قوَّة أنها جعلتها سببا في منع سماع الدعوى عند الإنكار أما مع الإقرار فالحق ثابت به، فالدعوى تكون مسموعة)، وبهذه المناسبة تجب ملاحظة أن المدة المانعة من سماع الدعوى قد تطول عند المذهب الحنفي عنه عند مذهب مالك. وطبقا للمذهب المالكي الذي ساد في المغرب والاندلس وصقلية كانت مدة منع سماع الدعوى تبلغ عشر سنوات.
وطبقا للمؤرخين فإن الملك هنري الثاني هو الذي أدخل دعوى تحقيق استلاب الحيازة في الفترة بين 1155 و1166م حتى يسمح للمالكين الذين نزعت حيازتهم قهرا وقسرا وبدون رضاهم من استعادة ما يملكون، وكانت هذه طريقة قانونية تحقق كثيرا من الفاعلية وأكثر ملاءمة من استخدام طريقة المبارزة التي كانت تؤدي إلى أن أحد المتبارزين كان معرضا للموت. كما أن الطريقة الجديدة التي تتقابل مع نظام دعوى الاستحقاق الإسلامي كانت تقوم على شهادة المحلفين (Jury) الذي يرى جون مقدسي أنه مأخوذ من نظام إسلامي معروف في شمال إفريقيا للإثبات ويسمي الشهادة (باللفيف) أي بمجموع الناس الذين يعيشون في المنطقة. وقد وجدنا إشارة إلى لفظ (اللفيف) في فتاوى (الونشريسي) وفي كتاب قديم نشرته حديثا وزارة الأوقاف المغربية في سنة 1998م تحت عنوان (فتاوى تتحدى الإهمال) إشارة إلى ما أطلق عليه (دعوى لفيفية) بشأن دعاوى الاستحقاق، وفي هذا الكتاب تفرقة بين (اليد) و(الحوز) (والحيازة) مِمَّا لا نستطيع الدخول في تفصيله.
والقول بمضاهاة نظام المحلفي(Jury) الذي لا يعرف المؤرخون لتاريخ القانون الإنجليزي ـ حتى الآن ـ أصله التاريخي مع نظام (اللفيف) يعتبر أمرا جديدا يستحق البحث والنظر بتأنٍّ.
3- إلغاء نظام الإثبات بالتعذيب بالنار والماء المغلي
في رأينا أن نموذج الفقه الإسلامي في وسائل الإثبات، وأن البينة على المدعي كانت هي الأساس في إلغاء نظام الإثبات بوسائل العذاب (Ordeal) في إنجلترا وفي غيرها من البلاد المسيحية. ويتمثل نظام الإثبات بالعذاب في الإمساك بالحديد المحمي أو وضع اليد في النار أو الماء المغلي أو بالمبارزةby battle)) وكلها وسائل تؤدي إلى الهلاك لمن يقوم بها. وأصل هذه الوسائل البدائية والبربرية الإيمان بأن الشخص إذا كان صادقا فلن يتأثر لا بالنار أو الماء المغلي حيث ينجيه الرب. أما إذا كان كاذبا فلن ينجو من الإصابة ولن ينتصر في المبارزة وسيلقي حتفه إذا كان الأمر يتعلق بالمبارزة.
حين جاء النورمان إلى صقلية المسلمة وجدوا نظاما إنسانيا متقدما في الإثبات. وطوال الحروب الصليبية عرف الصليبيون مدى تقدم وسائل الإثبات الإسلامية وأدى ذلك بهم إلى أن يقوم المجمع الكنسي (مجمع اللاتران الرابع) بإلغاء الالتجاء إلى نظام الـ (Ordeal) بالنار أو الماء المغلي، وكان ذلك في 1215م.
وهناك قصة يتبناها كثيرون من الذين أرخو لمؤسس حركة الرهبان الفرنسيسكان (سان فرانسوا داسيس) أنه أراد مقابلة الملك الكامل أثناء الحملة الصليبية الخامسة على دمياط؛ لكي يقنعه بأفكاره المسيحية وعرض أن يمتحن عن طريق النار أو الماء المغلي، ولكن الملك الكامل رفض عرضه. وكان ذلك في نفس الفترة التي اجتمع فيها مجمع اللاتران الرابع الذي ألغى الالتجاء إلى الإثبات عن طريق النار أو الماء المغلي حيث لم يكن الخبر قد وصله. ويعتبر سان بونافنتور الذي عاش بعد وفاة سان فرانسوا داسيس بقليل وتولي أمور الطائفة التي كانت تؤمن بمذهب الفقر والالتفات عن الدنيا ومباهجها هو أول من ذكر هذه القصة وهناك من المؤرخين من ينكر وقوع المقابلة بين الملك الكامل وسان فرنسوا، وإن كان البعض الآخر يؤكدها معتمدا على ما ذكره بونافنتير انظرا (John Tolan، le Saint chez le Sultan، la rencontre de Francois d’ Assise et de l’Islam. Huit siecles d’interpretatian، Edition du seuil، Paris 2007).
4- نظام الترست Trust والأوقاف
من بين الأنظمة التي لم يعد هناك شك حول مصدرها التاريخي نظام الترست في النظام القانوني الأنجلو أمريكي. فهذا النظام الذي ترعرع في ظل نظام العدالة (Equity) في إنجلترا يوجد مصدره في نظام الوقف الإسلامي الذي عرفه مسيحيو أوروبا وبالذات مجموعات الفرسان المتشددة التي جاءت مع الحملات الصليبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر مع الممولين لهذه الجماعات. وفي إحدي الدراسات التي نشرت في الثمانينات تأكيد على أن نظام الوقف هو أساس نظام الترست وأوردت الدراسة الوثيقة التي أنشأ بها مرتون (Merton) كلية بجامعة كمبردج بإنجلترا. والوثيقة مترجمة إلى الإنجليزية، وكتبت في القرن الثالث عشر وهي قريبة الشبة بالوقفيات التي عرفها المجتمع الإسلامي. ومرتون كان رجلا مهما في إنجلترا في عصره، وشارك بنفسه وأمواله في الحروب الصليبية، وكان على صلة قوية بالفرسان المسيحيين. وتقول الباحثة القانونية التي نشرت الوثيقة: إنه كان من الصعب عليه أن يقرر ويعترف بأن النظام الذي اقترحه لتأسيس كلية ميرتون التي تسمت باسمه مأخوذ عن نظام إسلامي ذهب في الأصل لمحاربة المؤمنين به. ويقوم نظام الترست على نقل ملكية المال المخصص للخير أو إلى أي غرض شرعي آخر كالأهل والأولاد، إلى شخص آخر يكون هو الأمين، ويكون الأهل والأولاد أو الغرض الخيري المستفيد (Beneficiaries). والأمين يكون المالك القانوني أو الرسمي والأهل والأولاد أو الغرض الخيري هم الملاك عدالة وديانة. وتنامت أهمية الترست وكثرت قواعده لحماية المستفيدين لدرجة تدعو إلى الإعجاب وخاصة تلك القاعدة التي تقول بأن الأمين (Trustee) لا يمكن أن يستفيد من إدارته للترست على حساب المستفدين، حيث أصبحت حماية المالكين عدالة وديانة أكبر التزام على المالك القانوني أو الرسمي، واعتبرت المحاكم أن أكبر واجباتها يتمثل في حمايتهم. وقد تجاوز نظام الترست الآن الأغراض الأولي التي كانت له، وأصبح يستخدم كأداة للاستثمار الدولي، كما استخدم الترست كوسيلة لحماية المستفيدين من ظلم الحكام وطريقة لإخفاء ملكيتهم وأبعاد أموالهم المكونة للترست عن أعين السلطات الجائرة.
ووجه الشبه بين الترست والوقف هو في نقل الملكية للمال الموقوف أو المال موضوع الترست إلى شخص آخر يتصرف فيه لمصلحة المستفيدين، الذين قد يكونون أفرادا أو جهة من جهات الخير كمستشفى أو مدرسة أو نادٍ أو مسجد أو كنيسة. فالوقف الذي يسمى بالحبوس في شمال إفريقيا المالكية مذهبا يكون بحبس المال على ذمة حكم الله. فينقل الملكية من الواقف إلى حكم ملك الله وبالتالي يصبح المال غير قابل للتصرف فيه إلا طبقا لشروط الواقف. وفي الترست إذا انتقلت الملكية إلى دير أو كنيسة من الكنائس كمؤسسة يكون استثمار هذا المال وتصريف غلته وإدارته طبقا لنص سند الترست المنشئ له. والواقع أنه إذا كان نظام الوقف الإسلامي هو المصدر التاريخي لنظام الترست الإنجليزي فإننا يجب أن نعترف بأن نظام الوقف الإسلامي قد تلقى في بلادنا ضربات قوية من السلطات الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين بينما ازدهر الترست في النظام الأنجلو أمريكي وعظمت قواعده. وحيث لم تعرف القوانين اللاتينية نظام الترست فلا نجد له شبيها في الأنظمة العربية المعاصرة التي تأثرت بالقانون الفرنسي الذي لا يعترف بنظام الترست. والأجدى أن نعود إلى استخدام أحكام الوقف التي عرفها الفقه الإسلامي، فمجتمعاتنا في أشد الحاجة إليه.
5- القراض وشركات التوصية البسيطة Commenda
من النظم الإسلامية المستقرة: القراض. والقراض –وهو غير القرض– هو التعبير الذي يقابل شركة المضاربة الإسلامية. وهو أن يقدم صاحب المال مبلغا من المال إلى شخص يقوم باستثماره والتجارة به، ويقسم بينهما الربح بحسب النسبة المتفق عليها بينهما. والمستقر عليه الآن في الفقه الغربي أن القراض هو المصدر التاريخي لنظام (commenda) وهي شركة التوصية البسيطة وهو نوع من شركة التضامن البسيط. والمؤلف الأساسي في هذا الموضوع هو ما كتبه ابراهام ل. يودوفيتش Abraham L. Udovitch، Partnership and Profit in Medieval Islam (1970)).
6- القواعد البحرية لجزيرة أوليرونOleron
من أوائل المدونات الخاصة بالتجارة مجموعة أوليرون (Oleron). وهي مجموعة حرصت على جمعها اليانور زوجة الملك هنري الثاني ملك إنجلترا، حين كانت ملكة على فرنسا. وكانت جزيرة أوليرون تدخل في ملكيتها الخاصة التي ورثتها عن والدها قبل إبطال زواجها من هنري السابع ملك فرنسا. وكانت اليانور تفعل ما تشاء واشتركت مع زوجها الأول في الحروب الصليبية، ولها قصص غريبة يرويها المؤرخون. وتقع جزيرة أوليرون في منتصف الشاطئ الغربي لفرنسا وكانت ميناء مهما، واستراحة للصليبيين في ذهابهم ورجوعهم إلى بلادهم. وقد اشتملت مدونة (Oleron) على كافة القواعد البحرية التي كان معمولا بها في البحر الأبيض المتوسط أثناء فترة الحروب الصليبية؛ حيث كانت التجارة العربية بين شمال وشرق المتوسط في أزهى عصورها، وتعتبر قواعد أوليرون تقنينا للقواعد الإسلامية في التجارة البحرية. والنص التاريخي مترجم بالإنجليزية ومنشور على الإنترنت تحت اسم (Oleron Rules).
خاتمة
موضوع تأثر القانون الإنجليزي بالفقه الإسلامي في العصور الوسطي موضوع جديد يستحق أن يأخذ حقه من البحث والدراسة. ويبدو لنا أن الموضوع يتجاوز حدود مجهود فرد واحد. فعلى المؤسسات التعليمية والجامعية أن تتبنى دراسة هذا الموضوع وتشجع طلابها النابغين ـ الذين تعدهم لتولي وظائف التدريس ـ على اختيار موضوعات لاطروحاتهم للماجستير والدكتوراه في الموضوعات التفصيلية المقارنة بين القانون الإنجليزي والشريعة الإسلامية. بل إننا نرى أن نوسع أفاق الأبحاث؛ لتتناول القانون الألماني أيضا. فلدينا شعور قوي أن فرديك الثاني إمبراطور ألمانيا وملك صقلية وملك بيت المقدس قد تأثر كثيرا بالفلسفة الإسلامية ولابد أنه تأثر أيضا بالفقه الإسلامي، ونعرف أنه أصدر لائحة تشريعية خاصة به، كما أن روجرز الثاني أصدر لائحة تشريعية خاصة به، لا نريد أن نثقل القارئ بالمراجع بشأنها، وعلى أي الأحوال فإن من السهل الوصول إليها. وهذا المقال هو دعوة لإعادة الثقة بالشريعة الإسلامية ودورها الأساس في النهضة الأوروبية.
**********************
الحواشي
*) باحث وأكاديمي من مصر، جامعة الإسكندرية.
1- انظر: في اختيارنا تعبير (القانون العمومي) كترجمة لمصطلح الـ (Common Law) ـ دراستنا عن (قاعدة إلزامية السابقة القضائية وأفولها في القانون الإنجليزي الحديث) مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية التي تصدرها كلية الحقوق في جامعة الإسكندرية ـ السنة الخامسة عشرة 1 (1970م) العدد الأول ص139.
وانظر في تاريخ تكوين القانون الإنجليزي:
Sir Frederick Pollok and Frederic William Maitland، The History of English Law before the Time of Edward I. Second Edition، Cambridge، Volume I.
Theodore F. T. Pluknett، A Concise History of the Common Law. London 1948.
Edward Jenks. A Short History of English Law. London 1949.
2- نكفي بالإشارة إلى أهم هذه الدراسات وهي لجون مقدسي وهو أستاذ قانون وعميد سابق لثلاث كليات حقوق في الولايات المتحدة.
John A. Makdisi، the Islamic Origins of the Common Law، North Carolina Law Review، June 1999 pp. 1635 ـ 1738.
3- انظر:
Monica M. Gaudiosi، The Influence of the Islamic law of Waqf on the Development of the Trust in England: The Case of Merton College، 136 University of Pennsylvania Law Review 1231، 1246 ـ 55 (1988).
4- انظر:
George Makdisi، The Guilds of Law in Medieval Legal History: An Inquiry into the Origins of the Inns of Court، 34 Clev. St. L. Rev. 3.16 (1985- 86).
وجورج مقدسي مستشرق من أصل شامي تجنس بالجنسية الأمريكية وحصل على الدكتوراه من السوربون عن ابن عقيل. وهو والد جون مقدسي (المشار إليه في 2) وقد أهدى الابن دراسته لذكرى أبيه الذي اعتبره رائد فكرة تأثير الشريعة الإسلامية على تكوين القانون الإنجليزي.
5- Goerge Makdisi، The Scholastic Method in Medieval Education: An Inquiry into Its Origins in Law and Theology، 49 Speculum 640، 648 (1974).
6- أصل النورمان (أي أهل الشمال) هم الفيكنج Viking وأصل كلمة الفيكنج يرجع إلى أنهم سكان الفيوردات أو الخلجان التي نعرفها في البلاد الاسكندنافية. وقد أخذت غارات الفيكنج على أوروبا شكلا خطيرا في القرن التاسع الميلادي. ويرجع أصل الفيكنج إلى عناصر تيتونية جرمانية ظلت على حالتها البدائية إلى أن أجبرتها ظروف الحياة إلى النزوح إلى الجنوب. فبدأت بغزو سواحل إنجلترا وفرنسا إلى أن سمح لهم شارل الثالث البسيط ملك فرنسا سنة 911م بمقتضى اتفاقية شهيرة بين الطرفين (تسلم بمقتضاها الفيكنج الإقليم الساحلي الممتد من السوم Somme حتي بريتاني، وهي المنطقة التي نسبت إلى الشماليين (أو النورمان) فعرفت منذ ذلك التاريخ باسم نورمنديا أي أرض النورمان وعاصمتها روان بغرب فرنسا والتي لا تبعد الآن بأكثر من ثلاث ساعات أو أقل بالقطار.
7- في نفس الوقت استمرت غزوات الفيكنج على إنجلترا الذين بدأوا تسميتهم بالدانيين Danes (انظر دكتور سعيد عبد الفتاح عاشور ـ أوروبا العصور الوسطي ـ الجزء الأول التاريخ السياسي ـ مكتبة الأنجلو المصرية ـ طبعة 2007م ص226). إلى أن نجح ملك الدنمرك والنرويج كانوت Knute في أن يصبح ملكا على إنجلترا في الفترة من (1016 ـ 1035م) ولم يستطع أصحاب الحق في العرش السكسوني الوصول إلى الحكم إلا في 1042 حيث اعتلي إدوارد الثالث المعروف بإدوارد المعترف والمعروف بنقائه وتدينه وتشييده كنيسة وستمنستر التي دشنت في 1065م واعترف به قديسا بعد ذلك لهذا السبب. وكانت أمه Emma تنتمي إلى النورمان الموجودين بغرب فرنسا. وتقول أكثر الروايات: إنه قضي معظم مدة حكمه لدى وليام دوق نورمانديا، الذي أصبح فيما بعد وليام الفاتح وأنه أوصي له أو اتفق معه على أن يرثه وليام في حكم إنجلترا بعد موته. وحين مات إدوارد المعترف، أعلن هارولد الأنجلوسكسوني نفسه ملكا على إنجلترا، فقاد وليام حملة على إنجلترا وهزم فيها هارولد وقتله في معركة حاسمة هي معركة هيستنج Hasting في 14 أكتوبر 1066م وأعلن وليام نفسه ملكا على إنجلترا كلها كوارث للعرش عن طريق وراثته لإدوارد الثالث وليس بطريق الاستيلاء. وبذلك أصبح حاكما لكل من نورمانديا وإنجلترا وبدأ عصر النورمان في إنجلترا.
وباعتباره ملكا على إنجلترا فقد توج نفسه في كنيسة وستمنستر في آخر ديسمبر 1066م التي كانت قد دشنت في العام السابق على ذلك أي 1065م (انظر Dictionnaire du Moyen âge، Puf. Paris 2002، v Angleterre، pp 60 ـ 61). وظل وليام الفاتح ملكا لإنجلترا ودوقا لنورماندي في نفس الوقت حتي وفاته سنة 1087م. وباعتباره ملكا لإنجلترا كان ملكا مستقلا ولكنه بالنسبة لنورماندي لم يكن سوي دوقا لا بد له من الاعتراف بتبعيته لملك فرنسا ـ وكانت هذه العلاقة سببا في استمرار المناوشات بين ملك فرنسا ووليام الفاتح ومن تقلد من أولاده أو أحفاده عرش إنجلترا إلى أن تنازل الملك جون (1199 ـ 1216م) شقيق ريتشادر قلب الأسد إلى عرش فرنسا فيليب أغسطس (1202 ـ 1204م) عن دوقية نورماندي وغيرها من المقاطعات الفرنسية التي كانت تحت سلطانه في سنة 1302م، وسمي على أثر ذلك بجون الذي لا يملك أرضا Sans terre. ولهذه العلاقة النورماندية التاريخية كانت اللغة الإنجليزية القانونية تحتوي أكثر من نصفها على مصطلحات فرنسية قديمة قد لا تستخدم الآن في القانون الفرنسي المعاصر.
8- في نفس الفترة التي احتل فيها النورمان إنجلترا احتلوا جزيرة صقلية. بل إن احتلال صقلية بدأ قبل خمس سنوات من احتلالهم لإنجلترا. فوليام الفاتح احتل إنجلترا في 1066م بينما بدأ أولاد عمومته بقيادة تانكرد دي هوتفيل Tancrede de Hauteville لصقلية 1060م لتتم سيطرتهم على كل الجزيرة في 1091م.
9- المعروف أن المسلمين فتحوا صقلية ضمن ما سيطروا عليه من جنوب إيطاليا ابتداء من سنة 212هـ/ 827م على يد أسد بن الفرات أيام زيادة الله بن الأغلب ثالث أمراء بني الأغلب الذين تمت سيطرتهم على مالطة وجنوب إيطاليا وصقلية على يد إبراهيم بن أحمد تاسع أمراء الأغالبة (261 ـ 289هـ/ 875- 902م) كما جاء بأطلس تاريخ الإسلام للدكتور حسين مؤنس ـ الزهراء للإعلام العربي، ص180 خريطة رقم 85. وبعد زوال الدولة الأغلبية وقيام الدولة الفاطمية محلها سنة 296هـ/ 909م بدأت فترة من الفوضى والعصيان وقامت دولة الكلبيون الذين حكموا صقلية لحساب الفاطميين مدة 95 سنة هجرية استتب الأمن فيها وازدهرت حضارتها، وأصبحت (بلرم) قاعدة إسلامية كبري بعد بناء مسجدها الجامع العظيم. وقد بلغت أسرة الكلبيين ذروة قوتها أيام أبي الفتح يوسف الكلبي الملقب بثقة الدولة (979- 388هـ/ 989 ـ 998م) المرجع السابق ص293. إلا أن وحدة الحكم الإسلامي لم تدم طويلا وانقسمت صقلية إلى ثلاثة أجزاء استقل بكل جزء قائد مسلم، ولم يلبثوا أن تحاربوا واستعان بعضهم بالنورمان الذين كانوا قد بدأت أطماعهم في الاستيلاء على جنوب إيطاليا سنة 440هـ/ 1048م وانتهزها النورمان فرصة للاستيلاء على معاقل صقلية تحت قيادة روبرت جسكار رئيس النورمان وأخيه روجر الأول سنة 1060م وتم للنورمان الاستيلاء على كل صقلية في 1091م، وازدهرت صقلية أيام روجر الثاني ابن روجر الأول وكان متسامحا مع المسلمين وكان يلبس الزي العربي ومعجبا بالحضارة الإسلامية وقرب المثقفين والعلماء المسلمين فقرب إليه الإدريسي الذي طلب منه تحضير كتابه المشهور في الجغرافيا الذي انتهي الإدريسي من تحريره في نفس السنة التي مات فيها روجرز الثاني في سنة 549هـ/ 1154م وهو الكتاب المعروف (بالروجري).
10- وطبقا للدارسين ـ الذين اهتموا بوضع العرب والمسلمين ـ فإن روبرت جيسكار وروجر الأول كانا قد وافقا وقت أن استسلمت لهم (بالرم) في يناير 1072م على ما اشترطه عليهم سادة المدينة العرب من أن قوانينهم (أي الشريعة الإسلامية) لن تخترق بأي طريقة كانت وأنهم لن يكرهوا أو يخضعوا لقوانين غير عادلة أو جديدة. ويقرر هؤلاء الدارسون أن كافة الوثائق التي حفظت من هذا الوقت تدل على أن جميع المسلمين في الجزيرة قد احتفظوا بهذه الميزة والمكانة طوال العهد النورماندي الذي انتهي في 1301م بانتهاء آخر سلالة للنورمان في صقلية. ويدللون على ذلك بما قاله ابن جبير الذي مر بصقلية وبقي بها عدة أيام ببالرم في شتاء 1148م من أن المسلمين لهم في بالرم قاضٍ يحكم في منازعاتهم.
L. R. Menager، La Legislation sud ـ italienne sous la Domination Normande.
11- والواقع أن سياسة روجرز الثاني جعلت من صقلية ـ بموقعها الفريد في منتصف البحر الأبيض المتوسط ووجود المخزون الحضاري العربي بها ـ منارة لأوروبا جميعها ومحط أنظار ملوك وحكام المقاطعات الأوربية المختلفة وأصبح الزواج والنسب مع الأسرة المالكة النورماندية الصقلية سياسة مستقرة في أوروبا. فتزوجت بنت روجرز الثاني ـ كونستانس، كما سبقت الإشارة ـ ابن فردريك بارباروسا هنري السادس، الذي أنجبت له فردريك الثاني، وقد صار هنري السادس ملكا لصقلية من 1194 إلى 1197م ليخلفه فردريك الثاني وليصبح ملكا لصقلية من 1198 ـ 1250م باعتباره حفيدا لروجرز الثاني.
وفردريك الثاني كان شغوفا بالحضارة والفلسفة الإسلامية وكان سياسيا بارعا وإن لم يكن مسيحيا متحمسا دينيا، وهو الذي قاد حملة صليبية لكي يرضى عنه بابا روما. وهو صاحب الصلح الشهير مع الملك الكامل سنة 1129م حول مدينة القدس، حيث كانت قد آلت إلى فردريك الثاني عرش مملكة بيت المقدس في الفترة من 1225 (تاريخ زواجه من... إلى 1244م (تاريخ عودة القدس إلى المسلمين). بالإضافة إلى عرش صقلية والإمبراطورية الرومانية المقدسة أي الإمبراطورية الألمانية.
12- بالإضافة إلى سيطرة النورمان على الملك في إنجلترا وصقلية فإنهم أسسوا أيضا أثناء الحروب الصليبية إمارة في أنطاكية. فابن روبر جيسكار بوهمند الأول ـ وهو ابن عم روجرز الثاني ـ تولى إمارة أنطاكية ابتداء من الحرب الصليبية الأولى وتزوج ابنة ملك فرنسا فيليب الأول والمسماة كونستانس (لا يجب الخلط بينها وبين بنت روجرز الثاني التي تزوجت ابن فردريك بارباروسا والتي أنجبت فردريك الثاني). وقد أنتج زواج بوهمند الأول من زواجه هذا بوهمند الثاني، الذي ورث إمارة أنطاكية من سنة 1126 إلى 1130م. وقد تزوج بوهمند الثاني من اليكس بنت بودوان الثاني ملك بيت المقدس. الذي أنجب ريموند دي بواتييه، الذي تولي إمارة انطاكية في الفترة من 1136 ـ 1149م، وأنجب ريمون دي بواتييه، بوهمند الثالث، أمير انطاكية من 1153 ـ 1201م؛ وماري التي تزوجت إمبراطور القسطيطينة مانويل كومنن.
13- انظر: الكتاب العمدة في الموضوع
F. W Maitland، "The Forms of Actions at Common Law"، Cambridge، 1965.
وانظر: في تاريخ نظرية العقد في القانون الإنجليزي
A. W. B. Simpson، "A History of the Common Law of Contract، " Oxford 1975.
-14“There is no evidence that the assize of novel desseisin originated in Norman, Anglo ـ Saxon، Canon or Roman Law. What gave rise to the new concept suddenly appearing in the assize that protected ownership by protecting possession as evidence of ownership?
To answer this question، one must venture beyond the borders of Western Europe. In the Islamic World، the concept of protection of possession as evidence of ownership was well established by the Twelfth century، being guaranteed through the action of Istihqaq."
John A. Makdisi، "The Islamic Origins of the Common Law، "77 North Carolina Law Review، June 1999، 1635- 1665.