البردوني عبدالله ولد سنة 1348 هـ 1929 م في قرية البردون في اليمن من أبوين فلاحين ، أصيب بالعمى بسبب الجدري في الخامسة من عمره ، وأسعفته الظروف بالدراسة في مدارس ( ذمار ) عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم ثم عُين استاذاً للآداب العربية في المدرسة ذاتها .
عاش ضريراً يعيش مع الفلاحين ، حُرم أمه صغيراً وأخفق في حبه إخفاقاً مؤلماً ولذلك خرج شعره وفيه مسحة من الحزن الكئيب ، وفقد بصره جعله يؤثر الصور المسموعة أو الصوتية على الصور المنظورة أو المرئية ومولده ونشأته في بيئة فقيرة كادحة محرومة طبع شعره بطابع العطف والحنان الشديد على الفقراء المحرومين والمعدمين من أمثاله فهو شديد الاحساس بشقائهم ، ولذلك نجده يلمح في ديوانه على التناقض الطبقي وحمل على ترف القصورالذي بنى على استنزاف جهد الكادحين وحرمانه من القلب المحب كان سبباً لنبوغه
ونجد في شعره الوطني تعبيراً عن إيمانه العميق بوحدة اليمن الطبيعية وبالوحدة العربية ، ويشيد بالاتحاد الذي جرى بين مصر واليمن ( وأعتقد أنه شيوعي اشتراكي ) ونجد عنده ظلالا باهتة لقضية فلسطين وذلك كله بوشاح من الأسى والحزن مع سلاسة وعذوبة في وجدانياته وجزالة في حماسته ووطنياته
والبردوني يحسن رسم الصور وابتكارها وهو مولع كثيراً بالإيحاء والرمزية وتشخيص التجريدات فللفجر شفاه وللمروج صدور وللربى أجفان وللربيع قلب - هذه النبذة من كتاب ( تاريخ الشعر العربي الحديث ) أحمد قنبش .
وله عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. .صدرت دراسته الأولى "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" عام 1972. أما دواوينه فهي على التوالي:
- من أرض بلقيس 1961 - في طريق الفجر 1967 - مدينة الغد 1970 - لعيني أم بلقيس 1973 - السفر إلى الأيام الخضر 1974 - وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 - زمان بلا نوعية 1979 - ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983 - كائنات الشوق الاخر 1986 - رواء المصابيح
1989


[align=center:b978bdd3b4]مـــتــألــمٌ ، مــمّـــا أنــــا مــــــــتـــألـــمُ؟

حــــار الســــــؤالُ ، وأطرق المستفهمُ







ماذا أحــــــــس ؟ وآه حـــــــــزني بعضه

يــشــكـــو فـــأعـــــرفه وبعضٌ مبهم







بي ما عـــلـــمت من الأسى الدامي وبي

مـــن حــــرقة الأعـــمــــاق مـــــا لا أعــلمُ







بي من جــــراح الـــروح ما أدري ، وبي

أضــــعــــاف مــــا أدري ومــــا أتــــــوهم







وكـــــأن روحي شـــــعـــــلةٌ مــــجنونةٌ

تـــطـــغــى فـــتضــــرمني بما تتضرم







وكــــأن قـــلبي في الضــلـــوع جنازةٌ

أمـــشــي بــهـــا وحــــــدي وكلي مأتمُ







أبكـــي فـتـبـتسم الجراح من البكا

فـكــــأنــهــا في كـل جـــــارحـــــةٍ فمُ




***
***




يالابتسام الجـــــرح كم أبكي وكم

ينســـــاب فـــــــوق شفاهه الحمرا دم





أبداً أســـــيرُ على الجــــــراح وأنتهي

حــيث ابتــدأت فأيـــن مني المخـــتم







وأعاركُ الـــدنيا وأهـــوى صــــــــفــوها

لكـــــن كما يـــهــــوى الكلامَ الأبكمُ







وأبـــارك الأم الـــــــحـــيــــاة لأنـــهــــا

أمي وحــــظّي مــــن جــــنــــاهـــا العلقم







حــــرمـــــاني الحــــــــرمـــان إلا أنــنــي

أهـــــذي بــعـــاطـــفـــة الحــياة وأحلمُ




والمـــرء إن أشـــقــــاه واقـــــع شـؤمهِ

بالغــــبـــن أســــعده الخيال المنعمُ




***
***




وحـــدي أعــيش على الهموم ووحدتي

بالـــيـــأس مـــفـــعَــــمــةٌ وجوي مفعمُ







لكـــنـــنـــي أهــــوى الهـــمـــــوم لأنها

فِــكرٌ أفـســـر صـــمـــتــهـــا وأتـــرجمُ







أهــــوى الحـــيـــاة بــخـــيــرها وبشرها

وأحــــب أبـــنــــاء الحــــيــــاة وأرحــــم







وأصـــوغ ( فــلـسـفة الجراح ) نشائداً

يشــــدو بها اللاهي ويُشـــجــى المؤلَمُ
[/align:b978bdd3b4]