من نزل مصر من أبناء نوح
قال المسعودي: وقد ذكر جماعة من الشرعيين أن يبصر بن حام بن نوح لما أنفصل عن أرض بابل بولده وكثير من أهل بيته غَرًبَ نحو مصر، وكان له أولاد أربعة: مصر بن بيصر، وفارق بن بيصر، وماح وياح، فنزل بموضع يُقال له منف، وبذلك يسمى إلى وقتنا هذا، وكان عدمهم ثلاثين فسميت ثلاثين بهم، كما سميت مدينة ثمانين من أرض الجزيرة وبلاد الموصل من بلاد بني حمدان، وإنما نسبت إلى عدد ساكنيها ممن كان مع نوح في السفينة، وكان بيصر بن حام قد كبر سنه، فأوصى إلى الأكبر من ولده، وهو مصر، واجتمع الناس إليه وانضافوا إلى جملتهم، وأخصبت البلاد، فتملك عليهم مصر بن بيصر، وملك من حد رفح من أرض فلسطين من بلاد الشام، وقيل: من العريش، وقيل: من الموضع المعروف بالشجرة، وهو آخر أرض مصر، والفرق بينها وبين الشام، وهو الموضع المشهور بين العريش ورفح - إلى بلاد أسوان من أرض الصعيد طولاً، ومن أيلة - وهي تخوم الحجاز - إلى برقة عرضاً، وكان لمصر أولاد أربعة، وهم قبط، وأشمون، وإتريب، وصا، فقسم مصر الأرض بين أولده الأربعة أرباعاً، وعهد إلى الأكبر من ولده - وهو قبط - وأقباط مصر يضافون إلى النسب إلى أبيهم قبط بن مصر، وأضيفت المواضع إلى ساكنيها، وعرفت بأسمائهم، فمنها أشمون وقبط، وصا، فى تريب، وهذه أسماء هذه المواضع إلى هذه الغاية، واختلطت الأنساب، وكثر ولد قبط، وهم الأقباط، فغلبوا على سائر الأرض، ودخل غيرهم في أنسابهم؟ لما ذكرنا من الكثرة، فقيل لكل قبط مصر وكل فريق منهم يعرف نسبة واتصاله بمصر بن بيصر بن حام بن نوح إلى هذه الغاية.
مروج الذهب للمسعودي