الممر
====
سأسافر إلى ألمانيا
قالها صديقي لي .
قلت له : لماذا ؟ ألا يوجد في بيتكم ممر؟!
في تمام الساعة الواحدة ظهراً من يوم الأربعاء انتهت المهلة التي منحتها فرقة الناتو القذرة.
ما كنت أظن أن هذا الممر سوف يجمعنا أنا وعائلتي.
في كل ليلة من ليالي بلاد الشام الحزينة كانت قذائف الحقد تنهال علينا، أسمع صوتها وهي تأن في الفضاء ، أسمع صوتها وهي تنفجر مدوية، أسمع صياح الناس وخوفهم ودقات قلوبهم، أسمع أصوات سيارات مسرعة، أسمع خوف أطفالي ودقات قلوبهم فأهرع بهم إلى ممر المنزل، كان الممر أكثر مكان آمن نلجأ إليه.
سريعاً أضم أطفالي إلى صدري أشعرهم بجسدي الكبير والقوي فيهدأ روعهم، أشد عليهم بذراعي بمزيد من القوة ليضعف ضعفهم.
كنا نفترش الممر بكل تفاصيلنا، بألعاب أطفالي وإبريق الشاي الساخن، بكتبي وأصابع الشمع، بكل إيماننا بالله .
لم أكن أظن أن هذا الممر الذي كنا نمرق منه سريعاً يمكن أن يكون بيتاً لنا.
بعد أن مضت الأيام ومضت الفرقة القذرة لحتفها، تقول لي صغيرتي :بابا ما رأيكم أن ننام اليوم في الممر.
وصار لنا وطن جديد، وطن نشتاق إليه ونحتفل به كل ما ضاقت بنا الدنيا.
أيها الممر الصغير لقد منحتنا سراً من أسرار هذه الحياة، لقد كانت أبعادك الصغيرة أكبر مما نتوقع.
يرن هاتفي وإذ به صديقي من ألمانيا، يقول لي أنا الآن في ألمانيا.
فأقول له : وأنا الآن في الممر.
يقول: ما رأيكم أن تلحقوا بنا ؟
فأقول له: لكن هل يوجد في ألمانيا ممر كممر بيتي ؟
طارق شفيق حقي