جليستي أسيرة السراب!
/كلمات د.ماجد توهان الزبيدي(مُهداة لمن يقصُدها الكاتب! ولمن ترى في نفسها شيئا من ذلك!!)
قلت ُ لها من أول الدرب:
عربي بدوي انا
ثروتي بعيري وصُرةُ ملابسي
وزُوادة ومشط ُرصاص
وصندوق من الدفاتر والكتب!
قلمي بين أصابعي رابض
أُسطر به أحاسيسي
ووصايا لأطفال العرب!
أكتبُ به على ملايين الورق
أناشيد التحريض والثورة
للمهاجرين للأجئين
للمحاصرين للفدائيين
ممزوجة ببراكين الغضب!
وفي الأصابع الأخرى ناي
اعزف عليه الألحان
عندما يُداهمني الحزن
والتعب!
قلتُ لها:
في آخر الليل
اغني لك الأشجان
على العود
من رُباعيات العرب!
أوضحتُ لها في بداية اللقاء
عربي بسيط أنا
أحيا دون تكليف
أعيش كما الطير يعيش
على البساطة يحيا
يغدو صباحا
ويكفيه في يومه
حبة قمح
وأنا مثله
تملأُ معدتي
كسرة خبز وشربة ماء
وبضع حبات من زيتون
أو عنب!
هو النسر ُ يجوبُ الفضاء
تارة يعودُ خالي الوفاض
وتارة تملأ معدته قشة
أو كسرة من خشب!
يحلقُ في السماء
تأبى كرامته رفقة الكلاب
في نهش جيفة
أو التحليق في القاع والوديان
دون السحب!
قلتُ لها مراراَ مُكررا القول:
عربي أنا
أمضي في مشوار الحياة
أمشي على جمر الرماد
مرة أنام في الخرابيش
ومرة في بيوت الطين
وتارة في بيوت سقفها
من قصب!
أنام مُرتاح الضمير
وأغط لحظة ملامسة الفراش
في حلم طويل جميل
كأحلام راعي الغنم
وجامع الحطب!
لم تزل جليستي الصامتة
تسترق السمع
لم تجب!
أضفتُ على مسامعها:
اتمضين الدرب معي
بين الشوك والصبار والورد
نقطع ماتبقى مع العمر
حُبا وعشقا بصبر وصدق؟
تارة ناكل ما توافر من طعام
وتارة قد نأكل نوى الرطب!
أتأتين نعزفُ معا قصائد العشق
على ربابة العرب
وموسيقى الطرب؟
ونغوصُ معا في دواوين الغزل
وبطون الكتب؟
لم تزل جليستي تستمع
لم ترد
لم تجب!
اتراها تنتظر فارس الأحلام
يأخذها على ظهر الجواد
يطوف بها الأرجاء
بين جنات النخيل
ودوالي العنب!
أم تراها تنتظر الأمير
يطيرُ بها على سرج سابح
فوق الغيوم والسحب!
مسكينة جليستي
ستمضي حياتها وحيدة تنتظر
أسيرة أساور
تملأ ُ الساعدين والساقين
وحزام يُحيطُ ُ بالخصر
من ذهب!
وقصر منُيف من مرمر ورخام وحجر
موشح بماء الذهب!
مسكينة جليستي
سلب لُبها أمير الوعود
والنصب
حالها حال سيدات
هجرن الأزواج وفلذات الأكباد
وطرن وراء السراب
وراء فحول الكذب!(25/11/12)