رُفعت الجلسة
ــــــــــــــ
أمام منصة القاضي في حزن أخذت تقول :
لم يكن الرجل المثالي ، لا يفقه شيئا سوى التنقل بين القنوات التلفزية و مداعبة السيجارة اللئيمة، ثم التيه في دخانها المتصاعد ، لقد أصبح يقدرها أكثر مني ، كان كالآلة المبرمجة على ذلك ، خالٍ من كلِّ المشاعر ، " لا يضر و لا ينفع " ، كثيرا ما أطالعه، أبحث فيه عن الشاب الذي أتى لبيتنا يخطبني يوماً ، عن خالد المرح ، عن خالد المتفاني في عمله ، لقد اختفى تماماً ، إنه شبه ميت ، جسد من غير روح تحركه ، حتى أني أصبحت أتمنى أن يكرهني على الأقل وأن لا يُصر على جمود أحاسيسه ، فربما أشعر بعدها أنني أعيش مع شخص حي .. يثير جنوني بِصمته المتواصل ، يغضبني حين لا يجيب حديثي ، أثور لما يرمقني بتلك النظرة المتغابية ، أصرخ في وجهه ، أفقد أعصابي فلا أتمالكها ، أنظر للمزهرية الراقدة بجانبه ، أرفعها بيدي المرتجفتين و أهوي بها على رأسه علّها توقظه من سباته و تخرجه من عالمه المغلق .. لكنها بدل ذلك أخذته إلى عالم آخر ، عالم الموتى ..
لقد قتلتُ زوجي .
نظر القاضي ملياًّ إلى ملف المتهمة ، ثم أخيرا نطق معلناً الحكم : زوجة الضحية " البراءة " ، المزهرية " خمسون سنة سجناً نافذةً دون الحق في الكفالة " ، رُفعت الجلسة .