Originally Posted by
حسن العويس
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخت بنت الشهباء الفاضلة وبعد :
ما شَدَّ انتباهي في هذا المقال الطيب الجميل ثلاث كلمات : ( الإنسان ــ الوفاء ــ انهض ) .
الإنسان : لقد جاء ذكر الإنسان في القرآن الكريم كثيراً ولا أريد أن أذكر آياتٍ فالكل يعرفها ، والأحاديث قد ذكرتِ . وقد جاء في تفسير سورة الناس لابن خالويه على ما أعتقد حيث قال : هناك الناس وهناك النسناس ، وقيل : ما النسناس ؟ قال : أناسٌ تشبهوا بالناس وليسوا من الناس . كما نقول هناك الجان وهناك الحان .
وقد قال محمد إقبال : خرجتُ يوماً في الليل فوجدتُ شيخي ـــ ( ويقصد جلال الدين الرومي . الذي احتفلت تركيا به هذا الأسبوع ذكرى وفاته وهو صاحب الطريقة المولوية وهي أول طريقة صوفية تدخل بلاد الشام )ـــ فقال لي : عمَّ تبحث ؟ قلتُ : أبحثُ عن إنسان ، لقد مللتُ مُعاشرة السباع والأقزام ، قال : تبحث عن شيء صعب المنال ، قلتُ : ألا تعلم ياشيخي أن الكنوز مدفونة تحت الأرض ، وأن الأشياء الثمينة تُخفى ولا تُعرض .وهذه معاني مجازية في قمة الروعة .
وفعلاً المال يُخبّأ والساعة الثمينة والذهب والمال يوضع في البنوك . فالناس قد أصبح بعضهم إما سِباعاً للهراش أو أقزام يأكلون ويشربون وينامون
وليتهم أكلوا طعاماً تَحرّوا فيه الحلال والحرام . ومع ذلك فالخير فيَّ وفي أمتي باقٍ ليوم الدين هكذا علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم .
انهضْ : هذه كلمة كبيرة المعنى فقد تحدث مالك بن نبي في كتاب أسماه ( شروط النهضة ) إذاً النهوض ليس بالأمراليسير ، فله اشتراطاته .
وقد كان عبد القادر الكيلاني رحمه الله يقول في كتاب ( الغنية ) يصف الشيخ ومن شروط شيخ الدين (....... إذا قام بك نهضَ بك وإن قادك دلّك ) فهما شرطان النهوض والدلالة .
الوفاء : لقد تحدثتِ عن منظومة القيم كاملة وقد أجملتيها بالوفاء . فالرسول الكريم كان ( الصادق الأمين ، الوفي ، العادل ...) الذي وصفهُ ربّنا بأنه على خُلقٍ عظيم . وإن الإنسان الكامل في الإسلام كلما نهجَ منهج رسول الله واقترب من هديه ارتقى درجات الفضل والكمال ، وأول حقيقة يجبُ أن يدركها هذا المخلوق ( أنه عبدٌ لله ) فإن وعى هذه الحقيقة وعمل بما جاء بكتاب الله وهدي نبيه فقد تحلى بالأخلاق التي تطلبين منه أن يتحلى بها .
وما أجمل قول القائل :
وارعى الأمانة والخيانة فاجتنبْ .......... واصدُق ولا تكذب يطبْ لك مكسبُ
بارك الله بك .
أستاذنا الفاضل حسن العويس
حقيقة وقفت إجلالًا وإكبارًا أمام ما جاء في تعليقك لرسالتي التي لم تكن لولا أن رأيت كثيرًا من هؤلاء الذين لا يرعون ذمة ولا ضميرًا ولا شرفًا ؛ وباتوا يلهثون وراء كل رخيص وتافه حتى ولو على حساب قتل كل من حولهم ... وما يملكونه – وللأسف - الغرور والكبر ، والنفاق والغرور ....
لذا فإنني في رسالتي- كما تفضلّت – بدأت بالإنسان ...
الإنسان الذي خلقه الله وأحسن خلقه ، وفطره على الفطرة السليمة فكان النداء من صوت خفي محبّ إليه لعلّه يرتفع ويسمو إلى ما أراد الله له ...
ومن ثم بدأت بتعريف الوفاء ..
الوفاء الذي حمله جيل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلو هذا الدين لمشارق الأرض ومغاربها بالحبّ والعطاء والوفاء الذي تعلموه من
لأوجّه في نهاية رسالتي نداءً إلى كل من يريد أن يصل ويعلو إلى مكانة الصادقين المؤتمنين الأوفياء ....
فكانت رسالة أردت من خلالها أن نعيد معًا حساباتنا مع أنفسنا ونسألها :
هل أنت راضية عما أنت عليه ؟...
فوالله ستكون الإجابة ممزقة ومشتتة وغامضة لأننا لم نعد كما كنّا من قبل ...
اعذرني يا أستاذنا الفاضل
أليس هذا هو الواقع ؟...
نسأل الله أن يصلحنا ،ويعيننا ويثبتنا لنكون أهلا للأمانة والعطاء والوفاء ...
إنه سميع مجيب