هم ثلاثةٌ من شعراء العربية، طبقت شهرتهم الآفاق، ولم يترك كلاً منهم وراءه غير قصيدة واحدة، ظلت حتى هذه اللحظة، كومضة سناء، في حلكة ليل، لا تسمع منه، إلا هسيس الصمت.
وهم المَنخًّل اليشكري... صاحب قصيدة (فتاة الخدر) قالها في هند بنت عمرو بن هند، فلما عرف أبوها بأمره قتله، وضربت العرب به المثل في الغائب الذي لا يرجى إيابه. يقولون: (لا أفعله حتى يؤوب المًنخًّلُ) ومن أبيات قصيدته :
إن كنت عاذلتي فسيري
ولقد دخلت على الفتا
الكاعب الحسناء تر
فدفعتها فتدافعت
نحو العراق، ولا تحوري
ة الخدر في اليوم المطير
فل في الدمقس وفي الحرير
مشي القطاة إلى الغدير
وشاعرنا الثاني هو دوقلة بن العبد المنبجي، وذكر إن ابنة أحد أمراء نجد، واسمها (دعد) كانت شاعرة بليغة وفاتنة الجمال، كان شرطها أن تتزوج من شاعر يبزها، فلم ترضَ بالمتقدمين، حتى قدم شاعر تهامي، وفي الحي بات ليلته، عند وراق، وأسره بأمره وقرأ عليه قصيدته فقتله الوراق، واندفع إلى الأميرة، يقرأ بين يديها القصيدة، فسألته من أي الديار أنت؟ فأجاب من العراق، فلما فرغ من القصيدة، حتى صرخت.. قائلةً هذا قاتل بعلي. لأنها رأت بيتاً يدل على أن قائلها من تهامة. ومن أبيات القصيدة
لهفي على دعدٍ وما خلقت
وتريك عرنيناً به شممُ
وبصدرها حقان خلتهما
إن تُتْهمِي فتهامة وطني
إلا لطول تلهفي دعدُ
وتريك خداً لونه الوردُ
كافورتين علاهما ندُ
أو تُنجدي يْكنِ الهوى نجدُ
أما شاعرنا الثالث .. والتي ذاعت قصيدته في كل الدهور، هو أبو الحسن علي بن زريق البغدادي. كانت له ابنةُ عمٍ، شغف بحبها أيما شغف، ثم ارتحل عنها إلى الأندلس بسبب الفاقة والضنك. ينشد أن يجلب من هناك مهرها. وعندما مدح أمير قرطبة لم يجزل عليه هذا الأمير العطاء. فعاد إلى الخان (الفندق) مهموماً ونام، وفي الصباح دنا منه النادل يوقظه، فوجده ميتاً وتحت وسادته قصيدته الوحيده، التي عرفت عنه (لا تعذليه) يقول عنها الشاعر فاروق شوشه، هي واحدة من أرقِ عيون الشعر العربي. جاء فيها :
لا تعذليه فإن العذل يولعه
جاوزتِ في نصحه حداً أضر به
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً
استودع الله في بغداد لي قمراً
قد قلتِ حقاً ولكن ليس يسمعهُ
من حيثُ قدرتِ أن النصحَ ينفعهُ
من عنفهِ فهو مضنى القلب موجعهُ
بالكرخ من فلك الأزرار مطلعهُ
صدام حسين يرأس جاهةُ زواج نزار قباني :
نزار قباني.. فلسطيني الأصل، سوري المولد والجنسية، لبناني الإقامة والهوى، شغف بامرأة من مدينة راوه غرب العراق، إلا أن أهلها رفضوه، بسبب مغامراته. ولم يفز بحبيبة القلب المدعوة بلقيس الراوي، إلا بعد أن استنجد بالرئيس السابق صدام حسين، الذي شفع له عند أهل بلقيس وتزوجها. وقد ماتت بلقيس، في حادثة انفجار السفارة العراقية في بيروت، حيث كانت تعمل بالملحقية الصحفية هناك. ويدين نزار قباني لمحمد عبد الوهاب في انتشاره الواسع على الساحة العربية، لقيام الأخير بتلحين قصيدة لنزار باسم (أيظن). غنتها نجاة الصغيرة، حيث تهافت المغنون وقت ذاك على جل قصائده، وآخر من تهافت على قصائدة، كاظم الساهر، فنهل كثيراً من قصائد نزار وأشهرها .. زيديني عشقاً زيديني..