الأخ الصديق طارق شفيق حقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيما يلي سأحمل ثلاثة قصائد كمشاركة في مسابقة المربد
والقصيدة التي أود المشاركة فيها هي قصيدة ( قصيدتي يا خيمتي الأخرى ) .
أخوك علي صالح الجاسم .
قصيدتي يا خيمتي الأخرى
على لسان شاعر فلسطيني
في حضرة قصيدته بعد
ستين عاماً على النكبة .
مـرّي علـــى شفتي سـؤالاً حـائـراً
يبنــي مـن الأوهــام قصر جنــوني
مـــــا لوعة الحرف الــذي ألهمتني
إلا نزيــف الغيـــم فـــوق جبيني
نامـت ريــاح الصيف تحـت عبــاءتي
وانــدسَّ بـــين خيوطهـــا تخميني
وجعي يســــافر فـــي مرايـــا المستحيل -
ويمتطي مـــا شــــاء ظهر سنيني
إنـــي ســـؤال العـــابرين بأدمعي
والنَّـائمين علـــى ضفـــاف حنيني
صبي عبيرك فـــي دنـــان دفــاتري
واسقـــي العطــاش الظـامئين أنيني
بضفـــائر الكلمــات خبّأت الدجـى
فنجـومــه مــن لـؤلـئي المكنـون
كــم جلْتِ مـــا بين السّــطور تمنُّعاً
تتبخترين ترنُّمــــــاً بشجــوني
أسلمتني للوهــم خلف تخــومِــــهِ
تابــوتَ أحــزانٍ ومحــضَ فتـونِ
وسقيتني مــاء الفـــرات بيـــادراً
للحــزن كنتُ أذيبهــا بعيـونــي
صلِّـي علـى الأهـداب مثل مسـافــرٍٍ
وامشـي علـى الأجفـان مشـيَ حَرُونِ
أنا لا أريـدك مثـــل ليــلاي الَّــتي
في خـدرهــا غـرقت بحــبر ظنـون
"أنا يـا قصيــدة متعــبٌ بعروبـــتي"
هـــل تقبيلن بســـاطــة التبيينِ
ما أشرس الكلمــات عند صـدودهـــا
كــم أجهضتْ حلمــاً بغير كمـينِ
كــوني علــى عتباتهـــا أنشــودةً
للبحــر أو للـراحـلين بـــدوني
كــوني لهــا المعــراج في فردوسهــا
كــي تستفيق علــى ذرى حـطينِ
ألقــي علــى وجهـي قميص طفولــتي
فأنــا هنــا سيفٌ بـــلا تـزيينِ
مــا نـكبـة الكلمــات تشبـه نـكبتي
كــم عربــدت مـن خبثهـا بيقيني
يافا خـرير الحلــم فــوق وســـادتي
تغفـو كـغصنٍ قُــدَّ مــن زيتـوني
كــلُّ المــدائن أفـرعـتْ بأنـامــلي
وتـدثَّـــرتْ في لجَّــتي وسـفيني
في القدس كـم في القدس سـار معي السَّـنا
نحـو الــذُّرى متشـوِّقــاً لعريـني
في القـدس عند البـاب قــبر حكــايتي
وبقيَّــةٌ مــنِّي ورجْــعُ لحــوني
في القـدس مئذنــةٌ تصــارع جفنهــا
كيــلا تنــام بليلهـا المـأفــون
في القـدس تصـرخ طفلــةٌ " مـامـا " -
وتنتفض السُّـــهول .. للمعـــةِ السّــكِّين
في القـدس يعبـق شــارعٌ - بالرغــم -
ممَّــــنْ دنَّســـوه – بفـورتي وسـكوني
بالأمــس صـاحت خيمتي بحبــالهـــا
هــل تــدركــين مـرارة الستين
فظننتهــا تهــذي وكنت أمــامهـــا
شيخــاً هــوى في عامــه التسعين
تـاريــخُ ميــلاد البحــــار ولادتي
ومــلامحــي مـن سَـوْرةِ التكوين
جـرحـي مــدى الآفـاق يسبق ظلَّــه
مجــدافـــه قلــبي ونبـض يميني
يمشي على وجـــع الحـروف تمـــرُّداً
طوفــانَ كــبرٍ شــامـخ العرنين
مـا مـات مـن مثلي يجـرُّ جـراحـــه
هــزِئاً بظلمـة جبِّـــه المسـكين
ستُّـون مـــرَّتْ ولتمــرَّ بمثلهــــا
مــرآة جـرحـي وانكسـار جفوني
فسنابــلي مــلأى سـتنفض عـزَّهــا
يـومــاَ , وتبعـثُ للـورى حطيني
شعر : علي صالح الجاسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
فضاءات
أنخْت حرفي صـوتاً في الدجـى النزقِ
كـي أستبيـح فضاءاتي من الغسقِ
آتٍ وليس معـي إلا عصـايَ ومـا
ترضى النّجوم انفلاقَ الحلم في ورقي
أودعـتُ في رئـة الأمـواج أغنيتي
حـتى يسـابقَ ظلِّـي ثورة الشَّفقِ
غزلْتُ شـوق سـطوري من براءتها
فقـرَّبتني إليهــا دونمــا قلقِ
رسمتُ في رحــم الأوراق صورتها
ورحْتُ أبحثُ عـن وردي ومغتبقي
وجئتها في عشـاء الحـرف سـاهمةً
تلوِّنُ الفجرَ من سهدي ومـن أرقي
أعطيتهـا كفِّـيَ المعـروقَ تقـرؤه
فلملمتْ من شتـاتي كـلَّ مفترقِ
غرقت في سـحرها رهـواً على أملٍ
أن تستفيق علـى همسي فلم تفقِ
قالـت وقالت , ولم أكبحْ جماح هوىً
يحـاور الشفة السفلى , ولم يذقِ
مـا أحـرمَ الفجـر في عينيَّ معتمراً
إلا لأنَّـكَ نـورُ الله في الحـدقِ
خلعتُ نعليَ عند البـاب ملتمسـاً
رؤياكَ بين تـلال العمر و الطُّرقِ
أخــاتلُ النَّفَسَ المحـروقَ في رئتي
وأستلينُ لـه مـا طاب من رمقي
خــذني لصـدرك ..دثِّرْني بلهفته
واضممْ جناحك , إني متُّ من فرقي
شعر : علي صالح الجاسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
أيُّها الشعرُ
أيقظْتَ فيَّ مـواجعي يا غــارقاً بمدامعي
أسلمتَ نورك للمدى , فقبستُ منه مطالعي
وغزلتُ من هذي النجوم عبــاءةً لبدائعي
وبحثتُ فـوق تخوم كفِّكَ سائلاً عن طـالعي
إني المسـافر في مـداك محمَّلاً بفجــائعي
أنفاسيَ الحرَّى علـى شفتيك بعضُ زوابعي
***************
بعثرتني فوق الضفـاف الخضر منك مواسمـا
أثخنتني سـحراً ومـا وهبت رقـاك تمائما
وسقيتني حـتى ثملتُ وطـرتُ نحـوك هائما
ومشيتُ فـوق الموج كي ألقاك حلماً ناعما
إني هسيس الأحـرف الثكلى تطير حمـائما
وتحـطُّ فـوق نوافـذ الأوراق عطراً فاغما
***************
يا أيُّهــا الشِّعرُ المغمِّسُ في دمـي ألحـانَهُ
مازلتَ فـوقَ نخيل عمـريَ تجتني أغصـانَهُ
تلهو علـى أوتــار قلبيَ طـاوياً أكـوانَهُ
مـا زرتني إلا وقـد نفضتْ يداك لَبَــانَهُ
حتّـام تبقـى في الدفــاتر حاصداً أحزانَهُ ؟
انظرْ , فمـا ابيضَّتْ عيـوني إذ تشدُّ عِنـانَهُ
***************
لم أستطعْ صبراً وقـد خرقتْ يـداك مراكبي
حتى أنـام على وسـادة موجـك المتغاضبِ
إن شئتَ دعني في غيابــة جبِّيَ المتثــائبِ
لأكـونَ في عينيك يا معنـايَ طلَّ سحائبِ
وتكـونَ طيفاً عـابراً بمجرَّتي وكـواكبي
إن كنت مني تائبـاً أنا " لستُ عنك بتائبِ "
*******************
علي صالح الجاسم