يقول الإمام الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي في مقدمة كتابه " فقه السيرة النبوية "

" من أجل ذلك أردت أن يكون أهم عملي في هذا الكتاب هو الإقدام على إزالة بقية الأطلال القائمة لتلك المدرسة المذكورة.
إن المسلم لا ينبغي أن يحاول لحظة واحدة ، فهم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه عبقري عظيم أو قائد خطير أو داهية محنك . فمثل هذه المحاولة ليست إلا معاندة أو معابثة للجقائق الكبرى التي تزخر بها حياة محمد علىه الصلاة والسلام. فلقد أثبت هذه الحقائق الجلية الناصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بكل صفات السمو والكمال الخلقي والعقلي والنفسي ، ولكن ذلك كان ينبع من حقيقة واحدة كبرى في حياته عليه الصلاة والسلام ، ألا وهي أنه نبي مرسل من قبل الله عز وجل . وإن من العبث الغريب أن نضع الفروع في موضع الأصل في نتجاهل وجود الأصل مطلقاً ! ولا ريب أن الرد لا يكون إلا بلفت النظر إلى الأصل . بل إلى الأصل وحده .

كما أن المسلم لا ينبغي له أن يتصور أن المعجزة الوحيدة في حياته صلى الله عليه وسلم إنما هي القرآن ، ما دام أنه ينكر أن له عليه الصلاة والسلام سيرة يحاول أن يفهم حياته من خلالها . أما إن كان ينكر وجود هذه السيرة فإن عليه أن ينكر معجزة القرآن. إذ لم تبلغنا معجزات رسول الله المختلفة إلا من حيث بلغتنا منه معجزة القرأن . والإقدام على تأويل هذا وتسليم ذاك طبق ما يستهوي النفس ويتفق مع الغرض ، إسفاف غريب في تصنع البحث والفهم لا يقدم عليه من كان كريماً على نفسه معتزاً بعقله "
ص 11