أطروحة جامعية
تمت مناقشة رسالة الدكتوراه التي أعدتها الطالبة الباحثة
شهلا العجيلي

الرسالة موسومة بعنوان:
"الخصوصية الثقافية وتجلياتها في النص الروائي العربي بين عامي 1992 - 2004م"

تحت إشراف الدكتور
فؤاد المرعي
وقد تألفت لجنة التحكيم من السادة:
- الدكتور فؤاد مرعي (جامعة حلب) مشرفاً،
- الدكتور نبيل حداد (جامعة اليرموك - الأردن) عضواً.
- الدكتور وائل بركات (جامعة دمشق) عضواً.
- الدكتور حسين الصديق (جامعة حلب) عضواً.
- الدكتور سعد الدين كليب (جامعة حلب) عضواً. ‏
في البداية تحدث الدكتور المرعي (المشرف) عن أهمية الرسائل الجامعية في رفد الثقافة المحلية والعربية بكوادر شابة تملأ الساحة الأدبية والنقدية في هذا القطر، وتتجاوز حدوده في الوطن العربي، ثم قدم تعريفاً بالطالبة الباحثة العجيلي، وقال: (إنها من مواليد الرقة عام 1976م، دخلت كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1994م، وتخرجت منها عام 1998م، بتقدير جيد جداً، ونالت درجة دبلوم الدراسات العليا عام 1999م بتقدير ممتاز عن بحثها (الفانتازيا في الرواية السورية)، وعينت معيدة عام 2001م، ونالت درجة الماجستير عام 2004م بدرجة 90% عن رسالتها (التجربة والمقولات النظرية في الرواية السورية)، وسجلت أطروحة الدكتوراه عام 2005م، أصدرت شهلا العجيلي مجموعتها القصصية الأولى بعنوان (المشربية) عام 2005، ثم روايتها (عين الهر) عام 2006م، ولها بحوث أكاديمية محكمة، وشاركت في مهرجانات أدبية عربية، وتكتب في صحيفتي (القدس العربي) اللندينة، و(الجزيرة) السعودية.
ہ ثم قدمت الباحثة العجيلي ملخصاً لرسالتها تناولت فيه المحاور الرئيسة، حيث عمدت إلى تأطير مفهوم الخصوصية الثقافية، في وقت كانت فيه الحالة النقدية العربية قد بدأت تتنازل عن حدة الإيديولوجية والمناهج الصارمة، وتتكلم على تهافتها من غير حضور بديل نقدي واضح، فالدراسات النقدية بدت عشوائية وغير محددة باتجاه بين، فيما كان الفكر يتكلم عن التطرف والإرهاب وصراع الحضارات وحوارها، وغياب الديمقراطية، وبروز ظاهرة العولمة. ‏
وقد ركزت الباحثة على سياسات الهوية الثلاث (الخصوصية الثقافية النسوية، القومية، والخصوصية الثقافية الاثنية والدينية) كي تثبت التحول الواضح في الكتابة الروائية في مرحلة مابعد حرب الخليج الثانية عما كانت عليه في المراحل السابقة إلى حد الوصول على نمط في الكتابة يسم تلك المرحلة بسمة الخصوصية الثقافية في الكتابة، التي تتحول من اللاوعي إلى كتابة قصدية واعية، وتمنح الرواية صيغة فنية جديدة تهدف إلى إبراز الجمال، وإثبات الهوية.
وتناول الفصل الأول (الخصوصية الثقافية النسوية) واتخذ له محور (النساء، والحرب) نموذجاً عبر نص (مريم الحكايا) للبنانية علوية صبح في (خطاب الحرب وخطاب المقاومة)، ثم نص (الميراث) للفلسطينية سحر خليفة في (التواصل مع النموذج في الكتابة النسوية)، ثم نص (النقطة الأبعد) للعراقية دنى طالب في (الكتابة على حدود الثقافة)، أما الفصل الثاني فقد تناول الخصوصية الثقافية القومية وهو يرصد تغير المنظور القومي بالاتساق مع الأحداث التاريخية القوية والمفصلية عبر نص (دفاتر الطوفان) للأردنية سميحة خريس في (ثقافة المكان)، ونص (تيميمون) للجزائري رشيد بوجدرة في الهويات الثقافية القلقة، ونص (قطعة من أوروبا) للمصرية رضوى عاشور في (تشظي الهوية القومية)، وكان عنوان الفصل الثالث «الخصوصية الثقافية الأثنية/ الدينية» عبر نص «بيضة النعامة» للمصري المسيحي رؤوف مسعد في «التاريخ كتبه المارقون» ونص «أنوبيس» للامازيغي الليبي إبراهيم الكوني في «التغاير النسغي في الكتابة، ونص «الأختام والسديم» للكردي السوري سليم بركات في «كتابه الأنساق المتشاركة ثقافياً»، وخلص البحث إلى عدة نتائج منها «تمكن النص الروائي العربي من ا لتعبير عن سياسات الهوية الثلاث، ومنحت تلك الخصوصية الثقافية النص الروائي العربي الذي تشكل بها خصوصية فنية، ووصول النص الروائي العربي الى مرحلة التنميط، وأمكن رصد الخصوصية الثقافية النسوية على محور النساء والحرب فيما بعد الحداثة وبعد الاستعمار، وتجاوز فكرة الأنوثة وتحويل اللغة من وسيط الى هدف، ورصد التغييرات التي مرت بها الهوية العربية، وتوقف النص الروائي عند مرحلة التشظي للهوية القومية ولم يتمكن من التعبير عن المستقبل، وتمكن النص من رصد التحول الواضح في إطار إنتاج النص الروائي بحيث بات ينظر الى القومية من منظور الاثنية/ الدينية،»، وأوصت الباحثة في نهاية رسالتها بضرورة البحث عن جماليات الثقافة العربية التي تجليها النصوص الروائية العربية، ومتابعة البحث في النص الروائي العربي في إطار النقد الثقافي الى أن تتجلى سمات البنية الاجتماعية، ويتم تفكيك التسلط ، وكشف «التابو» الذي يحمي البنية وعناصرها من التابو الذي تتخذه السلطة * اياً كانت * لتحقيق أغراضها وإرساء تسلطها على حساب حقوق الأفراد المشروعة في الحياة، والمواطنة والثقافة والحرية. ‏
ہ* الاستاذ الدكتور وائل بركات في نقاشه مع الطالبة الباحثة أكد أن الفصل الثالث من الرسالة متألق جداً لأن شخصية الباحثة فيه كانت قوية في النقد والتحليل ثم طرح عليها مجموعة من الأسئلة، فكانت إجاباتها عليها قوية ومتزنة ومدعمة بالشواهد، ما دل على امتلاكها ثقافة واسعة في كثير من العلوم الإنسانية والاقتصادية والسياسية. ‏
ہ* أما الاستاذ الدكتور نبيل حداد فقد قال: ما قدمته شهلا عمل استثنائي في حركة الاطروحات والرسائل الجامعية، فهي تمتلك رؤيتها الخاصة والقدرة على مناقشة الطروحات، ولديها شجاعة في الرأي ومنهجية نسقية، ويبدو أنها قد ولجت التجربة، وقد امتلكت الأدوات وتسلحت بالمعرفة، فرسالتها مستكملة بصورة عامة وقد دخلت إليها من بابها الفلسفي، ولم تسع وراء الفكرة بذاتها، كما أظهرت فهماً حصيفاً للفهم الثقافي، وانطلقت مما هو فكري الى ما هو جمالي. ‏
ہ* وفي نقاشه مع الطالبة الباحثة «شهلا» أكد الأستاذ الدكتور حسين الصديق: أن البحث صورة صاحبه وان الأطروحة تجعل من صاحبتها أستاذة كبيرة، لأنها تمتلك رؤية ومنهجاً في الوجود، والأطروحة نادرة الوجود على ما أثق، وهي الأولى في قسم اللغة العربية، ومن الأوائل في الجامعات العربية لأنها تتبنى منهجاً واضحاً لايغيب عنها من البداية الى النهاية وتبنت منهج النقد الثقافي، والأطروحة بحد ذاتها إشكالية توجت بإشكاليات أخرى، واستفادت الباحثة من مراجع عربية وأجنبية مترجمة، وأجادت توظيف كل تلك المصادر والمراجع، والموضوعات المطروحة حساسة وبنت الساعة، وأعطت الباحثة رأيها بكل جرأة وليس بكل موضوعية، ونحن اليوم بأمس الحاجة الى أن نكون غير موضوعيين، وأنا مع الباحثة في كل ما أثارت، وأشار الدكتور الصديق إلى قضية المصطلح، لأن هناك فوضى في المصطلحات في الجامعات العربية، فاللغة هي حصننا الأخير، ونحن ضد العولمة والتقريب في اللغة. ‏
ہ* وختم المناقشة الأستاذ الدكتور سعد الدين كليب رئيس قسم اللغة العربية بجامعة حلب * ومما قاله: نحن أمام أطروحة تحاول أن تقول شيئاً مختلفاً عما هو معتاد، وهذا دال على قوة شخصية الباحثة، ونحن فعلاً بحاجة الى باحثين جادين وجريئين، وهي محاولة جادة لاستخدام نقد ثقافي منهجي، وأشار كليب الى عدم تحدث الباحثة عن منهجها وأسسه، وأكد أن التطبيق النقدي ليس هو المنهج، وانه يجب التفصيل في الطريقة التي استخدمتها الباحثة في «الخطاب، والقصة، والسرد» وانه يجب أن تعدد الآراء في الأطروحة، لأن الباحثة لم تطرح إلا رأيها، أو ما يدعم وجهة نظرها، فالأطروحة هنا تقرر ولا تحاور، وتقول ولا تصغي، وأشار كليب الى أن هناك نصوصاً كثيرة تمثل جمالياً ما طرح، غير النصوص التسعة التي استخدمتها الباحثة كشواهد، وأبدى كليب إعجابه بتحويل الباحثة الحضاري الى ثقافي وتميزها الدقيق بين الانثربولوجي والجمالي. ‏
ہ* وقد أجمعت لجنة التحكيم في نهاية المناقشة على أن الأطروحة هي الأولى من نوعها في الجامعات السورية، وأن صاحبتها قد امتازت بأنها باحثة جريئة وقوية الحجة، أثارت في بحثها إشكاليات كثيرة، حددتها واستخلصت نتائجها، وبينت سبل حلها، ونبهت الى إشكاليات أخرى، يجب الالتفات إليها بالاهتمام والدراسة والبحث، لهذا أصدرت اللجنة القرار بمنحها درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف بـ95% وبهذا تكون شهلا العجيلي أول امرأة رقيّة تنال هذه المرتبة العلمية الرفيعة.‏
حياكم الله


د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

aghanime@hotmail.com