نموذج : قصة صباح أبيض لمحمد عبده العباسي
ـ( ...صباحك أبيض ..الصباح بالفعل أبيض ... )الكثير منا يتلفظ بهذه المقولة في محاولة حدسية مبنية على التفاؤل من أجل صباح أبيض جميل لا يعكر صفوها أي شيء لكن هل بالفعل نحن أمام صباح أبيض في قصة صباح أبيض خاصة وأن هذا الصباح الذي وسمه السارد بالون الأبيض لون البراءة/ التفاؤل/ السلام/ الحياد / والموت سيخذله عندما ستصدم عيناه برؤية مقتحم ومحتل لمكانه المعتاد:( ـ هذا مكاني منذ زمن بعيد .. ـ أرني وثيقة ملكيته). في تحد سافر ووقح من طرف الأخر إذ ستتعمق خيبة السارد عندما سيعانده الحظ وينتهي يومه يوما أبيضا فهو في كل الأحوال أبيض بياضا يمكن قراءته على ضوء رمزية هذا اللون
- صباح أبيض: بهذه الجملة /العنوان - ندخل النص من زاويته الزمنية المتمثلة في الصباح فنعرف منذ البداية أن زمن الحكي هوالصباح بدلالته المستقبل/ النور /انصرام الليل/ الظلام والسواد وكأن القاص بتركيز على كلمة أبيض يؤشر على "الحياة" ككل خاصة وأن مكان الحكي هو المكان الأمثل الذي يضع الفرد في مواجهة أحد سبل العيش المتمثل في البحر الفضاء المتقلب تقلب الحياة نفسها .فهي معك وضدك في نفس الوقت(لم يمنحني البحر سمكة واحدة بينما انهمك الرجل فيصيده الوفير...) وتلك قمة العبثية التي نجح القاص في تصويرها بلغة مقتصدة كثيفة مركزة دون تفاصيل مملة ذات إيقاع قصير في صور مختزلة قريبة من لغة الشعر(...الصباح بالفعل أبيض ، حجر سعيد يمتد مثل سيف دُك في فم البحر ، مراكبالصيد ترحل تباعاً لتلقي شباكها بعيداً ، ثمة ضجيج من الميناء يأتي تحمله الريحالخفيفة ، الهواء مشبع بيود البحر والنوارس تمارس هوايتها في إلتقاط الرزق من بين الأمواج ..) لتتولى عملية السرد مرتكزة على الجمل الحوارية و ترك الفراغات والبياض في محاولة لاستدراج القارئ للمشارك في العملية الإبداعية... بدوري سأغادر هذا النص الجميل ودوائر البياض تلاحقني.