الاقتصاد في الاعتقاد
اقتصد يا عزيزي فيما تعتقد
فيما أظنه مرض من الأمراض النفسية أني عاصرت أدباء وشعراء كان الواحد منهم على علو كعبه يظن نفسه شخصاً آخر كنزار قباني أو عمر أبو ريشة أو ربما المتنبي.
لكن المرض في المجال الأدبي قد يكون نكتة لو قسناه مع المجال الديني
في المجال الديني عاصرت دعاة يظن أحدهم أنه أبو بكر أو عمر أو علي رضوان الله عليهم وعلى أقل تقدير صحابي قدر الله له أن لا يعيش في زمن الصحابة فهو غريب عجيب يشابه الصحابة وليس فيه خلقهم.
هؤلاء الناس الذين يضيقون حياة الإنسان ويخنقونه في سيرة التابعين والصالحين والرسل والأنبياء صلوات الله عليهم.
هم بين تفريط وافراط
القدوة خلق لنقتدي به لكننا لن نستطيع أن نكون مثله وكل بحسب طاقته وقدرته، فالقفز على مراحل النضج البشرية يحرق الإنسان حرقاً ويؤدي بالنتيجة لعكس النتائج.
لو أراد المولى لخلقنا ملائكة بلا أخطاء
فترى الرجل صال وجال في حياته وحين وصل لسن الوداع يحاكم أحفاده بما استقر في قلبه من زهد وورع
لم يكن ليصل لهذه المرتبة لولا وعرات الطريق وما كان وما فات .
إن أسلم الطرق وأسلم المناهج الفكرية أن نهدي الإنسان ونترك محاكمته لله عز وجل ، فالمحاكمات البشرية تخلق مجتمعاً معقماً في الخارج مبجلاً في شكلانياته وفاسداً في باطنه منافقاً في حقيقته.
اقتصد فيما تعتقد
إن من العجائب التي وقفت عليها أن كل كاتب حين يدبج سيرته الذاتية تراه يستحضر اللحظات المشرقة والناصعة من حياته فيغدو كأنه أسطورة من نور .
لكني وقفت متعجباً أيما عجب وأنا أقرأ سيرة عبد الوهاب المسيري فيلسوف العرب وهو يذكر بعض الأخطاء والهفوات التي ارتكبها في حياته
فانظر فيه وأتأمل وأدرك أن عبقرية هذا الرجل لا تكتمل بدون أن يرينا أخطاء عابرة له في حياته.
هذا الرجل يعلمنا أن نعيش على الأرض كبشر لا أن نجعل من أنفسنا أبطال في أساطير وهمية.
هذا أنا وكلكم مثلي بكل بساطة
وكل عاقل يتفهم الخطأ البشري
وكل جاهل يتصيد الخطأ البشري
سنبقى نخطئ
وسيبقى الجاهل يتصيد
إنما العبرة أن لا نفقد إنسانيتنا
وبوصلتنا التي تذكرنا بحتمية السير والوصول.
لذلك فالمنهج العقلي الذي يحمي الإنسان من الافراط والتفريط هو الاقتصاد في الاعتقاد.
والحمد لله رب العالمين
طارق حقي
الاقتصاد في الاعتقاد
تقليص
X
تقليص