حكيم الحكماء , وناصح الأمراء , والخلفاء !!...
نادرة من نوادر الزمان, جمع كل فنون العلم من الزهد , والورع , والعبادة , وسيرته أجلّ وأكبر وأعظم أن يتسع لها صفحات.....
فصيحا في علم البلاغة والبيان , تجري الحكمة على لسانه , و لا يقول إلا الحق, ولا يروي إلاّ الحديث الصحيح ..
يصدح بالحق عالياً دون أن يخاف لومة لائم , ولا ينقل الحديث الضعيف والإسرائيليات ..
قصاصا مبدعا في حديثه يتكلم من قلبه لا من وراء لسانه , ولا يسكت عن إنكار منكر , ولا بطش ظالم ....
بل راح يقول عن علماء السوء الذين لا يهمهم إلاّ زينة وعطايا السلطان فقال :
(( ثمّ إن علوجا فسقة , قد أضلّهم ربي ومقتهم , زعموا أن لا بأس عليهم فيما أكلوا وشربوا , وشادوا وزخرفوا . يقولون : من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق , ويذهبون بها إلى غير ما ذهب الله بها إليه ...))
لم يغرّه ملكٌ ولا خليفة عن آداب الإسلام وأخلاقه , بل كان واعظاً مُحسناً لهم يذكّرهم بحق الرعية ومطالبها , ومرشدهم إلى ما اختلفوا عليه ..
فكان بحقّ حكيم الحكماء , وفقيه الفقهاء , وناصح الأمراء والخلفاء
وأخرج بن عساكر عن محمد بن الزبير قال :
(( أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري أسأله عن أشياء , فجئته فقلت له : اشفني فيما اختلف الناس فيه , هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر ؟ فاستوى الحسن قاعداً وقال : أَوَ في ذلك شك لا أبالك؟ إي والله الذي لا إله إلاّ هو لقد استخلفه , ولهو كان أعلم بالله , وأتقى له , وأشدّ له مخافة من أن يموت عليها لو لم يؤمره )).
وحكى الأصمعي عن أبيه قال :
(ما رأيت أعرض زندا من الحسن كان عرضه شبرا. وقال أبو عمرو بن العلاء ما رأيت أفصح من الحسن البصري ومن الحجاج ابن يوسف الثقفي فقيل له فأيهما كان أفصح قال الحسن.)
إنه الإمام التابعي الذي ارتوى من لبن بيت النبوة الفصاحة ,والحكمة , والبيان ..
أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري
أمه خيرة مولاة أم سلمة – أم المؤمنين – رضي الله عنها
ومن حسن حظّه أنّ أمّه كانت تغيب – وهو صغيرا – فيبكي لتعطيه أمّ المؤمنين ثديها , ويدرّ عليه من لبن بيت النبوة الحنان والكرم , والعلم والعطاء ..
أبوه مولى زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه..
ولد في أواخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة المنوّرة مدينة الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتوفي بالبصرة سنة عشر ومائة من شهر رجب , وكانت جنازته مشهودة .
قال حميد الطويل:
(( توفي الحسن عشية الخميس ,وأصبحنا يوم الجمعة ففرغنا من أمره وحملناه بعد صلاة الجمعة ودفناه فتبع الناس كلهم جنازته واشتغلوا به فلم تقم صلاة العصر بالجامع ولا أعلم أنها تركت منذ كان الإسلام إلا يومئذ لأنهم تبعوا كلهم الجنازة حتى لم يبق بالمسجد من يصلي العصر وأغمي على الحسن عند موته ثم أفاق فقال لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم)).
وصفه خالد بن صفوان لمّا سأله عنه مسلمة ابن عبد الملك قال :
(( أخبرك عنه بعلم أنا جاره إلى جنبه , وجليسه في مجلسه , وأعلم الناس به , وهو أشبه الناس سريرة بعلانية , وقولا بفعل , إن أمر بأمر كان أعمل الناس به , وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له , رأيته مستغنيا عن الناس , ورأيت الناس كلهم محتاجين إليه )).
نشأ على تقوى الله ومخافة الرحيم الرحمن ,وبلغ في علمه مرتبة الأدباء والفصحاء وعلم العلماء , وجمع جوامع الكلم وفقه الفقهاء....
سئل عن الرجل الكامل الرجولة , والبطل الظاهر البطولة , فقال :
(( هو من يملك نفسه عند الرغبة والرهبة , وعند الشهوة والغضب ))..
يا لها من كلمات جليلة وعظيمة لو أدركها رجال الأمة , لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من الضياع , والتمزق, والتشتت !!؟؟؟؟...
يأتيه الكلم فصاحة قول, وإبداع بيان, ولا يتأخّر عن قول الحقّ ,
ولا الجهر به ..فكان بحقّ عصارة الفكر والروح في كل حكمة من حكمه , وحرف من حروفه ....
ولسان حكمته يقول :
(( ما من يوم ينشق فجره إلاّ نادى مناد من قبل الحق : يا ابن آدم , أنا خلق جديد , وعلى عملك شهيد , فتزود بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة ))..
صورة بيانية في أجّل معانيها ومعدودات ألفاظها, وأدقّ حروفها ترسم لنا لوحة الحياة التي يعيشها الإنسان ..
فهي لا تساوي شيئا , فلمَ نضيّعها مع غفلة الزمان وجهل الأيام , والعمر ماض يا ابن آدم فأسرع إلى فعل الخيرات ,وترك المعاصي , والذنوب , والمنكرات....
سأله بعض القوم عن صفة أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبكى وقال :
(( ظهرت منهم علامات الخير في السيماء والسمت , والهدي والصدق , وخشونة ملا بسهم في الاقتصاد , وممشاهم بالتواضع , ومنطقهم بالعمل , ومطمعهم ومشربهم بالطيب والرزق , وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى , وإعطائهم الحق من أنفسهم , ظمئت هوا جرهم , ونحلت أجسامهم , واستخفوا برضا المخلوقين لرضا الخالق , لم يفرطوا في غضب , ولم يحيفوا في جور , ولم يجاوزوا حكم الله في القرآن , شغلوا الألسن بالذكر , بذلوا لله دماءهم حين استنصروهم , وبذلوا أموالهم حين استقرضهم , ولم يمنعهم خوفهم من المخلوقين , من إنفاذ حكم الخالق , حسنت أخلاقهم , وهانت مؤونتهم , وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخر تهم )).
الخُلق عنوانه, والفضيلة سمته , وحُسن المعاملة والعفو عمن أساء إليه في القول صفته ..
قيل له ذات مرة :
إن فلانا اغتابك فبعث إليه طبق حلوى وقال :
(( بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك فكافأتك بهذا))
هل نسينا يا أمة الحق وأمة العلم وأمة الفصاحة والبيان وأمة الإبداع هذا الإمام الجليل, الفقيه العالم , التقي الورع , الزاهد العابد, حكيم المنصفين , وواعظ العالمين , ومرشد التائهين الغافلين !!؟؟
هل نسينا بغداد التي كانت مجمع العلماء والأدباء , ومجمع الأئمة والفقهاء , ودار الأمراء الخلفاء !!؟؟؟
نادرة من نوادر الزمان, جمع كل فنون العلم من الزهد , والورع , والعبادة , وسيرته أجلّ وأكبر وأعظم أن يتسع لها صفحات.....
فصيحا في علم البلاغة والبيان , تجري الحكمة على لسانه , و لا يقول إلا الحق, ولا يروي إلاّ الحديث الصحيح ..
يصدح بالحق عالياً دون أن يخاف لومة لائم , ولا ينقل الحديث الضعيف والإسرائيليات ..
قصاصا مبدعا في حديثه يتكلم من قلبه لا من وراء لسانه , ولا يسكت عن إنكار منكر , ولا بطش ظالم ....
بل راح يقول عن علماء السوء الذين لا يهمهم إلاّ زينة وعطايا السلطان فقال :
(( ثمّ إن علوجا فسقة , قد أضلّهم ربي ومقتهم , زعموا أن لا بأس عليهم فيما أكلوا وشربوا , وشادوا وزخرفوا . يقولون : من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق , ويذهبون بها إلى غير ما ذهب الله بها إليه ...))
لم يغرّه ملكٌ ولا خليفة عن آداب الإسلام وأخلاقه , بل كان واعظاً مُحسناً لهم يذكّرهم بحق الرعية ومطالبها , ومرشدهم إلى ما اختلفوا عليه ..
فكان بحقّ حكيم الحكماء , وفقيه الفقهاء , وناصح الأمراء والخلفاء
وأخرج بن عساكر عن محمد بن الزبير قال :
(( أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري أسأله عن أشياء , فجئته فقلت له : اشفني فيما اختلف الناس فيه , هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر ؟ فاستوى الحسن قاعداً وقال : أَوَ في ذلك شك لا أبالك؟ إي والله الذي لا إله إلاّ هو لقد استخلفه , ولهو كان أعلم بالله , وأتقى له , وأشدّ له مخافة من أن يموت عليها لو لم يؤمره )).
وحكى الأصمعي عن أبيه قال :
(ما رأيت أعرض زندا من الحسن كان عرضه شبرا. وقال أبو عمرو بن العلاء ما رأيت أفصح من الحسن البصري ومن الحجاج ابن يوسف الثقفي فقيل له فأيهما كان أفصح قال الحسن.)
إنه الإمام التابعي الذي ارتوى من لبن بيت النبوة الفصاحة ,والحكمة , والبيان ..
أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري
أمه خيرة مولاة أم سلمة – أم المؤمنين – رضي الله عنها
ومن حسن حظّه أنّ أمّه كانت تغيب – وهو صغيرا – فيبكي لتعطيه أمّ المؤمنين ثديها , ويدرّ عليه من لبن بيت النبوة الحنان والكرم , والعلم والعطاء ..
أبوه مولى زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه..
ولد في أواخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة المنوّرة مدينة الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتوفي بالبصرة سنة عشر ومائة من شهر رجب , وكانت جنازته مشهودة .
قال حميد الطويل:
(( توفي الحسن عشية الخميس ,وأصبحنا يوم الجمعة ففرغنا من أمره وحملناه بعد صلاة الجمعة ودفناه فتبع الناس كلهم جنازته واشتغلوا به فلم تقم صلاة العصر بالجامع ولا أعلم أنها تركت منذ كان الإسلام إلا يومئذ لأنهم تبعوا كلهم الجنازة حتى لم يبق بالمسجد من يصلي العصر وأغمي على الحسن عند موته ثم أفاق فقال لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم)).
وصفه خالد بن صفوان لمّا سأله عنه مسلمة ابن عبد الملك قال :
(( أخبرك عنه بعلم أنا جاره إلى جنبه , وجليسه في مجلسه , وأعلم الناس به , وهو أشبه الناس سريرة بعلانية , وقولا بفعل , إن أمر بأمر كان أعمل الناس به , وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له , رأيته مستغنيا عن الناس , ورأيت الناس كلهم محتاجين إليه )).
نشأ على تقوى الله ومخافة الرحيم الرحمن ,وبلغ في علمه مرتبة الأدباء والفصحاء وعلم العلماء , وجمع جوامع الكلم وفقه الفقهاء....
سئل عن الرجل الكامل الرجولة , والبطل الظاهر البطولة , فقال :
(( هو من يملك نفسه عند الرغبة والرهبة , وعند الشهوة والغضب ))..
يا لها من كلمات جليلة وعظيمة لو أدركها رجال الأمة , لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من الضياع , والتمزق, والتشتت !!؟؟؟؟...
يأتيه الكلم فصاحة قول, وإبداع بيان, ولا يتأخّر عن قول الحقّ ,
ولا الجهر به ..فكان بحقّ عصارة الفكر والروح في كل حكمة من حكمه , وحرف من حروفه ....
ولسان حكمته يقول :
(( ما من يوم ينشق فجره إلاّ نادى مناد من قبل الحق : يا ابن آدم , أنا خلق جديد , وعلى عملك شهيد , فتزود بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة ))..
صورة بيانية في أجّل معانيها ومعدودات ألفاظها, وأدقّ حروفها ترسم لنا لوحة الحياة التي يعيشها الإنسان ..
فهي لا تساوي شيئا , فلمَ نضيّعها مع غفلة الزمان وجهل الأيام , والعمر ماض يا ابن آدم فأسرع إلى فعل الخيرات ,وترك المعاصي , والذنوب , والمنكرات....
سأله بعض القوم عن صفة أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبكى وقال :
(( ظهرت منهم علامات الخير في السيماء والسمت , والهدي والصدق , وخشونة ملا بسهم في الاقتصاد , وممشاهم بالتواضع , ومنطقهم بالعمل , ومطمعهم ومشربهم بالطيب والرزق , وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى , وإعطائهم الحق من أنفسهم , ظمئت هوا جرهم , ونحلت أجسامهم , واستخفوا برضا المخلوقين لرضا الخالق , لم يفرطوا في غضب , ولم يحيفوا في جور , ولم يجاوزوا حكم الله في القرآن , شغلوا الألسن بالذكر , بذلوا لله دماءهم حين استنصروهم , وبذلوا أموالهم حين استقرضهم , ولم يمنعهم خوفهم من المخلوقين , من إنفاذ حكم الخالق , حسنت أخلاقهم , وهانت مؤونتهم , وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخر تهم )).
الخُلق عنوانه, والفضيلة سمته , وحُسن المعاملة والعفو عمن أساء إليه في القول صفته ..
قيل له ذات مرة :
إن فلانا اغتابك فبعث إليه طبق حلوى وقال :
(( بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك فكافأتك بهذا))
هل نسينا يا أمة الحق وأمة العلم وأمة الفصاحة والبيان وأمة الإبداع هذا الإمام الجليل, الفقيه العالم , التقي الورع , الزاهد العابد, حكيم المنصفين , وواعظ العالمين , ومرشد التائهين الغافلين !!؟؟
هل نسينا بغداد التي كانت مجمع العلماء والأدباء , ومجمع الأئمة والفقهاء , ودار الأمراء الخلفاء !!؟؟؟
بقلم : ابنة الشهباء
تعليق