الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

مقامة الأعراب في زمن الخراب

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي طه النوباني
    كاتب مسجل
    • Jan 2006
    • 27

    مقامة الأعراب في زمن الخراب



    مقامة الأعراب في زمن الخراب



    بقلم : علي طه النوباني

    يحكى أن بلادا تفشى فيها داء الطمع ، وأصبح الحق فيها غريبا ، والمطالبة به نوع من الدلع ،فأمسك الزمام ظالم بعد ظالم ، ولم ينفع الناس صبر ولا تمائم ، واختفت في لجة الفوضى كل المكارم ، فلا من سامع إذا بكى الأطفال جوعا، ولا من منجد إذا تفجر الظلم ينبوعا ،ولا من ربوة تعصم الفقراء ، من جشع السماسرة والوكلاء ، حتى إذا استفحل الداء ، وعز الطبيب والدواء ، تنادى الناس في الأرجاء ، وعلا هرجهم في الفضاء.
    نحن الآن في صبوة السكارى ، والهم كأس تدور على الأعراب في الصحارى ، والديار التي كانت قديما ديارا ، هي الآن نهب لكل غشاش فاسق يوقد فوق الجرح نارا، ولوثة الزمن السقيم ، قد أسكنتنا في الجحيم ، مثلما جعلت الأسد فارا ، فإذا ما رأيت مسؤولا ، ينصحك بأن تأكل الفولا ، فاعرف بأن صمتك هو الذي أوحى لمثله بأن يصول وأن يجولا ، وإذا ما رأيت أفاقا يختال مثل طاووس ، الناس تموت قهرا وهو يقرع الكؤوس ، فاعرف بأن هذا ـ لو سادت العدالة ـ لمات في الحبوس ، ولكسر المظلومون أنفه بالمعاول والفؤوس .
    وتساءل الناس من أين يخرج المرتشون ، فيجوع الناس وهم جرب البطون ، ويتسمر الأطفال مثل الحجارة وهم يلعبون ، وتتوقف الحياة عن دورانها وهم يتكاثرون ، والحق المسجل من ألف عام لزيد يصير لزيدون .
    وتساءل الناس لماذا جاءت الحكومات ، وتزين رجالاتها بالأوسمة والياقات ، وتقاسموا ثروة الناس وتركوهم على الفتات ، فانبعث أولادهم أسيادا ، وبقي الشعب طوال العمر أولادا ، قواد يورثهم قوادا ، فعذبوا كل من يحلم بالسعادة ، ومنحوا المجرمين أوسمة البلادة ، وصارت جهنم للمساكين عيادة .
    وتساءل الناس عما هو الأصعب ، لطمة الحكام أم لطمة الأقدار ، والظلم في الليل أم الظلم في عز النهار ، والبكاء على الأطلال أم البكاء في قلب الديار .
    وتساءل الناس عمن ربط أفواههم بالسلاسل ، وجعل من كرامتهم حذاء للشعوب والقبائل ، وبدّل غزلانهم بالقرود والتنابل ، فأصبحوا مهزلة الشعوب ، وقد كانوا الأوائل .
    هكذا حزم الناس متاعهم وفروا في الزمن ، وتساءلوا حتى عن معنى الوطن ، هل هو الأرض والتراب والهواء ؟ هل هو الموت في خدمة الأسياد والوكلاء ، وسيادة الفوضى ومهزلة الولاء .
    هكذا لم يبق من الطوفان غير الأسئلة ، وأجمع الناس أنهم لم يحصدوا من الأوطان غير البهدلة ، وربما يدركون يوما بأنه ليس هنالك أنظمة منزلة ، لكي يرفعوا رؤوسهم ، ويصنعوا من سفرها بسملة.
    ـــــــــــــــــــ
    alitnobani@yahoo.com
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود الحسن; 01-27-2006, 10:37 PM.
  • محمود الحسن
    كاتب مسجل
    • Jan 2006
    • 486
    • محجوب بأمر من السيد الوزير

    #2
    رد : مقامة الأعراب في زمن الخراب



    ما السر في تغير أحدنا و في تخليه عن النظريات التي كان ينادي بها و ذلك عندما يصبح في موقع المسؤولية؟



    تعليق

    • د.ألق الماضي
      ......
      • Dec 2005
      • 9795
      • sigpic
        ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
        وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
        وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
        فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
        أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
        من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
        ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
        من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
        ثروت سليم

      #3
      رد : مقامة الأعراب في زمن الخراب

      رائع يا أخي الكريم
      لقد أحسست أني أقرأ إحدى مقامات الرواد

      تعليق

      يعمل...