الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

صديقي رمزي قلاية

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سرحان
    كاتب مسجل
    • Mar 2008
    • 155
    • " يا شهرزاد ُ
      نفد الكلام ... وما ابتدأنا بالكلام "

      للقلم والبندقية فوهة ٌ واحدةٌ

    صديقي رمزي قلاية

    لي صديق شَغُوفٌ بعمل " القلايات " ، وبلغ من هيامه بها أن اسمها اقترن به ، فكان الناس يطلقون عليه رمزي قلاية

    كان إذا أراد عمل إحداها مزج الطماطم بالفلفل الحار، وأسرف في وضع البهارات الحارة ، وكنت ُ أنكر عليه هذا الأمر ، ولم آله نصيحة في ذلك ، إشفاقا به ، وحبا فيه ، فغني عن البيان أن ذلكم مما قد يصيب صاحبه بداء القولون – لا قدر الله – أو البواسير .، ولكنه لم يزل متبرما بي ، مشيحا بوجهه عني ، يمقت في حديثي نبرة الوعظ . ويرى في نصيحتي ضربا من فضول القول .

    ثم حدث أن كنا ذات ليلة في جلسة سمر مع ثلة من الأصدقاء ، وكان رمزي قلاية هذا هو المحدث الفكه الذي يطرب الشفاه بمعسول الضحكات ، فلقد جمع إلى اتقان فن الطبخ ظرفا وخفة ظل .

    استدار في حركة بهلوانية، وتسابقت انامله لتشعل سيجارته ، وتلك طقوسه إذا اراد أن يستفيض بحديث ما :

    " إنَّ صاحبكم هذا – أشار بطرف بنانه صوبي – قد أفرط في نصيحتي حتى كدت أضيق ذرعا به ، يزعم أن الفلفل ليس فيه من الفائدة ما يوجب أكله ، ألا ترونه قد تجرأ على عقيدته برأيه هذا ، فانتفضت كالعصفور وقد بلله ماء المطر : كيف ذاك ويحك ! .. فما كدت أنطق عبارتي المقرونة بالدهشة والاستنكار حتى أردف قائلا :
    " أفي خلق الله عبث ؟! "

    قلت ُ : " حاشا لله"

    قال : فهل يكون في خلق الفلفل عبث ؟!

    ( زلزلت الضحكات جنبات الغرفة )

    قلت : لا !... ولكن الاسراف في شيء قد يضر بصاحبه ، وإني – وإن كنت أقدر هُيامك بالحار ، فإني آخذ عليك إفراطك فيه .

    زمجر وملامح الغضب تكسو تضاريس وجهه ، ثم أردف :
    " ألا تعلم يا هذا أن الفلفل يطهر المعدة ويقتل البكتيريا " !

    أدركت أن السير في هذه المناقشة ضرب من العبث ، فطويت المناقشة بابتسامة ، وقلت : اعمل ما شئت !


    فلما كان من الغد ، كنت في بعض شأني ، وشاء القدر ان مررت بمنزله ، فقلت لا بأس من أحتسي فنجانا من القهوة معه ، ولأبدد شيئا من الجليد الذي ربما قد علق بيننا في تلك الليلة المنصرمة .
    طرقت الباب ، فخرجت والدته ، فهالني لون الصفرة التي تكسو وجهها .
    ما الخطب يا خالة ؟ عسى خيرا إن شاء الله ، قالت : ادخل يا بني وجوابك ستتكفل به شفتا صديقك .

    ولجت إلى غرفته حيث يرقد ، فرأيته ممدا على سريره إذا نطق لا يكاد يبين من شدة الألم .
    قلت : ما بك ويحك .
    قطع حضور أخيه الأصغر هدير استفهامي . فعطفت السؤال على أخيه ، فاجاب قائلا :
    حوالي التاسعة صباحا ، دوى في البيت صوت صراخ رمزي ، فطفقنا نركض باتجاه غرفته ، كان يضغط باتجاه معدته حتى خلنا انه سيخلعها .
    حملناه إلى أقرب عيادة طبيب ، لا نكاد نلوي على شيء ، وفي العاشرة تماما كنا نقرأ تقرير الطبيب مذيلا بالاصطلاح التالي :

    Irritable bowel syndrome


    استأصلت تلك العبارة ما بقي من حديث ثم ران الصمت على الغرفة !.
يعمل...