الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

حوار في السماء - قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد كمال سالم
    كاتب مسجل
    • Jul 2009
    • 66
    • أحمد كمال سالم
      إنسان حر وحر وحر

    حوار في السماء - قصة قصيرة

    حوار في السماء
    قصة قصيرة
    كتبها : أحمد كمال
    ( فيلسوف القصة )
    نادى قائد الطائرة عبر المكبرات ، المتبقي من زمن الرحلة دقائق معدودات ، تهللت أساريري ، ورحت أفرغ سعادتي من جسدي المهتاج ، أفرك رأسي ، أدعك عيني ، أقلب كفي ، فبعد قليل سأعود إلى الديار ، وأنهي سنوات الغربة ، وأيام الفرار .
    أتلفت حولي أبحث عن صديق ، أفضفض له بتلك المشاعر ، وهذا الالتياع ، وإذا برجال وسط الممر يقفون ، يمسكون في أيديهم ، أجهزة الجوال ، ويلوحون بها لأعلى ، ويصيحون في هياج :
    - لا حراك .... الطائرة مختطفة .... وإلا هلاك !
    أدركتني صدمة شلت لساني ، وساد سكون ملأ كل وجداني ، وراح كل ركاب الطائرة في فضاء الكون ضائقون ، ولكن جاءتني فكرة طائشة ، لمعت في أم عقلي صائبة ، إذا كنا هالكون ، فلماذا لا أجري حوار ، مع هؤلاء الرجال ؟! أغوص في أعماق نفوسهم، كيف أنهم قادرون، أنفسهم يقدمون ؟! فأشرت للرجل عند آخر الممر ، فجاء ولما مني اقترب ، سألته بأدب :
    - إذا كنت قد اتخذت القرار .... واقترب موعد الانتحار .... فدعني أعرف السبب ، ومن أين جاءك كل هذا الثبات ؟!
    فنظر إلي الرجل بدهشة ، واستغراب ، كأن قد فاجأه السؤال ، إلا إنه قال :
    - أنا أريد الانتقام ، فأمام عيني لا أرى إلا الظلام ، وهؤلاء إخواني ، من قتل أبويه ، ومن سحق أبناءه ، ومن اغتصبت زوجته ، أو شقيقاته ، وربما بناته ، أو ربما أغتصب وطنه بأكمله !!
    فأسرعت متسائلاً :
    - ولكن هل لك أعداء على متن هذه الطائرة المحلقة في الفضاء ؟!
    فأسرع في هياج قائلاً :
    - كلهم أعداء ، وإن لم يكن فكلهم فداء !
    فأسرعت في هياج أكثر منه قائلاً :
    - ولكنك يا سيدي تريد أن تنتقم من أبرياء ، لأبرياء ، وعدوك المجرم صنع منك مجرماً بامتياز ، فما الفرق بينكما الآن ؟!
    فنظر إلي مستغرباً ، وبدا على ملامح وجهه علامات الاقتناع ، فأسرعت واقفاً ، أصيح في سعادة غامرة قائلاً :
    - هيــــا .... فليأتيني كل الأطفال الموجودين على الطائرة !
    وامتلأ الممر بالأطفال ، الواحد تلو الآخر ، يركضون كالملائكة ، ويحبون على أذرعتهم ، في همة ، ونشاط ، وكأن الطائرة قد أصبحت روضة في السماء ، ولما التئم جمعهم ، أمسكت أحدهم ، يشع من وجهه نور الصفاء ، ويلمع في عينيه بريق اللقاء ، وسألت الرجل قائلاً :
    - يا أيها الرجل .... هل لك من بين هؤلاء الأطفال أي أعداء ؟!
    فأسرع صائحاً ، متبرئاً ، في هياج قائلاً :
    - لا .... لا .... إنهم أبرياء !
    فصحت فيه مبتسماً قائلاً :
    - إذن دعنا ننقلهم إلى مؤخرة الطائرة !
    فهز برأسه موافقاً ، وهو لي شاكراً لفت الانتباه ، ثم رحت أصيح مجدداً قائلاً :
    - يا أيتها النساء .... فلتأتيني من فوركن ، إن كنتن تردن النجاة !
    فامتلأ ممر الطائرة ، بعشرات النساء ، وكأننا في جنات النعيم ، ومن حولنا ترفرف الحور العين ، فوضع الرجل نظره في الأرض على استحياء ، فسألته مباغتاً قائلاً :
    - يا أيها الرجل .... هل لك أعداء من بين هؤلاء النساء ؟!
    فرد في حشرجة دهماء ، بصوت طفل أدركه الحياء قائلاً :
    - لا .... لا .... الأعداء لسن من هؤلاء النساء !
    فصحت فيه مستنكراً قائلاً :
    - إذن دعنا ننقلهن إلى مؤخرة الطائرة !
    فهز الرجل برأسه موافقاً على استحياء ، إلا إني رحت أصيح من جديد ، قائلاً :
    - يا أيها الشيوخ .... فلتأتوني من فوركم ، إن أردتم نجاتكم !
    فامتلأ الممر من جديد ، بعشرات اللحى والرؤوس ، والشيب يتوجها ، كأننا في جنة الفردوس ،والملائكة تزينها ، فداهم الرجل بكاء ، وراح يجهش في هياج ، وأنا أسأله معنفاً قائلاً :
    - يا أيها الرجل .... .... .... هل لك أعداء من بين هؤلاء الشيبان ؟!
    فرد بانتحاب ، وقد فاض الدمع من عينيه أنهار ، بمرارة ، وانكسار ، قائلاً :
    - لا .... لا .... هؤلاء فوق رؤوس كل العباد !
    فصرخت فيه قائلاً :
    - إذن دعنا ننقلهم إلى مؤخرة الطائرة !!
    فهز رأسه موافقاً ، وهو يشعر باختناق ، ورحت أتفحص وثائق الرجال ، حتى عثرت على اثنين من الأعداء ، واحد من جيش الاحتلال ، والثاني من قوات أعالي البحار ، فصرخت فيه قائلاً :
    - هؤلاء هم الأعداء .... سبب البؤس والشقاء
    فهز برأسه موافقاً ، ومهللاً ، أن أدرك أخيراً الأعداء ، ولكني صحت فيه قائلاً :
    - إذن دعنا ننقل بقية الرجال إلى مؤخرة الطائرة !
    فهز برأسه موافقاً ، ومؤكداً ، ثم رحت ادنوا برأسي من رأسه ، وأهمس في أذنه قائلاً :
    - من أجل هذين الوحشين ، تريد أن تقتل كل هؤلاء الأبرياء ؟!
    فرد بنفس الهمس قائلاً :
    - وماذا ترى يا أيها الحكيم ؟!
    فعدت أهمس في أذنه ثانية ، وأنا أشير عليهما ، وهما يرتجفان ، قائلاً :
    - دعنا نقذف بهما من الطائرة .... ونرضي النفوس الثائرة .... وكل الركاب غير شهداء !
    فهز برأسه موافقاً ، ومتحمساً لذاك القرار ، وراح يشاور أصحابه ، وعاد بعد وقت قصير بالموافقة ، واتجهنا جميعاً صوب باب الطائرة ، حتى نقذف بالمجرمين ، ولما فتحنا الباب ، وهبت عاصفة الهواء ، صاح جندي أعالي البحار قائلاً :
    - يا سيدي .... أنا لم تطأ قدمي تلك الديار ، ولم أقتل أحداً ، ولم انتهك عرضاً ، ولم اسرق أي أموال ، فبأي ذنب ، تريق دمي هباء ، ولي على متن الطائرة ، زوجة ، وأطفال ؟!
    فتأملت الرجال ، وصحت فيهم ، وعاصفة الهواء تتدفق عبر الباب ، قائلاً :
    - أترون الآن هذا الجندي من الأعداء ؟!
    فصاحوا جميعاً على صوت رجل واحد قائلين :
    - لا .... لا يا سيدي طالما لم تطأ قدماه الديار !
    فأشرت له أن يذهب ، ويلتحق ببقية الرجال ، فراح يصيح ، ويهلل ، كأنه نجا من الممات ؟! شاكراً إلهنا الذي في السماوات ، وبقى الجندي الأخير ، جندي جيش الاحتلال ، صمت ، لم يدر ما يقول ، كيف يمكنه أن يدافع عن نفسه ؟ فهو سارق وطن ، ومتحد للزمن ، وخالق محن ، لكل الأبرياء ، فنظرت له برحمة ، بإشفاق ، وقد اشتدت عاصفة الهواء ، فسألته قائلاً :
    - ألن تدافع عن نفسك يا أيها الإنسان ، يا جندي رمزه الغطرسة ، والعنفوان ؟!
    فصمت ، وملامح وجهه بلا عنوان ، فصحت فيهم قائلاً بحماس :
    - يا أيها الرجال .... إن الشجاعة تقتضي أن لا يقتل إلا في ساحة القتال ، حتى لا ينال منا شرف البطولة الجوفاء
    فهز الرجال برؤوسهم موافقون ، فأشرت له أن يلتحق ببقية الرجال ، فركض الرجل كطائرة نفاثة بلا انتظار ، وإذا برجل يربت على كتفي متسائلاً قائلاً باستغراب :
    - ولكن نحن هكذا لن نقتل أحداً من الأعداء ، ولن نصبح في عداد الشهداء ؟!
    فنظرت له مستغرباً ما قال ، وضربت بيدي على صدره قائلاً بارتياح :
    - يا أيها الرجال ... ألا تدركون أنكم أقوى مما كان ، لقد أقمتم حياة ، أنجيتم الأبرياء ، وعفوتم عن عدوكم عند المقدرة ، وعرفتم طريق الجهاد ، وحلاوة الاستشهاد ، ولم يستطع عدوكم ، أن يجعلكم مثله مجرمون ، أفلا تكتفون ؟!!
    فارتسمت بسمة على شفاههم ، وأغلقنا الباب ، ورحنا نتبادل العناق ، تلو العناق ، وعاد قائد الطائرة ليتحكم بها من جديد ، وعاد الركاب إلى مقاعدهم ، يلتقون كأنه يوم عيد ، ورحن المضيفات يقدمن الحلوى ، وأكواب العصير ، حتى قبلت إطارات الطائرة ، إسفلت المطار ، فرحت ازفر بلهفة ، واشتياق ، وفي قلبي صياح ، للوطن المستباح ، ومن فرط سعادتي وقفت في هياج صارخاً بأعلى صوتي كالأطفال الصغار ، ومن خلفي كل الركاب يرددون :
    - الحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـوار ، الحــــــــــــــــــــــــوار ، الحــــــــــــوار
    تمت ،،،،
  • خليد خريبش
    قاص مربدي
    • Oct 2006
    • 1113

    #2
    رد: حوار في السماء - قصة قصيرة

    أخي أحمد كمال،مشكور على المساهمة،سأعود لهذا النص.تحياتي.

    تعليق

    • أحمد كمال سالم
      كاتب مسجل
      • Jul 2009
      • 66
      • أحمد كمال سالم
        إنسان حر وحر وحر

      #3
      رد: حوار في السماء - قصة قصيرة

      المشاركة الأصلية بواسطة خليد خريبش
      أخي أحمد كمال،مشكور على المساهمة،سأعود لهذا النص.تحياتي.
      شكراً لمرورك من هنا
      وأنتظر عودتك
      مودتي

      تعليق

      يعمل...