نرحب بكم في موقع أسواق المربد، للاطلاع على طريقة التعامل مع المنتدى
نوصيك التوجه فوراً إلى صفحة التعليمات وطريقة استخدام المنتدى, ويجب
الاطلاع على
ميثاق شرف المربدفكل
عضو ملزم به,وعليك التسجيل
قبل أن تتمكن من إضافة المشاركات، يمكن للزوار ترك ردود على أي موضوع لكنها ستخضع لتفعيل
الإدارة .
بدأ سواد الليل يغطي أرجاء السفح الأخضر ، فغادرت الأسرة المكان قبل أن تتوه في غياهب الظلمة الحالكة ، وخلَّفتْ وراءها جذوة من نار ، كانت قد أعدَّتْها للشواء ، ونسيتْ أنْ تطأها بأقدامها لتنطفئ ، أو تريق عليها فضلة ماء لتستأصل شأفتها .
فخرجت الحرباء من جحرها وهي تتلمظ ، وأخذت تلوك لسانها مرة وترسله أخرى ، واقتربت من الجذوة وقد سال لعابها ، علها تجد عندها فتاتاً من شواء تسدُّ به رمقها ، وتُسكتُ أنين جوعها ، فحرَّكَ الهواءُ لسانَ النار ، فأصابها من شواظه ، فخشيتْ على نفسها الاحتراق ، فوقفتْ بعيدةً ، وقادها ذكاؤها الحاذق إلى أن تقف مكانها ، وتتقمَّص شخصيَّة الخطيب الفذِّ ، فتمتدح الشعلة ، وتُسهِبَ في النسيب وتطنب ، وتخلع عليها من صفات العظماء ، فلربما أشفقتْ عليها ورقَّتْ ، ورمتْ لها بمضغة طعام تقتاتُ بها حتى الصباح ، فتنحنحتْ وقالت :
أيها القبس المضيء ، ما أعظم نورك ، وما أروع طلعتك !
أيها الكوكبُ المنير ، ما أبهى وجهك ، وما أذكى وجنتيك !
أيها القمر المشع ، ما أدفأ بريقك ، وما ألطف محياك !
أيتها الشمس المشرقة ، ما أشدَّ لهيبك ، وما أكبر هيبتك !
أنتِ أيتها الجذوة ، نارٌ ونورٌ ، جحيمٌ و نعيمٌ ، ترهيبٌ وترغيبٌ ، نذيرٌ و بشيرٌ ، لو رأتكِ الشمس في سمائها لأفلتْ ، ولو نظرتْ إليك النجوم لغارتْ ، ولو لمحك البدر لاختفى ، ..
وكلما لعب الهواء ببقايا الجذوة فحرَّكها ، ظنت الحرباء أن سيدتها قد طربتْ من حديثها ، فتزداد تملقاً ونفاقاً ، وظلتْ على هذه الحالة حتى أصبحتْ ، ولم تشعر إلا وقطيع من البهائم يمرُّ في ذاك المكان ، فيدوس حافر أحدها على بقايا الرماد فيجعله أثراً بعد عين ..