المشاركة الأصلية بواسطة طارق شفيق حقي
مسابقة المربد الأدبية الرابعة

من1/2/2010 حتى 1/3/2010



مشاركات قسم القصة


ملاحظة هامة:

على كل مشارك قبل أن يضع مشاركته هنا, الإطلاع على إعلان المسابقة
اضغط هنا للاطلاع


يحذف كل رد لا علاقة له بمشاركات
القصة
في غرفة النوم
صادفتها أول مرة بجانب الطريق وكأنها تنتظر أحدا وعدها باللقاء و أخلف الموعد ، مسندة ظهرها على جذع شجرة مائلة ، تتنهد و ترتعش من شدة البرد القارص ،اقتربت منها مددت لها يدي ، تمنعت أول الأمر ولكن بعد تكرار المحاولة رغبت في مرافقتي ، اقتربت مني و استقبلتني بالأحضان و العناق .
نظرت إليها راقني منظرها ، شقراء اللون على رأسها خصلة شعر حريري أسود ، عيناها براقتان مكحلتان بدون كحل ، أنفها صغير بالكاد تميزه بين قسمات وجهها الدائري ، وفمها الوردي الفاتح بدون أصباغ و لا مساحيق ، و أسنانها المرصوصة اللامعة بدون معجون أسنان و لا مسواك ، رسمت على جيدها الطويل سلسلة ذهبية يغري الناظرين بريقها .
حملتها بين يدي ، استوت وأخذت مكانا بين ذراعي و كأنها عروس تستعد لملاقاة عريسها ليلة الدخلة ، كانت نحيلة الجسم أتلمس ضلوعها أكاد أحسبها ، شعرت بالدفئ و الحنان غطيتها بمعطفي الأسود الطويل ، أغمضت عينيها وكأنها مرهقة من شدة السفر ومعاناة الطريق .
جلست على الأريكة في المقعد الخلفي للسيارة ، انظر إليها خلسة عبر المرآة كانت تتابع حركاتي و سكناتي ، تحسب أنفاسي و تقرأ أفكاري ، شعرت بها و كأنها تعرفني من زمن بعيد لم أر أنثى مثلها مختلفة عن باقي المخلوقات .
أعاود الكرة مرة أخرى و أريد مباغتتها و أسرق منها نظرة و أتمعن في جمالها أجدها تثبت النظر في عيني وتستبق التأمل في ملامحي ، لقد تماهت مشاعرها بشاعري و أحست بحبي وعشقي لها .
اقتربت من باب البيت ارتمت بجانبي ، توقفت السيارة نزلت ، و نزلت معي بحشمة واستحياء ، رفعت رأسها تنظر إلى النوافذ المفتوحة ، تراقب نظرات الفضوليين و الفضوليات .
فتحت لها باب البيت تسللت إلى الغرفة دون استئذان تتمايل في مشيتها ، كانت حافية ، ارتمت على السرير ومدت رجليها النحيلتين.
عادت زوجتي فجأة من عملها بعد تعب و عناء ، سمعتني أكلمها و أسمع صمتها ، شكت في الأمر ، قطبت جبينها ظهرت ملامح الشر على محياها ، مشت على أصابعها تريد أن تضبطني متلبسا بتهمة الخيانة الزوجية ، ثم اختلست نظرة إلى غرفة النوم وجدتها ممددة على فراشها مطت فمها ولطمت وجهها وقالت بعصبية : أخرج كلبتك من غرفة نومي .
محمد يوب 27-02-10

---------------------------------------------------------------------
شقة للبيع

على دراجتي النارية أتنقل من حي لحي أسير بين الدروب كانت أحلامي رديفتي أكلمها تسمعني لا تنبس ببنت كلمة ، أطير في السماء أبني قصرا في الفضاء ، أركب سيارة الشبح لا تلتقطها أعين الرادارات ، كثرت المتطلبات ، انتشر الصمت في المكان التفت ورائي تفقدت أحلامي وجدتها قد وقعت على الأرض ، وكانت نفسي تحدث نفسي ضحكت بصوت مرتفع وقلت مر مجنون من هنا .
أتحايل على الحياة أقتصد درهما من هنا و درهمان من هناك ، انبهرت بإعلانات القروض السكنية اشتريت شقة اقتصادية ، أسمع جاري من وراء الجدار يغازل زوجته ، أدخل الحمام أتمالك نفسي لا آخذ راحتي ، قل الحياء بيني وبين أبنائي ........
في صبيحة يوم ممطر توجهت للعمل رفعت رأسي قرأت إعلانا مكتوبا على ورق الكارتون (الشركة تعتذر عن إغلاق أبوابها بسبب الأزمة العالمية) ، قلت لزميلي في العمل : نحن نعيش في المغرب ما دخل العالم في تشريدنا وضياع لقمة عيشنا ؟ رد علي بطريقة هستيرية قائلا : لقد خربوا بيتي وبدأ ينذب ويشتكي وكأني صاحب الشركة .
جلست على كرسي المقهى طلبت فنجان قهوة ، أكلم نفسي أحاورها ، ما بك سيدتي ؟ لقد كنت من زمن قريب تغازلينني وتكشفين لي عن جمال الدنيا وعيونها البراقة ، لماذا كشرت عن أنيابها وغرست مخالبها في ظهري ، غدرتني بحلو كلامها ، كيف أسدد هذه الديون المتراكمة ؟ كيف أوفر لقمة العيش للأفواه المفتوحة ؟
شقتي تتكون من غرفتين ، أقنعت زوجتي وقلت لها : تكفينا غرفة واحدة نقسمها بستار ، نأوي إلى ركن مع طفلنا الصغير و أطفالنا الكبار يزدحمون في الركن المقابل ، وقلت لها : إن الرحابة في الصدر وليس في المكان ، و الغرفة الثانية سنؤجرها و نسدد الأقساط الشهرية .
عند دورة المياه أنتظر دوري ، ابني بجانبي محصور يترنح ، قدماه ترتعشان وفجأة سمعت شرشرة وقال لي : لقد حاولت حصر البول لكنه خرج عن طاعتي ، وبعد وقت طويل فتح باب الحمام وخرج منه شاب إفريقي قادم من الأحراش و الأدغال ، يستعرض عضلاته بنخوة و نرجسية ثم تحرك إلى غرفته وهو يمسح وجهه دون اعتذار، حينها أصابني الذل و الخزي و العار، وعلقت إعلانا على نافذتي مكتوب عليه شقة للبيع .
محمد يوب 13-02-10
------------------------------------------------------
ندم و هم وغم

تكاثرت علي الديون فهي هم بالليل وفي النهار اختباء من رصد العيون ، كبر الأولاد ازدادت المصاريف ، شكلي لا يسعد العدو ولا يسر الصديق ، لا أتذكر في أي سنة اشتريت حذائي الوحيد وسروالي الذي انكشف لونه من كثرة الغسيل بالماء و الصابون ، أنتظر الزيادات ، لا الرتب تجدي ولا السلالم ولا العلاوات .
أذهب إلى المقهى أطلب قهوتي السادة المعتقة، يقف النادل على رأسي يطلب مني واجب القهوة قبل إحضارها يخاف من إشارة يدي اللولبية .... إلى الغد ، أصدقائي يتهربون مني أسلم عليهم يكشرون في وجهي حتى لا أطلب منهم مزيدا من المال .
زملائي في العمل في راحة تامة يعيشون حياة هنيئة يلبسون البدل السوداء والأقمصة البيضاء و الأحذية اللامعة ، يركبون السيارات الجديدة ، ويسافرون مع أولادهم في الإجازات الربيعية و الصيفية.
أشعر بضيق في صدري ، اسودت الحياة في عيني، الدنيا برحابتها و شساعتها أصبحت بالنسبة لي كعلبة كبريت تقذفني من مكان للآخر ، لا أشعر بآدميتي ماذا فعلت في حياتي ؟ ،لماذا أعاقب هكذا؟ تساؤلات أطرحها على نفسي أبحث عن إجابة تشفي غليلي .
إني أغالط نفسي، أنا أعرف السبب لكنني أتغاضى و أريد أن أنسى أو أتناسى ، لأن أمي ماتت وهي غاضبة مني، كانت تتألم من شدة المرض ، كانت وحيدة لا تجد من يرعاها و يشتري لها الدواء ، تحبوا على ركبيها من أجل قضاء حاجتها ، كانت أبية عفيفة لا ترضى الذل و الهوان .
كانت أمي امرأة عجوز هدها الشغل في بيوت أعيان القرية ،تكنس الأرض وتغسل الملابس والزرابي الثقيلة، وفي الصيف تذهب للحصاد ، تكسب قوت يومها من عرق جبينها ، كانت صغيرة جميلة رفضت الزواج ضحت من أجل سعادتي ، خافت من نظرة زوج الأم وسوء معاملته لي .
في المساء أجلس في بهو الدار على أريكتي الحديدية أراجع دروسي ، تحضر لي أمي كأس الشاي المنعنع الممزوج بالشيبة وقطعة الحلوى التي أحبها ، تحط يدها على ظهري تدلك عنقي أشعر بخشونة في كفها من كثرة العمل في الحقل ، وكانت في الليل تشتكي من شدة التعب و الإرهاق وتقول لي كل هذا يهون من أجل راحتك ومتابعة دراستك ،وأتمنى اليوم الذي أراك فيه قاضيا أو أستاذا وتريحني من هم الزمان .
انتقلت إلى المدينة انشغلت ببريقها الزائل ، تزوجت امرأة تعرفت عليها في المقهى المجاور للعمل كانت أنانية تحب نفسها وتحب أهلها ، كانت تربطني بها علاقة سيئة كنا على خلاف دائم ، في كثير من الأحيان كنا نريد الطلاق ولكني كنت أفكر في الأولاد كنت لا أريد تكرار نفس مأساتي .
مرت الأيام كلمح البصر ماتت أمي ولم أحضنها ولم أحضر جنازتها ، تبرع الجيران كل واحد بما استطاع ، غسلوها كفنوها ودفنوها حاولوا الاتصال بي لكن الخط كان دائما مشغولا ، أخبروني أنها كانت تسأل عني وتنتظرني ، قالت لهم قولوا له : ماتت التي كان الله يرزقك من أجلها .
محمد يوب
23-01-10