فقـلت: فهـل لك أن تـركــبي على ناقــتي وأكـون الإمـام؟؟
قالت: "وما تفعلوا من خير يعلمه الله".
أنـخـت لها ناقــتي للــركوب وقـلت لها: امسكي ذا الخـطام
قالت:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم".
فطـأطـأت رأسي، فلمّا أرادت ركوبا وهمّـت بقـبض الزمــام
إذا نـــفــرة فـــــاجأت ناقـــتي وقد تجـفل النوق من ذي الدلام
وقــــــدّت بنفرتها ثـــــــــوبـها فـما جـزعـت مثـل باقي الأنام
قالت : "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم".
فقلت اصبري سوف أعـــقلها لمنع النـــفور ومــــنع القـــيام
قالت:" ففهمناها سليمان".
ولمّا استوت فـوقها تمتـــــمت فقلت: اجهري اسمعيني الكلام
قالت: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون".
أخذت الزمام وسـرت سـريعا وصرت أصيح: الأمام الأمـام
قالت: "وأقصد في مشيك واغضض من صوتك".
فأصبحت أمشي رويدا رويدا وأنشـد شعـرا ســما واسـتـــقام
قالت: "فاقرءوا ما تيسر من القرآن".
وقلت لها: قــد حــباك الإلـــه بحـــظ كبـير كحــظّ العــــظام
قالت: "وما يذكر إلا أولوا الألباب".
ولمّا سألت عن الزوج لامت فـيا ليــتـني ما سـمعـت المــلام
قالت: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدَ لكم تسؤكم".
سكتنا طويلا إلى أن لـمـحــنا قــــــــافـلة مـن ذوات الســــنام
فأدركـــتها ثـمّ قــلت لــــــها: فـمن لك فــيها؟ بلغــنا المـــرام
قالت: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا".
فـأدركت أن لـــــــها فـتــــية فقـلت وما شأنــهم في المقام؟؟
قالت: "وعلامات وبالنجم هم يهتدون".
أرادت بـــذا أن أولادهـــــــا أدلاء للــقوم أعــطُـــوا الزمـام
سألت العجوز عن اسـمائهم لأبحـث عـــنهم خلال الزحــام
قالت: "واتخذ الله إبراهيم خليلا","وكلم الله موسى تكليما", "يا يحيى خذ الكتاب بقوة".
فـناديــتهم فـأتـوني ســراعا وكـــانـوا كأقــمار لـيل سُخـام
فلمّا استـــقـرّ الجـلوس بـهم وخـــــيّم صــمت عـلــينا ودام
قالت: "ابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه".
مضى واحد مـنهمو فاشتراه وقـــــدّم بـين يــديّ الــطــعام
قالت: "كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية".
فـقـلت أخــاطب أبــــــناءها: لماذا نَـبَـت عـن كـلام الأنـام؟
وإن أنتـمو قـد لزمتم سـكوتا فهـــذا الطــــعام عليّ حـــرام
فقـالوا: لقـد هـجـــرته لئــلا تــزلّ وتــألف لغـــو الكـــلام
فـيسخـط ربّ العـباد عـلـيها وخاب الذي نال سُخْـطا ودام
وظلت على شـأنها أربعـين خـريفا ودامـت على ذا الدوام
فقلت: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم".
فـيا ناهـشا باللــسان لحوما عــوّد لــسانك بعض الصـيام
ولا تجـــرحـــنّ به أحــــدا فجـرح اللسان يفـوق الحسام
عبد المجيد