ج)-النظام التربوي ومواد التعليم:
إن التربية عند أرسطو – كما عند أفلاطون – يجب أن تبدأ في سن مبكرة، قد يمتد هذا الاهتمام بالأطفال إلى ما قبل الولادة، لهذا ذكر أرسطو بعض الشروط البيولوجية والنفسية و الاجتماعية التي ينبغي أن تلتزم بها المرأة الحامل حتى تتم ولادة الجنين بشكل صحي سليم من الناحية الجسمية والنفسية ونشير أن هناك بعض الحقائق التي جاء بها أرسطو في هذا الصدد تتفق كثيرا مع ما توصل إليه العلم الحديث(1).
وعلى العموم يمكن تقسيم فترة التربية لدى الطفل إلى طورين رئيسيين:
وعلى العموم يمكن تقسيم فترة التربية لدى الطفل إلى طورين رئيسيين:
الطور الأول:
ويتمثل في فترة التربية التي تكون موجهة أساسا إلى الاهتمام بالجسم والخلق،وتبدأ من الولادة حتى سن الخامسة من عمر الطفل.
تتحدد مرحلة التربية في هذا الطور في الرعاية الأسرية وهي مرحلة التي يصطلح على تسميتها بمرحلة الطفولة الأولى، ويوجد الاهتمام فيها إلى الناحية الجسمية والنفسية للطفل ، فلابد من رعاية خاصة للطفل في هذه المرحلة خاصة من الناحية الجسمية فمن الضروري تزويد جسم الطفل بالغذاء الصحي الذي يقويه ويحميه من الإمراض،ويساعده على الاكتساب النمو السليم (2).
ولكي يحافظ الأطفال على رشاقة أجسامهم، ينصح أرسطو بضرورة تدريبهم على القيام ببعض الحركات الرياضية التي تلاءم سنهم(3). لأن الاهتمام بالجسد يجب أن يسبق الاهتمام بالمدارك العقلية (4).
غير أن الغاية من الاهتمام بالجسد في هذه المرحلة ليست تنمية الجسم بالدرجة الأولى، بل أيضا تذهيب الغرائز، لهذا كان الهدف الأساسي للتربية هو تحقيق أغراض أخلاقية من هذا المنطلق راح أرسطو يشدد على ضرورة أن يكون الكبار قدوة حسنة للصغار،بحيث لا ينبغي عليهم القيام بأي سلوك منافي للأخلاق أمامهم،لأن من طبيعة الطفل في هذه الميل إلى التقليد(5).
وعليه كانت مسؤولية الأسرة في هذه المرحلة تمكن في تحصين الأبناء بالقيم الخلقية الفاضلة،فيتعلم في إطارها اللعب الذي يريح نفسه، ويكتسب السلوك الذي يضبط غرائزه.
تتحدد مرحلة التربية في هذا الطور في الرعاية الأسرية وهي مرحلة التي يصطلح على تسميتها بمرحلة الطفولة الأولى، ويوجد الاهتمام فيها إلى الناحية الجسمية والنفسية للطفل ، فلابد من رعاية خاصة للطفل في هذه المرحلة خاصة من الناحية الجسمية فمن الضروري تزويد جسم الطفل بالغذاء الصحي الذي يقويه ويحميه من الإمراض،ويساعده على الاكتساب النمو السليم (2).
ولكي يحافظ الأطفال على رشاقة أجسامهم، ينصح أرسطو بضرورة تدريبهم على القيام ببعض الحركات الرياضية التي تلاءم سنهم(3). لأن الاهتمام بالجسد يجب أن يسبق الاهتمام بالمدارك العقلية (4).
غير أن الغاية من الاهتمام بالجسد في هذه المرحلة ليست تنمية الجسم بالدرجة الأولى، بل أيضا تذهيب الغرائز، لهذا كان الهدف الأساسي للتربية هو تحقيق أغراض أخلاقية من هذا المنطلق راح أرسطو يشدد على ضرورة أن يكون الكبار قدوة حسنة للصغار،بحيث لا ينبغي عليهم القيام بأي سلوك منافي للأخلاق أمامهم،لأن من طبيعة الطفل في هذه الميل إلى التقليد(5).
وعليه كانت مسؤولية الأسرة في هذه المرحلة تمكن في تحصين الأبناء بالقيم الخلقية الفاضلة،فيتعلم في إطارها اللعب الذي يريح نفسه، ويكتسب السلوك الذي يضبط غرائزه.
(1):أنظر،المصدر نفسه ،الباب السابع. الفصل الخامس عشر.
(2):المصدر نفسه ،الموضع نفسه.
(3):المصدر نفسه ،الموضع نفسه.
(4):المصدر نفسه ،1338 ب 6 .ص 427.
(5):أنظر:المصدر نفسه الكتاب الخامس الفصل الخامس عشر. الفقرة 5/9 ص 412/413 .
(2):المصدر نفسه ،الموضع نفسه.
(3):المصدر نفسه ،الموضع نفسه.
(4):المصدر نفسه ،1338 ب 6 .ص 427.
(5):أنظر:المصدر نفسه الكتاب الخامس الفصل الخامس عشر. الفقرة 5/9 ص 412/413 .
- 3 -
الطور الثاني:مرحلة اندماج الطفل في الوسط المدرسي: وتمر بمراحل:
- مرحلة التعليم التحضيري: - بالمصطلح التربوي الحديث -
تبدأ هذه المرحلة من السنة الخامسة إلى السنة السابعة من عمر الطفل ،في هذه المرحلة يدمج الطفل في الوسط المدرسي، لكن ليس بغاية اكتساب المعارف، بل يقتصر وجوده في المدرسة على الاحتكاك بالأطفال المتمرسين الذين يكبرونهم سنا (1)،وذلك بهدف تعرفهم على حياة المدرسة وتحضيرهم نفسيا لتلقي تلك الدروس مستقبلا،فالغاية القصوى من هذا التعليم تمكن في تهيئة الطفل نفسيا وتكييفه اجتماعيا داخل محيط المدرسة أكثر من تلقينه المعارف العلمية.
- مرحلة التعليم التحضيري: - بالمصطلح التربوي الحديث -
تبدأ هذه المرحلة من السنة الخامسة إلى السنة السابعة من عمر الطفل ،في هذه المرحلة يدمج الطفل في الوسط المدرسي، لكن ليس بغاية اكتساب المعارف، بل يقتصر وجوده في المدرسة على الاحتكاك بالأطفال المتمرسين الذين يكبرونهم سنا (1)،وذلك بهدف تعرفهم على حياة المدرسة وتحضيرهم نفسيا لتلقي تلك الدروس مستقبلا،فالغاية القصوى من هذا التعليم تمكن في تهيئة الطفل نفسيا وتكييفه اجتماعيا داخل محيط المدرسة أكثر من تلقينه المعارف العلمية.
- مرحلة التربية العلمية:
وتبدأ من سن السابعة إلى مرحلة المراهقة، وفيها يتعلم الطفل بعض المعارف منها:"الأدب و العلوم ثم الرياضة و الموسيقي"(2) وقد ارتبطت كل مادة دراسية بهدف تربوي معين :فالأدب يشمل القراءة و الكتابة تعلمها ضروري ونافع، لأنهما يساعدان على اكتساب معارف أخرى (3)،أما الرياضة فزيادة على كونها تمنح الحجم الصحة و القوة، فهي تكسبه أيضا فضيلة الشجاعة(4). أما الموسيقى فبالرغم من أن تعليمها محل اختلاف بسبب تباين وجهات النظر حول أهدافها، إلا أن أرسطو يرى أنها مفيدة لأنها تساعد على اكتساب الفضائل،بشرط أن تكون خالية من إثارة الغرائز وتهييج النفس(5).
وتبدأ من سن السابعة إلى مرحلة المراهقة، وفيها يتعلم الطفل بعض المعارف منها:"الأدب و العلوم ثم الرياضة و الموسيقي"(2) وقد ارتبطت كل مادة دراسية بهدف تربوي معين :فالأدب يشمل القراءة و الكتابة تعلمها ضروري ونافع، لأنهما يساعدان على اكتساب معارف أخرى (3)،أما الرياضة فزيادة على كونها تمنح الحجم الصحة و القوة، فهي تكسبه أيضا فضيلة الشجاعة(4). أما الموسيقى فبالرغم من أن تعليمها محل اختلاف بسبب تباين وجهات النظر حول أهدافها، إلا أن أرسطو يرى أنها مفيدة لأنها تساعد على اكتساب الفضائل،بشرط أن تكون خالية من إثارة الغرائز وتهييج النفس(5).
- مرحلة اكتساب المعارف العقلية:(مرحلة التعليم العالي):
تمتد هذه المرحلة من سن المراهقة إلى الحادية والعشرين من العمر،فبعدها يكون الأطفال قد تدربوا على القيام ببعض التمارين الرياضية،وبعد اكتسابهم للمعارف الأدبية والفنية التي تكون قد ساعدتهم على تهذيب نفوسهم وصقل مواهبهم وضبط سلوكهم،يكون من الضروري وقد بلغوا سن المراهقة أن يلزموا لمدة سنتين آو ثلاثا بالقيام بتدريب عسكري منظم وصارم، بعدها يكلفون بأداء بعض الواجبات الخاصة بالخدمة العسكرية بشرط أن تخلو من الإرهاق و الخطر(6).
تمتد هذه المرحلة من سن المراهقة إلى الحادية والعشرين من العمر،فبعدها يكون الأطفال قد تدربوا على القيام ببعض التمارين الرياضية،وبعد اكتسابهم للمعارف الأدبية والفنية التي تكون قد ساعدتهم على تهذيب نفوسهم وصقل مواهبهم وضبط سلوكهم،يكون من الضروري وقد بلغوا سن المراهقة أن يلزموا لمدة سنتين آو ثلاثا بالقيام بتدريب عسكري منظم وصارم، بعدها يكلفون بأداء بعض الواجبات الخاصة بالخدمة العسكرية بشرط أن تخلو من الإرهاق و الخطر(6).
(1):المصدر نفسه،1336 ب 37 – 38 ص 414 .
(2):المصدر نفسه، 1337 ب 23 – 24 ص 423 .
(3):المصدر نفسه،1338 أ 39 – 40 ص 426 .
(4):المصدر نفسه 1337 ب 25 – 29 ص 423 .
(5):أنظر:المصدر نفسه ،الكتاب الثامن الفصل الرابع ، ص430 - 431 .
(6):ألفريد ادوارد تايلور ،مرجع سبق ذكره،ص 129 .
(2):المصدر نفسه، 1337 ب 23 – 24 ص 423 .
(3):المصدر نفسه،1338 أ 39 – 40 ص 426 .
(4):المصدر نفسه 1337 ب 25 – 29 ص 423 .
(5):أنظر:المصدر نفسه ،الكتاب الثامن الفصل الرابع ، ص430 - 431 .
(6):ألفريد ادوارد تايلور ،مرجع سبق ذكره،ص 129 .
- 4 -
بعد ذلك يرتقي الطلاب إلى مرحلة اكتساب المعارف العقلية،وهي مرحلة التي تعادل مرحلة التعليم الجامعي في المنظومة الحديثة، يخصصها أرسطو – مثلما نجدها عند أفلاطون- للدراسة العلمية التي تتطلب نشاطا فكريا عاليا،لأن غاية هذا التعليم هو التمرن على إدراك الحقيقة (1).
غير أنه تجدر الإشارة إلى أن أرسطو لم يذكر في كتابه "السياسة" نوع برنامج الدراسة العلمية في هذه المرحلة، لكن يميل بعض الدارسين إلى الاستدلال ببعض المعطيات المستوحاة من تدريسه في "اللوق يون" والتي جعلتهم يفترضون على الأرجح أن تكون مواد التعليم تحتوى على الفلك وعلم الطبيعة وعلم الحياة وبدرجة أقل على الرياضيات (2).
يبقي أن نشير أن أرسطو يحرص دائما أن يكون معتدلا،فالتربية الجديرة بإنجاب مواطنين صالحين هي تلك التي تحقق التوازن في تنمية مختلف الوظائف وتحافظ على قيمة كل وظيفة (3) .وعلى العموم، فان نظام التربية الذي يهدف أساسا إلى تكوين المواطن الصالح ،لا يتسنى له تحقيق ذلك إلا في ظل دولة مثالية فاضلة ،يكون فيها المواطنون أفاضل،وما لم تحقق التربية هذا الهدف،فلا مجال للحديث عن المدينة الفاضلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــتت
(1):إميل بريهيي. مرجع سبق ذكره ،ص 323 .
(2):ألفريد ادوارد تايلور ، مرجع سبق ذكره. ص 129 .
غير أنه تجدر الإشارة إلى أن أرسطو لم يذكر في كتابه "السياسة" نوع برنامج الدراسة العلمية في هذه المرحلة، لكن يميل بعض الدارسين إلى الاستدلال ببعض المعطيات المستوحاة من تدريسه في "اللوق يون" والتي جعلتهم يفترضون على الأرجح أن تكون مواد التعليم تحتوى على الفلك وعلم الطبيعة وعلم الحياة وبدرجة أقل على الرياضيات (2).
يبقي أن نشير أن أرسطو يحرص دائما أن يكون معتدلا،فالتربية الجديرة بإنجاب مواطنين صالحين هي تلك التي تحقق التوازن في تنمية مختلف الوظائف وتحافظ على قيمة كل وظيفة (3) .وعلى العموم، فان نظام التربية الذي يهدف أساسا إلى تكوين المواطن الصالح ،لا يتسنى له تحقيق ذلك إلا في ظل دولة مثالية فاضلة ،يكون فيها المواطنون أفاضل،وما لم تحقق التربية هذا الهدف،فلا مجال للحديث عن المدينة الفاضلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــتت
(1):إميل بريهيي. مرجع سبق ذكره ،ص 323 .
(2):ألفريد ادوارد تايلور ، مرجع سبق ذكره. ص 129 .
(3):إميل بريهيي ،مرجع سبق ذكره. ص 323 .