المنظومة التربوية عند أرسطو ـ ج3 بقلم/أ سعيدي الوناس
- مرحلة التربية العلمية:
وتبدأ من سن السابعة إلى مرحلة المراهقة، وفيها يتعلم الطفل بعض المعارف منها:"الأدب و العلوم ثم الرياضة و الموسيقي"[1] وقد ارتبطت كل مادة دراسية بهدف تربوي معين : فالأدب يشمل القراءة والكتابة تعلمها ضروري ونافع، لأنهما يساعدان على اكتساب معارف أخرى[2]، أما الرياضة فزيادة على كونها تمنح الحجم الصحة والقوة، فهي تكسبه أيضا فضيلة الشجاعة[3]. أما الموسيقى فبالرغم من أن تعليمها محل اختلاف بسبب تباين وجهات النظر حول أهدافها، إلا أن أرسطو يرى أنها مفيدة لأنها تساعد على اكتساب الفضائل،بشرط أن تكون خالية من إثارة الغرائز وتهييج النفس[4].
- مرحلة اكتساب المعارف العقلية:(مرحلة التعليم العالي):
تمتد هذه المرحلة من سن المراهقة إلى الحادية والعشرين من العمر،فبعدها يكون الأطفال قد تدربوا على القيام ببعض التمارين الرياضية،وبعد اكتسابهم للمعارف الأدبية والفنية التي تكون قد ساعدتهم على تهذيب نفوسهم وصقل مواهبهم وضبط سلوكهم،يكون من الضروري وقد بلغوا سن المراهقة أن يلزموا لمدة سنتين آو ثلاثا بالقيام بتدريب عسكري منظم وصارم، بعدها يكلفون بأداء بعض الواجبات الخاصة بالخدمة العسكرية بشرط أن تخلو من الإرهاق و الخطر[5].
بعد ذلك يرتقي الطلاب إلى مرحلة اكتساب المعارف العقلية،وهي مرحلة التي تعادل مرحلة التعليم الجامعي في المنظومة الحديثة، يخصصها أرسطو – مثلما نجدها عند أفلاطون- للدراسة العلمية التي تتطلب نشاطا فكريا عاليا،لأن غاية هذا التعليم هو التمرن على إدراك الحقيقة[6].
غير أنه تجدر الإشارة إلى أن أرسطو لم يذكر في كتابه "السياسة" نوع برنامج الدراسة العلمية في هذه المرحلة، لكن يميل بعض الدارسين إلى الاستدلال ببعض المعطيات المستوحاة من تدريسه في "اللوق يون" والتي جعلتهم يفترضون على الأرجح أن تكون مواد التعليم تحتوى على الفلك وعلم الطبيعة وعلم الحياة وبدرجة أقل على الرياضيات[7].
يبقي أن نشير أن أرسطو يحرص دائما أن يكون معتدلا،فالتربية الجديرة بإنجاب مواطنين صالحين هي تلك التي تحقق التوازن في تنمية مختلف الوظائف وتحافظ على قيمة كل وظيفة[8] . وعلى العموم، فان نظام التربية الذي يهدف أساسا إلى تكوين المواطن الصالح ،لا يتسنى له تحقيق ذلك إلا في ظل دولة مثالية فاضلة، يكون فيها المواطنون أفاضل،وما لم تحقق التربية هذا الهدف،فلا مجال للحديث عن المدينة الفاضلة.

[1] - (2):المصدر نفسه، 1337 ب 23 – 24 ص 423 .

[2] - (3):المصدر نفسه،1338 أ 39 – 40 ص 426 .

[3] - (4):المصدر نفسه 1337 ب 25 – 29 ص 423 .

[4] - (5):أنظر:المصدر نفسه ،الكتاب الثامن الفصل الرابع ، ص430 - 431 .

[5] - (6):ألفريد ادوارد تايلور ،مرجع سبق ذكره،ص 129 .

[6] - إميل بريهيي. مرجع سبق ذكره ،ص 323 .

[7] - ألفريد ادوارد تايلور ، مرجع سبق ذكره. ص 129 .

[8] - إميل بريهيي ،مرجع سبق ذكره. ص 323 .