الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

العلمانية

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • طارق شفيق حقي
    المدير العام
    • Dec 2003
    • 11929

    #16
    اسبنوزا والعلمانية



    يعد الفيلسوف اليهودي اسبنوزا من أهم المفكرين الداعين للعلمانية وفصل الدين عن الدولة ويحارب الخلط بين الدين والسياسة

    من أهم أفكاره : فكرة الله مساوي للطبيعة وأن المادية صفة من صفات الله ، وله آراء في وحدة الوجود والطبيعة وكذلك في إضافة صفة الجسمية إلى الله
    وربما شبه البعض فلسفته بالمذهب الهندوسي والتقريب بين صفات الله و" براهما" وبين رأيه في النفس والأراء الهندوسية في الروح المسماة أتمن ATMAN وبين كتاب الأخلاق وكتاب الأوبانشاد "
    ولا شك أن له أفكار أقرب إلى الصوفية الهندية رغم ذلك فهو يعد مفكر يسارياً بالمعنى الحديث
    انتمى إلى جمعيات سرية ثورية كجمعيات الميونيين والكويكر والمجمعيين
    اتبع اسبنوزا المنهج الهندسي لعرض أفكاره
    ولد اسبنوزا في أمستردام 1632 وقد سيم عند ولادته الباروخ وترجمتها اللاتينية بانديكتوس ، وهو ينحدر من يهود المارانو من أسرة من الأسر اليهودية المهاجرة والتي أخفت دينها تحت تأثير الحكام واعتنقت الكاثوليكية و قد تلقى تعليمه في المدرسة التلمودية بأمستردام، لكنه ثار على التعليم اللاهوتي مما أجبر أسرته على إيكال أمر تعليمه للطبيب المعلم "فان دن إنده " ويذكر كوليرس في ترجمته لحياة اسبنوزا أن هذا الأستاذ كان يلقن تلاميذه إلى جانب اللاتينية شيئاً آخر هو تعليمات الإلحاد .
    من كتاب" اسبنوزا " . د فؤاد زكريا
    - هناك من يؤكد" أن اسبنوزا يفيد أمريكا في محاربتها للشيوعية ، وأن تعليمه يمكن أن تقتبس أثناء وضع الخطط اللازمة للدفاع ضد العدوان السوفيتي في مجال الفكر ، ويجد في بعض نصوصه ما يعتقد أن يؤيد الرأي القائل بوجوب حل المنازعات بين الدول بالالتجاء إلى الأمم المتحدة"
    المرجع :
    DUNNER:SPINOZA AND WESTERN DEMOCRACY. NEW YORK PHILOSOPHICAL LIBRARY 1955

    ووفق ما اطلعت على تعاليم جمعية المينونية هي تعاليم أقرب لتعاليم الماسونية في الحرية الدينية والتسامح، ورفض المظاهر الدينية وأن المهم هو طهارة القلب وعدم الاقتراب من السياسة والسياسيين
    وربما فكرة إخفاء الهدف برع به اليهود خاصة مع تجربة الاضطهاد ومحاكم التفتيش في إسبانيا، أجبرتهم على إخفاء دينهم واعتناق دين آخر بشكل شكلي واتقان هذا الدور، هذا التاريخ من الإخفاء تترجم مستقبلاً لتوظيف أفكار هذه الجماعات سياسياً وفكرياً، خاصة مع تأكيد انتماء اسبنوزا لجمعيات سرية ، وأخبار حول تلقيه تعاليم الإلحاد على يد المعلم الطبيب " فان دن إنده " ، والمنهج الذي اتبعه في عرض أفكاره وهو المنهج الهندسي وما يعتريه من غموض في طرح الفكرة فهي تأخذ أكثر من تأويل وبالفعل أخذت فلسفة اسبنوزا جدلاً كبيراً ، ولعل طرح فكرة فصل الدين عن الدولة شكل غامض لحقيقة رفض اسبنوزا الدين برمته ، وتشكيله لفلسفة مزج بين أفكار كثيرة منها الهندوسية والعقلانية واليهودية ، ولعل ذلك يذكرنا بماني الذي مزج بين المجوسية والمسيحية والبوذية، ونذكر هنا شعار الماسونية " حرية عدالة مساوة
    لكن الفرق أن اسبنوزا أخذ العلمانية شكلاً لرفض الدين برمته وتشكيل شكل جديد من الإيمان القلبي الأقرب للصوفية الهندية ، ولعل التدرج في طرح الأفكار من أهم الخطط لمحاربة الدين واختراقه، وتحويلها لشكل حداثي معاصر على أنقاض الدين
    وسأذكر هنا تصريح مترجم كتب محمد أركون وهو هشام صالح في مطلع كتاب " نحو نقد العقل الإسلامي" ، يقول :" على مدار ثلاثين سنة متتالية لم أتجرأ على ذلك، كنت أشتغل تحت الأرض بشكل من الأشكال وأُكثر من العناوين وأًنوع فيها من دون أن أضع ترجماتي تحت العنوان الحقيقي . هل اللحظة مناسبة ؟ لا أعتقد " ص 5 من كتاب نحو نقد العقل الإسلامي 2009
    ولو عدنا لترجمة الكاتب لكتاب محمد أركون وقد عنونه " قضايا في نقد العقل الديني " 1998
    ولعل أول كتاب لأركون كان تحت عنوان " الفكر العربي"
    إذن من نقد العقل العربي لنقد العقل الديني لنقد العقل الإسلامي، وربما لاحقاً نقد الإسلام
    وهكذا تستمر مسلسلات إخفاء النوايا لتمرير الفكرة ، وأذكر هنا كلام للدكتور عبد الوهاب المسيري يقول : لكن أنا أعرّف العلمانية بأنها ليست فصل الدين عن الدولة، وإنما فصل مجمل حياة الإنسان عن جميع القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، بحيث يتحول العالم إلى مادة استعمالية يوظفها القويّ لحسابه.
    وأذكر كذلك أن فكرة حل النزاعات بالعودة للأم المتحدة كما ترغب به أمريكا وهي المهيمن على هذه المنظمة الأممية ، تشابه فكرة عقد المجمع المسكوني لحل النزاعات الفكرية تحت رعاية الإمبراطور قسطنطين ، وهذه المؤتمرات لم تنصر الحق بل نصرت الأفكار الغربية كالنزاع الحاصل وقتها بين أثناسيوس وآريوس حول فكرة الثالوث ، والغريب أن الإمبراطور وقتها يرعى هذه المؤتمرات الدينية في حين أنه لم يكن معمداً.
    أخيراً نذكر تعريف عبد الرحمن حبنكة للعلمانية :
    تعريف بالعلمانية :

    فالعلمانية ليست مذهباً محدد المعالم ، واضح الأركان ، لكنها عنوان لاتجاه هدفه النظر بعين واحدة ، هي عين البحث العلمي بالوسائل الإنسانية ، وطمس عين العلم الأخرى التي تقتبس المعرفة من الدين والوحي طمساً كلياً ، وفي هذه الحالة تكون العلمانية إلحاداً بصورة إيجابية ، أو إهمالاً للدين وعدم التفات إليه ، أو طمساً جزئياً ، وفي هذه الحالة تكون العلمانية إلغاءً للدين فيما عدا قضايا الاعتقادات الدينية والغيبية ، أو العبادات المحصنة وطقوسها ، مع بعض أحكام ومراسيم أخرى ،وسلوك فردي خاصّ بمستلزمات الحريّة الشخصية .

    ولفظ "العلمانية" ترجمة اصطلاحية مهذبة فيها تعديل لما حقُّه أن يترجم بـ"اللادينية" أو بـ"الدنيوية" أو بـ"الاتجاه الذي لا يعتبر الدين ، ولا يهتم به ، ولا يقيم له وزناً في شؤون الحياة" و"الدنيوية" التي ترجمت "بالعلمانية" لا تؤمن بشيء وراء الحياة الدنيا.

    وكلٌّ من الترجمة والأصل الغربي يعبّر عن اتجاه فكري وعملي ظهر بقوة إبان الثورة الفرنسية ، قبلها إرهاصاً ، وبعدها شعاراً ومبدأً ، فهو من الشعارات التي برزت بروزاً واضحاً في الغرب أواخر القرن الثامن عشر .

    وقد غدا من الواضح لدى كل الباحثين المحققين –كما سبق بيانه- أن الثورة الفرنسية وشعاراتها مكيدة دبرها المكر اليهودي ، وتآمر على وضع خططها اللازمة المرابون العالميون اليهود ، بتوجيه النورانيين من الحاخامين .
    من كتاب كواشف زيوف
    في المذاهب الفكريّة المعاصرة

    طارق شفيق حقي

    http://merbad.net/vb/content.php/1389

    التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:05 AM.

    تعليق

    • طارق شفيق حقي
      المدير العام
      • Dec 2003
      • 11929

      #17

      من صاغ مصطلح العلمانية
      جورج يعقوب هوليوك (13 أبريل 1817 - 22 يناير 1906 ) الكاتب الإنكليزي ولد في برمنغهام ، انكلترا الذي صاغ مصطلحالعلمانية في عام 1851 عندما أوردها في مقال له نشرة في مجلة " ذي ريزونور "ومصطلح الشوفينية في عام 1878.



      تعليق

      • طارق شفيق حقي
        المدير العام
        • Dec 2003
        • 11929

        #18
        جون لوك
        الفيلسوف والمفكر الإنكليزي (
        1632
        -
        1704
        ) أحد الداعين إلى نظام يفصل الدين عن الدولة، ويطلق الحريات العامة.


        جون لوك (29 أغسطس 1632 - 28 أكتوبر 1704) (بالإنجليزية: John Locke) هو فيلسوفتجريبي ومفكر سياسي إنجليزي. ولد في عام 1632 في رنجتون Wringiton في إقليم سومرست وتعلم في مدرسة وستمنستر، ثم في كلية كنيسة المسيح في جامعة أوكسفورد، حيث انتخب طالباً مدى الحياة، لكن هذا اللقب سحب منه في عام 1684 بأمر من الملك. وبسبب كراهيته لعدم التسامح البيورتياني عند اللاهوتيين في هذه الكلية، لم ينخرط في سلك رجال الدين. وبدلاً من ذلك اخذ في دراسة الطب ومارس التجريب العلمي، حتى عرف باسم (دكتور لوك).

        ولد جون لوك أثراً في
        رنجتون
        بالقرب من
        برستول
        ، في نفس العام الذي ولد فيه سبينوزا. ونشأ وترعرع في إنجلترا التي قامت فيها ثورة دامية وقتلت مليكها، وأصبح الصوت المنادي بثورة سلمية وعصر يسوده الاعتدال والتسامح، ومثل التسوية الإنجليزية في أحكم صورة وأفضلها. كان أبوه محامياً بيوريتانياً ناصر مع شيء من التضحية قضية البرلمان، وشرح لابنه نظريتي سيادة الشعب والحكومة النيابية، وبقي لوك مخلصاً لهذه الدروس مؤمناً بها، شاكراً معترفاً بفضل أبيه في تعويده على الرصانة الدروس مؤمناً بها، شاكراً معترفاً ليدي ماشام عن والد لوك أنه:- سلك معه في صغره نهجاً تحدث عنها الابن فيما بعد في استحسان بالغ. ذلك أنه كان قاسياً عليه بإبقائه في رعب شديد منه، وعلى أبعد منه، حين كان صبياً. ولكنه كان يخفف من هذه القسوة شيئاً فشيئاً حتى استوى جون رجلاً، آنس منه رشداً ومقدرة فعاش مع صديقاً حميماً(

        تجارته للعبيد في 1671 كان أكبر المستثمرين في تجارة العبيد الإنجليزية في " الشركة الأفريقية الملكية " التي كانت تتاجر في العبيد من غرب أفريقيا وكانت تهجر بين 90000 - 100000 أفريقى كعبد. و يقول مارتن كوهين : كان لوك رجل من ستة رجال مسئولين عن ايجاد وحكم المستعمرات الجديدة في أمريكا وقوانينها الجائرة والعبودية الظالمة فيها. لذا يرى البعض كلماته عن الملكية غير المحدودة كمسوغ لإحلال السكان الأصليين لأمريكا. و يرى مفكرون أن معارضته للأرستقراطية والعبودية في أشهر كتاباته تتعارض مع سيرته الذاتية وتجارته الواسعة في العبيد واستعبادهم وأنها محض نفاق.



        ويكيبيديا
        التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:07 AM.

        تعليق

        • طارق شفيق حقي
          المدير العام
          • Dec 2003
          • 11929

          #19
          الكنيسة الوطنية هو مفهوم حول كنيسة مسيحية مرتبطة بجماعة عرقية محددة أو الدولة القومية.مفهوم الكنيسة الوطنية لا يزال حاضرًا في عدد من الدول الأرثوذكسية والبروتستانتية مثل انجلتراوالدول الإسكندنافية على وجه الخصوص.في سياق إنجلترا تعتبر كنيسة انجلترا الأنجليكانية الكنيسة الوطنية في البلاد وتشكّل هوية ثقافيّة رئيسية ولا تزال تحمل أهمية حضارية وثقافية للشعب الإنجليزي، وقد برزت أيضًا الكنائس الشعبية اللوثرية في الدول الإسكندنافية، والتي وصفت بأنها كنائس وطنية بالمعنى العرقي.[1] يُذكر أنّ الكنيسة الأسقفية الأمريكية تعتبر الكنيسة الوطنية للولايات المتحدة.في المسيحية الشرقية الغالبية من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية هي كنائس وطنية عرقيّة لشعوب المنطقة منها كنيسة الأرمن الأرثوذكس والكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالإضافة إلى كنائسالتقليد المسيحي السرياني، كذلك تعتبر كل من الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، الكنيسة الرومانية الأرثوذكسية، الكنيسة الصربية الأرثوذكسية والكنيسة الروسية الأرثوذكسية كنائس وطنية تنحصر في منطقة إثنية ثقافية معنية وينقسم التقليد الأرثوذكسي إلى الكنائس الأرثوذكسية اليونانية والكنائس الأرثوذكسية البروسلافية.
          • قائمة في الكنائس الوطنية الإثنية:
          • كنيسة الأرمن الأرثوذكس.
          • مسيحية سريانية.
          • الكنيسة المارونية.
          • الكنيسة البلغارية الأرثوذكسية.
          • كنيسة الدنمارك اللوثرية.
          • كنيسة إنجلترا الانجليكانية.
          • كنيسة آيسلندا اللوثرية.
          • كنيسة السويد اللوثرية.
          • كنيسة النرويج اللوثرية.
          • كنيسة اسكتلندا المشيخية.
          • الكنيسة الإنجيلية اللوثرية الفنلندية.
          • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
          • كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية.
          • كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية.
          • الكنيسة الجورجية الرسولية الأرثوذكسية.
          • الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية.
          • الكنيسة الرومانية الأرثوذكسية.
          • الكنيسة الصربية الأرثوذكسية.
          • الكنيسة الروسية الأرثوذكسية.
          التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:07 AM.

          تعليق

          • طارق شفيق حقي
            المدير العام
            • Dec 2003
            • 11929

            #20
            دين الدولة أو الديانة الرسمية هي العقيدة الدينية التي تتبناها الدولة بشكل رسمي في دستورها. وعملياً الدول التي لا دين رسمي لها تعد دولاً علمانية.يرتبط مصطلح "الكنيسة الرسمية للدولة" بالديانة المسيحية، تاريخيًا مع نشأ الكنيسة الرسمية للدولة فيالإمبراطورية الرومانية، ويستخدم أحيانًا للدلالة على فرع معين وطني حديثة للمسيحية.مصطلح دين الدولة يعني دولة ذات مؤسسات رسمية أو حكومة دينية، ولكن الدولة ليست بحاجة إلى أن تكون تحت سيطرة الكنيسة (كما هو الحال في النظام الثيوقراطي)، ولا الكنيسة الذي تقرها الدولة بالضرورة تحت أن تكون تحت سيطرة الدولة.المؤسسة الدينية التي ترعاها الدولة، وجدت في العصور القدينة مثل الشرق الأدنى القديم وعصور ما قبل التاريخ. كانت أول دولة مسيحية هي أرمينيا والتي اتخذت الكنيسة الأرمينية الرسولية دينًا رسميًا، وذلك في عام في 301.[1]

            تعليق

            • طارق شفيق حقي
              المدير العام
              • Dec 2003
              • 11929

              #21
              أنواع دين الدولة

              يتفاوت درجة وطبيعة دعم الدولة لمذهب أو عقيدة معينة كدين للدولة ويختلف من دولة إلى أخرى. يمكن أن تتراوح من مجرد تأييد ودعم مالي، مع حرية الممارسة والعقيدة لأديان أخرى، إلى منع أي هيئة دينية مخالفة للعقيدة الرسمية واضطهاد أتباع المذاهب الأخرى. في أوروبا، تطورت المنافسة بين الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية برعاية الدولة في القرن السادس عشر، حتى صلح أوغسبورغ عام 1555 و قد أنهت رسميا الصراع الديني بين الطائفتين وصنعت انفصالا قانونيا دائماً للمسيحية داخل الإمبراطورية الرومانية المقدسة. سمح البند "Cuius regio, eius religio" الشهير بالوثيقة للأمراء الألمان باختيار إما اللوثرية أو الكاثوليكية ضمن أراضيهم، وتنتهي بتأكيد استقلالهم بدولهم. أعطيت الأسر فترة كانوا خلالها أحرار بالهجرة إلى مناطق أخرى ذات دين يرضونه. في انكلترا البروتستانتية فرض ملولكها أنفسهم في 1533، رؤساء الكنيسة الانجليكانية بدلًا من البابا، بينما في اسكتلنداكنيسة اسكتلندا قابلت دين الحاكم.في بعض الحالات، قد تكون منطقة إدارية ترعاها وتمولها مجموعة من الطوائف الدينية؛ هذا هو الحال في الألزاس وموسيل في فرنسا بموجب قانونها المحلي، في أعقاب النمط الجاري في ألمانيا.في بعض الدول الشيوعية، ولا سيما في كوريا الشمالية وكوبا، الدولة ترعى المنظمات الدينية، وينظر على نطاق واسع لأديان الدولة كجهود من قبل الدولة لمنع مصادر بديلة للسلطة.
              التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:08 AM.

              تعليق

              • طارق شفيق حقي
                المدير العام
                • Dec 2003
                • 11929

                #22
                حالة الكنائس
                هناك أيضًا فرق بين "الكنيسة الرسمية للدولة" أو الكنيسة الوطنية والمصطلح الأوسع "دين الدولة"."الكنيسة الرسمية للدولة" تختلف كمصطلح عن الكنيسة الوطنية فالثانية هي دين الدولة التي أنشأتها الدولة لاستخدامها حصرًا من جانب تلك الدولة، على سبيل المثال كنيسة إنجلترا(والتي كانت في السابق كنيسة كاثوليكية حتى تم فصلها من قبل الملك هنري الثامن في عام 1534). مثال على "دين الدولة" وهي في هذه الحالة ليست "الكنيسة الرسمية للدولة"، مثال على الكنيسة الرسمية للدولة" هي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في كوستاريكا الذي تم قبولها باعتبارها دين الدولة في الدستور عام 1949، على الرغم من عدم وجود كنيسة وطنية خاصة بسكان كوستاريكا. اعتبارًا من عام 2012، كان هناك ستة كنائس الدولة، حيث أن معظم الدول التي ظهرت فيها كنائس دولة حصل فيها فصل الدين عن الدولة
                التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:08 AM.

                تعليق

                • طارق شفيق حقي
                  المدير العام
                  • Dec 2003
                  • 11929

                  #23
                  أديان الدولة الحالية

                  حاليَا، تتخذ بعض الدولة أديان رسمية منها المسيحية والإسلام أو البوذية.
                  البلدان المسيحية

                  الدول التالية تتخذ شكل من أشكال المسيحية كدين للدولة أو الدين الرسمي فيها (من طائفة):
                  المسيحية (من دون طائفة)
                  • زامبيا.[2]

                  الكاثوليكية

                  الدول التي تعترف في الكاثوليكية كدين الدولة الرسمي:
                  • الألزاس وموسيل في فرنسا.
                  • كوستاريكا.[3]
                  • ليختنشتاين.[4]
                  • مالطا.[5]
                  • موناكو.[6]
                  • مدينة الفاتيكان. (ثيوقراطية)

                  كان من المعروف أن جزءًا كبيرًا من أوروبا الغربية التي حكمت سابقًا تحت إمرة الكنيسة الكاثوليكية وعرفت في اسم العالم المسيحي، والتي كان يرأسها اسميًا إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حامي الكاثوليكية، ولكن عقب ظهور البروتستانتية والتنوير لاحقًا، أعلنت ولايات مختلفة بروتستانتية جديدة وظهر فصل الكنيسة عن الدولة تمامًا.
                  آخرى
                  وهناك عدد من البلدان، بما في ذلك أندورا، الأرجنتين،[7] إيطاليا، جمهورية الدومينيكان، السلفادور،[8] بنما، باراغواي،[9] بيرو،[10] بولندا،[11] البرتغال وإسبانيا[12] تعطي تقديرًا خاصًا ومكانة مميزة إلى الكاثوليكية في دساتيرها على الرغم من عدم جعلها دين الدولة.جميع الكانتونات السويسرية تعطي اعتراف رسمي إلى كل من الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية السويسرية، بإستثناء جنيف ونوشاتيل. سويسرا نفسها لا يوجد لديها دين رسمي أو دين دولة.
                  الأرثوذكسية الشرقية

                  الدول التي تعطي شرعية وتتخذ من الأرثوذكسية الشرقية دين الدولة هي:
                  • اليونان: الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية.[13]
                  • جورجيا: الكنيسة الجورجية الرسولية الأرثوذكسية.[14]
                  • جبل آثوس.

                  آخرى
                  الكنيسة الفنلندية الأرثوذكسية [15] ليست دين الدولة في فنلندا ولكن لديها علاقة خاصة مع الحكومة الفنلندية. البنية الداخلية للكنيسة موجودة في قانون الكنيسة الأرثوذكسية. الكنيسة لديها القدرة على فرض الضرائب على أعضائها والشركات إذا كان غالبية المساهمين فيهم من أعضائها. الكنيسة لا تعتبر نفسها كنيسة الدولة، والدولة لا تملك سلطة للتأثير على أعمالها الداخلية أو اللاهوتية.
                  البروتستانتية

                  لوثرية

                  الدول التي تعترف في الكنيسة اللوثرية كدين لدولتهم تشمل بلدان الشمال الأوروبي أو الدول الإسكندنافية. نسبة أتباع الكنيسة اللوثرية هي مرتفعة جدًا بين عامة السكان، إلا نسبة المداومين على حضور الصلاة والشعائر الدينية هي الأقل أوروبيًا.
                  • الدنمارك: كنيسة الدنمارك اللوثرية.[16] أيضا كنيسة جزر فارو هي الكنيسة الرسمية للدولة في جزر فارو، وهي منطقة تابعة للدنمارك.
                  • أيسلندا: كنيسة أيسلندا [17] (76،81% من السكان من أتباع الكنيسة اللوثرية في 1 يناير 2012)[18]
                  • النرويج: كنيسة النرويج اللوثرية.[19]

                  آخرى
                  الكنيسة الإنجيلية اللوثرية الفنلندية في فنلندا لديها علاقة خاصة مع الحكومة الفنلندية، وصف هيكلها الداخلي في قانون خاص، أو قانون الكنيسة.[15] لا يمكن تعديل قانون الكنيسة إلا بقرار من المجمع الكنسي للكنيسة الإنجيلية اللوثرية والتصديق اللاحق من قبل البرلمان. قانون الكنيسة محمي من قبل الدستور الفنلندي، والدولة لا يمكنها تغيير قانون الكنيسة دون تغيير الدستور. الكنيسة لديها القدرة على فرض الضرائب على أعضائها وجميع الشركات بحالة كانت أغلبية المساهمين فيها هي أعضاء في الكنيسة اللوثرية الفنلندية. من جهة أخرى، يطلب من الكنيسة أن تعطي مكان الدفن للجميع في المقابر فيها.[20] في نهاية عام 2011 كان 77.2% من السكان أعضاء في الكنيسة الإنجيلية اللوثرية الفنلندية.[21] الرئيس الفنلندي يقرر أيضًا مواضيع ليوم الشفاعة. الكنيسة لا تعتبر نفسها كنيسة الدولة، والدولة الفنلندية لا تملك القدرة على التأثير في أعمال الكنيسة الداخلية أو اللاهوتية، على الرغم من أنه لديها حق النقض في هذه التغييرات من الهيكل الداخلي الذي يتطلب تغيير قانون الكنيسة.حتى عام 2000 كانت السويد تملك كنيسة رسمية وهي كنيسة السويد اللوثرية وفي حين فان الملك كارل السادس عشر غوستاف هو رئيس كنيسة السويد اللوثرية. تفيد إحصائيات نهاية عام 2009 أن 71.3% من السويديين ينتمون إلى كنيسة السويد (اللوثرية).[22] رغم رغم ذلك فإن نسبة المواظبين على حضور الكنيسة في أيام الأحد تتقلص إلى 2% فقط.[23] يعود سبب هذا العدد الكبير من الأعضاء غير الفاعلين إلى أنه وحتى عام 1996 كان المولودون الجدد يعتبرون تلقائياً أعضاء في كنيسة السويد إذا ما انتمى إليها أحد الأبوين. منذ عام 1996 لا يحتسب إلا الأطفال المعمدون.
                  إصلاحية

                  الدول التي تتخذ المذهب الكالفيني البروتستانتي كديانة رسمية:
                  • توفالو: كنيسة توفالو

                  آخرى
                  منذ الإصلاح البروتستانتي في إسكتلندا، وكنيسة إسكتلندا المشيخية والمعروفة باسم كيرك، هي الكنيسة الوطنية للشعب الاسكتلندي، وهي كنيسة بروتستانتية تتبع اللاهوت الكالفيني. ومنذ منذ عام 1689 كان للكنيسة نظام مشيخي حكومي، وتتمتعت باستقلالية عن الدولة.[24]جميع الكانتونات السويسرية تعطي اعتراف رسمي إلى كل من الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية السويسرية (الكالفينية)، بإستثناء جنيف ونوشاتيل. سويسرا نفسها لا يوجد لديها دين رسمي أو دين دولة.
                  الإنجليكانية

                  الدول التي تعترف في الكنيسة الانجليكانية كديانة رسمية:
                  • إنجلترا: كنيسة إنجلترا

                  كنيسة انجلترا هي الكنيسة الرسمية لإنجلترا واتخذت الملكية في المملكة المتحدة لقب "حامي الإيمان" (باللاتينية: Rex Christianissimus)، اليوم الملكة إليزابيث الثانية تحمل لقب "حامي الإيمان" و"حامي العقيدة" والمقصود بها الإيمان المسيحي، والرأس الأعلى للكنيسة الأنجليكانية.[25] وهي أيضًا الكنيسة الأم في العالم الانغليكاني. حيث أنها مهد الكنيسة الانجليكانية. الملك في المملكة المتحدة هو رأس الكنيسة، وهو يتصرف بوصفه الحاكم الأعلى. وهناك حوالي 76 مليون من أتباع كنيسة إنجلترا، وهي تشكل جزءاً من الطائفةالانجيلية، ويعتبر رئيس أساقفة كانتربري المتصرف رئيسًا رمزيًا في جميع أنحاء العالم.[26]في مقعد اللوردات، لكبار المطارنة وجود عن طريق 26 من الأساقفة في الكنيسة الانجليكانية الذين لهم مقعدًا في البرلمان البريطاني وفي مجلس اللوردات. منهم رئيس أساقفة كانتربري، رئيس أساقفة يورك، أسقف لندن، أسقف دورهام، وأسقف وينشستر.
                  البلدان الإسلامية
                  التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 04-26-2018, 01:07 AM.

                  تعليق

                  • طارق شفيق حقي
                    المدير العام
                    • Dec 2003
                    • 11929

                    #24
                    العلاقة بين العلمانية والغنوصية

                    د . أحمد إدريس الطعان ( [1])
                    كلية الشريعة – جامعة دمشق






                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    مقدمة


                    الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

                    في الظلام تكثر الخفافيش ..

                    وفي الظلام تغيب الحقائق، وتختلط معالم الأشياء، ويستوي الأعمى والبصير ..

                    وفي الظلام ينشط الشطار والسراق يبحثون تحت جنح الظلام عن صيودهم وغاياتهم ومكاسبهم .. وفي الظلام يتعالى صفير هؤلاء وتصفيقهم وضوضاؤهم يصمون الآذان، ويقلقون الأذهان .

                    إذا كان ذلك ما يحصل في ظلام الحس والمشاهدة فكذلك هو ما يحصل في ظلام الأفكار والمبادئ، فيحرص المغرضون على اختلاط المفاهيم، واندراس الحدود، والتباس التعاريف، ويضيق هؤلاء بالوضوح والبيان، ويتبرمون من التدقيق والإتقان .

                    وفي هذا العالم المختلط من الفوضى يتكلم الرويبضات، ويتقدم الأراذل، ويتصدر الأصاغر، ويؤم القوم أجهلهم، ويقودهم أحمقهم . غير أن الأدهى من كل ذلك أن تصبح الفوضى هي الأساس، والعبث هو القانون، والغموض هو الإبداع، والهوى هو الميزان، وهو ما يحصل اليوم في عالم النصوص وقراءتها وتأويلها، وفي عالم الأفكار وصناعتها وتدويلها .

                    فالذين يبحثون عن الحقيقة يحرصون على اكتشاف معالم النص وحدوده وأبعاده، وهو ما لا يعني أبداً تجاهل أعماقه وآفاقه الواسعة، ولكنهم يريدون الحقيقة التي يحث عليها النص سواء كانت حقيقة نظرية اعتقادية أم عملية سلوكية، وفي هذه الحالة يمثل هذا الصنف دور المحكوم الذي يبحث في النص عن مقاصد الحاكم ومراميه، ويوظف لفهم النص كل وسائل الإضاءة والإنارة، وهو متشوف إلى اكتناه الحقيقة والتشبث بها .

                    غير أن صنفاً آخر من الناس لا يعتقدون بوجود حقيقة أصلاً وراء عالم الأهواء والأغراض الذي يتمرغون فيه، فكل حقيقة يمكن أن تنغص عليهم وهْمَ المتعة الذي يعيشونه هي حقيقة زائفة، وكل نص يعكر عليهم نشوة السكرة التي ينعمون بها هو نص استبدادي لا بد من مقاومته بكل وسائل التشويش والتعكير والتنفير .

                    ومن هنا فإن الخطاب العلماني/الغنوصي يرفض حكومة النص المُحْكم، لأنه بنظرهم نص إمبريالي يريد أن يفرض سلطانه على قرائه، بمعنى آخر لأنه نص مستنير واضح ليس فيه ظلام، ولا يسمح بحرية اللعب، في حين يكون النص المتشابه – بنظر الخطاب المدروس- هو النص المحبوب والمقرب لأنه يفسح المجال لإطفاء الأنوار، وإسدال الظلام، والألعاب الحرة .

                    في هذا اللعب الحر، وفي هذا الظلام النصي، وفي هذه الغشاوة التأويلية، تلتقي كل من العلمانية والغنوصية لقاء الأحباب في تأويل أو تقويل النص القرآني، والتحلل من حكومته ..

                    إذاً : تلتقي العلمانية مع الغنوصيات القديمة المتمثلة في الهرمسية([2]) والأفلوطينية([3]) والباطنية ومع الغنوصية الجديدة المتمثلة في الهرمينوطيقا الغربية في قضية التأويل أو القراءة للنصوص، وإن كان الاتفاق بينهما لا يعني أكثر من الاتفاق على عدم الاتفاق، أي أن الإنسان القارئ للنص له الحق أن يفهم من النص ما يحقق له أغراضه وإراداته دون اعتبار لما يقوله النص، إن القارئ هو الذي يقول ، والنص عليه فقط أن يكون جهاز استقبال وتبرير لإملاءات القارئ، دون أن يُسمح له بالإرسال أو القول .

                    ونحن نقول هنا : بأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون النص المقروء محرضاً على الإبداع أو حافزاً للفكر على التجديد أو الاستنباط، ولكن الفهم الجديد قد يرتبط بالنص القديم ببعض الوشائج اللغوية والأصولية والقرائنية التي تسمح له أن يكون تفسيراً وشرحاً للنص القديم، وقد يكون هذا الفهم هو مجرد تداعيات أو إيحاءات سببتها قراءة النص ولكنها منبتة الصلة به لغوياً وأصولياً وقرائنياً، ومع ذلك تصرُّ القراءات الغنوصية / العلمانية على اعتبارها فهوماً مشروعة بالنص، ومؤسَّسة عليه .

                    وقد اعتمدت في هذا البحث على المصادر الأساسية والمباشرة للخطاب العلماني والغنوصي، وحرصت على أن أترك النصوص هي التي تتكلم ، وأن يكون منهجي هو المنهج الوصفي الكشفي التركيبي حتى لا أُتَّهم بالتجني والتحامل .

                    وها هنا ملاحظتان منهجيتين أود أن ألفت النظر إليهما لعل ذلك يجنبني الكثير من النقد وسوء الفهم الأولى : أنني في هذه الدراسة لم أتعامل مع الخطاب العلماني كأشخاص وأفراد متمايزين مختلفين، وإنما تعاملت معه كمنظومة فلسفية تنتهي إلى جذور واحدة وتستند على أسس متقاربة، ولذلك تجنبت ذكر الأسماء غالباً في متن الدراسة، وأحلت إليها في الهوامش، ولذلك أيضاً كنت أنتقل من نص إلى نص دون اعتبار لقائله ما دام يتكامل مع غيره في داخل السياج الأيديولوجي العلماني .

                    لقد أراد البحث إذن أن يكشف عن الوحدة المتخفية وراء التنوع والاختلاف في المنظومة العلمانية، وأن يصل إلى الجذور الكامنة وراء الأغصان والفروع، فالتيارات والمدارس العلمانية الليبرالية والماركسية والحداثية والعدمية على الرغم من اختلافها إلا أنها تتفق إلى حد كبير كلما حاولنا الحفر في الأعماق للوصول إلى الجذور المادية والدنيوية التي تغذيها، ويكون الاتفاق أكثر وضوحاً حين يتعلق الأمر بالدراسات الإسلامية عموماً، وذلك بسبب التضاد المطلق بين هدف الرسالة الإسلامية وهدف العلمانية الغربية في التعامل مع أسئلة الإنسان الكبرى وقضاياه المصيرية .

                    والثانية : أنني اعتمدت على المصادر المترجمة التي تمكنت من الوصول إليها للباحثين الغربيين الذين احتاجت لهم هذه الدراسة . كما توجد في البحث بعض المصادر الثانوية لم يكن اعتمادي عليها كمصادر جوهرية وإنما كمكملات نفلية على مبدأ أن النافلة إن لم تنفع فلا تضر بعد أداء الفريضة .

                    وأحب أن أشير إلى أنني لا أعرف من كتب في هذا الموضوع بشكل مستقل ، ولم يقع تحت يدي أي بحث يسلط الضوء على هذه العلاقة بين العلمانية والغنوصية .

                    وقد جاء هذا البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة :

                    المقدمة : وفيها الإشارة إلى إشكالية البحث ومنهجيته وخطته .

                    المبحث الأول : وشائج التواصل بين العلمانية والغنوصية الهرمسية .

                    المبحث الثاني : متاهة القراءة العلمانية " مراجعة نقدية " .

                    الخاتمة : وفيها الخلاصة والنتائج .




                    المبحث الأول

                    وشائج التواصل بين العلمانية والغنوصية ([4])الهرمسية


                    المطلب الأول – العلاقة بين الهرمينوطيقا والغنوصية :

                    "" الهرمينوطيقا هي فن كشف الخطاب في الأثر الأدبي ""([5]). كما "" تعني تقليدياً فن تأويل النصوص المقدسة الإلهية أو النصوص الدنيوية البشرية، وهي كذلك مساوية للتفسير أو للفلولوجيا بما هي تفسير حر في أو نحوي وصرفي لغوي لبيان معاني الألفاظ والجمل والنصوص، وهذا ما يعرف بالتفسير اللفظي "" ([6]) .

                    وهـو مصطلح مستخدم في دوائر الدراسات اللاهـوتية ليشير إلى مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني ( [7]) .

                    هذا هو المعنى التقليدي للهرمينوطيقا، ولكن مع تطور نظرية النسبية أصبحت الهرمينوطيقا تُعنى بفن الفهم، وهذا المعنى " فن الفهم " هو الذي سيؤسس له شلاير ماخر 1768 – 1834 م([8]) الذي يُعد أبو التأويلية الحديثة ، وأصبح فن الفهم أو فن التأويل يتناول ليس النصوص المقـدسة فقـط بل تعـدى ذلك إلى النصوص البشرية ذات المضمون الطبيعي اليومي ([9]) .

                    ومعنى كونها تجاوزت الكتب المقدسة إلى الكلام البشري اليومي أنها أصبحت تُخضع كل شيء للتأويل، وتعتبر التأويل هو الأصل في الكلام، وبذلك تكون الهرمينوطيقا نمطاً من أنمـاط القراءة والتأويل للنصوص والتراثات الفكرية عموماً وهو ما سمي الهرمينوطيقا العامة ( [10]) .

                    في مقابل الهرمينوطيقا العامة التي اهتمت بتفسير الوجود تقوم هرمينوطيقا خاصة تركز بالذات على تفسير النصوص، ومن أبرز ممثليها بول ريكور ([11]) [ ولد سنة " 1913م ] الذي يُعوِّل كثيراً على التفسير الرمزي، وهو ما سيُعتَبر أساساً تقوم عليه الهرمينوطيقا، إذ يَعتبر ريكور الرمز وسيطاً شفافاً ينم عما وراءه من معنى، ومعنى ذلك أن يقول القائل شيئاً وهو يعني شيئاً آخر في آن واحد، وبغير أن تتعطل الدلالة الأولى وهو ما يسمى" بالوظيفة الأليغورية " للغة بالمعنى الحرفي للكلمة ([12]) . وهذه الطريقة لجأ إليها بولتمان( [13]) في تحطيمه للأسطورة الدينية في العهد القديم، والكشف عن المعاني العقلية التي تكشف عنها هذه الأساطير ([14]).

                    وهناك طريقة أخرى يمثلها كل من فرويد ([15]) وماركس ([16]) ونيتشة ([17]) كما يبين ريكورنفسه، وهي التعامل مع الرمز باعتباره حقيقة زائفة لا يجب الوثوق به، بل يجب إزالتها وصولاً إلى المعنى المختبئ وراءها، فالرمز في هذه الحالة لا يشف عن المعنى بل يخفيه ويطرح بدلاً منه معنى زائفاً، ومهمة التفسير هي إزالة المعنى الزائف السطحي وصولاً إلى المعنى الباطني الصحيح . لقد شكك فرويد في الوعي باعتباره مستوى سطحياً يخفي وراءه اللاوعي، وفسر كلٌّ من ماركس ونيتشة الحقيقة الظاهرة باعتبارها زائفة، ووضعا نسقاً من الفكـر يقضي عليها ويكشف عن زيفها([18]).

                    والرمزية الريكورية تقوم على الكشف والإبلاغ عندما تساعد في تفجير دلالات اللغة عوضاً عن انكفائها على ذاتها([19]). وتعتمد على مفهوم العلامة عند سوسير باعتبارها ذات صلة وعلاقة مع غيرها من العلامات ([20])، وباعتبارها ذات إمكانات استدعائية عجيبة، وذات قدرة فريدة على تأويل بعضها البعض ([21])، وبكون العلامة قادرة على التعبير عن شيء دون أن تتعطل عن التعبير عن شيء آخر ([22]). وبذلك يعتبر ريكور رمزيته ظاهرة ملموسة للمعنى على مستوى الخطاب، موثقة على أرضية العمليات الأولية للعلامات، وبذلك تكتسب رمزيته - بنظره - قيَماً وظيفية فلم يعد الاشتراك اللفظي ظاهرة انحراف في ذاته، ولا الرمزية زينة في اللغة ( [23]) .

                    ويصل ريكور إلى أن القيمة الفلسفية للرمزية تكمن في كونها تعبر عن غموض الكينونة من خلال تعدد إشارية علاماتنا ([24]) .

                    هذه الرمزية تنتهي بريكور إلى تقرير النتائج التي يتفق عليها أغلب الهرمينوطيقيين فالنص بمجرد أن يُدوَّن كتابة يصبح مستقلاً عن قصد الكاتب، وتنفتح عندئذ إمكانيات التأويل المتعددة ([25]) المفتوحة التي لا تختزلها أية رؤية ([26])، وتكون مهمة الهرمينوطيقا هي الكشف عن "" شئ النص غير المحدود "" لا عن نفسية المؤلف ([27])، لأن دلالة النص العميقة ليست هي ما أراد الكاتب قوله ، بل ما يقوم عليه النص بما فيه إحالاته غير المعلنة ( [28]) . ولذلك يعلن ريكور : "" أحياناً يطيب لي أن أقول : إن قراءة كتاب ما هي النظر إلى مؤلفه كأنه قد مات … وبالفعل تصبح العلاقة مع الكتاب تامة وثابتة بشكل ما عندما يموت الكاتب "" ([29]) .

                    وهكذا نجد في الهرمينوطيقا تعتبر العلامات والرموز هي الأساس الذي تتكون منه اللغة، ولا عبرة بأي قواعد أو أنظمة يتعارف عليها الناس للخطاب، فهي إذن تتمرد على النظام الاجتماعي والمعرفي السائد بين الناس والذي يشكل أساس التواصل بين الناس .

                    كذلك فإن الهرمسية التي ظهرت في القرن الثاني الميلادي فإنها تمردت على القوانين العقليـة التي كانت سائدة لدى اليونان مثل مبدأ الهوية ([30])، ومبدأ عدم التناقض([31])، ومبدأ الثالث المرفوع ([32]) فكان هرمس كائناً متقلباً وغامضاً فهو أبٌ لكل الفنون، ورب لكل اللصوص، وكان شاباً وشيخاً في نفس الوقت ([33]) ، وبناء على هذا فإن الحقيقة كامنة في كل شيء، فكل شيء يقول الحقيقة ولا يقولها، وليس في ذلك تناقض – في المنظور الهرمسي – لأن كل كلمة هي في الأصل إيحاء أو مجاز، إنها تقول شيئاً آخر غير ما يبدو في الظاهر، والوصول إلى الباطن يحتاج إلى كشف إلهي أو رؤية أو حلم ([34]). لأن الحقيقة هي ما لم يُقل، أو هي ما قيل بطريقة غامضة، إن الآلهة تتكلم عبر إرساليات مليئة بالألغاز([35]). والشيء الصحيح أساساً هو ذاك الذي لا يمكن شرحه ([36])."" وهكذا فاللغة بالنسبة للفكر الهرمسي الغنوصي بقدر ما تكون غامضة ومتعددة بقدر ما تكون غنية بالرموز والاستعارات، وهو ما يجعلها قادرة على تعيين الله الذي يحتضن داخله كل المتناقضات "" ([37]) . وخلاصة ذلك أن "" التأويل في الفكر الغنوصي غير محدود، إن محاولة الوصول إلى دلالة نهائية ومنيعة سيؤدي إلى فتح متاهات وانزلاقات دلالية لا حصر لها "" ( [38]) .

                    ويعدد إمبرتو إيكو ( [39]) أسس القراءة الهرمسية للنصوص، والقارئ قد يحسب أنه يعدد أسس القراءة الهرمينوطيقية فهي تقوم على أن :

                    · النص كون مفتوح بإمكان المؤول أن يكتشف داخله سلسلة من الروابط اللانهائية .

                    · إن اللغة عاجزة عن الإمساك بدلالة وحيدة، ومعطاة بشكل سابق .

                    · إن اللغة تعكس لا تلاؤم الفكر، إن وجودنا في الكون عاجز عن الكشف عن دلالة متعالية.

                    · إن كل نص يدعي إثبات شيء ما هو كون مُجهَض، أي نتاج كائن يشكو من اختلال ذهني، لأن النص يُنتج سلسلة لا متناهية من الإحالات ( [40]) .

                    بناء على هذه الأسس فإن الفكرة التي عبر عنها بول فاليري بقوله : "" لا وجود لمعنى حقيقي للنص "" هي فكرة هرمسية خالصة ([41]) .

                    إذاً : تستند الهرمسية على مبدأ المماثلة والتناظر وإذا كانت المماثلة في القياس الأصولي تستند على العلة أو القرينة فإنها في المماثلة الغنوصية والهرمسية تتحرر من هذا القيد فالجواز من اللفظ إلى المعنى أو من الظاهر إلى الباطن في التأويل الغنوصي يتم بدون جسر، وبدون واسطة، فهو قياس ولكنه عشوائي وبدون جامع أو ضابط ([42]) .

                    إن الشيئين قد يتشابها أحياناً من حيث السلوك، وأحياناً من حيث الشكل، وأحياناً من حيث الزمن، فالأساس في هذه المماثلة الغنوصية هو شكل القرابة وليس المقياس الدال عليها ( [43]) . فالغنوصية الهرمسية تتجاهل المقاييس ما دام وُجد أي شكل من أشكال التناظر، فتنتقل من مدلول إلى آخر، ومن تشابه أو ترابط إلى آخر دون ضابط أو رقيب، فالنص يُنتِج انزلاقات دلالية لا تتوقف لأن مدلول كل كلمة ليس سوى مدلول كلمة أخرى، وبإمكان كل شيء أن يحيل إلى أي شيء ( [44]).

                    إنها حالة توالد إيحائي ([45]) يستند على أي حالة من حالات التناظر أو التماثل، وإذا علمنا أن أي شيء يمكن أن تكون له من زاوية ما علاقات تناظر أو تجاور أو مماثلة مع أي شيء آخر ([46]) أدركنا أن التوالد لا نهاية له، وأن الإيحاءات تنتشر بشكل سرطاني بحيث إننا كلما انتقلنا إلى مستوى أعلى تم نسيان مضمون العلاقة السابقة أو تم محوها دون توقف ( [47]) .

                    أظن أنني هنا أحتاج فقط إلى التأكيد على أنني كنت في الفقرة الآنفة أتحدث عن الغنوصية الهرمسية وليس عن الهرمينوطيقا .

                    المطلب الثاني - العلاقة بين العلمانية العربية والغنوصية :

                    1 – التواصل المنهجي التنظيري :

                    برغم أن الغنوصية تقوم على العرفان والكشف بزعم أهلها، وأن العلمانية تقوم على العقل بزعم أهلها أيضاً إلا أن اللقاء بين الطائفتين يكاد يكون تاماً على مستوى الوسائل والغايات والمسالك والنهايات، ومع أن هذا الموضوع يستحق الإفاضة طويلاً، ويحتـاج إلى دراسة مستقلة، إلا أنني سأحاول أن أختصر هذه الفقرة على أمل أن يكون ذلك نواة لبحث أوسع .

                    إن الطائفة الوريثة للغنوصيات القديمة في التاريخ الإسلامي هي الباطنية ومن خلالها سنحاول أن نكشف عن عناصر التواصل بين العلمانية والغنوصية .

                    يعتبر العلمانيون أنفسهم دعاة التنوير والتجديد كما هو معلوم، وكذلك يعتبر الباطنيون أنفسهم، فهذا واحد من ممثليهم يقول بأن الباطنية هي طريق التنوير والإرشاد ([48]) . والعلمانيون يعتبرون أنفسهم دعاة العقلانية، وكذلك الباطنيون أيضاً فهم يعتمدون – بزعمهم - على مصدر ثقة هو العقل الكلي فهم إذن " العقليون " أو " أهل العقل " ( [49]).

                    والعلمانيون يعوِّلون على التأويل ويفضلونه على التفسير( [50])، وكذلك الباطنيون يعتبرون التفسير يؤدي إلى الاختلاف، أما التأويل الباطني فهو نظام ثابت عقلي عملي يوافق المجتمع ( [51]).

                    بل إن التفرقة العلمانية التي رأيناها بين التنزيل والتأويل، وبين القرآن ككتاب تنزيل، وتحوله إلى كتاب تأويل خاضع لكل المقاييس البشرية هي في أساسها تفرقة غنوصية باطنية جاءت من التفرقة الباطنية المنتشرة في مؤلفاتهم الفلسفية والفقهية بين التنزيل والتأويل، أو المَثَل والممثول، أو العلم والعمل ([52]) .

                    لقد أول الباطنيون كل " دعائم الإسلام " وأركانه وشعائره عن طريق فكرة الظاهر والباطن وذلك عندما اعتبروا أن الظاهر بمنزلة القشر والباطن بمنزلة اللب، وأنه لا يستقيم الباطن إلا بالظاهر الذي هو جثته الهامدة - كما يؤكد العلمانيون دائماً - ولكنه دليل عليه، لأنه لا يصلح جسم إلا بروح ولا روح إلا بجسم ([53]) .

                    ومن هنا ذهبوا إلى تأويل كثير من الآيات لتخدم غرضهم هذا في التمييز بين العلم الظاهري والعلم الباطني فقوله تعالى: ]يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ العِلْمِ[ ([54]) . يعني العلم الباطني الروحاني ، هكذا جزافاً وبدون دليل ( [55]) . وقـوله تعالى: ]حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ[ ([56]) . يعني جاء علم الباطن وتكلم به الأساس ([57]) . وقـوله تعالى: ]قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ[ ([58]) يعني سآوي إلى أحد علماء الظاهر ([59]) . وقوله : ]وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ[ ([60]) . أي حال بينهما علماء الضلال ، أي علماء الظاهر ([61]) . ]وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ[ ([62]) . " أي أمر الأساس أن يصان العلم الباطني عن غير أهله " وغيض الماء " أي غامض العلم الباطني ( [63])

                    والنعمان بن حيوة ( [64]) يصرح بأنه لا ينفي علم الظاهر، وإنما الباطن علم إضافي، وأنه هو وطائفته يؤمنون بالظاهر والباطن ([65]) . ولكن هذا غير صحيح وإنما هو لون من المراوغة والخداع - كما يفعل ورثته العلمانيون - لأنه عند قوله تعالى : ]فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً[ ([66]) . ينفي أن يكون الإنسان معمراً كل هذه المدة لأن أبدان البشر لا تطيق ذلك، والمعنى مدة دوره ولُبْث شريعته ([67])، ولأنه يعتبر الباطن هو العلم والحكمة التي يجب أن يرقى إليها الطلاب ( [68])، ويعتبـر البـاطن بمثابة الروح والظاهر بمثابة الجسد ([69]).

                    لا يختلف الظاهر والباطن في مفهوم الباطنية عن المعنى والمغزى في المفهوم العلماني، فكلاهما يقفز إلى التأويل الذي يرتضيه منهجه متجاوزاً القرينة والدليل والسياق وبالإضافة إلى تجاوزه للإجماع وما هو معلوم من الدين بالضرورة .

                    فالمعنى عند نصر حامد أبو زيد ([70]) هو الظاهر عند الباطنية، والمغزى هو الباطن والنتيجة واحدة هي رفض الفهم السلفي الذي أجمعت عليه الأمة . ففي قضية الميراث المعنى هو إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين، أما المغزى فهو أن نطوِّر ذلك في عصر التطور إلى المساواة بين الذكر والأنثى . ولكن أين العلامة والقرينة التي نبهنا الباري عز وجل بها إلى هذه النتيجة البوزيدية ؟ لا وجود لها، فالباري عز وجل فصّل المواريث ووقف عند حدود معينة، وأمرنا أن لا نتجاوز حدوده، ولكن الخطاب العلماني يهدم حدود الله ليرتع في حماه .

                    ولا يختلف الظاهر والباطن في مفهوم الباطنية عن مفهوم القراءة كما رأيناه في الهرمينوطيقا الغربية ونسختها العربية، فالنص كما رأينا ليس نصاً على المراد، وليس نصاً على الحقيقة "" وإذا كان النص لا يقول الحقيقة، بل يخلق حقيقته، فلا ينبغي التعامل مع النصوص بما تقوله وتنص عليه، أو بما تعلنه وتصرح به، بل بما تسكت عنه ولا تقوله، بل بما تخفيه وتستبعده "" ([71]) .

                    إن هذا الذي يتحدث عنه الخطاب العلماني ويسميه ما بين السطور، وما يخفيه النص هو الباطن الذي يتحدث عنه الباطنية "" إنه لا بد لكل محسوس من ظاهر وباطن، فظاهره ما تقع عليه الحواس، وباطنه ما يحويه ، ويحيط العلـم به ، فالجسد هو الظاهر والروح هو الباطن "" ( [72]).

                    وهكذا لا نميز بين ما يتفوه به العلمانيون اليوم وما قاله الباطنيون بالأمس، يقول الخطاب العلماني : "" وذو اللب لا يقف عند الظاهر المنطوق به، بل يطلب الغائر أو المطمور أو المستتر أي يطلب معنى المعنى، ومعنى المعنى ليس سوى الظاهر أو السطح أو الشكل أو التشكيل أو الدال وقد حجب نفسه وتحول إلى عمق أو لامرئي أو محتوى أو باطن "" ( [73]) . وهكذا يقرر أهل الباطن "" إعلم يا أخي أن لكل شيء من الموجودات في هذا العالم ظاهراً وباطناً فظواهر الأمور قشور عظام، وبواطنها لب ومخ … يستخلصها ذوو البصائر والأبصار، فيبين الله فضل المجتهدين على المقصرين، والمجاهدين على القاعدين "" ( [74]) .

                    فالجوهر عند الباطنية هو الباطن، هذا الباطن ليس سوى المغزى عند نصر حامد أبو زيد، ومعنى المعنى عند علي حرب، والجوهر عند العشماوي، والمقاصد عند الجابري، والحداثة عند أركون، والضمير عند عبد المجيد الشرفي، وهلم جرا .

                    ويقرر أهل الباطن "" إعلم أن للكتب الإلهية تنزيلات ظاهرة وهي الألفاظ المقروءة المسموعة، ولها تأويلات خفية باطنة وهي المعاني المفهومة المعقولة "" ([75]) وأيضاً : "" إن للقرآن معاني سوى ما تتداوله ألسنة العامة، مما يستنبطونه بحولهم وقوتهم من دون الرُّجعى إلى أهل الاستنباط ممن قال الله فيهم : وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ[ ([76]) "" ([77]) .

                    ويجيب الصدى العلماني : "" فالقراءات المهمة للقرآن ليست هي التي تقول لنا ما أراد النص قوله، وإنما تكشف عما يسكت عنه النص أو يستبعده أو يتناساه، أي هي لا تفسر المراد بقدر ما تكشف عن إرادة الحجب في الكلام "" ([78]) .

                    2 – التواصل العملي التطبيقي :


                    وهكذا فقط أسقط الباطنيون كل عقائد الإسلام فوجود الله عز وجل عندهم أقرب إلى العدم إن لم يكن هو العدم ، فهو - سبحانه وتعالى - عندهم لا يوصف بأي صفة من الصفات حتى بالوجود، لأنه بائن عن خلقه سبحانه وتعالى في كل ذلك ولذلك "" فالأسماء والصفات منفية عنه تعالى وتكبر "" ([79]) . "" و كان متسبحاُ متعالياً أن يقع عليه إشارة مشير، أو يتجاسر نحوه خاطر بتوهم أو تفكير "" ([80]) .

                    وهم في نفيهم لوجوده سبحانه وتعالى ينكرون أنهم ينفون وجوده، وإنما يفعلون ذلك لقطع أي صلة تشابه بينه وبين المخلوقات وهم يقولون المبدع بدلاً من الموجود "" إنما قولنا المبدع تقريراً وتثبيتاً لوجود عالم الإبداع عن موجد لهم غير مدرَك ولا محسوس ولا متوهَّم ولا متفكَّر، بل هو موجود من جهة آثاره في إبداعه، وما ظهر من فعله في اختراعه "" ([81]) "" فالباري عز وجل بائن عن ذلك كله من أحوال خلقه غير موصوف بشيء منها، لا موجود غير عدم، ولا عدم غير موجود "" ([82]) .

                    وكل ما وصف به سبحانه وتعالى نفسه إنما هو للتقريب إلى الأذهان، لا أنها أوصاف حقيقية لله تعالى ([83]) "" فلا يقال عليه حي ولا قادر ولا عالم ولا عاقل ولا كامل ولا تام ولا فاعل، لأنه مبدع الحي القـادر العالم التام الكامل الفاعل، ولا يقال له ذات، لأن كل ذات حاملة للصفات "" ([84]) .

                    من الواضح هنا أن نفي وجود الله عز وجل يُسلك إليه طريق معقول ومقبول لدى كل مسلم هو التنزيه المطلق، والتنزيه المطلق هو غاية كل مسلم، ولكنه لا يتحقق بتخرصات العقل، وتأملاته وإنما يتحقق ذلك بالشكل الذي نزَّه الله عز وجل به نفسه، والله عز وجل وصف نفسه بصفات، من كمال التنزيه إثباتها بلا زيادة، ونفى عن نفسه أوصافاً من الواجب نفيها بلا زيادة، وكل طريق آخر يتم سلوكه يكون سالكه متألهاً على الله عز وجل، ومدعياً للعلم أكثر منه .

                    إن الخطاب العلماني يسير على خطا أسلافه الباطنية في هذه المسألة فالله عز وجل مفهوم بلا ما صدق ([85]) . ولا يمكن لأحد أن يتحدث عن الله، ولا يحق لأحد أن يتحدث باسمه، فإذا كان الله عز وجلعند الباطنية هو العقـل الكلي ( [86]) فهوعند العلمانيين المطلق "" الذي يتعذر على المنال، الله يتعالى على كل شيء، ولا يحق لأحد أن يتحدث باسمه، ولا يمكن للبشر أن يصلوا إليه بشكل مباشر، وإنما يقدمون عنه تصورات مختلفة بحسب العصور""( [87]) "" الأمل بالخلود، الأمل بالحرية، الأمل بالعدالة، الأمل بتصالح الإنسان مع ذاته، وهذا هو الله بالنسبة للعالم الحديث والتصور الحديث، وهذه هي صورته في مجتمع أوربي متقدم "" ( [88]) .

                    هكذا يجب علينا أن نتصور الله أسوة بالمجتمع الأوربي المتقدم، فلكي نكون متقدمين يجب أن نصوغ معتقدنا في الله بحسب " الموضة " وبناءً على آخر ما وصلت إليه الحداثة الأوربية، أما التصور السائد في المجتمع الإسلامي عن الله عز وجل فهو بنظر الخطاب العلماني تصور معين عن الله، وليس الله ذاته، إنه تصور "" مُشكَّل من شيئين : خطاب علماء الدين التقليديين + التركيبة السياسية القمعية "" ( [89]). أما ما يريده أركون عن الله فهو تصور مشكَّل من الخطاب الأركوني + التركيبة الحداثية الأوربية .

                    "" هكذا تجد أن تصورنا لله يختلف باختلاف المجتمعات والعصور، فإذا كان المجتمع منفتحاً متقدماً مزدهراً كان تصوره لله هادئاً سمحاً وديعاً، وإذا كان المجتمع يعاني من الفقر والجهل وهيمنة الأب القاسي أو الحاكم الجائر المستبد، فإن تصوره لله سوف يكون بالضرورة ضيقاً عنيفاً، قمعياً "" ([90]) الله هو التقدم، والحرية، والعدالة، والخبز، والتنمية، والرغيف، والحب كما يقول حسن حنفي ([91]) . وبذلك يصبح الإنسان هو الذي يصنع تصوره لله بحسب مستواه العقلي ومدركاته الذهنية، أما أن يكون للقرآن الكريم توجيه في هذا الشأن، وتعليم بهذا الخصوص، وهداية للإنسان إلى المعتقد السليم فيما يتعلق بالذات الإلهية وصفاتها فهو أمر لا يدخل مطلقاً في حسابات الخطاب العلماني .

                    هذا هو التأويل العلماني الغنوصي لعقيدة الألوهية، فماذا عن اليوم الآخر والغيبيات ؟ إنها نفس النتائج، بل ونفس العبارات لدى الطائفتين، فالغنوصيون يقولون بأن "" الثواب والعقاب في حق ماهيتهما من طريق الإعراب عنه ومعرفته سبيل منسد غير ممكن سلوكه إلا على المؤيدين، والمستطاع الممكن في ذلك كما قال موالينا عليهم السلام هو تشبيه الأمور المحسوسة بالمعايَن المعلوم … كما وصف الله تعالى نفسه في كتابه أولاً بالعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والرضى والسخط والغضب والرحمة وغير ذلك من الأمور المعلومة عندنا، ووصف الملائكة بالدعاء والتسبيح والتهليل، والقيام بما يُؤمرون، ووصف الموجودات في الجنة بالظل والمياه والأنهار والأشجار والثمار والرمان والأعناب والولدان … ووصف موجودات الجحيم بالنار والعذاب والآلام ... ومثل ذلك كله محسوس لا أن تلك الأمور المخَبر عنها كالمخَبر به، أو المخبَر به يدانيها بحال من الأحوال، بل هو تقريب على الأنفس وتعليم لها لتتقوى بمعرفة الأمثلة "" ([92]) . ويقول السجستاني "" لما كان قصارى الثواب إنما هي اللذة، وكانت اللذة الحسية منقطعة زائلة، وجب أن تكون التي ينالها المثاب أزلية غير فانية، باقية غير منقطعة، وليست لذة بسيطة باقية على حالاتها غير لذة العلم، فكان من هذا القول وجوب لذة العلم للمثاب في دارالبقاء"" ([93]). ويقول علي بن محمد الوليد "" ودار الثواب لا تغير فيها، فلا يمكن أن تكون لذاتهـا حسية لأن ما هو حسي متغير فاسد "" ([94]) .

                    أما النفخ في الصور في نظر الباطنية فهو إشارة إلى صاحب الدور السابع الذي يحصل في الوجود آخر دور ([95]) . وأما الساعة فإشارة إلى قائم القيامة وهو السابع من أئمتهم ([96]). وأما خلق عيسى من غير أب فهو التأييد والترقية إلى مقام النبوة من غير توسط أحد من البشر( [97]). وأما طوفان نوح عليه السلام وتفجير الأرض عيوناً، فهو تفجير العلم من الأئمة ([98]). وعقر الناقة هو مدافعة الحجج بالباطل ([99]). وإحياء عيسى عليه السلام للموتى بإذن الله هو إعادة الكفار إلى الإيمان ([100]) .

                    والسؤال هنا : هل تختلف هذه الهواجس الباطنية عن الهواجس العلمانية ؟

                    لقد اتجه الفريقان إلى تأويل العقائد الإسلامية، والمعجزات، والغيبيات، والقصص القرآني تأويلاً يلغي حقائقها، وينفي وقائعها وأصبح القرآن الكريم كتاباً آخر، بلغة أخرى يفهمها فقط أهل الباطن وأهل العلمنة .

                    هل يختلف قول الباطنية عن الغيبيات والعالم الآخر والمعجزات بأنها أمثال محسوسة لتقريب الصور المعقولة إلى الأذهان بالأمثلة حتى تطيق هذه المعاني وتستوعبها عن قول الخطاب العلماني بأنها تصوير فني وإبداع أدبي لا يراعي الحقيقة ولا يقصدها ( [101]). لا يختلف ذلك عن قول خلف الله ( [102]) بأن القرآن نزل على المعهود الذهني للعرب، والمستوى الثقافي لهم وإن لم تكن معتقداتهم حقيقية واقعية ([103]). ولا يختلف عن قول أركون([104]) بأن الجنة والنار من نتاج الخيال الشاعري لدى البدو ([105]). ولا يختلف عن قول أبي زيد بأن العقائد تصورات مرتهنة بمستوى الوعي أي أنها يجب أن تتناسب مع نمو العقل في كل طور من أطوار التاريخ فلذلك بنظره فإن صورة الله عز وجل في القرآن كملِك له عرش وكرسي وجنود هي صورة أسطورية ليست أكثر من شاهد تاريخي، يشهد على مستوى المعرفة والوعي آنذاك ([106]) .

                    أما حسن حنفي فإن وجود الله عز وجل بنظره يعني وجود الإنسان، والصفات الإلهية هي صفات إنسانية، والغيبيات وأمور الآخرة كلها تمثيلات فنية، وصياغات أدبية ( [107]) وهو ما اعتبره أبو زيد فهماً تنويرياً للعقائد ([108]) .

                    حتى ولادة عيسى من غير أب والتي أكد عليها القرآن، ودفع عنها شبهات المنكرين والجاحدين ]إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [ ([109]) والتي نفى الباطنيون ظاهرها -كما رأينا - لم ينس العلمانيون أن يتابعوهم عليها فقالوا بأنه لا يمكن لمريم أن تـنجب بدون رجل يأتيها كما تعتقد بعض المجتمعات المتخلفة شبه البدائية، وكما تعتقد بعض الأديان الكبرى القائمة إلى الآن ([110]).

                    هذا على مستوى العقائد والغيبيات، وأما على مستوى أركان الإسلام وفرائضه فقد تحلل الفريقان أيضاً من ذلك فقال الباطنيون بأن "" الحلال هو الواجب إظهاره وإعلانه، والحرام الواجب ستره وكتمانه، وأما الصلاة فهي صلة الداعي إلى دار السلام بصلة الأبوة في الأديان إلى الأمام، والزكاة إيصال الحكمة إلى المستحق، والصوم الإمساك عن كشف الحقائق لغير أهلها، والحج القصد إلى صحبة الأئمة، والإحرام الخروج من مذهب الأضداد، وأما الزنا فهو اتصال من غير شاهد "" ([111]) . أما الفرائض بالصورة التي يعرفها المسلمون فهي وضعت لتشغل الناس عن خلافاتهم وتبعدهم عن الفساد ([112]) . لا يختلف هذا التأويل الباطني عن التأويل العلماني فهما من مشناة واحدة، فالصلاة كما رأينا في الخطاب العلماني مسألة شخصية، مهمتها أنها تؤدي وظيفة الدمج الاجتماعي ( [113]) وتعوِّد العربي على الطاعة للقائد ([114])، وتغني عنها رياضة اليوغا ([115]). أما الزكاة فليست واجبة، وعلى كل حال فهي ليست كافية وإنما هي مرحلة أولى في طريق الانتقال إلى الشيوعية الشاملة ( [116]). والحج يغني عنه الحج العقلي أو الروحي([117]) .

                    وهكذا يمكن أن نؤكد الآن أن الغنوصية والعلمانية العربية بالإضافة إلى الهرمينوطيقا الغربية تتحالف جميعاً لكسر معنى الخطاب وتمييعه عن طريق فكرة الرمزية والعلامة التي تحدث عنها امبرتو إيكو كما أسلفنا، ويغدو النص والكلام عموماً فضاءً للإسقاط، وذريعة للأهواء، وتبريراً للآراء، وهو مستوى عبثي لا يحتاج إلى تعليق اللهم إلا التذكير بعبارة الإمام الغزالي التي علق بها على التأويلات التي تُخرج ذات الله وصفاته عن الوجود الحقيقي فقال : "" إن من ينكر نصاً متواتراً ويزعم انه مؤول ولكن ذِكْر تأويله لا انقداح له أصلاً في اللسان [ اللغة ] لا على بعد ولا على قرب، فذلك كفر وصاحبه مُكذِّب ، وإن كان يزعم أنه مؤول، مثاله ما رأيته في كلام بعض الباطنية أن الله تعالى واحدٌ بمعنى أنه يعطي الوحدة ويخلقها ، وعالم بمعنى أنه يعطي العلم لغيره ويخلقه، وموجود بمعنى أنه يوجد غيره ، وأما أن يكون واحداً في نفسه وموجوداً وعالماً على معنى اتصافه فلا . وهذا كفر صراح، لأن حمل الوحدة على إيجاد الوجدة ليس من التأويل في شيء، ولا تحتمله لغة العرب أصلاً ، ولو كان خالق الوحدة يسمّى واحداً لخلقه الوحدة لسُمّي ثلاثاً وأربعاً لأنه خلق الأعداد أيضاً ، فأمثلة هذه المقالات تكذيبات عُبر عنها بالتأويلات "" ([118]) إذن فما يسمونه تأويلاً هو في الحقيقة تكذيب يتلبس لبوس التأويل ولذلك "" لا يجوز التوقف في تكفير من يعتقد شيئاً من ذلك، لأنه تكذيب صريح لصاحب الشرع، ولجميع كلمات القرآن من أولها إلى آخرها ، فوصف الجنة والنار لم يتفق ذكره مرة واحدة أو مرتين ، ولا جرى بطريق كناية أو توسع وتجوّز، بل بألفاظ صريحة لا يُتمارى فيها ولا يُستراب ، وأن صاحب الشرع أراد بها المفهوم من ظاهرها، فالمصير إلى ما أشار إليه هذا القائل تكذيب وليس بتأويل فهو كفر صريح لا يُتوقف فيه أصلاً "" ([119]) .

                    3 – التواصل الشعوري التضامني :

                    إن هذا التواصل بين الغنوصية والعلمانية كما هو قائم على مستوى التنظير والتطبيق -كما رأينا - كذلك هو قائم على أشده على مستوى الشعور والتضامن، فنجد أن الخطاب العلماني يتبنى الاتجاهات الغنوصية في التاريخ الإسلامي ويرتمي في أحضانها، فالحلاج وابن عربيوالسهروردي وابن سبعين والشيرازي والتوحيدي كل واحد من هؤلاء نجد له متيَّماً في الخطاب العلماني يتبناه، ويتخذه مثلاً يحتذي به ويشيد بالاتجاه الغنوصي في فلسفته ( [120])، بل ويبرزه على أنه الفيلسوف التنويـري المضطَهد، المنـاهض للسلطة، والذي تتكـاتف السلطة وعلماؤها للتنكيل به وتصفيته ([121]). وتبرز الباطنية والغنوصية على أنها الفئة المستنيرة المجددة العقلانية "" المتحررة الليبرالية "" ([122]) ، " والمضطهدين نفسياً وأخلاقياً واقتصادياً من قبل السلطة والعلماء الرسميين ([123]) . أما أهل السنة الاتباعيين فيتحولون بنظر هذا الخطاب إلى مؤبِلسين " زنادقة " لأنهم يتهمـون الآخـرين بالزندقة فارتدت عليهم، وهم مندمجون غالباً في بوتقة الإسلام الرسمي السلطوي ([124]) .

                    هذه الثلة الباطنية الغنوصية – بنظر ورثتهم العلمانيين- كانت تمثل الثورة الثقافية في الإسلام لأنها تقوم على أن العقل قبل النقل، والحقيقة قبل الشريعة، والإبداع قبل الاتباع( [125]). وتُقدم الباطن على الظاهر لأن الحقيقة كامنة فيه ولأنه الأصل، فالعلاقة بين الظاهر والباطن "" لا تعني أن أحدهما هو عين الآخر، وإنما تعني أن الباطن هو الأصل، وأن الظاهر صورته، وكما أن الأصل لا يُفسر بالفرع، والسبب لا يُفسر بالنتيجة، فإن الباطن لا يُفسر بالظاهر، بل الظاهر هو الذي يُفسر بالباطن"" ([126]). ثم تطورت هذه الثورة الباطنية إلى نفي للنبوة الإسلامية، وإقامة نبوة على أنقاضها تتمثل بدين العقل([127]).

                    وبذلك تلتقي الغنوصية والعلمانية أخيراً عند محطة العقل، ولكنه العقل الغريزي( [128]).



                    [align=center]المبحث الثاني

                    متاهة القراءة العلمانية " مراجعة نقدية "

                    تمهيد :[/align]

                    لقد كان فوكو ([129]) صادقاً بالفعل حين قال : "" لنترك جانباً المجادلات التي أثيرت حول البنيوية فهي لا زالت وبعد لأيٍ تعيش على أمجادها في مواطن يهجرها حالياً أولئك الذين يبذلون جهداً حقيقياً. إن ذلك الصراع الذي كان خصباً لن يخوضه اليوم سوى الممثلون الهزليون، والمتجولون " كذا " "" ([130]) . وأضيف : والمتسوِّلون .

                    إنها كلمة تعبر عن الواقع الحقيقي للعلمانيين العرب الذين يعيشون متجولين متسولين على موائد هجرها أهلها وتبين لهم عفنها وفسادها، ولا يزال مفكرونا هؤلاء يجترون مقولات دي سوسير ([131])، ودريدا ([132]) ، ورولان بارت ([133]) وسنبين ذلك من خلال النقاط التالية .

                    المطلب الأول – أزمة المصطلح العلماني :

                    إن المصطلح النقدي الحداثي في الغرب يستمد القدر الأعظم من دلالته من الخلفية الفلسفية الفكرية الغربية التي استمرت عدة قرون منذ ديكارت ([134]) وسبينوزا ([135])إلى هوسرل ([136]) وهايدغر([137]) مروراً بـ هيوم ([138]) وكانط([139]) وهيجل ([140]) ونيتشه، ولذلك فاستعارة المنظومة الحداثية الغربية بمصطلحاتها ودلالاتها المشحونة بتاريخها الفلسفي، وبتكوينها الاجتماعي والثقافي وإخراجها من دائرتها الدلالية وإسقاطها في بيئتنا العربية وعلى تراثنا الإسلامي، وعلى ثقافتنا المغايرة، يسبب كثيراً من اللبس والاضطراب والفوضى والعشوائية ([141]) .

                    وهذا ما نعيشه اليوم بالفعل حيث ذهب كل باحث يترجم ويستورد ويصطلح لنفسه حتى أصبحت أزمة الفكر اليوم أزمة مصطلحات، والحوار لم يعد مجدياً لأن كل المفكرين يتحدثون بلغات مختلفة، وبمصطلحات متباينة، فلم يعد بإمكان الباحث أن يتواصل مع غيره بالطريقة المجدية، لأن المصطلحات غير مضبوطة المعاني، وتحتمل المعنى ونقيضه، فليس بإمكان أحد أن يُـلزم أحداً شيئاً لأنه سيقول مباشرة : أنا لا أقصد هذا المعنى !! ويصح بذلك ما قاله ديكارت : "" .. يسمح لهم غموض المبادئ التي يستخدمونها بالحديث عن كل شيء بجرأة نادرة كما لو كانوا على علم تام بها، فإذا بهم يدافعون عن كل ما يقولونه بصددها ضد أمهر أعدائهم وأدقهم، دون أن يجد المرء وسيلة إلى إقناعهم "" ([142]) .

                    إن هذه صورة حقيقية لواقع العلمانيين العرب فتجدهم في مؤتمراتهم وندواتهم يتحدثون عن كل شيء، وتجد الواحد منهم وكأنه متخصص في كل شيء، فهو يجب أن يعقب على كل شيء، وليس من المهم أن يقول شيئاً، إنما المهم أن يقف ويتكلم ويلفت الأنظار إلى نفسه، أما ما يقوله فليس من الضروري أن يكون له معنى يلتزم به، فالمعنى مُرجَأ يتحدد بحسب ردود الفعل ، واللغة لا تعني شيئاً محدداً .

                    إن الغموض العلماني يتيح لهم قدراً كبيراً من المناورة والمراوغة، ولذلك كان الاستنجاد بالمنهج الغنوصي الرمزي لأنه يساعدهم على تشتيت الفكر، وخلط الحقائق . لقد عانى ديكارت كما يبدو من معاصريه كما نعاني اليوم من هؤلاء العبثيين الفوضويين الذين يقولون كل شيء، ولا يقولون شيئاً، وهو-كما يبدو– المأزق الذي يشير إليه برينتون عندما يتحدث عن المكابدة التي يعاني منها ممثلو عصر النهضة في ابتغاء كل ما هو فريد وعظيم ومتطرف، حتى برزت نزعة تسمى نزعة التأنق البلاغية المعروفة باسم euphnuism ونزعة الجونجورية - الأسلوب المتكلَّف ذو اللغة المعقدة والفكرة الغامضة - في مجال الأدب، فنتج عن ذلك أكداس من الحذلقة الثقافية والمعرفة الشاذة التي لا تدل على شيء ([143]).

                    وهو ما يعبر عنه فلوبير في خطاب أرسله إلى صديقه "لوي كوليه "عام 1852م "" إن ما يبدو جميلاً بالنسبة لي، ما أريد كتابته هو كتاب عن لا شيء، كتاب لا يعتمد على شيء، تتماسك أجزاؤه بقوة أسلوبه ... إن أفضل الأعمال هي التي تحتوي على أقل الموضوعات ""( [144]).

                    المطلب الثاني – المتاهة الغنوصية/ العلمانية اللانهائية :

                    إن التفكيكية التي ينطلق منها الخطاب الغربي ترفض الاعتراف بأي حقيقة للكون "" فكل حقيقة حاضرة "" ([145])، وتكرس مبدأ النسبية المطلقة في الفكر أولاً، معتمدة في ذلك على التلاعبات البلاغية النيتشوية بالألفاظ ( [146]). وهي في نزولها إلى اللغة تُنزِلُ معها نسبيتها وشكَّها الفلسفي، ولذلك كانت غاية دريدا تأسيس ممارسة فلسفية أكثر منها نقدية، يريد لفلسفته أن تتحدى أي ارتباط بمدلول نهائي وصريح، إنها لا تريد تحدي معنى النص فحسب، بل تطمح إلى تحدي ميتافيزيقا الحضور الوثيقة الصلة بمفهوم التأويل القائم على وجود مدلول نهائي .

                    والسبيل إلى ذلك هو فصل النص عن قصدية القائل لكي يكفَّ القراء عن التقيد بمقتضيات هذه القصدية الغائبة . والخلاصة أن اللغة تندرج عندئذ ضمن لعبة فلسفية متنوعة للدوال، فلا وجود لأي مدلول متعال، ولا ارتباط بين دال ومدلول، ولا يرتبط الدال بشكل مباشر بمدلول إلا ويعمل النص على تأجيله وإرجائه باستمرار، والانتقال إلى دال آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية بحيث لا يبقى إلا السلسلة الدالة المحكومة بمبدأ اللا متناهي . إنها "" المتـاهة اللا نهـائية الهرمسية "" ([147]) .

                    هـذه النسبية التي يحاول الخطاب العلماني دائماً أن يتذرع بضرورتها بسبب احتمالية اللغة، وبشريتها وتنوع المخاطبين، واختلاف عقولهم واتجاهاتهم وأفكارهم وميولهم، ليست في الحقيقة نابعة من اللغة، لأن اللغة في الغالب تحدد مرادها من خلال القرائن والسياق . إن النسبية المفروضة على اللغة هي نتاج لعصر الشك، ومجتمع الشك، إنه انفراط لعقد العالم فلسفياً قبل أن ينفرط لغوياً ([148]) . لقد نجحت التفكيكية في الهجوم والبعثرة والهدم نجاحاً ليس له نظير، ولكنها لم تقدم خياراً ذا قيمة ([149]) . وإذا كانت البنيوية فشلت في تحقيق المعنى، فإن التفكيكية نجحت في تحقيق اللامعنى ([150]) .

                    ولذلك كان جودسون مصيباً عندما قال معلقاً على مقال دريدا الذي اعتُبر بداية التفكيك "" إن بحث دريدا يُقنع القراء بأنهم لا يعرفون لغتهم، وأكثر من ذلك فكرهم، يجب أن تتم دراسة للغات النقد قبل أن يصبح لأي شيء نقوله حول الأدب معنى""( [151]) . ولكن جاك دريدا لا يبالي بذلك لأنه يعترف بأن التفكيك هو التخريب، ولكنه يعتبره تخريباً ضرورياً، لأنه ثورة على الفكر التقليدي ([152]) . ومن هنا لم يكن سورل مخطئاً حين قال عن دريدا بآ

                    أن "" لديه ميلاً مرضياً لقول أشياء خاطئة بشكل بديهي "" ([153]) .

                    والآن نحن كعرب ومسلمين لنا خصوصيتنا العقدية والثقافية، وأصالتنا الفكرية والحضارية فهل نحن مُلزمَون أو مضطرون إلى أن نتبنى لسانيات سوسير، أو بنيوية شتراوس أو تفكيكية دريدا ؟ لا يمكننا أن نقبل هذا التخريب الدريدي القائم على هدم المسلمات، والقفز فوق الثوابت، والانفلات من أي التزام، والتمرد على المحظورات ( [154]) .

                    وليس لنا أن نقبل الفوضى الدلالية القائمة على الرموز والعلامات، وفك الارتباط بين الكلام وقائله، من خلال التعويل على الرمز قبل الحقيقة، والباطن قبل الظاهر، وإن أمكن أن يُقبل هذا على مستوى الأدب والشعر والفن والإبداع، فإنه لن يُقبل باسم الفهم والتفسير والشرح، وإنما يمكن أن يُقبل على أنه إبداع متراكب وتجديد متراكم . ولكن أن يراد لهذه المناهج التخريبية - كما يعترف أهلها - أن تصبح قواعد لفهم أصولنا وقرآننا وتراثنا فإن هذا نوع من الخطل المعرفي الذي يجب علينا أن نترفع عنه .

                    إن الغاية من قراءتنا لكتاب الله عز وجل هي الفهم أولاً، والعمل ثانياً، والتعبد ثالثاً . أما في الأدب والفن فليس الفهم هو المهم، وإنما النقد والاكتشاف، أصبح المنهج والطريقة هما الغاية أما الفهم والتفسير بحد ذاته فليس مطلباً . إن الغاية هي إظهار القارئ لقدرته وبراعته في التعامل مع النص والعبث به ([155]) .

                    إن الواقع الثقافي العربي والإسلامي يرفض هذا الترف بل العبث الفكري، يرفض أن تنسحب مظلة الحداثة بمفاهيمها الغربية ومدارسها ومشاريعها وإفرازاتها النقدية على تفسير النصوص الدينية بالذات، لأن ذلك يعني في مفهوم البنيوية أو التفكيك القول باللانص، أو اللعب الحر للغة بمفهوم دريدا ([156]) .

                    المطلب الثالث – التناظر والعلامة والمواضعة الاجتماعية :

                    تستند العلمانية العربية في قراءتها للقرآن الكريم على أصلين هما : الغنوصية، والهرمينوطيقا ، وكلتاهما - كما رأينا - تقومان على العلامات والرموز، وتعتبران الرمز أو العلامة دلالة إيحائية يمكن أن تثير فيمن يتعامل معها علامات ودلالات أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية، وهي ما أسماها إمبرتو إيكو " المتاهة الهرمسية اللامتناهية " ([157]) .

                    ولكن العلامة تختلف في الفن عنها في الأعمال الأخرى، لأن العلامات في الفن يمكن أن لا تشير إلى شيءٍ محدد في الواقع بل تشير إلى مجموع الظروف التي يُراد التعبير عنها، فالذي يميز الفن عن اللافن هو نوعية المُشار إليه، فبينما تكون العلامات خارج الفن علامات عامة محددة بارتباطها بمُشار إليه بعينه، فإن العلامة في إطار الفن لا تخضع لمثل هذا التحديد، من هنا تأتي المرونة الدلالية في إطار الفن أو الشعر أو الأدب، وقابلية العلامة لأن تصلح للإشارة إلى أكثر من مشار إليه واحد ([158]) . معنى ذلك أن العمل الفني عمل مفتوح لا بد فيه من التأويل لأنه في أصله عمل يهدف إلى إثارة تأويل ([159]). أما النصوص الأخرى فليست دائماً كذلك، ولا يمكن اعتبارها دائماً مثيرة للتأويل، لأن للنص أبعاداً اجتماعية وثقافية ونفسية تحدد مراد النص، إن كتاباً مثل " كفاحي " لهتلر لا يمكن لأحد أن يُنكر أنه معاد للسامية، فهل يمكن للتفكيكية أن تثبت أن هتلر كان محباً للسامية ؟ ( [160]) .

                    وهذا ينفي المقولة التفكيكية والعلمانية القائلة بأن النصوص بُنى مأزقية غير قابلة للتصديق إطلاقاً، وينفي القول بأن اللغة نسبية بشكل مطلق، لأن تنوع النصوص وسياقاتها التاريخية والمعرفية ودلالاتها الحافّة وقرائنها المحدقة تجعل هذه المقولة خاطئة تماماً، فمن ذا الذي يمكنه القول إلا مكابراً إن القرآن الكريم يدعو إلى التثليث أو يعترف بالوثنية ؟! .

                    إن الاعتماد على قدرة العلامات والرموز على الإيحاء، والانتقال من حد إلى حد، وانتشار الإيحاءات بشكل توالدي أو سرطاني ([161]) لا يمكن أن يخضع لأية معايير تضبطه، وبالتالي فلا قيمة له، لأن ذلك خاص بكل شخص وما يكتنزه في ذاكرته أو خياله من مشابهات، وما يعقده في نفسه من تناظرات .

                    وعندما يُطلَق العنان لآليات التناظر فلا شيء يمكن أن يوقف هذه الآلية، فالصورة والمفهوم والحقيقة التي يتم الكشف عنها من خلال المماثلة تتحول هي الأخرى إلى علامة تحيل على تناظر جديد([162])، لأن أيَّ شيءٍ يمكن أن تكون له من زاوية ما علاقة تناظر أو تجاور أو مماثلة مع أي شيءٍ آخر ([163]) .

                    إن العلامة حتى يتم تمييزها كأي شيء يجب أن يكون لها شكل مميز ووظيفة مميزة تجعلها تختلف بشكل واضح عن العلامات الأخرى . فالقول بالعلامة الحرة التي تلعب إلى ما لا نهاية وبلا حدود ضد العلامات الأخرى يعني تخيُّل علامة ليس لها صفة محددة على الإطلاق، أي علامة ليس لها شكل أو وظيفة خاصة بها . إن هذا لا ينتج معنى أكثر ثراء كما يحلو للمدافعين عن هذا الموقف أن يعتقدوا، بل لا معنى على الإطلاق . إن علامة لا يمكن تحديدها بشيء معين لا تدل على شيء على الإطلاق . إن الغموض في العلامات يولِّد اختزالاً للمعنى وليس زيادته، والغموض الكامل واللاتحديد الكامل للتدليل هو النقطة التي نصل عندها إلى صفر الدلالة ([164]) .

                    وما يقوله دريدا من أن للعلامة الحق في أن تحدد قراءتها حتى ولو ضاعت اللحظة التي أنتجتها إلى الأبد، أو جَهلت ما يود كاتبها قوله ([165]) فهو كلام فارغ أقل من أن يُلتفتَ إليه، لأن المجموعة البشرية عندما تتفق على تأويل ما فإنها تنتج مدلولاً، إن لم يكن موضوعياً فهو مُفضَّل على أي تأويل آخر يفتقر إلى إجماع أو تواطؤ مجموعة بشرية ( [166]).

                    بعبارة أخرى : إن إجماع أهل الاختصاص والخبراء هو الذي يُثبِّت للكلمة و للعلامة معناها الحقيقي ويذود عنها المعاني الطفيلية، وكون الكلمة أو الرمز أو العلامة توحي بمعاني أخرى، أو تستدعي في ذهن قارئها أشياء أخرى لا يعني أنها تفقد دلالتها الحقيقية الأولى، فكون الأم تذكر بالابن أو العكس لا يعني أن الأم لا تعني الأم، إن ما تدل عليه كلمة الأم هو الأم وحدها، وكون الشيء بالشيء يُذكر لا يعني أنهما شيءٌ واحدٌ ([167]) .

                    إن الدلالة لابد أن تستند إلى صبغة مؤسسية اجتماعية، بمعنى أنها لا توجد إلا في مجتمع يستعملها . إن الاتفاق والتواطؤ الاجتماعي هو الذي يعطي الدلالات معانيها ([168])، ومن هنا "" فالمس بمقدسات اللسان عبر إعادة توزيع مقولاته النحوية، وتغيير قوانينه الدلالية يعني أيضاً المس بالمقدسات الاجتماعية والتاريخية "" ([169]) .



                    المطلب الرابع – التناظر والانتقال المزيف :

                    لقد أعدنا مراراً الحديث عن مفهوم العلامة والرمز والتناظر لأنه مدخل أساسي يعتمد عليه الخطاب العلماني في قراءة النصوص والتراثات البشرية عموماً، وهو الجسر الذي يتواصل من خلاله العلمانيون والغنوصيون وقد تجلى ذلك بشكل خاص في البحوث التأويلية والأسطورية التي اشتغل عليها الخطاب العلماني .

                    إن كل الأوهام والتهوسات التي تفوه بها القمني ([170]) والربيعو ([171]) وأركون وغيرهم من ربط بين الإسلام من جهة والأساطير والوثنيات القديمة من جهة ثانية قائم على هذه الآلية الهرمسية الغنوصية آلية التناظر المطلق والتماثل العبثي، فمثلاً إن إعادة هبل إلى بعل، ومكة إلى مقة، وإساف إلى يوسف، وقيس إلى أربكسد أو كاسي، والفلسطينيين إلى السلفات، والكروبيم إلى البراق ..الخ هو من هذا القبيل التناظري الهوسي الذي لا يستند إلا على إرادة التحريف وإرادة التقويل التي يتمتع بها الباحث ([172]) .

                    إن هذا التناظر الذي يتحدث عنه القمني وغيره من الأسطوريين يستند إلى مبدأ هرمسي يسميه إمبرتو إيكو "" مبدأ الانتقال المزيف "" ووفق هذا المبدأ فإن أي تشابه بين أي شيئين يمكن أن يتم الانتقال منه إلى علاقة أخرى، ومن ذلك أنه اكتُشف ذات يوم أن النبتة التي تحمل اسم السحلبية لها بصلتان كرويتان تشبهان الخصيتين، وانطلاقاً من هذه المماثلة الشكلية " المورفولوجية " تم الانتقال إلى المماثلة الوظيفية فأشاع الغنوصيون أن السحلبية لها مفعول سحري على الجهاز التناسلي .

                    إلا أن الأمر لم يكن كذلك فقد شرح بيكون هذا الأمر، فامتلاك السحلبية لبصلتين آتٍ من كون بصلة جديدة تنمو كل سنة بجانب البصلة الأولى، وبينما تكبر البصلة الأولى فإن البصلة الثانية تضمحل، وهكذا يمكن للبصلتين أن تكونا شبيهتان بالخصيتين، إلا أنه لا صلة لهما بالخصوبة الجنسية، وبما أن القرابة يجب أن تكون من طبيعة وظيفية وليست شكلية، فإن التناظر في هذه الحالة سيسقط من تلقاء نفسه، وهكذا فالعلاقة الشكلية لا يمكن أن تكون شاهداً على علاقة من نوع وظيفي ([173]) .

                    هذا الانتقال الغنوصي المزيَّف هو الذي يمارسه القمني وثلة الأسطوريين في كل دراساتهم، ومعلوم أنه لا يوجد شيئان إلا ويمكن أن يتشابها من زاوية من الزوايا إما من حيث السلوك أو من حيث الشكل، أو من حيث الزمن، أو السياق، أو الوظيفة، فالأساس في التناظر الغنوصي هو شكل القرابة وليس الدليل أو المقياس عليها، وإذا أُطلق العنان لآلية التناظر العبثي بهذا الشكل فلا شيء يمكن أن يوقفها، فالصور والمفاهيم والحقائق التي يتم الكشف عنها من خلال المماثلة تتحول هي الأخرى إلى علامات تحيل إلى تناظر جديد، وهكذا إلى ما لا نهاية . مرة أخرى إنها "" المتاهة الهرمسية "" ([174]) .

                    [align=center]الخاتمة [/align]

                    في نهاية هذا البحث لعلنا نستطيع أن نؤكد على النتائج الآتية :

                    · إن نظام اللغة وبالتحديد [ التأويل المنفلت ] هو المبدأ الأساسي الذي تلتقي فيه كلٌّ من الغنوصية والعلمانية، فالأصل في الكلام لديهم أنه رموز وإشارات وإيحاءات تخفي عكس ما تبديه، وتضمر خلاف ما تظهره . فكلتا الطائفتين تعوِّل على التأويل وتَعدُّه الأساس في فهم الكلام .

                    · وإذا كان الغنوصيون يفهمون النصوص دائماً على أساس أن لها ظاهراً وباطناً فكذلك العلمانيون، ولكن الاختلاف في المصطلحات فقط، فالظاهر عند الغنوصيين هو المعنى عند العلمانيين، أو الجسد، أو البنية أو الشكل، أو القالب حسبما يخطر في بال أحدهم أن يعبر، بينما الباطن عند أولئك يساوي المغزى عند هؤلاء أو الروح، أو المقصد، وفي كلا المنهجين يتم تجاوز سياق النص العام والخاص وسباقه وقرائنه ليصل القارئ إلى مراده من النص، وليس إلى مراد النص منه .

                    · وإذا كانت المقدمات متساوية فالنتائج كذلك في الغالب، وهو ما نلاحظه في مآل المنهج الغنوصي / العلماني حيث اتجه الفريقان إلى تأويل العقائد الإسلامية والمعجزات والغيبيات والقصص القرآني تأويلاً يلغي حقائقها، وأصبح القرآن الكريم مجموعة طلاسم وألغاز لا يفهمها إلا أهل الغنوص وأهل العلمنة .

                    · وبالتأكيد فإن هذا التماهي المنهجي التنظيري بين الفريقين والمؤيَّد بجسور عملية تطبيقية اتخذ بُعداً تحالفياً مدعوماً بأعماق شعورية تضامنية مناهضة لسلفية أو سنية أهل السنة والجماعة، هذه الفئة التي عُدَّت لدى الفريقين الغنوصي / العلماني فئة اتباعية سلطوية تكرس الجهل والتخلف والظلم والاستبداد، ولا بد من الخلاص منها – بنظرهم – عن طريق ثورة ثقافية تنويرية تتمثل بدين العقل .

                    · وقد اتخذت الرغبة الجامحة لدى الفريقين للتخلص من الفهم السلفي أو السني للقرآن الكريم مسلكاً واحداً هو التلفيق المنهجي، والتنميق الخطابي عبر التجوال المتواصل بين فلسفات وخطابات مختلفة شرقية وغربية وانتقاء ما يمكن إسقاطه على نصوص القرآن الكريم من مفاهيم إن لم تلغ المفاهيم السلفية المستقرة فإنها على الأقل سوف تشوش عليها .

                    وكانت من أبرز هذه المحاولات هي الطعن في مفهوم التخاطب، وتمييع وظيفة اللغة، ورفض فكرة الحقيقة والظاهر، والسعي المستمر إلى تشتيت المعنى إلى درجة تأصُّل اللامعنى، وتمزيق جسد النص إلى أشلاء متناثرة، وبعثرة المصطلحات، وخلط المفاهيم، حتى يصبح من الممكن استخدام أي شيء لأي شيء، وبهذا الشكل فإن حقيقة النص تضيع في وسط الركام، ومقاصده تندثر وراء الأشلاء، وتصبح كلمات النص ومفرداته أشبه بأحجار الشطرنج كلما كان اللاعب ماهراً كلما كان قادراً على تحقيق الفوز .

                    وهكذا فقد استند الفريقان في هذه اللعبة على قوانين غير ملائمة لبنية النص، ولا مراعية لوظيفته ومهمته، لأنها مستقاة من أصول مختلفة، والقرآن الكريم يلفظها كما يلفظ الجسدُ المعافى عبر مناعته الذاتية الجرثومةَ الغريبة إذا ما أرادت أن تتسلل إلى بنيته .

                    إنه لمن المؤلم جداً أن نلاحظ الإصرار لدى الحلف العلماني / الغنوصي على جرنا إلى متاهة مظلمة مجهولة باسم التنوير والتحرير في الوقت الذي نرى فيه أمامنا طريقاً مُعبَّداً مُنوَّراً يحتاج منا فقط أن نحثّ الخُطا فيه .

                    وأخيراً : لا بد أن ألفت النظر إلى أن هذه الدراسة هي دعوة لمتابعة البحث في هذه الزاوية فهناك أبعاد أعمق يمكن اكتشافها، وآفاق أوسع يمكن ارتيادها، وليس هذا المقال إلا نواة لاكتناه الحقل الرمزي والغموضي بشكل عام، والبحث عن الصلات المجدولة بين التيارات الرمزية المختلفة كالأفلوطينية والقبالة اليهودية وأوجه التأثير والتأثر بينها وبين الفكر الإسلامي من جهة وبينها وبين الخطاب العلماني من جهة أخرى .
                    [align=center]وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
                    والحمد لله رب العالمين [/align]



                    --------------------------------------------------------------------------------

                    ([1]) للتواصل مع الباحث : ahmad_altan@maktoob.com جامعة دمشق – كلية الشريعة .

                    ([2])الهرمسية لفظة أطلقت في الأصل على الكيمياء السحرية لاعتقاد اليونان أن هرمس هو مبدع هذا العلم الخاص بنخبة قليلة من نوابغ الفلاسفة ، ومن هنا اتسع مدلول الكلمة فشمل كل علم أو فن لا يدرك سره إلا الموهوبون من البشر . وأم أدبيا : فقد تضمنت الكلمة معنى الإغلاق والإبهام والغموض وفرضت على القارئ التآلف القسري مع عالم خفي من الصور والأفكار ، عالم سحري يحتفظ الأديب بسره . انظر : جبور عبد النور " المعجم الأدبي " ط 1 / 1979 دار العلم للملايين ص 286 . وانظر : د. كميل الحاج " الموسوعة الميسرة في الفكر الفلسفي والاجتماعي " مكتبة لبنان ناشرون \ ط 1 / 2000 م ص 630 .

                    ملاحظة : الهرمسية والغنوصية تتماهيان في مبادئ جوهرية هي : النخبوية أي أن علومهما خاصة بنخبة متميزة من البشر والغموضية : أي أنهما تعولان كثيراً على الحدس والرموز والأسرار .

                    [3] الأفلوطينية نسبة إلى أفلوطين 205 – 270 م وهو فيلسوف مثالي ولد في مصر وعاش في روما وقد ضاعفت تعاليمه من نزعة التصوف في فلسفة أفلاطون ، وعنده عملية تطور العالم تبدأ من الإلهي الذي لا يمكن الإحاطة به والتعبير عنه وموضوع الحياة الإنسانية عند أفلوطين هو الصعود إلى الواحد ويمكن تحقيق هذا بنظره بتقييد الميول الجسدية وترقية الميول الروحية وقد كان لفلسفته دوراً كبيراً في تطوير الفكر الصوفي الجدلي . انظر : " الموسوعة الفلسفية " بإشراف روزنتال – يودين – ترجمة سمير كرم – دار الطليعة –بيروت ط2 / 1980 ص 42 .

                    ([4]) الغنوصية شيعة دينية فلسفية متعددة الصور ، واللفظ اليوناني " غنوسيس " يعني معرفة ، فمبدؤها أن العرفان الحق ليس العلم بوساطة المعاني المجردة والاستدلال كالفلسفة ، وإنما هو العرفان الحدسي التجريبي الحاصل عن اتحاد العارف بالمعروف ، وأما غايتها فهي الوصول إلى عرفان الله على هذا النحو بكل ما في النفس من قوة حدس وعاطفة وخيال ، وتعد مريديها بكشف الأسرار الإلهية وتحقيق النجاة . وأصول هذا المذهب أفلاطونية ، لأن أصحابه أفلاطونيون في جملتهم انظر : يوسف كرم " تاريخ الفلسفة اليونانية " مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر – القاهرة ط2 / 1946م / ص 244 ، 245 وانظر : الجابري " بنية العقل العربي " ص 258 المركز الثقافي العربي – بيروت – ط 2 / 1991والغنوصية هي التي يطلق عليها الجابري " العرفان " و " العرفانية " والغنوصية والهرمسية " نسبة إلى هرمس " المثلث بالحكمة " كما هو شائع في المؤلفات العربية الإسلامية انظر : الجابري " تكوين العقل العربي " ص 155 المركز الثقافي العربي – بيروت – ط 4 / 1991 ومبروكة الشريف جبريل " الخطاب النقدي في المشروع النهضوي العربي . العروي والجابري نموذجاً " رسالة دكتوراة مقدمة في شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس – جامعة محمد الخامس – كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الرباط – 1997 / ص 346 والغنـوصية والهرمسية تسيران في نفس الاتجـاه العرفاني انظر : الجابري السابق نفسه . وانظـر : إمبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ترجمة : سعيد بنكراد – المركز الثقافي العربي – بيروت ط 1 / 2000م ص 15 ، 37 .

                    ([5]) انظر : بول ريكور " من النص إلى الفعل " ترجمة : محمد برادة وحسان بورقية – عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية – القاهرة – ط 1 / 2001م / ص 85 .

                    ([6]) نقلاً عن خالد السعيداني " إشكالية القراءة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر . نتاج محمد أركون نموذجاً " بحث لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الحضارة الإسلامية – الجامعة التونسية – جامعة الزيتونة – المعهد الأعلى لأصول الدين 1998م / ص 64 يحيل إلى مصادر أجنبية . يميز بول ريكور بين الهرمينوطيقا العلمانية والهرمينوطيقا الدينية ، أو الهرمينوطيقا الفلسفية والهرمينوطيقا التوراتية الأولى تذهب من القطب الفلسفي إلى القطب التوراتي ، أما الثانية فهي هرمينوطيقا إقليمية مقارنة مع نظيرتها الفلسفية ، ويمكن اعتبار الهرمينوطيقا التوراتية أو الدينية تابعة للأولى ، وبذلك تكون هرمينوطيقا تطبيقية انظر : بول ريكور " من النص إلى الفعل " مصدر سابق ص 91 ، وله " إشكالية ثنائية المعنى " مقال في مجلة الهرمينوطيقا والتأويل تصدر عن ألف في الجامعة الأمـريكية بالقاهرة – ترجمة فريال جبوري غزول ص 137وهناك الهرمينوطيقا الرومانسية وهي هرمينوطيقا ديلتاي ومعارضي البنيوية انظر : ريكور " من النص إلى الفعل " ص 86 ويسميها البعض هرمينوطيقا عامة وأخرى مقدسة الأولى تضع قواعد عامة لتفسير أي نص ، والثانية تضع القواعد الخاصة لتفسير النصوص الدينية والكتب المقدسة وحدها . انظر : حسن حنفي " قراءة النص " ص 10 مقال ضمن مجلة " الهرمينوطيقا والتأويل " المشار إليها قبل قليل .

                    ([7]) انظر : أبو زيد . نصر حامد " إشكاليات القراءة وآليات التأويل " المركز الثقافي العربي – بيروت ط 4 – 1996 / ص 13 وانظر له : " الخطاب والتأويل " المركز الثقافي العربي – بيروت ط 1 – 2000م / ص 173 . وانظر : د . عبد الوهاب المسيري " موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية " دار الشروق – القاهرة – ط 1 – 1999م / مجلد 1 / ص 88 .

                    ([8]) شلاير ماخر فيلسوف ألماني ت: 1843 م يعد عند بعض الدارسين نقطة تحول في مجال الهرمينوطيقا وذلك بنقلها من الحقل الديني إلى الحقل الفلسفي والأدبي .

                    ([9]) انظر : خالد السعيداني " إشكالية القراءة " مصدر سابق ص 64 ويحيل إلى بعض المصادر الأجنبية وانظر : د. المسيري " موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية " مصدر سابق 1 / 88 .

                    ([10]) انظر : السابق ص 66 . وانظر : د. عبد الوهاب المسيري " موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية " مصدر سابق 1 / 88 .

                    ([11]) بول ريكور فيلسوف وعالم لسانيات فرنسي معاصر ولد سنة 1913 م ، اشتغل في حقل الاهتمام التأويلي ومن ثم بالاهتمام بالبنيوية، وهو امتداد لفريديناند دي سوسير. يعتبر ريكور رائد سؤال السرد. أشهر كتبه (نظرية التأويل - الخطاب وفائض المعنى - / من منشورات جامعة تكساس المسيحية عام 1976 ) . نقلاً عن هذا الرابط :

                    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%...83%D9%88%D8%B1

                    ([12]) انظر : بول ريكور " إشكالية ثنائية المعنى " مقال له ضمن الهرمينوطيقا والتأويل تصدر عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة ص 139 . alle-gorie أليغوري تعني : قول شيء عبر شيء مغاير .

                    ([13]) بولتمان، رودلف كارل (1884-1976)، كان لاهوتياً بروتستانتياً وعالم في العهد الجديد. تعلم في جامعة ماربرج، توبنجين، وبرلين، وشغل وظائف أكاديمية في العديد من الجامعات. ساعد بولتمان في تطوير مدرسة نقد الشكل، ومناهج دراسة الكتب المقدسة. أهم أعمال بولتمان تشمل: يسوع والعالم، يسوع المسيح وعلم الأساطير، المعرفة الروحية، والمسيحية البدائية في أوضاعها الحالية. نقلاً عن هذه الصفحة :

                    http://216.212.98.66/arabic/verdict/book/41.html

                    ([14]) وهي الطريقة نفسها التي يحاول الخطاب العلماني عموماً وأركون خصوصاً أن يطبقها على النص القرآني ، والأساطير المراد تحطيمها هي كل ما لا يقبله العقل العلماني من أمور الغيب .

                    ([15]) فرويد هو سيجموند فرويد 1856 – 1939 م طبيب وأخصائي أمراض عصبية وعقلية نمساوي ينظر إلى النشاط العقلي والتاريخي والاجتماعي على أنه نتاج للقوى النفسية اللاشعورية الجنسية . انظر الموسوعة الفلسفية بإشراف روزنتال – يودين - ترجمة سمير كرم ط2 / 1980 م – دار الطليعة – بيروت ص : 331 .

                    ([16]) كارل ماركس 1818 – 1883 م فيلسوف ألماني مؤسس الفلسفة الماركسية والاتجاه الشيوعي في العالم ، وصاحب نظريتي المادية الجدلية والمادية التاريخية . السابق نفسه .

                    ([17]) فريديريك نيتشه 1844 – 1900 م . فيلسوف ألماني مثالي ورائد للإيديولوجية الفاشية وأستاذ فقه اللغة في جامعة بال بسويسرا وقد سيطرت على نظريته العامة للعالم الكراهية، أهم أعماله : هكذا تكلم زرادشت – فيما وراء الخير والشر – إرادة القوة . السابق نفسه ص 553 .

                    ([18]) انظر : بول ريكور " إشكالية ثنائية المعنى " ص 139 ، 140 وانظر : له أيضاً " من النص إلى الفعل " ص 101 . وانظر : نصر حامد أبو زيد " إشكاليات القـراءة " ص 44 ، 45 . مصادر سبقت بياناتها .

                    ([19]) انظر : ريكور " إشكالية ثنائية المعنى " ص 141 . مصدر سابق .

                    ([20]) انظر : السابق ص 143 .

                    ([21]) انظر : السابق ص 146 .

                    ([22]) انظر : السابق ص 144

                    ([23]) انظر : السابق ص 145 .

                    ([24]) انظر : السابق ص 146 .

                    ([25]) انظر : بول ريكور : من النص إلى الفعل " ص 38 . سبقت بياناته .

                    ([26]) انظر : السابق نفسه .

                    ([27]) السابق ص 58 .

                    ([28]) السابق ص 160

                    ([29]) السابق ص 116 .

                    ([30]) الهوية الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق انظر : للجرجاني " التعريفات " حققه : إبراهيم الأبياري – دار الريان للتراث – القاهرة – د. ط و د. ت / ص 320 وللمناوي . محمد عبد الرؤوف " التوقيف على مهمات التعاريف " حققه : محمد رضوان داية – دار الفكر – دمشق – ط 1 – 1410 هـ / ص 744 وقال ابن حزم : "حد الهوية هو أن كل ما لم يكن غير الشيء فهو هو بعينه إذ ليس بين الهوية والغيرية وسيطة يعقلها أحد البتة فما خرج عن أحدهما دخل في الآخر . انظر : ابن حزم . علي بن أحمد " الفصل في الملل والأهواء والنحل " حققه : د. محمد إبراهيم نصر – عبد الرحمن عميرة – دار الجيل – بيروت د. ط و د. ت مجلد 2 / ص 107 . والهوية كمبدأ فلسفي تعبر عن ضرورة منطقية بعينها فهي تؤؤكد أن الموجود هو ذاته دوماً لا يلتبس به ما ليس منه فهو عين ذاته ، فالشخص هو هو مهما اعتراه من تغيرات . انظر : الموسوعة الميسرة في الفكر الفلسفي والاجتماعي مكتبة لبنان – ناشرون ط1 / 2000 م . ص : 642 .

                    ([31]) قانون منطقي لا تكون بمقتضاه القضيتان أ أو لا أ صادقتين في الوقت نفسه وقد جاءت الصياغة الأولى لمبدأ عدم التناقض على يد أرسطو ويمكن صياغة هذا القانون على النحو التالي : القضية أ لا يمكن أن تكون صادقة وكاذبة في نفس الوقت . انظر : الموسوعة الفلسفية بإشراف روزنتال – يودين – ترجمة سمير كرم ط2 / 1980 دار الطليعة – بيروت . ص : 372 .

                    ([32] ) قانون في المنطق بمقتضاه تكون قضية من بين قضيتين تنفي إحداهما ما تؤكده الأخرى صادقة بالضرورة . وكان أرسطو أول من صاغ هذا القانون والتعبير الرمزي له هو : أ أو لا أ وهكذا .. وبعبارة أخرى إما أن أ هي ب أو هي ليست ب ولا يوجد احتمال ثالث ، وغالباً ما يستخدم قانون الثالث المرفوع في عملية البرهان كقاعدة الأضداد مثلاً . انظر : الموسوعة الفلسفية بإشراف روزنتال – يودين – ترجمة سمير كرم ط2 / 1980 دار الطليعة – بيروت . ص : 370 .

                    ([33]) انظر : امبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 28 - 29 . سبقت بياناته .

                    ([34]) قارن هنا مع الهرمينوطيقا في السعي للوصول إلى ما لا يقوله النص من خلال ما يقوله وفكرة الفراغ وما بين السطور ، كما لا ننسى الوظيفة الأليغورية للغة عند بول ريكور " قول شيء من خلال قول شيءٍ آخر " كذلك التركيز الفرويدي الهرمينوطيقي على الأحلام والنفس الأمارة . كل ذلك يعتبر وشائج تواصل بين الهرمينوطيقا والغنوصية .

                    ([35]) انظر : السابق ص 31 .

                    ([36]) انظر : امبرتو إيكو "السابق " ص 32 .

                    ([37]) انظر : السابق ص 33 .

                    ([38]) انظر : السابق ص 33 .

                    ([39]) امبرتو إيكو : روائي، سيميائي، لغوي، إيطالي ولد عام 1932 م في بيمونت، لم يكف عن اطفاء شارته الحمراء، فارضاً نفسه كسيد السيميوطيقا بلا منازع، والنجاح الروائي لروايات، مثل: (اسم الوردة) - أكثر من عشر ملايين نسخة - لم يبعده عنها. من رواياته " بندول فوكو" و " جزيرة اليوم السابق" و " بودولينو" . من نصوصه النقدية: - النص المفتوح - السيميوطيقا وفلسفة اللغة - وحدود التأويل . المصدر :

                    http://www.halfmoon-sa.com/forum/printthread.php?t=4379

                    ([40]) انظر : السابق ص 42 .

                    ([41]) انظر : السابق ص 37 .

                    ([42]) انظر : الجابري " بنية العقل العربي " ص 297 ، 322 وانظر : مبروكة الشريف " الخطاب النقدي .. " ص 367 . مصادر سابقة .

                    ([43]) انظر : إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 55 . مصادر سابقة .

                    ([44]) انظر : السابق ص 118 - 119 .

                    ([45]) انظر : السابق ص 121 .

                    ([46]) انظر : السابق ص 57 .

                    ([47]) انظر : السابق ص 123 .

                    ([48]) انظر : عارف تامر " مقدمته لكتاب أساس التأويل " ص 15 للقاضي النعمان بن حيوة المغربي – قاضي قضاة الدولة الفاطمية ت : 363 هـ تحقيق وتقديم : عارف تامر – دار الثقافة – بيروت – لبنان ، د ، ط / د ، ت.

                    ([49]) مقدمة عارف تامر " السابق بياناته " ص 16 .

                    ([50]) كما رأينا سابقاً عند نصر حامد وتيزيني وغيرهم .

                    ([51]) مقدمة عارف تامر " السابق " ص 17 . مصدر سابق

                    ([52]) انظر :محمود محمد عبد الحميد " مذهب التأويل عند الشيعة الباطنية " ص 163 رسالة دكتوراة – دار العلوم رقم 866.

                    وانظر : أيو طالب حسنين . السيد علي " التأويل في مصر في الفكر المعاصر " رسالة دكتوراه- قسم العقيدة والفلسفة – كلية أصول الدين – جامعة الأزهر / ص 91 وينقل القاضي عبد الجبار عن الباطنية " فقالوا : إن القرآن له ظاهر وباطن " تنـزيل وتأويل " عبد الجبار . القاضي عماد الدين أبي الحسن بن أحمد " المغني في أبواب التوحيد والعدل " تحقيق نخبة من العلماء – مراجعة د. إبراهيم مدكور _ إشراف : طه حسين – المدرسة المصرية العامة للتأليف والنشر – الدار المصرية للتأليف والترجمة – القاهرة 1960 - مجلد 16 / ص 363 - 366 .

                    ([53]) انظر : د . صابر طعيمة " العقائد الباطنية " ص 12 ينقل عن مخطوطة لجعفر بن منصور بعنوان " الشواهد والعيان " الخزانة التيموريية عقائد ص 184 وجعفر بن منصور أحد الباطنية وانظر : السيد علي أبو طالب حسنين " التأويل في مصر في الفكر المعاصر " ص 90 . مصدر سابق

                    ([54]) سورة مريم آية 43 .

                    ([55]) انظر : القاضي النعمان بن حيون " أساس التأويل " تحقيق وتقديم : عارف تامر – دار الثقافة – بيروت د. ط د. ت / ص 118 .

                    ([56]) سورة هود آية 40 .

                    ([57]) انظر : القاضي النعمان بن حيون " السابق " ص 83 والأساس هو إمام الزمان .

                    ([58]) سورة هود آية 43 .

                    ([59]) انظر : السابق ص 84 .

                    ([60]) سورة هود آية 43 .

                    ([61]) انظر : السابق ص 85 .

                    ([62]) سورة هود آية 44 .

                    ([63]) انظر : السابق ص 85 .

                    ([64]) ابن حيون أو ابن حيوة (340 - 389 هـ = 951 - 999 م) محمد بن النعمان بن محمد القيرواني الافريقى، أبو عبد الله، المعروف بابن حيون: قاضى مصر، وأحد كبار العلماء من أنصار مذهب الفاطميين. له اطلاع على الادب والتاريخ . ولد ونشأ في القيروان، وقدم القاهرة فولي قضاءها (سنة 374 هـ ) وخلع عليه . الأعلام للزركلي - (ج 7 / ص 126) .

                    ([65]) انظر : السابق ص 60 .

                    ([66]) سورة العنكبوت آية 14 .

                    ([67]) انظر : السابق ص 87 .

                    ([68]) انظر : السابق ص 316 .

                    ([69]) انظر : السابق ص 28 .

                    ([70]) نصر حامد أبو زيد باحث مصري من مواليد 1943 م كان أستاذا في كلية الآداب جامعة القاهرة فأثارت بعض كتاباته ردود أفعال في الأوساط الإسلامية فحوكم ونفي من مصر واحتضنته الجامعات الأوربية . من كتبه : الاتجاه العقلي في التفسير- فلسفة التأويل - مفهوم النص دراسة في علوم القرآن – نقد الخطاب الديني – هكذا تكلم ابن عربي – الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجية العربية وغيرها .

                    ([71]) علي حرب " نقد النص " ص 15 .

                    ([72]) النعمان بن حيوة " اساس التأويل " ص 28 . سبقت بياناته .

                    ([73]) علي حرب " نقد النص "ص 24 .

                    ([74]) محمد بن الحسن الديلمي " بيان مذهب الباطنية " ص 21 تحقيق د . شدو طمان . ط1 / 1938 م وانظر : أبو طالب حسنين "التأويل في مصر " ص 91 . مصدر سابق .

                    ([75]) رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء 4 / 138 طبعة تراث العرب – بيروت 1957 .

                    ([76]) سورة النساء آية 83 .

                    ([77]) المؤيد في الدين " سيرة المؤيد " ص 16 تحقيق د . محمد كامل حسين دار الكتاب المصري 1949 .

                    ([78]) علي حرب " نقد النص " ص 20 .

                    ([79]) انظر : للداعي الفاطمي طاهر بن ابراهيم الحارثي اليماني " الأنوار اللطيفة " ص 79 " الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر سنة 1970 م نقلاً عن التأويل في مصر " ص 93 . مصدر سابق .

                    ([80]) السابق نفسه .

                    ([81]) السابق ص 80 .

                    ([82]) القاضي النعمان " أساس التأويل " ص 37 . مصدر سابق .

                    ([83]) انظر : إبراهيم بن الحسين الحامدي " كنز الولد " ص 13 ، 14 المعهد الألماني للأبحاث الشرعية – تحقيق مصطفى غالب – بيروت 1971 م نقلاً عن د ، محمد أحمد الخطيب " الحركات الباطنية في العالم الإسلامي " ص 85 – مكتبة الأقصى – عمان الأردن – عالم الكتب – الرياض ط 2 / 1406 هـ 1986 م

                    ([84]) أحمد حميد الدين الكرماني ت بعد سنة 411 هـ " راحة العقل " ص 375 - 376 تحقيق د . محمد كامل حسين و د . محمد مصطفى حلمي – دار الفكر العربي – القاهرة د . ت / د . ط . ولكن كيف يفهم قول الله "" الله لا إله إلا هوالحي القيوم "" . سورة البقرة آية 255 .

                    ([85]) انظر : د. حسن حنفي " من العقيدة إلى الثورة " دار مدبولي – القاهرة د. ط و د. ت / مجلد 1 / ص 85 .

                    ([86]) انظر : د . محمد أحمد الخطيب " الحركات الباطنية في العالم الإسلامي " مكتبة الأقصى – عمان ، الأردن و عالم الكتب – الرياض ط 2 – 1986 / ص 88 .

                    ([87]) أركون . محمد " قضايا في نقد العقل الديني " ترجمة هاشم صالح – دار الطليعة والنشر – بيروت ط1 – 1998 / ص 277 .

                    ([88]) أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 282 . سبقت بياناته .

                    ([89]) السابق ص 276 .

                    ([90]) أركون " السابق " ص 282 لعلنا نتذكر هنا ما قاله سبينوزا في الوحي : يختلف الوحي عند الأنبياء تبعاً لمزاجهم وبيآتهم وأحوالهم فالنبي الفرح توحي إليه الحواث : السلام والانتصارات ، والنبي الحزين يوحى إليه الشرور والهزائم والأحزان انظر : باروخ سبينوزا " رسالة في اللاهوت والسياسة " ترجمة وتقديم : حسن حنفي – مراجعة : فؤاد زكريا – الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر د.ط و د.ت / ص 150 ، 151 .

                    ([91]) انظر : حسن حنفي " التراث والتجديد " طبعة الإنجلو المصرية ط3 القاهرة – 1987 / ص 96 .وحسن حنفي يعلق على كلامه هذا بأنه مجرد صور أدبية مجازية ولا يوجد عاقل يقول هذا حقيقة بنظره . وحسن حنفي هو أستاذ في جامعة القاهرة وكتبه تحتوي على كلام لا يمكن صدوره ممن ينتمي إلى الإسلام وهو يعد نفسه صاحب مشروع تجديدي إسلامي وأبرز مؤلفاته : من العقيدة إلى الثورة – التراث والتجديد . وكتبه عبارة عن تلفيقات من الفلسفة الأوربية " فيورباخ ، شلنج ، سبينوزا " قام بإلباسها بعض الأشكال الإسلامية .

                    ([92]) الكرماني . أحمد حميد الدين " راحة العقل " تحقيق د. محمد كامل حسين و د. محمد مصطفى حلمي – دار الفكر العربي – القاهرة د. ت و د.ط / ص 375 ، 376 .

                    ([93]) أبو يعقوب إسحق السجستاني " الينابيع " ص 135 تحقيق مصطفى غالب – بيروت 1965 م نقلاً عن د : محمد أحمد الخطيب " الحركات الباطنية في العالم الإسلامي " ص 116 . مصدر سابق .

                    ([94]) علي بن محمد الوليد " تاج العقائد ومعدن الفوائد " ص 165 - 166 ، تحقيق عارف تامر – دار الشرق – بيروت 1967 نقلاً عن د ، محمد أحمد الخطيب " الحركات الباطنية في العالم الإسلامي " ص 116 . مصدر سابق .

                    ([95]) انظر : الكرماني " راحة العقل " ص 367 وانظر : أبو طالب حسنين " التأويل في مصر " ص 98 . مصادر سابقة .

                    ([96]) انظر : القاضي النعمان بن حيون "تأويل الدعائم " تحقيق آصف بن علي أصغر فيضي – دار المعارف بمصر – 1963 – د. ط / ص 301 .

                    ([97]) انظر : القاضي النعمان " أساس التأويل " ص 35 . سبقت بياناته .

                    ([98]) انظر : السابق ص 92 .

                    ([99]) انظر : السابق ص 102 .

                    ([100]) انظر : السابق ص 304 .

                    ([101]) كما قال خلف الله راجع المدخل الأسطوري في الباب الثاني ، وكما يقول حسن حنفي انظر : "من العقيدة إلى الثورة " 4 / 167 – 169 ، 600 حين يعتبر معجزة شق القمر "" عملية تخييل وخلق فني "" . مصدر سابق .

                    ([102]) محمد أحمد خلف الله هو تلميذ الأستاذ أمين الخولي وصاحب رسالة " الفن القصصي في القرآن الكريم " التي أثارت ردود أفعال شديدة في الأوساط الإسلامية في الخمسينات من القرن العشرين وقد تابع فيها المستشرقين في قولهم إن القرآن الكريم يحتوي على أساطير .

                    ([103]) انظر : محمد أحمد خلف الله " الفن القصصي في القرآن " مكتبة الإنجلو المصرية – القاهرة ط3 – 1965 / ص 56 ، 57 ، 254.

                    ([104]) محمد أركون باحث فرنسي من أصل جزائري ومقيم في فرنسا . الفكرة الأساسية التي تدور حولها مؤلفاته هي تورخة القرآن الكريم وتورخة الفكر الإسلامي عموماً والتشكيك في ثبوت القرآن ومصداقيته والعمل على تحريفه عبر مزاعم التأويل . من أبرز مؤلفاته : تاريخية الفكر العربي والإسلامي – الفكر الإسلامي : قراءة علمية – الفكر الأصولي واستحالة التأصيل – المسكوت عنه في الفكر الإسلامي وغيرها.

                    ([105]) انظر : أركون " قراءات في القرآن " النسخة الفرنسية ص 12 نقلاً عن عبد الرزاق هوماس " القراءة الجديدة " ص 65 .

                    ([106]) انظر : نصر حامد أبو زيد " النص السلطة الحقيقة " المركز الثقافي العربي – بيروت – ط1 – 1995 / ص 134 .

                    ([107]) انظر : حسن حنفي "من العقيدة إلى الثورة " 4 / 167 - 169 ، 600 . مصدر سابق .

                    ([108]) انظر : نصر حامد أبو زيد " نقد الخطاب الديني " مكتبة مدبولي – القاهرة – ط3 – 1995م / ص 189 .

                    ([109]) سورة آل عمران آية 59 .

                    ([110]) انظر : سيد محمود القمني " الأسطورة والتراث " المركز المصري لبحوث الحضارة - القاهرة ط 2 – 1999 م / ص 114 وانظر أيضاً في الإفصاح عن هذه الزندقة فالح مهدي " البحث عن منقذ " ص 150 ، 156 – دار ابن رشد – بيروت – 1981 وتركي علي الربيعو " العنف والمقدس والجنس " المركز الثقافي العربي – بيروت ط2 – 1995م / ص 179 ، 180 .

                    ([111]) عارف تامر " أربع رسائل إسماعيلية . الرسالة الرابعة : الدستور ودعوة المؤمنين للطيبي " ص 70 – 71 – تحقيق عارف تامر – منشورات –دار مكتبة الحياة بيروت 1978 .

                    ([112]) نهاية الأرب للنويري – مخطوط ج 23 / 338 - 344 نقلاً عن د . محمد أحمد الخطيب " الحركات الباطنية " ص 124 ، 125 . مصدر سابق .

                    ([113]) كما ينقل عبد الرزاق هوماس هوماس عن أركون انظر " القراءة الجديدة في ضوء ضوابط التفسير " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا – جامعة محمد الخامس – كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الرباط - إشراف د. فاروق حمادة - 1988 م / ص 169 .

                    ([114]) انظر : عبد الهادي عبد الرحمن " سلطة النص " المركز الثقافي العربي – بيروت – ط1 – 1993 / ص 110 ، 111 .

                    ([115]) انظر :الصادق النيهوم " صوت الناس . محنة ثقافة مزورة " رياض الريس للكتب والنشر – لندن وبيروت – د. ط – 1987 م / ص 127 ، 134 .

                    ([116]) انظر : محمد محمود طه " الرسالة الثانية " أم درمان – السودان ط1 – 1971 م / ص 155 ، 164 .

                    ([117]) انظر : أركون " مجلة الكرمل " 1 / 23 عدد 34 – 1989 . مصدر سابق .

                    ([118]) أبو حامد الغزالي " فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة " ص 17 طبعة القاهرة 1907 م .

                    ([119]) أبو حامد الغزالي " فضائح الباطنية " ص 93 دار البشير – عمان ، الأردن ط1 1413 هـ 1993 م .

                    ([120]) لا بد أن أشير هنا إلى أنني لا أتبنى موقفاً سلبياً من هؤلاء المتصوفة والفلاسفة المذكورين وإنما ألفت النظر هنا إلى التوظيف المغرض من قبل الخطاب العلماني للجوانب الغنوصية والباطنية التي نقلت عن هؤلاء الأشخاص سواء أكانت حقاً أم باطلاً وهو كما حصل عندما وُظِّف الفكر الرشدي في الغرب توظيفاً فكرانياً .

                    ([121])درس نصر حامد أبو زيد ابن عربي واعتنى بفلسفته عناية فائقة وأبرزه على أنه فيلسوف الإسلام وأصدر مؤخراً كتاباً بعنوان " هكذا تكلم ابن عربي " يترسم بذلك خطا نيتشه في مؤلفه " هكذا تكلم زرادشت " ، وكذلك علي حرب يتعاطف مع ابن عربي ضد الجابري الذي صنفه في الاتجاه العرفاني اللا عقلاني ويعتبره علي حرب فيلسوفاً عقلانياً عقلانية مدهشة إذا ما نظرنا إليه بعين هيدغر ، وهيغل ، وهو أقرب إلى الفكر المعاصر انظر : علي حرب " نقد النص " المركز الثقافي العربي – بيروت ط1 – 1993 م / ص 120 بل إنه يعتبر ابن عربي مصيباً في زعمه بأنه يفهم القرآن أفضل من الصحابة ، ويعتبر محاولاته التأويلية إطلالة على الفهم الحديث انظر : علي حرب " نقد النص " ص 106 ويشيد أيضاً بالشيرازي لأنه بنظره كان منفتحاً على أنطولوجيا هيدغر وأفق الحداثة انظر : علي حرب السابق ص 92 . ومن الواضح هنا أننا لسنا بحاجة إلى التنبيه إلى أن المعيار الذي تقاس به الأفكار هو هيدغر وطائفته ، وأفق الحداثة والمعاصرة ، إنها الهرمينوطيقا الغنوصية التي قرأنا أسسها وعرفنا مراميها ومقاصدها .

                    أما أركون فقد تبنى فكر التوحيدي وقال :"" أبو حيان التوحيدي هو أخي التوأم ، هو أخي الروحي ، أخي في الفكر إني أحبه ، أحب هذا الإنسان ، أحبه كشخص لأني أجد فيه صفتين من صفاتي الشخصية نزعة التمرد الفكري ، أي رفض كل قسر أو إكراه يمارس على العقل أو الفكر ، ثم رفض كل فصل أو انفصام بين الفكر والسلوك أو بين العمل الفكري والمسار الأخلاقي ، لقد عبر التوحيدي عن ذلك بطريقة رائعة وبأسلوب جذاب "" مجلة الكرمل العدد 34 ص 22 – 32 نقلاً عن خالد السعيداني " إشكالية القراءة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر " مصدر سابق ص 33 . ويضيف أركون : "" بالطبع ثمن التمرد غال ، وينبغي أن يُدفع من وقت لآخر وإلا ماتت الحركة الثقافية ، ونامت الحضارات ، وهكذا ترى أني قد سميت لك في نهاية المطاف اسم شخص أثر علي [ يقصد التوحيدي ] ليس كعلم ، كمعلومات ، وإنما كنموذج وقدوة ، وشاءت الصدفة أن يكون عربياً مسلماً ، بل ومسلماً كبيراً ، وكل ذلك قوى علاقتي به أكثر ... إنه اضطهد في حياته ، وعانى مثلما عانيت أنا ... أقصد انه عانى من سوء فهم معاصريه له ، أو من عدم فهمهم لفكره ، فقد هاجموه وطعنوا في شخصه ، واتهموه في عقيدته ، وأراهن على أنهم لم يفهموه "" مجلة الكرمل عدد 34 ص 23 / 1989 نقلاً عن خالد السعيداني " إشكالية القراءة " ص 34 ويضيف أركون أيضاً : "" وقد ألف[ التوحيدي ] كتاباً تعرض بسببه للهجوم الشديد وهو " الحج العقلي إذا ضاق الفضاء إلى الحج الشرعي " وقد ذكره ياقوت الحموي ، ولكنه ضاع ولم يصل إلينا لأن الفقهاء والأرثوذكسية الإسلامية اعتبروا ذلك بمثابة الهرطقة المطلقة ، أما أنا فأرى هذا الكتاب يعبر عن الغنى الفكري والروحي لرجل فهم باطن النص المقدس " القرآن " ثم عرف كيف يعبر في الوقت ذاته بلغة الظاهر ، أقصد بلغة مناسبة ومطابقة تماماً للمعنى المقصود "" مجلة الكرمل عدد 34 ص 23 / 1989 السعيداني ص 37 . واهتم نصر حامد أبو زيد بابن عربي وبالذات تناول قضية التأويل عنده ، هذه القضية التي تعتبر هي سر اللقاء بين العلمانيين والغنوصيين في كتابه " فلسفة التأويل . دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي " المركز الثقافي العربي . واهتم حسن حنفي بالسهر وردي وأخذ منه مع التلفيق مع هوسرل القول بالوحي الشعوري أو المنهج الشعوري ، ليجمع بين النظر والذوق ، وقد خصص للسهروردي فصلاً في كتابه " دراسات إسلامية " دار التنوير – بيروت – ط1 – 1982 م / ص 209 – 263 بعنوان حكمة الإشراق والفينومينولوجيا وختم بالقول : "" فالبناء الشعوري أساس لبناء الواقع ، قد يطبع الواقع بناءه على الشعور كما يطبع الشعور بناءه على الواقع ، ولكن تظل العلاقة جدلية بين البناءين وفي هذه اللحظة تعطينا حكمة الإشراق كما تعطينا الفينومينولوجيا مفتاحاً لفتح عالم الشعور والدخول فيه "" دراسات إسلامية ص 261 وانظر : عبد الرزاق هوماس " ضوابط القراءة الجديدة " مصدر سابق ص 132 .

                    ([122]) انظر : طيب تيزيني " النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة " دار الينابيع – دمشق – 1997 م د. ط / ص 316 ، 328 .

                    ([123]) انظر : السابق ص 328 .

                    ([124]) انظر : السابق ص 315 - 316 .

                    ([125]) انظر : أدونيس " الثابت والمتحول " 1 / 209 – دار العودة – بيروت – الطبعة الرابعة 1986 .

                    ([126]) انظر : أدونيس " السابق " 2 / 92 دار العودة – بيروت 1977 .

                    ([127]) انظر : السابق 1 / 209 دار العودة بيروت طبعة 1986 .

                    ([128]) أقصد بالعقل الغريزي هنا أن الغنوصية والعلمانية تختاران ما تمليه الغريزة على العقل ، أما في الإسلام فإن العقل والغريزة مكبوحان بكوابج الإيمان ، والإيمان يحول بين شطط العقل وجموح الغريزة ، أما عند أولئك فإن الغريزة هي التي تزين للعقل ، وتملي عليه ، إنها تدفعه لاستصدار القرارات ، لكن ليس بالضرورة كما تفعل أمريكا مع الأمم المتحدة .

                    ([129]) ميشال فوكو 1926 – 1984 م فيلسوف فرنسي عرف بمنهج أركيولوجيا – حفريات - المعرفة وله كتاب بهذا العنوان وهو من مواليد سنة 1962 م وانتقل سنة 1970 م إلى باريس حيث اشتغل أستاذاً لتاريخ النظم الفكرية في الكوليج دي فرانس .

                    ([130]) ميشال فوكو " حفريات المعرفة " ترجمة : سالم يفوت – المركز الثقافي العربي – بيروت ط2 – 1987 م / ص 182 .

                    ([131]) فريديناند دي سوسير Ferdinand de Saussure ( من 26 نوفمبر 1857 إلى 22 فبراير 1913 ) عالم لغويات سويسري يعتبر الأب و المؤسس لمدرسة البنيوية في اللسانيات . وهو من أشهر علماء اللغة في العصر الحديث حيث اتجه بتفكيره نحو دراسة اللغات دراسة وصفية باعتبار اللغة ظاهرة اجتماعية وكانت اللغات تدرس دراسة تاريخية، وكان السبب في هذا التحول الخطير في دراسة اللغة هو اكتشاف اللغة السنسكريتية.ولد دي سوسير في جنيف ، و كان مساهما كبيرا في تطوير العديد من نواحي اللسانيات في القرن العشرين . كان أول من أعتبر اللسانيات كفرع من علم أشمل يدرس الإشارات الصوتية أقترح دي سوسير تسميته semiology و يعرف حاليا بالسيميوتيك أو علم الإشارات . نقلاً عن هذه الصفحة :

                    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%...B3%D9%8A%D8%B1

                    ([132]) جاك دريدا ولد 1930 م - مفكر فرنسي جزائري المولد يعد من المؤسسين لفلسفة التفكيك أو التقويض أحياناً .

                    ([133]) رولان بارت كاتب فرنسي (1915 - 1980) تسلق كل الدرجات العلمية إلى أن أصبح أستاذاً في الكوليج دي فرانس بباريس 1976 من أهم كتبه : شذرات من خطاب في العشق - لذة النص ترجمه منذر عياشي . .

                    ([134]) رينيه ديكارت 1596 – 1650 م فيلسوف فرنسي درس الحقوق في باريس وحصل على الليسانس في العلوم القانونية وفي عام 1620 ترك حياة الجندية التي كان قد انضم إليها سابقاً ثم قام بجولات في ألمانيا وهولندا ثم عاد إلى باريس كما سافر إلى إيطاليا فيما بعد أيضاً أقام بعد ذلك في هولندا إلى نهاية حياته وفيها أنجز أبرز مؤلفاته وأهمها : مقال عن المنهج – التأملات في الفلسفة الأولى – مبادئ الفلسفة – كتاب العالم وغيرها . راجع : دراسات في الفسفة الحديثة ، د. محمود حمدي زقزوق – ص : 87 . لا توجد بيانات نشر على الكتاب .

                    ([135]) ولد باروخ سبينوزا في مدينة أمستردام 1632 م لأسرة يهودية برتغالية هربت من الاضطهاد هناك إلى هولندا التي قدمت الملجأ والملاذ لضحايا الاضطهاد ، درس الفلسفة اليهودية لفلاسفة اليهود الأندلسيين أمثال ابن ميمون وابن عزرا وحسداي بن شبروت وابن جبريل وموسى القرطبي وكانت وفاته عام 1677 م عن عمر لا يتجاوز الرابعة والأربعين،من أبرز مؤلفاته :مبادئ الفلسفة الديكارتية – رسالة في اللاهوت والسياسة – الأخلاق مؤيدة بالدليل الهندسي وهو أهم كتبه – إصلاح العقل . انظر : دراسات في الفلسفة الحديثة ، محمود حمدي زقزوق ص 131 – 135 . لا توجد أي بيانات نشر الكتاب .

                    ([136]) أدموند هوسرل 1859 – 1938 م فيلسوف ألماني يعد مؤسس المنهج الظاهراتي – الفينومينولوجيا – الذي أصبح فيما بعد الأساس الفلسفي لوجودية شيلر وهايدغر . انظر : الموسوعة الفلسفية – بإشراف روزنتال – يودين- مصدر سابق . ص : 472 .

                    ([137]) مارتن هيدغر 1889 – 1976 م فيلسوف ألماني يتبنى المذهب الوجودي بطريقة مادية بحتة . وفلسفته فلسفة تشاؤمية معادية للعلم تقوم على المثالية الزمانية التي تعني عنده الانفعالات الداخلية للإنسان من أعماله : الوجود والزمان – كانط ومشكلة الميتافيزيقا – مدخل إلى الميتافيزيفا . انظر : الموسوعة الفلسفية بإشراف روزنتال – يودين ترجمة سمير كرم ط 2 / 1980 م دار الطليعة – بيروت ص : 565 .

                    ([138]) ديفيد هيوم 1711 – 1776 م فيلسوف إنكليزي تبنى النزعة الطبيعية التي نادى بها بيكون وهوبز مع تطعيمها بمقولات الشكاك الأوائل وكان ينعت نفسه بـ " الشاك " وبنظره لا توجد أية حقائق ضرورية سوى المدركات الذاتية نفسها ، والعلوم الطبيعية نسبية ترجع إلى تصديقات ذاتية يولدها تكرار التجربة . انظر : جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة " ص 164 ترجمة فؤاد كامل – مكتبة الغريب – القاهرة 1973 م د. ط .

                    ([139]) أمانويل كانط 1724 – 1804 م فيلسوف الماني أبرز ما تقوم عليه فلسفته هو القانون الأخلاقي وقد نُقش على قبره عبارته التي يقول فيها "" شيئان يملآن قلبي إعجاباً ورهبة متجددين وناميين على الدوام كلما ازداد انشغال الفكر فيهما وهما : السماء المزدانة بالنجوم فوقي والقانون الأخلاقي في أعماق نفسي "" ولم يغادر كانت ألمانيا بل لم يغادر مسقط رأسه كونجزبرج على الإطلاق ، ومن أهم كتبه : نقد العقل العملي – نقد العقل الخالص . .

                    ([140]) هيجل ولد جورج ويلهلم فريدريك هيغل بتاريخ 27 آب عام 1770 في عائلة بروسية تنتمي إلى البورجوازية الصغيرة. دخل إلى كلية اللاهوت الشهيرة في مدينة توبنغين. وهناك درس التاريخ وفقه اللغة الألمانية والرياضيات ، يعتبر هيغل أحد أهم الفلاسفة الألمان حيث يعتبر أهم مؤسسي حركة الفلسفة المثالية الألمانية في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي ، جذبته وسحرته أعمالِ سبينوزا، كانت، وروسو، والثورة الفرنسية. ظهرت الفلسفة الحديثة، والثقافة، و المجتمعَ في نظر هيغل كعناصر مشحونة بالتناقضاتِ والتَوَتّراتِ، كما هي الحال بالنسبة للتناقضات بين الموضوعِ وجسمِ المعرفةِ ، بين العقلِ و الطبيعةِ، بين الذات والآخر، بين الحرية والسلطة ،بين المعرفة والإيمان،و أخيرا بين التنوير والرومانسية.كان مشروع هيغل الرئيسي الفلسفي أَنْ يَأْخذَ هذه التناقضاتِ والتَوَتّراتِ ويضعها في سياق وحدة عقلانية شاملة ،موجودة في سياقاتِ مختلفةِ، دعاها "الفكرة المطلقة "أَو" المعرفة المطلقة". مات هيغل بمرض الكوليرا عام 1831 م . نقلاً عن هذه الصفحة :

                    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%...8A%D8%AC%D9%84

                    ([141]) انظر : عبد العزيز حمودة " المرايا المحدبة " عالم المعرفة الكويت – 1998 م / ص 36 - 37 .

                    ([142]) ديكارت مقال في المنهج ص 101 ترجمة : محمود محمد الخضيري - الهيئة المصرية العامة لكتاب – ط3 / 1985 .

                    ([143]) انظر : كرين برينتون " تشكيل العقل الحديث " ترجمة : شوقي جلال – مكتبة الأسرة – القاهرة 2001 م / ص 48 .

                    ([144]) عبد العزيز حمودة " المرايا المحدبة " ص 102 ، 103 سبقت بياناته .

                    ([145]) انظر : بييرف . زيما " التفكيكية . دراسة نقدية " تعريب أسامة الحاج – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت ط1 – 1996م / ص 56 .

                    ([146]) السابق ص 169 .

                    ([147]) انظر : إمبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية "ص 125 سبقت بياناته .

                    ([148]) انظر : عبد العزيز حمودة " المرايا المحدبة " ص 402 ، 403 سبقت بياناته.

                    ([149]) انظر : بييرف . زيما " التفكيكية . دراسة نقدية " ص 167 سبقت بياناته.

                    ([150]) انظر : حمودة " المرايا المحدبة " ص 10 سبقت بياناته .

                    ([151]) انظر : حمودة " المرايا المحدبة " ص 33 سبقت بياناته.

                    ([152]) انظر : السابق ص 293 .

                    ([153]) انظر : امبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 129 سبقت بياناته.

                    ([154]) انظر : عبد السلام المسدي " قضية البنيوية " دار الجنوب للنشر – تونس – 1995م - د.ط / ص 35 ، 36 .

                    ([155]) انظر : السابق ص 55 .

                    ([156]) انظر : حمودة " المرايا المحدبة " ص 36 سبقت بياناته.

                    ([157]) إمبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص55 سبقت بياناته.

                    ([158]) انظر : سيزا قاسم " السيميوطيقا . حول بعض المفاهيم والأبعاد " ص 25 - 26 نقلاً عن المرايا المحدبة ص 241 سبقت بياناته .

                    ([159]) انظر : إمبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 128 سبقت بياناته .

                    ([160]) انظر : بييرف . زيما " التفكيكية . دراسة نقدية " ص 166 ، 167 سبقت بياناته .

                    ([161]) انظر : إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 121 - 123 سبقت بياناته .

                    ([162]) انظر : السابق ص 55 .

                    ([163]) انظر : السابق ص 57 .

                    ([164]) انظر : حمودة " المرايا المحدبة " ص 404 والكلام لـ " هارتمان " وهو تفكيكي أدرك أخطار التفكيك . سبقت بياناته .

                    ([165]) انظر : إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 132 سبقت بياناته.

                    ([166]) انظر : السابق ص 135 .

                    ([167]) انظر : أزولد وتزيفان " الدلالة والمرجع دراسة معجمية " ص 23 - 24 ضمن كتاب " المرجع والدلالة في الفكر اللساني الحديث " ترجمة وتعليق عبد القادر قنيني – دار إفريقيا المشرق – المغرب – بيروت – 2000 م / د. ط .

                    ([168]) انظر : السابق ص 25 .

                    ([169]) انظر : جوليا كريسطيفا " علم النص " ترجمة : فريد الزاهي – دار توبقال للنشر – المغرب ط 2 – 1997 م / ص 9 .

                    ([170]) سيد محمد القمني باحث مصري يحاول جاهداً أن يطعن في العصر النبوي وإثبات أن رسالة محمد كانت بدوافع سياسية قبلية لتحقيق حلم جده عبد المطلب كما يحاول جاهداً أن يربط المعتقدات والشعائر الإسلامية بالأساطير والطقوس الخرافية القديمة من أبرز كتبه : الأسطورة والتراث – موسى وتل العمارنة – الفاشيون والوطن – رب الزمان – النبي إبراهيم والتاريخ المجهول وغيرها .

                    ([171]) تركي علي الربيعو باحث سوري من حلب اتجه في حقبة من حياته إلى الكتابة في صلة الإسلام بالأساطير القديمة وألصق بالإسلام كثيراً من الخرافات والأوهام ، إلا أنه يبدو أنه اعتدل في أخريات حياته [ فقد ذهب إلى الحج وقال بأنه : لم يملك نفسه حين وقف أمام قبر النبي إلا أن يبكي، ألم به مرض ثم لحق بربه في أوائل سنة 2007 م ] . من كتبه : الإسلام وملحمة الخلق والأسطورة – العنف والمقدس والجنس . ما هو موضوع بين قوسين نقلته عن الباحث عبد الرحمن الحاج من موقع الملتقى الفكري للإبداع وقد كتب بحثاً في نعي الربيعو أشار فيه إلى المحطات الأخيرة في حياته .

                    ([172]) يمكن مراجعة مؤلفات القمني للتأكد من ذلك مثل كتابه "رب الزمان " أو " الأسطورة والتراث ".

                    ([173]) انظر : إمبرتو إيكو " التأويل بين السيميائيات والتفكيكية " ص 60 سبقت بياناته.

                    ([174]) انظر : إمبرتو إيكو " السابق " ص 55 .

                    تعليق

                    • طارق شفيق حقي
                      المدير العام
                      • Dec 2003
                      • 11929

                      #25
                      تعرف على العلمانيةالمصدر: جريدة التعاون
                      بقلم: نور الدين




                      الحرب الدائرة بين معسكرى العلمانية والإسلاميين حول قضية تطبيق الشريعة، يدعونا بشدة أن نعلم القارئ الحبيب ماهية العلمانية وبماذا يؤمن العلمانيون المناهضون لتطبيق الشريعة فى مجتمعنا المسلم التواق لها، ذلك أن القواميس الغربية والتى نشأت فيها العلمانية، عرفتها أن كلمة عملانى تعنى جاء هذا فى القاموس الانجليزى دنيوى أو مادي، وليس دينى أو روحاني، وليس بمترهب أى ليس رهبانيا، وجاء فى القاموس نفسه أن معنى كلمة علمانية هى النظرية التى تقول ان الأخلاق والتعليم يجب ألا يكونا مبنيين على أسس دينية.
                      وفى دائرة المعارف البريطانية تعرف العلمانية، بأنها حركة اجتماعية تهدف إلى نقل الناس من العناية بالآخرة إلى العناية بالدار الدنيا فحسب، ودائرة المعارف البريطانية حينما تحدثت عن العلمانية، تحدثت عنها ضمن حديثها عن الإلحاد الذى قسمته إلى إلحاد نظرى وإلحاد عملي، وجعلت العلمانية ضمن الإلحاد العملي.
                      ينبغى لنا أن نعرف أن العلمانية وجه آخر للماسونية اتبعه دهاة اليهود وفلاسفة المادية والإلحاد، ليجذبوا إليهم الذين اتخذوا موقفا حذرا من الماسونية والوجودية والشيوعية، وظهر الفكر العلمانى أول ما ظهر كفكر معاد للدين وعلمائه، كرد فعل لفساد القساوسة والرهبان فى الكنيسة الأوربية فى العصور الوسطي، حيث اضطهادهم للناس، وسلبهم أموالهم وأراضيهم، وكان أول من دعا إلى فصل سلطة علماء الدين عن السياسة والحكم الفيلسوف ديكارت ثم بيكون ثم سبينوزا ثم جون لوم وجميعهم ملحدون وتبعهم جان جاك روسو وفولتير الذى ألف كتاب «القانون الطبيعي» منكرا فيه وجود الله وأنه خالق الكون وناسبا الخلق والإبداع للطبيعة ذات القدرات الخارقة.
                      ثم تبعه وليم جودين عام 1793م من خلال كتابه «العدالة السياسية» داعيا فيه إلى العلمانية والابتعاد عن الدين.
                      ذلك معين العلمانيين البغيض الذى ينهلون ويغترفون منه سما زعافا يريدون نشره فى مجتمعنا المسلم الأبي. والحديث موصول بمشيئة الله وحوله وقوته.
                      التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:09 AM.

                      تعليق

                      • طارق شفيق حقي
                        المدير العام
                        • Dec 2003
                        • 11929

                        #26
                        فرنسا ومعركتها ضد الحجاب «العرفي» وليس الخمار «الاسلامي» (1-2)

                        الاختلاف بين العقلانية الإسلامية والعلمانية الأوروبية

                        تصغير الخطتكبير الخط
                        محمد أبوالقاسم حاج محمد
                        تدور معركة راهنة ومشهودة في فرنسا بين «الدولة» وما اصطلح عليه «بالحجاب الإسلامي». ومن ثم اتخذت المعركة طابع الصراع، ما بين «النهج العلماني» و«الأخلاق الدينية». وتطورت الى استهداف ما اصطلح عليه «بالأصولية الإسلامية». وتمت «المقاربة» ما بين هذه المعركة ومعارك «الفرنج/ الصليبية» ضد المسلمين العرب، والتي استمرت عبر سبع حملات طوال الفترة (بين 1095 و1270).
                        ورُبط ذلك كله بالعولمة الأميركية التي أعلنها الرئيس جورج بوش (الأب) في جلسة الكونغرس بتاريخ 11 سبتمبر/ أيلول 1990م قبل عقد من الزمان على تفجيرات نيويورك بالتاريخ نفسه العام 2001.
                        تفكيك دلالات المصطلحات أولا
                        قبل أن نشرع في تحليل ابعاد هذه المعركة، علينا أن (نفكك) المصطلحات المستخدمة أولا. وذلك لفهم دلالاتها لنضع المعركة في إطارها المفهومي conception الصحيح.
                        منذ أن أعلنت فرنسا في العام 1905 التزامها بالعلمانية، تأسيسا على مبادئ وروح الثورة الفرنسية في العام 1789 استبعدت الدولة الفرنسية «التمظهر الديني» داخل أروقتها «الرسمية» ولم تمنعه في المجتمع وفي الشارع والمدارس «الخاصة» ودور العبادة.
                        فالعلمانية sacularism هي توجه سياسي ليبرالي (political liberalism) وليست عقيدة وفلسفة وجود (Antology). فالموقف العلماني الليبرالي الفرنسي وفي الحضارة الغربية عموما، مؤسس على الصراع ضد اللاهوت (Mythology) في الفكر الديني (البشري) المسيحي الكاثوليكي بالذات. وليس ضد الدين وضد هيمنة (السلطة الكهنوتية) الكنسية التي استلبت الارادة السياسية والحرية العقلية للإنسان. فالعلمانية الليبرالية هي اتجاه «الانسية» الانسان ( Humanism) بمعزل عن جميع أنواع الجبريات العقائدية Compulsive التي تمارس عليه باتجاه ايماني أو إلحادي.
                        فالعلمانية الليبرالية بنزعتها (الانسية) هي ضد الثيوقراطية اللاهوتية. وفي الوقت ذاته ضد الدكتاتورية السياسية وليست ضد الدين. وهذا ما كان عليه موقف الفيلسوف الفرنسي فولتير (1694/1788) المؤسس الحقيقي للعلمانية الليبرالية. وقد توفي قبل عام واحد من اندلاع الثورة الفرنسية.
                        وكان فولتير فيلسوفا مؤمنا بالله - سبحانه وتعالى - ولكنه ضد الحكم المقدس الملكي واللاهوت والثيوقراطية الكنسية. ودافع في كتاباته عن الدين والتدين وتصدى لفلسفة (سبينوزا) التي وصفها (بالالحاد) كما وصفه بالحماقة في كتابه «الفيلسوف الجاهل».
                        وفولتير هذا نفسه كان يكره (الكهنة) وما صنعوه من لاهوت أو (وعي ديني زائف) يخرق ابسط مقولات العقل الانساني. ولهذا باتت قولته الشهيرة «إن اللاهوت هو ثمرة لقاء أول (كاهن محتال) بأول أحمق من البشر» ولهذا رفض الامتثال لطقوس(الاعتراف الكاثوليكي) لدى احتضاره بين يدي قسيس، وأملى بدلا عن ذلك العبارة الآتية:
                        «أموت على عبادة الله ومحبة أصدقائي وكراهية أعدائي ومقتي للخرافات والاحكام والأساطير الدخيلة على الدين». وحررت الورقة مع تاريخ وفاته (28 نوفمبر/ تشرين الثاني 1788). ورفضوا دفن جثمانه في مقابر المسيحيين.
                        وهذه النزعة الأنسية المماثلة لنزعة فولتير واضحة في كتابات الرواد في مدرسة العقلانية الإسلامية كالجاحظ (256هـ/ 869م) والتوحيدي (414 هـ/ 1023م)، وتفسيرات فخر الدين الرازي (609هـ / 1209م)، وواصل بن عطاء (131 هـ/ 749م)، والشيخ الرئيس الفيلسوف أبوعلي الحسن بن سينا (980 / 1037م)، وأبونصر الفارابي (874 / 950م)، ووليِّ الدين عبدالرحمن بن خلدون (1332/ 1406م)، وابن طفيل الأندلسي (1106/ 1184م)، وابن الصايغ محمد بن باجة المتوفى العام 1139م.
                        أما أبوالوليد بن رشد (1126/1198م) الذي يعرفه الغرب الأوروبي باسم «أفيروس» فهو «القمة الكبرى» الذي دفع بفكر التنوير ضد اللاهوت واخترق أسوار أكاديمية فلورنسا حين غزاها فكره مطلع القرن الرابع عشر إلى الخامس عشر الميلاديين، كما اخترق فكره سياج الدغمائية اليهودية التراثية، فولدت بتأثيره مدرسة ابن ميمون وكتابه الشهير «دلالة الحائرين».
                        والفرق أن روادنا المسلمين قد واجهوا اللاهوت الخرافي في مبتدأ التراث الإسلامي، مستعينين بالنص القرآني في داخل «النسق» الإسلامي، في حين أن الرواد الأوروبيين كفولتير عانوا من «اضطراب» النصوص الانجيلية، ولهذا مساق آخر.
                        الوضعية ضد الدين وليست العلمانية:
                        هناك خلط كبير في تداولنا للمفرادات والمصطلحات بين «العلمانية» و«الوضعية»، فالفلسفة الوضعية Positivism التي أسسها (أوغست كونت 1798 / 1875م) هي التي أحدثت «القطيعة المعرفية والفلسفية» مع الدين، إذ جعلت من الدين مرحلة ابتدائية وخرافية في تطوير العقل البشري، ثم تأتي بعده المرحلة الميتافيزيقية - التأملية، فوق قوانين الطبيعة، ثم تنتهي المرحلتان اللاهوتية الغيبية Theology / Mythology وما فوق الطبيعة Metaphysic لتحل محلهما المرحلة الوضعية. وعبر هذه المرحلة الوضعية تأتي ثنائية «الانسان والطبيعة» بمعزل عن الدين. فوضعية كونت هي الأب الشرعي لفلسفات الإلحاد والعدمية التي انتهت إلى المادية الجدلية. ولا علاقة لفرنسا وعلمانيتها بكل هذه الوضعية وفلاسفتها.
                        فالعلمانية الليبرالية الفرنسية هي موقف يؤكد «الانسية» في التوجه الفكري. ويطلق حرية الإرادة والعقل الإنسانيتين، أي «جدل الإنسان» من دون أن يلغي «جدل الغيب الإلهي» أو «جدل الطبيعة وقوانينها». وهو موقف الرواد من فلاسفتنا مع اختلاف «النسقين» العربي الاسلامي والأوروبي المسيحي.
                        الفارق بين ليبرالية الغرب العلمانية وعقلانية الفلسفة الإسلامية:
                        في الوقت الذي يلتقي فيه رواد الفلسفة الإسلامية - من الذين ذكرنا بعضهم تحديدا كمثال - مع رواد الليبرالية والعلمانية الغربية كفولتير في استبعاد «السطة الثيوقراطية»، وتأكيد «الحرية الأنسية» فإن معالجة النص الديني في تختلف باختلاف النصوص نفسها بين القرآن والكتب الآخرى.
                        فالليبرالية في الفلسفة الاسلامية تنطلق من «العائلة» وليس «الفرد»، فلا تمتد للإباحة خلافا لمنطق الموسوعيين الفرنسيين مثل «ديدرو» الذين جعلوا من الانسان مجرد «امتداد غريزي» أشبه بالبهيمي للطبيعة بكل نزواتها. فالفلاسفة المسلمون دافعوا عن الليبرالية بمنطق «الحرية»، ثم قيدوا الحرية إلى «الأخلاق الدينية» خلافا لليبرالية الغربية التي نزعت نحو الفردية.
                        كذلك يلتقي رواد الفلسفة العقلانية الإسلامية مع نظرائهم الغربيين في «علمانية الدولة»، ولكن من مدخل آخر هو «رفض الاستبداد» وأوضحهم في تراثنا عبدالرحمن الكواكبي ومؤلفه «طبائع الاستبداد» وعلي عبد الرازق ومؤلفه «الاسلام وأصول الحكم» (1343/ 1925م). وهناك مقال ينشر للمرة الأولى لعلي عبد الرازق بعنوان «الديمقراطية والدين» تقديم نبيل فرج - مجلة «الديمقراطية» - السنة الثانية - العدد السابع - يوليو 2002م». ونفى فيه «أن تكون الخلافة من الدين في شيء وإنما هي «بدعة» لم يرد بها نص أو يرد لها ذكر في الكتاب والسنة».
                        فعلمانية الدول لدى رواد العقلانية الإسلامية مدخلها تحقيق «العدل» و«الحرية». وفي إطار ذلك يتولى المجتمع «الرقابة» على الدولة وتقويم اعوجاجها عن النهج الإسلامي «بالنصيحة» في إطار «الشورى». فالعقلانية الإسلامية تقوم على «ثنائية» العلاقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع. ويدور الأدب السياسي الإسلامي في هذا الإطار ليمنع أية نزعة ثيوقراطية. فكلاهما علماني ليبرالي مع تفاوت النسقين العربي الاسلامي والأوروبي المسيحي. أما الإطار السياسي فهو واحد في الحالتين. وفي الكيفية نفسها التي وجد بها خصوم الليبرالية والعلمانية في أوروبا من لاهوت وكهنوت كنسي، كذلك وجد هؤلاء الخصوم في تاريخ الإسلام والمسلمين، حتى قيل إن المال هو مال الله - سبحانه - وليس مال المسلمين يتصرف فيه «الخليفة» كيف يشاء، وإن الخيرة الاتوقراطية في قريش، وان الخلافة هى تجسيد «للحاكمية الالهية» وبمعزل عن «حاكمية الكتاب». سادت هذه المقولات وتجذَّرت لاهوتيا بحكم سيادة الاستبداد في مختلف عهود التاريخ الإسلامي، في حين حُذف المفكرون والفلاسفة العقلانيون الذين ذكرناهم. ومازالت مناهجنا التربوية والدينية والثقافية تبعا لفقهاء السلطة الاستبدادية والصراع بين «الاسلاميين» و«المتشددين» في طهران خير دليل. وهو استبداد لا يسنده فقط «التخريج الانتقائي» من النص، كما فعل أبوالأعلى المودودي (1903/1979م) وسيد قطب (1906/ 1966م) حين قالا «بالحاكمية الإلهية» خلافا «لحاكمية الكتاب». وإنما تسنده مركبات الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والفكري ما قبل مراحل التطور الصناعي ونشوء الطبقات القادرة على إحداث الثورات والتغيير الجذري، كما حدث في المسار الأوروبي منذ القرن السادس عشر. فالمركب العربي/ الاسلامي طوال تاريخه هو مركب يعتمد على الإنتاج الطبيعي ما قبل الصناعي والعلاقات العشائرية، إذ يغلب العرف الاجتماعي والقيم الأخلاقية والثقافية على النص الديني، ويصادره بتأويلات شتى، ثم تقدس هذه التأويلات ويقدس الناطقون بها
                        صحيفة الوسط البحرينية - العدد 542 - الإثنين 01 مارس 2004م الموافق 09 محرم 1425هـ

                        التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:09 AM.

                        تعليق

                        • طارق شفيق حقي
                          المدير العام
                          • Dec 2003
                          • 11929

                          #27
                          • الكتاب : موسوعة البحوث والمقالات العلمية
                            جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة
                            حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث
                            علي بن نايف الشحود
                          العلمانية الجاحدة ثم الآن العلمانية المستترة
                          الكاتب: الشيخ د.سعيد بن ناصر الغامدي
                          العلمانية secularism :
                          - ترجمتها الصحيحة = اللادينية ، لا علاقة لها بمصطلح العلم ، أو الدنيوية ، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين .
                          - في الجانب السياسي ، اللادينية في الحكم .
                          - تعريف العلمانيين للعلمانية . انظر : موسوعة السياسة 4/179 .
                          تأسيسها وتطورها :
                          1 - طاغوتية رجال الدين النصارى واستبدادهم بالدين والسياسة ( الرهبانية ، الفساد .... ، صكوك الغفران ) .
                          2 - وقول الكنيسة ضد العلم والفكر المتحرر ، تشكيلها محاكم التفتيش لعلماء التجريب :
                          أ - كوبرنيكوس : نشر عام 1543 م كتاب الأجرام السماوية ، فحرمت الكنيسة هذا الكتاب .
                          ب - جردانوا : صنع التلسكوب فعذب وعمره 70 وتوفي سنة 1642 م .
                          جـ - ديكارت : دعا إلى تطبيق المنهج العقلي في الفكر والحياة ( فلسفة الشك ) .
                          د - بيكون : ظهر بمدئه التجريبي وطلب تطبيقه على كل شيء .
                          هـ - سبنوزا : صاحب مدرسة النقد التاريخي ، كان مصيره الحرق .
                          و - جون لوك : طالب بإخضاع الوحي للعقل .
                          ز - جاليلو : استخدم التلسكوب فقتلته الكنيسة .
                          3 - ظهر مبدأ العقل والطبيعة ، أخذ العلمانيون يدعون إلى تحرير العقل وإضغاء صفات الإله على الطبيعة .
                          4 - نتيجة للصراع بين الكنيسة والحركات السالفة جاءت الثورة الفرنسية 1789 م ، أول حكومة لا دينية علمانية .
                          مراحل الثورة وشخصياتها :
                          أ - عصر التنوير الذي مهد لإرهاصات الثورة :
                          [ جان جاك روسو ] سنة 1778 م ، ألف كتاب ( العقد الاجتماعي ) يعتبر الجيل الثورة .
                          [ منتسيكو ] له ( روح القوانين ) .
                          [ سبينوزا ] يهودي يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجاً للحياة والسلوك ، له ( رسالة اللاهوت والسياسة ) .
                          [ فولتير ] مؤلف كتاب ( القانون الطبيعي ) .
                          [ كانت ] مؤلف كتاب ( الدين في حدود العقل وحده ) عام 1804 م .
                          [ وليم جودين ] مؤلف كتاب ( العدالة السياسة ) 1793 م ، وفيه دعوة للعلمانية بصراحة .
                          ب - [ ميرابو ] خطيب وزعيم فيلسوف الثورة الفرنسية .
                          جـ - تحرك الماسون واليهود مستغلين أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية المعتمدة على الكنيسة وركبوا موجة الثورة لتحقيق أهدافهم .
                          د - سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها إلى [ الحرية والمساواة والإخاء ] ثم شعار [ تسقط الرجعية ] وهو شعار ملتوي يقصد به الدين .
                          نضوج العقل العلماني في تصوراته ومشاريعه المستقبلية إلى عقود قادمة بعيدة :
                          1 - الدفع بذوي النفوس المريضة والعقول الجاهلة لضرب الإسلاميين .
                          2 - استغلال الجهل الحاصل بين الإسلاميين في شؤون العلمانية لتمرير أعمالهم .
                          3 - المرأة والطفل .
                          4 - المقررات الدراسية ، الدخول منها ، مثلاً الفاء السيرة من منهج التاريخ ، واستبداله بتاريخ العالم المعاصر : تاريخ أمريكا والثورة الفرنسية ، التأكيد على القيم النبيلة في العصر الجاهلي .
                          5 - عداء الحركات الإسلامية والشخصيات المخلصة .
                          6 - عمل المرأة وتهيئتها لذلك من خلال التعليم مثل الهندسة والإحياء .
                          7 - تهوين المنكر لتمريره من خلال أن القضايا العميقة والمهمة هي التقدم المادي وأشباه ذلك .
                          8 - أن أمتنا أمة حضارة وذوق ووجدان = كالرسم والموسيقى والنحت .
                          9 - تشويه صورة الإسلام من خلال بدائل هزيلة وتشويه الشخصيات الإسلامية ، من خلال المؤلفات والمسلسلات .
                          10 - العقلانية .
                          11 - المجيء بحجج لتبرير عزل الدين = السياسة نجسة ، الاقتصاد الربوي ضرورة عالمية ، الأدب جمال وذوق ، الفكر العالمي ، إنسانية الثقافة .
                          12 - تشويه التاريخ الإسلامي باسم الدراسة الموضوعية .
                          13 - التشكيك في ثبوت السنة وصحة المصطلح وأصول الفقه ، والفقه .
                          هـ - تغلغل اليهود باسم العلمنة وإذابة الفوارق الدينية وتحولت الثورة من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه .
                          و - ظهرت نظرية التطور والارتقاء في أصل الأنواع لدارون عام 1859 م لتصبح هذه النظرية وسيلة لانهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد .
                          ز - ظهرت نظرية نيتشه ( السوبرمان ) وفلسفتهم على أن الإله مات وحل محله الإنسان الأعلى .
                          ح - ظهرت نظرية دوركايم اليهودي المسماة العقل الجمعي جمع فيها بين حيوانية الإنسان وماديته .
                          ط - ظهرت نظرية فرويد اليهودي التي تعتبر الإنسان حيواناً جنسياً ، الجنس أساس كل الدوافع .
                          ي - ظهرت نظرية كارل ماركس اليهودي المادية الجدلية / التفسير المادي للتاريخ ، الاشتراكية ، أفيون الشعوب .
                          ك - ظهرت نظرية سارتر الوجودية .
                          ل - ظهرت نظرية كولن ولسن الوجودية الجديدة الداعية إلى الإلحاد .
                          الأفكار والمعتقدات :
                          1 - العلمانية العامة = فصل الدين عن الحياة الخاصة = فصل الدين عن بعض جوانب الحياة .
                          2 - بعضهم ينكر وجود الله ، وبعضهم يؤمن بوجوده سبحانه ولكن لا علاقة بين الله وحياة الإنسان
                          التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:11 AM.

                          تعليق

                          • طارق شفيق حقي
                            المدير العام
                            • Dec 2003
                            • 11929

                            #28
                            العلمانية وما بعد العلمانية
                            خالد ياموت (http://www.kalema.net/v1/?wri&cv=-1)



                            يواجه الفكر العربي الإسلامي المعاصر في تناوله لمسألة العلمانية إشكالاً نظرياً عويصاً، يمكن تلخيص مضمونه في السؤال التالي: كيف ننطلق من مقدمات معرفية مختلفة للوصول إلى مرجعية معرفية موحدة؟
                            ليست العلمانية من المقولات والمفاهيم البسيطة التي يمكن مناقشتها دون النظر العلمي إلى عامل التاريخ، الدين، الاجتماع الثقافي والسياسي والقومي المفرز لها، فالتعدد الواقع في علة الوجود، يجعل دائرة التناول المتمركزة حول السبب الواحد تبسيطاً لا يؤدي إلى أية غاية علمية مهما وفّرت لصاحبها من ارتياح نفسي. يتحتم علينا منهجياً ألّا نطلق أحكاماً جاهزة حول هذه القضية المركبة، لذلك سننطلق نظرياً من فرضية علمية، تؤكد أن تناول مسألة العلمانية ونقيضها، إنما ينبثق من البناء المعرفي الهوياتي الذي تنسجه العوامل المتعددة المشار إليها سلفاً. إضافة إلى هذا الجانب المعياري سنتابع إنجاز العلمانية في الواقع وتنظيرات علم الاجتماع الغربي حول هذه المسألة، لنتناول في الأخير المأزق المعاصر للعلمانية، وظهور تيار ما بعد العلمانية.
                            العلمانية: التاريخ ومنهج طرح القضية
                            لمعالجة مفهوم العلمانية معالجة جدية سنعتمد التعريف المعرفي للمصطلح بمعناه العريض، والذي يعني الكلي والنهائي، المقابل للجزئي. هذا البناء التصوري ميزة تنفرد بها الرؤية المعرفية/ الإبستيمولوجية، خاصة وأنها تعني توضيح المقولات القبلية في الفكر الإنساني(1)، مما يعني وجود قاعدة خلفية قيمية لجميع الأفكار، "ومن ثم فإن هنالك بعداً معرفياً كلياً ونهائياً في أي خطاب تحليلي، مهما بلغ من الحيادية والتجريدية والسطحية والمباشرة"(2).
                            إن دراسة العلمانية تنطلق من هذه الرؤية، لذا فهي تحتاج إلى نموذج تفسيري جديد، يتجاوز النظرة الضيقة المعرِّفة لها بأنها فصل للدين عن الدولة.
                            من أجل ضبط المصطلح لا بد من رده إلى أصله اللغوي، مع استحضار مستمر لعلاقته (بعائلة) من الكلمات تشترك معه في الجذر نفسه، وأكثرها أنتج في نفس فترة ظهور مصطلح العلمانية.
                            ومن منطلق علم تاريخ الأفكار، فإن العلمانية (secularism) مشتقة من الكلمة اللاتينية (Seculum) التي تعني عصر أو جيل، لتتخذ مع القرون الوسطى معنى هو (العالم) أو الدنيا (في مقابل الكنيسة). وظل هذا المعنى في حياد تام في البداية، حيث قصد بعلمنة ممتلكات الكنيسة، نقلها إلى سلطة غير دينية - سياسية - أي الدولة.
                            في فرنسا خلال القرن الثامن عشر، اعتبرت الكنيسة الكاثوليكية العلمانية، مصادرة غير شرعية لممتلكاتها، أما وجهة نظر فلاسفة التنوير الممزوجة بالمادية والإلحاد فقد اعتبروا نزع الملكية أمراً شرعياً. وبعد الثورة الفرنسية "نحت العلمانية الغربية منحى وسطياً يختلف بوضوح عن الاتجاه اللاديني ويدافع عن التسامح الديني، ولا تقوم العلمانية بهذا المعنى المعاصر على الفصل بين الدين والدولة كما هو شائع لدينا، وإنما على الفصل بين الكنيسة ونظام الحكم"(3).
                            لقد خاضت العلمانية كحركة سياسية، معركة تحرير العقل الغربي من هيمنة اللاهوت والميتافيزيقية، والعزوف عن معالجة الأمور الدنيوية بالعقل والتجربة، فانعكس التطور الفكري الداعي إلى إشاعة العلم وإخراجه من يد الكنيسة وتحكمية رجال الدين، فظهرت المؤسسات الخاصة، وتمأسست قطاعات اقتصادية مهمة تشكل عصب المجتمع، فراعت العلمانية نفسها الشروط السوسيو-سياسية التي تطورت فيها، فحدث نوع من التوافق والمساومة بين الدولة الحديثة، والمعاصرة، مع المركزية الدينية المتمثلة في الكنيسة.
                            فتمتعت الدولة بالهيمنة على الدنيوي (أزعم أن العلمانية هي سيطرة الدولة على الدين وليس فصل الواحد عن الآخر)، تاركة للكنيسة، والمؤسسات الدينية، إمكانيات واسعة للاشتغال داخل المجتمع، وفي نشاطها التبشيري الخارجي، دون أن يحدث هنالك أي تعارض مع الحريات التي رسخها التطور الديموقراطي الغربي(4).
                            على المستوى اللغوي انتقلت الكلمة الفرنسية (لائيك/laïque)، التي تعني، خاص بجمهور المؤمنين المشكلين لطبقة متميزة إلى اللغة الإنجليزية. أما laïcisme فتعنى نظام سياسي يقصي نظام الكهنوتية عن الدولة. أما فعل laïcize فيعني نزع الصبغة الكهنوتية عن القانون، والتعليم خاصة. فيما تعني laïcization نقل وظائف رجال الدين إلى رجال لهم تدريب، وتكوين دنيوي لا علاقة له بالدين...(5)
                            وعلى هذا النحو تطورت العلمانية الفرنسية المؤسسة على تعليم علماني، وبخصوصية بالغة ضمنت بقاءها وبقاء الثقافة السياسية لرجال الثورة، الشيء الذي يفسر اصطدامها المتكرر مع الدين إلى اليوم.
                            الأنساق التصورية للعلمانية
                            إن الخطوات المنهجية الموصلة لإدراك مفهوم العلمانية لا يقتضي استحضار علم تاريخ الأفكار، والمدلول اللغوي المتطور للمصطلح فحسب، بل إن فهم معنى العلمانية يتوقف على فهم تلك العلاقة القائمة في المجالات الدلالية لفعل Secular المتداخلة مع أفعال أخرى.
                            وبناء على (الموسوعة البريطانية)، فإن هنالك عائلة من الأفعال في اللغتين الفرنسية والإنجليزية تبدأ بالمقطع de، وهذه الأفعال تصف التحديث العلماني. أول هذه الأفعال التي يتطرق إليه مؤلف مدخل التحديث في الموسوعة هو فعل deconstruct(6).
                            أما فعل demystify، ويقصد به نزع السر عن الظواهر. فهو حسب المسيري "أن يقوم الإنسان بتفكيك الظواهر الإنسانية وردها إلى قوانين الحركة المادية العامة... وبذلك يتضح أن الإنسان إن هو إلا كائن طبيعي/ مادي"، وهذا التحوير المادي للإنسان يرفع عن داخله ما يحتويه من أسرار وغيب، ويلغي الجانب المحيط بالإنسان، ويجعل من هذا الأخير مركز الكون(7)، فيغيب الإله ويتأله الإنسان. ومن الأفعال القريبة إلى هذا المعنى فعل desunk (كشف حقيقة الأسطورة)، أي ما يشير عادة إلى تلك العملية الهادفة إلى تحطيم المثاليات والأحلام... النبيلة التي قد يشعر بها الإنسان، والغاية من كشف حقيقة الأسطورة(8)، هو ترك الإنسان يكتشف حقيقة دوافعه المادية.
                            أما يعري ويكشف.. الذي يعبر عنه فعل denude، فيستهدف إيصال الإنسان إلى حقيقة باعتباره كائناً مادياً طبيعياً لا يختلف عن غيره من الكائنات الطبيعية، فهو خاضع للقانون الطبيعي، وليس له مجاله الخاص، وفكرة مركزية الإنسان هي محط افتراء ووهم لا أقل ولا أكثر(9)، حيث استندت إلى الزيادة الإنتاجية دون الاعتبار بالقيم الإنسانية، فأصبح المعيار المادي هو المركز والمطلق الذي به توزن جوانب الحياة العامة، لتصبح المرجعية العليا هي المادية المطلقة(10). وحين تصل إلى هذا المستوى ترفع أو بالأحرى تلغى جميع المحرمات، والحدود الموضوعة أمام السلوكات الإنسانية، أخلاقية كانت أم إنسانية، فنزع القداسة في هذه الحالة تصبح متتالية تتحقق تدريجياً، فتفرض الواحدية المادية على الكون ويُسرَّى قانون واحد على كل الأشياء، فتظهر الإمبريالية كنزعة للغزو، ويتحول العالم إلى مادة نافعة يجب توظيفها لحساب الإنسان الذي ينظر بدوره إلى المعرفة كأداة لزيادة عنصر التحكم(11).
                            أما (dehumanization) "فتعني إنكار وقمع تلك الصفات والأفكار والنشاطات التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات، ومنع تحقيق الإمكانيات الإنسانية للإنسان (في مقابل خصائصه الطبيعية المادية التي يشترك فيها مع غيره من الكائنات)"(12) وهو ما يعني في النهاية طمس إنسانية الإنسان ومركزته مادياً، وإفقاده القدرة على تجاوز الحتميات الطبيعية. وهذا النمط من التفكير نجد له تعبيرات معاصرة مثل حتمية قانون السوق... حيث يصبح هذا الأخير يتحكم في السلوك الإنساني، وإن اقتضى قانونه تجاوز الأخلاق وما هو إنساني فإن ذلك يصبح مشروعاً.. وينتهي الأمر بإنكار الحرية عن الإنسان، لأن نظام الفصل هذا لا يعني فصل الدين عن السياسة، أو الدولة أو الاقتصاد... بل فصل الخصائص الإنسانية عن السلوك والشعور الإنساني، وهي صيغة وصلت إليها العلمانية خلال القرن العشرين.
                            من الأفعال ذات الصلة بالتحديث المعلمن فعل decenter(13)، الذي يقصد به إزاحة الإنسان عن المركز، وتعويضه -أي الإنسان- بأي شيء آخر، وتنتهي عملية التنحية هنا بأن يصبح كل شيء هو مركز الكون، وانتشر هذا التصور المعلن لموت الإنسان كنتيجة حتمية لإعلان موت الإله (عند نتشه)، وهذه الرؤية العلمانية "تنكر وجود أي مركز وتنفي أي إطار مرجعي" وتعلن ميلاد الحرية التامة، والخضوع التام لقانون الصدفة، ونظام فلسفي خالٍ تماماً من الفلسفة، والإنسانية، والمطلق(14).
                            وبما أن العلمانية عملية تفكيكية خضع لها التصور الإنساني فإن إسقاط السمات الشخصية التي يعبر عنها فعل depersonalizeيمثل اتجاهاً واضحاً في العالم الحديث، وقد حقق ويحقق نسباً عالية من التنميط، ويغير الخصائص الفردية الحسية والمادية والسلوكية للإنسان، لتخضع لقالب واحد تندثر من خلاله فكرة الفردية لأنه ليس هناك ما يميز الفرد كفرد متفرد(15).
                            ورغم دقة هذه المصطلحات، فقد اعتمدت على تقديم زاوية واحدة من ظاهرة العلمنة الواقعة اجتماعياً، لذلك فظهور عدد كبير من المصطلحات يشير إلى جانب من جوانب الحداثة العلمانية، الذي نجم عنه في النهاية بناء تصور شامل للحياة يتبنى الرؤية المادية، وعرف تطبيقاته الأولى مع النجاح السياسي للعلمانية.
                            العلمانية عودة أخرى إلى المفهوم وإشكالاته
                            بعد هذا التناول الأولي للعلمانية، سنحاول تقديم وجهة نظر أكثر تفسيرية على الشكل التالي: العلمانية ما هي؟ علاقتها بالمقدس والترشيد، ثم سنتحدث عن العلمانية بنوعيها العلمانية الجزئية والشاملة، لنختم بمأزق العلمانية المعاصرة أو ما يطلق عليه بما بعد العلمانية الذي سكه جون كين.
                            يرى المفكر الإسلامي عبد الوهاب المسيري أن العلمانية اتجهت نحو مزيد من التركيب والإبهام مع التعريف الذي جاء به جون هوليوك الذي عرفها بأنها "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض"(16). والملاحظ على هذا التعريف انطلاقه من مرجعية مادية واضحة، فالحديث عن إصلاح حال الإنسان لا يتم إلا وفق رؤية للعالم تتحدد معالمها وفق مرجعية معينة، وأن هذا يفترض وجود نموذج متكامل ورؤية شاملة للكون، وهو ما تمثله العلمانية. ومن ثم "ألا يعني تبني الطرق المادية تبنياً للرؤية المادية للإنسان"، وهل من الممكن "إصلاحه" بالطرق المادية. "ألا يعني هذا رفضاً كاملاً للإيمان، وليس مجرد عدم التصدي له كما يدعي هوليوك؟"(17).
                            بالنسبة للمسيري فالقضية تتجاوز قطاع من قطاعات الحياة، ومن غير العلمية الحديث عن الدائرة الصغيرة -فصل الدين عن الدولة-، دون استحضار الرؤية الكاملة الكامنة في التصور العلماني، إن الأمر كما وقع في التاريخ السياسي الحديث والمعاصر، لا يتعلق بفصل الدين عن الدولة بل يتعلق أساساً بالمرجعية، ومن شأن إعمال المنهج التجزيئي المس بالرؤية العلمية لعلاقة السياسي بالديني.
                            السؤال المركزي الذي يمكن وضعه في ظل الحديث عن العلمانية، هو لمن المرجعية العليا، للدين أو الدنيا أو هما معاً؟ إن فكرة الجوهر -المرجعية-، هي الركيزة الثابتة في كل خطاب بما هي رؤية للعالم في أعلى مستويات التجريد، ويمكن الحديث عن مرجعيتين في هذا الإطار: الأولى تؤمن بوجود الإله وما فوق المادة، وبالتالي فهي مرجعية نهائية متجاوزة، وأخرى تحتكم إلى المادة وهي بذلك مرجعية كامنة، لأنها ترتكز إلى نقطة داخل العالم المكتفي بذاته(18).
                            فإذا انتقلنا إلى تعريف العلمانية، فإن أول ما نلاحظه هو "أن القاسم المشترك في كل المفردات في جميع المعاجم يجعل الأمر الذي يوصف بأنه (علماني) يرتبط بشكل أو بآخر بهذه الدنيا وهذا الزمان، الآن وهنا، ولا يشغل باله بأي أبعاد أخرى ولو لم ينكرها"(19).
                            حسب معجم أكسفورد فالمباني العلمانية (على سبيل المثال)، هي المباني المكرسة للأغراض الدنيوية، والمدرسة العلمانية: "هي تلك التي تعطي تعليماً غير ديني"، والواضح أن العلمانية تحمل هنا مدلولاً سلبياً، فهي تعني "غير كهنوتي"، و "غير مقدس" وليس بالضرورة معادياً للدين أو المقدس. إذن هذا التعريف يلزم الصمت تجاه الدائرة الكلية الشاملة -فصل الدين عن الحياة-، ويحصر نفسه في الدائرة الجزئية الصغيرة، التي تنظر إلى علاقة الدين بالسياسة فقط(20).
                            إلا أن المتاعب النظرية تلاحق هذا التعريف، لأن العلمانية ليست غير دينية وحسب، بل تعني بالضرورة ما ينتمي للآن وهنا، وهذا الزمان والمكان، وهذا ما يؤكده معنى كلمة (Sécularison) الإنجليزية، والتي تعني العصر أو الجيل أو الدنيا...(21) مما يجعل معناها أكثر اتساعاً في نطاقه ويوصله إلى الدائرة الشاملة الممتلكة لرؤية شاملة للكون، وما يتفرع عنه من تصورات معرفية وقيمية. فـ"العلمانية تعرف باعتبارها العقيدة التي تذهب إلى أن الأخلاق لابد أن تكون لصالح البشر في هذه الحياة [الدنيا] وتستبعد كل الاعتبارت الأخرى المستمدة من الإيمان بالإله أو الحياة الأخرى [ الآخرة]"(22).
                            ويمكن القول حسب رؤية معجم أكسفورد: إن الدين، والبعد الديني، لا يتمتع بالوجود الحقيقي، لأنه لا يقدم رؤية شاملة للكون، ولا يمثل المرجعية العليا والنهائية، كما أنه غير قادر على حل مشاكل الدنيا، ومن ثمة فالمادة هي المرجعية الأصلية، والقول بالعلمانية يتضمن استبعاد الدين في المرحلة الأولى، وإنهاءه في المرحلة التالية، ولكن كيف يمكن القضاء على الدين؟ من الواضح أن المعجم لا يقول ذلك بصراحة لكن الأكيد أن استبعاد التصورات الدينية يجعلنا أمام سيادة تصورات هذه الدنيا -(العصر) أي العلمانية- لوحدها(23).
                            من الزاوية السوسيولوجية يقدم معجم علم الاجتماع المعاصر ثلاثة مواد لتوضيح مصطلح العلمانية: فهي (علماني secular) و (علمنةsecularization) و (مجتمع علماني Secular society)، وكلمة علماني في واقع الأمر (لا علاقة له بالدين non- religions)(24).
                            ويستمر المعجم في الحديث عن العلمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة، حيث يذهب (ج.م G.M. yinger) أن هذه الكلمة تشير إلى تلك "الاعتقادات والممارسات التي لا علاقة لها بالجوانب غير النهائية للحياة الإنسانية"، هذا التعريف لا يمتد إلى المنظومة المعرفية ولا يجعل الإيمان العلماني بقوة الإيمان الديني(25). غير أن المعجم يبين فيما بعد أن العلماني هو "العقلاني أو النفعي بشكل خالص أساسي"، ثم يضيف إلى هذا التعريف الغامض والهلامي تعريفاً آخر، يجعل من العلمانية منظومة متكاملة تحتوي على الميتافيزيقيا، "مما يعني أن قضية فصل الدين عن الدولة هنا هامشية، بل فرع تابع لمنظومة تأسيسية قاعدية وأصلية، ناظمة لشؤون الحياة، وهو ما يظهره بجلاء معجم علم الاجتماع المعاصر حينما يورد في مقال (للأري شاينر) مفاهيم للعلمانية كلها تتحدث عن المرجعية النهائية، فهي تنطلق من كون العلمانية هي: انحسار الدين وتراجعه، لكن سرعان ما ينتقل صاحب المقال المعنون (بمفهوم العلمنة في البحوث التجريبية) إلى الحديث عن الفصل بين المجتمع الدين"(26).
                            ثم يعود ليخلط الفصل بين الدولة والدين والمجتمع بقوله بالتركيز على الحياة المادية بل التطلع إلى مستقبل روحي، وهي دعوة تخلق تقابلاً حتمياً بين الحياة المادية وما هو روحي. بمعنى آخر، فإن المجال السياسي والاقتصادي يخضع للتحكم المادي ولا يترك تدبيره للنزعة الروحية. في المرحلة الثانية يذهب المعجم في منهجه (التحكمي والتسلطي)، إلى القول باضطلاع منظمات غير دينية بالوظائف الدينية، مما يجعل التنظيم الديني، ومأسسة شؤونه، في حياد تام مع السياسة أمراً مستحيل الوقوع(27)، فهذا الوضوح في الرؤية للمفهوم جعلت من المعجم يتحدث عن اختفاء فكرة المقدس، بمعنى حلول التفسيرات العقلية محل التفسيرات الدينية في كل شيء. هذا وكأن العقل قادر على كشف أغوار جميع الظواهر المادية، وتحديد كل ما ينفع البشر في حياتهم الدنيوية. في المرحلة الأخيرة يقول المعجم (بالنظرية الإحلالية) فيرى أن العلمانية تعني إحلال المجتمع العلماني محل المجتمع المقدس(28).
                            إن ما يقدمه المعجم هنا لا يتعلق بالمجالات الضيقة كالسياسة والاقتصاد، بل تعبير عن إجابة كلية، ترتكز إلى فلسفة العلمانية التي هي نفسها الميتافيزيقيا، ولا تعترف بالدين، إلا الذي تنتجه هي من تصوراتها المادية، وعبرت عنه الفلسفة الغربية الحديثة بالدين الطبيعي.
                            العلمانية فلسفياً
                            من الزاوية الفلسفية، هناك ثلاثة فلاسفة يعتبرون ثلاثي المتتالية العلمانية المتعينة، أبدعوا في البناء الفكري العلماني الغربي، فاسبينوزا انتهى إلى تحويل "العالم إلى منظومة واحدية [لا تقبل التماثل] رياضية مصمتة، الله فيها هو الطبيعة، والإنسان فيها لا يختلف عن أي شيء في الكون"(29)، إننا بالتالي في ظل حلولية كمونية واحدية اختصرها اسبينوزا في عبارته "الإله أي الطبيعة"(30) مع الفلسفة النتشوية تطورت فكرة الإله لتنغمس كلية في عالم الموت، فالعالم الذي يكون فيه الإله قانوناً طبيعياً ثابتاً هو عالم موت الإله، فأعلن بذلك نهاية الثنائية -الطبيعة والإله-، ويصل بالنسق الفلسفي العلماني إلى الواحدية الكاملة المؤمنة بعالم لا ضمان فيه لأي شيء، و "خال من المعنى لا قيمة فيه ولا غاية، لا كلية فيه ولا مطلقات"(31)، والإله محض مادة، وهذه الأخيرة سائلة لا قانون يحكمها غير القوة، ولا وجود إلا للأجزاء "فيموت الإله وتسقط فكرة الكل ذاتها"(32). وإذا تجاوزنا البعد الإلحادي لعبارة نتشه الشهيرة "لقد مات الإله" ونظرنا إلى تضميناتها المعرفية الخاصة، فإن واقع الأمر يجعلها تعني ما يلي:
                            1- نهاية فكرة الإله المتجاوز والمفارق للمادة: المجاور للطبيعة والتاريخ، الذي يمنح الكون تماسكاً وهدفاً نهائياً، أي نهاية فكرة المركز الكائن خارج المادة، فهي حلولية كمونية كاملة.
                            2- إنكار وجود أي حقيقة ثابتة متجاوزة لعالم التجربة المادية المباشرة وعالم الصيرورة.
                            3- كل هذا يعني إنكار فكرة الكل ذاتها، باعتباره كياناً متماسكاً يعلو على الأشياء، أي إنكار فكرة المركز الكامن في المادة.
                            4- العالم إذن أجزاء لا تشكل كلًّا ولا مركز لها.
                            5- كل هذا يعني إنكار فكرة العام والعالمي والإنساني بشكل عام.
                            6- كل هذا يعني نهاية الميتافيزيقيا، بل ونهاية فكرة الحقيقة، فالقضاء على بقايا الميتافيزيقيا المتمثلة في الحديث عن الكل المتجاوز أدى إلى القضاء على الحقيقة(33).
                            ويتضح (معمار) الفكر الواحدي المادي المعلن للعلمانية أكثر عند جاك دريدا، فإذا كان نتشه أعلن موت الإله، فإن دريدا يعلن موت كل الأنظمة باستثناء نظام الفوضى وغياب المركز، الشيء الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى اختفاء الإنسان(34). فالمنظومة التفكيكية التي أعلنها دريدا لم تترك جانباً من جوانب الحياة فارتقت إلى عقيدة شعائر ونسق على المستوى النظري على الأقل.
                            في المرحلة التاريخية الموالية لهذا الفكر الفلسفي، ظهر ماكس فيبر كعميد وقائد للمدرسة السوسيولوجية الغربية، فأعاد إلى الواجهة السياسية إشكالية الديني والسياسي، غير أن فيبر رأى أن الفكرة الدينية هامشية وأن المرجعية العليا وضعية، وجاء بمفهوم الترشيد (rationalization) ليعني به العلمنة(35).
                            وترجع أصول كلمة الترشيد إلى العبارة الألمانية (wertrationelle) التي يمكن ترجمتها بـ(رشيد في علاقته بالقيم) وهو يعادل (تقريباً) (الترشيد التقليدي)، ويعني أن المرء لا يتعامل مع الواقع بشكل ارتجالي أو جزئي، بل بمنهج متكامل بنسق يحمل مجموعة من القيم الأخلاقية المطلقة (القيم الأخلاقية المقصودة هنا معلمنة). وكلمة مطلق عند فيبر في واقع الأمر تعني أن هناك مرجعية نهائية تعرّف الترشيد المادي بأنه تزايد الضبط المنهجي على كل مجالات الحياة مما يستوجب التحرر من القيم (وهو ما يعني انتفاء العامل الأخلاقي)، وهذا يقوم على تصورات عملية وقواعد ومبادئ عامة، هي نفسها تقوم على استبعاد الولاءات التقليدية والحماس الكاريزمي، والوسائل السحرية، والمرجعيات المتجاوزة لعالم الحواس والمادة (وهنا تختفي بالضرورة فكرة الإله، والميتافيزيقيا الدينية)... فنصل إلى إدراك الإنسان كون العالم يتحرك وفقاً لقوانين عقلانية مادية قابلة للاكتشاف، أي كامنة فيه، (وهذا يعني التمركز حول المادة حتى تصبح هي الميتافيزيقا الجديدة)، وبالتالي يعتبر القوى الأخرى [الدين] غامضة غير محسوبة مستعصية على الفهم(36).
                            يذهب ماكس فيبر أن هناك خصوصية للحضارة الغربية تجعلها تتجه نحو الترشيد، الذي وصفه بأنه نزع السحر عن العالم. إن هذه المنظومة الفكرية تخلق مجتمعاً متطوراً رشيداً مهدداً بالقيود قال عنه فيبر: "لا أحد يعرف من سيعيش في هذا القفص في المستقبل لعله في نهاية هذا التطور الرهيب سيظهر أنبياء جدد تماماً"، يضيف فيبر عن حالة التحكم في المجتمع أنه سيسود فيه "متخصصون لا روح لهم، حسيون لا قلب لهم. وهذا اللاشيء سيتصور أنه وصل إلى مستوى من الحضارة لم يصل إليه أحد من قبل"(37) وتحدث هذه العملية من جراء الترشيد الداخلي حيث ينظر الإنسان إلى ذاته بمنظور الدولة له، "وبالطريقة التي ينظر إليه بها العالم الطبيعي لا باعتباره إنساناً مركزياً (ربانياً)، وإنما باعتباره مادة طبيعية توظف، وكياناً قابلاً لعملية البرمجة والتنميط التي خضعت لها البيئة الاجتماعية وأعضاء المجتمع، وذلك حتى يتفق كل شيء ومصلحة المجتمع، ويتسق والنموذج الواحدي المادي والقيم العلمية الرشيدة الصارمة والمرجعية المادية"(38).
                            لقد وصف فيبر الترشيد بأنه "تحويل العالم بأسره (الإنسان والطبيعة إلى حالة مصنع)، أي تحويل العالم إلى نسق آلي منظم، يتم استخدام كل شيء فيه بكفاءة عالية، خاضعة للحسابات الكمية"(39) وعملية الترشيد أو ما يطلق عليه المسيري التطبيع تجعل من كل شيء دائر في إطار الطبيعة لا يخرج عنها مطلقاً، وبما أن العلمانية عملية بنيوية تحققت بظهور الدولة العلمانية القومية، فإن جميع الأنساق المؤثرة في بنية الدولة تمت علمنتها في إطار ما يطلق عليه المسيري -دائماً- بالثورة العلمانية الكبرى.
                            فعلى المستوى الديني، تعمل عملية الترشيد، والتطبيع، والتحديث، على تغيير بنيته الداخلية فيصبح:
                            1- النسق الديني منسحباً من العالم الخارجي، ويصبح مسألة خاصة بالضمير بين الإنسان وربه، بمعنى أنه مقطوع الصلة بالأنساق الاجتماعية، أو الفكرية أو السلوك الإنساني، ليشبه الانتماء الديني الانتماء إلى نادٍ للعب الشطرنج بتعبير المفكر الفرنسي ماكسيم رودنسون.
                            2- ابتعاد الإيمان الديني أمام تعرضه لموجة العلمنة على الله -الخالق-، وعادة ما يأخذ هذا الشكل من التعلمن صفة الإصلاح الديني فتعاد صياغة النسق الديني بحيث يتم الادعاء، أن الوصول إلى فكرة الله تحل من خلال دراسة الطبيعة وقوانينها دون حاجة لوحي.
                            3- تحول المؤسسات الدينية في المجتمع إلى مجرد جماعات ضغط.
                            4- يصبح التفكير الديني الذي تمت علمنته فاقداً للبعد المجازي المركب، ويصبح أحادياً ذا بعد واحد تماماً مثل العقيدة العلمانية المتمركزة حول المادة.
                            5- تفقد الشعائر الدينية معناها الخارجي، ولا تعبر عن طاعة المخلوق للخالق وابتغاء مرضاته، "وإنما النجاح في الدنيا مع استخدام الديباجات الدينية"(40).
                            وهذا لا يعني أن عملية العلمنة لا تمس إلا الجانب الديني، بل كل جوانب الحياة حتى الأحلام والجنس الذي يمكن اعتباره نموذجاً للتفسير، بل إن هذا الموضوع يعطينا مفتاحاً لفهم آليات العلمنة، التي فصلت بشكل غريب هذه الفطرة الإنسانية إلى قطاعات مستقلة الواحدة عن الأخرى، بحيث أصبح الجنس نشاطاً لا علاقة له بالإنجاب ولا الحب، مما يفقد القطاعات بعدها الباطني، وتصبح نشاطات برانية(41)، ويصل الأمر إلى "لا علاقة للمرء بمن يحب".
                            نحن والعلمانية أو من هنا نعلم
                            من اللازم اليوم على الفكر العربي الإسلامي الخروج من بوتقة التاريخ الماضي، ومواكبة حركة العلمانية عبر تاريخها الغربي فليست -العلمانية- فصل لقطاع السياسة، أو الاقتصاد... عن الدين، والركون إلى هذا التعريف المتجاوز، البسيط، لم يعد مقبولاً في الفكر العلماني الغربي، سواء في المنظومة العلمانية المعاصرة أو عند تيار ما بعد العلمانية الذي يتزعمه البروفسور جون كين. ولتجاوز مطبات الفكر السياسي العربي الإسلامي المعاصر حيال قضية العلمانية، فإن المسيري يقترح في أطروحته المعرفية الحديث عن علمانيتين(42):
                            الأولى أطلق عليها اسم العلمانية الجزئية: ويحمل هذا النوع رؤية جزئية إلى الواقع، بحيث لا تصدم الكليات والنهائيات التي يتبناها المجتمع، فهي بذلك لا تعادي الدين بل تقر له بالوجود، وتمنحه حرية الحركة (!) مثله مثل سائر الأفكار والمبادئ، وهي تعني في المدرسة الغربية فصل الدين أي الكنيسة عن الدولة، بحيث تصبح هذه الأخيرة دولة مؤسسات تنتشر فيها جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الدينية، التي تخضع للقانون (الوضعي طبعاً)، وهذا القانون يكون متفقاً عليه وفق الأسس الديموقراطية، التي تعطي حق الاعتراض، والالتزام بقرارات الأغلبية.
                            فالعلمانية الجزئية لا تمنع التدين، والالتزام بالشعائر الدينية، ولا تسلب المتدين حرية العبادة، أو تأسيس جمعيات أو أحزاب دينية(43)، ولا تتدخل في شؤون الفرد الخاصة، بل تلتزم الصمت حيال كثير من أمور الحياة العامة كذلك. وهو ما يؤكد تركها للحيز الإنساني للإنسان يتحرك فيه إذا شاء ذلك.
                            والعلمانية الجزئية هنا باختصار كما يعرفها المسيري "هي علمانية تطالب بفصل الدين عن الدولة وحسب، والدين هنا يعني المؤسسة الدينية التي تحتكر لنفسها الكتاب المقدس ومفاتيح الخلاص والجنة"(44).
                            أما النوع الثاني، أي العلمانية الشاملة: فهي تعبر عن رؤية العالم، بحيث تسعى إلى تنظيم كل مناحي الحياة، لتصل إلى إحساس الفرد الباطني، إنها تعتني بكامل حياته الخاصة والعامة، لتعطي للمجتمع صورتها الواحدية عن الوجود، تصورياً وتصرفياً، فليست القضية عند العلمانية الشاملة فصل للدين عن الدولة أو الكهنوت عن السياسة، بل إحلال نظام، ورؤية تسقط كل المطلقات والغائيات والإنهائيات (وهو ما يؤكد أن هذا النوع من العلمانية مثله مثل الدين الإسلامي فيما يخص الرؤية المتكاملة للحياة)، غير أنها تتناقض مع الإسلام، لأنها تسقط رؤيتها الميتافيزيقية الخاصة على الحياة، وتؤكد على فصل كل القيم الدينية، والأخلاقية والإنسانية... عن العالم.. وتصفي بذلك تركيبة الإنسان، ومقدرته على التجاوز -بتعبير المسيري-، فيختفي الإنسان الفرد، الحر، الواعي، المسؤول أخلاقياً واجتماعياً... وتنزع القداسة عن العالم (الإنسان والطبيعة)، فيسقط في قبضة الصيرورة المادية، ويظهر الإنسان الطبيعي(45)، ومعه الدين العلماني.
                            هذا الشكل من العلمانية يعتبر عملية إحلالية، تزيل كل شيء: الدين والمقدس، إنسانية الإنسان، مقوماته الأخلاقية، والاجتماعية، وتحشره في كل مادي خالص، ليتحوسل الإنسان (إي يصبح وسيلة)، ويتمركز حول اللذة، والاستهلاك. وبكلمة، يختزل الإنسان وقيمته في الحياة إلى الحيز الطبيعي، حيث يصبح مثله مثل أي موجود طبيعي في السوق مادة استعمالية.
                            ولا يخفى على كل باحث في هذا الموضوع أن المشاكل الرئيسة التي يعاني منه الفكر السياسي العربي الإسلامي المعاصر، هو معالجته للعلمانية من داخل منظومة الفصل والوصل بين الدولة والدين، مما يختلف مع مسار العلمنة التاريخي، كما لا يراعي الواقع السياسي، والسلوكي المعلمن كما أنتجته التجربة السياسية الغربية الحديثة، والمعاصرة، "ولذلك -يقول المسيري- أقترح أن تناقش مسألة العلمانية لا في إطار فصل الدين عن الدولة وإنما في إطار المرجعية النهائية للدولة"(46).
                            فالعلمانية الشاملة بالخصوص تفرض هذا النوع من المعالجة للموضوع، ولابد من النظر إلى المرجعية أهي كامنة أم متجاوزة. "فالعلمانية (الشاملة) قد لا تكون إلحادية أو معادية للإنسان على مستوى القول والنموذج المعلن... ولكنها على المستوى النموذجي الفعال، ومستوى المرجعية النهائية، تستبعد الإله، وأية مطلقات من عملية الحصول على المعرفة..."(47)، الشيء الذي يفسر كون العلمانية الشاملة "رؤية شاملة للعالم ذات بعد معرفي (كلي ونهائي) تحاول بكل صرامة تحديد علاقة الدين والمطلقات والماورائيات (الميتافيزيقية) بكل مجالات الحياة"(48)، بمعنى آخر "هي رؤية للكون شاملة تتخلل كل شيء، وتسم عالمنا الإنساني بميسمها المادي (ولذا أسميها العلمانية المادية أو العدمية) ولا يمكنها أن تتصالح مع الدين أو مع منظومات أخلاقية تتسم بقدر من الثبات، فهي ملتزمة بشيء واحد: قوانين الحركة المادية"(49).
                            مأزق العلمانية وما بعد العلمانية
                            رغم فعالية النموذج العلماني على مستوى الواقع الغربي، ومساهمته الكبيرة في إنتاج مجتمع تسود فيه الديموقراطية والحداثة، فإن ذلك لا يعني مطلقاً أن العلمانية مشروع محدد المعالم، بل متتالية اتسعت دائرتها حتى مسَّت كل جوانب الإنسان -في إطار العلمانية الشاملة-، بحيث لم تعد هنالك الحياة الخاصة أو العامة، فاقتحام العلمنة وتحققها التدريجي وتغطيتها لمزيد من المجالات كرس إشكالية المفهوم، و"جعل الدال - العلمانية، قاصراً عن الإحاطة بالمدلول"(50)، من جهة أخرى أدى سيطرة النموذج العلماني الفعال إلى خلخلة المجتمع الغربي، وأصبحت المنظومة المعرفية الواحدية المادية مهيمنة على التفكير، فزادت الجريمة، وانتشر الاستثمار في البشر، وعادت بقوة تجارة الرقيق الأبيض، فأصبح قطاع الدعارة نشاطاً فوق وطني، وفي الوقت نفسه قطاعاً منتجاً ومساهماً في بناء الاقتصاد الوطني، وأصبحت المصلحة العليا للدولة من المنظور العلماني تشرعن تدمير الإنسان (القضية الصومالية.. الأفغانية والعراقية...)، وأصبح النقاش مركّزاً حول المادة، فيما أن التكنولوجيا العسكرية تطورت بطريقة جعلت من أرباح الحرب تتجاوز كلفتها(51)، لذا فشلت محاولات المنظمات الدولية الراعية للسلم العالمي في ردع قوى النموذج العلماني الإمبريالي، وأصبح القانون الدولي آلية من آليات إعاقة تقدم الدول الضعيفة، وربما هذا ما دفع المسيري إلى القول بأن الإمبريالية ليست إلا مجرد إحدى تجليات النموذج الغربي الأخلاقي، والعلماني، والإبستيمولوجي. فالعلمانية هي النظرية الأساس، والإمبريالية هي جانبها التطبيقي الأهم"(52).
                            هذا الوضع الذي وصلت إليه العلمانية على المستويين الإنساني (القطري) (أي إنجازاتها دخل الدولة بالغرب)، وقبولها بالسيطرة واحتواء الآخر (مع القرن التاسع عشر، واستمرت الإمبريالية مع القرن الواحد والعشرين)(53). جعل كثيراً من المفكرين داخل (الجغرافية الفكرية) الغربية يتحدثون عن مأزق العلمانية، وفشلها في الوصول إلى حياة إنسانية تضمن السعادة البشرية، والحقوق الطبيعية المادية، والروحية المعنوية.
                            وتعبيراً عن هذا المأزق شهدت مراجعات العلمانية والحداثة داخل المنظومة الغربية أبعاداً يمكن وصف بعضها بالرديكالية، من ذلك ما يذهب إليه إفنج كريستول (Irving Kristol) حيث أكد هذا المثقف اليهودي الأمريكي في كتابه الأخير حول العلمانية بأن العلمنة >رؤية دينية حققت انتصاراً على كل من اليهودية والمسيحية"، ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال تمت علمنة الدين نفسه، وأصبحت العقائد نوع من المهدئات النفسية التي تساعد الإنسان على تجاوز التوترات التي يفرزها عالم العلمانية المادي. من جهة أخرى بدأت تفقد العقلانية العلمانية (مصداقيتها مع التدريج)، وحسب كريستول فإن ذلك يعود لسببين هما:
                            1- الفلسفة العقلانية العلمانية تزودنا بوصف دقيق للمسلمات المؤسسة لنسق أخلاقي، لكن الإشكالية الكبرى أن الإنسان لا يقبل الأنساق الأخلاقية من منطق مادي -علماني-، بل من منطق إيماني غير عقلي، واستمرار العلمانية في أطروحتها في هذا المجال أوصلنا إلى (البربرية العلمانية).
                            2- أفرزت العلمانية عالماً لا معنى له، فجاءت الحركة الرومانسية في القرن 19 كرد فعل على هذا اللامعنى، واليوم ما تزال المدرسة التفكيكية ومدرسة ما بعد الحداثة لا يؤمنان بالعقيدة الإنسانية، وكلها مدارس "تشعر بالازدراء تجاه الفكر الإنساني الهيوماني". في ظل هذا الوضع يخلص كريستول إلى أن العلمانية ستتراجع أمام تزايد الانتماء الديني، وستعود المسيحية بقوة في المجتمع الأمريكي(54)، وهو توقع صادق إذا ما نظرنا إلى التوجهات السياسية والدينية للمحافظين الجدد، والسياسة الخارجية الأمريكية المحملة بشحنة دينية مسيحية قوية، والتي تلعب فيها المسيحية الصهيونية دوراً طلائعياً في صناعة القرار السياسي الخارجي منه والداخلي.
                            أما الباحثة أجنيس هيلر (Agnes Heller) "فتؤكد أن الحضارة الغربية منذ عصر النهضة قد تلاقى فيها مصادر: المصدر الإغريقي والمصدر المسيحي، وأن هذا التلاقي أدى إلى علمنة الحياة اليومية والمساحة الأخلاقية (الدائرة الصغيرة والكبيرة). والعلمنة في تصورها تفكيك العلاقة بين الإيمان، والالتزام، والكنيسة، "أي الدين بحيث لا يعد أحدهما شرطاً للآخر"(55). من جهة أخرى تعقب العلمنة عملية إحلالية، تم بموجبها إحلال أسطورة الأصل الإغريقي محل أسطورة الأصل الديني، وبذلك تهاوى النسق المطلق لصالح السياق الاجتماعي الذي تم تكريس نسبيته ونسبية معاييره.. وبالتدريج تم تكريس الجسد كأساس للوجود والتحقق والمتعة، وأصبحت (الحرية) قيمة أساسية.
                            في ظل هذا الوضع كان لابد للبحث عن مرجعية مؤطرة لهذا السلوك، بتعبير أجنيس في كتابها رجل النهضة "نشأت الحاجة لإيجاد دافع الآن وهنا وليس مطلقاً/ متجاوزاً، هذا الدافع هو الأنانية أو تحقق الذات"(56).
                            أما البروفيسور جون كين الذي طالب بإعادة التفكير في العلمانية، فيرى أن العلمنة كامنة في المسيحية، باعتبار أنها عقيدة أدت ما سماه "ماكس فيبر تحرر العالم من الإيمان، وإزالة الإله من حقل المجالات الطبيعية، ومن مختلف مناحي الحياة"(57)، ويرى كين أن العلمانية "لم تفِ بوعودها لا في العالم الأول (حيث تنتشر العنصرية والجريمة والنسبية الفلسفية)، ولا في العالم الثالث (حيث تحالفت العلمانية مع الفاشية والقوى العسكرية والطبقات المستغلة)"(58).
                            إن ما حققته العلمانية هو تقليص دور الدين ومن ثم إضعافه وهزيمته، وبما أن القضاء على الدين أمر غير ممكن، فإن كين يتحدث بناء على فشل العلمانية، عن (ما بعد العلمانية) لأنها فعلاً في مرحلة الأزمة(59).
                            من جهة أخرى يرى جون كين بروفيسور السياسة بجامعة وستمنستر أن هناك حدوداً للعلمانية، فبالإضافة إلى أنها تحولت إلى دوغما سياسية، فإنها بالتأكيد "تحمل تناقضات داخلية لا يمكن القفز عنها، رغم أنها تناقضات لا تصل إلى حد إسقاط العلمانية من الداخل"(60).
                            التناقض الأول: هو دعوة العلمانية إلى حرية الممارسة الدينية، والاجتماع الديني، وهو ما يجعلها في منافسة (شريفة) مع الدين الذي يملك قوة ذاتية توسعية في المجال السياسي، لأنه يحمل في طياته دوراً ما في عالم السياسة.
                            أما التناقض الثاني: فيتجلى في إيمان العلمانية (بعدم اليقين الوجودي) الذي يحل محل الإيمان الديني، وهذا لا يحقق الإشباع الروحي.
                            يضيف بروفيسور السياسة تناقضاً داخلياً آخر للعلمانية، حيث يرى ذلك التقارب بينها وبين الديكتاتورية الذي يتم تحت مسميات عديدة، ويتضح ذلك من خلال النموذجين: التركي والفرنسي. ففي تركيا تتحالف العلمانية ضد المد الإسلامي مع العسكر بدعوى حماية الدستور العلماني، أما في فرنسا فالعلمانية تتحالف مع "ممارسات ديكتاتورية مثل منع الحجاب، أو التضييق على المسلمين تحت مسمى الاندماج أو محاربة التعددية الثقافية"(61).

                            الهوامش:
                            * باحث في القانون الدستوري وعلم السياسة - جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط أكدال - المغرب.
                            (1) تنطلق رؤية عبد الوهاب المسيري المعرفية/ الإبستمولوجية للعلمانية من الفصل التام بين المنهج العلمي المطبق على الإنسان وذلك المطبق على الحيوان. والرؤية المعرفية عند المسيري لها إجابات كلية ونهائية عن الأسئلة المطروحة والبعد الكلي النهائي كامن في أي فعل إنساني. انظر: عبد الوهاب المسيري الموضوعية والتحيز وأزمة المنظور العلماني: رؤية معرفية. في المنهاجية الإسلامية في العلوم الاجتماعية حقل العلوم السياسية، إعداد وإشراف نادية مصطفى، وسيف الدين عبد الفتاح ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي - مركز الحضارة للدراسات السياسية، الطبعة الأولى 2002 ص 449-456.
                            (2) عبد الوهاب المسيري، في أهمية الدرس المعرفي، مجلة إسلامية المعرفة العدد 20 السنة 2000 ص 13.
                            (3) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 64.
                            (4) عبد الوهاب المسيري: نفس المرجع ص 65.
                            (5) عبد الوهاب المسيري: العلمانية... رؤية معرفية، مجلة الغدير، المجلد الرابع، العددان 25 و 26، السنة 1994 ص 66.
                            (6) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 78.
                            (7) نفس المرجع: ص 79.
                            (8) ينتشر هذا المفهوم ضمنياً في كتابات كثيرة من الفكر السياسي العربي المعاصر خاصة تلك التي تعتبر الأديان مجموعة من الأساطير المنظمة، أو تلك التي لا تزال تعتبر فكرة الإله فكرة تعويضية لما يشعر به الإنسان في مواجهته للظروف المادية (الاقتصادية خاصة).
                            (9) عبد الوهاب المسيري: مرجع سابق ص 80.
                            (10) عبد الوهاب المسيري: جريدة الأهرام المصرية 16 أبريل 2002 العدد 42134.
                            (11) عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والهيونية، دار الشروق القاهرة، الطبعة الأولى 1999 ص.
                            (12) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر.. ص 80.
                            (13) عبد الوهاب المسيري: نفس المرجع ص 82.
                            (14) عبد الوهاب المسيري: الرؤية الإبستيمولوجية للإمبريالية، مجلة المنعطف العدد 10 السنة 1995 ص 57.
                            (15) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 83.
                            (16) عبد الوهاب المسيري، العلمانية تحت المجهر ص 12.
                            (17) عبد الوهاب المسيري: نفس المرجع ص 13-14.
                            (18) عبد الوهاب المسيري: م. س ص 57.
                            (19) عبد الوهاب المسيري: العلمانية... رؤية معرفية، مجلة الغدير، المجلد الرابع العددان 25 و 26 السنة 19 ص 68.
                            (20) راجع عبد الوهاب المسيري، العلمانية تحت المجهر ص 58.
                            (21) نفس المرجع ص 58 و 59.
                            (22) م. س ص 59.
                            (23) رأينا أن كلمة الدنيا والعصر تعني العلمانية.
                            (24) عبد الوهاب المسيري: م. س ص 60-61.
                            (25) م.س ص 61.
                            (26) تعبر هذه الصيغة عن المفهوم الحقيقي للعلمانية كما عرفت في التاريخ السياسي الغربي، فالعلمنة ابتدأت قاصدة خلق مجالين ديني ودنيوي إلا أنها انتهت بخلق دين جديد على شاكلة المسيحية الأرتوذكسية، وأصبح من غير الممكن (والمعقول) التنازل عن القيم العلمانية ويعتبر عدم تطبيقها عمل غير عقلاني وخارج نطاق الحرية والعالم الحر...
                            (27) تظهر هذه الفكر صوابية القول أن أحد أهم التعريفات الحديثة والمعاصرة للعلمانية ليس هو فصل الدين عن الدولة بل تحكم وسيطرة الدولة عن الدين بمعنى آخر العلمانية هي نظام تكون فيه السلطة السياسية هي المسير والمهيمن عن الدين.
                            (28) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 63.
                            (29) عبد الوهاب المسيري: العلمانية ... رؤية معرفية، مجلة الغدير، المجلد الرابع العددان 25 و 26 السنة 1994 ص 74.
                            (30) عبد الوهاب المسيري: الحلولية والتوحيد والعلمنة الشاملة: حالة اليهودية (أطروحة ماكس فيبر وبيتر برجر) مجلة التجديد، العدد الثاني السنة 1997 ص 25.
                            (31) عبد الوهاب المسيري: العلمانية... رؤية معرفية مرجع سابق ص 74.
                            (32) عبد الوهاب المسيري: الحلولية والتوحيد والعلمنة الشاملة: حالة اليهود (أطروحة ماكس فيبر وبيتر برجر) مرجع سابق ص 25.
                            (33) عبد الوهاب المسيري: فريدريك نتشه.. فيلسوف العلمانية الأكبر، مجلة منير الشرق، السنة الثالثة العدد 36 نوفمبر 1994 ص 54-55.
                            (34) عبد الوهاب المسيري: العلمانية... رؤية معرفية، مرجع سابق ص 74.
                            (35) تعني كلمة ترشيد المأخوذة من كلمة (رشد) بمعنى (عقل) أو (عرف طريق الاستقامة) و (رشده) يعني (هداه إلى الطريق) و (الرشد). (الاستقامة على طريق الحق). ومن هنا نقول: (بلغ سن الرشد) للتعبير عن بلوغ الأطفال مبلغ الرجال والنساء، يراجع في هذا التعريف اللغوي عبد الوهاب المسيري: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، المجلد 2، دار الشروق الطبعة الأولى 2002 ص 9.
                            (36) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 99.
                            (37) عبد الوهاب المسيري: مرجع سابق، 100-102.
                            (38) عبد الوهاب المسيري: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ص 24.
                            (39) عبد الوهاب المسيري: العلمانية... رؤية معرفية، مجلة الغدير، العددان 25 و 26 السنة 1994 ص 79.
                            (40) عبد الوهاب المسيري: العلمانية... رؤية معرفية مرجع سابق ص 84-85.
                            (41) نفس المرجع ص 78.
                            (42) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 119-127.
                            (43) في الوقت الذي تسمح الدولة العلمانية في ألمانيا وبلجيكا وإنجلترا بتواجد أحزاب لها طرح ديني تمنع العلمانية العربية هذا النوع من الأحزاب وهو ما يقع في تونس ومصر... ومرشح الوقوع في المغرب.
                            (44 ) لمزيد من التعمق حول هذا النوع من العلمانية راجع: عبد الوهاب المسيري العلمانية: نموذج تفسيري جديد: من موقع www.wlam-online.net.
                            (45) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 122-123.
                            (46) راجع جريدة النبأ المغربية في حوارها مع عبد الوهاب المسيري، العدد 26 ص 8-9.
                            (47) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 126-127.
                            (48) نفس المرجع ص 120.
                            (49) عبد الوهاب المسيري: العلمانية جريدة الأهرام عدد 16 أبريل 2002.
                            (50) عبد الوهاب المسيري: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، المجلد 1، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى 2002 ص 213.
                            (51) يظهر هذا النموذج بشكل واضح جداً، في النظام العالمي الجديد بقيادة الولاية المتحدة الأمريكية، فحرب الخليج الأولى أدت إلى ربح أمريكا لملايير الدولارات، التي دفعتها الكويت والسعودية وقطر، واليابان وألمانيا... وتكرر النموذج في احتلال العراق الذي تأخر حتى حققت الولايات المتحدة تحالفاً تشارك بموجبه دول بجيشها وأخرى بالأموال، وهي تسترجع نفقاتها الآن بالنفط العراقي الذي تسيطر عليه سيطرة كاملة، في حين تزداد حالة العراقي تدهوراً وهو مهدد بالموت بالرصاص أو الجوع، لكن المهم وفق النموذج العلماني الأمريكي هو فرض النموذج العلماني الواحدي، والكوني حسب زعمه.
                            (52) لمزيد من العمق في هذه النقطة راجع: عبد الوهاب المسيري: الرؤية الإبستمولوجية الإمبريالية، مجلة المنعطف العدد 10، السنة 1995 ص 53.
                            (53) حاولت الولاية المتحدة بعد احتلالها الأخير لأفغانستان وضع دستور علماني للبلاد إلا أن رد فعل أعضاء البوراجركا (البرلمان) والوضع الداخلي المتمزق أصلاً دفعها إلى التخفيف من الوقع العلماني في الدستور وأشير إلى الإسلام كدين لأفغانستان. الشيء نفسه بالنسبة للعراق مؤخراً حيث تحدث وسائل الإعلام (القدس العربي) عن مشروع دستور وضع من طرف بعض المدافعين عن الصهيونية مثل توماس فريدمان وغيره. وتبقى مسألة العلمانية النقطة الرئيسة التي أخرت المصادقة على مشروع دستور العراق بعد صدام حسين.
                            (54) لمزيد من التدقيق راجع: عبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة مرجع سابق ص 101-102-103.
                            (55) نفس المرجع ص 103.
                            (56) م.س، ص 104.
                            (57) نقلا عن: فهمي هويدي: المقالات المحظورة، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى 1998 ص 240.
                            (58) عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص 145.
                            (59) يرى عبد الوهاب المسيري أن (ما بعد) العلمانية أو (ما بعد) الإيديولوجيا و (ما بعد) الحداثة في واقع الأمر تعني نهاية، واستعمال الكاسحة (بوست/ ما بعد) هو إشارة إلى أن النموذج المهيمن فقد فعاليته ودخل مرحلة الأزمة ولكن لم يحل محله نموذج آخر.
                            راجع عبد الوهاب المسيري: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، دار الشروق، القاهرة، المجلد الأول ص 110.
                            (60) راجع قراءة في كتاب: العلمانية في الشرق الأوسط، لمجموعة من المؤلفين بموقع الجزيرة نت.
                            (61) نفس المرجع


                            عن موقع الكلمة

                            تعليق

                            • طارق شفيق حقي
                              المدير العام
                              • Dec 2003
                              • 11929

                              #29
                              العلمانية في الفكر السياسي العربي المعاصر
                              خالد ياموت (http://www.kalema.net/v1/?wri&cv=-1)
                              العلمانية في الفكر السياسي العربي المعاصر
                              تحليل خطاب التيار التوفيقي
                              خالد ياموت*
                              - العلمانية في الفكر السياسي العربي المعاصر: تحليل خطاب التيار التوفيقي
                              - ماجستير في العلـــوم السياسية
                              - إعداد الطالب: خالد ياموت
                              - تحت إشراف: الدكتور محمد الدامر
                              - جامعة محمد الخامس - كلية الحقوق - أكدال
                              - الموسم الجامعي: 2003 - 2004
                              1ـ في طرح المسألة

                              اتخذ الفكر السياسي العربي المعاصر عبر تاريخه أشكالاً تعبيرية، تداخل العاملان الداخلي والخارجي، في نسج أنساقه المعبر عنها في الخطاب السياسي. فهو من جهة يحمل في أحشائه اجتهادات الفقه السياسي المتوارث، كما يخضع للثقافة السياسية المشكلة للوعي الجمعي المنشدة إلى الدين، والتجربة التاريخية للاجتماع السياسي العربي. ومن جهة أخرى يحاول التعايش مع مفاهيم سياسية غربية جديدة تهم الفكر والعمل السياسي، الشيء الذي طرح معه إشكالية الاستنبات والاستيعاب، وتبني مفاهيم الحداثة السياسية، وتطبيقها في الممارسة السياسية العربية الراهنة...
                              إن طرح مسألة الفكر السياسي العربي المعاصر في سياقي تطور الدولة، وما تطرحه في شكلها القطري في عهد ما بعد الاستعمار، من >فشل< المنظومة الليبرالية والاشتراكية... يحيل في الوقت الراهن على إحدى الإشكالات التاريخية المتصلة بالعمل السياسي والممارسة السياسية، وهو علاقة السلطة السياسية بالدين الإسلامي. إن السياق العملي للسياسة والدين نفسه يستمدان ديناميتهما من الدينامية التاريخية، بوصفهما فاعلين في الاجتماع السياسي العربي المعاصر. وفي ظل تنوع الرؤى بتنوع زاوية النظر في إشكالية الديني والسياسي، يمكن إدراج عودة المدرسة التوفيقية من جديد مع بداية ثمانينات القرن العشرين، وما يجعل منها مدرسة خاصة، ويعلي من منظورها للإشكاليات المعرفية والسياسية العربية المعاصرة، تشكلها من مفكرين بارزين، ومؤرخين وأساتذة العلوم السياسية وأساتذة الأنثربولوجيا، وأساتذة الفلسفة السياسية... من ناحية موازية تشكل هذه المدرسة استمراراً للتوفيقية الحديثة التي تزعمها كل من الأفغاني ومحمد عبده، ولعبت دوراً كبيراً في تجديد الدين والسياسية على السواء، كما استطاعت الخروج من عدة أزمات فكرية، ناتجة عن استيراد بعض إشكالات التاريخ الأوروبي وحشرها في السياق العربي الحديث والمعاصر. ليكون بذلك النظر التوفيقي دائم الالتصاق بالفكر السياسي العربي الإسلامي منذ القرن الهجري الأول.
                              وتُعدُّ إشكالية العلمانية (بفتح العين)، وطريقة طرحها في الخطاب السياسي العربي المعاصر عبر إيديولوجياته المتعددة، أهم إشكالية تبرز مدى أهمية الطرح التوفيقي، وما لعبه عبر التاريخ الإسلامي عموماً من دور فعال في احتواء الأزمات، وطرح بدائل تنطلق من التجربة التاريخية الخاصة، مع الاستفادة من الإنتاجات الإنسانية المتعلقة أساساً ببناء الدولة في إطار مفاهيم الحداثة السياسية والفكر السياسي المعاصر، من تبني الديموقراطية والمواطنة...
                              2ـ في طرح الإشكالية

                              ترتبط السلطة السياسية عبر تاريخ تشكلها بالبنية السوسيو-ثقافية للاجتماع السياسي، وبما أن البناء العمودي والأفقي للدولة، يقوم على تفاعلات الحراك الاجتماعي، فإن مجموع هذه العوامل هي التي تصوغ العمل السياسي، وتنزرع في كل مؤسسات الدولة. من هذه الزاوية المسلم بها في علم الاجتماع السياسي، تتخذ إشكالية العلمانية في الفكر السياسي المعاصر بعداً يستلزم البحث في الذهنية السياسية العربية المعاصرة، وتاريخ تشكلها وعلاقتها ببعض نماذج بناء السلطة خاصة الناتجة عن الحروب الدينية في أوروبا.
                              نقل الفكر السياسي العربي النخبوي إشكالية العلمانية من واقع الصراع الناشب بين الكنيسة الدينية والرؤية الدنيوية للسلطة السياسية، الذي حاولت معاهدة وستيفاليا سنة 1648م معالجتها اعتماداً على مفهوم العلمانية الذي ظهر لأول مرة في نصها، ليقصد به كل ما هو غير تابع للكنيسة. في القرن التاسع عشر تطورت العلمانية واللائكية، بوصفها حركةً وتصوراً سياسياً، هدفه الأساس يكمن في فصل الدين عن الدولة، غير أن هذا التعريف سرعان ما تطور على شكل متتالية مندمجة في الحقل السياسي في المرحلة الأولى، وتقتحم المجال الاقتصادي والاجتماعي... في المرحلة الثانية، لتنتهي إلى كونها رؤية للعالم لا تترك صغيرة ولا كبيرة في الشأن الشخصي والشأن العام، إلا ولها رؤيتها الخاصة به.
                              ينطلق التصور العلماني العربي المعاصر المعتدل، من ثنائية قائمة أساساً في الفكر السياسي الغربي، تقول بوجود مجالين منفصلين الواحد دنيوي صرف، والثاني سماوي متعالٍ ومقدس، مقطوع الوصل مع الشأن الوضعي، وعليه يصبح الدين شأناً شخصياً، لا يعتد به أصلاً ولا فرعاً في المجال السياسي.
                              ورغم إيمانها بكون الدين لا يتجاوز جوانية المؤمنين به، فإن العلمانية المعتدلة عربياً لا تطالب بإلغاء الدين، وإنما فقط حبسه من التوغل في المجال الاجتماعي السياسي، لأن الدين سيحتل المواقع السياسية الحساسة، مما يحول دون انشغال الدين بنفسه، إذ يعوض ذلك بالانشغالات اليومية للسياسة. وبما أن الدين مقدس فإن فصله عن السياسة والدولة هو الحل الوحيد.
                              أما التصور العلماني العقائدي، فإنه وإن كان ينطلق من الثنائية المشار إليها أعلاه، فإنه ينتهي إلى رفض الدين تصريحاً، أو بطرحه للعلمانية تصوراً شاملاً لجميع مناحي الحياة. إن هذا الطرح لا يتحدث عن فصل الدين عن الدولة والسياسة، بل عن فصل الدين عن الحياة، مسترجعاً بذلك التجربة الغربية التي نظرت للدين الطبيعي والدين الوضعي. كما يقول: إن حركة المجتمع لا نهائيات ولا غائيات لها، بل حركة منفتحة على التحول الدائم، وبالتالي لا وجود للثابت الذي يشكله الدين والميتافيزيقيا، الشيء الثابت الوحيد هو العلمانية مرجعيةً، وبناء على ذلك حلت >الحتمية العلمانية< مكان >الحتمية الدينية<، وأصبحت العلمانية ميتافيزيقية جديدة، ناسخة ورافضة للدين الإسلامي، كما يرفض هذا الأخير العلمانية بجميع أصنافها.
                              لسنا أمام خيار واحد تقول التوفيقية العربية المعاصرة، إننا حسب المعطى السوسيوسياسي أمام أنظمة سياسية متباينة داخل المنظومة العلمانية نفسها، من جانب أخر، لم يمر العالم الإسلامي من نفس التجربة الصراعية الغربية بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، التي أنتجت نظرية السيفين -سيف قيصر وسيف الكنيسة- في الغرب المسنودة من الدين المسيحي نفسه، الذي قال: >بإعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر<. والإسلام من الناحية المعيارية والتجربة السياسية من خلال الدولة التاريخية المسماة الخلافة، أو من خلال الدولة القطرية المعاصرة ظل حاضراً في عمق الدولة والسياسة.
                              والإسلام حينما يرفض الفصل بين الدين والدولة والسياسة، لا يعني تقديمه لنظرية ثابتة لبناء النظام السياسي للدولة، بل يرى هذه الأخيرة -حسب التيار التوفيقي المعاصر-، أمراً دنيوياً، لكنه ينبني على مرجعية وخلفية دينية، تحث على تطبيق أمور من الدين لا تقوم إلا بقيام الدولة. ولأن الإسلام معيارياً على هذه الشاكلة، فإن التجربة التاريخية تراث يستأنس به في بناء الدولة. والاستعمال السيئ للسلطة السياسية والدين، ناتج عن غياب مبدأ الشورى/ الديموقراطية، وطغيان التسلط السياسي الذي استغل الدين بعد أن سيطرت الدولة ورجالها على الدين. وهذا ما جعل الحقل السياسي العربي المعاصر يشهد مع تنامي الحركات الإسلامية نوعاً من صراع دين الأمة مع دين الدولة ورجالها.
                              الحل الذي تقول به المدرسة التوفيقية، يكمن في بناء نظام سياسي مدني غير منفصل عن الدين، بل يقوم على التمييز والتقسيم بين المجال الديني، والمجال السياسي، ويأخذ من الحداثة السياسية ما يتوافق وخصوصيتنا الثقافية، والتاريخية.
                              إن بعض ما أنتجته التجربة الغربية في الشان السياسي، يجد له شرعية في نصوص الدين الإسلامي، فالديموقراطية لا تختلف عن الشورى التي تجعل مصدر السلطة ليس هو الدين، بل الإرادة العامة للشعب، كما تجعل تداولها أمراً يعود إلى اختيارات هذه الإرادة الشعبية... فالبيعة أو التعاقد السياسي المتجدد، خاصية تمنح الشرعية للسلطة. فليس هناك تفويض ولا تعيين من الله، وليس هناك من يمثل الله في الأرض، الأمر في السياسة يعود للأمة تشرع للسياسة وفق مقاصد الدين وضماناً للمصلحة الفردية والجماعية. ولأن الدولة الإسلامية مدنية بطبيعتها، فإن الأخذ بمفهوم المواطنة المعاصر لا يمر عبر تبني العلمانية، وإنما بتطبيق النص الديني الذي يعترف بالأديان الأخرى، ويعطيها شرعية الوجود داخل الدولة المدنية ونظامها العام.
                              لسنا إذن أمام الدولة الدينية ولا الدولة العلمانية، إننا في الواقع أمام خيار الدولة المدنية.
                              3ـ أهمية الموضوع

                              يكتسي موضوع العلمانية أهمية خاصة في الواقع السياسي العربي والغربي على السواء، فلا زال النقاش حول الدستور الأوروبي يشهد تعثراً بسبب الاختلاف حول الإشارة إلى الإرث المسيحي للقارة... أما في الدائرة العربية، فإن علاقة الدين بالسياسة تجعل من حدود كل منهما حدوداً مبهمة، تصل إلى المطابقة وما يفرز ذلك من تآكل مساحة السياسة باسم الدين، أو استخدام السياسة للهيمنة على الدين خاصة في عصر الدولة العربية الحالية... ومن ثم فإن إعادة طرح سؤال: أين ينتهي الديني ويبتدئ السياسي؟ أصبح مدخلاً من مداخل إعادة بناء السلطة والفكر السياسي العربي المعاصر.
                              كما يجد هذا الموضوع راهنيته في كونه من أهم مواضيع علم السياسة التي نوقشت خارج دائرته، حيث غلبت الدراسات >اللاهوتية<، على وجهة نظر الإنثربولوجيا السياسية وعلم السياسة، وعلم الاجتماع السياسي، الشيء الذي دفعنا إلى مناقشة العلمانية بوصفها إشكالية في السياسة، أكثر مما هي إشكالية من الدين.
                              4ـ المنهج المتبع في طرح الإشكالية
                              انطلاقاً من الفرضية العلمية التي ترى إشكالية العلمانية سوسيولوجية بالأساس، لتعلقها بالممارسة السياسية أكثر من انشدادها إلى النص المجرد، اخترنا من الناحية النظرية اعتماد المنهج التاريخي المقارن، والاستناد في التحليل على علم الاجتماع التاريخي والسياسي، مع استعمال تقنية تحليل الخطاب. ولعل ما يبرر هذا الاختيار، كون موضوع العلمانية معقداً ومركباً، مما يتطلب معالجة علمية تدمج مناهج علمية متعددة، تصبو إلى تقديم أقرب صورة ممكنة لحقيقة علاقة الدين بالسياسة، في وسط عربي يتميز بالخصوصية، وباختلافات من دولة إلى أخرى، إثنياً ودينياً.
                              5ـ الصعوبات وخطة العمل

                              لعل أول ما يعترض الباحث في قضية العلمانية، هو طريقة ومناهج مناقشة الإشكال نفسه على المستوى العربي والمغربي، حيث نجد انتشار الكتابات التي تناقش الموضوع من باب العقيدة الدينية، أو دون مراعاة السياق التاريخي والحضاري المنبت للإشكال، كما يواجه البحث في هذا الموضوع مشكل قلة الكتابات الصادرة عن المتخصصين في علم السياسة وعلم الاجتماع المتناولة لهذا الإشكال.
                              ولتنافي الضياع في ثنايا الإشكالية، ناقشنا الموضوع من الزاوية الإبستيمولوجية والفلسفية... قبل أن نناقش علاقة العلمانية بالحداثة السياسية، خاصة الديموقراطية والمواطنة، وإمكانية قبول أطراف النسق السياسي المغربي للعلمانية واللائكية.
                              الهوامش:

                              ?* باحث في العلوم السياسية: جامعة محمد الخامس أكدال الرباط.


                              عن موقع مجلة الكلمة

                              تعليق

                              • طارق شفيق حقي
                                المدير العام
                                • Dec 2003
                                • 11929

                                #30
                                المراحل التارخية لتطور العَلمانية الغربية‎
                                بوجمعة حدوشنشر في الجسور يوم 20 - 02 - 2014
                                ظهرت العلمانية الغربية في القرن السابع عشر، و أخذت عدة معان؛ "فكانت تعني "فصل الدين عن الدولة" في القرنين السابع عشر والثامن عشر."[1] هذاالقرن الذي تميز"بظهور روح الشك العام في كل شيء تقريبا، ومع ذلك فقد ظهرت فلسفات إيجابية متنوعة يدور محورها حول كلمتين هما في الواقع صنمان استحدثهما الهاربون من نير الكنيسة ليحل محل إلههما المخيف وهما العقل والطبيعة.


                                أما العقل فلم يعد مقيد بأغلال الثنائية الديكارتية بل بدأ يبحث عن ذاته ويسلك طريقه لكي يتصرف كما لو كان "إلها" بالفعل، وتعالت أصوات الباحثين والفلاسفة منادية بأن العقل هو الحكم الوحيد والعقل هو كل شيء وما عداه فهو وهم وخرافة…
                                أما الطبيعة فإله "جذاب" رحب الصدر ليس له كنيس ولا التزامات ولا يستدعي طقوسا ولا صلوات، وكل ما يطالب به الإنسان أن يكون إنسانا طبيعيا يلبي مطالبه الطبيعية في وضوح وصراحة."[2]
                                وهكذا "قامت العلمانية اللادينية على الإلحاد وإنكار وجود الله تعالى وإنكار الأديان، وهي ردَّة في حق من يعتنقها من المسلمين مهما كان تعليله لها، وكانت العلمانية عند قيامها في مرحلتها الأولى في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، تنظر إلى الدين على أنه ينبغي أن يكون أمرا شخصيا لا شأن للدولة به إلا ما يتعلق بجباية الضرائب للكنيسة، ولعل هذا كان خداعا لأهل الدين، ثم امتدت المواجهة للدين على النحو الذي تطورت إليه بعد ذلك، وكان الخلاف محتدما بين رجال الدين ورجال العلمانية على السلطة، مما جعلهم ينادون بفصل الدين عن الدولة ليستقل كل فريق بسلطته."[3]
                                "وهكذا استمر الحال في القرن الثامن عشر، لكن بعد أن قويت شوكة هذا العقل وفاق ما عداه من معايير تنظيم الحياة، اقتحم القرن التاسع عشر مبعدا ذلك الدين عن الدولة ومقصيا رجاله عن مجتمعه، باعثا إياهم للدول الأخرى في مهمات رسمية أخذت أسماء عدة منها: التبشير والإستشراق، لذا فقد عُرف القرن التاسع عشر في أوروبا بعصر الإلحاد."[4]
                                "وكان أول من دعا إلى فصل سلطة علماء الدين عن السياسة والحكم الفيلسوف ديكارت، ثم تبعه بيكون، ثم سبينوزا، ثم جون لوك، وهم جميعهم ملحدون مارقون،
                                وفي(1778) مهّد جان جاك روسو للثورة ضد الكنيسة والإقطاع، فألّف كتاب: (العقد الإجتماعي) الذي اعتبره الفرنسيون إنجيل ثورتهم التي قامت عام (1789).
                                أما اليهودي سبينوزا فقد كان رائد العلمانية، واعتبرها منهجا للحياة ولسلوك الناس، وأصدر بآرائه العلمانية كتاب: (اللاهوت والسياسة) ثم جاء فولتير صاحب كتاب: (القانون الطبيعي) الذي أنكر وجود الله وأنه خالق الكون، ونسب الخلق والإبداع للطبيعة ذات القدرات الخارقة. ثم دعا وليم جودين عام (1793) من خلال مقالاته وكتاب: (العدالة السياسية) إلى العلمانية وإلى الإبتعاد عن الدين.
                                وابتدأت الثورة الفرنسية بتظاهرة غوغائية احتشدت أمام الباستيل، ثم هدّمته وطالبت بالحرية والمساواة والإخاء وهي نفس الشعارات التي ترفعها الماسونية السوداء .
                                وفي عام (1859) أصدر تشارلس دارويين كتابه: (أصل الأنواع) الذي أنكر فيه الخلق الألهي، وقال بأن كافة الكائنات الحية البدائية قد ظهرت قبل مليارات السنين بشكل تلقائي، ثم راحت تتطور حسب ظروف البيئة حتى تمخضت عن كافة المخلوقات التي تدب الآن على سطح الأرض بما فيها الإنسان.
                                وأيّد هذه النظرية الملحدون: دوركايم، وفرويد، وكارل ماركس مؤسس الفكر الشيوعي الذي قال: إن الدين أفيون الشعوب، كما أيدتها الماسونية والشيوعية ومؤيدو الفلسفة الوجودية مثل جاك بول سارتر وكولن ويلسون وغيرهم."[5]
                                "وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر مكابران آخران بالغا في عدائهما لله وللأديان السماوية، هما: جورج هوليوك، وتشارلس ساوت، اللذان أصدرا مجلة (عرّاف العقل) وكرّسا كتابتهما للتجديف والطعن بالدين، فقالا مما قالاه: "لم يكن العهد القديم إلاّ تسجيلا فاضحا للشذوذ والشهوات الجنسية ولسفك الدماء، ودعوة ماجنة للفجور والإلحاد فاقت كافة روايات الدعارة ذات الصيت الواسع"!.. لقد خلطا بين التورات الإلهية وبين التلمود الموضوع من قبل حاخامات مارقين وفلاسفة متنطعين ملحدين بعد مئات السنين من انتقال موسى عليه السلام إلى الرفيق الأعى!..لقد صوّر هذان المفكران الأنبياء والقديسيين ابتداء بموسى عليه السلام وانتهى ببطرس نصابين وسفاكي دماء، كما أنكروا وجود الله وقالا: إنهما يشعران بالغثيان إذا ما لامسهما مسيحي!…
                                كما تحاشى هذان المفكران كلمة الكفر والمادية والإلحاد، وأطلقا على فلسفتهما اسم (العلمانية) ليتّقوا بذلك محاربة الناس وعدائهم وتصدِّيهم وبذلك نجحا في تضليل البشر وفي خداعهم وأوقعاهم في حبائل مكرهما وفكرهما، بل وكفرهما."[6]
                                هكذا أخذت العلمانية في التطور بعد أن اعتنقها كبار المفكرين والفلاسفة، وحاولوا إقناع الناس أنها هي الخلاص من طغيان الكنيسة، ومن كل الجهل والتخلف الذي كانوا يعيشونه.
                                "وقد ذكر الدكتور العرماني أن العلمانية قد مرّت في تطورها بأدوار هي كما يلي:
                                الدور الأول: وقد كان دور الصراع الدموي مع الكنيسة، وسمي هذا الدور بعصر التنوير أو بداية عصر النهضة الأوربية، ويعود سببه إلى تأثر الأوربيين بالمسلمين إثر اختلاطهم بهم عن طريق طلب العلم في الجامعات الإسلامية، وقد ذاق علماء الغرب في هذا الدور ألوانا من العذاب على أيدي رجال الكنيسة إثر ظهور الإكتشافات العلمية هناك ووقوف رجال الكنيسة ضد تلك الإكتشافات وجها لوجه.
                                الدور الثاني: ظهور العلمانية الهادئة وتغلب رجالها على المخالفين من رجال الكنيسة، وفيه تم عزل الدين عن الدولة، وانحصرت مفاهيم الكنيسة في الطقوس الدينية فقط بعيدة عن الحياة الإجتماعية كلها.
                                الدور الثالث: وقد اكتملت قوة العلمانية ورجالها، وحل الإلحاد المادي محل الدين تماما."[7]
                                إذن قامت العلمانية في البلاد الغربية نتيجة لتحريف الكنيسة للدين المسيحي، وإحلالها مكانه دينا عنصريا لا يعترف بالضعفاء، بل يستغلهم ويأخذ منهم ممتلكاتهم وأرزاقهم، فكان من حقهم أن يثوروا على هذا الدين، بل ويبعدوه عن كل مجالات حياتهم.


                                [1] التيار العلماني الحديث وموقفه من تفسير القرآن الكريم، ص: 46
                                [2] العلمانية، سفر بن عبد الحمان حوالي، ص: 159 160
                                [3] المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمع وموقف المسلم منها، د.غالب بن علي عوجي، ج: 2، ص: 648،
                                ط: الأولى 1427/2006
                                [4] التيار العلماني وموقفه من تفسير القرآن الكريم، ص: 47
                                [5] الإسلام يتصدى للغرب الملحد، د.محمد نبيل الشنواتي، ص: 169 170 ط: الأولى
                                [6] نفس المصدر، ص: 44 45
                                [7] المذاهب الفكرية المعاصرة، ج: الثاني، ص: 686
                                التعديل الأخير تم بواسطة admin; 01-03-2025, 02:12 AM.

                                تعليق

                                يعمل...