مَرثيَّةُ جَسَد
تقولُ ليلى ولَيلُ العَجزِ قد وفَدَا
يَجتاحُني ألماً والحينُ قَد أفِدا
لَبِّثْ فقدْ هجمَتْ سودُ النحوسِ أتَتْ
على بَقِيَّةِ سُؤْرٍ خِلتُهُ نَفِدا
فلا الجوارِحُ في إبَّانِ فورَتِها
ولا السَّواعِدُ تَقوى أن تَمُدَّ يدا
تِسعونَ دبَّتْ دبيبَ النملِ في جَسَدي
لتُكْمِلَ الهدمَ فيما شذَّ أو صَمَدا
تَعَمَّقَ الشَّرْخُ في مِرآةِ ذاكِرَتي
لِتَطْمِسَ القُرْبَ تُبدي ذِكرَ ما بَعُدا
كأنَّما هي والأيّامُ قد نَتَقَتْ
سُورَ الشَّبابِ وَخَلَّتْ رَسمَهُ بَدَدا
يُهَدِّمُ الدَّهْرُ جِسماً ليسَ تُبرِئُهُ
يَدُ الطبيبِ وإن عانى وإن جَهَدا
ودَمدَمَ الشيبُ هطَّالاً يُؤَرِّقُني
واحسرَتاهُ إذا ما الشَّيبُ قد وفَدا
وعَمَّ رأسي دُوارٌ، باتَ يقلِقُهُ
ذاكَ الطنينُ ونقصٌ في السَّماعِ بدا
وأرْبَكَ الجِسمَ ضَغطٌ باتَ يُقلِقُهُ
نَذِيرُ شُؤمٍ إذا أهمَلْتَهُ صَعَدا
وراوَدَ السُّدُّ عَيْنِي عنْ تألُّقِها
فالليلُ والصبحُ في مرآتِها اتَّحَدا
وَغَضَّنَ الزَّمَنُ العاتي بَريقَ سَناً
وخدَّدَ الوَجهَ حتَّى خِلتُهُ قِدَدا
وَفَرَّتِ السِّنُّ تِلوَ السِّنِّ هارِبَةً
عَبْرَ السنينَ تُذِيقُ العجزَ والدَّرَدا
أشكو إلى اللهِ شُحَّاً في جَدَا غُدَدٍ
ضنَّتْ بِمُفْرَزِها بل خِلتُهُ نفِدا
وبُحَّةُ الصَّوتِ غالَتْ سِحرَ حَنجَرَةٍ
كانَتْ تُدَنْدِنُ لحناً رائِعاً غَرِدا
وقَلْقَلَ النَّظمَ أدهانٌ مُصَلِّبَةٌ
تُحمِّلُ القلبَ أعباءً وقد جُهِدا
وأزعجَ الهَضمَ أصنافٌ أُحبِّذُها
كانتْ تروقُ فأمسَتْ تُزعِجُ الكَبِدا
وكانَ ما كانَ من أيَّامِ جارِحَةٍ
إذا اشرَأبَّتْ تُثِيرُ الرُّوحَ والجَسَدا
أمستْ وقد أكَلَتْ أيَّامَها وغَفَتْ
لا تَسْتَفِيقُ وإنْ كانَ الدَّواءُ: دَدا
والسَّاقُ تَشكو نـُـمالاً باتَ صاحِبُها
يَرتاحُ للسَّهلِ يشكو المعْصَ إن صعَدا
تَقارَبَ الخَطوُ يُنبي قُربَ نَكسَتِهِ
كالطِّفلِ يخطُو على الكُرسيِّ مُعتَمِدا
تَرَقَّقَ العَظمُ واستشرى بهِ وهَنٌ
واحدَودَبَ الظَّهرُ مِنْ أدْوَائِهِ كَمَدا
وأنهَكَ الجسمَ حُمَّى في مَفاصِلِهِ
حتّى تَطَلَّبَ مِنْ عُكَّازَةٍ سَنَدا
تَشَوَّشَ الحِسُّ حِسُّ اللمسِ لو لمَسَتْ
ورعشَةٌ في يدِ التسعينَ مُزمِنَةٌ
كَفِّي حَريراً لَخالَتْ لَمْسَهُ مَسَدا
تَوَسَّفَ الجِلدُ إذ جفَّتْ موارِدُهُ
لو أمسَكَتْ قلماً لارتَجَّ مُرتَعِدا
ماذا تبقَّى مِنَ العُمرِ الكئيبِ إذا
مِنَ الرُّواءِ فعانى اليَبْسَ والجَلَدَا
ما عِشْتُ مُكتَئِباً أو عِشتُهُ عددا
وهل بُعيدَ فَواتِ الفَوتِ أمنيةٌ
وهل ترى بعدَ فَوتِ الفَوتِ مُلْتَحَدا
قد غادَرَ الدارَ أصحابٌ على عَجَلٍ
وخَلَّفُوني بِدارِ العَجْزِ مُنفَرِدا
وغابَ عني طريقٌ كنتُ أسلُكُهُ
حِسُّ الجِهاتِ توارى حيثما شرَدا
فذاكَ حالي وحالُ الناسِ في بلدي
تسارَعَ العُمرُ سَبَّاقاً بِمَنْ وَرَدا
وعلَّمَتني على الأيَّامِ تَجرِبَتي
أنْ أشهَدَ الحَقَّ مِعواناً لِمَنْ شَهِدا
أستغفِرُ اللهَ مِن ذَنْبٍ أنوءُ بِهِ
حُبُّ الغَواني وشِعرٌ فيَّ قدْ وُلِدا
د. عادل المصري
حلب – الأنصاري – ص.ب: 3021
17/12/2002م
الصور
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
مَرثيَّةُ جَسَد
تقليص
-
أنشأ بواسطة:
طارق شفيق حقي
- نشرت: 03-14-2014, 01:50 AM
- 0 تعليقات
-
Categories
تقليص
Latest Articles
تقليص
-
بواسطة طارق شفيق حقيشعر خالد القيسي...
انهض بحُلمِكَ مهما جادَكَ التعبُ
واسلك بأمركَ إن الوعدَ يقتربُ
جـلُّ الأمـاني ما كـانـت بِـمقرُبةٍ
لولاالعَزيمَــةُ والاصــرارُ والطلبُ
عظيمُ مجدِك حدُّ السيفِ يَغرِفُهُ
اشرق بِشِعرِكَ إن البيتَ يلتهبُ
حروفُ قَومِكَ في التنزيلِ مُحكمَةٌ
رغم النوائبِ أنتَ النخلُ والرطبُ
صُنتَ الحِياضَ بِبَحرٍ كُنتَ فيلقُهُ
منكَ القَصيدُ جيادُ الحَرفِ يَنتخِبُ
يا درعَ قَومكَ إسرج-
المنتدى: شعر
08-23-2023, 03:13 PM -
-
بواسطة طارق شفيق حقيالغزو من الداخل - الشاعر اليمني عبد الله البردوني...
الغزو من الداخل
فظيع جهـل مـا يجـري وأفظـع منـه أن تـدري
وهل تدريـن يـا صنعـاء مـن المستعمـر السـري
غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري
فقـد يأتـون تبغـا فــي سجائـر لونهـا يـغـري
وفـي صدقـات وحـشـي يؤنسن وجهـه الصخـري
وفي أهـداب أنثـى فـي مناديـل الهـوى القهـري
وفـي ســروال أسـتـاذ وتحـت عمامـة المقـري
وفي أقراص منـع الحمـل وفـي أنبـوبـة الحـبـر
وفـي حـريـة الغثـيـان-
المنتدى: شعر
06-29-2023, 03:10 PM -
-
بواسطة طارق شفيق حقيقال أبو العتاهة :
نأتي إلى الدنيا ونحن سواسية
طفلُ الملوكِ كطفل الحاشية
- ونغادر الدنيا ونحن كما ترى
متشابهون على قبور حافية
- أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا
وحسابُنا بالحق يوم الغاشية
- حور، وأنهار، قصور عالية
وجهنمٌ تُصلى، ونارٌ حامية
- فاختر لنفسك ما تُحب وتبتغي
ما دام يومُك والليالي باقية
- وغداً...-
المنتدى: شعر
06-29-2023, 02:59 PM -
-
بواسطة طارق شفيق حقيرَوى الزُّبيرُ بنُ بكّار قال : مَرَّ رسولُ الله ومعه أبو بكرٍ رضيَ اللّهُ عنه برجلٍ يقولُ في بعضِ أزقّةِ مكة - الكامل - :
( يا أيُّها الرّجُلُ المحوَّلُ رَحْلَهُ ... هلاّ نزلتَ بآلِ عبدِ الدارِ )
فقال النبيُّ : " يا أبا بكرٍ أهكذا قالَ الشّاعرُ " قال : لا يا رسولَ الله ولكنَّه قالَ - الكامل - :
( يا أيُّها الرّجُلُ المحوَّلُ رَحلَهُ ... هلاّ سألتَ عن آلِ عبدِ منافِ )
فقالَ رسولُ الله : " هكذا كُنّا نَسمَعُها "
والقصيدة لمطرود...-
المنتدى: شعر
04-13-2023, 01:22 AM -
-
بواسطة طارق شفيق حقي* * بيتُ الجبارين...
بينَ الشهد ِ واللَّهب
شِعر:- خالد القيسي
*
أرمدْتُ عَيني وَطَيفُ الوَجدِ يُدْمِيها
في خَيمَةِ الظُــلمِ قَدْ طَالتْ مَآسِيها
*
أسدَلْتُ جَفني عَلى عَتمٍ يُجَرْجِرُني
حيـثُ الـبـلادُ لَـعَـلَّ الـقلــبَ يُدنيها
*
نَـذَرْتُ روحي لأمـرِ اللهِ خـالـــِصةً
يا بـيـتَ جِــبرينَ بِـحقِّ اللّه لاقيها
*
ما لاحَ ومضٌ بِغربِ النهرِ مِــن أمدٍ
حَتى نَهضتُ-
المنتدى: شعر
02-03-2023, 01:49 AM -