رسالة إلى كل فتاة لا تزال تحن إلى والدها
أمسيات الأدب العربي
على أعتاب الهوى والجنون، تمنّيتُ لو أني أتسلق الهواء، أصعد فوقه كأنه درجٌ من الحديد الصلب... بضع درجاتٍ لا أكثر.
من قال إنني أطمح لأكثر من ذلك؟
على طاولتي الخشبية أربعُ حباتٍ من الجوز، وبضعُ أوراقٍ بيضاء، وكأسُ شايٍ ساخن، ومشطٌ ملوّنٌ تركته ابنتي... ربما تحتاج مني أن أُمشط شعرها ولو لمرةٍ واحدة.
كادت تغيب حزينة، لولا أني ناديتها. تركتُ أوراقي وكأس الشاي الساخن، وبدأتُ أُمشط شعرها الذهبي. كانت صامتةً لكنها سعيدة. أعطيتُها حبات الجوز، وعدتُ إلى أوراقي وكأس الشاي الذي مازال دافئاً رغم أنه قد برد.
ما الذي يجعل الفتيات يحببن من يُمشّط شعرهن؟
ربما القضية ليست في التمشيط ذاته، بل ربما أنَّك بمجرد أن تبدأ بتمشيط شعر القمر، فإنك تبدأ بوصفه... وكأنهن يسمعن أنفاسك، يحسسن بمشاعرك.
مرت السنوات، كبرت هذه الصغيرة، وطال شعرها الذهبي
يا لهذا الشعر الجميل...
من أنتِ، أيتها الجميلة ذات الشعر الذهبي؟ ما أحيلاكِ!
وها هي تتخرّج من الجامعة كما الحلم ، بينما أنت لازلت تشرب الشاي البارد وتعبث بالمشط الملون على طاولتك الخشبية.
إنها اليوم قد تزوجت ، طفلتك الصغيرة التي كانت تجري من حولك بدأت تستقل عنك.
وذات نهار، خانقت زوجها... يرتفع صوتها وحزنها ، تغلق الباب وتجلس وحيدة في غرفتها، تذرف دمعات ساخنة على وجنتيها، هنا تفتح الرياح النافذة التي أمامها
وتتحرك الستارة بقوة لتضرب ما على المنضدة ، إنه مجرد مشط خشبي يسقط أمام عينها ، تمسك به وتضمه لصدرها، بينما تعود نسمات لطيفة لتعبث بشعرها الذهبي خصلة خصلة وكأنها تمشطه.
ما إن تُثني أيُّ سيدةٍ زمانها الواقعي وتعودُ لزمانها الذي مضى، حتى تشعر للحظاتٍ بطفولتها... حين كانت تلعب، وتقفز بالحبل، فتعود الطمأنينة إلى قلبها.
تهدأ مشاعرها، وتغمرها أجمل العواطف المفقودة، تلك التي أثقلتها حجارة الزمان.
تذرف دموعها كما تريد، تستدير، تحاول أن تحضنني...
أكون قد اختفيت.
لكن تلك المشاعر ما زالت تتدفق في قلبها، وأمام عينيها...
بينما نبضات قلبها تهمس:
"لن تموت في قلبي يا أبي، وسأظل أحنُّ إلى يديك، تُمشّط شعري ونبضات قلبي..." ❤️
طارق حقي
1/2025
أمسيات الأدب العربي
على أعتاب الهوى والجنون، تمنّيتُ لو أني أتسلق الهواء، أصعد فوقه كأنه درجٌ من الحديد الصلب... بضع درجاتٍ لا أكثر.
من قال إنني أطمح لأكثر من ذلك؟
على طاولتي الخشبية أربعُ حباتٍ من الجوز، وبضعُ أوراقٍ بيضاء، وكأسُ شايٍ ساخن، ومشطٌ ملوّنٌ تركته ابنتي... ربما تحتاج مني أن أُمشط شعرها ولو لمرةٍ واحدة.
كادت تغيب حزينة، لولا أني ناديتها. تركتُ أوراقي وكأس الشاي الساخن، وبدأتُ أُمشط شعرها الذهبي. كانت صامتةً لكنها سعيدة. أعطيتُها حبات الجوز، وعدتُ إلى أوراقي وكأس الشاي الذي مازال دافئاً رغم أنه قد برد.
ما الذي يجعل الفتيات يحببن من يُمشّط شعرهن؟
ربما القضية ليست في التمشيط ذاته، بل ربما أنَّك بمجرد أن تبدأ بتمشيط شعر القمر، فإنك تبدأ بوصفه... وكأنهن يسمعن أنفاسك، يحسسن بمشاعرك.
مرت السنوات، كبرت هذه الصغيرة، وطال شعرها الذهبي
يا لهذا الشعر الجميل...
من أنتِ، أيتها الجميلة ذات الشعر الذهبي؟ ما أحيلاكِ!
وها هي تتخرّج من الجامعة كما الحلم ، بينما أنت لازلت تشرب الشاي البارد وتعبث بالمشط الملون على طاولتك الخشبية.
إنها اليوم قد تزوجت ، طفلتك الصغيرة التي كانت تجري من حولك بدأت تستقل عنك.
وذات نهار، خانقت زوجها... يرتفع صوتها وحزنها ، تغلق الباب وتجلس وحيدة في غرفتها، تذرف دمعات ساخنة على وجنتيها، هنا تفتح الرياح النافذة التي أمامها
وتتحرك الستارة بقوة لتضرب ما على المنضدة ، إنه مجرد مشط خشبي يسقط أمام عينها ، تمسك به وتضمه لصدرها، بينما تعود نسمات لطيفة لتعبث بشعرها الذهبي خصلة خصلة وكأنها تمشطه.
ما إن تُثني أيُّ سيدةٍ زمانها الواقعي وتعودُ لزمانها الذي مضى، حتى تشعر للحظاتٍ بطفولتها... حين كانت تلعب، وتقفز بالحبل، فتعود الطمأنينة إلى قلبها.
تهدأ مشاعرها، وتغمرها أجمل العواطف المفقودة، تلك التي أثقلتها حجارة الزمان.
تذرف دموعها كما تريد، تستدير، تحاول أن تحضنني...
أكون قد اختفيت.
لكن تلك المشاعر ما زالت تتدفق في قلبها، وأمام عينيها...
بينما نبضات قلبها تهمس:
"لن تموت في قلبي يا أبي، وسأظل أحنُّ إلى يديك، تُمشّط شعري ونبضات قلبي..." ❤️
طارق حقي
1/2025